عقود المرجان في تفسير القرآن - ج ٢

السيّد نعمة الله الجزائري

عقود المرجان في تفسير القرآن - ج ٢

المؤلف:

السيّد نعمة الله الجزائري


المحقق: مؤسّسة شمس الضحى الثقافيّة
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: إحياء الكتب الإسلاميّة
المطبعة: اميران
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-2592-27-2
ISBN الدورة:
978-964-2592-24-1

الصفحات: ٦٥٣

١

٢

٦.

سورة الأنعام

روى جابر عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من قرأ ثلاث آيات من أوّل سورة الأنعام إلى قوله : (ما تَكْسِبُونَ) وكّل الله به أربعين ألف ملك يكتبون له مثل عبادتهم إلى يوم القيامة ، وينزل ملك من السماء السابعة ومعه مرزبة من حديد ، فإذا أراد الشيطان أن يوسوس له أو يوحي في قلبه شيئا ، ضربه بها ضربة ـ الحديث. (١)

عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام قال : نزلت الأنعام جملة واحدة شيّعها سبعون ألف ملك لهم زجل بالتسبيح والتهليل والتكبير. فمن قرأها ، سبّحوا له إلى يوم القيامة. (٢)

[١] (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ)

(الْحَمْدُ لِلَّهِ). أخبر بأنّه تعالى حقيق بالحمد. ونبّه على أنّه المستحقّ له على هذه النعم الجسام حمد أو لم يحمد ، ليكون حجّة للّذين هم بربّهم يعدلون. وجمع السموات دون الأرض ـ وهي مثلهنّ ـ لأنّ طبقاتها مختلفة [بالذات] متفاوتة الآثار والحركات. وقدّمها لشرفها وعلوّ مكانها وتقدّم وجودها. (وَجَعَلَ الظُّلُماتِ). الجعل فيه معنى التضمين. ولذلك عبّر عن إحداث النور والظلمة بالجعل ، تنبيها على أنّهما لا يقومان بأنفسهما كما زعمت الثنويّة. وجمع الظلمات لأنّ المراد بالظلمة الضلال وبالنور الهدى والهدى واحد والضلال متعدّد.

__________________

(١) مجمع البيان ٤ / ٤٢١.

(٢) تفسير القمّيّ ١ / ١٩٣.

٣

وتقديمها لتقدّم الأعدام على الملكات. ومن زعم أنّ الظلمة عرض يضادّ النور ، احتجّ بهذه الآية ، ولم يعلم أنّ عدم الملكة ـ كالعمى ـ ليس صرف العدم حتّى لا يتعلّق به الجعل. [(ثُمَّ الَّذِينَ). عطف على قوله : (الْحَمْدُ لِلَّهِ) على معنى ... أو على قوله : (خَلَقَ) على معنى ....](بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ). تنبيه على أنّه خلق هذه الأشياء أسبابا لتكوّنهم وتعيّشهم ، فمن حقّه أن يحمد عليها ولا يكفر. والباء على الأوّل ، وهو أن يعطف (ثُمَّ الَّذِينَ) على (الْحَمْدُ لِلَّهِ) ، متعلّقة بكفروا وصلة يعدلون محذوفة ، أي : يعدلون عنه ، ليقع الإنكار على نفس الفعل. وعلى الثاني ، وهو عطفه على قوله : (خَلَقَ) ، متعلّقة بيعدلون. والمعنى : انّ الكفّار يعدلون بربّهم الأوثان ؛ أي : يسوّونها به. (١)

عن الصادق عليه‌السلام : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) ردّ على الدهريّة الذين قالوا : إنّ الأشياء لا بدء لها وهي قائمة. (٢)

(وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ). جعل يتعدّى إلى مفعول واحد ، إذا كان بمعنى أحدث وأنشأ ـ كقوله : (وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ) ـ وإلى مفعولين ، إذا كان بمعنى صيّر. والفرق بين الخلق والجعل أنّ الخلق فيه معنى التقدير وفي الجعل معنى التضمين ؛ كإنشاء شيء من شيء ، أو تصيير شيء شيئا ، أو نقله من مكان إلى مكان. ومن ذلك : (وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها). (٣)(وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ). لأنّ الظلمات من الأجرام المتكاثفة والنور من النار. وأمّا إفراد النور للقصد إلى الجنس ، أو لأنّ الظلمات كثيرة. لأنّه ما من جنس من أجناس الأجرام إلّا وله ظلّ وظلّه هو الظلمة ، بخلاف النور ؛ فإنّه من جنس واحد وهو النار. وقوله : (ثُمَّ الَّذِينَ) معطوف إمّا على قوله : (الْحَمْدُ لِلَّهِ) ، على معنى أنّ الله حقيق بالحمد على ما خلق ـ لأنّه ما خلقه إلّا نعمة ـ ثمّ الذين كفروا به يعدلون فيكفرون نعمته ، وإمّا على قوله : (خَلَقَ السَّماواتِ) على معنى أنّه خلق ما خلق ممّا لا يقدر عليه أحد سواه ، ثمّ هم يعدلون به ما

__________________

(١) تفسير البيضاويّ ١ / ٢٩٢.

(٢) الاحتجاج ١ / ١٤ ـ ٢٥.

(٣) الأعراف (٧) / ١٨٩.

٤

لا يقدر على شيء منه. وثمّ لاستبعاد أن يعدلوا به بعد وضوح آيات قدرته. وكذلك (ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ) استبعاد لأن يمتروا فيه بعد ما ثبت أنّه محييهم ومميتهم وباعثهم. (١)

(جَعَلَ الظُّلُماتِ). عن الصادق عليه‌السلام : (الظُّلُماتِ وَالنُّورَ) ردّ على الثنويّة الذين قالوا : النور والظلمة هما المدبّران. (ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) ردّ على مشركي العرب الذين قالوا : إنّ أوثاننا آلهة. (٢)

عن أبي عبد الله عليه‌السلام : إذا قرأت : (ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) أن تقول : كذب العادلون بالله. (٣)

[٢] (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ)

(هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ) ؛ أي : ابتدأ خلقكم. فإنّه المادّة الأولى وإنّ آدم الذي هو أصل البشر خلق منه. أو : خلق أباكم من طين. فحذف المضاف. (وَأَجَلٌ مُسَمًّى) ؛ أي : مثبت معيّن لا يقبل التغيير ولا مدخل لغيره فيه. (تَمْتَرُونَ). الامتراء : الشكّ. فالآية الأولى دليل التوحيد. فإنّ من قدر على خلق الموادّ وجمعها وإبداع الحياة فيها وإبقائها ما يشاء ، كان أقدر على جمع تلك الموادّ وإحيائها ثانيا. (٤)

(ثُمَّ قَضى أَجَلاً) : أجل الموت. (وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ) : أجل القيامة. وقيل : الأجل الأوّل ما بين أن يخلق إلى أن يموت. والثاني ما بين الموت والبعث وهو البرزخ. وقيل : الأوّل النوم. والثاني الموت. (٥)

عن السجّاد عليه‌السلام : خلق الله النبيّين من طينة علّيّين ، قلوبهم وأبدانهم. وخلق قلوب المؤمنين من تلك الطينة. وخلق أبدان المؤمنين من دون ذلك. وخلق الكفّار من طينة سجّين. فمزج بين تلك الطينتين. فمن هذا يلد المؤمن الكافر والكافر المؤمن. ومن هنا يصيب

__________________

(١) الكشّاف ٢ / ٣ ـ ٤.

(٢) الاحتجاج ١ / ١٤ ـ ٢٥.

(٣) تهذيب الأحكام ٢ / ٢٩٧ ، ح ٥١.

(٤) تفسير البيضاويّ ١ / ٢٩٢ ـ ٢٩٣.

(٥) الكشّاف ٢ / ٤.

٥

المؤمن السيّئة والكافر الحسنة. (١)

(أَجَلاً). عن أبي عبد الله عليه‌السلام : الأجل المقضيّ هو المحتوم. (٢)

(أَجَلاً). عن أبي عبد الله عليه‌السلام : الأجل الذي غير مسمّى موقوف يقدّم منه ما شاء ويؤخّر منه ما شاء. وأمّا الأجل المسمّى فهو الذي ينزل ليلة القدر وسمّي لملك الموت في تلك اللّيلة. وهو قوله : (فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ). (٣) والآخر له فيه المشيّة ؛ إن شاء قدّمه ، وإن شاء أخّره. (٤)

[٣] (وَهُوَ اللهُ فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ ما تَكْسِبُونَ)

(وَهُوَ اللهُ فِي السَّماواتِ) ؛ أي : هو المعروف بالإلهيّة أو المتوحّد بالإلهيّة فيهما. أو : هو الذي يقال له الله فيهما لا يشرك به في هذا الاسم. ويجوز أن يكون (اللهُ فِي السَّماواتِ) خبرا بعد خبر على معنى أنّه الله وأنّه في السموات والأرض. يعني أنّه عالم بما فيهما لا يخفى عليه شيء منه كأنّ ذاته فيهما. وقوله : (يَعْلَمُ سِرَّكُمْ) تقرير للمتوحّد بالإلهيّة. لأنّ الذي استوى في علمه السرّ والعلانية هو الله وحده. وكذلك إن جعلت (فِي السَّماواتِ) خبرا بعد خبر ؛ وإلّا فهو كلام مبتدأ بمعنى : هو يعلم سرّكم وجهركم ، أو خبر ثالث. (٥)

(وَهُوَ اللهُ). الضمير لله والله خبره. (فِي السَّماواتِ). متعلّق باسم الله. والمعنى : هو المستحقّ للعبادة فيهما لا غير. (٦)

(ما تَكْسِبُونَ). وهو ما يعرض في القلب ثمّ ينساه. (٧)

__________________

(١) الكافي ٢ / ٢ ، ح ١.

(٢) تفسير القمّيّ ١ / ١٩٤.

(٣) الأعراف (٧) / ٣٤.

(٤) تفسير العيّاشيّ ١ / ٣٥٤ ، ح ٥.

(٥) الكشّاف ٢ / ٥.

(٦) تفسير البيضاويّ ١ / ٢٩٣.

(٧) تفسير القمّيّ ٢ / ١٩٤. وفيه : (الكتمان ما عرض بقلبه ....) وفي كنز الدقائق عن القمّيّ : (والكسب ما ....) وهو الصحيح.

٦

(ما تَكْسِبُونَ) من خير أو شرّ. ولعلّه أريد بالسرّ والجهر ما يخفى وما يظهر من أحوال الأنفس ، وبالمكتسب أحوال الجوارح. (١)

[٤] (وَما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ)

(مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ). ومن الأولى مزيدة للاستغراق ، والثانية للتبعيض. أى : ما يظهر لهم دليل قطّ من الأدلّة ، أو معجزة من المعجزات ، أو آية من آيات القرآن. (مُعْرِضِينَ) ؛ أى : تاركين للنظر فيه غير ملتفتين إليه. (٢)

[٥] (فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْباءُ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ)

(كَذَّبُوا بِالْحَقِّ) ؛ يعنى : القرآن. وهو كالدليل على ما قبله على معنى : انّهم لمّا أعرضوا عن القرآن وكذّبوا به ـ وهو أعظم الآيات ـ فكيف لا يعرضون عن غيره؟ ولذلك رتّب عليه بالفاء. (أَنْباءُ ما كانُوا) ؛ أي : سيظهر لهم ما كانوا به يستهزئون عند نزول العذاب بهم في الدنيا والآخرة ، أو عند ظهور الإسلام وارتفاع أمره. (٣)

(أَنْباءُ ما كانُوا) ؛ أي : يظهر لهم عند نزول العذاب بهم أنّ القرآن ما كان موضع استهزاء. (٤)

[٦] (أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ ما لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّماءَ عَلَيْهِمْ مِدْراراً وَجَعَلْنَا الْأَنْهارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ)

(مِنْ قَرْنٍ) ؛ أي : من أهل زمان. والقرن مدّة أغلب أعمار الناس وهي سبعون سنة. وقيل : ثمانون. وقيل : القرن أهل عصر فيه نبيّ أو فائق في العلم ، قلّت المدّة أو كثرت. و

__________________

(١) تفسير البيضاويّ ١ / ٢٩٣.

(٢) تفسير البيضاويّ ١ / ٢٩٣.

(٣) تفسير البيضاويّ ١ / ٢٩٣.

(٤) الكشّاف ٢ / ٦.

٧

اشتقاقه من قرنت. (فِي الْأَرْضِ) ؛ أي : جعلنا لهم مكانا فيها. أو : قرّرناهم. أو : أعطيناهم من القوى والآلات ما تمكّنوا بها من أنواع التصرّفات. (ما لَمْ نُمَكِّنْ) : ما لم نجعل لكم في السعة وطول المقام يا أهل مكّة. أو : ما لم نعطكم من القوّة والسعة في المال والاستظهار بالعدد والأسباب. (فَأَهْلَكْناهُمْ). أي لم يغن ذلك عنهم شيئا. والمعنى أنّه تعالى كما قدر أن يهلك من قبلكم ـ كعاد وثمود ـ وينشئ مكانهم آخرين يعمر بهم بلاده ، قادر أن يفعل ذلك بكم. (١)

(مِدْراراً) ؛ أى : غزيرا دارّا. كقولهم : امرأة مذكار ، إذا كانت كثيرة الولادة للذكور. وكذلك مئناث في الإناث. (٢)

[٧] (وَلَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتاباً فِي قِرْطاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ)

(وَلَوْ نَزَّلْنا) ـ الآية. نزلت في النضر بن الحارث وعبد الله بن أميّة ونوفل بن خويلد. قالوا : يا محمّد ، لن نؤمن لك حتى تأتينا بكتاب من عند الله ومعه أربعة من الملائكة يشهدون عليه أنّه من عند الله وأنّك رسوله. أي : لو أنزلنا عليك كتابة في صحيفة. أراد بالكتاب المصدر ، وبالقرطاس الصحيفة. (فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ). لأنّ اليد أبلغ في الإحساس من المعاينة. ولذلك لم يقل : فعاينوه. يعني لاحتمال أن يقولوا : (إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا). (٣)(لَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ). يعني أنّه لو أتاهم الدليل مدركا بالحسّ ، لنسبوا ذلك إلى السحر ، لعظم عنادهم وقساوة قلوبهم. (٤)

(بِأَيْدِيهِمْ). تقييده بالأيدي لدفع التجوّز. فإنّه قد يتجوّز به للفحص ؛ كقوله : (وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ)(٥). (٦)

__________________

(١) تفسير البيضاويّ ١ / ٢٩٣ ـ ٢٩٤.

(٢) مجمع البيان ٤ / ٤٢٧.

(٣) الحجر (١٥) / ١٥.

(٤) مجمع البيان ٤ / ٤٢٨.

(٥) الجنّ (٧٢) / ٨.

(٦) تفسير البيضاويّ ١ / ٢٩٤.

٨

[٨] (وَقالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لا يُنْظَرُونَ)

(وَقالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ). عن العسكريّ عليه‌السلام قال : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يوما قاعدا بفناء الكعبة ، إذ قال له ابن أبي أميّة المخزوميّ : يا محمّد ، لقد ادّعيت أمرا هائلا وزعمت أنّك رسول الله ربّ العالمين. وما ينبغي أن يكون مثلك رسوله بشرا مثلنا. ولو كنت نبيّا ، لكان معك ملك يصدّقك ونشاهده. بل لو أراد الله أن يبعث إلينا رسولا نبيّا ، لكان ملكا لا بشرا مثلنا. ما أنت إلّا مسحورا. فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : اللهمّ أنت السامع لكلّ صوت. فأنزل عليه : (وَقالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ) ـ الآية. فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : أمّا قولك : لو كنت نبيّا ، لكان معك ملك يصدّقك أو لأرسل الله ملكا ، فالملك لا تشاهده هذه الأعيان. ولو شاهدتموه بأن يزاد في قوّة أبصاركم لقلتم : ليس هذا ملكا بل بشرا. لأنّه إنّما كان يظهر لكم بصورة البشر الذي ألفتموه لتفهموا مقالته. فكيف كنتم تعلمون صدق الملك وأنّ ما يقوله حقّ ـ الحديث. (١)

(لَقُضِيَ الْأَمْرُ) ؛ أي : أمر هلاكهم. (ثُمَّ لا يُنْظَرُونَ) بعد نزوله طرفة عين. إمّا لأنّهم إذا عاينوا الملك قد نزل على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في صورة ـ وهي آية لا شيء أبين منها ـ ثمّ لا يؤمنون ، لم يكن بدّ من إهلاكهم ، كما أهلك أصحاب المائدة. وإمّا لأنّه يزول الاختيار الذي هو قاعدة التكليف عند نزول الملك ، فيجب إهلاكهم. وإمّا لأنّهم إذا شاهدوا ملكا في صورته ، زهقت أرواحهم من هول ما يشاهدون. ومعنى ثمّ بعد ما بين الأمرين ؛ قضاء الأمر وعدم الإنظار. وجعل عدم الإنظار أشدّ من قضاء الأمر ، لأنّ مفاجأة الشدّة أشدّ من نفس الشدّة. (٢)

(الْأَمْرُ). قيل : معناه : لقامت الساعة. (٣)

(لَقُضِيَ الْأَمْرُ). جواب لقولهم وبيان لما هو المانع ممّا اقترحوه والخلل فيه. (لا يُنْظَرُونَ) بعد نزوله طرفة عين. (٤)

__________________

(١) الاحتجاج ١ / ٢٦ ـ ٣٠.

(٢) الكشّاف ٢ / ٧.

(٣) مجمع البيان ٤ / ٤٢٩.

(٤) تفسير البيضاويّ ١ / ٢٩٤.

٩

[٩] (وَلَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ)

(وَلَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً) ؛ أي : لو جعلنا الرسول ملكا كما اقترحوا. لأنّهم كانوا يقولون : لو لا أنزل على محمّد ملك. وتارة يقولون : (ما هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ). (١)(لَوْ شاءَ رَبُّنا لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً). (٢)(لَجَعَلْناهُ رَجُلاً) : لأنزلناه في صورة رجل ـ كما كان ينزل جبرئيل على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في أعمّ الأحوال في صورة دحية ـ لأنّهم لا يبقون على رؤية الملائكة على صورتهم. (وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ) ؛ أي : ولخلطنا عليهم ما يخلطون على أنفسهم حينئذ. فإنّهم يقولون إذا رأوا الملك في صورة الإنسان : هذا إنسان وليس بملك. فإن قال لهم : الدليل على أنّي ملك أنّي جئت بالقرآن المعجز بأنّي ملك لا بشر ، كذّبوه كما كذّبوا محمّدا. فإذا فعلوا ذلك ، خذلوا كما هم مخذولون الآن. فهو لبس الله عليهم. ويجوز أن يراد : وللبسنا عليهم حينئذ مثل ما يلبسون على أنفسهم الساعة في كفرهم بآيات الله البيّنة. (٣)

(وَلَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً). جواب ثان ، إن جعل الهاء للمطلوب. وإن جعلناه للرسول ، فهو جواب اقتراح. فإنّهم تارة يقولون : (لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ). وتارة يقولون : (لَوْ شاءَ رَبُّنا لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً). والمعنى : ولو جعلناه قرينا لك ملكا يعاينوه أو الرسول ملكا ، لمثّلناه رجلا ، لأنّ قوّة البشريّة لا تقوى على رؤية الملك في صورته. (٤)

(وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ). قال الزجّاج : كانوا هم يلبسون على ضعفتهم في أمر النبيّ عليه‌السلام ويقولون : إنّما هذا بشر مثلكم. فقال : لو أنزلنا ملكا فرأوا الملك رجلا ، لكان يلحقهم فيه من اللّبس مثل ما لحق ضعفتهم منهم. أي : فإنّما طلبوا حال لبس لا حال بيان. وأضاف اللّبس إلى نفسه لأنّه يقع عند إنزاله الملائكة. وقيل : معناه : ولو أنزلنا ملكا ، لما عرفوه إلّا بالتفكّر ، وهم لا يتفكّرون ، فيبقون في اللّبس الذي كانوا فيه. (٥)

__________________

(١) المؤمنون (٢٣) / ٢٤.

(٢) فصّلت (٤١) / ١٤.

(٣) الكشّاف ٢ / ٧ و ٨.

(٤) تفسير البيضاويّ ١ / ٢٩٤.

(٥) مجمع البيان ٤ / ٤٢٩.

١٠

[١٠] (وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ)

تسلية للرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله عمّا كان يلقى من قومه. (فَحاقَ) : فأحاط. (١)

(فَحاقَ) ؛ أي : فنزل بهم وبال استهزائهم. (٢)

(فَحاقَ بِالَّذِينَ) ؛ أي : فحاق بهم العذاب الذي كانوا يسخرون من وقوعه. (٣)

(ما كانُوا) ؛ أي : الشيء الذي كانوا به يستهزئون وهو الحقّ حيث أهلكوا من أجل الاستهزاء به. (٤)

[١١] (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ)

(ثُمَّ انْظُرُوا). فإن قلت : أيّ فرق بين قوله : (فَانْظُروا)(٥) وقوله : (ثُمَّ انْظُرُوا)؟ قلت : جعل النظر سببا عن السير في قوله : (فَانْظُروا). فكأنّه قيل : سيروا لأجل النظر ولا تسيروا سير الغافلين. وأمّا قوله : (سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا) فمعناه إباحة السير في الأرض للتجارة وغيرها من المنافع وإيجاب النظر في آثار الهالكين. ونبّه على ذلك بثمّ لتباعد ما بين الواجب والمباح. (٦)

(ثُمَّ انْظُرُوا) بالعين والقلب. (عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ). كانت باقية الآثار ، فإذا سافروا في الأرض رأوها. (٧)

[١٢] (قُلْ لِمَنْ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ)

__________________

(١) الكشّاف ٢ / ٨.

(٢) تفسير البيضاويّ ١ / ٢٩٤.

(٣) مجمع البيان ٤ / ٤٣٠.

(٤) الكشّاف ٢ / ٨.

(٥) آل عمران (٣) / ١٣٧ : «فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ».

(٦) الكشّاف ٢ / ٨.

(٧) مجمع البيان ٤ / ٤٣٠.

١١

(قُلْ لِمَنْ). سؤال تبكيت. و (قُلْ لِلَّهِ) تقرير لهم. أي : هو لله لا خلاف بيني وبينكم ولا تقدروا أن تضيفوا شيئا منه إلى غيره. (كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ) ؛ أي : أوجبها على ذاته في هدايتكم إلى معرفته ونصب الأدلّة لكم على توحيده بما أنتم مقرّون به من خلق السموات والأرض. (١)

(كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ) ؛ أي : التزمها على نفسه تفضّلا وإحسانا. والمراد بالرحمة ما يعمّ الدارين. (٢)

(لَيَجْمَعَنَّكُمْ). قيل : إنّه احتجاج على من أنكر البعث والنشور. يقول : ليجمعنّكم إلى يوم القيامة الذي كرهتموه ؛ أي : يجمع آخركم إلى أوّلكم قرنا بعد قرن إلى يوم القيامة وهو الذي لا ريب فيه. وقيل : معناه : ليجمعنّ هؤلاء المشركين إلى هذا اليوم الذي يكفرون به. وأمّا السؤال بأنّه كيف يحذّر المشركين بالبعث وهم لا يصدّقون به ، فالجواب : انّه جار مجرى الإلزام. وأيضا فإنّه تعالى إنّما ذكر ذلك عقيب الدليل. وأمّا نفي الريب عنه مع أنّ الكافرين مرتابون فيه ، فجوابه : انّ الحقّ حقّ وإن ارتاب فيه المبطل. وأيضا فإنّ الدلائل تزيل الشكّ والريب. (الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ) ؛ أي : أهلكوها بارتكاب الكفر. (فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) ؛ أي : لا يصدّقون بالحقّ. (٣)

(لَيَجْمَعَنَّكُمْ). استئناف وقسم للوعيد على إشراكهم وإغفالهم النظر. أو : ليجمعنّكم في القبور مبعوثين إلى يوم القيامة فيجازيكم على شرككم. أو : في يوم القيامة ، وإلى بمعنى في. وقيل : بدل من الرحمة بدل البعض. فإنّ من رحمته بعثه إيّاكم وإنعامه عليكم. (لا رَيْبَ فِيهِ) : في اليوم أو الجمع. (الَّذِينَ خَسِرُوا). أي بتضييع رأس مالهم وهو الفطرة الأصليّة والعقل السليم. وموضع الذين نصب على الذمّ ، أو رفع على الخبر ـ أي : وأنتم الذين أو على الابتداء والخبر (فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) والفاء للدلالة على أنّ عدم إيمانهم مسبّب عن خسرانهم.

__________________

(١) الكشّاف ٢ / ٨ ـ ٩.

(٢) تفسير البيضاويّ ١ / ٢٩٤.

(٣) مجمع البيان ٤ / ٤٣١.

١٢

فإنّ إبطال العقل باتّباع الحواسّ والوهم والانهماك في التقليد وإغفال النظر ، أدّى بهم إلى الإصرار على الكفر والامتناع عن الإيمان. (١)

(الَّذِينَ خَسِرُوا). فإن قلت : كيف جعل عدم إيمانهم مسبّبا عن خسرانهم والأمر على العكس؟ قلت : معناه : الذين خسروا أنفسهم في علم الله لاختيارهم الكفر ، فهم لا يؤمنون. (٢)

[١٣] (وَلَهُ ما سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)

(وَلَهُ ما سَكَنَ) ؛ أي : ما [سكن و] تحرّك. فاكتفى عنه بضدّه. وأمّا وجه ذكر الحركة والسكون من المخلوقات ، فلما فيهما من التنبيه على حدوث العالم وإثبات الصانع. لأنّ الحركة تحتاج إلى محرّك. (٣)

(ما سَكَنَ) ؛ أي : ما حلّ. من الحلول والسكون. أي خلقا وملكا. وذكر اللّيل والنهار والسموات والأرض فيما قبل ، لأنّ الأوّل يجمع المكان والثاني يجمع الزمان وهما ظرفان لكلّ موجود. (٤)

(ما سَكَنَ). من السكنى ، وتعديته [بفي] كما في قوله : (وَسَكَنْتُمْ فِي مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا). (٥) والمعنى ما اشتملا عليه. أو من السكون. أي : ما سكن فيهما أو تحرّك. فاكتفى بأحد الضدّين عن الآخر. (وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ). يجوز أن يكون وعيدا للمشركين على أقوالهم وأفعالهم. (٦)

[١٤] (قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)

__________________

(١) تفسير البيضاويّ ١ / ٢٩٤ ـ ٢٩٥.

(٢) الكشّاف ٢ / ٩.

(٣) مجمع البيان ٤ / ٤٣١ ـ ٤٣٢.

(٤) مجمع البيان ٤ / ٤٣١.

(٥) إبراهيم (١٤) / ٤٥.

(٦) تفسير البيضاويّ ١ / ٢٩٥.

١٣

(قُلْ أَغَيْرَ اللهِ). إنكار لاتّخاذ غير الله وليّا لا لاتّخاذ الوليّ. فلذلك قدّم وأولى الهمزة. والمراد بالوليّ المعبود. لأنّه ردّ لمن دعاه إلى الشرك. (فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) : مبدعهما. وعن ابن عبّاس : ما عرفت معنى الفاطر حتّى أتاني أعرابيّان يختصمان في بئر فقال أحدهما : أنا فطرتها ؛ أي : ابتدأتها. وجرّه على الصفة لله فإنّه بمعنى الماضي. (يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ) ؛ أي : يرزق ولا يرزق. (أَوَّلَ مَنْ). لأنّ النبيّ سابق أمّته في الدين. (وَلا تَكُونَنَّ) ؛ أي : قيل لي : ولا تكوننّ. ويجوز عطفه على قل. (١)

(وَلِيًّا) ؛ أي : مالكا ومولى. (أَغَيْرَ اللهِ). النزول : قيل : إنّ أهل مكّة قالوا : يا محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله تركت ملّة قومك وقد علمنا أنّه لا يحملك على ذلك إلّا الفقر. فإنّا نجمع لك من أموالنا حتّى تكون من أغنيائنا. فنزلت. (مَنْ أَسْلَمَ) : استسلم لأمر الله. (٢)

[١٥] (قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ)

(قُلْ إِنِّي أَخافُ). مبالغة أخرى في قطع أطماعهم ، وتعريض لهم بأنّهم عصاة مستوجبون للعذاب. والشرط معترض بين الفعل والمفعول به وجوابه محذوف دلّ عليه الجملة. (٣)

[١٦] (مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ)

(مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ) ؛ أي : يصرف العذاب عنه. وقرأ حمزة والكسائيّ : (يُصْرَفْ) على أنّ الضمير فيه لله ـ وقد قرئ بإظهاره ـ والمفعول به محذوف أو يومئذ بحذف المضاف. (فَقَدْ رَحِمَهُ) : نجاه وأنعم عليه. (وَذلِكَ) ؛ أي : الصرف والرحمة. (٤)

[١٧] (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)

__________________

(١) تفسير البيضاويّ ١ / ٢٩٥.

(٢) مجمع البيان ٤ / ٤٣٣.

(٣) تفسير البيضاويّ ١ / ٢٩٥.

(٤) تفسير البيضاويّ ١ / ٢٩٥.

١٤

(بِضُرٍّ) : ببليّة كمرض وفقر. (بِخَيْرٍ) : بنعمة كصحّة وغنى. (قَدِيرٌ) ، فكان قادرا على حفظه وإدامته ، فلا يقدر على دفعه غيره. كقوله : (فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ)(١). (٢)

[١٨] (وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ)

(فَوْقَ عِبادِهِ) : تصوير لقهره وعلوّه بالغلبة والقدرة. (الْحَكِيمُ) في أمره وتدبيره. (الْخَبِيرُ) بالعباد وخفايا أمورهم. (٣)

[١٩] (قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَإِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللهِ آلِهَةً أُخْرى قُلْ لا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ)

(قُلْ أَيُّ شَيْءٍ). نزلت حين قالت قريش : يا محمّد ، لقد سألنا عن اليهود والنصارى فزعموا أن ليس لك عندهم ذكر ولا صفة. فأرنا من يشهد لك أنّك رسول الله. والشيء يقع على كلّ موجود. (٤)

رواه عليّ بن إبراهيم في التفسير عن الباقر عليه‌السلام. (٥)

(قُلِ اللهُ شَهِيدٌ). يحتمل أن يكون تمام الجواب عند قوله : (قُلِ اللهُ) ـ بمعنى : الله اكبر شهادة ـ ثمّ ابتدأ : (شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) ؛ وأن يكون (اللهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) هو الجواب لدلالته على أنّ الله إذا كان هو الشهيد بينه وبينهم فأكبر شيء شهادة شهيد له. (وَمَنْ بَلَغَ). عطف على ضمير المخاطبين من أهل مكّة. أي : لأنذركم به وأنذر كلّ من بلغه القرآن من العرب والعجم. وقيل : من الثقلين. وقيل : من بلغه إلى يوم القيامة. (٦)

(شَهادَةً) ؛ أي : يشهد لي بالبلاغ وعليكم بالتكذيب. (وَمَنْ بَلَغَ). عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قال :

__________________

(١) يونس (١٠) / ١٠٧.

(٢) تفسير البيضاويّ ١ / ٢٩٥.

(٣) تفسير البيضاويّ ١ / ٢٩٦.

(٤) تفسير البيضاويّ ١ / ٢٩٦.

(٥) تفسير القمّيّ ١ / ١٩٥.

(٦) الكشّاف ٢ / ١١.

١٥

من بلغه أنّي أدعو إلى أن لا إله إلّا الله ، فقد بلغته الحجّة وقامت عليه. وفي تفسير العيّاشيّ قال أبو جعفر وأبو عبد الله عليهما‌السلام : معناه : من بلغ أن يكون إماما من آل محمّد عليهم‌السلام فهو ينذر بالقرآن كما أنذر رسول الله. وعلى هذا فيكون قوله : (وَمَنْ بَلَغَ) في موضع رفع عطفا على الضمير في أنذر. (وَأُوحِيَ) ؛ أي : أنزل حجّة على صدقي. (آلِهَةً أُخْرى) بعد قيام الحجّة بوحدانيّة الله تعالى. (١)

(قُلِ اللهُ) ؛ أي : الله أكبر شهادة. (أَإِنَّكُمْ). تقرير لهم مع إنكار واستبعاد. (قُلْ إِنَّما هُوَ إِلهٌ) ؛ أي : بل أشهد أن لا إله إلّا هو. (تُشْرِكُونَ). يعني الأصنام. (٢)

[٢٠] (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ)

(الَّذِينَ) : اليهود والنصارى. (يَعْرِفُونَهُ) ؛ أي : يعرفون رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بحليته ونعته الثابت في الكتابين معرفة خاصّة. (كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمُ) بحلاهم ونعوتهم لا يخفون عليهم ولا يلتبسون بغيرهم. وهذا استشهاد لأهل مكّة بمعرفة أهل الكتاب به وبصحّة نبوّته. (خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ) من المشركين ومن أهل الكتاب الجاحدين (فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) به. (٣)

(خَسِرُوا) من أهل الكتاب والمشركين. (لا يُؤْمِنُونَ). أي لتضييعهم ما به يكتسب الإيمان. (٤)

قيل لعبد الله بن سلام : إنّ الله أنزل على نبيّنا أنّ أهل الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم. فكيف هذه المعرفة؟ قال عبد الله بن سلام : نعرف نبيّ الله بالنعت الذي نعته الله. إذا رأيناه فيكم ، عرفناه كما يعرف أحدنا ابنه إذا رآه بين الغلمان. وأيم الله الذي يحلف به ابن سلام ، لأنا بمحمّد أشدّ معرفة منّي بابني. فقال له : كيف؟ قال عبد الله : عرفته بما نعته الله لنا في كتابنا فأشهد أنّه هو. فأمّا ابني فإنّي لا أدري ما أحدثت أمّه. قال : قد وفّقت وصدقت و

__________________

(١) مجمع البيان ٤ / ٤٣٦ ـ ٤٣٧.

(٢) تفسير البيضاويّ ١ / ٢٩٦.

(٣) الكشّاف ٢ / ١١ ـ ١٢.

(٤) تفسير البيضاويّ ١ / ٢٩٦.

١٦

أصبت. (١)

[٢١] (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ)

(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً). كقولهم : الملائكة بنات الله ، و (هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللهِ). (٢)(أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ).

كأن كذّبوا القرآن والمعجزات وسمّوها سحرا. وإنّما ذكر (أَوْ) ، وهم قد جمعوا بين الأمرين ، تنبيها على أنّ كلّا منهما وحده بالغ غاية الإفراط في الظلم على النفس. (لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) ، فضلا عمّن لا أحد أظلم منه. (٣)

[٢٢] (وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ)

(يَوْمَ نَحْشُرُهُمْ). ناصبه محذوف. تقديره : ويوم نحشرهم كان كيت كيت. فترك ليبقى على الإبهام الذي هو أدخل في التخويف. (أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ) : أين آلهتكم التي جعلتموها شركاء لله؟ (تَزْعُمُونَ). معناه : تزعمونهم شركاء. فحذف المفعولان. وإنّما يقال لهم ذلك على جهة التوبيخ. ويجوز أن يشاهدوهم ، إلّا أنّهم حين لا ينفعونهم ولا يكون منهم ما رجوا من الشفاعة ، فكأنّهم غيب عنهم ؛ وأن يحال بينهم وبينهم في وقت التوبيخ ليفقدوهم في الساعة التي علّقوا بهم الرجاء فيها فيروا مكانه خزيهم وحسرتهم. (٤)

(تَزْعُمُونَ) : زعمتم نفعها.

[٢٣] (ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَنْ قالُوا وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ)

(تَكُنْ). قرأ ابن كثير : (لَمْ تَكُنْ) ـ بالتاء ـ (فِتْنَتُهُمْ) بالرفع ، على أنّها الاسم. ونافع بالتاء والنصب على أنّ الاسم (أَنْ قالُوا) والتأنيث للخبر ؛ كقولهم : من كانت أمّك. والباقون بالياء

__________________

(١) مجمع البيان ٤ / ٤٣٧.

(٢) يونس (١٠) / ١٨.

(٣) تفسير البيضاويّ ١ / ٢٩٦.

(٤) الكشّاف ٢ / ١٢.

١٧

والنصب. (فِتْنَتُهُمْ) ؛ أي : معذرتهم التي يتوهّمون أن يتخلّصوا بها. من فتنت الذهب ، إذا خلّصته. (١)

والمعنى : لم تكن عاقبة كفرهم الذي لزموه أعمارهم وقاتلوا عليه وافتخروا به وقالوا دين آبائنا إلّا جحوده والتبرّؤ منه والحلف على الانتفاء من التديّن به. ويجوز أن يراد : لم يكن جوابهم إلّا أن قالوا. فسمّي فتنة لأنّه كذب. (٢)

(وَاللهِ رَبِّنا). بالنصب على النداء أو المدح. (٣)

(رَبِّنا). وعنه عليه‌السلام : ما كنّا مشركين بولاية عليّ عليه‌السلام. (٤)

عن أمير المؤمنين عليه‌السلام في حديث طويل يذكر فيه أحوال يوم القيامة وأهل المحشر قال : ثم يجتمعون في موطن آخر فيستنطقون فيه فيقولون : (وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ). فيختم الله على أفواههم فيستنطق الأيدي والأرجل والجلود فتشهد بكلّ معصية كانت منهم. ثمّ يرفع عن ألسنتهم الختم فيقولون لجلودهم : (لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللهُ)(٥). (٦)

عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إنّ الله يعفو يوم القيامة عفوا لا يخطر على بال أحد ؛ حتّى يقول أهل الشرك : (وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ). (٧)

(ما كُنَّا مُشْرِكِينَ). وأمّا قول من يقول : معناه : ما كنّا مشركين عند أنفسنا وما علمنا أنّا على خطأ في معتقدنا وحمل قوله : (انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ) يعني في الدنيا ، فتمحّل وتعسّف. وما أدري ما يصنع من ذلك تفسيره بقوله : (يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى شَيْءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكاذِبُونَ)(٨) بعد قوله : (وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)(٩) ، فشبّه كذبهم في الآخرة بكذبهم في الدنيا. (١٠)

__________________

(١) تفسير البيضاويّ ١ / ٢٩٦.

(٢) الكشّاف ٢ / ١٢.

(٣) تفسير البيضاويّ ١ / ٢٩٧.

(٤) تفسير القمّيّ ١ / ١٩٩.

(٥) فصّلت (٤١) / ٢١.

(٦) التوحيد / ٢٦١ ، ح ٥.

(٧) تفسير العيّاشيّ ١ / ٣٥٧ ، ح ١٥.

(٨) المجادلة (٥٨) / ١٨.

(٩) المجادلة (٥٨) / ١٤.

(١٠) الكشّاف ٢ / ١٣.

١٨

[٢٤] (انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ)

(انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا). فإن قلت : كيف صحّ أن يكذبوا حين يطّلعون على حقائق الأمور وعلى أنّ الكذب والجحود لا وجه لمنفعته؟ قلت : الممتحن ينطق بما ينفعه وما لا ينفعه من غير تمييز بينهما حيرة ودهشا. ألا تراهم يقولون : (رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا فَإِنَّا ظالِمُونَ). (١) وأيقنوا بالخلود ولم يشكّوا فيه. (٢)

(عَلى أَنْفُسِهِمْ). أي بنفي الشرك عنها. (٣)

(ما كانُوا يَفْتَرُونَ) ؛ أي : ضلّت عنهم أوثانهم التي كانوا يعبدونها ويفترون الكذب بقولهم : هؤلاء شفعاؤنا عند الله غدا ، فذهبت عنهم في الآخرة فلم يجدوها ولم ينتفعوا بها. (٤)

[٢٥] (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها حَتَّى إِذا جاؤُكَ يُجادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلاَّ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ)

(وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ). قال القاضي [أبو عاصم العامريّ] : أصحّ الأقوال فيه ما روي : انّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يصلّي باللّيل ويقرأ القرآن في الصلاة جهرا ، رجاء أن يسمع إلى قراءته إنسان فيتدبّر معانيه ويؤمن به. وكان المشركون إذا سمعوه آذوه ومنعوه عن الجهر بالقراءة ، فكان الله يلقي عليهم النوم ويجعل في قلوبهم أكنّة ليقطعهم عنه. وذلك بعد ما بلغهم ما تقوم به الحجّة أو بعد ما علم الله أنّهم لا ينتفعون بسماعه. فشبّه إلقاء النوم عليهم بجعل الغطاء على قلوبهم والوقر على آذانهم ، لأنّ ذلك يمنعهم عن التدبّر كالوقر والغطاء. وهذا معنى قوله تعالى : (وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً). (٥) ويحتمل [ذلك] وجها آخر وهو أنّه تعالى يعاقب هؤلاء الكفّار

__________________

(١) المؤمنون (٢٣) / ١٠٧.

(٢) الكشّاف ٢ / ١٣.

(٣) تفسير البيضاويّ ١ / ٢٩٧.

(٤) مجمع البيان ٤ / ٤٤١.

(٥) الإسراء (١٧) / ٤٥.

١٩

الذين علم أنّهم لا يؤمنون بعقوبات يجعلها في قلوبهم تكون موانع من أن يفهموا ما يسمعونه. ويحتمل أيضا أن يكون سمّى الكفر الذي في قلوبهم كنّا تشبيها ومجازا وإعراضهم عن تفهّم القرآن وقرا توسّعا. لأنّ مع الكفر والإعراض لا يحصل الإيمان والفهم كما لا يحصل مع الكنّ والوقر. ونسب ذلك إلى نفسه لأنّه الذي شبّه أحدهما بالآخر. كما يقال : جعل القاضي فلانا عدلا ؛ أي : حكم عليه بذلك. (١)

(وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ) حين تتلو القرآن. والمراد أبو سفيان والوليد والنضر وعتبة وشيبة وأبو جهل وأضرابهم ؛ اجتمعوا فسمعوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقرأ فقالوا [للنضر] : ما يقول؟ [فقال :] والذي جعل الكعبة بيته ، ما أدرى ما يقول إلّا أنّه يحرّك لسانه ويقول أساطير الأوّلين [مثل] ما حدّثتكم. (أَكِنَّةً) : أغطية. (أَنْ يَفْقَهُوهُ) : كراهة أن يفقهوه. (٢)

(وَقْراً). الوقر : الثقل في الأذن. (وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ) ؛ أي : علامة ومعجزة دالّة على نبوّتك ، (لا يُؤْمِنُوا بِها) لعنادهم. (يُجادِلُونَكَ). يعني أنّهم إذا دخلوا عليك بالنهار ، يجيئون مجيء مخاصمين مجادلين رادّين عليك قولك ولم يجيئوا مجيء من يريد الرشاد والنظر في الأدلّة على توحيد الله ونبوّة نبيّه. (إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) ؛ أي : ما هذا القرآن إلّا أحاديث الأوّلين الذين كانوا يسطرونها. وقيل : معنى الأساطير الترّهات والبسابس ـ مثل حديث رستم واسفنديار ـ ممّا لا طائل تحته. وقيل : هو مثل قولهم في تحليل أكل الميتة : أتأكلون ما تقتلون بأيديكم ولا تأكلون ما قتله الله؟ (٣)

الأساطير : الأباطيل. جمع أسطار ، جمع سطر. وأصله السطر بمعنى الخطّ. (٤)

[٢٦] (وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ)

(وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ) ؛ أي : يتباعدون عنه فرارا عنه. عن محمّد بن الحنفيّة وابن عبّاس. أو : ينهون عن استماع القرآن لئلّا يقع في قلوبهم صحّته ويتباعدون عن استماعه.

__________________

(١) مجمع البيان ٤ / ٤٣٣.

(٢) تفسير البيضاويّ ١ / ٢٩٧.

(٣) مجمع البيان ٤ / ٤٤٣ ـ ٤٤٤.

(٤) تفسير البيضاويّ ١ / ٢٩٧.

٢٠