سلم وجلس تلا هذه الآية : « الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ » (١) ثم أمسك فقال له أبو عبد الله عليهالسلام ما أسكتك قال أحب أن أعرف الكبائر من كتاب الله عز وجل فقال نعم يا عمرو أكبر الكبائر الإشراك بالله يقول الله و « مَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ » (٢) وبعده الإياس من روح الله لأن الله عز وجل
______________________________________________________
« ثم أمسك » يعني عن الكلام « فقال نعم » لعله قبول لالتماس عمرو أو تصديق لقوله أكبر الكبائر الإشراك بالله قال الوالد (ره) : إطلاق الكبيرة عليه خلاف مصطلح الأصحاب ثم الظاهر أن المراد بالإشراك ما يستحق به الخلود في النار ، فيشمل إنكار كل ما هو من أصول الدين.
أقول : ويؤيده أنه فسر في كثير من الأخبار الشرك بترك الولاية ، وروي أنه يسلب لا إله إلا الله يوم القيامة من كل أحد إلا من الشيعة ، وروي في تفسير قوله تعالى : « وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ » (٣) أن المعاصي أيضا داخلة في الشرك ، وروي أدنى الشرك أن تقول للحصاة إنها نواة ، وللنواة إنها حصاة ، ثم تحب عليه وتبغض عليه ، وبالجملة الشرك له معان مختلفة وإطلاقات كثيرة ، والمراد هنا ما يشمل الإخلال بجميع العقائد الإيمانية.
« فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ » قال في المجمع : التحريم هنا تحريم منع لا تحريم عبادة ، ومعناه فإن الله يمنعه الجنة وبعده « وَمَأْواهُ النَّارُ وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ » وقال سبحانه حاكيا عن يعقوب عليهالسلام : « يا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللهِ » أي من رحمته وفرجه « إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكافِرُونَ » بالله وبصفاته ، فإن العارف لا يقنط من رحمته في شيء من الأحوال.
وقال الطبرسي (ره) : لا تيأسوا من روح الله أي لا تقنطوا من رحمته ، وقيل : من الفرج من قبل الله « إِنَّهُ لا يَيْأَسُ » ( إلخ ) وقال ابن عباس : يريد أن المؤمن من الله
__________________
(١) سورة النجم : ٣٢.
(٢) سورة المائدة : ٧٢.
(٣) سورة يوسف : ١٠٦.