.................................................................................................
______________________________________________________
كتابه بعد التسمية بهذا : هذا ما أوصى به وقضى به في ماله عبد الله على ابتغاء وجه الله تعالى ليولجني به الجنة ويصرفني به عن النار ، ويصرف النار عني يوم تبيض وجوه وتسود وجوه.
فإن لم تكن العبادة بهذه النية صحيحة لم يصلح له أن يفعل ذلك ويلقن به غيره ويظهره في كلامه ، إن قيل : إن جنة الأولياء لقاء الله وقربه ، ونارهم فراقه وبعده ، فيجوز أن يكون أمير المؤمنين عليهالسلام أراد ذلك؟ قلنا : إرادة ذلك ترجع إلى طلب القرب المعنوي والدنو الروحاني ومثل هذه النية مختص بأولياء الله كما اعترفت به ، فغيرهم لما ذا يعبدون وليس في الآخرة إلا الله والجنة والنار ، فمن لم يكن من أهل الله وأوليائه لا يمكن له أن يطلب إلا الجنة أو يهرب إلا من النار المعهودتين إذ لا يعرف غير ذلك ، وكل يعمل على شاكلته ولما يحبه ويهواه ، غير هذا لا يكون أبدا.
ولعل هذا القائل لم يعرف معنى النية وحقيقتها وأن النية ليست مجرد قولك عند الصلاة ، والصوم أو التدريس أصلي أو أصوم أو أدرس قربة إلى الله تعالى ملاحظا معاني هذه الألفاظ بخاطرك ومتصورا لها بقلبك.
هيهات إنما هذا تحريك لسان وحديث نفس وإنما النية المعتبرة انبعاث النفس وميلها وتوجهها إلى ما فيه غرضها ومطلبها إما عاجلا وإما آجلا ، وهذا الانبعاث والميل إذا لم يكن حاصلا لها لا يمكنها اختراعه واكتسابه بمجرد النطق بتلك الألفاظ وتصور تلك المعاني وما ذلك إلا كقول الشبعان : أشتهي الطعام وأميل إليه قاصدا حصول الميل والاشتهاء ، وكقول الفارغ : أعشق فلانا وأحبه وانقاد إليه وأطيعه ، بل لا طريق إلى اكتساب صرف القلب إلى الشيء وميلة إليه وإقباله عليه إلا بتحصيل الأسباب الموجبة لذلك الميل والانبعاث واجتناب الأمور المنافية لذلك المضادة له فإن النفس