قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى » فقال له أبو بصير جعلت فداك ما « قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى » قال ما بين
______________________________________________________
بالكثير ولم يجيء منه القدوس وسبوح وذروح ، انتهى.
وهما هنا خبران لمبتدء محذوف ، أي أنا سبوح ، أو قوله أنا مبتدأ ورب منصوب باختصاص وقد مضى تفسير الروح مرارا « عفوك » منصوب بفعل محذوف أي أسأل أو أطلب أو مرفوع وخبره محذوف ، أي مطلوبي ونحوه والتكرير للتأكيد « كما قال الله » أي في سورة النجم حيث قال : « عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى » قال البيضاوي : أي ملك شديد قواه وهو جبرئيل عليهالسلام « ذُو مِرَّةٍ » أي حصافة في عقله ورأيه « فَاسْتَوى » فاستقام علي صورته الحقيقة التي خلقه الله عليها ، وقيل : استولى بقوته على ما جعل له من الأمر « وَهُوَ » أي جبرئيل « بِالْأُفُقِ الْأَعْلى » أفق السماء « ثُمَّ دَنا » من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم « فَتَدَلَّى » فتعلق به ، وهو تمثيل لعروجه بالرسول ، وقيل : ثم تدلى من الأفق الأعلى فدنا من الرسول ، فيكون إشعارا بأنه عرج به غير منفصل عن محله وتقريرا لشدة قوته ، فإن التدلي استرسال مع تعلق « فَكانَ » جبرئيل من محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم « قابَ قَوْسَيْنِ » مقدارهما « أَوْ أَدْنى » على تقدير كم بل كقوله : أو يزيدون ، والمقصود تمثيل ملكة الاتصال وتحقيق استماعه لما أوحى إليه بنفي البعد الملبس « فَأَوْحى » جبرئيل « إِلى عَبْدِهِ » أي عبد الله وإضماره قبل الذكر لكونه معلوما « ما أَوْحى » جبرئيل ، وفيه تفخيم للموحى به أو الله إليه ، وقيل : الضمائر كلها لله تعالى وهو المعنى بشديد القوي كما في قوله تعالى « هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ » (١) ودنوة منه برفع مكانته ، وتدليه جذبه بشراشره إلى جناب القدس ، انتهى.
وقال الجوهري : تقول : بينهما قاب قوس ، وقيب قوس ، وقاد قوس ، وقيد قوس أي قدر قوس ، والقاب ما بين المقبض والسية ولكل قوس قابان ، وقال بعضهم في قوله تعالى : « فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ » أراد قابي قوس فقلبه ، وقال : سية القوس ما عطف من طرفيها والجمع سيات والهاء عوض من الواو ، انتهى.
__________________
(١) سورة الذاريات : ٥٨.