.................................................................................................
______________________________________________________
تابعتان لخيرية النية وشريتها كما أن شرافة البدن وخباثته تابعتان لشرافة الروح وخباثته ، فبهذا الاعتبار نية المؤمن خير من عمله ونية الكافر شر من عمله.
الثاني عشر : أن نية المؤمن وقصده أو لا هو الله ، وثانيا العمل لأنه يوصل إليه ، ونية الكافر وقصده غيره تعالى وعمله يوصله إليه ، وبهذا الاعتبار صح ما ذكر ، وهذا الوجه وما تقدمه مستفادان من كلام المحقق الطوسي قدسسره ، والوجوه المذكورة ربما يرجع بعضها إلى بعض.
وبعد ما أحطت خبرا بما ذكرنا نذكر ما هو أقوى عندنا بعد الإعراض عن الفضول وهو الحق الحقيق بالقبول ، فاعلم أن الإشكالات الناشئة من هذا الخبر إنما هو لعدم تحقيق معنى النية وتوهم أنها تصور الغرض والغاية وإخطارها بالبال ، وإذا حققتها كما أومأنا إليها سابقا عرفت أن تصحيح النية من أشق الأعمال وأحمزها وأنها تابعة للحالة التي النفس متصفة بها ، وكمال الأعمال وقبولها وفضلها منوط. بها ، ولا يتيسر تصحيحها إلا بإخراج حب الدنيا وفخرها وعزها من القلب برياضات شاقة وتفكرات صحيحة ومجاهدات كثيرة ، فإن القلب سلطان البدن وكل ما استولى عليه يتبعه سائر الجوارح ، بل هو الحصن الذي كل حب استولى عليه وتصرف فيه يستخدم سائر الجوارح والقوي ، ويحكم عليها ولا تستقر فيه محبتان غالبتان كما قال الله عز وجل : يا عيسى لا يصلح لسانان في فم واحد ولا قلبان في صدر واحد ، وكذلك الأذهان ، وقال سبحانه : « ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ » (١) فالدنيا والآخرة ضرتان لا يجتمع حبهما في قلب.
فمن استولى على قلبه حب المال لا يذهب فكره وخياله وقواه وجوارحه إلا إليه ولا يعمل عملا إلا ومقصوده الحقيقي فيه تحصيله وإن ادعى غيره كان كاذبا
__________________
(١) سورة الأحزاب : ٤.