منه بتلك المنزلة بثه همه ففرح لفرحه إن هو فرح وحزن لحزنه إن هو حزن وإن كان عنده ما يفرج عنه فرج عنه وإلا دعا الله له قال ثم قال أبو عبد الله عليهالسلام ثلاث لكم وثلاث لنا أن تعرفوا فضلنا وأن تطئوا عقبنا وأن تنتظروا عاقبتنا فمن كان هكذا كان بين يدي الله عز وجل فيستضيء بنورهم من هو أسفل منهم وأما الذين عن يمين الله فلو أنهم يراهم من دونهم لم يهنئهم العيش مما
______________________________________________________
وقوله عليهالسلام إن هو فرح ، كأنه تأكيد أي إن كان فرحه فرحا واقعيا ، وكذا قوله إن هو حزن ، وقيل : إن فيهما بمعنى إذ لمحض الظرفية كما هو مذهب الكوفيين في مثل قوله تعالى : « لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ » (١) أي ينبغي أن يكون فرحه في وقت فرح أخيه لا قبله ولا بعده ، وكذا الحزن.
وقال الجوهري : بث الخير وأبثه بمعنى أي نشره ، يقال : أبثثتك سري أي أظهرته لك ، وقال : الهم الحزن ، وأهمني الأمر إذا أقلقك وحزنك ، قوله : « ثلاث لكم » أي هذه ثلاث والظرف صفة للثلاث وثلاث بعده مبتدأ والظرف خبره والثلاث الأول الحب والكراهة والمناصحة ، وقيل : الفرح والحزن والتفريج ، ولا يخفى بعده.
ثم بين عليهالسلام الثلاث الذي لهم عليهمالسلام بقوله : أن تعرفوا فضلنا ، أي على سائر الخلق بالإمامة والعصمة ووجوب الطاعة ، ونعمتنا عليكم بالهداية والتعليم والنجاة من النار واللحوق بالأبرار « وأن تطؤوا عقبنا » أي تتابعونا في جميع الأقوال والأفعال ولا تخالفونا في شيء « وأن تنتظروا عاقبتنا » أي ظهور قائمنا وعود الدولة إلينا في الدنيا أو الأعم منها ومن الآخرة كما قال تعالى : « وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ » (٢).
« فمن كان هكذا » أي كانت فيه الخصال الست جميعا « فيستضيء بنورهم من هو أسفل منهم » في الرتبة بالنور الظاهر لظلمة يوم القيامة ، أو هو كناية عن انتفاعهم
__________________
(١) سورة الفتح : ٢٧.
(٢) سورة القصص : ٨٣.