عناية الأصول في شرح كفاية الأصول - ج ٣

آية الله السيد مرتضى الفيروزآبادي

عناية الأصول في شرح كفاية الأصول - ج ٣

المؤلف:

آية الله السيد مرتضى الفيروزآبادي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: منشورات فيروزآبادي
الطبعة: ٤
الصفحات: ٤٠٨

لوضوح ان الظن الغير المعتبر كما تقدم انه مما لا يوجب الظهور فكذلك في المقام مما لا يوجب الأظهرية.

(الثاني) في ترجيح وجه الصدور به بمعنى انه إذا علم ان أحد الدليلين صادر لا لبيان الواقع إما للتقية أو لغير التقية من المصالح المقتضية لبيان خلاف الواقع فهل يرجح وجه الصدور في أحدهما بسبب ظن غير معتبر على طبقه أم لا ولم يؤشر إليه المصنف أيضاً.

(الثالث) في ترجيح صدور أحد الدليلين به وتقديم سنده على الآخر (وقد اختار الشيخ) أعلى الله مقامه الترجيح به لوجوه ثلاثة لم يؤشر المصنف الا إلى الأخير منها وهو استفادته من الأخبار (قال أعلى الله مقامه) ما لفظه وكيف كان فالذي يمكن ان يستدل به للترجيح بمطلق الظن الخارجي وجوه.

(الأول) قاعدة الاشتغال لدوران الأمر بين التخيير وتعيين الموافق ... إلخ (والمقصود) من ذلك كما سيأتي شرحه في التعادل والتراجيح انه بعد ما استفدنا من الإجماع والأخبار العلاجية وجوب الأخذ بأحد الخبرين المتعارضين إما ترجيحاً أو تخييراً فلا محالة يدور الأمر بين وجوب الأخذ بالراجح تعييناً وبين الأخذ به أو بالمرجوح تخييراً فالاشتغال بوجوب الأخذ يقيني وهو يقتضي البراءة اليقينية وهي لا تحصل إلا بالاخذ بالراجح دون المرجوح بل العلم الإجمالي بوجوب الأخذ اما بالراجح تعييناً أو بأحدهما تخييراً حيث ينحل إلى العلم التفصيليّ بوجوب الأخذ بالراجح لا محالة والشك البدوي في وجوب الأخذ بالمرجوح فلا يبقى مانع عن إجراء الأصل عن وجوب الأخذ بالمرجوح بلا شبهة كما سيأتي تفصيله في بعض تنبيهات البراءة إن شاء الله تعالى (ثم ساق الكلام) أعلى الله مقامه (إلى ان قال)

(الثاني) ظهور الإجماع على ذلك كما استظهره بعض مشايخنا فتراهم يستدلون في موارد الترجيح ببعض المرجحات الخارجية بإفادته للظن بمطابقة أحد الدليلين للواقع فكأن الكبرى وهي وجوب الأخذ بمطلق ما يفيد الظن على طبق أحد الدليلين مسلمة عندهم (إلى ان قال).

٤٠١

(الثالث) ما يظهر من بعض الاخبار من ان المناط في الترجيح كون أحد الخبرين أقرب مطابقة للواقع (إلى ان قال) مثل ما دل على الترجيح بالأصدقية في الحديث كما في مقبولة ابن حنظلة فإنا نعلم أن وجه الترجيح بهذه الصفة ليس الا كون الخبر الموصوف بها أقرب إلى الواقع من خبر غير الموصوف بها لا لمجرد كون راوي أحدهما أصدق (إلى ان قال) ومثل ما دل على ترجيح أوثق الخبرين فإن معنى الأوثقية شدة الاعتماد عليه وليس إلّا لكون خبره أوثق فإذا حصل هذا المعنى في أحد الخبرين من مرجح خارجي اتبع (قال) ومما يستفاد منه المطلب على وجه الظهور ما دل على ترجيح أحد الخبرين على الآخر بكونه مشهوراً بين الأصحاب بحيث يعرفه كلهم وكون الآخر غير مشهور الرواية بينهم بل ينفرد بروايته بعضهم دون بعض معللا ذلك بأن المجمع عليه لا ريب فيه فيدل على ان طرح الآخر لأجل ثبوت الريب فيه لا لأنه لا ريب في بطلانه كما قد يتوهم وإلّا لم يكن معنى للتعارض وتحير السائل (إلى ان قال) وحينئذ فيدل على رجحان كل خبر يكون نسبته إلى معارضه مثل نسبة الخبر المجمع على روايته إلى الخبر الّذي اختص بروايته بعض دون بعض (إلى ان قال) ومن المعلوم ان الخبر المعتضد بأمارة توجب الظن بمطابقته ومخالفة معارضه للواقع نسبته إلى معارضه تلك النسبة (إلى ان قال) وأظهر من ذلك كله في إفادة الترجيح بمطلق الظن ما دل من الأخبار العلاجية على الترجيح بمخالفة العامة بناء على ان الوجه في الترجيح بها أحد وجهين أحدهما كون الخبر المخالف أبعد من التقية كما علل به الشيخ والمحقق فيستفاد منه اعتبار كل قرينة خارجية توجب أبعدية أحدهما عن خلاف الحق ولو كانت مثل الشهرة والاستقراء (إلى ان قال) الثاني كون الخبر المخالف أقرب من حيث المظنون إلى الواقع والفرق بين الوجهين ان الأول كاشف عن وجه صدور الخبر والثاني كاشف عن مطابقة مضمون أحدهما للواقع (إلى ان قال) فالظاهر انه يحصل من المجموع دلالة لفظية تامة ولعل هذا الظهور المحصل من مجموع الأخبار العلاجية هو الّذي دعى أصحابنا إلى العمل بكل ما يوجب رجحان أحد الخبرين على الآخر

٤٠٢

بل يوجب في أحدهما مزية مفقودة في الآخر ولو بمجرد كون خلاف الحق في أحدهما أبعد منه في الآخر كما هو كذلك في كثير من المرجحات فما ظنه بعض المتأخرين من أصحابنا على العلامة وغيره من متابعتهم في ذلك طريقة العامة ظن في غير المحل (انتهى) موضع الحاجة من كلامه أعلى الله مقامه.

(أقول)

(اما الوجه الأول) من الوجوه التي استدل بها الشيخ للترجيح بمطلق الظن أعني قاعدة الاشتغال (فهو حق) لما سيأتي في التعادل والتراجيح من ان مقتضي القاعدة الأولية في تعارض الأمارتين هو التساقط ومقتضي القاعدة الثانوية المستفادة من الإجماع والأخبار العلاجية الدالين على وجوب الأخذ بأحد الخبرين المتعارضين إما ترجيحاً أو تخييراً هو الاحتياط والاقتصار على الراجح للقطع بحجيته إما تعييناً وإنما تخييراً وللشك في حجية المرجوح والأصل عدم حجية ما شك في حجيته (ولكن) مقتضي إطلاقات أخبار التخيير الآتية في محلها إن شاء الله تعالى وعدم جواز تقييدها بأخبار الترجيح بمعنى عدم جواز حملها مع تعددها على صورة فقد المرجحات جميعاً فانه من الحمل على النادر بل المعدوم هو جواز العمل بكل من الراجح والمرجوح تخييراً فلا يبقى مجال لقاعدة الاشتغال أصلا.

(واما الوجه الثاني) وهو ظهور الإجماع على ذلك (ففيه) ان الترجيح بالمزايا المنصوصة الواردة في لسان كثير من الأخبار ليس هو أمراً مسلماً إجماعياً وذلك لما سيأتي من مخالفة مثل الكليني رضوان الله عليه ومصيره إلى التخيير وتصريحه في ديباجة الكافي بأنه لا نجد شيئاً أوسع ولا أحوط من التخيير فكيف حينئذ بالترجيح بمطلق الظن الّذي لم ينص عليه في الأخبار أصلا.

(واما الوجه الثالث) وهو ظهور بعض الأخبار في ان المناط في الترجيح هو كون أحد الخبرين أقرب مطابقة للواقع (ففيه) ان الاخبار الدالة مطابقة على الترجيح بالمزايا المنصوصة مما نجيب عنها كما سيأتي شرحه بحملها على الاستحباب جمعاً بينها وبين اخبار التخيير لما أشير آنفاً من عدم إمكان تقييد إطلاقات اخبار

٤٠٣

التخيير وحملها مع تعددها على صورة فقد المرجحات جميعاً فانه من الحمل على النادر بل المعدوم فكيف ببعض الاخبار الدالة التزاماً على الترجيح بمطلق الظن لا مطابقة وهذا واضح.

(قوله بعد سقوط الأمارتين بالتعارض من البين وعدم حجية واحد منهما بخصوصه وعنوانه وإن بقي أحدهما بلا عنوان على حجيته ... إلخ) إشارة إلى القاعدة الأولية في تعارض الأمارتين التي أشرنا إليها آنفاً وسيأتي تفصيلها في محلها إن شاء الله تعالى مبسوطاً (قال) في التعادل والتراجيح فصل التعارض وان كان لا يوجب إلّا سقوط أحد المتعارضين عن الحجية رأساً حيث لا يوجب إلّا العلم بكذب أحدهما فلا يكون هناك مانع عن حجية الآخر إلّا انه حيث كان بلا تعيين ولا عنوان واقعاً فانه لم يعلم كذبه الا كذلك (إلى ان قال) لم يكن واحد منهما بحجة في خصوص مؤداه لعدم التعين في الحجة أصلا كما لا يخفى (انتهى).

(قوله ومقدمات الانسداد في الأحكام انما توجب حجية الظن بالحكم أو بالحجة لا الترجيح به ما لم يوجب الظن بأحدهما ... إلخ) دفع لما قد يتوهم من كفاية مقدمات الانسداد الجارية في الأحكام للترجيح بالظن الغير المعتبر (فيقول) ما حاصله ان مقدمات الانسداد الجارية في الأحكام انما توجب هي حجية الظن الغير المعتبر المتعلق بالحكم أو بالطريق على ما عرفت تفصيله لا الترجيح به إلّا إذا أوجب الظن بأحدهما كما إذا أوجبت الأمارة الغير المعتبرة القائمة على طبق أحد الخبرين المتعارضين الظن بالحكم الشرعي الّذي هو في جانب الخبر المطابق لها أو أوجبت الظن بأن الخبر المطابق لها هو طريق منصوب من قبل الشرع دون غيره فيؤخذ حينئذ بالأمارة الغير المعتبرة من حيث انها ظن بالحكم أو بالطريق لا من حيث كونها مرجحة لأحد الخبرين المتعارضين.

(قوله ومقدماته في خصوص الترجيح لو جرت انما توجب حجية الظن في تعيين المرجح لا انه مرجح إلّا إذا ظن انه أيضاً مرجح ... إلخ) إشارة إلى ما ادعاه الشيخ أعلى الله مقامه من جريان مقدمات الانسداد في الترجيح

٤٠٤

بالظن الغير المعتبر بعد الفراغ عن الوجوه المتقدمة التي أقامها على الترجيح به (قال) أعلى الله مقامه (ما لفظه) ثم إن الاستفادة التي ذكرناها يعني بها استفادة الترجيح بمطلق الظن من الأخبار العلاجية كما تقدمت في الوجه الثالث ان دخلت تحت الدلالة اللفظية فلا إشكال في الاعتماد عليها وإن لم يبلغ هذا الحد بل لم يكن الا مجرد الإشعار كان مؤيداً لما ذكرناه من ظهور الاتفاق يعني به ما ادعاه من ظهور الإجماع على الترجيح بمطلق الظن في الوجه الثاني فإن لم يبلغ المجموع حد الحجية فلا أقل من كونها أمارة مفيدة للظن بالمدعى ولا بد من العمل به لأن التكليف بالترجيح بين المتعارضين ثابت لأن التخيير في جميع الموارد وعدم ملاحظة المرجحات يوجب مخالفة الواقع في كثير من الموارد لأنا نعلم بوجوب الأخذ ببعض الاخبار المتعارضة وطرح بعضها معيناً والمرجحات المنصوصة في الاخبار غير وافية مع ان تلك الاخبار معارض بعضها بعضاً (إلى ان قال) وحاصل هذه المقدمات ثبوت التكليف بالترجيح وانتفاء المرجح اليقيني وانتفاء ما دل الشرع على كونه مرجحاً فينحصر العمل في الظن بالمرجح فكل ما ظن انه مرجح في نظر الشارع وجب الترجيح به وإلّا لوجب ترك الترجيح أو العمل بما ظن من المتعارضين ان الشارع يرجح غيره عليه والأول مستلزم للعمل بالتخيير في موارد كثيرة نعلم التكليف بوجوب الترجيح فيها والثاني ترجيح للمرجوح على الراجح (إلى ان قال) وقبحه بديهي وحينئذ فإذا ظننا من الأمارات السابقة ان مجرد أقربية مضمون أحد الخبرين إلى الواقع مرجح في نظر الشارع تعين الأخذ به (انتهى) موضع الحاجة من كلامه رفع مقامه.

(فيقول المصنف) وظاهره الاعتراض على الشيخ (ما محصله) ان مقدمات الانسداد في خصوص الترجيح لو جرت إنما توجب هي حجية الظن في تعيين المرجح كما أوجبت في الأحكام الشرعية على القول بالانسداد حجية الظن في تعيين التكاليف المعلومة بالإجمال لا كون الظن مرجحاً إلّا إذا ظن أن الظن أيضاً مرجح.

٤٠٥

(أقول)

إن مقصود الشيخ أيضاً هو ذلك أي حجية الظن في تعيين المرجح وان الظن مما ظن انه مرجح حيث (قال) فينحصر العمل في الظن بالمرجح (إلى ان قال) فإذا ظننا من الأمارات السابقة ان مجرد أقربية مضمون أحد الخبرين إلى الواقع مرجح في نظر الشارع تعين الأخذ به ... إلخ (وعليه) فلا وجه لاعتراض المصنف على الشيخ الا الاعتراض بمنع جريان المقدمات من أصلها في مسألة الترجيح كما منعناها من قبل في الأحكام الشرعية.

(قوله هذا فيما لم يقم على المنع عن العمل به بخصوصه دليل واما ما قام الدليل على المنع عنه كذلك كالقياس فلا يكاد يكون به جبر أو وهن أو ترجيح ... إلخ)

قد أشرنا في صدر البحث ان الظن الّذي قام على عدم حجيته دليل بالخصوص كالقياس فسيأتي الكلام فيه في آخر البحث فهذا هو آخر البحث (وحاصل) كلام المصنف فيه انه لا يكون بالظن القياسي جبر ولا وهن ولا ترجيح وذلك لدلالة دليل المنع على إلغاء الشارع له رأساً وعدم جواز استعماله في الشرعيات أصلا ودخله في الجبر أو الوهن أو الترجيح نحو استعمال له في الشرعيات كما لا يخفى (هذا كله) من أمر المصنف (واما الشيخ) أعلى الله مقامه (فبالنسبة إلى الجبر) يظهر منه انه لا يفيده (قال ما لفظه) اما الأول يعني به ما كان عدم اعتباره من جهة ورود النهي عنه بالخصوص كالقياس ونحوه فلا ينبغي التأمل في عدم كونه مفيداً للجبر لعموم ما دل على عدم جواز الاعتناء به واستعماله في الدين (انتهى) (وأما بالنسبة إلى الوهن) فيظهر منه انه لا إشكال في عدم الوهن بالقياس ان كان ما يقابله مما يعتبر من باب إفادة الظن النوعيّ من غير اعتبار عدم الظن على خلافه واما إذا كان اعتباره مشروطاً بإفادة الظن الشخصي أو بعدم الظن على الخلاف فيظهر منه الميل إلى التفصيل بين ما كان الاشتراط من الشرع أو من العرف (فإن كان الاشتراط) من الشرع كما إذا اعتبر الشارع الخبر المفيد للظن الشخصي

٤٠٦

أو الخبر الّذي لا ظن على خلافه فتأثير الظن بالخلاف حينئذ في وهن ما يقابله تأثير شرعي فإذا نهي الشارع عن الظن القياسي فقد زال عنه هذا التأثير ويكون وجوده كالعدم فكأن المقابل باق على ما هو عليه من إفادة الظن الشخصي أو عدم الظن على الخلاف فلا وهن بالقياس (واما إذا كان الاشتراط) من العرف والعقلاء كما إذا اعتبروا الظاهر المفيد للظن بالمراد أو الظاهر الّذي لا ظن على خلافه فتأثيره حينئذ في وهن المقابل ليس بشرعي كي بمجرد النهي عن القياس يزول عنه هذا التأثير ولم يحصل به الوهن بل يحصل لا محالة به وهن المقابل لفقد شرطه (ولكن الشيخ) يرجع عن هذا كله أخيراً بدعوى ان العقلاء إذا علموا حال القياس ببيان الشارع لم يفرقوا بين الأمارة التي كان القياس على خلافها وبين ما لم يكن كذلك (بل قال) أخيراً ما لفظه هذا كله مع استمرار السيرة على عدم ملاحظة القياس في مورد من الموارد الفقهية وعدم الاعتناء به في الكتب الأصولية فلو كان له أثر شرعي ولو في الوهن لوجب التعرض لأحكامه في الأصول والبحث والتفتيش عن وجوده في كل مورد من موارد الفروع لأن الفحص عن الموهن كالفحص عن المعارض واجب وقد تركه أصحابنا في الأصول والفروع بل تركوا روايات من اعتنى به منهم وان كان من المؤسسين لتقرير الأصول وتحرير الفروع كالإسكافي الّذي نسب إليه ان بناء تدوين أصول الفقه من الإمامية منه ومن العماني يعني ابن أبي عقيل (انتهى) (واما بالنسبة إلى الترجيح) فيظهر منه عدم الترجيح بالقياس أصلا (قال ما لفظه) اما الأول يعني به ما ورد النهي عنه بالخصوص كالقياس وشبهه فالظاهر من أصحابنا عدم الترجيح به نعم يظهر من المعارج وجود القول به بين أصحابنا حيث قال في باب القياس ذهب ذاهب إلى ان الخبرين إذا تعارضا وكان القياس موافقاً لما تضمنه أحدهما كان ذلك وجهاً يقتضي ترجيح ذلك الخبر على معارضه (إلى ان قال) أعني الشيخ ومال إلى ذلك بعض سادة مشايخنا المعاصرين بعض الميل والحق خلافه لأن رفع الخبر المرجوح بالقياس عمل به حقيقة فانه لو لا القياس كان العمل به جائزاً والمقصود تحريم العمل به لأجل

٤٠٧

القياس وأي عمل أعظم من هذا (إلى ان قال) ويؤيد ما ذكرنا بل يدل عليه استمرار سيرة أصحابنا الإمامية رضوان الله عليهم في الاستنباط على هجره وترك الاعتناء بما حصل لهم من الظن القياسي أحياناً فضلا عن أن يتوقفوا في التخيير بين الخبرين المتعارضين مع عدم مرجح آخر أو في الترجيح بمرجح موجود إلى أن يبحثوا عن القياس (انتهى).

(أقول)

إن القياس بعد ملاحظة ما ورد في شأنه من الاخبار المتواترة في المنع عنه وإلغائه بالمرة مثل قوله عليه‌السلام إن أول من قاس إبليس أو غير ذلك من التعابير الشديدة لو لم يكن موهناً للخبر المطابق له لم يكن جابراً له قطعاً فراجع الاخبار وتأملها بدقة

(قوله فيما لا يكون لغيره أيضاً وكذا فيما يكون به أحدها ... إلخ)

العبارة ركيكة جداً والصحيح هكذا كان لغيره أحدها أو لم يكن.

(قوله على إلغائه الشارع رأساً ... إلخ)

وهذه العبارة لا تقصر عن السابقة والصحيح هكذا على إلغاء الشارع له رأساً (هذا آخر) ما أراد الله لنا إيراده في مباحث الظن وبه تم الجزء الثالث من عناية الأصول في شرح كفاية الأصول اسأل الله تعالى أن يوفقني للأجزاء الباقية كما وفقني للأجزاء الماضية إنه خير مسئول وأجود من أعطى.

٤٠٨