.................................................................................................
______________________________________________________
الكفر ، وذهب الآخرون إلى ثبوت الثواب والعقاب في حقه ، أما المعتزلة فبعنوان الاستحقاق المعلوم عقلا باعتبار الحسن والقبح العقليين ، وشرعا باعتبار الآيات الدالة عليه من الوعد والوعيد ، وأما الأشاعرة فبعنوان الاتفاق يقولون : أنه لا يجب على الله شيء فلا يستحق المكلف ثوابا منه تعالى فإن أثابه فبفضله وإن عاقبه فبعدله ، بل له أثابه العاصي وعقاب المطيع أيضا ، وبالجملة قول المعتزلة في المؤمن الخارج من الدنيا بغير توبة عن كبيرة ارتكبها أنه استحق الخلود في النار لكن يكون عقابه أخف من عقاب الكفار أما مطلق الاستحقاق فلما عرفت وأما خصوص الخلود فللعمومات المتداولة عند غيرهم بتخصيصها بالكفار أو بحمل الخلود على المكث الطويل لقوله تعالى : « وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها » (١) وقوله : « وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً فِيها » (٢) فلهذا حكموا بأن كبيرة واحدة تحبط جميع الطاعات فإن الخلود الموعود مستلزم لذلك.
هذا قول جمهورهم في أصل الإحباط.
ثم إن الجبائيين أبا علي وابنه أبا هاشم منهم على ما نقل عنهما الآمدي ذهبا إلى اشتراط الكثرة في المحبط بمعنى أن من زادت معاصيه على طاعاته أحبطت معاصيه طاعاته وبالعكس ، لكنهما اختلفا فقال أبو علي : ينحبط الناقص برمته من غير أن ينتقص من الزائد شيء ، وقال أبو هاشم : بل ينتقص من الزائد أيضا بقدره ويبقى الباقي.
إذا عرفت هذا فاعلم أن ما ذكره أكثر أصحابنا من نفي الإحباط والتكفير مع ورود الآيات الكثيرة والأخبار المستفيضة بل المتواترة بالمعنى في كل منهما مما يقضي منه العجب ، مع أنه ليس لهم على ذلك إلا شبه ضعيفة مذكورة في كتب
__________________
(١) سورة الجنّ : ٢٣.
(٢) سورة النساء : ١٤.