تأويلات أهل السنّة تفسير الماتريدي - ج ٨

أبي منصور محمّد بن محمّد بن محمود الماتريدي

تأويلات أهل السنّة تفسير الماتريدي - ج ٨

المؤلف:

أبي منصور محمّد بن محمّد بن محمود الماتريدي


المحقق: الدكتور مجدي باسلّوم
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
2-7451-4716-1

الصفحات: ٧١٩

فإذا كان المعدوم شيئا ـ على قولهم ـ كما شيئية الأشياء لم تزل كائنة.

ويقولون : إنه لم يكن من الله إلا إيجادها ، فإذا كان ما ذكروا لم يكن هو خالق شيء به ؛ فضلا عن أن يكون خالق كل شيء ـ على ما ذكر ـ ووصف نفسه بخلق كل شيء ، فيكون كل شيء قولهم في التحقيق والتحصيل قول الدهرية والثنوية ؛ لأن الدهرية يقولون بقدم الطينة ، والهيولى ، ونحوه ، وينكرون كون الشيء من لا شيء. وكذلك الثنوية يقولون بقدم النور والظلمة ، ثم كون كل جنس من جنسه ، وكون كل شيء من أصله.

فعلى ذلك قول المعتزلة : إن المعدوم شيء يرجع في التحقيق إلى ما ذكرنا من أقاويلهما.

ثم قوله : (خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) يخرج على ذكر الربوبية ، والألوهية ، والوصف له بالمدح ؛ لما ذكرنا أن إضافة كلية الأشياء إلى الله ـ عزوجل ـ تخرج مخرج الوصف له بالتعظيم والإجلال له ، وإضافة الأشياء المخصوصة إليه تخرج مخرج التعظيم للمضافة إليه.

وإذا كان ما ذكر ما كان قوله ـ عزوجل ـ : (خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) مخصصا شيئا دون شيء ـ على ما يقوله المعتزلة ـ لم يخرج مخرج الوصف له بالربوبية والألوهية ، ولا خرج مخرج المدح له والتعظيم ، ثم إنه لا شك أنه لو لم يكن خالقا لأفعال الخلق لم يكن خالقا من عشرة ألف شيء (١) ، فدل أنه خالق الأشياء كلها للأفعال والأجسام والجواهر جميعا.

فإن قيل : إنكم لا تقولون : خالق الأنجاس والأقذار والخنازير ونحوه ، فإنما يرجع قوله ـ عزوجل ـ : (خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) إلى خصوص.

قيل : إنه لا يقال ولا يوصف بخلق هذه الأشياء على التقييد والتخصيص : يا خالق الأنجاس والأقذار وما ذكر ؛ لأنه يخرج الوصف له بذلك مخرج الهجاء والذم ، وكان في الجملة يوصف بذلك ، ويدخل الأشياء كلها في ذلك ؛ لما ذكرنا أن قوله ـ عزوجل ـ : (خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) يخرج مخرج الامتداح والتعظيم له ، والوصف بالربوبية له والألوهية ؛ ألا ترى أنه لا يقال ـ على التخصيص ـ : إنه وكيل ؛ وإن كان في الجملة يقال ـ كما ذكرنا ـ : (وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) ؛ لأنه في الجملة يخرج مخرج الربوبية له والألوهية ، والوصف له بالمدح ، وعلى التخصيص والإفراد ، [يخرج] على الهجاء والذم ؛ لذلك افترقا ، والله أعلم.

وقوله ـ عزوجل ـ : (لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ).

كأنه يقول : (لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ).

__________________

(١) كذا في أ.

٧٠١

قيل : هي (١) المفاتيح ، وهي فارسية عربت.

وجائز أن يكون قوله ـ عزوجل ـ : [(لَهُ مَقالِيدُ) أي :] له مفاتيح : جميع البركات والخيرات على أهل السموات والأرض ، يخبر أن ذلك كله بيده ، ليس بيد أحد سواه ، منه يطلب ذلك ، ومنه يستفاد ، والله أعلم.

ثم لم يفهم مما أضيف إليه من المقاليد ما يفهم من مقاليد الخلق لو أضيف إليهم ؛ فكيف فهم مما أضيف إليه : من مجيء ، أو استواء ، وغير ذلك ما فهم مما أضيف إلى الخلق ، والله الموفق؟

وقوله ـ عزوجل ـ : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ).

كأن الله ـ عزوجل ـ جعل هذه الدنيا وما فيها لأهلها ، وبين أحوالهم ، يتخيرون بها ويشترون بها الآخرة ، ويتزودون لها ؛ ولذلك قال ـ عزوجل ـ : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ) [البقرة : ٢٠٧] ، وقوله ـ عزوجل ـ : (يَشْرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ) [النساء : ٧٤] فمن [لم] يتزود [لم] يجعلها بلغة إلى الآخرة سمى : خاسرا مغبونا ، والله أعلم.

وقوله ـ عزوجل ـ : (أَفَغَيْرَ اللهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجاهِلُونَ).

دلت هذه الآية على أن سفه أولئك الكفرة قد بلغ غايته ، وجاوز حده ؛ حتى دعوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى عبادة من دونه ؛ بعد ما عرفوا فضيلة الرسالة والرسول وخصوصيته ؛ حتى أنكروا الرسالة في البشر ، وبعث البشر رسولا ، فلو لا ما وقع عندهم من الفضيلة للرسول ، والخصوصية له ؛ وإلا لم يحتمل أن ينكروا وضعها في البشر وبعث البشر رسولا ، ثم قد أتاهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من البيان والحجج ما قد قرر عندهم أنه الرسول إليهم ، فمع ما تقرر عندهم ذلك دعوه إلى أن يعبد غير الله دونه ، فيكون لهم ، فهذا منهم تناقض في القول وسفه ؛ حين صيروا المفضل والمخصوص بالرسالة في العبادة من دونه كغير المفضل والمخصوص بها ـ والله أعلم ـ ليعلم أنهم لسفههم وتعنتهم كانوا يدعونه إلى عبادة من دون الله ، والله أعلم.

وقوله ـ عزوجل ـ : (أَيُّهَا الْجاهِلُونَ).

سماهم : جهلة بما أمروه ودعوه إلى عبادة غير الله ، وكذلك قال موسى ـ عليه‌السلام ـ لقومه حين سألوا موسى أن يجعل لهم إلها كما لهم آلهة ؛ فقال : (إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ) [الأعراف : ١٣٨].

__________________

(١) قاله مجاهد أخرجه الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر كما في الدر المنثور (٥ / ٦٢٥) ، وهو قول ابن عباس وقتادة والسدي وابن زيد.

٧٠٢

ثم يحتمل قوله ـ عزوجل ـ : (أَيُّهَا الْجاهِلُونَ) وجوها :

أحدها : أيها الجاهلون في التسوية بين المفضل والمخصوص وبين من لم يخص ؛ فذلك في عبادة غير الله.

أو جاهلون عن هداية الله وخصوصيته.

أو جاهلون عن جميع نعمه وإحسانه ، حيث لم يذكروه فيها ، والله أعلم.

وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ).

يحتمل هذا وجهين :

أحدهما : كأنه يقول : ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك ـ وقيل : لكل رسول ـ (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) ، ذكر هذا ؛ ليعلم أن الشرك يحبط العمل ، وإن أتى به من قد جل قدره ، وعظمت منزلته عنده.

والثاني : ولقد أوحي إليك وإلى من كان قبلك : لئن أشركت أنت ليحبطن عملك.

وقوله ـ عزوجل ـ : (بَلِ اللهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ) يحتمل وجوها :

يحتمل : كن من الشاكرين لنعم الله جميعا.

أو الشاكرين للخصوصية التي خصصت بها أو الهداية التي هديت ، والله أعلم.

وفي حرف ابن مسعود وأبيّ ـ رضي الله عنهما ـ : (لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي : له ملك السموات والأرض.

قال الكسائي : (مَقالِيدُ) : فارسية معربة ، وواحد المقاليد : إقليد.

وقال بعضهم في قوله ـ عزوجل ـ : (أَلَيْسَ اللهُ بِكافٍ عَبْدَهُ) قال : بلى ، والله ليكفينه الله ، وبعزه وبنصره كاف عبده ، وأصله ما ذكرنا ، والله أعلم.

وقوله ـ عزوجل ـ : (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً) ذكر أهل التأويل : أن اليهود أتوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقالوا له : إن ربك كذا وكذا ، وإن السموات على كذا منه ، والأرض على كذا ؛ ذكروه له ووصفوه كما يوصف الخلق ؛ فنزل قوله ـ عزوجل ـ : (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ) قيل (١) : ما عرفوا الله حق معرفته ، ولا عظموه حق عظمته.

ويذكر أهل الكلام : أن اليهود مشبهة ، وكذلك قالوا بالولد ؛ حيث قالوا : عزير ابن الله ، وقالت النصارى : المسيح ابن الله ؛ فلو لم يكونوا عرفوه بما يعرف به الخلق ، لم يكونوا يقولون له بالولد كما يقولون للخلق من الولد ؛ فدل ما وصفوا له وذكروا له أنهم عرفوه بمعنى الخلق ، فتعالى الله عما تقوله الملاحدة علوّا كبيرا.

__________________

(١) انظر : تفسير ابن جرير (١١ / ٢٣) وتفسير البغوي (٤ / ٨٧).

٧٠٣

ثم قوله ـ عزوجل ـ : (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ) أي : ما عرفوا الله حق معرفته.

أو ما عظموه حق عظمته ما يحتمل وسع الخلق ، وكذلك لم يعرفوه حق معرفته التي يحتمله وسع البشر بينهم ، فأما معرفة الله حق معرفته أو تعظيم الله حق عظمته ما لا يحتمله وسع الخلق ، وهو لم يكلفهم أن يعرفوه حق معرفته أو يعظموه ؛ لأنه لا يحتمل وسع الخلق ذلك وإنما كلفهم ما احتمله وسعهم ؛ فالمشبهة ـ حيث وصفوه كما وصف الخلق من يعاينوه ـ لم يعرفوه المعرفة التي يحتمل وسع الخلق وبنيتهم ، ولا عظموه العظمة التي يحتمل وسع الخلق وبنيتهم.

ثم إن الله ـ سبحانه ـ جعل سبب معرفته الاستدلال بآثار الأفعال ، لا بأفعال المحسوسات ، فلا تفهم معرفته ، ولا تقدر بمعرفة الخلق وتقديرهم مع ما جعل الله ـ سبحانه وتعالى ـ الخلق على قسمين :

قسم منها مما يحاط به وتدرك حقيقته ، وهو المحسوس منه والمدرك.

وقسم مما يعرف بآثار الأفعال والاستدلال بها ، وهو غير محسوس من العقل ، والبصر ، والسمع ، والروح ، وغير ذلك ، فإذ لم يدرك من خلقه ولم يحط به مما سبيل الاستدلال [عليه] بآثار الأفعال بالحس ، فالذي أنشأ ذلك وأبدعه أحق ألا يدرك ولا يحاط بمعرفته كما يحاط ويدرك المحسوس معرفته ؛ إذ الموصل إلى معرفته الاستدلال بآثار الأفعال [لا] بالمحسوس ، والله أعلم.

وكذلك ما أضاف إلى نفسه من الأحرف لا يفهم منه ما لو أضيف ذلك إلى الخلق ؛ من نحو الاستواء ، والمجيء ، والإتيان ، ونحو ذلك ، ولا يقدر منه ما يقدر من الخلق على ما لم يفهم من مجيء الحق وإتيانه ما فهم من مجيء الخلق ولا إتيانهم ؛ فعلى ذلك لا يفهم قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه ما يفهم من قبضة الخلق وطيهم ويمينهم ؛ بل يفهم من ذلك كله [ما يفهم] من قوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [النحل : ٤٠] كل ما ذكر من القبضة والطي واليمين في ذلك (كُنْ) [دون أن كان منه] كاف أو نون أو شيء من ذلك ، لكنه ذكر (كُنْ) ؛ لأنه أخف كلام على الألسن ، وأوجز حرف يفهم منه المعنى ويعرف فيما بين الخلق ، والله أعلم.

وأصله أن الله ـ عزوجل ـ خاطبهم بما تعارفوا فيما بينهم حقيقة ، وإن كان ما تعارفوا فيما بينهم منفي عن الله ـ تعالى ـ نحو ما ذكر (لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ) [الحجرات : ١٠] ، وقوله ـ عزوجل ـ : (ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ) [آل عمران : ١٨٢] ، وقوله : (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ) [فصلت : ٤٢] لما باليد يقدم ويؤخر في الشاهد ، وإن لم يكن ما ذكر عمل اليد ، وذكر بين يدي ما ذكر ، وإن لم يكن بين يديه ؛ لما

٧٠٤

في الشاهد كذلك يتقدم ؛ فعلى ذلك ما أضاف إلى نفسه من أحرف كانت تلك منفية عنه ؛ لما في الشاهد بذلك يكون ، والله أعلم.

وأصل ذلك أن قد بينت بالتنزيل على ما ذكر من إضافة تلك الأحرف إلى الله ، وثبت بدليل السمع أن ليس كمثله شيء [و] في العقل تعاليه عن الأشباه والشركاء ، لزم القول بوقوع تلك الآيات على ما لا تشابه به يقع بينه وبين الخلق في الفعل ولا جهة من جهات الخلق ؛ إذ هو متعال عن جميع جهات الخلق في حد الإحداث والخلق ، فيلزم الإيمان بها على ما نطق به الكتاب وانتهى به عن المتشابه ، وتفويض المراد إلى من جاء عنه ذلك مع ما توجد الإضافة إلى الله ـ عزوجل ـ من نحو قوله ـ عزوجل ـ : (حُدُودَ اللهِ) [البقرة : ٢٢٩] ونحوه لا يحتمل فهم المضاف منه إلى غيره ، فكذلك ما ذكرنا يحتمل على إمكان وجوه فيما ينفى (١) معنى التشابه من ذلك ما يضمن فيها معاني ، نحو قوله ـ عزوجل ـ : (إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ ...) الآية [محمد : ٧] ، (وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ) ، والمرجع ، و (يَرْجُوا لِقاءَ اللهِ) ، و (فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ) [النساء : ٥٩] ، في غير ذلك مما أضيف إلى الله ، ولا معنى لتحقيقه في ذلك ، فيضمن في ذلك منّه ووعده ووعيده وغير ذلك من الوجوه مما يطول ذكره ويكثر ، فمثله أمر هذه الآيات.

والثاني : أن إضافة الأمور في الشاهد إلى الملوك وذكر التولي لهم ليس يخرج مخرج تحقيق كما هو جرى به الذكر ، ولكن على الكناية والعبارة عن غيره ؛ نحو ما قال : بلدة كذا في يد فلان وقبضته ، وأمر كذا في [يد] فلان ؛ إنما يراد بذلك قوته وقدرته ؛ فعلى ذلك ما ذكر من قبضته ويده ويمينه إنما هو الوصف له بالقوة ، والسلطان ، والقدرة على ذلك.

وقوله ـ عزوجل ـ : (سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) يحتمل تنزيه نفسه عما وصفه المشبهة وشبهوه بالخلق ، أو عما أشرك عبدة الأصنام بالله في العبادة ، وتسميتهم إياها : آلهة.

وقوله ـ عزوجل ـ : (وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ) هو على التقديم والتأخير ؛ كأنه يقول ـ عزوجل ـ : الأرض والسموات جميعا في قبضته مطويات بيمينه ، والله أعلم.

قوله تعالى : (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شاءَ اللهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ (٦٨) وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها وَوُضِعَ الْكِتابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَداءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (٦٩) وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِما يَفْعَلُونَ (٧٠) وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّى إِذا جاؤُها فُتِحَتْ أَبْوابُها وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها أَلَمْ

__________________

(١) في أ : يبقى.

٧٠٥

يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آياتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا قالُوا بَلى وَلكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذابِ عَلَى الْكافِرِينَ (٧١) قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (٧٢) وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ (٧٣) وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ (٧٤) وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ)(٧٥)

وقوله ـ عزوجل ـ : (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ) اختلف في قوله : (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ) أهو على حقيقة النفخ أم لا؟

قال بعضهم : ليس هنالك نفخ ولا شيء ، وإنما ذكر النفخ عبارة عن خفة الأمر على الله ـ عزوجل ـ [كقوله] : (وَما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ) [النحل : ٧٧] (وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ).

وقال بعضهم : ليس نفخا ، إنما هو عبارة عن قدر نفخة : أنه يحيي ويميت على قدر النفخة ؛ لأن أسرع شيء في الدنيا هي النفخة.

وقال بعضهم : هو على حقيقة النفخة من غير أن كانت النفخة سببا للإحياء والإماتة ، ولكن على جعل النفخة علما وآية للإحياء أو الإماتة ، امتحن بذلك الملك الذي كان موكلا به ، على ما امتحن ملك الموت بقبض الأرواح في أوقات جعلت له ؛ فعلى ذلك ما ذكر من النفخة ، والله أعلم.

ثم اختلف في الصور أيضا :

قال بعضهم : هو صور الخلق فيها ينفخ ، وإلى ذلك [ذهب] جميع أهل الكلام.

وقال [بعضهم] : ليس هو صور الخلق ، ولكن إنما هو قرن ؛ لأنه قال : الصور ، ولم يقل : صور بالتثقيل ، وإنما ذكره بالتخفيف ، وهو القرن ، وذكر صور الخلق بالتثقيل صور ؛ حيث قال : (فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ) [غافر : ٦٤] فلسنا ندري أيهما يقال جميعا أم لا الصّور والصّور ، والله أعلم.

وقوله ـ عزوجل ـ : (فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ) قال عامة أهل التفسير (١) والتأويل : الصعق : هو الموت.

وقال بعضهم : الصعق : هو الغشيان ؛ كقوله ـ عزوجل ـ : (وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً)

__________________

(١) قاله السدي أخرجه ابن جرير (٣٠٢٣٢) ، وانظر : تفسير البغوي (٤ / ٨٧).

٧٠٦

[الأعراف : ١٤٣] أي : مغشيّا عليه ؛ ألا ترى أنه قال ـ عزوجل ـ : (فَلَمَّا أَفاقَ) ، وإنما يفاق من الغشيان ، ولا يفاق من الموت ، والله أعلم بذلك.

وقوله ـ عزوجل ـ : (إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ) اختلف فيه ؛ قال بعضهم (١) : إنما استثنى الشهادة الذين استشهدوا في الدنيا ، والله أعلم.

وقال بعضهم (٢) : (إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ) هو جبرائيل ، وميكائيل ، وإسرافيل ، وملك الموت ، والله أعلم.

وقوله ـ عزوجل ـ : (ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى) :

قال بعضهم : تكون ثلاث نفخات : نفخة تحملهم على الفزع : (وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ ...) الآية [النمل : ٨٧] ، ثم الأخرى يموتون بها ، والثالثة يحيون بها ، وعلى هذا يروى حديث عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «ينفخ ثلاث ...» (٣) ذكر كما ذكرنا ، والله أعلم.

وقال بعضهم : نفختان ؛ على ما ذكر في هذه الآية : إحداهما : يموتون ، والثانية : يحيون بها ، والله أعلم.

وقوله ـ عزوجل ـ : (وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها) يحتمل (بِنُورِ) : الذي أنشأه الله ـ عزوجل ـ لها وجعله فيها ، ليس أن يكون لذاته نور أو شيء يضيء ، ويكون قوله ـ عزوجل ـ : (بِنُورِ رَبِّها) كقوله ـ عزوجل ـ : (بِنِعْمَةِ رَبِّكَ) [القلم : ٢] : بإحسان ربك ، وآلاء ربك ، لا يفهم منه سوى النعمة والنشأة والآلاء المجعولة ؛ فعلى ذلك قوله ـ عزوجل ـ : (بِنُورِ رَبِّها) لا يفهم منه نور الذات ولا شيء من ذلك.

ثم قوله ـ عزوجل ـ : (وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ) أي : أضاءت ، جائز أن يكون الله ـ عزوجل ـ ينشئ أرض الآخرة أرضا مضيئة مشرقة ؛ لما أخبر أنه يبدل أرضا غير هذه ؛ حيث قال ـ عزوجل ـ : (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ ...) الآية [إبراهيم : ٤٨] ، كانت هذه مظلمة ، وتلك مضيئة ، على ما ذكرنا ، والله أعلم.

أو أن يكون إشراقها : ارتفاع سواترها ، وظهور الحق لهم ، وزوال الاشتباه والالتباس ، وكانت أمورهم في الدنيا مشبهة ملتبسة ، ويقرون يومئذ جميعا بالتوحيد له والألوهية

__________________

(١) قاله سعيد بن جبير أخرجه ابن جرير (٣٠٢٣٥) ، وسعيد بن منصور ، وهناد ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر كما في الدر المنثور (٥ / ٦٣٠) ، وهو قول أبي هريرة أيضا.

(٢) قاله السدي أخرجه ابن جرير (٣٠٢٣٢).

(٣) أخرجه ابن جرير (٣٠٢٣٦) ، من حديث أبي هريرة.

٧٠٧

والربوبية ، وهو على ما ذكر من قوله ـ عزوجل ـ : (وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعاً) [إبراهيم : ٢١] ، وقوله ـ عزوجل ـ : (وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) ، (وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ) ، وقوله : (الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ) [الحج : ٥٦] ، ونحو ذلك ، ذكر البروز له والرجوع إليه والمصير ، وإن كانوا في الأحوال كلها بارزون له ، راجعون إليه ، صائرون ، والملك له في الدارين جميعا ، خصّ البروز والرجوع إليه والملك له ؛ لما يومئذ يظهر المحق لهم من المبطل ، ويومئذ أقروا جميعا بالتوحيد له والملك ؛ فعلى ذلك يحتمل إشراق الأرض وإضاءتها لما ترتفع السواتر يومئذ [و] تزول الشبه ، وتظهر الحقائق ، والله أعلم.

أو أن يكون إشراقها بإظهار لكل ما عمل في الدنيا من خير أو شرّ ، وعرفه يومئذ ، وإن كان في الدنيا لم يظهر ولم يعرف مما عمل من خير وشر ؛ كقوله ـ عزوجل ـ : (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً ...) الآية [آل عمران : ٣٠] ، والله أعلم.

أو أن تكون أرض الآخرة مضيئة مشرقة لما لا يعصى عليها الرب ـ تعالى عزوجل ـ وأرض الدنيا مظلمة بعصيان أهلها عليها الربّ ـ عزوجل ـ وذلك كما روي في الخبر أن الحجر الأسود [أنزل] من الجنة ككذا ، صار أسود لما مسته أيدي الخاطئين العاصين ، والله أعلم.

وقوله ـ عزوجل ـ : (بِنُورِ رَبِّها) قال بعضهم (١) : بعدل ربها ؛ أي : رضي بعدل ربها ، وهو ما قال ـ عزوجل ـ : (ما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِ) [الحجر : ٨٥] ، أي : بالعدل ، والله أعلم.

وجائز ما ذكر بنور أنشأه وجعله فيها ، والله أعلم.

وقوله ـ عزوجل ـ : (وَوُضِعَ الْكِتابُ) ، وقال ـ عزوجل ـ في آية أخرى : (وَوَضَعَ الْمِيزانَ) [الرحمن : ٧] ، فجائز أن يكون الكتاب الذي ذكر أنه وصفه هو ذلك الميزان ، فيكونان واحدا.

وجائز أن يكون الكتاب غير الميزان.

وقال بعضهم (٢) : الكتاب هو الحساب بما قد حفظ عليهم ولهم من خير أو شر محذور فيه.

وقال بعضهم (٣) : هو الكتاب الذي يوضع في أيديهم يومئذ ، فيه ما عملوا يقرءونه ،

__________________

(١) قاله الحسن والسدي كما في تفسير البغوي (٤ / ٨٨).

(٢) قاله السدي أخرجه ابن جرير (٣٠٢٤٨).

(٣) قاله قتادة أخرجه ابن جرير (٣٠٢٤٧).

٧٠٨

وهو مثل الأول ، والله أعلم.

وقوله ـ عزوجل ـ : (وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَداءِ) اختلف في الشهداء :

قال بعضهم : الشهداء هم المرسلون ، يؤتى بالنبيين والمرسلين يشهدون عليهم ؛ كقوله ـ عزوجل ـ : (فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً) [النساء : ٤١] ، وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّا أَرْسَلْنا إِلَيْكُمْ رَسُولاً شاهِداً عَلَيْكُمْ ...) الآية [المزمل : ١٥].

وقال بعضهم (١) : الشهداء ـ هاهنا ـ هم الملائكة والحفظة الذين يشهدون عليهم ؛ كقوله ـ عزوجل ـ : (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ ...) الآية [النور : ٢٤].

وقوله ـ عزوجل ـ : (وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِ) أي : بالعدل.

وقوله ـ عزوجل ـ : (وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) أي : لا يحمل على أحد ما لم يعمل ، ولكن يحمل عليه ما عمل ، والله أعلم.

وقوله ـ عزوجل ـ : (وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ) كافرة (ما عَمِلَتْ) من سوء ، فأما ما عملت من خير فلا ، [و] توفى كل نفس مسلمة ما عملت من خير لا ينقص منها شيء ، وما عملت من سوء جائز أن يتجاوز الله عنها ويبدله حسنات ؛ كقوله ـ عزوجل ـ : (فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ) [الفرقان : ٧٠]. والله أعلم.

وقوله ـ عزوجل ـ : (وَهُوَ أَعْلَمُ بِما يَفْعَلُونَ) ، أي : عالم بما يفعلون من خير أو شر.

وقوله ـ عزوجل ـ : (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ زُمَراً) قيل : أمة أمة ، وجماعة جماعة ؛ كقوله ـ عزوجل ـ : (كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها ...) الآية [الأعراف : ٣٨] ، وقوله ـ عزوجل ـ : (وَتُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ) [آل عمران : ١٢] ونحوه.

وقوله ـ عزوجل ـ : (حَتَّى إِذا جاؤُها فُتِحَتْ أَبْوابُها) جائز أن يكون لها أبواب يدخلون فيها.

وجائز أن تكون الأبواب المذكورة لا على حقيقة الأبواب ، ولكن على الجهات والسبل التي كانوا فيها ؛ أي : في الدنيا ، وعملوا بها يدخلون النار بتلك الجهات والسبل التي كانوا في الدنيا وعملوا بها ، كما يقال : فتح على فلان باب كذا ، ليس يراد حقيقة الباب ، ولكن سبل بابه ، والله أعلم.

وقوله ـ عزوجل ـ : (وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آياتِ رَبِّكُمْ) يحتمل قوله ـ عزوجل ـ : (آياتِ رَبِّكُمْ) أي : التوحيد وحججه.

__________________

(١) قاله عطاء كما في تفسير البغوي (٤ / ٨٨).

٧٠٩

ويحتمل آيات البعث الذي أنكروه.

وقال بعض أهل التأويل : آيات القرآن.

وقوله ـ عزوجل ـ : (وَيُنْذِرُونَكُمْ) بالآيات (لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا).

وقوله ـ عزوجل ـ : (قالُوا بَلى) قد فعلوا ذلك.

وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذابِ عَلَى الْكافِرِينَ) قال أهل التأويل : (وَلكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذابِ) أي : عدة العذاب ، وهو ما قال ـ عزوجل ـ ووعد أنه يملأ جهنم منهم ، وهو قوله : (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) أي : حق وعد ذلك عليهم ، والله أعلم.

وجائز أن يكون ما ذكر من (كَلِمَةُ الْعَذابِ) : هو كلمة الشرك والكفر ؛ أي : حقت كلمة الكفر والشرك الذي علمنا سموا (كَلِمَةُ الْعَذابِ) ، لما عذبوا وعوقبوا ، والله أعلم.

وقوله : (قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ) تأويله ظاهر.

«والمتكبرين» يحتمل المتكبرين على آياته وحججه ، ويحتمل المتكبرين على رسله وأنبيائه عليهم الصلاة والسلام ، والله أعلم.

وقال القتبي وأبو عوسجة : (وَأَشْرَقَتِ) ، أي : أضاءت وأنارت ، و (زُمَراً) أي : جماعات ، والواحد : زمرة ، ويقال : تزمر القوم إذا اجتمعوا ، زمرتهم ، أي : جمعتهم ، وأصله : أن يساق كل فريق على ما أحبوا ، وكانوا في الدنيا جماعة جماعة وأمة أمة ، وعلى ما يجتمعون في هذه الدنيا : أهل الخير على أهل الخير ، وأهل الشر على أهل الشر ، وسروا بالاجتماع في ذلك ، لكن أهل الخير يساقون إلى الجنة على ما كانوا يجتمعون في هذه الدنيا مسرورين ، وأهل الكفر يساقون إلى النار على ما [كانوا] يجتمعون في هذه الدنيا على الشر حزنين مغتمين ، والله أعلم.

وقوله ـ عزوجل ـ : (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا).

يحتمل : اتقوا الشرك بربهم ، أو اتقوا سخط ربهم ونقمته ، أو اتقوا المهالك ، وقد ذكرناه فيما تقدم والله أعلم.

(وَسِيقَ) ، وإن كان في الظاهر خبرا عما مضى لكنه يخرج على وجهين :

أحدهما : على الاستقبال ، وذلك جائز في اللغة استعمال حرف الماضي على إرادة الاستقبال ، كأنه قال : يساقون.

والثاني : كأنه خبر أمر قد كان مضى ، فقال ـ عزوجل ـ : (وَسِيقَ) ؛ ولذلك ذكره بحرف (سِيقَ) ، والله أعلم.

٧١٠

وقوله ـ عزوجل ـ : (زُمَراً) قد ذكرناه ، أي : جماعة جماعة ، وأمة أمة ، على ما كانوا في هذه الدنيا ، ويجتمعون على ذلك ؛ فعلى ذلك يساقون في الآخرة ، والله أعلم.

وقوله ـ عزوجل ـ : (حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها).

فتح الأبواب لهم يحتمل حقيقة الأبواب ، ويحتمل كناية عن الوجوه والسبل التي يأتونها في الدنيا لا على حقيقة الأبواب ، والله أعلم.

وقوله ـ عزوجل ـ : (وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها سَلامٌ عَلَيْكُمْ).

بدأ الخزنة بالسلام عليهم ، فجائز أن يكون الله ـ عزوجل ـ امتحن الخزنة بالسلام على المؤمنين كما امتحن رسوله ببدئه السلام على من آمن ، وهو قوله ـ عزوجل ـ : (وَإِذا جاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ ...) الآية [الأنعام : ٥٤].

ثم يحتمل سلام الخزنة عليهم : السلام والبراءة عن جميع العيوب والآفات التي في الدنيا ، والله أعلم.

وقوله ـ عزوجل ـ : (طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ).

فقوله : (طِبْتُمْ) أي : صرتم طيبين لا تخبثون أبدا ، وقد برئتم من الآفات والعيوب كلها ، والله أعلم.

أو يقول : طاب العيش أبدا من حيثما يأتيكم بلا عناء.

وقوله ـ عزوجل ـ : (وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ).

ولا شك أن الله ـ عزوجل ـ إذا وعد صدق وعده ، لكن معنى قولهم : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ) ، أي : الحمد لله الذي جعلنا مستحقين وعده ؛ إذ وعده لا شك أنه يصدق ، ولا قوة إلا بالله.

وقوله : (وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ) أي : الجنة.

وقوله ـ عزوجل ـ : (نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ).

يحتمل قوله : (حَيْثُ نَشاءُ) نرغب فيها ، وهم لا يرغبون النزول من منازلهم.

أو أن يكون قوله : (نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ) ، أي : جميع مكان الجنة مختار ليس مما يتخير في الدنيا مكانا دون مكان ؛ لأن جميع أمكنتها ليست بمختارة فيقع فيها الاختيار ، فأما الجنة فجميع أمكنتها مختارة فلا يقع هنالك اختيار مكان على مكان ، والله أعلم. وإلا ظاهر قوله : (نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ) ما لهم وما لغيرهم ، والوجه فيه ما ذكرناه ، والله أعلم.

وقوله ـ عزوجل ـ : (فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ) ظاهر.

٧١١

وقوله ـ عزوجل ـ : (وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ).

قيل (١) : محدقين حول العرش.

وقوله ـ عزوجل ـ : (يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ).

قال بعض أهل التأويل : بأمر ربهم ، لكن التسبيح بحمد ربهم هو أن يسبحوا بثناء ربهم وحمده ويبرءونه وينزهونه عن جميع معاني الخلق بحمد وثناء يحمدونه ويثنون عليه على ما ذكرنا في غير موضع ، والله أعلم.

وقوله ـ عزوجل ـ : (وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِ).

قيل (٢) : بين الأمم والرسل ، وقيل : بين الخلائق كلهم.

وجائز أن يكون قوله : (وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) قال الحسن (٣) : فتح الله نعمه في الدنيا بالحمد له ، وهو قوله ـ عزوجل ـ : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ ...)

الآية [الأنعام : ١] ، وقوله ـ عزوجل ـ : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ ...) الآية [الكهف : ١] ، وغير ذلك من الآيات ، وختم نعمه في الآخرة بالحمد له حيث قال : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) ، وقوله ـ عزوجل ـ : (وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) : الحمد لله رب العالمين والصلاة والصلام على سيدنا محمد وآله وصحبه الطاهرين أجمعين.

* * *

__________________

(١) قاله قتادة أخرجه ابن جرير (٣٠٢٦٢) ، وهو قول السدي أيضا.

(٢) انظر تفسير ابن جرير (١١ / ٣١).

(٣) وهو قول قتادة أيضا أخرجه عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر كما في الدر المنثور (٥ / ٦٤٢).

٧١٢

فهرس المحتويات

تفسير سورة الفرقان

من آية ١ إلى ٣................................................................. ٣

من آية ٤ إلى ٩................................................................. ٦

من آية ١٠ إلى ١٤............................................................ ١٠

من آية ١٥ إلى ١٦............................................................ ١٢

من آية ١٧ إلى ٢٠............................................................ ١٣

من آية ٢١ إلى ٢٩............................................................ ١٧

من آية ٣٠ إلى ٣٤............................................................ ٢٣

من آية ٣٥ إلى ٤٠............................................................ ٢٥

من آية ٤١ إلى ٤٤............................................................ ٢٧

من آية ٤٥ إلى ٤٩............................................................ ٢٩

من آية ٥٠ إلى ٥٢............................................................ ٣٢

من آية ٥٣ إلى ٦٢............................................................ ٣٣

من آية ٦٣ إلى ٧٧............................................................ ٣٩

تفسير سورة الشعراء

من آية ١ إلى ٩................................................................ ٤٩

من آية ١٠ إلى ١٧............................................................ ٥١

من آية ١٨ إلى ٣٥............................................................ ٥٣

من آية ٣٦ إلى ٥١............................................................ ٥٧

من آية ٥٢ إلى ٦٨............................................................ ٥٩

من آية ٦٩ إلى ٨٩............................................................ ٦٢

من آية ٩٠ إلى ١٠٤........................................................... ٦٦

من آية ١٠٥ إلى ١٢٢......................................................... ٦٩

من آية ١٢٣ إلى ١٤٠......................................................... ٧٢

من آية ١٤١ إلى ١٥٩......................................................... ٧٦

٧١٣

من آية ١٦٠ إلى ١٧٥......................................................... ٧٩

من آية ١٧٦ إلى ١٩١......................................................... ٨١

من آية ١٩٢ إلى ٢١٢......................................................... ٨٤

من آية ٢١٣ إلى ٢٣٠......................................................... ٨٨

من آية ٢٣١ إلى ٢٣٧......................................................... ٩٢

تفسير سورة النمل

من آية ١ إلى ٦................................................................ ٩٥

من آية ٧ إلى ١٤.............................................................. ٩٧

من آية ١٥ إلى ١٩........................................................... ١٠٣

من آية ٢٠ إلى ٢٨........................................................... ١٠٧

من آية ٢٩ إلى ٣٥........................................................... ١١٢

من آية ٣٦ إلى ٤١........................................................... ١١٥

من آية ٤٢ إلى ٤٤........................................................... ١١٨

من آية ٤٥ إلى ٥٣........................................................... ١٢٠

من آية ٥٤ إلى ٥٨........................................................... ١٢٤

من آية ٥٩ إلى ٦٦........................................................... ١٢٥

من آية ٦٧ إلى ٨٢........................................................... ١١٣

من آية ٨٣ إلى ٩٠........................................................... ١٣٧

من آية ٩١ إلى ٩٣........................................................... ١٤٤

تفسير سورة القصص

من آية ١ إلى ٦.............................................................. ١٤٦

من آية ٧ إلى ١٣............................................................ ١٤٩

من آية ١٤ إلى ٢١........................................................... ١٥٤

من آية ٢٢ إلى ٢٨........................................................... ١٥٩

من آية ٢٩ إلى ٣٥........................................................... ١٦٤

من آية ٣٦ إلى ٤٢........................................................... ١٦٨

من آية ٤٣ إلى ٤٦........................................................... ١٧٢

من آية ٤٧ إلى ٥٠........................................................... ١٧٣

من آية ٥١ إلى ٥٦........................................................... ١٧٧

من آية ٥٧ إلى ٦١........................................................... ١٨٢

٧١٤

من آية ٦٢ إلى ٦٧........................................................... ١٨٦

من آية ٦٨ إلى ٧٠........................................................... ١٩٠

من آية ٧١ إلى ٧٣........................................................... ١٩٢

من آية ٧٤ إلى ٧٥........................................................... ١٩٣

من آية ٧٦ إلى ٨٤........................................................... ١٩٤

من آية ٨٥ إلى ٨٨........................................................... ٢٠٤

تفسير سورة العنكبوت

من آية ١ إلى ٦.............................................................. ٢٠٧

من آية ٧ إلى ٩.............................................................. ٢٠٩

من آية ١٠ إلى ١٣........................................................... ٢١١

من آية ١٤ إلى ١٨........................................................... ٢١٣

من آية ١٩ إلى ٢٣........................................................... ٢١٦

من آية ٢٤ إلى ٢٧........................................................... ٢١٨

من آية ٢٨ إلى ٣٥........................................................... ٢٢٢

من آية ٣٦ إلى ٤٠........................................................... ٢٢٦

من آية ٤١ إلى ٤٥........................................................... ٢٢٨

من آية ٤٦ إلى ٤٩........................................................... ٢٣٣

من آية ٥٠ إلى ٥٥........................................................... ٢٣٦

من آية ٥٦ إلى ٦٠........................................................... ٢٣٨

من آية ٦١ إلى ٦٤........................................................... ٢٤١

من آية ٦٥ إلى ٦٩........................................................... ٢٤٤

تفسير سورة الروم

من آية ١ إلى ٧.............................................................. ٢٤٨

من آية ٨ إلى ١٦............................................................ ٢٥٣

من آية ١٧ إلى ٢٥........................................................... ٢٥٧

من آية ٢٦ إلى ٣٢........................................................... ٢٦٤

من آية ٣٣ إلى ٣٩........................................................... ٢٧٤

من آية ٤٠ إلى ٤٥........................................................... ٢٨٢

من آية ٤٦ إلى ٥٤........................................................... ٢٨٦

من آية ٥٥ إلى ٦٠........................................................... ٢٩٢

٧١٥

تفسير سورة لقمان

من آية ١ إلى ٩.............................................................. ٢٩٦

من آية ١٠ إلى ١١........................................................... ٢٩٩

من آية ١٢ إلى ١٩........................................................... ٣٠١

من آية ٢٠ إلى ٢٤........................................................... ٣٠٩

من آية ٢٥ إلى ٣٠........................................................... ٣١٥

من آية ٣١ إلى ٣٤........................................................... ٣١٩

تفسير سورة السجدة

من آية ١ إلى ٩.............................................................. ٣٢٦

من آية ١٠ إلى ١٤........................................................... ٣٣٣

من آية ١٥ إلى ٢٢........................................................... ٣٣٦

من آية ٢٣ إلى ٢٥........................................................... ٣٤٢

من آية ٢٦ إلى ٣٠........................................................... ٣٤٤

تفسير سورة الأحزاب

من آية ١ إلى ٣.............................................................. ٣٤٧

من آية ٤ إلى ٦.............................................................. ٣٤٩

من آية ٧ إلى ٨.............................................................. ٣٥٨

من آية ٩ إلى ١١............................................................ ٣٥٩

من آية ١٢ إلى ٢٠........................................................... ٣٦١

من آية ٢١ إلى ٢٧........................................................... ٣٦٧

من آية ٢٨ إلى ٣٤........................................................... ٣٧٤

آية ٣٥..................................................................... ٣٨٤

من آية ٣٦ إلى ٤٠........................................................... ٣٨٦

من آية ٤١ إلى ٤٤........................................................... ٣٩٦

من آية ٤٥ إلى ٤٨........................................................... ٣٩٨

من آية ٤٩ إلى ٥٢........................................................... ٣٩٩

من آية ٥٣ إلى ٥٥........................................................... ٤٠٥

من آية ٥٦ إلى ٦٢........................................................... ٤١٠

من آية ٦٣ إلى ٦٨........................................................... ٤١٦

من آية ٦٩ إلى ٧٣........................................................... ٤١٨

٧١٦

تفسير سورة سبأ

من آية ١ إلى ٢.............................................................. ٤٢٣

من آية ٣ إلى ٩.............................................................. ٤٢٤

من آية ١٠ إلى ١٤........................................................... ٤٢٩

من آية ١٥ إلى ٢١........................................................... ٤٣٦

من آية ٢٢ إلى ٢٧........................................................... ٤٤٢

من آية ٢٨ إلى ٣٣........................................................... ٤٤٧

من آية ٣٤ إلى ٣٩........................................................... ٤٥١

من آية ٤٠ إلى ٤٢........................................................... ٤٥٦

من آية ٤٣ إلى ٥٠........................................................... ٤٥٧

من آية ٥١ إلى ٥٤........................................................... ٤٦٢

تفسير سورة فاطر

من آية ١ إلى ٤.............................................................. ٤٦٥

من آية ٥ إلى ٨.............................................................. ٤٦٨

من آية ٩ إلى ١٤............................................................ ٤٧٢

من آية ١٥ إلى ٢٦........................................................... ٤٧٩

من آية ٢٧ إلى ٣٠........................................................... ٤٨٣

من آية ٣١ إلى ٣٨........................................................... ٤٨٧

من آية ٣٩ إلى ٤١........................................................... ٤٩٤

من آية ٤٢ إلى ٤٥........................................................... ٤٩٧

تفسير سورة يس

من آية ١ إلى ١٢............................................................ ٥٠٢

من آية ١٣ إلى ١٩........................................................... ٥٠٨

من آية ٢٠ إلى ٣٢........................................................... ٥١١

من آية ٣٣ إلى ٣٦........................................................... ٥١٥

من آية ٣٧ إلى ٤٠........................................................... ٥١٦

من آية ٤١ إلى ٤٤........................................................... ٥٢٢

من آية ٤٥ إلى ٥٠........................................................... ٥٢٣

من آية ٥١ إلى ٥٨........................................................... ٥٢٧

من آية ٥٩ إلى ٦٧........................................................... ٥٣١

٧١٧

من آية ٦٨ إلى ٧٦........................................................... ٥٣٥

من آية ٧٧ إلى ٨٣........................................................... ٥٣٩

تفسير سورة الصافات

من آية ١ إلى ٥.............................................................. ٥٤٤

من آية ٦ إلى ١٠............................................................ ٥٤٦

من آية ١١ إلى ٢٦........................................................... ٥٤٨

من آية ٢٧ إلى ٣٩........................................................... ٥٥٦

من آية ٤٠ إلى ٦١........................................................... ٥٦٠

من آية ٦٢ إلى ٧٤........................................................... ٥٦٦

من آية ٧٥ إلى ٨٢........................................................... ٥٦٩

من آية ٨٣ إلى ٩٨........................................................... ٥٧١

من آية ٩٩ إلى ١١٣......................................................... ٥٧٦

من آية ١١٤ إلى ١٢٢....................................................... ٥٨٣

من آية ١٢٣ إلى ١٣٢....................................................... ٥٨٤

من آية ١٣٩ إلى ١٤٨....................................................... ٥٨٦

من آية ١٤٩ إلى ١٦٦....................................................... ٥٩٠

من آية ١٦٧ إلى ١٧٨....................................................... ٥٩٣

آية ١٧٩.................................................................... ٥٩٥

من آية ١٨٠ إلى ١٨٢....................................................... ٥٩٦

تفسير سورة ص

من آية ١ إلى ٨.............................................................. ٥٩٧

من آية ٩ إلى ١٦............................................................ ٦٠١

من آية ١٧ إلى ٢٦........................................................... ٦٠٩

من آية ٢٧ إلى ٢٩........................................................... ٦٢١

من آية ٣٠ إلى ٤٠........................................................... ٦٢٣

من آية ٤١ إلى ٤٤........................................................... ٦٣٢

من آية ٤٥ إلى ٥٤........................................................... ٦٣٦

من آية ٥٥ إلى ٦٤........................................................... ٦٣٩

من آية ٦٥ إلى ٨٥........................................................... ٦٤٣

من آية ٨٦ إلى ٨٨........................................................... ٦٥٠

٧١٨

تفسير سورة الزمر

من آية ١ إلى ٧.............................................................. ٦٥٢

من آية ٨ إلى ١٠............................................................ ٦٦٣

من آية ١١ إلى ١٦........................................................... ٦٦٧

من آية ١٧ إلى ٢٠........................................................... ٦٦٩

من آية ٢١ إلى ٢٣........................................................... ٦٧١

من آية ٢٤ إلى ٢٦........................................................... ٦٧٦

من آية ٢٧ إلى ٣٥........................................................... ٦٧٧

من آية ٣٦ إلى ٤٢........................................................... ٦٨٢

من آية ٤٣ إلى ٤٨........................................................... ٦٨٨

من آية ٤٩ إلى ٥٢........................................................... ٦٩٢

من آية ٥٣ إلى ٦١........................................................... ٦٩٤

من آية ٦٢ إلى ٦٧........................................................... ٧٠٠

من آية ٦٨ إلى ٧٥........................................................... ٧٠٥

* * *

٧١٩