كان من أعلم العراقيّين بلطائف القوم (١).
صحب السّريّ السّقطيّ ، وغيره. وكان أبو القاسم الجنيد يعظّمه ويحترمه.
وأصله خراسانيّ بغويّ.
توفّي أبو الحسين النّوريّ سنة خمس أيضا.
وقد قدم الشّام وأخذ عن : أحمد بن أبي الحواري.
حكى ابن الأعرابيّ محنته وغيبته في أيّام محنة غلام خليل ، وأنّه أقام بالكوفة مدّة سنين متخلّيا عن النّاس ، ثمّ عاد إلى بغداد وقد فقد أناسه وجلّاسه وأشكاله ، فانقبض عن الكلام لضعف قوّته ، وضعف بصره (٢).
قال أبو نعيم (٣) : سمعت عمر البنّاء بمكّة لمّا كانت محنة غلام خليل ونسبوا الصّوفيّة إلى الزّندقة (٤) ، أمر الخليفة بالقبض عليهم ، فأخذ في جملتهم النّوريّ إلى السّيّاف ليضرب عنقه ، فقيل له في ذلك ، فقال : آثرت حياتهم على نفسي (٥) وهذه اللّحظة. فتوقّف السّيّاف ، فردّ الخليفة أمرهم إلى قاضي القضاة إسماعيل بن إسحاق. فسأل إسماعيل القاضي أبا الحسين النّوريّ عن مسائل في العبادات ، فأجابه ، ثمّ قال له : وبعد هذا فلله عباد يسمعون بالله ، وينطقون بالله (٦) ، ويأكلون بالله (٧). فبكى القاضي ، ودخل على الخليفة وقال : إن كان هؤلاء زنادقة فليس في الأرض موحّد ، فأطلقهم (٨).
حكاية نافعة
قال أبو العبّاس بن عطاء : سمعت أبا الحسين النّوريّ يقول : كان في نفسي من هذه الآيات ، فأخذت من الصّبيان قصبة ، ثمّ قمت بين زورقين وقلت :
__________________
(١) تاريخ بغداد ٥ / ١٣٠.
(٢) حلية الأولياء ١٠ / ٢٤٩ ، ٢٥٠ ، وسير أعلام النبلاء ١٤ / ٧١.
(٣) في حلية الأولياء ١٠ / ٢٥٠ ، ٢٥١ ، واقتبسه الخطيب في : تاريخ بغداد ٥ / ١٣٤.
(٤) في المطبوع من الحلية : «ونسب الصوفية إلا الزندقة»! وهو غلط ، فليصحّح.
(٥) في الحلية : «على حياتي».
(٦) في الحلية (١٠ / ٢٥١) : «ويردّون بالله».
(٧) زاد في الحلية : «ويلبسون بالله».
(٨) وانظر الخبر في : طبقات الأولياء لابن الملقّن ٦٤ ، ٦٥.