.................................................................................................
______________________________________________________
الكلام كالتجريد وغيره ، لكن بعد التأمل والتحقيق يظهر أن الذي ينفونه منهما لا ينافي ظواهر الآيات والأخبار كثيرا بل يرجع إلى مناقشة لفظية لأنهم قائلون بأن التوبة ترفع العقاب وأن الموت على الكفر تبطل ثواب جميع الأعمال ، لكن الأكثر يقولون ليس هذا بالإحباط ، بل باشتراط الموافاة على الإيمان في استحقاق الثواب على القول بالاستحقاق ، وفي الوعد بالثواب علي القول بعدم الاستحقاق ، وكذا يمكنهم القول بأحد الأمرين في المعاصي التي وردت أنها حابطة لبعض الحسنات من غير قول بالحبط بأن يكون الاستحقاق أو الوعد مشروطا بعدم صدور تلك المعصية وأما التوبة والأعمال المكفرة فلا حاجة إلى ارتكاب أمثال ذلك فيها إذ في تجويز التفضل والعفو كما هو مذهبنا غنى عنها ، وأيضا لا نقول بإذهاب كل معصية كل طاعة وبالعكس كما ذهب إليه المعتزلة ، بل نتبع في ذلك النصوص الواردة في ذلك فكل معصية وردت في الكتاب أو في الآثار الصحيحة أنها ذاهبة أو منقصة لثواب جميع الحسنات وبعضها نقول به وبالعكس ، تابعين للنص في جميع ذلك.
ومن أصحابنا من لم يقل بالموافاة ولا بالإحباط بل يقول كل من الإيمان والكفر يتحقق بتحقق شروطه المقارنة ، وليس شيء من استحقاق الثواب والعقاب مشروطا بشرط متأخر ، بل إن تحقق الإيمان تحقق استحقاق الثواب وإن تحقق الكفر تحقق معه استحقاق العقاب ، فإن كفر بعد الإيمان كان كفره اللاحق كاشفا عن أنه لم يكن مؤمنا سابقا ولم يكن مستحقا للثواب عليه ، وإطلاق المؤمن عليه بمحض اللفظ وبحسب الظاهر ، وإن آمن أحد بعد الكفر زال كفره الأصلي بالإيمان اللاحق ، وسقط استحقاقه العقاب لعفو الله تعالى لا بالإحباط ولا لعدم الموافاة كما يقول الآخرون.
وتفصيل هذا المطلب وتنقيحه يحتاج إلى إيراد مقاصد :
الأول : أن النافين للحسن والقبح لا يثبتون استحقاق شيء من الثواب والعقاب بشيء من الأعمال ، بل المالك للعباد عندهم قادر على الثواب والعقاب ومالك للتصرف