عناية الأصول في شرح كفاية الأصول - ج ٢

آية الله السيد مرتضى الفيروزآبادي

عناية الأصول في شرح كفاية الأصول - ج ٢

المؤلف:

آية الله السيد مرتضى الفيروزآبادي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: منشورات فيروزآبادي
الطبعة: ٤
الصفحات: ٤٠٠

فيما يقدر من شيء ويقضيه في علمه قبل أن يخلقه وقبل أن يقضيه إلى الملائكة فذلك يا حمران علم موقوف إليه فيه المشية فيقضيه إذا أراد ويبدو له فيه فلا يمضيه فاما العلم الّذي يقدره الله تعالى ويقضيه ويمضيه فهو العلم الّذي انتهى إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثم إلينا إلى غير ذلك من الأخبار.

(قوله مع علمه بأنه يمحوه أو مع عدم علمه به ... إلخ) أي مع علم النبي أو الولي بأنه يمحوه أو مع عدم علمه به.

(قوله وإنما يخبر به لأنه حال الوحي أو الإلهام لارتقاء نفسه الزكية ... إلخ) أي وإنما يخبر به النبي أو الولي لأنه حال الوحي أو الإلهام لأجل ارتقاء نفسه الزكية واتصاله بعالم لوح المحو والإثبات اطلع على ثبوته.

(قوله قال الله تبارك وتعالى يمحو الله ما يشاء ويثبت ... إلخ) وعنده أم الكتاب قد ذكر الطبرسي أعلى الله مقامه في تفسير الآية في أواخر الرعد أقوالا عديدة.

(أحدها) أن ذلك في الأحكام من الناسخ والمنسوخ.

(الثاني) أنه يمحو من كتاب الحفظة المباحات وما لا جزاء فيه ويثبت ما فيه الجزاء من الطاعات والمعاصي.

(الثالث) أنه يمحو ما يشاء من ذنوب المؤمنين فضلا فيسقط عقابها ويثبت ذنوب من يريد عقابه عدلا.

(الرابع) أنه عام في كل شيء فيمحو من الرزق ويزيد فيه ومن الأجل ويمحو السعادة والشقاوة ويثبتهما.

(الخامس) أنه في مثل تقتير الأرزاق والمحن والمصائب يثبته في أم الكتاب ثم يزيله بالدعاء والصدقة وفيه حث على الانقطاع إليه سبحانه.

(السادس) أنه يمحو بالتوبة جميع الذنوب ويثبت بدل الذنوب حسنات

٣٤١

يبينه قوله الا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات

(السابع) أنه يمحو ما يشاء من القرون ويثبت ما يشاء منها كقوله ثم أنشأنا من بعدهم قرنا آخرين وقوله كم أهلكنا قبلهم من القرون.

(الثامن) أنه يمحو ما يشاء يعنى القمر ويثبت يعنى الشمس وبيانه فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة.

(قوله ربما يوحى إليه حكم من الأحكام تارة بما يكون ظاهرا في الاستمرار والدوام ... إلخ) هذا في نسخ الأحكام بعد العمل.

(قوله وأخرى بما يكون ظاهرا في الجد مع أنه لا يكون واقعا بجد بل لمجرد الابتلاء والاختيار ... إلخ) هذا في نسخ الأحكام قبل العمل وقد أشرنا إلى ذلك فيما تقدم وان الحكم حينئذ يكون اختباريا صوريا لا جديا واقعيا (قوله كما أنه يؤمر وحيا أو إلهاما بالأخبار بوقوع عذاب أو غيره مما لا يقع ... إلخ) هذا في البداء في التكوينيات أي في الأفعال في قبال النسخ في الأحكام بقسميه من بعد العمل وقبله.

(قوله ويبدي ما خفي ثانيا ... إلخ) قوله ثانيا حال لقوله يبدي لا لقوله ما خفي.

(قوله ثم لا يخفى ثبوت الثمرة بين التخصيص والنسخ ... إلخ) كان الأنسب ذكر هذه الثمرة قبل صرف الكلام إلى ما هو نخبة القول في النسخ أي بعد الفراغ عن الصور الأربع المتقدمة للخاص والعام المتخالفين (وعلى كل حال) إذا دار الأمر بين النسخ والتخصيص في شيء واحد كما في الخاصّ المتأخر عن العام المردد حاله بين كونه مخصصا للعام أو ناسخا لعمومه فالثمرة بينهما كما أشرنا لدى التعليق على قوله هذا فيما علم تاريخهما ... إلخ أنه على التخصيص يبنى على خروج الخاصّ عن تحت العام من الأول فلو قال مثلا أكرم العلماء

٣٤٢

ولم يكرم المكلف فساقهم عصيانا ثم ورد لا تكرم فساق العلماء وبنينا على كونه مخصصا فلا شيء على المكلف سوى التجري بخلاف ما إذا بنينا على كونه ناسخا فيستحق العقاب على المعصية مع وجوب القضاء عليه فعلا إذا كان الواجب مما شرع فيه القضاء (وإذا دار الأمر) بين النسخ والتخصيص في مجموع الخاصّ والعام كما في الخاصّ المتقدم بأن قال مثلا لا تكرم فساق العلماء ثم ورد أكرم العلماء حيث يحتمل أن يكون الأول مخصصا للثاني ويحتمل أن يكون الثاني ناسخا للأول فالثمرة بينهما أنه على التخصيص لا يكون فساق العلماء محكوما بحكم العام أصلا وعلى النسخ يكون محكوما بحكم العام من حين صدور دليل العام فيجب إكرام فساقهم كما يجب إكرام عدو لهم.

في المطلق والمقيد وبيان تعريف المطلق

(قوله المقصد الخامس في المطلق والمقيد والمجمل والمبين فصل عرف المطلق بأنه ما دل على شايع في جنسه ... إلخ) هذا التعريف على ما يظهر من المحقق القمي هو لأكثر الأصوليين (وعرفه هو) بأنه حصة محتملة الصدق على حصص كثيرة مندرجة تحت جنس ذلك الحصة (وعرفه المعالم) بأنه حصة محتملة لحصص كثيرة مما يندرج تحت أمر مشترك (ويظهر من الفصول) أن أصل التعريف بالحصة من العضدي (وعلى كل حال) يرد عليه أن التعبير بالحصة مما يلائم النكرة لا جميع المطلقات كاسم الجنس وما بحكمه من علم الجنس والمعرف بلام الجنس كالتمر الصادق على القليل والكثير والواحد وأكثر (ثم ان) هاهنا تعريفا آخر للمطلق (قال في التقريرات) وعرفه جماعة منهم الشهيد بأنه اللفظ الدال على الماهية من حيث هي هي (وقال المحقق

٣٤٣

القمي) ويظهر من جماعة منهم أنه ما يراد به الماهية منهم الشهيد الثاني في تمهيد القواعد حيث قال في مقام الفرق بين المطلق والعام أن المطلق هو الماهية لا بشرط شيء والعام هو الماهية بشرط الكثرة المستغرقة.

(أقول) قد تقدم منا في صدر بحث العام والخاصّ عند ذكر أقسام العموم أن كلا من العام والمطلق عبارة عما استغرق جميع مصاديقه غير أن العام يستغرق بنحو العطف (بواو) فأكرم كل عالم أي أكرم هذا العالم وذلك العالم وذاك العالم وهكذا والمطلق يستغرق بنحو العطف (بأو) فأعتق رقبة أي أعتق هذه الرقبة أو تلك الرقبة وهكذا في كل التمر واشرب الماء ونحو ذلك (وعليه) فلا نحتاج في المقام إلى ذكر تعريف آخر للمطلق على حده غير ما تقدم هناك وعرفت.

(قوله وقد أشكل عليه بعض الاعلام بعدم الاطراد أو الانعكاس ... إلخ) المستشكل هو صاحب الفصول (قال قدس‌سره) فصل المطلق ما دل على معنى شايع في جنسه شيوعا حكميا (ثم ساق الكلام) إلى أن قال ويخرج بقولنا شيوعا حكميا ألفاظ العموم البدلي كمن في الاستفهام فانه وان دل على معنى شايع في أفراد جنسه أعني جنس العاقل مثلا إلّا ان شيوعه وضعي لا حكمي والقوم قد أهملوا هذا القيد فيرد ذلك على طردهم (إلى ان قال) لكن يخرج عن الحد مثل المفرد المعرف والمنكر حيث يؤخذان باعتبار العموم الشمولي بقرينة حكمة أو مقام لعدم دلالتهما على حصة شائعة بل جميع الحصص.

(أقول) قد عرفت منا في صدر العام والخاصّ عند ذكر أقسام العموم ان المدار في العموم والإطلاق ليس على الاستناد إلى الوضع وعدمه بحيث إذا كان الاستغراق مستندا إلى الوضع فهو عموم وإلّا فهو إطلاق بل المدار

٣٤٤

كما أشير آنفا على كيفية الاستغراق فان كان بنحو العطف بواو فهو عموم ولو كان بالحكمة كما في أحل الله البيع وإلّا فهو إطلاق ولو كان بالوضع كما في من وما وأي الشرطية أو الاستفهامية أو الموصولة (وعليه) فلا وجه للإشكال في طرد التعريف بألفاظ العموم البدلي ولا للإشكال في عكس التعريف بعموم المفرد المعرف المستفاد من الحكمة أو عموم المنكر المستفاد من مقام الامتنان كما في قوله تعالى وأنزلنا من السماء ماء طهورا على ما مثل به الفصول بعد الفراغ عن حدود العام وتعاريفه فان دخول العموم البدلي في التعريف وخروج المفرد المعرف والمنكر عنه هو في محله فان الأول إطلاق والثاني عموم (هذا مضافا) إلى ما أورده المصنف عليه بقوله وقد نبهنا في غير مقام على أن مثله شرح الاسم وهو مما يجوز أن لا يكون بمطرد ولا بمنعكس.

(قوله وقد نبهنا في غير مقام على أن مثله شرح الاسم ... إلخ) قد نبه على ذلك في المطلق والمشروط وفي صدر العام والخاصّ وفي غيرهما وقد أوضحنا الفرق بين التعريف الحقيقي واللفظي المسمى بشرح الاسم كما هو حقه سيما في الموضع الثاني وان اللفظي هو لحصول المير في الجملة فلا ينبغي النقض والإبرام فيه بعدم الطرد تارة وبعدم العكس أخرى فراجع.

(قوله وهو مما يجوز أن لا يكون بمطرد ولا منعكس ... إلخ) فتعريف السعدانة بأنه نبت لاطرد له لكونه أعم يشمل غيرها وتعريف الإنسان بأنه عاقل لا عكس له لكونه أخص لا يشمل المجنون.

(قوله أو من غيرها مما يناسب المقام ... إلخ) أي من غير الألفاظ التي يطلق عليها المطلق كالمفرد المعرف بلام الاستغراق أو لام العهد بأقسامه أو النكرة بالمعنى الأول الّذي ستعرفه مثل قوله وجاء رجل من أقصى المدينة وسيأتي تفصيل معنييها جميعا.

٣٤٥

(نعم) اسم الجنس وعلم الجنس والمعرف بلام الجنس إذا لم يكن للعموم بوسيلة مقدمات الحكمة كما في أحل الله البيع والنكرة بالمعنى الثاني كما في جئني برجل يكون من المطلق ويصح إطلاق المطلق على الجميع كما سيأتي التصريح به من المصنف بعد الفراغ عن النكرة فانتظر.

في اسم الجنس

(قوله فمنها اسم الجنس كإنسان ورجل وفرس وحيوان وسواد وبياض ... إلخ) وقد يفرق بين الجنس واسم الجنس فيقال إن الجنس هو الطبيعة واسم الجنس هو اللفظ الدال عليها (قال المحقق القمي) في القانون الثالث من العام والخاصّ (ما لفظه) فاعلم أن المراد من الجنس هو الطبيعة الكلية المقررة في نفس الأمر مع قطع النّظر عن وضع لفظ له فمفهوم الرّجل بمعنى ذات ثبت له الرجولية الّذي هو مقابل مفهوم المرأة هو الجنس ولا يعتبر في تحقق مفهومه وحدة ولا كثرة بل ويتحقق مع الواحد وما فوقه والقليل والكثير ولفظ رجل اسم يدل على ذلك الجنس (انتهى) وهو جيد (وقال في الفصول) في الفصل الثاني من العام والخاصّ (ما لفظه) الرابع يفترق اسم الجنس عن الجنس على ما اخترناه افتراق الاسم عن المسمى (انتهى) ومرجعه إلى ما أفاده المحقق القمي رحمه‌الله.

(قوله بل العرضيات ... إلخ) مراد المصنف من العرضيات هي الأمور الانتزاعية التي ليس بحذائها شيء في الخارج سوى منشأ انتزاعها وتكون هي من خارج المحمول كالفوقية والتحتية والزوجية والرقية ونحو ذلك في قبال الأعراض وهي الأمور المتأصلة القائمة بالموضوع كالسواد والبياض والعلم

٣٤٦

والجهل والقوة والضعف ونحو ذلك وهذا على خلاف الاصطلاح فان العرضي عند أهل المعقول هو المشتق في قبال العرض أي المبدأ وقد تقدم تفصيل ذلك في أوائل المشتق عند التعليق على قوله ثم إنه لا يبعد أن يراد بالمشتق ... إلخ فراجع.

(قوله ولا ريب انها موضوعة لمفاهيمها بما هي هي مبهمة مهملة ... إلخ) وتوضيحه أن الماهية كالإنسان والرّجل والمرأة ونحو ذلك من الماهيات

(تارة) تلحظ بما هي هي مبهمة مهملة من دون أن يلحظ معها شيء حتى لحاظ انها لا بشرط وهذا يسمى باللابشرط المقسمي.

(وأخرى) تلحظ بما هي هي مبهمة مهملة لكن مع لحاظ انها لا بشرط وهذا يسمى باللابشرط القسمي فالفرق بين المقسمي والقسمي بعد كون كل منهما لا بشرط أن في الأول ليس مع الماهية لحاظ اللابشرطية وفي الثاني قد لوحظت اللابشرطية مع الماهية (وقد أشار في التقريرات) إلى الفرق المذكور بقوله وملخصه أن القسم يمايز المقسم بالالتفات إلى أنه في تلك الحالة كذلك وهو غير ملتفت به في المقسم (انتهى).

(وثالثة) تلحظ مقيدة بوجود خصوصية معها من العلم أو العدالة أو الإيمان أو الطول أو القصر ونحو ذلك وهذا يسمى بالماهية البشرطشيء.

(ورابعة) تلحظ مقيدة بعدم خصوصية معها وهذا يسمى بالماهية البشرطلا (ثم إن من تمام) ما ذكر إلى هنا يظهر أن المراد من اللابشرطية وبشرطية اللا في المقام ليس هو اللابشرطية وبشرطية اللا بمعنى عدم الإباء عن الحمل والإباء عنه كما تقدم في الفرق بين المشتق ومبدئه بل بين الجنس والفصل وبين المادة والصورة فالمشتق لا بشرط أي بمفهومه غير آب عن الحمل والمبدأ بشرط لا أي بمفهومه آب عنه وهكذا الأمر في الجنس والفصل والمادة

٣٤٧

والصورة فكل من الجنس والفصل لا بشرط أي بمفهومه قابل للحمل وكل من المادة والصورة بشرط لا أي بمفهومه غير قابل للحمل بل المراد من اللابشرطية وبشرطية اللا في المقام هو بلحاظ الطواري والعوارض الخارجية مع حفظ مفهوم واحد على ما تقدم تفصيل الكل في أواخر المشتق فراجع (ثم ان) حاصل مقصود المصنف هنا أن أسماء الكليات أي أسامي الأجناس بجواهرها وأعراضها بل وعرضياتها موضوعة للماهيات بما هي هي مبهمة مهملة التي هي لا بشرط مقسمي لا لها بشرط الشياع والسريان التي هي بشرط شيء ولا لها مع لحاظ انها لا بشرط التي هي لا بشرط فسمي بحيث كان اللحاظ جزء الموضوع له وذلك لوضوح صدق أسامي الأجناس على مصاديقها كما في قولك زيد إنسان أو عمرو حيوان ونحو ذلك من القضايا من دون عناية التجريد عما هو قضية الاشتراط بالإرسال أو التقييد باللحاظ فلو كانت موضوعة لها بشرط الشياع والإرسال أو لها بقيد لحاظ كونها لا بشرط لما صح حملها إلا مع التجريد لبداهة عدم صدق الماهية بشرط الشياع على فرد من الأفراد وهكذا الماهية مع لحاظ كونها لا بشرط إذ المقيد باللحاظ لا موطن له الا في الذهن فكيف يتحد مع الخارجيات ويصدق عليها.

(أقول) هذا مضافا إلى ما ستعرفه في علم الجنس من أن الوضع لمعنى مقيد يحتاج إلى التجريد عند الحمل لغو لا يصدر عن جاهل فضلا عن الحكيم ومضافا إلى أن الوضع لمعنى مركب من اللحاظ مما يوجب تعدد اللحاظ عند الاستعمال أحدهما يكون جزء الموضوع له والآخر متعلقا بالمجموع بداهة أن تصور المستعمل فيه مما لا بد منه في استعمال الألفاظ كما تقدم ذلك في الحروف مفصلا وهو كما ترى (ثم ان) في وضع أسامي الأجناس أقوال ثلاثة.

(أحدها) ما عرفته من المصنف وهو خيرة المحققين (قال في الفصول)

٣٤٨

في الفصل الثاني من العام والخاصّ (ما لفظه) الحق أن اسم الجنس كرجل مجردا عن اللواحق موضوع للماهية من حيث هي وعليه المحققون (انتهى) ومقصوده من اللواحق هو اللام والتنوين والألف والنون أي علامة التثنية ونحو ذلك

(ثانيها) ما نسب إلى المشهور من وضع اسم الجنس الّذي هو أم المطلقات لما قيد بالشياع والسريان بحيث كان الشياع والسريان جزء المدلول ولكن سيأتي ذيل النكرة تصريح المصنف بان الكلام في صدق النسبة وأنه لم يعلم ذلك منهم.

(ثالثها) أن يكون اسم الجنس موضوعا للفرد المنتشر بحيث لا يبقى فرق بينه وما سيأتي من النكرة بالمعنى الثاني وهي الطبيعة المقيدة بالوحدة (قال في الفصول) بعد عبارته المتقدمة (ما لفظه) وقيل بل موضوع للفرد المنتشر وهو مردود بشهادة التبادر على خلافه (انتهى) هذا ملخص الأقوال في اسم الجنس وقد عرفت أن الحق فيه هو الأول تبعا للمصنف وعامة المحققين

(قوله الّذي هو المعنى بشرط بشيء ... إلخ) صفة للملحوظ معه شيء فلا تغفل.

(قوله ولا الملحوظ معه عدم لحاظ شيء معه الّذي هو الماهية اللابشرط القسمي ... إلخ) فيه من سوء التعبير ما لا يخفى والصحيح أن يقال هكذا ولا الملحوظ معه اللابشرطية بحيث كان أحد جزئيّ الموضوع له ذات المعنى والجزء الآخر لحاظه لا بشرط.

(قوله وذلك لوضوح صدقها بما لها من المعنى بلا عناية التجريد ... إلخ) دليل لقوله وبالجملة الموضوع له اسم الجنس هو نفس المعنى وصرف المفهوم الغير الملحوظ معه شيء أصلا ... إلخ وقد عرفت شرح الدليل آنفا فلا نعيد.

٣٤٩

(قوله مع بداهة عدم صدق المفهوم بشرط العموم على فرد من الأفراد ... إلخ) هذا من متممات قوله المتقدم وذلك لوضوح صدقها ... إلخ وليس هو دليلا مستقلا برأسه والمعنى هكذا أي وذلك لوضوح صدقها بما لها من المعنى بلا عناية التجريد فلو كانت موضوعة للمعنى بشرط الإرسال والعموم البدلي أو مع قيد لحاظ اللابشرطية لم يصح صدقها بلا عناية التجريد لبداهة عدم صدق المفهوم بشرط العموم على فرد من الافراد وكذا المفهوم المقيد بلحاظ اللابشرطية فان المقيد باللحاظ لا موطن له الا في الذهن.

(قوله وان كان يعم كل واحد منها بدلا أو استيعابا ... إلخ) فان المفهوم بشرط العموم وإن لم يصدق على فرد من الافراد ولكنه يعم كل واحد منها بدلا كما في أعتق رقبة أو استيعابا كما في أحل الله البيع.

(قوله وكذا المفهوم اللابشرط القسمي ... إلخ) عطف على قوله المفهوم بشرط العموم أي مع بداهة عدم صدق المفهوم بشرط العموم وكذا المفهوم اللابشرط القسمي.

(قوله فانه كلي عقلي لا موطن له الا في الذهن ... إلخ) وفيه ما لا يخفى فان المفهوم بمجرد تقيده باللحاظ لا يكاد يكون كليا عقليا وان كان حاله حال الكلي العقلي في عدم الصدق على الخارجيات وفي كونه مما لا موطن له الا في الذهن فان الكلي العقلي هو الكلي الطبيعي المقيد بالكلي المنطقي كالإنسان المقيد بالكلية أي بالصدق على كثيرين وليس هو المقيد باللحاظ وقد تقدم من المصنف نظير ذلك في المعاني الحرفية فزعم أن المعنى الحرفي بمجرد تقيده باللحاظ الذهني يكون كليا عقليا وقد عرفت تفصيل الكلام هناك فراجع.

٣٥٠

في علم الجنس

(قوله ومنها علم الجنس كأسامة والمشهور بين أهل العربية أنه موضوع للطبيعة لا بما هي هي بل بما هي متعينة بالتعين الذهني ... إلخ) (قال المحقق القمي) في القانون الثالث في العام والخاصّ (ما هذا لفظه) وأما الفرق بين علم الجنس واسم الجنس فهو أن علم الجنس قد وضع للماهية المتحدة مع ملاحظة تعينها وحضورها في الذهن كأسامة فقد تراهم يعاملون معها معاملة المعارف بخلاف اسم الجنس فان التعيين والتعريف انما يحصل فيه بالآلة مثل الألف واللام فالعلم يدل عليه بجوهره واسم الجنس بالآلة انتهى (وقال في الفصول) في جملة ما أفاده في الفصل الثاني من العام والخاصّ (ما هذا لفظه) وعلى قياسه علم الجنس كأسامة فانها موضوعة للماهية المعينة باعتبار تعينها الجنسي أو الذهني ولهذا تعد معرفة ويعامل معها معاملتها وبه يفرق بينه وبين اسم الجنس الموضوع للماهية المعينة لا باعتبار تعينها كأسد ولا فرق بين علم الجنس والمعرف بلام الجنس إلا أن التعريف في الأول ذاتي وملحوظ في وضع الكلمة وفي الثاني عارضي وطار على الكلمة بضميمة أمر خارج وأن الثاني يتضمن الإشارة إلى الماهية بخلاف الأول هذا على ما نراه من أن المعتبر في المعرف بلام الجنس وعلمه هو التعين الجنسي لكن المتداول في كتب القوم وغيرهم أن المعتبر فيها التعين الذهني حيث صرحوا بان أسدا أي بدون اللام يدل على الماهية الحاضرة في الذهن لكن لا باعتبار حضورها وتميزها فيه ولفظ الأسد أي مع اللام وأسامة يدلان عليها باعتبار حضورها وتميزها فيه وهذا أيضا لا يخلو من وجه إلّا أن الأول أسد وأقرب إلى الاعتبار (انتهى)

٣٥١

(أقول) ومحصل الكل أن الفرق بين اسم الجنس وعلم الجنس عند أهل العربية أن اسم الجنس موضوع لنفس الطبيعة بما هي هي ولكن علم الجنس موضوع للطبيعة بما هي متعينة متميزة في الذهن من بين ساير الأجناس بحيث ما لم يلحظ المعنى كذلك لم يكن مفاد علم الجنس.

(قوله لكن التحقيق أنه موضوع لصرف المعنى بلا لحاظ شيء معه أصلا ... إلخ) (وحاصل تحقيق المصنف) أن حال علم الجنس كحال اسم الجنس عينا موضوع لنفس المعنى بما هو هو بلا لحاظ تعينه وتميزه في الذهن من بين ساير المعاني أصلا ليكون معرفة بسببه وأما التعريف فيه فلفظي أي يعامل معه معاملة المعرفة من جواز الابتداء به ونحوه لا حقيقي معنوي وهذا نظير التأنيث اللفظي فيعامل معه معاملة المؤنث من حيث إرجاع الضمير والتوصيف وأشباه ذلك من دون أن يكون مؤنثا حقيقيا وإلّا بان كان علم الجنس موضوعا للمعنى مع لحاظ تعينه وتميزه في الذهن من بين ساير المعاني كما هو المشهور بين أهل العربية لما صح حمله على الأفراد بلا تصرف وتجريد فان المركب من اللحاظ أو المقيد به لا موطن له الا في الذهن فكيف يجوز حمله على الخارجيات ويتحد معها ما لم يجرد عن اللحاظ ومن المعلوم أن التصرف بالتجريد هو لا يخلو عن تعسف وتكلف (وقد أشار) إلى هذا الإيراد الأول بقوله وإلّا لما صح حمله على الأفراد بلا تصرف وتأويل ... إلخ (هذا مضافا) إلى أن الوضع لمعنى مركب أو مقيد يحتاج إلى التجريد عن الجزء أو القيد عند الاستعمال لا يكاد يصدر عن جاهل فضلا عن الواضع الحكيم (وقد أشار) إلى هذا الإيراد الثاني بقوله مع أن وضعه لخصوص معنى يحتاج إلى تجريده ... إلخ (ثم ان صاحب الفصول رحمه‌الله) قد أشار إلى الإيراد الأول وتفصى عنه بما مرجعه إلى التجريد مع الاعتراف بما فيه

٣٥٢

من التعسف (قال) بعد كلامه المتقدم بيسير (ما هذا لفظه) فان قلت إذا كان كل من علم الجنس والمعرف بلامه عبارة عن الماهية والحاضرة في الذهن باعتبار حضورها وتميزها فيه كما يقولون لكان معنى أكرم الرّجل أكرم الماهية الحاضرة في الذهن باعتبار حضورها وتميزها ولكان معنى رأيت أسامة رأيت الماهية الحاضرة في الذهن باعتبار حضورها فيه وظاهر أن الماهية باعتبار حضورها في الذهن مما لا يصلح لتعلق الإكرام والرؤية به وعلى قياسه ساير الموارد قلت يمكن التفصي عنه بان ملاحظة الماهية باعتبار في إطلاق اللفظ عليه لا يوجب أن يكون الحكم عليها بذلك الاعتبار فيجوز أن يلاحظ الماهية باعتبار حضورها في الذهن ويحكم عليها باعتبار آخر وفيه تعسف (انتهى)

(أقول) من الممكن أن يقال إن اسم الجنس وعلم الجنس هما موضوعان لمعنى واحد ولكن اللحاظ مما لا بد منه في حال الاستعمال بلا كلام فان لوحظ المعنى بما هو هو فوضع اسم الجنس ليستعمل فيه وان لوحظ بما هو متميز ومتعين من بين ساير المعاني والأجناس فوضع علم الجنس ليستعمل فيه فاللحاظ في كل منهما خارج عن متن المعنى ويكون من مسوغات الاستعمال كما قال بذلك المصنف عينا في الفرق بين الاسم والحرف (وعليه) فيمتاز علم الجنس عن اسم الجنس من دون أن يرد عليه شيء من إيرادي المصنف أصلا ولعل مراد المشهور من أهل العربية في الفرق بين اسم الجنس وعلم الجنس هو ذلك غير أن هذا كله أمر جائز ثبوتا ولا دليل عليه إثباتا إلّا إذا ادعى في علم الجنس انسباق التميز والتعين من بين ساير الأجناس كما ليس ببعيد فيحمل على ما ذكرنا ولا شيء عليهم فتأمل جيدا.

(قوله وإلّا لما صح حمله على الأفراد ... إلخ) إشارة إلى الإيراد الأول على مقالة المشهور من أهل العربية كما أشير آنفا.

٣٥٣

(قوله لأنه على المشهور كلي عقلي ... إلخ) وفيه ما عرفته آنفا قبيل الشروع في علم الجنس من أن المعنى بمجرد كونه مما لا موطن له الا في الذهن لا يكون كليا عقليا وان كان حاله كحاله في عدم الصدق على الخارجيات.

(قوله ضرورة أن التصرف في المحمول بإرادة نفس المعنى بدون قيده تعسف ... إلخ) هذا من متممات الإيراد الأول والمعنى هكذا لكن التحقيق أن علم الجنس موضوع لصرف المعنى بلا لحاظ شيء معه وإلّا لما صح حمله على الأفراد بلا تصرف وتأويل ومن الضروري أن التصرف في المحمول بإرادة نفس المعنى بدون قيده تعسف لا يمكن الالتزام به.

(قوله مع أن وضعه لخصوص معنى ... إلخ) إشارة إلى الإيراد الثاني على مقالة المشهور من أهل العربية كما أشير آنفا أيضا.

في المفرد المعرف باللام

(قوله ومنها المفرد المعرف باللام ... إلخ) أي بلام الجنس فالمعرف بلام الاستغراق أو العهد بأقسامه بل المعرف بلام الجنس أيضا إذا أفاد العموم بمقدمات الحكمة كما في أحل الله البيع ليس من المطلق كما تقدمت الإشارة إليه ويأتي أيضا.

(قوله والمشهور أنه على أقسام ... إلخ) قد عرفت أقسام اللام في صدر العام والخاصّ وانها على أنحاء (زائدة) وهي الداخلة على بعض الأعلام كالحسن والحسين (وموصولة) وهي الداخلة على أسماء الفاعلين والمفعولين (وحرف تعريف) وإشارة وهي الداخلة على الجمع المنكر والمفرد المنكر وان التي للتعريف والإشارة هي على نوعين (عهدية) بأقسامها الثلاثة فتكون

٣٥٤

للإشارة إلى المذكور في الكلام أو الحاضر في مجلس الخطاب أو المعهود في ذهن المخاطب (وجنسية) بقسميها فتكون للاستغراق والإشارة إلى الأفراد الخارجية أو للإشارة إلى الجنس والطبيعة والماهية فراجع.

(قوله والظاهر أن الخصوصية في كل واحد من الأقسام ... إلخ) وحاصله أن خصوصية الجنس أو الاستغراق أو العهد بأقسامه انما هي مستفادة من اللام كما هو المشهور عند أهل العربية أو من قرائن المقام كما سيأتي من المصنف بنحو تعدد الدال والمدلول فمدخول اللام يدل على ما وضع له اللفظ واللام أو قرائن المقام تدل على الجنس أو الاستغراق أو العهد بأقسامه لا بإرادتها من المدخول منضما إلى معناه الموضوع له كي يلزم التجوز أو الاشتراك اللفظي.

(قوله والمعروف أن اللام تكون موضوعة للتعريف ومفيدة للتعيين ... إلخ) فانها إذا أشير بها إلى الجنس والماهية أو إلى الأفراد بنحو الاستغراق والاستيعاب أو إلى الفرد المذكور أو الحاضر أو المعهود فقد أفادت التعيين وهو معنى كونها موضوعة للتعريف (وقد أورد عليه المصنف) بعد ما جعل محط كلامه خصوص لام الجنس بما حاصله أنه لا معنى لكون اللام لتعريف الجنس الا كونها إشارة إلى المعنى المتميز في الذهن من بين ساير المعاني ولازم ذلك أن لا يصح حمل المعرف باللام على الفرد كما في قوله تعالى ان شانئك هو الأبتر فان المقيد بالتميز في الذهن لا موطن له الا في الذهن ولا يكاد يتحد مع الخارجيات ويحمل عليها إلّا بالتجريد وهو تعسف كما تقدم في علم الجنس (وقد أشار) إلى هذا الإيراد بقوله ولازمه أن لا يصح حمل المعرف باللام إلى قوله إلّا بالتجريد ... إلخ (هذا مضافا) إلى أن الوضع لمعنى مقيد يحتاج عند الحمل إلى التجريد عن القيد لغو عبث لا يكاد يصدر عن جاهل فضلا عن

٣٥٥

الواضع الحكيم كما تقدم في علم الجنس أيضا (وقد أشار) إلى هذا الإيراد بقوله هذا مضافا إلى أن الوضع لما لا حاجة إليه إلى قوله كان لغوا كما أشرنا إليه ... إلخ

(أقول) ويمكن التفصي عن ذلك بان اللام موضوعة للإشارة إلى نفس المعنى بما هو لا إلى المعنى المتميز في الذهن من بين ساير المعاني فان المفروض أن اسم الجنس موضوع لنفس المعنى بما هو هو واللام موضوعة عندهم للإشارة فيكون مفاد المجموع أي المعرف بلام الجنس هو الإشارة إلى نفس المعنى بما هو هو فمن أين جاء قيد التميز الذهني المانع عن صحة الحمل إلّا بالتجريد

(نعم) الإشارة إلى المعنى مما يستدعى حضوره في الذهن وتميزه فيه من بين ساير المعاني فتوجب التعيين والتعريف وهذا بعينه موجود في أسماء الإشارة والضمائر أيضا من غير فرق بينهما وبين اللام أصلا تقول زيد هذا أو عمرو هو فتكون لفظة هذا أو هو إشارة إلى نفس المعنى بما هو هو والإشارة إليه مما تستدعى حضوره في الذهن وتميزه فيه من بين ساير المعاني من دون أن تكون هي إشارة إلى المعنى المتميز في الذهن بهذا القيد كي يمتنع حملها على الخارجيات (وعلى هذا كله) فلا محذور عقلا في كون اللام ثبوتا للتعريف والإشارة ويبقى في المقام وجود ما دل عليه إثباتا وستأتي الإشارة إليه فانتظر

(قوله في غير العهد الذهني ... إلخ) بل وحتى في العهد الذهني غايته انها مفيدة للتعريف والتعيين للمخاطب خاصة من جهة معهودية المعنى في ذهنه لا في ذهن غيره.

(قوله ولازمه أن لا يصح حمل المعرف باللام ... إلخ) إشارة إلى الإيراد الأول على مقالة المشهور كما أشير آنفا.

(قوله ومعه لا فائدة في التقييد ... إلخ) بل يكون لغوا جدا كما سيأتي التصريح به في الإيراد الثاني الّذي يشير إليه بقوله هذا مضافا إلى أن

٣٥٦

الوضع لما لا حاجة إليه إلى قوله كان لغوا ومن هنا يعرف أن ذكر هذه العبارة في وسط هذا الإيراد الأول مما لا يناسب.

(قوله مع أن التأويل والتصرف في القضايا المتداولة في العرف غير خال عن التعسف ... إلخ) قد يتخيل أن هذا إيراد مستقل وليس كذلك بل هو من متممات الإيراد الأول الّذي قد أشار إليه بقوله ولازمه أن لا يصح حمل المعرف باللام ... إلخ أي ولازمه أن لا يصح حمل المعرف باللام على الأفراد إلا بالتجريد والتجريد في القضايا المتداولة في العرف مما لا يخلو عن التعسف.

(قوله هذا مضافا إلى أن الوضع لما لا حاجة إليه ... إلخ) إشارة إلى الإيراد الثاني على مقالة المشهور كما أشير آنفا أيضا.

(قوله فالظاهر أن اللام مطلقا تكون للتزيين كما في الحسن والحسين ... إلخ) تفريع على ما أورده المصنف على مقالة المشهور من كون اللام موضوعة للتعريف ومفيدة للتعيين فان اللام إذا لم تكن للتعريف لما فيه من المحذورين المتقدمين كانت هي لمجرد التزيين قهرا كما في الداخلة على بعض الأعلام كالحسن والحسين والعباس والقاسم ونحو ذلك واستفادة الخصوصيات من الجنس والاستغراق والعهد بأقسامه تكون بالقرائن (وفيه) بعد ما عرفت من عدم المحذور فيه ثبوتا أن تبادر الإشارة منها إما إلى الأفراد الخارجية كما في جمع الأمير الصاغة أو إلى الجنس والماهية كما في الرّجل خير من المرأة أو إلى الفرد الحاضر أو المذكور أو المعهود كما في جاء الرّجل مما يقضى إثباتا بعدم كونها لمجرد التزيين.

(قوله ولو قيل بإفادة اللام للإشارة إلى المعنى ... إلخ) كلمة ولو وصلية أي واستفادة تلك الخصوصيات إنما تكون بالقرائن ولو قيل بإفادة

٣٥٧

اللام للإشارة إلى المعنى فان اللام على هذا القول تكون مشتركة بين تلك الخصوصيات من الجنس والاستغراق والعهد بأقسامه ومع الاشتراك لا بد من قرائن تتعين بها تلك الخصوصيات ومن المعلوم أن مع وجود تلك القرائن لا حاجة إلى الالتزام بكون اللام للإشارة لو لم تكن مخلة وقد عرفت إخلالها لما يلزم منها من المحذورين المتقدمين.

(قوله وأما دلالة الجمع المعرف باللام على العموم ... إلخ) رد على الفصول وتفصيله انه (قال) رحمه‌الله في العام والخاصّ (ما هذا لفظه) فصل الجمع المعرف يقتضى العموم حيث لا عهد وعليه محققو مخالفينا ولا خلاف فيه بين أصحابنا على ما حكاه بعضهم (إلى أن قال) ثم هنا مباحث لا بد من التنبيه عليها الأول أن إفادة الجمع المعرف للعموم ليست لكون اللام فيه موضوعة للعموم كما سبق إلى أوهام كثير من القاصرين ولا لكون المركب من الجمع والأدوات موضوعا بوضع نوعي لذلك كما توهمه بعض المعاصرين بل لعدم تعين شيء من مراتب الجمع عند الإطلاق بحيث يصلح لأن يشار إليه لدى السامع سوى الجميع فيتعين للإرادة انتهى (فيقول المصنف) إن دلالة الجمع المعرف باللام على العموم بعد وضوح عدم دلالة المدخول على شيء من تلك الخصوصيات أي الجنس والاستغراق والعهد بأقسامه ليست هي لدلالة اللام على الإشارة إلى المرتبة المستغرقة للجميع كما ادعى في الفصول بتخيل عدم تعين شيء من مراتب الجمع عند الإطلاق سوى الجميع فيتعين للإرادة وذلك لتعين المرتبة الأخرى منها وهي أقل مراتب الجمع بل دلالته على العموم هي لوضع الجمع المعرف باللام من حيث المجموع للعموم وإن لم يكن اللام وحدها ولا الجمع وحده للعموم (وقد أخذ المصنف) هذا المعنى من المحقق القمي أعلى الله مقامه فانه الذي التزم في الجمع المحلى باللام في العام

٣٥٨

والخاصّ بوضع مستقل من حيث المجموع للعموم الأفرادي ومن هنا يظهر أن مراد الفصول من بعض المعاصرين هو المحقق القمي.

(أقول) ولعمري أن الالتزام بوضع الجمع المحلى باللام من حيث المجموع للعموم ليس إلا من ضيق الخناق والحق أن إفادته العموم هي لأجل كون اللام للإشارة كما هو المعروف المشهور لكن لا لعدم تعين شيء من مراتب الجمع عند الإطلاق فيتعين الجميع كما أفاد صاحب الفصول بل لكون اللام بنفسها للإشارة إلى جميع الأفراد ويسمى هذا القسم بلام الاستغراق حتى قيل في تعريفها وهي التي تخلفها لفظة كل حقيقة كما أن منها للإشارة إلى أفراد مخصوصة ويسمى بلام العهد بأقسامه من الذكرى والحضوري والذهني ومنها للإشارة إلى مجرد الجنس والماهية من دون الذكرى والحضوري والذهني ومنها للإشارة إلى مجرد الجنس والماهية من دون نظر إلى الأفراد الخارجية ويسمى بلام الجنس على ما تقدم تفصيل الكل في بحث العام والخاصّ فراجع

(قوله وإن أبيت الا عن استناد الدلالة عليه إليه ... إلخ) وحاصله ان دلالة الجمع المعرف باللام على العموم مستندة إلى وضعه من حيث المجموع للعموم وإن أبيت الا عن استناد الدلالة عليه إلى اللام فلا محيص عن دلالة اللام على الاستغراق بلا توسيط الدلالة على الإشارة ليكون بسببها التعيين والتعريف الحقيقي بل ليس التعريف فيه الا لفظيا كما تقدم في علم الجنس يعامل معه معاملة المعرفة من جواز الابتداء به ونحوه.

(أقول) ان معنى وضع اللام للاستغراق بلا توسيط الإشارة هو أن تكون اللام موضوعة لما يرادف لفظة كل وهو كما ترى ضعيف فان التي للاستغراق وان صح أن يخلفها لفظة كل حقيقة كما أشير آنفا ولكن ليس معناه أن مفهومها عين مفهوم لفظة كل بل مفهومها بمقتضى التبادر هو الإشارة إلى الأفراد الخارجية بأجمعها فتؤدي ما تؤديه لفظة كل فتأمل جيدا.

٣٥٩

في النكرة

(قوله ومنها النكرة مثل رجل في وجاء رجل من أقصى المدينة أو في جئني برجل ... إلخ) قد عرفت أن اسم الجنس موضوع للماهية بما هي هي مبهمة مهملة المسماة باللابشرط المقسمي ليس فيه قلة ولا كثرة ولا وحدة ولا تعدد (وأما النكرة) فهي عين اسم الجنس إذا دخل عليه تنوين التنكير وأفاد الوحدة فإذا كان اسم الجنس غير منصرف كصفراء وحمراء أو كان منصرفا ودخل عليه اللام كالإنسان والحيوان أو كان مبنيا لا معربا كقبل وبعد أو كان معربا ولكن قرأ بالسكون ولم يدخل عليه التنوين أو دخل عليه التنوين ولم يفد الوحدة كتنوين التمكن الّذي به يتم الاسم ويكون لمحض الدلالة على أن الاسم معرب لا مبنى ولا غير منصرف كما في قولك هذا رجل لا امرأة على ما مثل به المحقق القمي رحمه‌الله أو غلام لا جارية ففي جميع ذلك كله لا يكون اسم الجنس نكرة (وأما إذا دخل) عليه تنوين التنكير وأفاد الوحدة كما في قولك جاءني رجل لا رجلان فهو النكرة في الاصطلاح (وقد يطلق النكرة) على جميع ذلك كله سوى المعرف باللام في قبال المعارف كالضمائر والأعلام ونحوهما فالأوّل نكرة بالمعنى الأخص والثاني نكرة بالمعنى الأعم ويستفاد ذلك من كلام الفصول أيضا (قال في الفصل الثاني) من العام والخاصّ (ما هذا لفظه) وتوضيح المرام أن لاسم الجنس في صحيح الاستعمال حالات إحداها أن يتجرد عن جميع اللواحق كما إذا كان غير منصرف (إلى أن قال) الثانية أن يلحقه تنوين التمكن وهو يفيد تمامية الاسم فقط (إلى أن قال) الثالثة أن يلحقه تنوين التنكير ويسمى حينئذ نكرة وقد يطلق النكرة على ما

٣٦٠