يقول : « إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكافِرُونَ » ثم الأمن لمكر الله ، لأن الله
______________________________________________________
على خير يرجوه في الشدائد والبلاء ، ويشكره ويحمده في الرخاء ، والكافر ليس كذلك ، وفي هذا دلالة على أن الفاسق الملي لا يأس عليه من رحمة الله بخلاف ما يقوله أهل الوعيد ، انتهى.
وأقول : فيه الوعيد بالنار ضمنا فإن الكافر مستحق للنار ، وقال الوالد قدسسره : الظاهر من الخبر أن المراد بالآية أن اليأس من رحمته تعالى كفر ، ويمكن أن يكون المراد أن غير الكفار نهوا عن اليأس أو اليأس من فعلهم ، فالمؤمن الآيس بمنزلتهم والأول أظهر ، انتهى.
وأقول : كان الظاهر من الخبر أن الكبيرة ما أوعد الله عليه النار أو هدده تهديدا عظيما ، أو ذمة ذما بليغا ، فعلى أي المعاني حملت الآية تدل على كون اليأس كبيرة ، وقال (ره) في قوله : ثم الأمن لمكر الله ، أي عذاب الآخرة أو مع عذاب الدنيا أو الاستدراج بالنعم.
وقال البيضاوي في قوله تعالى : « أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللهِ » مكر الله استعارة لاستدراج العبد وأخذه من حيث لا يحتسب « فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ » أي الذين خسروا بالكفر وترك النظر والاعتبار.
وقال الطبرسي (ره) : سمي العذاب لنزوله بهم من حيث لا يعلمون كما أن المكر ينزل بالممكور به من جهة الماكر من حيث لا يعلمه ، وقيل : إن مكر الله استدراجه إياهم بالصحة والسلامة وطول العمر ، وتظاهر النعمة « فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللهِ » الآية ، يسأل عن هذا فيقال : إن الأنبياء والمعصومين آمنوا مكر الله وليسوا بخاسرين وجوابه من وجوه : « أحدها » أن معناه لا يأمن مكر الله من المذنبين إلا القوم الخاسرون بدلالة قوله سبحانه : « إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقامٍ أَمِينٍ » (١) « وثانيها » : أن معناه لا يأمن
__________________
(١) سورة الدخان : ٥١.