عقود المرجان في تفسير القرآن - ج ٤

السيّد نعمة الله الجزائري

عقود المرجان في تفسير القرآن - ج ٤

المؤلف:

السيّد نعمة الله الجزائري


المحقق: مؤسّسة شمس الضحى الثقافيّة
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: إحياء الكتب الإسلاميّة
المطبعة: اميران
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-2592-29-6
ISBN الدورة:
978-964-2592-24-1

الصفحات: ٦٥٠

٣٧. سورة الصافّات

عن أبي الحسن عليه‌السلام أنّه قال لابنه القاسم : يا بنيّ لم تقرأ سورة الصافّات عند مكروب من موت إلّا عجّل الله راحته. (١)

عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله : من قرأها ، أعطي من [الأجر] عشر حسنات بعدد كلّ جنّيّ وشيطان وتباعدت عنه مردة الشياطين وبرئ من الشرك وشهد له حافظاه في القيامة [أنّه] كان مؤمنا بالمرسلين. (٢)

وعن الصادق عليه‌السلام : من قرأها في كلّ يوم جمعة ، لم يزل محفوظا من كلّ آفة ـ الخبر. (٣)

ومن اغتسل بمائها زالت أوجاعه. (٤)

من قرأها في كلّ يوم جمعة ، لم يزل محفوظا من كلّ آفة مدفوعة عنه كلّ بليّة في الحياة الدنيا في أوسع ما يكون من الرزق ، ولم يصبه في ماله وولده وبدنه سوء من شيطان رجيم ولا جبّار عنيد. وإن مات في يومه أو ليلته ، بعثه الله شهيدا وأدخله الجنّة مع الشهداء. (٥)

[١] (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * وَالصَّافَّاتِ صَفًّا (١))

أدغم أبو عمرو وحمزة التاء في الصاد وفي الزاي وفي الذال من (الصَّافَّاتِ صَفًّا* فَالزَّاجِراتِ زَجْراً* فَالتَّالِياتِ ذِكْراً). (وَالصَّافَّاتِ صَفًّا). هي الملائكة تصفّ أنفسها

__________________

(١) الكافي ٣ / ١٢٦ ، ح ٥.

(٢) المصباح / ٥٨٩.

(٣) المصباح / ٥٨٩.

(٤) المصباح / ٦٠٩.

(٥) ثواب الأعمال / ١٣٩ ، ح ١.

٢٠١

صفوفا في السماء كصفوف المؤمنين للصلاة. أو : الملائكة تصفّ أجنتحها في الهوى إذا أرادت النزول إلى الأرض واقفة تنظر ما يأمرها الله. أو : جماعة المؤمنين يقومون مصطفّين في الصلاة وفي الجهاد. (١)

[٢] (فَالزَّاجِراتِ زَجْراً (٢))

(فَالزَّاجِراتِ زَجْراً) ؛ أي : الملائكة تزجر الخلائق عن المعاصي. أو المراد الملائكة تزجر السحاب وتسوقها. أو إنّها زواجر القرآن وآياته الناهية عن القبائح. أو إنّهم المؤمنون يرفعون أصواتهم عند قراءة القرآن. لأنّ الزجرة الصيحة. (٢)

[٣] (فَالتَّالِياتِ ذِكْراً (٣))

[٤] (إِنَّ إِلهَكُمْ لَواحِدٌ (٤))

(إِنَّ إِلهَكُمْ لَواحِدٌ) ليس له شريك. قيل : [هذه] أقسام بالله على تقدير : وربّ الصافّات. وقيل : أقسم سبحانه بهذه الأشياء لتعظيمها. (٣)

[٥] (رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَرَبُّ الْمَشارِقِ (٥))

(وَرَبُّ الْمَشارِقِ). هي مطالع الشمس بعدد أيّام السنة ثلاثمائة وستّون مشرقا. والمغارب مثل ذلك. (٤)

[٦] (إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ (٦))

(السَّماءَ الدُّنْيا). وهي التي أقرب إلينا. (بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ) ؛ أي : حسنها وضوئها. عاصم وحمزة : (بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ) بالجرّ. وأبو بكر : (بِزِينَةٍ) منوّنة أيضا (الْكَواكِبِ) بالنصب. وقرأ

__________________

(١) مجمع البيان ٨ / ٦٨٢ ـ ٦٨٣.

(٢) مجمع البيان ٨ / ٦٨٣ ـ ٦٨٤.

(٣) مجمع البيان ٨ / ٦٨٤.

(٤) مجمع البيان ٨ / ٦٨٤.

٢٠٢

الباقون : (بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ) مضافة. من قرأ : (بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ) جعل الكواكب بدلا من الزينة. ومن قرأ : (الْكَواكِبِ) بالنصب ، أعمل الزينة في الكواكب. أي : زيّنّا الكواكب فيها. ومن قرأ بالإضافة ، أضاف المصدر إلى المفعول. (١)

(بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ). وركوز الثوابت في الكرة الثامنة وما عدا القمر من السيّارات في الستّ المتوسّطة بينها وبين السماء الدنيا ـ إن تحقّق ـ لم يقدح في ذلك. فإنّ أهل الأرض يرونها بأسرها كجواهر مشرقة متلألئة على سطحها الأزرق بأشكال مختلفة. (٢)

[٧] (وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ (٧))

(وَحِفْظاً) ؛ أي : حفظناها حفظا من كلّ شيطان خبيث ؛ أي : حفظناها من دنوّه للاستماع. فإنّهم كانوا يستمعون كلام الملائكة ويلقون ذلك إلى ضعفة الجنّ وكانوا يوسوسون بها في قلوب الكهنة ويوهمونهم أنّهم يعلمون الغيب. (٣)

[٨] (لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جانِبٍ (٨))

أهل الكوفة غير أبي بكر : (لا يَسَّمَّعُونَ) بتشديد السين والميم ، والباقون بالتخفيف. (٤)

(لا يَسَّمَّعُونَ). كلام مبتدأ لبيان حالهم بعد ما حفظ السماء عنهم. وتعدية السماع بإلى لتضمّنه معنى الإصغاء مبالغة في نفيه وتهويلا لما يمنعهم عنه. ويدلّ عليه قراءة التشديد من التسمّع وهو طلب السماع. و (الْمَلَإِ الْأَعْلى) : الملائكة أو أشرافهم. (٥)

[٩] (دُحُوراً وَلَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ (٩))

(دُحُوراً). علّة. أي : للدحور ، وهو الطرد. أو حال بمعنى مدحورين. (٦)

__________________

(١) مجمع البيان ٨ / ٦٨٢ ـ ٦٨٤.

(٢) تفسير البيضاويّ ٢ / ٢٩٠.

(٣) مجمع البيان ٨ / ٦٨٤ ـ ٦٨٥.

(٤) مجمع البيان ٨ / ٦٨٢.

(٥) تفسير البيضاويّ ٢ / ٢٩٠.

(٦) تفسير البيضاويّ ٢ / ٢٩٠.

٢٠٣

[١٠] (إِلاَّ مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ (١٠))

(إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ). الخطف : الاختلاس. والمراد اختلاس كلام الملائكة مسارقة ، ولذلك عرّف الخطفة. والشهاب ما يرى [كأنّ] كوكبا انقضّ. واختلف في أنّ المرجوم يتأذّى به فيرجع أو يحترق به لكن قد يصيب الصاعد مرّة وقد لا يصيب ولذلك لا يرتدعون عنه رأسا. ولا يقال : إنّ الشيطان من النار فلا يحترق. لأنّه ليس من النار الصرف ؛ كما أنّ الإنسان ليس من التراب الصرف. مع أنّ النار القويّة إذا استولت على الضعيفة استهلكتها. (١)

عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله في حديث طويل قال : فصعد جبرئيل وصعدت معه إلى سماء الدنيا وعليها ملك يقال له إسماعيل وهو صاحب الخطفة الذي قال الله عزوجل : (إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ) وتحته سبعون ألف ملك ـ الحديث. (٢)

[١١] (فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمْ مَنْ خَلَقْنا إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ (١١))

(فَاسْتَفْتِهِمْ) يا محمّد. سؤال تقرير. (أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمْ مَنْ خَلَقْنا) من الملائكة والسموات والأرض؟ واللّازب : الملتصق من الطين الحرّ. (٣)

(فَاسْتَفْتِهِمْ) ؛ أي : استخبرهم. والضمير لمشركي مكّة أو لبني آدم. (أَمْ مَنْ خَلَقْنا) من الملائكة والسموات. (مِنْ طِينٍ لازِبٍ). فإنّه الفارق بينهم وبينها ، لا بينهم وبين من قبلهم كعاد وثمود. ولأنّ المراد إثبات المعاد و [ردّ] استحالته والأمر فيه بالإضافة إليهم وإلى من قبلهم سواء. (٤)

[١٢] (بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ (١٢))

__________________

(١) تفسير البيضاويّ ٢ / ٢٩٠ ـ ٢٩١.

(٢) تفسير القمّيّ ٢ / ٤ ـ ٥.

(٣) مجمع البيان ٨ / ٦٨٦.

(٤) تفسير البيضاويّ ٢ / ٢٩١. قوله : (فإنه الفارق) ـ الخ ـ ردّ على من فسّر «أَمْ مَنْ خَلَقْنا» بالأمم الماضية.

٢٠٤

(بَلْ عَجِبْتَ) من قدرة الله وإنكارهم البعث. (وَيَسْخَرُونَ) من تعجّبك وتقريرك للبعث. وقرأ حمزة بالضمّ. أي : بلغ كمال قدرتي وكثرة خلائقي أن تعجّبت منها وهؤلاء لجهلهم يسخرون منها. أو : عجبت من [أن] ينكر البعث ممّن هذه أفعاله وهم يسخرون ممّن يجوّزه. (١)

(بَلْ عَجِبْتَ) من تكذيبهم إيّاك وهم يسخرون من تعجّبك. ومن ضمّ التاء ، فالمراد أنّه سبحانه أمر نبيّه أن يخبر عن نفسه بأنّه عجب من هذا القرآن حين أعطيه وسخر منه أهل الضلالة. وقيل : (يَسْخَرُونَ) ؛ أي : يهزؤون بدعائك إيّاهم إلى التوحيد. (٢)

[١٣] (وَإِذا ذُكِّرُوا لا يَذْكُرُونَ (١٣))

(وَإِذا ذُكِّرُوا) ؛ أي : إذا وعظوا بالقرآن ، لا ينتفعون بالقرآن. (٣)

[١٤ ـ ١٥] (وَإِذا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ (١٤) وَقالُوا إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ (١٥))

(آيَةً) من آيات الله ومعجزة مثل انشقاق القمر وغيرها ، يستهزؤون. وقيل : معناه يستدعي بعضهم بعضا إلى إظهار السخريّة. (وَقالُوا) لتلك الآية : ما هذا إلّا سحر ظاهر. (٤)

[١٦] (أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (١٦))

(أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ) ؛ أي كيف نبعث بعد ما صرنا ترابا؟ (٥)

(أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ). ابن عامر بطرح الهمزة الأولى ، والكسائيّ بطرح الثانية. (٦)

[١٧] (أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ (١٧))

__________________

(١) تفسير البيضاويّ ٢ / ٢٩١.

(٢) مجمع البيان ٨ / ٦٨٦.

(٣) مجمع البيان ٨ / ٦٨٧.

(٤) مجمع البيان ٨ / ٦٨٧.

(٥) مجمع البيان ٨ / ٦٨٧.

(٦) تفسير البيضاويّ ٢ / ٢٩١.

٢٠٥

(أَوَآباؤُنَا) ؛ أي : يبعث آباؤنا؟ (١)

(أَوَآباؤُنَا). نافع بسكون الواو. (٢)

[١٨] (قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ داخِرُونَ (١٨))

(قُلْ نَعَمْ) ؛ أي : تعادون وأنتم صاغرون أشدّ الصغار. (٣)

[١٩ ـ ٢٠] (فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ فَإِذا هُمْ يَنْظُرُونَ (١٩) وَقالُوا يا وَيْلَنا هذا يَوْمُ الدِّينِ (٢٠))

(فَإِنَّما هِيَ) ؛ أي : قصّة البعث (زَجْرَةٌ واحِدَةٌ) ؛ أي : صيحة واحدة من إسرافيل. وهي نفخة البعث. (فَإِذا هُمْ يَنْظُرُونَ) إلى البعث ، أو إلى العذاب ويقولون معترفين بالعصيان : (يا وَيْلَنا) من العذاب. وهي كلمة يقولها القائل عند الوقوع في التهلكة ، مثل : يا حسرتنا. (يَوْمُ الدِّينِ) ؛ أي : الجزاء والحساب. (٤)

[٢١] (هذا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (٢١))

(هذا يَوْمُ الْفَصْلِ) ؛ أي : تمييز الحقّ من الباطل. يعرفوه كلّهم بدخول المطيع الجنّة والعاصي النار. (الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ). هذا كلام بعضهم لبعض. وقيل : بل هو كلام الملائكة. (٥)

[٢٢ ـ ٢٣] (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ وَما كانُوا يَعْبُدُونَ (٢٢) مِنْ دُونِ اللهِ فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ (٢٣))

(احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا). كلامه سبحانه وأمر للملائكة بأن يحشروا الظالمين لأنفسهم

__________________

(١) مجمع البيان ٨ / ٦٨٧.

(٢) تفسير البيضاويّ ٢ / ٢٩١.

(٣) مجمع البيان ٨ / ٦٨٧.

(٤) مجمع البيان ٨ / ٦٨٧.

(٥) مجمع البيان ٨ / ٦٨٨.

٢٠٦

ـ بالمعاصي ـ أو الناس. (وَأَزْواجَهُمْ) ؛ أي : أشباههم ، كأن يحشر الزاني مع الزاني والشارب مع الشارب. وقيل : وأشياعهم من الكفّار. وقيل : أزواجهم المشركات. (فَاهْدُوهُمْ). على سبيل التهكّم ، من حيث كان بدلا عن الهداية إلى الجنّة. (١)

(احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا) قال : الذين ظلموا آل محمّد. (وَأَزْواجَهُمْ). قال : أشباههم. (فَاهْدُوهُمْ). يقول : ادعوهم إلى طريق الجحيم. (٢)

[٢٤] (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ (٢٤))

(وَقِفُوهُمْ) ؛ أي : احبسوهم عن دخول الجنّة حتّى يسألوا عمّا دعوا إليه من البدع أو عن أعمالهم وخطاياهم. وقيل : عن ولاية عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام. (٣)

(إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ). قال : عن ولاية عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام. (٤)

عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا كان يوم القيامة وينصب الصراط على جهنّم ، لم يجز عليه إلّا من معه جواز فيه [ولاية] عليّ بن أبي طالب. وذلك قوله تعالى : (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ). يعني عن ولاية عليّ بن أبي طالب. (٥)

عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا كان يوم القيامة ، أمر الله مالكا أن يسعّر النيران السبع ويأمر رضوان يزخرف الجنان الثمان ويقول : يا ميكائيل ، مدّ الصراط على متن جهنّم. ويقول : يا جبرئيل ، انصب ميزان العدل تحت العرش. ويقول : يا محمّد ، قرّب أمّتك للحساب. ثمّ يأمر الله أن يعقد على الصراط سبع قناطر طول كلّ قنطرة سبعة عشر ألف فرسخ وعلى كلّ قنطرة سبعون ألف ملك يسألون هذه الأمّة على القنطرة الأولى عن [ولاية] أمير المؤمنين وأهل بيته عليهم‌السلام. فمن أتى بها ، جاز القنطرة الأولى كالبرق الخاطف. ومن لا يحبّ أهل بيته ، سقط على أمّ رأسه في قعر جهنّم ولو كان معه من أعمال البرّ عمل سبعين صدّيقا. (٦)

__________________

(١) مجمع البيان ٨ / ٦٨٨.

(٢) تفسير القمّيّ ٢ / ٢٢٢.

(٣) مجمع البيان ٨ / ٦٨٨.

(٤) تفسير القمّيّ ٢ / ٢٢٢.

(٥) أمالي الطوسيّ ١ / ٢٩٦.

(٦) تأويل الآيات ٢ / ٤٩٣ ـ ٤٩٤.

٢٠٧

[٢٥] (ما لَكُمْ لا تَناصَرُونَ (٢٥))

(لا تَناصَرُونَ) ؛ أي : لا ينصر بعضكم بعضا في دفع العذاب. (١)

[٢٦] (بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ (٢٦))

(مُسْتَسْلِمُونَ) ؛ أي : منقادون خاضعون. (٢)

[٢٧] (وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ (٢٧))

(يَتَساءَلُونَ) ؛ أي : يقبل كلّ واحد على صاحبه الذي أغواه فيقول على وجه التعنيف : لم غررتني؟ ويقول ذلك : لم قبلت منّي؟ وقيل : إنّ المتبوع والأتباع يتلاومون ويتخاصمون. (٣)

[٢٨] (قالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ (٢٨))

(قالُوا) ـ أي الكفّار لإخوانهم ـ : إنّكم كنتم تأتوننا من جهة النصيحة واليمن والبركة. فلذلك أقررنا لكم. وقيل : اليمين هنا بعنى الدين. أي : تروننا أنّ الحقّ والدين ما تضلّوننا به. وقيل : معناه : كنتم تأتوننا من قبل القوّة والقدرة فتخدعوننا من أقوى الوجوه. (٤)

(تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ). يعني فلانا وفلانا. (٥)

(عَنِ الْيَمِينِ) ؛ أي : عن القوّة والقهر فتقسروننا على الضلال. أو : عن الحلف. فإنّهم كانوا يحلفون لهم أنّهم على الحقّ. (٦)

[٢٩] (قالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (٢٩))

__________________

(١) مجمع البيان ٨ / ٦٨٨.

(٢) مجمع البيان ٨ / ٦٨٨.

(٣) مجمع البيان ٨ / ٦٨٩.

(٤) مجمع البيان ٨ / ٦٨٩.

(٥) تفسير القمّيّ ٢ / ٢٢٢.

(٦) تفسير البيضاويّ ٢ / ٢٩٢.

٢٠٨

(قالُوا) في جواب ذلك : ليس الأمركما قلتم ، بل لم تكونوا مصدّقين بالله. (١)

[٣٠] (وَما كانَ لَنا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بَلْ كُنْتُمْ قَوْماً طاغِينَ (٣٠))

(مِنْ سُلْطانٍ) ؛ أي : قوّة وقدرة نخبركم على الكفر. (طاغِينَ) ؛ أي : متجاوزين الحدّ إلى أفحش الظلم. (٢)

[٣١ ـ ٣٢] (فَحَقَّ عَلَيْنا قَوْلُ رَبِّنا إِنَّا لَذائِقُونَ (٣١) فَأَغْوَيْناكُمْ إِنَّا كُنَّا غاوِينَ (٣٢))

(فَحَقَّ عَلَيْنا). حكاية عن الكفّار الذين قالوا : (وَما كانَ لَنا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ) ثمّ قالوا : (فَحَقَّ عَلَيْنا قَوْلُ رَبِّنا) بأنّا لا نؤمن ونموت على الكفر ، أو وجب علينا العذاب الذي نستحقّه على الكفر والإغواء. (لَذائِقُونَ) العذاب كالمطعوم. ثمّ يعترفون بأنّهم أغووهم بأن قالوا : (فَأَغْوَيْناكُمْ) ؛ أي : دعوناكم إلى الغيّ. (كُنَّا غاوِينَ) ؛ أي : داخلين في الضلالة. (٣)

[٣٣] (فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ (٣٣))

(مُشْتَرِكُونَ). أي الأتباع والمتبوعون. لم ينفعهم ذلك التخاصم. (٤)

[٣٤ ـ ٣٦] (إِنَّا كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ (٣٤) إِنَّهُمْ كانُوا إِذا قِيلَ لَهُمْ لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ يَسْتَكْبِرُونَ (٣٥) وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتارِكُوا آلِهَتِنا لِشاعِرٍ مَجْنُونٍ (٣٦))

(كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ) الذين جعلوا لله شركاء. أو : مثل ما فعلنا بهؤلاء نفعل بجميع المجرمين. وإنّما فعل ذلك بهم من أجل (إِنَّهُمْ كانُوا إِذا قِيلَ لَهُمْ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ يَسْتَكْبِرُونَ) عن قبول ذلك. [(وَيَقُولُونَ ...) ؛ أي : يأنفون عن هذه المقالة ... ويقولون : لا ندع عبادة الأصنام](لِشاعِرٍ مَجْنُونٍ) ؛ أي : لقوله ولأنّه يدعو إلى خلافها. يعنون النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله. (٥)

__________________

(١) مجمع البيان ٨ / ٦٨٩.

(٢) مجمع البيان ٨ / ٦٨٩.

(٣) مجمع البيان ٨ / ٦٨٩ ـ ٦٩٠.

(٤) مجمع البيان ٨ / ٦٩٠.

(٥) مجمع البيان ٨ / ٦٩٠.

٢٠٩

[٣٧] (بَلْ جاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ (٣٧))

(بَلْ جاءَ بِالْحَقِّ). كذّبهم الله بأنّه ليس بشاعر ولا مجنون ولكنّه أتى بالدين الحقّ وحقّق ما أتى به المرسلون من بشاراتهم أو أتى بمثل ما أتوا به من الدعاء إلى التوحيد. (١)

[٣٨] (إِنَّكُمْ لَذائِقُوا الْعَذابِ الْأَلِيمِ (٣٨))

ثمّ خاطب الكفّار فقال : (إِنَّكُمْ) أيّها المشركون (لَذائِقُوا الْعَذابِ) على كفركم ونسبتكم إيّاه إلى الشعر والجنون. (٢)

[٣٩ ـ ٤٠] (وَما تُجْزَوْنَ إِلاَّ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٣٩) إِلاَّ عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ (٤٠))

(إِلَّا عِبادَ اللهِ). استثناء منقطع إلّا أن يكون الضمير في (تُجْزَوْنَ) لجميع المكلّفين فيكون استثناؤهم عنه باعتبار المماثلة ، فإنّ ثوابهم مضاعف والمنقطع أيضا بهذا الاعتبار. (٣)

(إِلَّا عِبادَ اللهِ). فإنّهم لا يذوقون العذاب. (٤)

[٤١ ـ ٤٤] (أُولئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ (٤١) فَواكِهُ وَهُمْ مُكْرَمُونَ (٤٢) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (٤٣) عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ (٤٤))

(رِزْقٌ مَعْلُومٌ) ؛ أي : كلّ وقت شيء معلوم مقدّر. وفسّر ذلك [الرزق بأن قال :](فَواكِهُ) يتفكّهون بها ويتنعّمون بالتصرّف فيها ، وهم مع ذلك معظّمون مبجّلون على سرر يستمتع بعضهم بالنظر إلى وجوه بعض ولا يرى بعضهم إلى قفا بعض. (٥)

(رِزْقٌ مَعْلُومٌ) خصائصه من الدوام وتمحّض اللّذّة. ولذلك فسّره بقوله : (فَواكِهُ). فإنّ الفاكهة إنّما تقصد للتلذّذ دون التغذّي والقوت بالعكس. (وَهُمْ مُكْرَمُونَ) في نيله يصل إليهم من غير تعب ولا سؤال كما عليه رزق الدنيا. (فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ) ؛ أي : ليس فيها إلّا

__________________

(١) مجمع البيان ٨ / ٦٩٠.

(٢) مجمع البيان ٨ / ٦٩٠.

(٣) تفسير البيضاويّ ٢ / ٢٩٣.

(٤) مجمع البيان ٨ / ٦٩٠.

(٥) مجمع البيان ٨ / ٦٩١ ـ ٦٩٢.

٢١٠

النعيم. وهو ظرف. (١)

(فَواكِهُ). فسّر الرزق المعلوم بالفواكه وهي كلّ ما يتلذّذ به لا يتقوّت لحفظ الصحّة. يعني أنّ رزقهم كلّه فواكه ، لأنّهم مستغنون من حفظ الصحّة بالأقوات ، بأنّهم أجسام محكمة مخلوقة للأبد ، فكلّ ما يأكلونه على سبيل التلذّذ. وقيل : معلوم الوقت ؛ كقوله : (وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا)(٢). (٣)

عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله حاكيا [حال] أهل الجنّة : وأمّا قوله : (أُولئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ) قال : يعلمه الخدّام فيأتون به أولياء الله قبل أن يسألوهم إيّاه. وأمّا قوله : (فَواكِهُ وَهُمْ مُكْرَمُونَ) قال : لا يشتهون شيئا في الجنّة إلّا أكرموا به. (٤)

[٤٥] (يُطافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (٤٥))

(بِكَأْسٍ) ؛ أي : إناء فيه خمر. (مَعِينٍ) ؛ أي : شراب معين أو نهر معين ؛ أي : ظاهر للعيون أو خارج من العيون. وهو صفة الماء وصف به خمر الجنّة لأنّها تجري كالماء. (٥)

(مِنْ مَعِينٍ) ؛ أي : شراب معين. أو : من نهر معين ، وهو الجاري على وجه الأرض الظاهر للعيون. وصف بما يوصف به الماء لأنّه يجري في الجنّة في أنهار كما يجري الماء. قال الله تعالى : (وَأَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ)(٦). (٧)

(بِكَأْسٍ). وهو الإناء بما فيه من الشراب. (مِنْ مَعِينٍ) ؛ أي : من خمر جارية فيها أنهار ظاهرة العيون. وقيل : شديدة الجري. (٨)

[٤٦] (بَيْضاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ (٤٦))

(بَيْضاءَ). يعني خمر الجنّة من جهة الصفا واللّطافة والنوريّة. وخمر الجنّة أشدّ بياضا

__________________

(١) تفسير البيضاويّ ٢ / ٢٩٣.

(٢) مريم (١٩) / ٦٢.

(٣) الكشّاف ٤ / ٤٢.

(٤) الكافي ٨ / ١٠٠ ، ح ٦٩.

(٥) تفسير البيضاويّ ٢ / ٢٩٣ ـ ٢٩٤.

(٦) محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله (٤٧) / ١٥.

(٧) الكشّاف ٤ / ٤٢.

(٨) مجمع البيان ٨ / ٦٩٢.

٢١١

من اللّبن. وفي قراءة أبيّ (١) : (صَفْراءُ). فيحتمل أن يكون بيضاء الكأس صفراء اللّون. (لَذَّةٍ) ؛ أي : ليس فيها مرارة ولا كراهة بل لذيذة. (٢)

(بَيْضاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ) صفتان للكأس. ووصفها بلذّة إمّا للمبالغة ، أو لأنّها تأنيث لذّ بمعنى لذيذ كطبّ. (٣)

[٤٧] (لا فِيها غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ (٤٧))

أهل الكوفة غير عاصم : (يُنْزَفُونَ) بكسر الزاء. يجوز أن يريد به : لا يسكرون عن شربها. ويجوز أن يريد : لا ينفد ذلك عندهم كما ينفد شراب أهل الدنيا. (٤)

(لا فِيها غَوْلٌ) ؛ أي : لا تغتال عقولهم فتذهب بها ولا تصيبهم منها وجع في البطن ولا في الرأس. (يُنْزَفُونَ) ؛ أي : يسكرون. (٥)

(يُنْزَفُونَ). على البناء للمفعول. نزف الشارب ، إذا ذهب عقله. ويقال للسكران نزيف ومنزوف. (٦)

[٤٨] (وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ عِينٌ (٤٨))

(قاصِراتُ الطَّرْفِ) : قصرن طرفهنّ على أزواجهنّ فلا يرون غيرهنّ لحبّهنّ إيّاهم. وقيل : معناه : لا يفتحن أعينهنّ دلالا وغنجا. (عِينٌ) ؛ أي : واسعات العيون. أو : الشديدة بياض العين الشديدة سوادها. (٧)

[٤٩] (كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ (٤٩))

(بَيْضٌ مَكْنُونٌ). شبّههنّ ببيض النعام مكنون بالريش من الغبار والريح. وقيل : شبّههنّ

__________________

(١) المصدر : ابن مسعود.

(٢) مجمع البيان ٨ / ٦٩٢.

(٣) تفسير البيضاويّ ٢ / ٢٩٤.

(٤) مجمع البيان ٨ / ٦٩١.

(٥) مجمع البيان ٨ / ٦٩٢.

(٦) الكشّاف ٤ / ٤٣.

(٧) مجمع البيان ٨ / ٦٩٢.

٢١٢

ببطن البيض قبل أن يقشر وقبل أن تمسّه الأيدي. والمكنون : المصون. (١)

[٥٠] (فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ (٥٠))

(فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ). معطوف على (يُطافُ عَلَيْهِمْ). أي : يشربون فيتحادثون على الشراب. قال :

وما بقيت من اللّذّات إلّا

أحاديث الكرام على المدام (٢)

(يَتَساءَلُونَ). يعني أهل الجنّة يسأل بعضهم بعضا عن أحوالهم من حين بعثوا إلى أن دخلوا الجنّة فيخبر كلّ صاحبه بإنعام الله عليه. (٣)

[٥١ ـ ٥٢] (قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كانَ لِي قَرِينٌ (٥١) يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ (٥٢))

(قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ). نزلت في رجل تصدّق بماله لوجه الله فاحتاج فاستجدى بعض إخوانه. فقال : وأين مالك؟ قال : تصدّقت به ليعوضني الله في الآخرة خيرا منه. فقال : أإنّك لمن المصدّقين بيوم الدين؟ أو : من المصدّقين لطلب الثواب؟ والله لا أعطيك شيئا! (٤)

(قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ) ؛ أي : من أهل الجنّة. (لِي قَرِينٌ) في دار الدنيا. أي : صاحب يختصّ بي. فإمّا من الإنس على قول ابن عبّاس ، أو من الشياطين على قول مجاهد. (يَقُولُ) لي على وجه الإنكار عليّ : (أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ) بيوم الدين؟ (٥)

[٥٣] (أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَدِينُونَ (٥٣))

(أَإِذا مِتْنا). الاستفهام هنا على وجه الإنكار. (لَمَدِينُونَ) ؛ أي : مجزيّون محاسبون. من قولهم : كما تدين تدان. والمعنى : انّ ذلك القرين كان يقول لي في الدنيا على طريق الاستبعاد : أنبعث بعد أن صرنا ترابا ونجازى على أعمالنا؟ يعني أنّ هذا لا يكون. (٦)

__________________

(١) مجمع البيان ٨ / ٦٩٢.

(٢) الكشّاف ٤ / ٤٤.

(٣) مجمع البيان ٨ / ٦٩٢.

(٤) الكشّاف ٤ / ٤٤.

(٥) مجمع البيان ٨ / ٦٩٣.

(٦) مجمع البيان ٨ / ٦٩٣.

٢١٣

[٥٤ ـ ٥٥] (قالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ (٥٤) فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَواءِ الْجَحِيمِ (٥٥))

(قالَ). أي هذا المؤمن لإخوانه في الجنّة. (هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ) على موضع من الجنّة نرى منه هذا القرين؟ أي : هل تؤثرون أن تروا مكان هذا القرين في النار؟ وفي الكلام حذف. أي : فيقولون له : نعم ؛ اطّلع أنت. فأنت أعرف بصاحبك. لأنّ الله جعل لأهل الجنّة كوّة ينظرون منها إلى النار. (فَاطَّلَعَ) هذا المؤمن فرأى قرينه في وسط النار. (١)

[٥٦] (قالَ تَاللهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ (٥٦))

(قالَ) له المؤمن : (تَاللهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ). إن هذه المخفّفة من المثقّلة. أقسم بالله على وجه التعجّب : انّك كدت لتهلكني بما دعوتني إليه كهلاك المتردّي من شاهق. ومنه قوله : (وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ إِذا تَرَدَّى)(٢) [أي : تردّى] في النار. (٣)

[٥٧] (وَلَوْ لا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (٥٧))

(وَلَوْ لا نِعْمَةُ رَبِّي) عليّ بالعصمة والهداية حتّى آمنت (لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ) معك في النار. ولا يستعمل أحضر مطلقا إلّا في الشرّ. ولو لا أن عرّفه الله إيّاه لم يعرفه لأنّه قد تغيّر بشره ولونه. (٤)

[٥٨ ـ ٦٠] (أَفَما نَحْنُ بِمَيِّتِينَ (٥٨) إِلاَّ مَوْتَتَنَا الْأُولى وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (٥٩) إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٦٠))

(أَفَما نَحْنُ بِمَيِّتِينَ). معناه أنّ هذا المؤمن يقول لهذا القرين على وجه التوبيخ : أليس كنت تقول إنّا لا نموت إلّا الموتة التي تكون في الدنيا ولا نعذّب؟ فقد ظهر الأمر بخلاف ذلك. وقيل : إنّ هذا من قول أهل الجنّة بعضهم لبعض على وجه [إظهار] السرور بدوام نعيم الجنّة.

__________________

(١) مجمع البيان ٨ / ٦٩٣ ـ ٦٩٤.

(٢) اللّيل (٩٢) / ١١.

(٣) مجمع البيان ٨ / ٦٩٤.

(٤) مجمع البيان ٨ / ٦٩٤.

٢١٤

ولهذا عقّبه بقوله : (إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ). معناه : أفما نحن بميّتين في هذه الجنّة إلّا موتتنا التي كانت في الدنيا وما نحن بمعذّبين كما وعدنا الله؟ ويريدون به التحقيق لا الشكّ. وإنّما قالوا هذا لأنّ لهم في ذلك سرورا مجدّدا وفرحا مضاعفا وإن كانوا قد عرفوا أنّهم سيخلدون في الجنّة. وهذا كما أنّ الرجل يعطى المال الكثير فيقول مستعجبا : كلّ هذا المال لي؟ وهو يعلم أنّ ذلك له. (١)

عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : إذا دخل أهل الجنّة الجنّة وأهل النار النار ، جيء بالموت فيذبح كالكبش بين الجنّة والنار. ثمّ يقال : خلود فلا موت أبدا. فيقول أهل الجنّة : (أَفَما نَحْنُ بِمَيِّتِينَ إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولى). (٢)

احتجّ نفاة عذاب القبر بقوله : (إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولى) فإنّه يدلّ على أنّها موتة واحدة ، ولو حصلت الحياة في القبر ، لكان الموت حاصلا مرّتين. وأجيب بأنّ المراد بالموتة الأولى كلّ ما يقع في الدنيا. (٣)

[٦١] (لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ (٦١))

ثمّ قال سبحانه في تمام الحكاية عن قول أهل الجنّة : (لِمِثْلِ هذا) ؛ أي : لمثل هذا الثواب (فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ). (٤)

[٦٢ ـ ٦٣] (أَذلِكَ خَيْرٌ نُزُلاً أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ (٦٢) إِنَّا جَعَلْناها فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ (٦٣))

(أَذلِكَ خَيْرٌ نُزُلاً) ؛ أي : ذلك الذي ذكرناه من قرى أهل الجنّة وما أعدّ لهم خير في باب الأنزال ، وهو الطعام والغذاء التي تقيم الأبدان وتبقى عليه الأرواح. (شَجَرَةُ الزَّقُّومِ). زعم قطرب أنّ الزقّوم شجرة مرّة تكون بتهامة. وظاهر التلاوة يدلّ على أنّ العرب كانت لا تعرفها فلذلك فسّر بعد ذلك. وقيل : الزقّوم شجرة في النار يقتاتها أهل النار ثمرتها مرّة

__________________

(١) مجمع البيان ٨ / ٦٩٤.

(٢) تفسير القمّيّ ٢ / ٢٢٣.

(٣) تفسير النيسابوريّ ٢٣ / ٥٥.

(٤) مجمع البيان ٨ / ٦٩٤.

٢١٥

خشنة اللّمس منتنة الريح. روي : انّ قريشا لمّا سمعت هذه الآية قالت : ما نعرف هذه الشجرة ، فقيل : الزقّوم بكلام البربر التمر والزبد. فقال أبو جهل لجاريته : يا جارية ، زقّمينا. فأتته الجارية بتمر وزبد فقال لأصحابه : تزقّموا بهذا الذي يخوّفكم به محمّد فزعم أنّ النار تنبت الشجر والنار تحرق الشجر. فأنزل الله : (إِنَّا جَعَلْناها فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ) افتتنوا بها فكذّبوا بكونها. وقيل : أراد بالفتنة العذاب. أي : جعلناها عذابا للظّالمين ؛ أي : شدّة عذاب لهم. (١)

(الزَّقُّومِ) : شجرة ثمرها نزل أهل النار. وانتصاب (نُزُلاً) على التمييز. وفي ذكره دلالة على أنّ ما ذكر من النعيم بمنزلة ما يقام للنازل ولهم وراء ذلك ما يقصر [عنه] الأفهام. وكذلك الزقّوم لأهل النار. (فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ) : ابتلاء في الدنيا. فإنّهم لمّا رأوا أنّها في النار قالوا :

كيف ذلك والنار تحرق الشجر؟ ولم يعلموا بقدرة الله. (٢)

[٦٤] (إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (٦٤))

(إِنَّها) ؛ أي : إنّ الزقّوم شجرة تنبت في قعر جهنّم وأغصانها ترفع إلى دركاتها. (٣)

[٦٥] (طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ (٦٥))

(طَلْعُها) ؛ أي : حملها. مستعار من طلع التمر لمشاركتها في الشكل أو الطلوع من الشجر. (رُؤُسُ الشَّياطِينِ) في تناهي القبح والهول. وهو تشبيه بالمتخيّل كتشبيه الفائق بالحسن بالملك. وقيل : الشياطين حيّات هائلة قبيحة المنظر لها أعراف. (٤)

(رُؤُسُ الشَّياطِينِ). في التشبيه ثلاثة أوجه : انّ رؤوس الشياطين ثمرة يقال لها الأستن. وثانيها : انّ الشيطان جنس من الحيّات. فشبّه سبحانه طلع تلك الشجرة برؤوس تلك الحيّات. وثالثها : انّ قبح صور الشياطين متصوّر في النفوس. ولذلك يقولون لما يستقبحونه جدّا : كأنّه شيطان. فشبّه سبحانه طلع هذه الشجرة بما استقرّت بشاعته في

__________________

(١) مجمع البيان ٨ / ٦٩٥ ـ ٦٩٦.

(٢) تفسير البيضاويّ ٢ / ٢٩٥.

(٣) مجمع البيان ٨ / ٦٩٦.

(٤) تفسير البيضاويّ ٢ / ٢٩٥.

٢١٦

قلوب الناس. (١)

[٦٦] (فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْها فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ (٦٦))

روي : انّ الله تعالى يجوّعهم حتّى [ينسوا] عذاب النار من شدّة الجوع فيصرخون إلى مالك فيحملهم إلى تلك الشجرة ـ وفيهم أبو جهل ـ فيأكلون منها فتغلي بطونهم كغلي الحميم. فيستسقون [فيسقون] شربة من الماء الحارّ. فإذا قرّبوها من وجوههم ، شوّهت وجوههم. فذلك قوله : (يَشْوِي الْوُجُوهَ)(٢). (٣)

(فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ) لغلبة الجوع أو الجبر. (٤)

[٦٧] (ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْها لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ (٦٧))

(ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْها لَشَوْباً) ؛ أي : بعد ما شبعوا منها وغلبهم العطش وطال استسقاؤهم. ويجوز أن يكون (ثُمَّ) لما في شرابهم من مزيد الكراهة والبشاعة. (لَشَوْباً) ؛ أي : لشرابا من غسّاق أو من صديد مشوبا بماء حميم يقطع أمعاءهم يمزج ذلك الطعام بهذا الشراب. (٥)

[٦٨] (ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ (٦٨))

أي : مصيرهم إلى دركاتها أو إلى نفسها. فإنّ الزقّوم والحميم نزل يقدّم إليهم قبل وصولها. وقيل : الحميم خارج عنها يوردون إليه كما تورد الإبل إلى الماء ثمّ يردون إلى الجحيم. (٦)

[٦٩ ـ ٧٠] (إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آباءَهُمْ ضالِّينَ (٦٩) فَهُمْ عَلى آثارِهِمْ يُهْرَعُونَ (٧٠))

__________________

(١) مجمع البيان ٨ / ٦٩٦ ـ ٦٩٧.

(٢) الكهف (١٨) / ٢٩.

(٣) مجمع البيان ٨ / ٦٩٧.

(٤) تفسير البيضاويّ ٢ / ٢٩٥.

(٥) تفسير البيضاويّ ٢ / ٢٩٥.

(٦) تفسير البيضاويّ ٢ / ٢٩٦.

٢١٧

(إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آباءَهُمْ). تعليل لاستحقاقهم تلك الشدائد بتقليد الآباء في الضلال. (١)

(فَهُمْ عَلى آثارِهِمْ) في الضلال (يُهْرَعُونَ) ؛ أي يسرعون. وقيل : يعملون بمثل أعمالهم. (٢)

[٧١ ـ ٧٤] (وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ (٧١) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا فِيهِمْ مُنْذِرِينَ (٧٢) فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ (٧٣) إِلاَّ عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ (٧٤))

(وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ) ؛ أي : قبل هؤلاء الكفّار الذين في عصر النبيّ (أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ) من الأمم الماضية. وفيه دلالة على أنّ أهل الحقّ في كلّ زمان كانوا أقلّ من أهل الباطل. (٣)

(مُنْذِرِينَ) من الأنبياء والرسل. (عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ) من المعاندين للحقّ. (الْمُخْلَصِينَ) : الذين أخلصوا عبادتهم. (٤)

[٧٥ ـ ٧٦] (وَلَقَدْ نادانا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ (٧٥) وَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (٧٦))

(وَلَقَدْ نادانا نُوحٌ) بعد ما يئس من إيمان قومه ، لننصره عليهم. وذلك قوله : (أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ). (٥)(فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ) نحن لنوح في دعائه حيث أهلكنا قومه. وقيل : نعم المجيبون لمن دعانا. (مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ) ؛ أي المكروه من قومه. (٦)

[٧٧] (وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ (٧٧))

(هُمُ الْباقِينَ) بعد الغرق. فالناس كلّهم بعد نوح من ولد نوح. فالعرب والعجم من أولاد سام ، والترك ويأجوج ومأجوج من أولاد يافث ، والسودان من أولاد حام. قيل : لمّا خرج نوح من السفينة ، مات من كان معه من الرجال والنساء إلّا ولده ونساؤه. (٧)

__________________

(١) تفسير البيضاويّ ٢ / ٢٩٦.

(٢) مجمع البيان ٨ / ٦٩٨.

(٣) مجمع البيان ٨ / ٦٩٨ ـ ٦٩٩.

(٤) مجمع البيان ٨ / ٦٩٩.

(٥) القمر (٥٤) / ١٠.

(٦) مجمع البيان ٨ / ٦٩٩.

(٧) مجمع البيان ٨ / ٦٩٩.

٢١٨

[٧٨ ـ ٧٩] (وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (٧٨) سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ (٧٩))

(وَتَرَكْنا) ؛ أي : تركنا عليه ذكرا جميلا في أمّة محمّد أو إلى يوم القيامة. وذلك الذكر هو قوله : (سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ). أي : تركنا عليه هذا التسليم إلى يوم القيامة. (١)

(سَلامٌ). ممّا علّم أمير المؤمنين أصحابه من الأربعمائة : من خاف منكم العقرب ، فليقرأ هذه الآيات : (سَلامٌ عَلى نُوحٍ) إلى : (الْمُؤْمِنِينَ). (٢)

[٨٠] (إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٨٠))

(نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ). أي لإحسانه. أو كلّ محسن ، كما فعلنا بنوح. (٣)

[٨١] (إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (٨١))

(إِنَّهُ) ؛ أي : نوح. (٤)

[٨٢] (ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ (٨٢))

(الْآخَرِينَ) ؛ أي : من لم يؤمن به. والوجه في اتّصال قصّة نوح والأنبياء عليهم‌السلام بما قبلها تسلية النبيّ في كفر قومه بأنّ حالهم معه شبيهة بحال من تقدّم من الأمم مع أنبيائهم وتحذير القوم عن سلوك مثل طريقتهم. (٥)

[٨٣] (وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ (٨٣))

(وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ) ؛ أي : شيعة نوح لإبراهيم. لأنّه كان على منهاجه وسنّته في التوحيد. وقيل : معناه : وإنّ من شيعة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله لإبراهيم. (٦)

__________________

(١) مجمع البيان ٨ / ٦٩٩.

(٢) الخصال ٢ / ٦١٩.

(٣) مجمع البيان ٨ / ٦٩٩.

(٤) مجمع البيان ٨ / ٦٩٩.

(٥) مجمع البيان ٨ / ٦٩٩.

(٦) مجمع البيان ٨ / ٧٠١.

٢١٩

عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ) ؛ أي : من شيعة عليّ عليه‌السلام (لَإِبْراهِيمَ). (١)

(وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ). لا يبعد اتّفاق شرعهما في الفروع أو غالبا. وكان بين نوح وإبراهيم ألفان وستّمائة وأربعون سنة. وكان بينهما نبيّان هود وصالح. (٢)

عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : ليهنئكم الاسم. قلت : وما هو؟ قال : الشيعة. قلت : إنّ الناس يعيّروننا بذلك! قال : أما تسمع قول الله سبحانه : (وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ) وقوله : (فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ)(٣)؟ (٤)

[٨٤] (إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (٨٤))

(إِذْ جاءَ رَبَّهُ) ؛ أي : حين صدّق الله وآمن به بقلب خالص من الشرك بريء من المعاصي. وعن أبي عبد الله عليه‌السلام : بقلب سليم عن كلّ ما سوى الله لم يتعلّق بشيء غيره. (٥)

(إِذْ جاءَ). متعلّق بما في الشيعة من معنى المشايعة ، أو بمحذوف أي اذكر. (سَلِيمٍ) من آفات القلوب. وقيل : حزين. من السليم بمعنى اللّديغ. ومعنى المجيء به ربّه إخلاصه له كأنّه جاءه به متحفا إيّاه. (٦)

وفي تفسير الثقة عليّ بن إبراهيم في قوله : (بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) قال : السليم من الشكّ. (٧)

[٨٥] (إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ما ذا تَعْبُدُونَ (٨٥))

(إِذْ قالَ لِأَبِيهِ). بدل من الأولى. أو ظرف لجاء أو سليم. (٨)

[٨٦] (أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللهِ تُرِيدُونَ (٨٦))

(أَإِفْكاً) ؛ أي : أتريدون آلهة دون الله إفكا؟ فقدّم المفعول للعناية ثمّ المفعول له لأنّ الأهمّ

__________________

(١) تأويل الآيات ٢ / ٤٩٥.

(٢) تفسير البيضاويّ ٢ / ٢٩٧.

(٣) القصص (٢٨) / ١٥.

(٤) تفسير القمّيّ ٢ / ٢٢٣.

(٥) مجمع البيان ٨ / ٧٠١.

(٦) تفسير البيضاويّ ٢ / ٢٩٧.

(٧) تفسير القمّيّ ٢ / ٢٢٣ ـ ٢٢٤.

(٨) تفسير البيضاويّ ٢ / ٢٩٧.

٢٢٠