لمحات في أحكام الشريعة الإسلاميّة

السيد فاضل الموسوي الجابري

لمحات في أحكام الشريعة الإسلاميّة

المؤلف:

السيد فاضل الموسوي الجابري


الموضوع : الفقه
الناشر: مركز الرسالة
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-8629-31-5
الصفحات: ١٤٦
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة



الباب الأول

العبادات

الفصل الأول / الطهارة

أولاً ـ معنى الطهارة ، وأهميتها :

الطهارة في اللغة بمعنى النظافة والوضاءة والنقاوة سواء من النجاسات والقذارات المادية كالبول والغائط والدم وغيرها أو من القذارات المعنوية كالذنوب والمعاصي (١).

وأما الطهارة الشرعية فهي اسم للوضوء أو الغسل أو التيمم علىٰ وجه له تأثير في استباحة الصلاة (٢).

والطهارة والنظافة من الأُمور الفطرية التي ندب لها الشرع المقدس ، ولذا ورد عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « النظافة من الإيمان » (٣) ، وأكّدها القرآن الكريم بقوله تعالى : ( إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ) (٤). ومن الواضح جداً أن

______________

(١) راجع كتاب العين للخليل بن أحمد الفراهيدي ، والصحاح للجوهري ، ولسان العرب لابن منظور ، مادة طهر.

(٢) مدارك الأحكام / السيد محمّد العاملي ١ : ٦.

(٣) مستدرك سفينة البحار / الشيخ علي نمازي ٦ : ٦٠٥.

(٤) سورة البقرة : ٢ / ٢٢٢.

٢١

للطهارة ـ البدنية والنفسية ـ فوائد صحيّة كثيرة جداً ، فالإنسان المتطهّر النظيف يشعر بالسعادة والصحة وهذا أمر مهم.

والإسلام يدعو المسلمين بل كل البشرية إلى التطهّر من القذارات المعنوية كتطهرهم من القذارات المادية ، فالشرك بالله ، والكفر ، والعصيان ، وأرتكاب الذنوب من أكبر النجاسات ، فكما نحرص على تنظيف انفسنا حينما تسقط علينا قطرة من البول او غيرها ونحاول جاهدين أن لا تتوسخ ابداننا أو لباسنا فلا بد أيضا أن نحرص بنفس المستوى ـ إذا لم نقل اكثر ـ على عدم اتساخ نفوسنا وقلوبنا بالكفر والعصيان. ولذا قال عزّوجلّ في الطهارة بنوعيها المادية والمعنوية : ( إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَىٰ قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ ) (١) وقال عزّوجلّ : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِن كُنتُم مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ مَا يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَٰكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) (٢).

______________

(١) سورة الأنفال : ٨ / ١١.

(٢) سورة المائدة : ٥ / ٦.

٢٢

ثانياً ـ المياه :

أنعم الله تعالىٰ علينا بالماء ليكون سبباً لطهارة أبداننا ونظافتها ، والماء الذي لا بد من استعماله للطهارة لا بد أن يكون هو بذاته طاهرا غير متنجس ، وأن يكون مطهِّرا كذلك ، ومثل هكذا ماء لا بد أن يتصف بكونه ماءاً مطلقاً يصح إطلاق لفظ الماء عليه من دون مجاز ليخرج بذلك الماء المضاف كماء الرمان مثلاً ، وغيره.

والماء اما أن يكون كثيراً أو قليلاً ، وقد يكون له أصل ينبع منه ، أو لا يكون.

فأمّا الكثير منه : فهو ما بلغ كرّاً أو أكثر ، ويعادل الكر الواحد زهاء (٣٧٧) لتراً ، والماء الكثير أو المتصل بالنبع لا يتأثر بالنجاسة ولا يتنجس إلا إذا تغير لونه أو طعمه أو رائحته وأما غير هذين النوعين فهو يتنجس بمجرد ملاقاة النجاسة ولا يصح حينئذ استعماله بالطهارة (١).

ثالثاً ـ النجاسات :

هناك جملة من الأشياء النجسة التي متى ما لاقت جسد الإنسان أو ثيابه أو أي شيء آخر نجّسته ، ولا بد حينئذ من اجتناب هذه النجاسات أو تطهير ما لاقته وهي كما يلي :

البول والغائط من كل انسان أو حيوان له نفس سائلة وهو محرم الأكل.

والمني من كل انسان أو حيوان سواء كان يحل اكله أو لا.

______________

(١) تحرير الأحكام / العلامة الحلي ١ : ٤ ، الدورس / الشهيد الأول ١ : ١١٨ ، مجمع الفائدة والبرهان / الأردبيلي ١ : ٢٥٢ ، جواهر الكلام / الجواهري ١ : ٧٣.

٢٣

والميتة من كل انسان أو حيوان ، والجزء المقطوع كالميتة نجس ، وأما أجزاء الميتة التي لا تحلها الحياة كالشعر والصوف فهي طاهرة وكذلك ميتة الحيوان الذي ليس له دم ـ نفس سائلة ـ كالذبابة والعقرب وغيرها.

ومن الأعيان النجسة أيضاً الكلب والخنزير بجميع اجزائهما وفضلاتهما والمسكر المائع بجميع أقسامه ، أما المسكر الجامد كالحشيشة والهيروئين فليس بنجس وأن كان تناوله محرماً. وأيضاً الكافر وهو الذي لم ينتحل ديناً أو انتحل ديناً غير الإسلام أو انتحل الإسلام ولكنه جحد ما يعلم أنه من الدين الإسلامي بحيث رجع جحده إلى انكار الرسالة. فكل هذه النجاسات إذا سرت بواسطة وجود رطوبة في النجس أو المتنجس فلابد من تطهير ما لاقته.

ويتفرع عن هذا الموضوع حرمة تنجيس المساجد والأضرحة المقدسة والقرآن الكريم بل كل مقدس (١).

رابعاً ـ المطهرات :

كما ذكرنا الأشياء التي تسمى في الكتب الفقهية بالأعيان النجسة ، لا بد أن نذكر الأشياء التي تطهّر ما تنجس بهذه النجاسات وهي أمور :

١ ـ الماء وهو مطهر لكل متنجس.

٢ ـ الأرض فإنها تطهر باطن القدم وكذلك النعل والحذاء وغيرهما ، أما بالمشي عليها أو المسح بها بشرط زوال عين النجاسة ، والأرض تصدق على

______________

(١) جامع المقاصد / المحقق الكركي ١ : ١٦٠ ـ ١٩٥ ، مستند الشيعة / النراقي ١ : ١٣٦ ـ ٢٥٥.

٢٤

كل ما يسمى أرضاً من التراب والرمل والحصى وغيرها.

٣ ـ الشمس فإنها تطهّر الأرض وكل ما لا ينقل من الأبنية وما اتّصل بها من أخشاب ومسامير وغيرها ، وكذلك تطهر الأشجار والثمار وكل ما هو ثابت ولكن يشترط في تطهيرها زوال عين النجاسة أو يبوستها بواسطة نفس الشمس.

٤ ـ الاستحالة إلى جسم آخر فيطهر ما احالته النار رماداً أو دخاناً أو بخاراً سواءاً كان نجساً أو متنجساً.

٥ ـ الانقلاب فإنه إذا انقلب الخمر خلّاً يطهر.

٦ ـ الإسلام فإنه إذا أسلم الكافر يطهر.

٧ ـ التبعية فإنّ الكافر إذا أسلم يتبعه ولده في الطهارة (١).

خامساً ـ الوضوء :

١ ـ كيفيّة الوضوء : غسل الوجه ما بين قصاص الشعر إلى طرف الذقن طولاً ، وعرضاً ما اشتملت عليه الإصبعُ الوسطى والإبهام. ثم غسل اليد اليمنى واليسرى من المرفقين إلى أطراف الأصابع مبتدئاً من الأعلى إلى الأسفل مرتباً اليمنى على اليسرى ، وبعد ذلك يمسح مقدم الرأس بما تبقى في يده اليمنى من ماء ، وبعده يمسح القدمين من أطراف الأصابع إلى الكعبين مبتدئاً أيضاً باليمنى ثم

______________

(١) مستند الشيعة ١ : ٢٥٩ وما بعدها ، رياض المسائل / السيد علي الطباطبائي ٢ : ١٣١ ـ ١٤١ ، المبسوط / الشيخ الطوسي ١ : ١٧ ، الحدائق النضرة / المحدّث البحراني ١ : ٤٠٨.

٢٥

باليسرى (١). وهذا هو الوضوء الصحيح الذي لا يقبل الله تعالى الصلاة إلّا به ، وأما المسح على القلنسوة والعمامة والحذاء !! فهو من الوضوء البدعي الذي ما أنزل الله به من سلطان وأما غسل الأرجل في الوضوء فهو باطل أيضاً وهو ما سنبحثه باختصار تحت عنوان :

حكم الأرجل في الوضوء :

لا بأس بالتعرض إلى ما وقع بين المسلمين من اختلاف في الوضوء ، ويتركز الاختلاف في حكم الأرجل فيه هل هو الغسل أو المسح ؟ أما الإمامية فيذهبون إلى المسح في حين ذهب العامة إلى الغسل ، وهو باطل قرآناً وسنّة ، قال تعالىٰ : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ) (٢).

قال الفخر الرازي في تفسيره الكبير : « اختلف الناس في مسح الرجلين وفي غسلهما فنقل القفال في تفسيره عن ابن عباس وأنس بن مالك وعكرمة والشعبي والإمام أبي جعفر محمّد بن علي الباقر [ صلوات الله عليه ] أن الواجب فيهما المسح وهو مذهب الإمامية من الشيعة. وقال جمهور الفقهاء والمفسرين : فرضهما الغسل.

ثم قال : وحجة من قال بوجوب المسح مبنية على القراءتين المشهورتين في ( وأرجلكم ) فقرأ ابن كثير وحمزة وأبو عمر وعاصم في رواية أبي بكر عنه

______________

(١) رياض المسائل ١ : ١٢١ ـ ١٤٤.

(٢) سورة المائدة : ٥ / ٦.

٢٦

بالجر ، وقرأ نافع وابن عامر وعاصم في رواية حفص عنه بالنصب.

فنقول : أما القراءة بالجر فهي تقتضي كون الأرجل معطوفة على الرؤوس فكما وجب المسح في الرأس كذلك وجب في الأرجل.

وأما القراءة بالنصب فقالوا أيضاً : أنها توجب المسح وذلك لأن قوله : ( وَامْسَحُواْ بِرُءُوسِكُمْ ) فرؤوسكم في محل نصب ولكنها مجرورة بالباء فإذا عطفت ( الأرجل ) على ( الرؤوس ) جاء في الأرجل النصب عطفاً على محل الرؤوس ، والجر عطفاً على الظاهر وهذا مذهب مشهور عند النحاة » (١).

ولقد وردت بعض الآثار الصحيحة عند الجمهور الدالة على أن الواجب هو المسح دون الغسل.

قال الطبري في تفسيره لآية الوضوء : « وقرأ ذلك آخرون من قراء الحجاز والعراق ( وَامْسَحُواْ بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ ) بخفض « الأرجل » وتأول قارؤو ذلك إن الله إنما أمر عباده بمسح الأرجل في الوضوء دون غسلها ، وجعلوا « الأرجل » عطفاً على « الرؤوس » فخفضوها لذلك.

ثم روى الطبري عدة روايات في ذلك ، منها :

١ ـ عن ابن عباس قال : « الوضوء غسلتان ومسحتان ».

٢ ـ عن حميد قال : « قال موسى بن انس لأنس ونحن عنده : خطب الحجاج فقال : اغسلوا وجوهكم وايديكم وأرجلكم ظهورهما وبطونهما وعراقيبهما فان ذلك ادنى إلى أخبثيكم. قال أنس : صدق الله وكذب الحجاج قال الله : ( وَامْسَحُواْ بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ) قال : وكان انس إذا مسح

______________

(١) التفسير الكبير / الرازي ١ : ١٦١.

٢٧

قدميه بلهما » (١).

٣ ـ وعن عكرمة قال : ليس على الرِجلين غسل وإنما اُنزل فيهما المسح.

٤ ـ وعن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « امسح رأسك وقدميك ».

٥ ـ عن الشعبي قال : نزل جبرائيل بالمسح. ثم قال الشعبي : « ألا ترى أن التيمم أن يمسح ما كان غسلاً ويلغي ما كان غسلاً ».

٦ ـ عن إسماعيل قال : قلت لعامر « أي الشعبي » : إن اناساً يقولون : إن جبرائيل نزل بغسل الرجلين ؟ فقال : نزل جبرائيل بالمسح.

٧ ـ عن قتادة في قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ) قال : افترض الله غسلتين ومسحتين.

ثم روي بعدة أسانيد عن علقمة ومجاهد والشعبي وأبي جعفر والضحاك أنهم كانوا يقرؤون « وأرجلِكم » بالخفض (٢).

وأخرج الحافظ ابن حجر عن عبّاد بن تميم المازني ، عن أبيه قال : « رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يتوضا ويمسح على رجليه » ثم قال بعد ذلك : « رجاله ثقات » (٣).

وأخرج عبد الرزاق الصنعاني في مصنفه ، عن قتادة ، عن عكرمة والحسن قالا في هذه الآية : « ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا

______________

(١) السنن الكبرى / البيهقي ١ : ٧١.

(٢) تفسير الطبري ١٠ : ٥٧.

(٣) الاصابة / ابن حجر ١ : ٣٠٧ ، وفي بعض الطبعات ٤٩٠.

٢٨

وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ) قالا : نمسح الرجلين ».

وعن قتادة ، عن جابر بن زيد أو عكرمة ، عن ابن عباس قال : افترض الله غسلتين ومسحتين ، ألا ترى أنه ذكر التيمم فجعل مكان الغسلتين مسحتين وترك المسحتين. وقال رجل لمطر الوراق : من كان يقول المسح على الرجلين ؟ فقال : فقهاء كثيرون.

وعن ابن جريج قال : أخبرني عمرو بن دينار أنه سمع عكرمة يقول : « قال ابن عباس : الوضوء مسحتان وغسلتان » (١).

وبهذا يتبين أن مسح الأرجل في الوضوء هو المتعين قرآناً وسنّة وعليه عمل الصحابة والتابعين ومن جاء بعدهم.

٢ ـ شرائط الوضوء : هناك جملة من الشرائط للوضوء لا بدَّ من تحققها من أجل أن يكون الوضوء صحيحاً وهي : طهارة الماء ، وإطلاقه بمعنى كونه غير مضاف ، وإباحته بحيث لا يكون مغصوباً ، وعدم استعماله في التطهير من النجاسات الخارجية ، وطهارة أعضاء الوضوء ، وإباحة الفضاء الذي يتوضأ فيه الشخص إذ لا يجوز الوضوء في المكان المغصوب ، وكذلك عدم المانع من استعمال الماء لمرض أو عطش يخاف منه على نفسه أو على نفس محترمة. والنية بمعنى القصد إلى الفعل ويكون القصد هو القربة إلى الله تعالى. وكذلك لابد من مباشرة المتوضئ للغسل والمسح والموالاة وهي التتابع في الغسل والمسح بحيث يباشر في غسل العضو اللاحق قبل جفاف العضو السابق ، والترتيب بين أعضاء

______________

(١) المصنف / عبد الرزاق ١ : ١٩ / ٥٥ ـ باب غسل الرجلين.

٢٩

الوضوء بتقديم الوجه ، ثم اليد اليمنى ، ثم اليد اليسرى ، ثم مسح الرأس ، ثم مسح الرجل اليمنى ، ثم مسح الرجل اليسرى (١).

٣ ـ نواقض الوضوء : أما الأمور التي يبطل بسببها الوضوء فهي خروج البول والغائط والريح والاستحاضة القليلة والدم والنوم.

ومما ينبغي ذكره أن الوضوء ليس واجباً لنفسه وإن كان هو من المستحبات الأكيدة إلا أنه واجب لوجوب الصلاة ، لأنها متوقفة عليه ، فيكون وجوبه تبعاً لوجوبها (٢).

سادساً ـ الغسل :

الأغسال نوعان : واجبة ، ومستحبة ، والغسل الواجب على قسمين ، أحدهما : ما كان واجبا لنفسه وهو غسل الأموات. والآخر : ما هو واجب لغيره وهو خمسة : الجنابة ، والحيض ، والاستحاضة ، والنفاس ، ومس الأموات وإليك التفصيل :

النوع الأول ـ الأغسال الواجبة :

١ ـ غسل الجنابة :

تتحقق الجنابة بأمرين : خروج المني من الموضع المعروف ، والجماع ولو لم

______________

(١) المبسوط / الشيخ الطوسي ١ : ٢٠ ، قواعد الأحكام / العلّامة الحلي ١ : ١٩٩ ، مدارك الأحكام / العاملي ١ : ١٩١.

(٢) رياض المسائل ١ : ٨٥.

٣٠

ينزل ، ويتحقق ذلك بدخول الحشفة ـ رأس العضو الذكري ـ في فرج المرأة أو دبرها بل مطلق الدبر.

أما واجبات الغسل فهي كالتالي : النية ، وغسل ظاهر البشرة بإيصال الماء إلى كل أجزاء البدن. وهو على كيفيتين أرتماسي وترتيبي. أما الاول فيتحقق بانغماس البدن كلّه بالماء دفعة واحدة. وأما الثاني : فيكون بالابتداء بغسل الرأس والرقبة أولاً. ثم الشق الأيمن من الجسد ثم الشق الأيسر منه.

وجميع الشروط التي ذكرت في الوضوء تشترط هنا أيضاً عدا الموالاة فأنها غير واجبة هنا. فإذا أتم الإنسان غسل الجنابة بشكل صحيح كان مجزئاً عن الوضوء.

وأما الأشياء التي تتوقف صحتها أو جوازها على الغسل من الجنابة فهي كما يلي : الصلاة بجميع أنواعها عدا صلاة الميت ، والطواف الواجب ، والصوم ، ومس كتابة القرآن ، أو لفظ الجلالة ، واللبث في المساجد ، بل مطلق الدخول فيها ، وقراءة آية السجدة من سور العزائم ، وهي : السجدة وفصلت والنجم والعلق (١).

٢ ـ غسل الحيض :

وهو الغسل الذي يتوجب بخروج دم تراه المرأة في كل شهر غالباً. وهو أسود أو أحمر عبيط يخرج بدفق وحرقة في الغالب.

ومما ينبغي ذكره أن أقل الحيض ثلاثة أيام وأكثره عشرة ، بمعنى أن كل دم

______________

(١) المبسوط ١ : ٨ ، السرائر / ابن إدريس ١ : ٦٦ ، جامع المقاصد ١ : ٢٥٥ ، ذكرى الشيعة / الشهيد الأول ١ : ٢١٩ ، رياض المسائل ١ : ١٩٢.

٣١

يقل عن هذه المدة أو يزيد لا يحكم بكونه دم حيض حتى وأن كان جامعاً لصفات الحيض. ولكن يُشترط استمرار ذلك الدم في الثلاثة الأولى. وكذلك لابد أن تكون مدة زمنية فاصلة بين الحيضتين وهي عشرة أيام كحد أدنى ، وأما إذا كانت المدة أقل فالدم اللاحق استحاضة وليس بحيض ، وهذا لا يترتب على كل امرأة وإنما هو مخصوص بمن بلغت السن التكليفي وقبل اليأس الذي هو خمسون سنة في الوضع الطبيعي.

فإذا تحقق الحيض من المرأة فثمة جملة من التروك التي لا بد أن تتركها ولا يجوز لها فعلها وهي كما يلي : الصلاة ، والصوم ، والطواف ، والاعتكاف ، وكل أمر مشروط بالطهارة. ولا يجوز لزوجها أن يطأها في تلك الحالة ، ولا أن يطلقها.

وليس على الحائض بعد أن تطهر أن تقضي صلاتها بخلاف الصوم الذي لابد من قضائه. وأما كيفية غسلها فهو مثل غسل الجنابة بلا فرق (١).

٣ ـ غسل الاستحاضة :

الاستحاضة دم يخرج في غير وقت العادة الشهرية والولادة وليس من جرح أو بكارة ، ويكون عادة أصفراً ورقيقاً بارداً.

وتنقسم الاستحاضة إلى ثلاثة أقسام : كثيرة ومتوسطة وقليلة. ومن أجل أن تعرف المرأة نوع استحاضتها تقوم بعملية الاختبار وذلك من خلال وضع قطنة أو ما شابه ذلك في داخل الفرج ، فإن غمس الدم القطنة وسال فهذه كثيرة ، وإن غمسها ولم يسل فهذه متوسطة ، وإن لوّثها فحسب فهذه قليلة. أما حكم كل

______________

(١) رياض المسائل ١ : ٢٤٢ ـ ٣١٧ ، جامع المقاصد ١ : ٢٨١.

٣٢

واحد من الاقسام فهو ما يلي :

أما الكثيرة فعليها الغسل ثلاث مرات كل يوم قبل الصبح والظهر والمغرب ، مع الوضوء لكل صلاة ، وتبديل القطنة أو تطهيرها.

وأما المتوسطة فالغسل مرة واحدة قبل الصبح مع بقية الأمور كما في الكثيرة.

وأما القليلة فيسقط عنها الغسل كاملاً ولكن تعمل بقية الأمور. فإذا أدّت  هذه الكيفيات تصح منها الصلاة والصيام كذلك وإلا فلا (١).

٤ ـ غسل النفاس :

النفاس هو الدم الذي يخرج عند الولادة أو بعدها ، وأكثره عشرة أيام ، ولا حد لقليله. فإذا رأت الدم لعشرة فما دون فكله نفاس ، وإذا استمر أكثر كان النفاس مقدار عادتها إن كان لها عادة وإلا فالعشرة ، وأما الزائد عن العشرة فهو استحاضة. وحكم النفساء من حيث التروك وحرمة الوطئ نفس الحائض بلا فرق وكذا كيفية غسلها (٢).

٥ ـ غسل مس الميت :

يجب الغسل في حال مسِّ الميت بعد أن يبرد ، وقبل أن يُغَسَّل بشكل كامل ، مسلماً كان ذلك الميت أو كافراً وحتى الجنين الذي يسقط بالاجهاض ما دامت فيه روح. وغسل مسِّ الميت مثل غسل الجنابة تماماً (٣).

______________

(١) رياض المسائل ١ : ٣١٨ ، جامع المقاصد ١ : ٣٣٧.

(٢) رياض المسائل ١ : ٣٣٤ ، جامع المقاصد ١ : ٣٤٥.

(٣) رياض المسائل ١ : ٤٧٩ ، جامع المقاصد ١ : ٤٥٨.

٣٣

٦ ـ غسل الميت :

وبعد أن انتهينا من ذكر ما يجب لغيره من الأغسال الواجبة نعرج إلى ما يجب لنفسه وهو يتمثل بنوع واحد من الغسل وهو غسل الميت. ولكن قبل أن نجري على الميت الغسل الذي هو شبيه بغسل الجنابة من حيث الترتيب لابد أن نوجه هذا الإنسان المسلم إلى القبلة بشكل لو جلس يكون وجهه إلى القبلة. ويستحب تلقينه الشهادتين أيضاً وأصول الدين وجميع الاعتقادات. وبعدها نجري عليه مراسيم الغسل مبتدئين بتطهير بدنه ، ثم نغسله ثلاث مرات بثلاث أنواع من المياه. النوع الأول هو ماء السدر ذلك النبات المعروف ، والنوع الثاني بماء الكافور وهو مادة معروفة عند الناس ذات رائحة متميزة ، والثالث بالماء العادي الذي يسمى بالقراح. ولابد لمن يغسل ذلك الميت أن يكون مماثلاً له بالذكورة والأنوثة ، ولا بأس بأن يغسل الزوج زوجته أو العكس ، وكذلك الطفل الذي لم يتجاوز ثلاث سنين ، ويجوز للمحارم كالام والأب أن يغسلوا محارمهم. وبعد الغسل يلزم التحنيط وهو مسح المساجد السبعة بالكافور ، وهذه المساجد هي : الجبهة واليدين والركبتين والابهامين من الرجلين ، وبعد ذلك يلزم تكفين ذلك الميت بثلاث قطع من القماش الطاهر الساتر. الأولى بين السرة والركبة ويسمى بالمئزر ، والثانية من الكتف إلى الساق ويسمى بالقميص ، والثالثة تغطي كل البدن وتسمى بالإزار.

ثم بعدها يقوم المسلمون بالصلاة عليه صلاة الميت التي سوف نذكرها في الصلاة. ثم يقومون بدفنه في باطن الأرض بحيث لا تصل إليه الحيوانات ، ولا تظهر منه رائحة ، ويوضع على جانبه الأيمن موجهين به إلى

٣٤

القبلة (١).

النوع الثاني ـ الاغسال المستحبة :

هناك جملة من الاغسال المستحبة التي إذا فعلها المسلم نال الأجر والثواب وهي ليست بواجبة ، مثل : غسل الجمعة ، وغسل يومي العيدين ، ويوم عرفة ، ويوم التروية وهو الثامن من ذي الحجة ، والليلة الأولى ، والسبع عشرة ، والرابعة والعشرين من شهر رمضان ، وليالي القدر ، والغسل عند احتراق الشمس في الكسوف. وكذلك الغسل عند دخول الحرم المكي ، ولدخول الكعبة المشرّفة ، ولدخول حرم الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والغسل للإحرام ، أو للذبح ، والاستخارة ، والاستسقاء ، والمباهلة مع الخصم وغيرها (٢).

سابعاً ـ التيمم :

ما مر من الطهارة بشقيها الوضوء والغسل كان متعلقا بالطهارة المائية ، إلّا إنه قد يحدث في بعض الأحيان وجود مانع من أحدىٰ الطهارتين أو كلاهما لأسباب مختلفة ، كعدم وجود ما يكفيه من الماء لوضوئه أو غسله ، أو عدم التمكن من الوصول إلى الماء لعجز عنه عجزاً شرعياً أو بحكم العجز ، وكذلك إذا خاف الضرر من استعمال الماء لمرض أو غيره ، أو انه خاف على نفسه أو غيره

______________

(١) رياض المسائل ١ : ٣٥٧ ، جامع المقاصد ١ : ٣٥٢ ، الاقتصاد / الشيخ الطوسي : ٢٤٩ ، المهذب / القاضي ابن البراج ١ : ٥٨.

(٢) الحدائق النضرة / البحراني ٤ : ١٨٥ ، جواهر الكلام ٥ : ٣٥ ، العروة الوثقى / السيد اليزدي ١ : ٤٦٠.

٣٥

العطش ، أو أن تحصيل الماء يستلزم ذلة الإنسان أو هوانه ، أو كونه بثمن باهض لا يقوى مثله على شرائه ، أو يوجد تزاحم بين الوضوء وبين واجب آخر كازالة النجاسة من المسجد أو المصحف ولا يوجد ماء غيره ، وكذلك إذا ضاق الوقت عن استعمال الماء إلى غير ذلك.

وحينئذ إذا تحققت إحدى هذه الاسباب ينتقل تكليف الإنسان من الطهارة المائية إلى الطهارة الترابية كما نصت على ذلك الآية الكريمة ( فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا ) (١) وأما الكيفية الواجبة في التيمم فهي أن يضرب بباطن يديه على الأرض دفعة واحدة ، ثم يمسح بهما جميعاً تمام جبهته وجبينه ، ثم قصاص الشعر إلى الحاجبين ، وإلى طرف الأنف المتصل بالجبهة ، مع ضم الحاجبين أيضاً ، ثم مسح تمام ظهر الكف اليمنى من الزند إلى أطراف الأصابع بباطن اليسرى ، ثم مسح تمام ظاهر الكف اليسرى كذلك بباطن الكف اليمنى (٢).

* * *

______________

(١) سورة المائدة : ٥ / ٦.

(٢) المبسوط ١ : ٣٠ ، قواعد الأحكام ١ : ١٧٩ ، جامع المقاصد ١ : ٧٨.

٣٦



الفصل الثاني / الصلاة

أولاً ـ أهمية الصلاة :

إن الصلاة هي أحب الأعمال إلى الله تعالى ، وهي آخر وصايا الأنبياء عليهم‌السلام ، وهي عمود الدين إذا قبلت قبل ما سواها وإن ردت رد ما سواها ، وهي أول ما ينظر فيه من عمل ابن آدم ، فإن صحت نظر في عمله ، وإن لم تصح لم ينظر إلى بقية أعماله ، فهي كالنهر الذي يجري فكما أن الذي يغتسل فيه كل يوم خمس مرات لم يبق في بدنه شيء من الدرن كذلك كلما صلى صلاة كَفّر ما بينهما من الذنوب ، وليس ما بين المسلم وبين أن يَكْفُر إلا أن يترك الصلاة ، وإذا كان يوم القيامة يدعى بالعبد فأول شيء يسأل عنه الصلاة ، فإن جاء بها تامة فهو ، وإلّا زخّ في النار. وفي الصحيح قال مولانا الصادق عليه‌السلام : « ما أعلم شيئاً بعد المعرفة أفضل من هذه الصلاة ، ألا ترى أن العبد الصالح عيسى بن مريم عليه‌السلام قال : ( وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ مَا دُمْتُ حَيّا ) (١) » (٢).

______________

(١) سورة مريم : ١٩ / ٣١.

(٢) الكافي ٣ : ٢٦٤ / ١ باب فضل الصلاة من كتاب الصلاة.

٣٧

وفي حديث عنه عليه‌السلام قال : « وصلاة فريضة تعدل عند الله ألف حجة وألف عمرة مبرورات متقبلات » (١). وقد استفاضت الروايات في الحث على المحافظة عليها في أوائل الأوقات ، وأن من استخف بها كان في حكم التارك لها. قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « ليس مني من استخف بصلاته » (٢).

وقال : « لا ينال شفاعتي من استخف بصلاته ». وقال : « لا تضيّعوا صلاتكم ، فإن من ضيّع صلاته حشر مع قارون وهامان ، وكان حقاً على الله أن يدخله النار مع المنافقين » (٣). وجاء في الخبر : « بينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله جالس في المسجد إذ دخل رجل فقام فصلى فلم يتم ركوعه وسجوده. فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : نقر كنقر الغراب لئن مات هذا وهكذا صلاته ليموتن على غير ديني » (٤). وعن أبي بصير قال : دخلت على أم حميدة اُعزيها بأبي عبدالله عليه‌السلام ، فبكت وبكيت لبكائها ، ثم قالت : يا أبا محمد لو رأيت أبا عبدالله عند الموت لرأيت عجباً ، فتح عينيه ، ثم قال : اجمعوا كل من بيني وبينه قرابة. قالت : فما تركنا أحداً إلا جمعناه. فنظر إليهم ثم قال : « إن شفاعتنا لا تنال مستخفاً بالصلاة » (٥).

والصلاة هي الصلة بين العبد وربه ، ولقد شرعها الله عزّوجلّ من أجل أن

______________

(١) وسائل الشيعة ١ : ٢٧ / ٣٤ باب ١ من أبواب مقدمة العبادات.

(٢) الكافي ٣ : ٢٦٩ / ٧ باب من حافظ على صلاته أو ضيعها من كتاب الصلاة.

(٣) عيون أخبار الرضا / الشيخ الصدوق ٢ : ٣٠ / ٤٦ باب ٣١ فيما جاء عن الرضا عليه‌السلام من الأخبار المجموعة.

(٤) الكافي ٣ : ٢٦٨ / ٦ باب من حافظ على صلاته أو ضيعها من كتاب الصلاة.

(٥) أمالي الشيخ الصدوق : ٥٧٢ / ٧٧٩ (١٠) المجلس ٧٣.

٣٨

تكن معراجاً للمؤمن يعرج بها إلى الله تعالى ، ويتكامل في الوجود ، ويحقق الغاية التي من اجلها خُلِق ، يقول تعالى : ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) (١). والصلاة من أوضح مظاهر العبادة. ولكن الله عزّوجّل يذكر فلسفة الصلاة بشكل أكبر حيث يقول : ( إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ) (٢). فالصلاة التي يريدها الله ليست هي مجرد الحركات والسكنات ومجموعة الأذكار والألفاظ ، وإنما هي التي تكون طاقة تدفع الإنسان نحو الخير والعمل الصالح في المجتمع ، لذلك فإن مجال التعاطي مع الصلاة من خلال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، إنما هو المجتمع ، ومن هنا ندرك أن الصلاة تعني المسؤولية الاجتماعية بكل معطياتها ومفرداتها. فالمؤمن المصلي هو ذلك العنصر والفرد المتميز في وجوده الاجتماعي ، وليس هو الإنسان الإنطوائي القابع في زاوية من بيته يؤدي مناسك العبادة والصلاة غير المهتم بما يجري حوله ، ولا الحريص على الإصلاح في المجتمع أو تخليصه من الأمراض الإجتماعية السائدة فيه ؛ لأن مثل ذلك الشخص لم يحقق روح الصلاة وحقيقتها وإن أدّى الشكل والصورة منها. وما أحرصنا اليوم إلى مثل هؤلاء الأشخاص الذين يحملون روح الصلاة ومضمونها ويقومون بوظائفهم الدينية والإجتماعية خير قيام.

ثانيا ـ أوقات الصلاة :

أما الصلاة اليومية التي ينبغي علىٰ كل مسلم أن يؤديها في يومه وليلته ، فهي

______________

(١) سورة الذاريات : ٥١ / ٥٦.

(٢) سورة العنكبوت : ٢٩ / ٤٥.

٣٩

عبارة عن خمس صلوات : الصبح ، والظهر ، والعصر ، والمغرب ، والعشاء. والصبح ركعتان يبدأ وقتها من طلوع الفجر وينتهي بطلوع الشمس ، وأما الظهر فهي أربع ركعات يبدأ وقتها من الزوال وينتهي إلى الغروب ، وأما العصر فهي أربع ركعات كذلك ويبدأ وقتها من بعد صلاة الظهر وينتهي إلى الغروب. وأما صلاة المغرب فهي ثلاث ركعات يبدأ وقتها من غروب الشمس المعلوم بذهاب الحمرة المشرقية إلى أن يبقىٰ لإنتصاف الليل مقدار أربع ركعات ، والعشاء أربع ركعات يبدأ وقتها من حين الفراغ من صلاة المغرب بوقتها وينتهي إلى نصف الليل.

وتقصر الصلاة الرباعية إلى ركعتين فقط في حالة السفر.

أما وقت صلاة الآيات فهو عند الخسوف والكسوف أو كل مُخوِّف. وأما بقية الصلوات فليس لها وقت محدد إلّا صلاة الطواف ؛ إذ يكون وقتها بعد أداء الطواف في الحج أو العمرة أو غيرهما (١).

ثالثا ـ مقدمات الصلاة :

هناك جملة من المقدمات لابد أن يأتي بها المصلي قبل أداء الصلاة ، وهي : دخول الوقت بالنسبة إلى الصلاة المؤقتة ، واستقبال القبلة ـ التي هي الكعبة المشرفة ـ وتحصيل الطهارة ، ولابد أن يكون لباس المصلي ساتراً وطاهراً ومباحاً ، وان يكون مما يؤكل لحمه ، وأن لا يكون متخذاً من الذهب أو الحرير

______________

(١) ذكرى الشيعة ٢ : ٣١٩ ، رياض المسائل ٤ : ٥ ـ ٢٦ ، قواعد الأحكام / العلامة الحلي ١ : ٢٤٥ ، جامع المقاصد ٢ : ١١.

٤٠