لمحات في أحكام الشريعة الإسلاميّة

السيد فاضل الموسوي الجابري

لمحات في أحكام الشريعة الإسلاميّة

المؤلف:

السيد فاضل الموسوي الجابري


الموضوع : الفقه
الناشر: مركز الرسالة
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-8629-31-5
الصفحات: ١٤٦
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

بالنسبة إلى الرجال ، وأما مكان المصلي فلابد أن تتوفر فيه عدة شروط ، أهمها : الإباحة ، والطهارة والاستقرار. (١)

رابعاً ـ أقسام الصلاة وأفعالها :

تقسم الصلاة إلى صلاة واجبة ومستحبة.

أما الواجبة فهي ست :

١ ـ الصلاة اليومية بما في ذلك صلاة الجمعة.

٢ ـ صلاة الطواف في الحج.

٣ ـ الصلاة على الميت.

٤ ـ صلاة الآيات.

٥ ـ ما التزم بنذر أو عهد أو يمين.

٦ ـ صلاة الولد الأكبر عما فات أبيه.

واما غير هذه الانواع الستة من الصلاة فهي مستحبة ، كالنوافل اليومية ، ونوافل شهر رمضان المبارك ، ونحو هذا مما هو مبيّن في كتب الفقه والأدعية.

والصلاة بقسميها ( الواجبة والمستحبة ) قد تتحد في بعض الأفعال ، وقد تختلف فيما بينها أحياناً ، وسوف نذكرها كالآتي :

النوع الأول / الصلاة الواجبة

١ ـ الصلاة اليومية :

ويستحب قبلها الأذان والإقامة وصورة الأذان هو : الله أكبر أربع مرات ،

______________

(١) ذكرى الشيعة ٣ : ٣٤٣ ، جامع المقاصد ٢ : ٤٧ و ٧٧ و ٩٣.

٤١

أشهد أنّ لا إله إلّا الله مرتين ، أشهد أنّ محمداً رسول الله مرتين ، أشهد أنّ عليّاً ولي الله مرتين ، حي على الصلاة مرتين ، حي على الفلاح مرتين ، حي على خير العمل مرتين ، الله أكبر مرتين ، لا إله إلا الله مرتين ، والإقامة مثلها إلّا أن التهليل الأخير يكون مرة واحدة ، والتكبير الأول مرتين ، ويضاف إليها بعد حي على خير العمل قد قامت الصلاة مرتين.

جدير بالذكر أن الشهادة لأمير المؤمنين علي عليه‌السلام ليست جزءاً واجباً في الأذان ، ولا في الإقامة ، ودليل تلك الشهادة عمومات الكتاب والسنّة المطهرة ، من قبيل قوله تعالى : ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) (١) ، وقول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في حديث الغدير المتواتر : « ألستم تشهدون أني أولى بكم من أنفسكم ؟ قالوا : بلىٰ يا رسول الله ، قال : فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه » وهناك أحاديث صريحة اُخرىٰ في هذا المعنىٰ أيضاً.

أجزاء الصلاة الواجبة :

وأما أجزاء الصلاة الواجبة فتتمثل بأحد عشر جزءً وهي :

أ ـ النية وهي أن يكون الباعث إلى الصلاة هو القربة إلى الله تعالى وتحديد نوعية الصلاة المؤداة.

ب ـ تكبيرة الإحرام وهو أن يقول « الله أكبر ».

ج‍ ـ القيام.

______________

(١) سورة المائدة : ٥ / ٥٥.

٤٢

د ـ القراءة وهو أن يقرأ سورة الفاتحة وسورة معها كاملة في الركعتين الاُولى والثانية.

ه‍ ـ الذِّكر وهو أن يقول فى الركعة الثالثة والرابعة : « سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله أكبر ». ويمكن ان يأتي بالحمد بدلاً من الذكر.

و ـ الركوع وهو الإنحناء حتى تصل أطراف الأصابع إلى الركبة مع الذكر وهو : سبحان ربي العظيم وبحمده.

ز ـ السجود وهو أن يضع جبهته وكفيه وركبتيه وإبهامي قدميه على الأرض ـ مرتين في كل ركعة يفصل بينهما بجلسة ـ.

ح ـ التشهد وهو ذكر الشهادتين بعد السجدتين من الركعة الثانية والرابعة أو الثالثة كما في صلاة المغرب. وأن يصلي على النبي وآله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولا تجوز الصلاة البتراء بترك الآل (١) لأنها من عمل بني أميّة والنواصب أعداء العترة الطاهرة عليهم‌السلام.

ط ـ التسليم وهو أن يختم صلاته بقوله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ي ـ الترتيب بمعنى أن يأتي بكيفية الصلاة بحيث لا يتقدم جزء على الآخر.

ك ـ الموالاة بمعنى أن لا تكون بين الأجزاء فاصلة زمنية لا يصدق معها بأن هذا الشخص يصلي (٢).

______________

(١) كأن يقول المصلّي في تشهّده : ( اللهم صلّ علىٰ محمّد ) ويسكت ولا يقول ( وآله ) ، أو : ( وآل محمّد ).

(٢) المبسوط ١ : ٧٠ ـ ١٨٩ ، جواهر الفقه : ١٩ ـ ٢٧ ، قواعد الأحكام : ١٩ ـ ٥١ ، الدروس ١ : ١٣٦ ـ ٢٢٥ ، مدارك الاحكام ٣ : ٥ ـ ٤٧٨ ، جواهر الكلام ٧ : ٢ ـ ٤٤٢ ، جامع المقاصد ٢ : ١٩٩ وما بعدها ، ذكرى الشيعة ٣ : ٢٤٣ وما بعدها.

٤٣

فوائد فقهية حول الصلاة الواجبة :

أ ـ ان الاجزاء المذكورة منها ما هو ركن تبطل الصلاة بتركه عمداً أو سهواً ، ومنها ما هو واجب وليس بركن تبطل الصلاة بتركه عمداً لا سهواً. والأركان هي : النية ، وتكبيرة الاحرام ، والقيام المتصل بالركوع ، والركوع ، والسجود. واما البقية فهي ليست بأركان. (١)

ب ـ لا بد في الصلاة أن تكون باللغة العربية ولا يجوز أن تكون بغيرها من اللغات. (٢)

ج‍ ـ لابد أن يؤدي كل جزء من أجزاء الصلاة مع الاستقرار الكامل.

د ـ يجب في القراءة أن تكون مطابقة لفظاً للقرآن الكريم ولا يجوز اللحن فيها.

ه‍ ـ ينبغي في مسجد الجبهة من السجود أن يكون مما يجوز السجود عليه وهو الأرض وما انبتت ما عدا ما يلبس أو يؤكل ، فانه لا يجوز السجود عليه.

و ـ يستحب القنوت في الركعة الثانية بعد القراءة وقبل الركوع ، كما ويستحب التعقيب بالدعاء والتسبيح بعد الصلاة.

ز ـ يستحب أن تؤتى الفرائض اليومية جماعة ، بل جميع الفرائض ما عدى صلاة الطواف ، وفيها ثواب عظيم ، وأقل عدد تنعقد فيه الجماعة ـ في غير الجمعة والعيدين ـ هو اثنان أحدهما الإمام ، وفيها شرائط أمثال وجوب كون

______________

(١) رياض المسائل ٣ : ١٠٨ وما بعدها.

(٢) ذكرى الشيعة ٣ : ٣٠٢.

٤٤

الإمام الذي يُقتدَى به جامعاً للعدالة والبلوغ والذكورة وحسن القراءة ، وأن لا يكون أعرابياً من سكنة البوادي وغيرها. ولابد فيها أيضا أن لا يكون بين الإمام والمأموم حائل ، وكذا بين بعض المأمومين والبعض الآخر مما يكون واسطة في الاتصال بالإمام ، وأن لا يكون موقف الإمام أعلى من موقف المأمومين علواً ظاهراً كالابنية ونحوها ، وأن لا تكون الفاصلة بين الإمام والمأموم أو المأموم والمأموم الآخر أكثر من خطوة ، وأن لا يتقدم المأموم على الإمام في الموقف ، ويجب على المأموم متابعة الإمام ، وتسقط عن المأموم القراءة في الركعتين الأولى والثانية (١).

٢ ـ صلاة المسافر :

ذكرنا أن الصلاة الرباعية تقصر في السفر ، ولكن في السفر لابد من تحقق بعض الشرائط حتى ينتقل تكليف المسافر من أربع ركعات إلى اثنتين. وهي :

أ ـ قصد المسافة وهي حوالي ( ٤٤ كيلومتراً ) ذهاباً أو إياياً ، أو ملفقة من الذهاب والإياب. وأما قبل هذا فلا قصر.

ب ـ استمرار القصد في السفر ما دام لم يبتعد عن المسافة المذكورة ، وأما بعدها فيقصر على كل حال.

ج ـ أن لا يقطع السفر بالإقامة في مكان معين أكثر من عشرة أيام.

د ـ ان يكون السفر مباحاً وجائزاً في نفسه ، فإذا كان السفر لأجل إرتكاب ما هو حرام فلا رخصة في القصر.

______________

(١) قواعد الأحكام ١ : ٢٨٦ ، مستند الشيعة / النراقي ٦ : ٨٨.

٤٥

ه‍ ـ أن لا يكون السفر عملاً للمسافر كالسائق أو الملاح وغيرها ممن جعل السفر عملاً له ، ففي هذه الحالة لا يُقصر في السفر.

و ـ أن لا يكون ممن بيته معه في سفره كأهل البوادي الذين ينقلون خيامهم معهم من مكان إلى آخر.

وأخيراً ولابد من وصول المسافر إلى حد الترخص ، وهو المكان الذي لا يرى فيه أهل البلد أو لا يسمع فيه صوت أذانه وإلّا فلا يقصر في صلاته قبل بلوغ الحدّ المذكور.

وينقطع السفر بثلاثة موارد هي : المرور على الوطن ، والإقامة عشر أيام ، والبقاء في مكان واحد ثلاثين يوماً مع التردد (١).

٣ ـ صلاة الجمعة :

وهي ركعتان كصلاة الصبح ، وتمتاز عنها بخطبتين قبلها. ففي الأولى منهما يقوم الإمام ، ويحمد الله ، ويثني عليه ، ويوصي بتقوى الله ، ويقرأ سورة ثم يجلس قليلاً ، ويقوم للثانية ، فيحمد الله ، ويثني عليه ، ويصلي على النبي محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلى ائمة المسلمين وهم أهل بيته الأطهار عليهم‌السلام ، ويستغفر للمؤمنين والمؤمنات. هذا هو القدر الواجب من صلاة الجمعة ، ولابد أن يكون هذا القدر باللغة العربية ، وللإمام في الخطبتين تناول ما يهم المسلمين في دنياهم وآخرتهم.

وأقل ما تنعقد فيه الجمعة خمسة ـ أو سبعة ـ أحدهم الإمام ، ولا تصح الجمعة من دون جماعة ، وأن لا تكون المسافة بين صلاة جمعة واُخرى أقل من ______________

(١) جامع المقاصد ٢ : ٥٠٩ ، قواعد الاحكام ١ : ٢٨٥ ، الحدائق النضرة ١ : ٢.

٤٦

فرسخ وهو ( خمس كيلومترات ونصف تقريباً ) ولكن كونها واجبة أو غير واجبة على نحو التخيير بينها وبين الظهر أو مطلقاً اختلاف بين الفقهاء ، وعلى فرض الوجوب فهي ليست واجبة على كل أحد ، وإنما هي واجبة علىٰ من توفرت فيه عدة شرائط هي : الذكورة والحرية ، وعدم السفر ، والسلامة من المرض ، وعدم الشيخوخة ، ومن الأمور التي ينبغي مراعاتها هو أن لا يكون الفاصل بين المكلف وبينها أكثر من ( أحد عشر كيلو متراً ) فاذا اُقيمت بهذا الشكل لا يجوز السفر عند الزوال ولا البيع والشراء إلى غير ذلك (١).

٤ ـ صلاة الميت :

يجب على المسلمين كفاية أن يصلوا على كل ميت مسلم من ست سنين فما فوق ، وأما كيفية الصلاة فهي كما يلي : ينوي الصلاة على الميت ، ثم يكبر ، ثم يتشهد الشهادتين ، ثم يكبر ، ويصلي على النبي وآله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثم يكبر ويدعو للمؤمنين والمؤمنات ، ثم يكبر ، ويدعو إلى الميت ، ثم يكبر ، وينصرف (٢).

ولا تعتبر الطهارة ، ولا إباحة اللباس والستر في هذه الصلاة ، وليس فيها ركوع وسجود أو غير ذلك من الأمور المطلوبة في الصلوات اليومية.

٥ ـ صلاة الآيات

وهي صلاة خاصة واجبة على كل مكلف ـ عدا الحائض والنفساء ـ عند ______________

(١) المهذب / ابن البراج ٢ : ٨٦ ، السرائر ١ : ٢٩٠ ، جامع المقاصد ٢ : ٣٦٦ ، رياض المسائل ٣ : ٣٥٠ ، ذكرى الشيعة ٤ : ٩٩.

(٢) الحدائق النضرة ١ : ٤٥٥ ، رياض المسائل ٤ : ٣١.

٤٧

كسوف الشمس أو خسوف القمر ، وعند الزلزلة وكل مخوّف سماوي. وتسمى أيضاً بصلاة الخوف. ووقتها يختلف بأختلاف السبب ، فمثلاً وقت صلاة الكسوفين من حين الشروع في الانكساف إلى تمام الانجلاء ، وأما الزلزلة فبعدها ... . وهذه الصلاة ركعتان ، في كل ركعة خمسة ركوعات ، ينتصب بعد كل واحد منها ، وسجدتان بعد الانتصاب من الركوع الخامس ، ويتشهد بعدهما ، ويسلم ، ولكن يقرء في كل ركعة سورة الحمد وسورة قصيرة أو يقرء سورة الحمد ثم بعض السورة ويتمها في باقي الركوعات.

ومما تجدر الإشارة إليه أن ركوعات هذه الصلاة أركان تبطل الصلاة بتركها عمداً أو سهواً ، وكل الذي يشترط في الصلاة اليومية يشترط فيها كذلك (١).

النوع الثاني / الصلوات المستحبة :

من المستحبات الأكيدة هي صلاة العيدين التي ينبغي للمؤمن الحرص عليها (٢). وكذا صلاة ليلة الدفن (٣) وصلاة أول يوم من كل شهر ، وصلاة الغفيلة وغيرها (٤).

خامساً ـ مسائل مهمة في الصلوات :

ولا بأس بالاشارة السريعة في آخر بحث الصلوات إلى بعض المسائل المهمة ______________

(١) جامع المقاصد ٢ : ٤٦٣ ، ذكرى الشيعة ٤ : ١٩٩ ، النهاية / الشيخ الطوسي : ١٣٠.

(٢) تحرير الاحكام ١ : ٢٨٢ ، جامع المقاصد ٢ : ٤٣٩.

(٣) العروة الوثقى ٢ : ١٠٤.

(٤) الدروس ١ : ١٣٧ ، مجمع الفائدة والبرهان ٣ : ٣٨.

٤٨

في الصلوات ، وهي :

١ ـ الجمع بين الصلاتين :

إن المراجع للكتب الفقهية للمذاهب الاُخرى سوف يجد عدم الخلاف في جواز الجمع بين الصلاتين في مزدلفة ، بل هو مستحب مؤكد ، وكذلك فإنه يجوز الجمع بين الصلاتين في حالة السفر أو المطر. وإنما وقع الخلاف في جواز ذلك في الوضع الطبيعي ، فما عليه العامّة هو عدم الجواز ، وأما الامامية تبعاً للائمة عليهم‌السلام فإنهم جوزوا ذلك مطلقا في السفر والحضر للمضطر ولغيره. والمهم هو معرفة حكم هذه المسألة على ضوء النصوص الدينية.

فأما من طرقنا فهناك روايات كثيرة وردت عن الأئمة الطاهرين عليهم‌السلام تؤكد جواز ذلك بلا أي إشكال ، وهي كثيرة جداً.

منها : ما عن الصادق عليه‌السلام إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله جمع بين الظهر والعصر بأذان وأقامتين ، وجمع بين المغرب والعشاء في الحضر من غير علة بأذان واحد وإقامتين (١).

ومنها : عن الإمام الصادق عليه‌السلام قال : « إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله صلى الظهر والعصر في مكان واحد من غير علة ولا سبب ، فقال له عمر ـ وكان أجرأ القوم عليه ـ حَدَثَ في الصلاة شيء ؟ قال : لا ، ولكن أردت أن اُوسع على اُمتي » (٢).

إلى غير ذلك من النصوص الكثيرة حول هذا الموضوع.

______________

(١) وسائل الشيعة ٤ : ٢٢٠ ـ ٢٢١ / ٤٩٧١ (١) باب ٣٢ من أبواب المواقيت.

(٢) وسائل الشيعة ٤ : ٢٢١ / ٤٩٧٢ (٢) باب ٣٢ من أبواب المواقيت.

٤٩

وقد روى علماء العامة ما يؤيد ذلك أيضاً. فقد روى الترمذي في سننه عن ابن عباس قال : « جمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء بالمدينة من غير خوف ولا مطر. قال : فقيل لابن عباس : ما أراد بذلك ؟ قال : أراد أن لا يحرج أمته » (١).

ثم قال الترمذي : وفي الباب عن أبي هريرة ، قال أبو عيسىٰ ـ يعني الترمذي ـ : حديث ابن عباس قد روي عنه من غير وجه رواه جابر بن زيد ، وسعيد بن جبير ، وعبد الله بن شقيق العقيلي (٢).

وكذلك أخرج البخاري ومسلم وغيرهما ، عن ابن عباس أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله صلى بالمدينة سبعاً وثمانياً الظهر والعصر والمغرب والعشاء (٣).

ولقد أخذ كبار الصحابة هذه المسألة أخذ المسلمات بسبب ما كانت تتمتع به من وضوح ، لا سيما بعد فعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لذلك مراراً وتكراراً ، فهذا عبد الله بن

______________

(١) سنن الترمذي ١ : ٣٥٤ ـ ٣٥٥ / ١٨٧ باب ما جاء في الجمع بين الصلاتين في الحضر من أبواب الصلاة.

(٢) علق الشيخ أحمد محمد شاكر في هامش حديث الترمذي بقوله : « والترمذي لم يبين درجة هذا الحديث من الصحة ، وهو حديث صحيح ، رواه مالك وأحمد وأصحاب الكتب الستة وغيرهم ».

(٣) صحيح البخاري حديث (٥٤٣) باب (١٢) تأخير الظهر إلى العصر من كتاب مواقيت الصلاة ، وحديث (٥٦٢) باب ١٨ باب وقت المغرب من كتاب مواقيت الصلاة ، وحديث (١١٧٤) باب ٣٠ باب من لم يتطوع بعد المكتوبة من أبواب التهجد ، وصحيح مسلم حديث ٧٠٥ (٥٦) باب ٦ باب الجمع بين الصلاتين في الحضر من كتاب الصلاة.

٥٠

شقيق يقول : خطبنا ابن عباس يوماً بعد العصر حتى غربت الشمس وبدت النجوم وجعل الناس يقولون : الصلاة الصلاة. قال : فجاءه رجل من بني تميم لا يفتر ولا ينثني : الصلاة الصلاة. قال : فقال ابن عباس أتعلمني بالسنّة لا أمّ لك ؟ ثم قال : رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله جمع بين الظهر والعصر ، والمغرب والعشاء. قال عبدالله بن شقيق : فحاك في صدري من ذلك شيء فأتيت أبا هريرة فسألته فصدَّق مقالته (١).

ويستطيع من أراد الوقوف بشكل تفصيلي أكثر حول هذه المسألة ان يرجع إلى المصادر الحديثية والتاريخية والفقهية المليئة بالدلالة على جواز الجمع بين الظهرين ، والعشائين ، الأمر الذي يشير إلى أن القول بالمنع إنما هو قول جزاف لا يستند على دليل ، بل الاجماع قائم على خلافه.

٢ ـ السجود على الأرض :

ومن المسائل الأخرى المختلف فيها بين الشيعة الإمامية وبين العامة ، هي مسألة انحصار جواز السجود عند الإمامية على الأرض وما أنبتت من غير المأكول والملبوس ، وأما عند العامّة فقد جوزوا السجود على أي شيء. والمهم في المقام هو بيان الأدلة التي اعتمدها الإمامية في هذه المسألة ، فمن طرقنا وردت روايات كثيرة تؤكد ذلك.

فقد روي عن هشام بن الحكم ، أنه قال لأبي عبد الله عليه‌السلام : « أخبرني عما يجوز السجود عليه وعما لا يجوز. قال : السجود لا يجوز إلّا على الأرض أو على ما أنبتت الأرض إلّا ما أُكل أو لُبِس. فقال له : جعلت فداك ما العلة في

______________

(١) صحح مسلم ٢ : ٧٠٥ ( ٥٧ و ٥٨ ) من الباب السابق.

٥١

ذلك ؟ قال : لأن السجود خضوع لله عزّوجل فلا ينبغي أن يكون على ما يؤكل ويلبس ؛ لأن ابناء الدنيا عبيد ما يأكلون ويلبسون ، والساجد في سجوده في عبادة الله عزّوجل فلا ينبغي أن يضع جبهته في سجوده على معبود ابناء الدنيا الذين اغتروا بغرورها ». (١)

وعنه عليه‌السلام قال : « لا يسجد إلا على الأرض أو ما انبتت الأرض ، إلا المأكول والقطن والكتان » (٢). وهناك روايات كثيرة جداً بهذا المضمون لا حاجة إلى سردها.

وأما من طرق العامة فالأحاديث كثيرة أيضاً بالإضافة إلى فعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وسلوك ذلك عند الصحابة في حياة النبي وبعد وفاته ، بل أكده بعض فقهاء العامة أيضاً.

فمن رواياتهم : ما ورد عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً » (٣). وهذا الحديث مسند وصحيح كما روته كتبهم وأسانيدهم.

ومنها : عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي‌الله‌عنه قال : «كنت أصلي مع ______________

(١) وسائل الشيعة ٥ : ٣٤٣ / ٦٧٤٠ (١) باب (١) من أبواب ما يسجد عليه.

(٢) وسائل الشيعة ٥ : ٣٤٤ / ٦٧٤٢ (٣) من الأبواب السابقة.

(٣) صحيح مسلم حديث ٥٢١ (٣) قبل الباب (١) من كتاب المساجد ومواضع الصلاة ، وصحيح البخاري حديث (٣٣٥) باب (١) بلا عنوان من كتاب التيمم ، وحديث (٤٣٨) من باب قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً من كتاب الصلاة ، واكتفى البخاري ببعض الحديث في الحديث رقم (٣١٢٢) باب قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : أحلت لكم الغنائم ، من كتاب فرض الخمس ، ومسند أحمد ١ : ٢٥٠.

٥٢

النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله الظهر فآخِذ قبضة من حصى في كفّي لتبرد حتى أسجد عليها من شدة الحر » (١).

ومنها : عن أنس قال : « كنا نصلي مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في شدة الحر فيأخذ أحدنا الحصى في يده فإذا برد وضعه وسجد عليه » (٢).

ومنها : عن خباب قال : «شكونا إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الصلاة في الرمضاء فلم يشكنا » (٣).

وأما السجود على نبات الأرض الذي هو رخصة من الشارع وتوسع لما يصح السجود عليه فدلت عليه روايات عديدة :

منها : عن الزهري قال : «كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يصلي على الخُمرة (٤) » (٥) ، ومثله ورد عن ابن عباس ، وابن عمر ، وعائشة ، وأم سلمة ، وميمونة ، وأبي قلابة ، وأم سليم ، وعثمان بن

______________

(١) السنن الكبرى / النسائي ١ : ٢٢٧ / ٦٦٨ باب ٦ تبريد الحصى للسجود عليه من كتاب التطبيق ، السنن الكبرى / البيهقي ٢ : ٤٤١ / ٢٧٢٣ باب من بسط ثوباً فسجد عليه من كتاب الصلاة ، مسند أحمد ٥ : ٧٧ / ١٤٥١٤.

(٢) مسند أبي يعلى ٧ : ١٧٨ / ٤١٥٦ ، مجمع الزوائد / الهيثمي ١ : ٣٠٦ قال : رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح.

(٣) صحيح مسلم ، حديث ٦١٩ (١٨٩ ـ ١٩٠) باب استحباب تقديم الظهر في أول الوقت في غير شدة الحر من كتاب المساجد.

(٤) الخمرة : شيء ينسج من خوص النخل بقدر الوجه فتوضع في المسجد والبيوت ويسجد عليها في الصلاة.

(٥) المصنف / عبد الرزاق ١ : ٣٩٤ / ١٥٣٨ باب الصلاة على الخمرة والبسط.

٥٣

حنيف (١).

أما فتاوى الصحابة فهي كثيرة جداً ، فمثلاً كان الصحابي الكبير عبدالله بن مسعود لا يرى السجود إلّا على التراب. وكان أبو بكر لا يسجد إلّا على الأرض. وكان عبادة بن الصامت الانصاري الخزرجي يرى وجوب السجود على الأرض مباشرة. وكذا جابر بن عبدالله الأنصاري. بل أن عمر بن الخطاب كان يفتي بعدم جواز السجود على غير الأرض اختياراً (٢).

وبهذا يتبيّن ان سجود رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في صلاته ، وكذلك أهل البيت قاطبة عليهم‌السلام ، وكل الصحابة أيضاً دال على صحة سجود الشيعة وبطلان ما عداه بأحسن الوجوه وأتمها والحمد لله.

وإذا اتضح هذا ، فاعلم بان السجود على التربة الحسينية هو سجود على أشرف الأرض وأطهرها ، وقد وردت في هذا تأكيدات كثيرة من أهل البيت عليهم‌السلام ، وأما ما يقوله أعداؤهم ولا كرامة بهم ، فجوابه : ان التربة هي قطعة من الأرض نظيفة طاهرة والسجود عليها لا لها كما يدعي الجاهلون الأغبياء والمشنعون الحمقىٰ.

______________

(١) مسند أحمد ٣ : ٥٣٩ / ١١٥٨٩ ، الطبقات ٢ ق ٢ : ١٦٠ ، سنن الترمذي ٢ : ١٥١ / ٣٣١ باب ما جاء في الصلاة على الخمرة ، ابن ماجه ١ : ٣٢٨ ، سنن الدارمي ١ : ٣١٩ ، صحيح البخاري حديث (٣٣٣) باب (٣٠) بلا عنوان. آخر أبواب كتاب الحيض. وحديث (٣٨١) باب الصلاة على الخمرة ، من كتاب الصلاة.

(٢) المدونة الكبرى ١ : ٧٤ ، المصنف ١ : ٣٦٧ ، تحفة الاحوذي ١ : ٢٧٣ ، مجمع الزوائد ٢ : ٥٧.

٥٤

٣ ـ البسملة ، والتكتف ، وقول ( آمين ) :

هناك مسائل أخرى متعلقة بالصلاة وقع الخلاف فيها أيضاً بين الشيعة ومن سواهم كمسألة البسملة. فان الشيعة اكدت كونها جزءا من كل سورة عدا سورة التوبة ، غير أن العامة لم يعتقدوا بذلك ، وإنما قالوا بأنها جزء من سورة الفاتحة فحسب ! وهو قول باطل وقد اعترف إمامهم الرازي ببطلانه في المسائل الفقهية المستنبطة من سورة الفاتحة مشيراً بأن اسقاط البسمة من سورة الفاتحة كان من سنة الباغي الطليق معاوية ، كل ذلك لأجل معاندة أمير المؤمنين علي عليه‌السلام الذي ثبت عنه قراءة البسملة في الفاتحة ، حتىٰ قال في ذلك : « ومن اقتدى في دينه بعلي بن أبي طالب فقد اهتدىٰ ، والدليل عليه قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « اللهم أدر الحق مع علي حيث دار » (١).

هذا فضلاً عن ثبوت ذلك عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

كما قال الرازي في رد خبر أنس بن مالك وابن المغفّل الذي أخرجه الكذابون الدجالون في كون البسملة ليست آية من الفاتحة !! قال : « إن الدلائل العقلية موافقة لنا وعمل علي بن أبي طالب عليه‌السلام معنا ، ومن اتّخذ عليّاً إماماً لدينه فقد استمسك بالعروة الوثقىٰ في دينه ونفسه » (٢).

والحمد لله الذي أجرى الحق على لسانه ، والعجب العجاب ممن يصرّ على إسقاط البسملة في صلاته حتىٰ لكأنه يرغب في أن لا تقبل

______________

(١) التفسير الكبير / الرازي ١ : ٢٠٥ المسائل الفقهية المستنبطة من الفاتحة / الحجة الخامسة.

(٢) التفسير الكبير / ١ : ٢٠٧ المسائل الفقهية المستنبطة من الفاتحة ـ الوجه السابع في جواب خبر أنس.

٥٥

صلاته !!

وكذلك مسألة التكتف اثناء الصلاة أي وضع إحدى اليدين على الأخرى ! فإن الإمامية يعتبرون ذلك من مبطلات الصلاة ، وهذا ما يسمى بالتكفير ، ولنا على ذلك ادلة معتبرة. وكذا بالنسبة إلى قول « آمين » بعد الفاتحة عند العامة وعدم جواز ذلك عند الشيعة. وغيرها من المسائل في هذا الصدد وهناك العديد من المصنفات التي تناولت هذا الموضوع يمكن لمن أراد المزيد الرجوع إليها (١).

* * *

______________

(١) راجع مثلاً : المسائل الفقهية للسيد شرف الدين العاملي ، الفقه على المذاهب الخمسة للشيخ محمد جواد مغنية ، العروة الوثقى ٢ : ١٩٥ ، وسائر مصادرنا الفقهية المذكورة في هذا البحث تحت عنوان ( مبطلات الصلاة ).

٥٦



الفصل الثالث الصوم والزكاة وبقية العبادات

المبحث الأول / الصوم

أولاً ـ معنى الصوم وأهميته :

الصوم هو امتناع المسلم المكلف القادر عن جملة من المباحات كالطعام والشراب في شهر رمضان من الفجر إلى الغروب. ويكون ذلك بداعي الطاعة والقربة إلى الله سبحانه.

والصوم من العبادات العظيمة التي فرضها الله عزّوجلّ على كل مسلم ومسلمة وليس الصوم من مختصات الإسلام بل كان معروفاً في الأديان الإلهية السابقة أيضاً قال تعالىٰ : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) (١) والصوم له فضل عظيم عند الله تعالىٰ ، وقد وردت في ذلك أحاديث وروايات كثيرة ، فمنها ما عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : « ما من مؤمن يصوم شهر رمضان احتساباً إلّا أوجب الله تبارك وتعالىٰ له سبع خصال : أولها يذوب الحرام في جسده ، والثانية يقرب من رحمة الله عزّوجلّ ، والثالثة يكون قد كفّر خطيئة أبيه آدم عليه‌السلام ، والرابعة يهوّن الله

______________

(١) سورة البقرة : ٢ / ١٨٣.

٥٧

عليه سكرات الموت ، والخامسة أمان من الجوع والعطش يوم القيامة ، والسادسة يعطيه الله براءة من النار ، والسابعة يطعمه الله عزّوجلّ من طيبات الجنة » (١).

ثانياً ـ فلسفة الصوم :

وفلسفة الصوم زيادة على ما تهدف إليه من تهذيب النفس والابتعاد بها عن الانكباب على الشهوات المادية والانقطاع إلى الله عزّوجلّ. تهدف أيضاً إلىٰ ما فيه خير المجتمع وذلك عن طريق إشعار الصائم بما يعانيه الفقراء والمحتاجين من عدم الحصول على الطعام أو التلذذ بلذائذ الحياة وحينئذ لابد من مد يد العون لمثل هؤلاء هذا فضلاً عمّا في الصوم من عبرة تذكّر الصائم ـ بجوعه وعطشه ـ جوع وعطش يوم القيامة. ومن هنا نجد الإمام الصادق عليه‌السلام يقول : « فطرك لأخيك وادخالك السرور عليه اعظم اجرا من صيامك » (٢). وكذلك فإن الصيام هو للجوارح والجوانح معاً بمعنى التقيد بالاوامر والنواهي الإلهية فلابد أن تصوم العين عن المحرمات والأذن كذلك واللسان وغيرها. وبكل ذلك صلاح الفرد والمجتمع في الدنيا والآخرة.

ثالثاً ـ شرائط الصوم ومبطلاته :

فإذا هل هلال شهر رمضان وجب على كل مكلف الصيام ولكن بعد تحقق جملة من الشرائط ، وهي : الإيمان ، والعقل ، والخلو من الحيض ، والنفاس ،

______________

(١) الفقيه ٢ : ٤٣ ـ ٤٤ / ١٩٥ باب علّة فرض الصيام ، والوسائل ١٠ : ٢٤٠ ـ ٢٤١ / ٤ باب ١ من أبواب أحكام شهر رمضان.

(٢) روضة الواعظين ٢ : ٣٤٢.

٥٨

وعدم الإصباح جنبا ، والحضر ، والقدرة. فإذا توفرت هذه الشرائط صح الصوم.

وهناك جملة من الأمور التي تفسد الصوم وإذا فعلها الإنسان فإنه يعتبر مفطراً متعمداً ، وهو بذلك يستحق العقوبة الإلهية ؛ لأنه عاصٍ لله تبارك وتعالى ، وهذه الامور هي : الأكل ، والشرب ، والجماع ، وإنزال المني ، وتعمد البقاء على الجنابة حتى طلوع الفجر ، والكذب على الله تعالى ورسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمة المعصومين عليهم‌السلام ، وإيصال الغبار الغليظ إلى الحلق ، ورمس الرأس في الماء ، والاحتقان بالمائع ، وتعمد القيئ.

وارتكاب أي من المفطرات المذكورة علىٰ وجه العمد والاختيار يعتبر عصياناً ويستحقّ العقوبة ، وعليه القضاء والكفارة ، أما القضاء عن كل يوم أفطر فيه ، فيتخير بين ثلاثة أمور : عتق رقبة ، أو صوم شهرين متتابعين ، أو إطعام ستين مسكيناً لكل مسكين ( ثلاثة أرباع كيلوغرام ) من الطعام. وتتكرر الكفارة كلما أفطر يوماً ، ومصرف الكفارة هو نفس مصرف الزكاة الآتي :

رابعاً ـ استحباب الاعتكاف في شهر رمضان :

ويستحب في شهر رمضان الاعتكاف وهو اللبث في المسجد بقصد فعل العبادة فيه ، ويصح في كل مسجد جامع. ويشترط في صحة الاعتكاف : نية القربة ، والصوم ثلاثة أيام في أقل الأحوال ، والإذن لمن يحتاج إليه كالزوجة بالنسبة إلى زوجها وغير ذلك. ولا يجوز للمعتكف الجماع بل مطلق الاستمتاع ، وكذا الاستمناء ، وشم الطيب والرياحين ، والبيع ، والشراء ، والمماراة في أمر ديني أو دنيوي إلى غير ذلك.

٥٩

خامساً ـ من رُخِّص له الافطار في شهر رمضان :

جدير بالذكر ان الشريعة الإسلامية رخصت الإفطار في بعض الحالات التي لا يقدر معها على الصوم كما في حالة المرض ، أو العطش الشديد ، وكذلك بالنسبة للمرأة الحامل ، كما رخص للشيخ والشيخة أيضاً (١).

المبحث الثاني / الزكاة

أوّلاً ـ أهميّة الزكاة في الإسلام :

وضع الإسلام منظومته التشريعية مما يناسب واقع الإنسان ، وتلبية متطلبات الفرد والمجتمع بكل جديّة. واتّخذ الاساليب الكفيلة بتحقيق ذلك.

وبما أن كل مجتمع من المجتمعات لا يخلو بشكل أو بآخر من وجود فقراء ومحتاجين وغيرهم ممن تقطّعت بهم السُبل ؛ لذا بين الإسلام في تشريعاته الشريفة ما يضمن سد حاجاتهم ، ومن هنا جعل فريضة الزكاة واجبة على كل مسلم توفرت فيه بعض الشرائط التي سنذكرها ، ولذا قرنها الله سبحانه وتعالى مع الصلاة في أكثر الموارد. قال تعالى : ( وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ ) (٢) كما تظافرت الروايات بهذا المعنىٰ ، وعُدّت الزكاة في بعضها من مباني الإسلام على حد الصلاة والصيام. وشددت في عقوبة مانع الزكاة. فعن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « ما من عبد منع من زكاة ماله شيئاً الا جعل

______________

(١) لاحظ : المبسوط ١ : ٢٦٥ ـ ٢٨٨ ، السرائر ١ : ٣٦٤ ـ ٤٢١ ، اللمعة الدمشقية : ٥٢ ، جامع المقاصد ٣ : ٩٤ ، جواهر الكلام ١٧ : ١٥٩.

(٢) سورة البقرة : ٢ / ٤٣ ، وراجع أيضاً : سورة البقرة : ٨٣ ، ١١٠ ، ١٧٧ ، ٢٧٧.

٦٠