(استصحاب أحكام الشّرائع السّابقة)
التّنبيه السّابع : أنّ المعروف هو صحّة استصحاب عدم النّسخ ، بل عن المحدّث الأسترآبادي أنّه من الضّروريّات (١) ، ولكن اشكل على هذا الاستصحاب بوجهين :
الوجه الأوّل : ما يكون مشتركا بين استصحاب حكم من أحكام شريعتنا المقدّسة ، وبين استصحاب حكم من أحكام الشّرائع السّابقة ، محصّله : أنّ الاستصحاب لا بدّ فيه من اتّحاد القضيّتين (المتيقّنة والمشكوكة) على ما اشير إليه في غير موضع ، والمفروض تعدّد الموضوع فيهما وعدم الاتّحاد بينهما ، لا بالنّسبة إلى الشّرائع السّابقة ، ولا بالنّسبة إلى شريعتنا.
أمّا بالنّسبة إلى الشّرائع السّابقة ، فيقال في تقريب ذلك : أنّ المكلّف المتيقّن بالحكم فيها ، قد مات ، والمكلّف الشّاكّ الموجود فعلا ، لم يكن متيقّنا به ولم يعلم ثبوت الحكم له من الأوّل حتّى يشكّ في بقاءه فيستصحبه ، بل شكّه فيه ، شكّ في أصل ثبوته لاحتمال نسخه ، لا في بقاءه بعد الفراغ عن ثبوته ، فإذا لا مجال للاستصحاب في حقّه ، بل إثبات الحكم له يكون من قبيل إسراء حكم من موضوع إلى موضوع آخر.
وأمّا بالنّسبة إلى شريعتنا ، فيقال في تقريب ذلك : من كان متيقّنا بوجوب صلاة الجمعة ـ مثلا ـ هو المكلّف الموجود في عصر الحضور وقد مات ، والمكلّف الموجود في هذا الزّمان ، المعدوم في ذلك العصر ، لم يكن متيقّنا به حتّى يشكّ في بقاءه ، بل هو شاكّ من الأوّل لاحتمال نسخه ، فلا مجال في حقّه الاستصحاب.
__________________
(١) راجع ، فرائد الاصول : ج ٣ ، ص ١٣٢.