مصحف أميرالمؤمنين علي عليه السلام بين المنزل والمفسّر

المؤلف:

السيد علي الشهرستاني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: دار البراق
الطبعة: ٠
ISBN: 978-600-466-047-1
الصفحات: ١٩٢

القديمة وعددها في مكتبات العالم لا تزال قليلة.

وقد تيسرت لي القراءة في بضعة مصاحف قديمة من تلك المحفوظة في دار الكتب المصرية ، بعضها مشكول ومعجم ...

ثم يعلق الاستاذ غانم في الهامش بقوله :

إن محاولة الاطلاع على المصاحف الكريمة المخطوطة والقديمة منها خاصة أمر في غاية الصعوبة وليس من اليسير التوفيق بين طموحات البحث في الحصول على المادة من تلك المصاحف وبين حرص القائمين بالمحافظة عليها بألّا تمسّها يد أحد حتّى ولو كانت يد باحث مسلم ليس بأقل حرصاً منهم عليها ...

ثم يضيف الأستاد في هامش آخر له بعد ذلك بالقول :

حصلت ـ إلى جانب ذلك ـ على ثماني لوحات ـ كل لوحة تحوي صفحتين ـ من مصحف قديم محفوظ في مشهد الإمام علي ـ رضي الله عنه ـ في النجف ، ولكن يبدون أنّه يعود إلى فترة متأخرة عن تلك التي يرجع إليها مصحف طشقند ومصحف جامع عمرو ، ومصحف

__________________

الناس يزورونه في أيام معينة ، ثم نشرته جميعة الآثار القديمة على يد المصور الروسي (بساريكس) وطبعت منه خمسين نسخة ، وبقي هذا المصحف في دار الكتب القيصرية إلى الانقلاب البلشفي ، وفي أوائل سنة ١٩١٨ م حمل في حفل عظيم تحت حراسة الجند إلى إدارة مكونة من الشخصيات الإسلامية البارزة هناك تسمّى (النظارة الدينية) وذلك إرضاء للمسلمين وكسباً لتعضيدهم ، وبقي فيها خمس سنوات. وفي أواسط سنة ١٩٢٣ نقل إلى تركمنستان ، وبقي في سمرقند فترة من الزمن ، وهو الآن في طشقند (انظر د. عبد الفتاح شلبي : الإمالة ص ٢٠٥).

١٠١

النجف مكتوب على رق وبخط كوفي بمداد أسوَد ، وفيه نقط الإعراب التي تنسب طريقة استعمالها لأبي الأسوَد الدؤلي بالحمرة ، وعدد أوراقه (٣٠٩) وأبعاده (١٩ سم × ١٢. ٥ سم تقريباً). وفي الورقة الأخيرة منه كتب بخط مختلف عن خطّ المصحف الأصل أنّه بخطّ الإمام علي سنة ٤٠ هـ.

والملاحظة الأخيرة يحتاج اثبات صحّتها إلى أدلة صحيحة صادقة ، وليس بعيداً أن تكون الجملة المدخولة (انظر ابراهيم جمعة : دراسة في تطور الكتابات الكوفية ص ٧١) ومع ذلك فإنّ المصحف في وضعه السابق يدلّ على أنّه يرجع إلى فترة متقدمة (١).

وقد تساءل الزرقاني ـ قبل الاستاذ غانم ـ عن المصاحف العثمانية : أين هي؟ فقال : وليس بين أيدينا دليل قاطع على وجود المصاحف العثمانية الآن فضلاً عن تعيين أمكنتها وقصارى ما علمناه أخيراً أنّ ابن الجزري رأى في زمانه مصحف أهل الشام ورأي في مصر مصحفاً أيضاً.

أمّا المصاحف الأثرية التي تحتويها خزائن الكتب والآثار في مصر ويقال عنها أنّها مصاحف عثمانية فإنّنا نشكّ كثيراً في صحة هذه النسبة إلى عثمان لأنّ بها زركشة ونقوشاً موضوعة كعلامات للفصل بين السور ولبيان أعشار القرآن ، ومعلوم أنّ المصاحف العثمانية كانت خالية من كل هذا ومن النقط

__________________

(١) رسم المصحف دراسة لغوية تاريخية : ١٩٠ ـ ١٩٤.

١٠٢

والشكل أيضاً كما علمت.

نعم إنّ المصحف المحفوظ في الخزانة الآثار بالمسجد الحسيني والمنسوب إلى عثمان مكتوب بالخطّ الكوفي القديم مع تجويف حروفه وسعة حجمه جدّاً ورسمه يوافق رسم المصحف المدني أو الشامي حيث رسم فيه كلمة (يَرْتَدد) من سورة المائدة بدالين اثنين مع فك الإدغام وهي فيها بهذا الرسم ، فأكثر الظن أنّ هذا المصحف منقول من المصاحف العثمانية على رسم بعضها.

وكذلك المصحف المحفوظ بتلك الخزانة ويقال إنّ علي بن أبي طالب كتبه بخطّه يلاحظ فيه أنّه مكتوب بذلك الخط الكوفي القديم ، بيد أنّه أصغر حجماً وخطّه أقل تجويفاً (١).

بلى هناك نسخ أثرية نفيسة وقديمة ـ منسوبة للصحابة وأهل البيت ـ في مكتبات العالم ، وهي تناهز ٦٥ نسخة نفيسة في العالم حسبما أعلم (٢) وأنّ أكثر من عشرة نسخ منها منسوبة إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، والنسخة التي في الخزانة الغروية (٣) هي من النسخ القيمة المنسوبة إلى الإمام أمير المؤمنين ، وهي مكتوبة على الرق ، كما أنّ أخواتها الموجودة في مكتبات العالم هي الأخرى غالبها مكتوبة على الجلد والبردي والرق.

__________________

(١) مناهل العرفان ١ : ٢٧٩.

(٢) ادّعى الدكتور محمّد باقر حجّتي في تاريخ القرآن : ٤٩٠ بأنّ أكثر وأهم النسخ القرآنية النفيسة موجودة في بريطانيا ، وأنّه رأى ٧٠ نسخة نفيسة منها في مكتبة لندن العامة.

(٣) والتي الامانة العامة للعتبة العلوية بصدد طبعها ونشرها طبق الأصل (الفاكسيمل).

١٠٣

إنّ محاولة الاطلاع على جميع المصاحف المنسوبة للإمام في تركيا وإيران واليمن ومصر والمقايسة بينها لم يكن بالشيء الهيّن بل هو في غاية الصعوبة ، وإن كان ذلك هو أملنا ومبتغانا لكن تحققه في هذا الوقت القصير هو عسير.

وإنّا نرى فيما قام به بعض المستشرقين والشخصيات والمؤسسات والحكومات في البلدان الإسلامية ـ منذ أوائل القرن الماضي وحتّى اليوم ـ من طبع النسخ القرآنية والأناجيل القديمة طبق الأصل خطوة مفيدة في هذا المضمار ، وهي تخدم الباحثين وتساعد المحققين في حقل الدراسات القرآنية والبالبوجرافيا في بحوثهم ، وهي ظاهرة حضارية متميزة نأمل الارتقاء بها إلى مستوى أعلى.

١ ـ وقد كان أول من طبع القرآن طبق الأصل وبشكله التراثي هو دي. اس. رايس [D. S. Rice] الذي نشر مصحف ابن البواب المكتوب سنة ٣٩١ هجرية بخط النسخ ، والمحفوظ أصله في مكتبة تشيستر بيتى (دبلن ـ إيرلندا) (١).

٢ ـ ثمّ تبعه المستشرق الروسي بيساريف [S. Pissaref] في عام ١٩٠٥ بنشر نسخة طبق الأصل لمصحف سمرقند (تشطقند) (٢). تم طباعة ٥٠

__________________

(١) The Unique Ibn Al ـ Bawwab Manuscript : Complete Facsimile Edition of the Earliest Surviving NaskhiQu’ran, Chester Beatty Library, Dublin, Manuscript K. ١٦. Graz : Akademische, ١٩٨٣.

(٢) Coran Coufique de Samarcand : écrit d’après la Tradition de la Propre Main du Troisième Calife Osman (٦٤٤ ـ ٦٥٦) qui se trouve dans la Bibliothèque ImpérialePublique de St. Petersbourg, ١٩٠٥, St. Petersberg.

١٠٤

بيعت منها ٢٥ فقط. وتوجد نسخة مصورة منها في دار الكتب المصرية تحت عنوان (٢٠٤ مصحف). قدر طيار آلتي قولاج عدد أوراق هذا المصحف الأصلي بـ ٩٥٠ ورقة ، إلّا أنّه اليوم تنقصه أوراق كثيرة ، فالمتبقى منه هو ٣٥٣ ورقة فقط.

٣ ـ وفي عام ١٩٩٨ قام فرانسوا ديروش (١) [Francois Derocbe] وسرجيو نوسيد (٢) [Sergio Noseda] بنشر نسخة طبق الأصل لمصحف المكتبة الوطنية الفرنسية (Arabe ٣٢٨ a) بعنوان : (المصاحف بالخطّ الحجازي : المجلد الأول ، المخطوطة Arabe ٣٢٨ (a) من المكتبة الوطنية الفرنسية (٣). وهو المجلد الأول ضمن سلسلة «مصادر انتقال النصّ

__________________

(١) ولد عام ١٩٥٢ ، هو أستاذ التاريخ والكوديكولوجيا العربية في المدرسة التطبيقية للدراسات العليا (EPHE) في باريس. يعتبر ديروش من أشهر المعاصرين المتخصصين بدراسة المخطوطات القرآنية المبكرة ، وله العديد من الإصدارات في هذا السياق كان آخرها كتابه الصادر عن بريل : (مصاحف الأمويين : نظرة أولية).

(٢) سرجيو نوسيدا (١٩٣١ ـ ٢٠٠٨) كان أستاذاً للغة العربية والأدب في جامعة القلب المقدس الكاثوليكية في ميلانوا ، وكان قبلها أستاذاً للشريعة الإسلامية في جامعة تورينو. أنشأ في عام ١٩٩٩ مؤسسة فيرني نوسيدا وكان من أبرز إصدارتها (المصاحف بالخطّ الحجازي من باريس ولندن) التي نشرت عامي ١٩٩٨ و ٢٠٠١.

(٣) Sources de la transmission manuscrite du texte coranique. I. Les manuscrits de style hijazi. Volume I. Le manuscrit arabe ٣٢٨a (a) de la Bibliothèque Nationale de France, ١٩٩٨, FondazioneFerni Noja Noseda, Leda, and Bibliothèque Nationale de Paris.

١٠٥

القرآني من المخطوطات» ، ويبلغ عدد أوراق المصحف ٥٦ ورقة.

وفي عام ٢٠٠١ قاما أيضاً بنشر نسخة طبق الأصل لمصحف المكتبة البريطانية (Or. ٢١٦٥) بعنوان : (المصاحف بالخط الحجازي : المجلد الثاني ، المخطوطة) Or. ٢١٦٥ فوليو ١ إلى ٦١ ، من المكتبة البريطانية (١).

هو المجلد الثاني من نفس السلسلة. وتبلغ مجموع أوراق هذا المصحف ١٢١ ورقة تمثل ٥٣% من النصّ القرآني (٢) ، إلّا أنّ النسخة العينية تضمنت أوّل ٦١ ورقة منه فقط ، وأما باقي أوراق المصحف فقد تقرر نشرها مستقبلاً.

٤ ـ وفي عام ٢٠٠٤ قام المستعرب الروسي يفيم رضوان (٣) [Efim Rezvan]

__________________

(١) Sources de la transmission manuscrite du texte coranique. I. Les manuscrits de style hijazi. Volume ٢. Tome I. Le manuscrit Or. ٢١٦٥ (f. ١ à ٦١) de la British Library, ٢٠٠١, FondazioneFerni Noja Noseda, Leda, and British Library : London.

(٢) Islamic ـ awareness. org, (٢٠١٤). MS. Or. ٢١٦٥ – A Qur’anic Manuscript From The ١st Century Hijra In The British Library. Retrieved ٢٥ November ٢٠١٤, from http : / / www. islamic ـ awareness. org / Quran / Text / Mss / ms٢١٦٥. html

(٣) ولد في ١٩٥٧ م ، نائب مدير متحف بطرس الأكبر لأنثربولوجيا والإثنوغرافيا (كونستكاميرا) ، الأكاديمية الروسية للعلوم ، مدير تحرير المجلة الدولية للبحوث المخطوطية الاستشراقية (Mhanuscripta Orientalia) وأستاذ في الكلية الشرقية وكلية الفلسفة في جامعة ولاية ناست بطرسبرج. (ترجمته بتصرّف من صفحته

١٠٦

بنشر نسخة طبق الأصل من «مصحف عثمان» بعنوان : (مصحف عثمان : كاتا ـ لانجار ، سانت بطرسبرج ، بخاري ، طشقند (١) ، وتحتوي هذه النسخة على ٤٠% من النصّ القرآني (٢).

٥ ـ وفي عام ٢٠٠٧ قام الدكتور طيار آلتي قولاج (٣) [Tayyar Altikulac] بنشر نسخة طبق الأصل للمصحف المنسوب إلى عثمان بن عفان في متحف طوب قابي سراي بعنوان : (المصحف الشريف المنسوب إلى عثمان بن عفان ، نسخة متحف طوب قابي سراي) ، وهو مصحف شبه كامل تنقصه ورقتين فقط ، يحتوي على أكثر

__________________

عل موقع : http : / / www. kunstkamera. ru).

(١) “The Qur’an Of Uthman (St. Petersburg, Katta ـ Langar, Bukhara, Tashkent) , ٢٠٠٤, Volume I, St. Petersburg Centre For Oriental Studies : St. Petersburg (Russia).

(٢) Islamic ـ awareness. org, (٢٠١٤). The “Qur’an Of Uthman” At St. Petersburg (Russia) , KattaLangar, Bukhara And Tashkent (Uzbekistan) , From ٢nd Century Hijra. Retrieved ٢٥ November ٢٠١٤, from :

http : / / www. islamic ـ awareness. org / Quran / Text / Mss / peters. html

(٣) ولد عام ١٩٣٨ م ، هو من المهتمّين في حقل الدراسات القرآنية وتحقيق المصاحف القديمة. عمل نائباً لرئيس الشؤون الدينية في الفترة من ١٩٧١ ـ ١٩٧٦ ، ثم مديراً عاماً للتعليم الديني بوزارة المعارف (١٩٧٦ ـ ١٩٧٧) ، ثم رئيساً للشؤون الدينية (١٩٧٨ ـ ١٩٨٦) ، وهو حالياً عضو في البرلمان التركي ، حيث يرأس اللجنة البرلمانية لتعليم والثقافة. (انظر : مقدمة مصحف طوبقابي سراي ، ص ٦ ، هامش رقم ٤).

١٠٧

من ٩٩% من النصّ القرآني (١). وفي نفس العام قام آلتي قولاج بنشر نسخة طبق الأصل للمصحف المنسوب إلى عثمان بن عفان في متحف الآثار التركية والإسلامية بعنوان : (المصحف الشريف المنسوب إلى عثمان بن عفان : نسخة متحف الآثار التركية والإسلامية باستنبول) ، وهو أيضاً مصحف شبه كامل تنقصه عدة أوراق.

٦ ـ وفي عام ٢٠٠٩ قام طيار آلتي قولاج بنشر نسخة طبق الأصل للمصحف المنسوب إلى عثمان بن عفان في القاهرة بعنوان : (المصحف الشريف المنسوب إلى عثمان بن عفان : نسخة المشهد الحسيني بالقاهرة). يحتوي المصحف على أكثر من ٩٩% من النصّ القرآني (٢) ، وتنقصه أربعة ورقات فقط ، وتم إعادة كتابة ٩ من أوراقه بيد لاحقة.

٧ ـ في عام ٢٠١١ قام آلتي قولاج بنشر نسخة طبق الأصل للمصحف المنسوب إلى علي بن أبي طالب في صنعاء بعنوان : (المصحف الشريف المنسوب إلى

__________________

(١) Islamic ـ awareness. org, (٢٠١٤). The “Qur’an Of Uthman” At The Topkapi Museum, Istanbul, Turkey, From ١st / ٢nd Century Hijra. Retrieved ٢٥ November٢٠١٤. from : http : / / www. islamic ـ awareness. org / Quran / Text / Mss / topkapi. html.

(٢) Islamic ـ awareness. org,. (٢٠١٤). The “Qur’an Of Uthman” At The Al ـ Hussein Mosque, Cairo, Egypt, From ١st / ٢nd Century Hijra. Retrieved ٢٥ November ٢٠١٤, from :

http : / / www. islamic ـ awareness. org / Quran / Text / Mss / hussein. html

١٠٨

علي بن أبي طالب : نسخة صنعاء) ، يحتوي هذا المصحف على ٨٦% من النصّ القرآني (١).

٨ ـ واليوم الأمانة العامة للعتبة العلوية تسعى جادة لطبع النسخة الفريدة الموجودة لديها ، مساهمة منها في هذه المضمار. ونسختها مكتوبة على الرق بالخطّ الكوفي ، أوّله سورة الفاتحة وفيه نقص في منتصف سورة الكوثر وسورة الكافرون والنصر وعنوان سورة المسد ، وقد كتبت فيها أسماء السور ونقط العلامات الاعرابية ، وفواصل الآيات ، بعضها بالمداد الأحمر ، وبعضها بالمداد الأصفر الذهبي ، أمّا متن القرآن الكريم فهو مكتوب بالمداد الأسود فبعضه غامق والآخر صار فاتحاً بمرور الأزمان ، وقد تمّ إصلاح بعض الأوراق وإعادة كتابة صفحات هالكة منه ، فبعضه يدل على قدمه والآخر على أنّه متأخّر ، كما أنّ سمك الصفحات تختلف بعضها عن بعض ، وقد كتبت في بعض حواشي المصحف أجزاء القرآن بالذهبي وعليه رسوم زخرفية ، وكتب في الصفحة الأخيرة منه وبخطّ كوفي فاتح عبارة (كتبه علي بن أبو طالب في سنة أربعين من الهجرة). فيها عدد غير متساوي من السطور ،

__________________

(١) Islamic ـ awareness. org,. (٢٠١٤). The “Qur’an Of Ali b. AbiTalib” (The Sanaa Mushaf) From ١st / ٢nd Century Hijra. Retrieved ٢٥ November ٢٠١٤, from :

http : / / www. islamic ـ awareness. org / Quran / Text / Mss / alisanaa. html

منوهين بأنّا قد اعتمدنا في هذا الجرد على ما زودنا به الأستاذ مرتضى كريمي نيا من مقال للأستاذ أحمد وسام شاكر تحت عنوان (الإصدارات العينية للمخطوطات القرآنية القديمة) فشكراً له.

١٠٩

عدد صفحات المخطوط ٦١٢ صفحة ، وهذا المصحف يحتوي على ما يقارب ٩٩ % من النصّ القرآني.

ولابدّ من الإشارة إلى أنّ المستشرق موريتز [Moritz] نشر في كتابه ، نماذج من خطوط مصاحف قديمة تحرزها دار الكتب ، وهي ترقى إلى القرون الخمسة الأولى للهجرة مكتوبة على أوراق البردي في القرون الثلاثة الأولى للهجرة ، والباقي على الرق ، أكثرها بخطوط كوفية ، ومنها بخط قريب من النسخي وهي تؤكد ضرورة الاهتمام بنشر المصاحف القديمة كما هي ، وعن طريق الشبكات المعلوماتية كالانترنت والأقراص المدمجة وأمثال ذلك ، لأنّ العصر عصر السرعة والمواصلات ، والباحث لا يمكنه جمع جميع النسخ القرآنية ورقياً عنده ، لأنّ ذلك يكلّفه مالياً ومكانياً.

كما أنّ تكثر وجود النسخ القديمة من القرآن الكريم عند الباحثين والمتحدة شكلاً ونصاً والمكتوبة في بلدان متعددة تحدّ من شبهات المستشرقين الذين لا يريدون خيراً بالإسلام.

نعم ، إن طبع بعض المستشرقين النسخ القرآنية طبق الأصل لا يغفر ذنب الآخرين منهم الذين يريدون المساس بالإسلام وكتابه المقدس.

وصحيح أنّ الأثريين والمنقبين قد يأتون بنظريات جديدة في بحوثهم لكن هذا لا يمكن اعتماده في تفنيد الثوابت ، لأنّ الأمر الثابت والمتواتر لا يمكن تفنيده بمفردة مأخوذة من هنا أو هناك ، فذاك هو الرأي والهوى والاستحسان الذي اعتمده المستشر ق فلا يمكنه أن يقارع الدليل والحجة والتواتر.

١١٠

فالكل يدّعي بأنّه وقف على أقدم نسخة من القرآن الكريم ، فهذا يراه في طشقند تركمنستان / روسيا ، والآخر في جامعة توبينغن الألمانية ، وثالث في الجامع الكبير بصنعاء / اليمن ، ورابع في المتحف الإسلامي في القدس الشريف ، وخامس في جامع عمرو بن العاص / مصر ، وسادس في تركيا ، وسابع في إيران ، وثامن ، وتاسع ...

ففي عام ١٩٧٢ م عثر عمال الصيانة عند ترميمهم لسقف المسجد الكبير بصنعاء على بقايا أوراق لمصاحف قرآنية قديمة تبلغ عددها ٤٠ ألف ورقة يعود عمر بعضها إلى القرن الأول الهجري.

وقد نشرت صحيفة الاتلانتك الأمريكية في عددها ليناير عام ١٩٩٩ م مقالاً لتوبي لبستر بعنوان (ما القرآن) ذكر فيه وقوفه على اتصال هاتفي من عالم الماني يدعى جيرد بوين [Gerd puin] الخبير في دراسة المخطوطات القرآنية القديمة والذي أرسلته الحكومة الألمانية الاتحادية في ثمانينات القرن الماضي لمساعدة الحكومة اليمنية في ترميم وصيانة الآثار والمخطوطات اليمنية وذلك بطلب من القاضي اسماعيل الأكوع رئيس هيئة الآثار والمخطوطات سابقاً.

وقد ادعى بوين في اتصاله الهاتفي مع الصحفي توبي لبستر بأنّ النصّ القرآني قد تطور عبر الزمن ولم يكن نازلاً من السماء ، وذلك لاختلاف بعض النصوص التي عثر عليها عن الأخرى ، وقد تصدّى للردّ على كلام بوين الأستاد فهمي هويدي في مقال له بعنوان (غارة أخرى على القرآن تطعن على تنزيله وصدقيته).

فادعاء بوين هو ادعاء فارغ يفتقر إلى الدليل العلمي ، وهو مما دعا القاضي

١١١

الأكوع أن يستاء من مقالته ، وان بوين وزميله بوثمر أرادا أن يبعثا برسائل اطمئنان ـ أو قل تكذيب ـ إلى الأكوع لتهدئة الموقف ، فمما قاله بوين في رسالته للأكوع : المهم والحمد لله لا تختلف هذه المصاحف الصنعائية عن غيرها في متاحف العالم ودور كتبه إلّا في تفاصيل لا تمسّ القرآن كنصّ مقروء وإنّما الاختلافات في الكتابة فقط.

ثمّ ألقى اللوم على الحكومة اليمنية التي لا تريد أن تذكر دوراً للألمان ، في حين أن كلام بوين باطل من عدة جهات اولا ، لأنّ الحكومة اليمنية كانت هي السباقة في التعريف بهذه النسخ للناس وللمجاميع العلمية ، وقد عرضت بعض تلك اللوحات في مناسبات محلية ودولية وبالتعاون مع دار الآثار الكويتية عام ١٩٨٥ م ، والذي صدر عنه كتاب (مصاحف صنعاء) وفيه مقالات للأكوع ، وحصة بنت الصباح ، وجيرد بوين ، وغيرهم ، فما يعني تجاهل بوين لدور الحكومة اليمنية آنذاك.

ومما يزيد في تأكيد عدم صحة ادعاء بوين ـ من ارادة السلطات اليمنية اخفاء المخطوطات ـ هو البحث الذي قام به الاستاذان بهنام صادقي [Behnam Sadeghi] من جامعة ستانفورد ومحسن گودرزي [Mohsen Goudarzi] من جامعة هارفارد والذي أثبتا فيه من خلال شهادات علماء ذهبوا إلى اليمن لرؤية وتصوير هذه المخطوطات ، أنّ السلطات اليمنية كانت متعاونة معهم جداً ، وقد سمحت لهم بتصوير المخطوطات بدون أدنى اعتراض.

ففي عام ٢٠٠٧ م سمحت السلطات اليمنية للعالم الإيطالي نوسيدا وعالم الآثار كرستيان روبين بأخذ صور لطرس صنعاء الممسوح [Sanaa Palimpsest].

ويقول روبين عن زملائه أنّهم منحوا قدراً للوصول للمخطوطات أكبر من

١١٢

بعض المكتبات الاوربية. كلّ هذه الأقوال تخطئ مدعى جيرد بوين في عدم تعاون السلطات اليمنية.

اجل اني قد قرأت أخيراً مقالاً لوسام رامز قبلان بعنوان (التحقيق في مخطوطة القرآن الأقدم المكتشفة في ألمانيا) جاء فيه : (إنّ نتيجة الفحوصات الفيزيائية بواسطة عنصر الكاربون ١٤ التي أجريت على مخطوطة جامعة توبينغن الألمانية من القرآن الكريم لتحديد عمرها أثبتت أنّها كتبت بنحو ٢٠ ـ ٤٠ عاماً بعد وفاة رسول الله) وهذا هو ادعاء لا يمكن البت بصحته أو خطأه وفق الفحوصات الفيزيائية فقط ، بل عليهم اخذ امور اخرى بنظر الاعتبار ايضا.

وعليه فنحن لا نجازف كالآخرين بالقول بأنّ نسخة الخزانة الغروية هي من أقدم وأنفس النسخ القرآنية او ان عمرها يعود الى سنة كذا وكذا أو أنّ كاتبها هو الإمام علي لاغير ، لكننا نقول بكلام ملخصه أنّها نسخة تراثية قديمة وجديرة بالطبع ، وهذه النسخة هي شبه نسخة كاملة وهي أكبر من نسخة جامعة توبينغن على وجه القطع واليقين.

لأنّ مخطوطة جامعة توبينغن لا تتجاوز صفحاتها عن ١٥٤ صفحة وقد كتبت بالخط الكوفي وبثلاثة ألوان : البني والأحمر والأسود ، وأنّ التشكيل الأحمر لو شوهد فيه فهو مما أضيف إليه في العصور المتأخرة وحين الترميم (١) ونسختنا الغروية هي في ٦١٢ صفحة ، مع ايماننا بوجود التشابه بين النسختين في كثير من الأحيان.

فنتساءل ونقول : ما يعني اهتمام المعاهد اليسوعية بالمخطوطات القرآنية في أيام

__________________

(١) من مقال لوسام رامز قبلان (التحقيق في مخطوطة القرآن الأقدم المكتشفة في ألمانيا).

١١٣

الحرب العالمية على وجه الخصوص وما هو السر في ذلك؟ بل لماذا كذّب أندرو هيغنز (١) الخبر الذي أشاعه أنطون سبيتالر من حرق ارشيف صور المخطوطات القرآنية الموجودة في المعهد اليسوعي التابع لكلية البافارية ، والذي كان يحتوي على ٤٥٠ لفة فيلم أثناء قيام القوات الجوّية بحملاتها ، فمما قاله أندرو هيغنز :

إنّ النازيين دفعوا بكل خبراء العربية القديمة من اليهود وغيرهم من الآريين في المجهود الحربي مما أدّى إلى تحوّل العلماء المتخصصين في الشرق الأوسط إلى ضبّاط مخابرات ومحققين ومترجمين ...

ثمّ أضاف بالقول : خلال القرن التاسع ابتدع الألمان ثقافة جديدة تعني بالنصوص القديمة ، ولقد أدّى هذا إلى ثورة في فهم الكتاب المقدس عند اليهود والنصارى ... ثمّ نقل عن السيدة أنجليكا نوويرث (استاذة التاريخ في جامعة البرلين المفتوحة والتي تتلمذت على يد السيد سبيتالر والمقربة منه) قولها :

ظلت لفات الفيلم تلك في علب سجائر وصوان پلاستکة إلى جانب علبة كعك قديمة ، ولكنّه حالياً محفوظ في مكان أمن ببرلين ، حيث سوف تشكّل صور هذه المخطوطات قاعدة بيانات.

تعتقد السيدة نوويرث والفريق العامل معها أنّها ستساعد على كشف جوانب كثيرة من تاريخ النصوص الإسلامية.

والنتيجة كما يقول السيد مايكل ماركس ـ مدير المشروع البحثي ـ

__________________

(١) ترجم مقاله الأستاذ عبد الحق بوقلقول تحت عنوان (دراسات المانية حول القرآن).

١١٤

ستكون الخروج بأوّل «دراسة نقدية» للنصّ القرآني ، واكتشاف التداخلات بينه وبين النصوص الأخرى في التوارة وغيرها من الكتب المقدسة في الأدبين المسيحي واليهودي (١).

ان نقل امثال هكذا نصوص تؤكد أنّ هدف بعض المستشرقين ـ وخصوصاً رجال الدين منهم ـ لم يكن حفظ التراث فقط بل هو المساس بالنصّ القرآني وقدسيته ، لكن تحت غطاء البحث والتنقيب في المخطوطات ومساعدة المسلمين في التعرف على مخطوطاتهم وتراثهم ، والسعي معهم لحفظه وضبطه ، وهو ملحوظ في أقوال بوتن ودعواه عن الصحف القرآنية التي شاهدها في مسجد صنعاء باليمن.

نعم ، قد تأثّر بعض الباحثين المسلمين العلمانيين المعاصرين في الدول الإسلامية باقوال علماء الغرب ونظرياتهم وجعلوها أصولاً صحيحة في التحقيق لا يمكن مخالفتها ، ساعين معرفة التراث الإسلامي من خلال ما قننه علماء الغرب في معرفة الآثار وتطور الكتابة والخط وكيفية التعرّف على الحبر والورق وأمثال ذلك ، لكن جهودهم لم تحظى بالقبول من جميع المسلمين ، وإن تأثّر به بعضهم.

وبالتالي فإنّ الفحص الكيمياوي والمختبري للمخطوطات والوقوف على كيفية تطور الخط والكتابة من السرياني والحجازي والكوفي وما شابه ذلك لا ننكره وهو صحيح إلى حدّ ما وله دور في التعرف على الحقيقة ، لكنّه ليس كلّه.

كما يجب أن لا نتغاضى ولا ننسى أيضاً بأنّ الأوروبيين في القرون الوسطى

__________________

(١) دراسات ألمانية حول القرآن ، لأندرو هيغنز.

١١٥

كانوا يسعون لاستغلال الموروث الثقافي عند المسلمين تحت غطاء حفظ التراث وبذريعة العلم والتحقيق.

ولأواصل ما قاله هيغنز في مقاله للتعرف على سر اهتمامهم بالقرآن :

لقد بدأ الأوروبيون دراسة القرآن خلال القرون الوسطى ، وكان الهدف الأبرز وقتذاك هو محاولة الفضح ، وبحلول القرن التاسع عشر ، بدأت الأبحاث تأخذ طابعاً علمياً عبر دراسات أكثر جدية للنصوص القديمة ، وفي هذا المجال كان الألمان سبّاقين. كان التركيز الأصلي على التوراة. ولقد حاول القساوسة والحاخامات منع ذلك ، إلّا أنّ العلماء ضغطوا وأصروا بشكل تحدَّوا من خلاله النظرة التقليدية للعهدين : القديم والجديد ، وهذا ما أدّى إلى تقويض الإيمان بحرفية الكتاب المقدس ، وساهم اليوم في ولادة العلمانية بشكل كبير في أوروبا ، ولقد أدار هؤلاء ـ مع مرور الوقت ـ اهتماماتهم صوب القرآن.

في العام ١٨٥٧ ، عرضت أكاديمية باريس جائزة لأحسن «تاريخ نقدي» للقرآن ، ولقد فاز بها الألماني ثيودور نولدكه ، وهذه الخطوة أصبحت فيما بعد ، حجر الزاوية في الأبحاث الغربية المستقبلية ، حتّى أن نوويرث تصف هذا الأخير بقوله : «إنّه حجر كنيستنا».

بدأ أرشيف ميونيخ على يد أحد مقربي نولدكه ، الذي كان اسمه غوتهلف بيرغستراسر ، وبما أنّ ألمانيا كانت قد انزلقت بشكل مبكر نحو الحكم الفاشي في بدايات القرن الماضي ، فقد قام هذا الأخير بتجميع النسخ القديمة من القرآن من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ، حيث يقول : إنّه صور تلك النسخ بواسطة آلة

١١٦

تصوير من نوع Leica ....

وبعده تولى العمل مستعرب ألماني آخر ، هو أوتو بريتزل ، الذي استعمل أيضاً آلة تصوير من ذات النوع ، ففي عام ١٩٣٤ وخلال زيارة له إلى المغرب ، تمكن من زيارة مكتبة ملكية هناك ، كانت تحوي نسخة قديمة من القرآن ... إلى أن يقول :

كان السيد بريتزل جامع المخطوطات ، يعمل على ما يبدو ، لحساب المخابرات العسكرية ... ثمّ تحولت المسئولية عن الأرشيف بعد هذا إلى إشراف السيد سبيتالر ، الذي ساهم في جمع بعض الصور الأخرى ، حيث كان يعمل خلال فترة الحرب في مكتب القيادة الألمانية ...

ثمّ يختم هيغنز مقاله بالقول : في منتصف السبعينات ، كانت حياة السيد سبيتالر المهنية في ميونيخ ، تقترب من نهايتها ، حيث كان على وشك التقاعد ، فبدأ حينها بتحريك تلك الصناديق ووضعها في غرفة مجاورة للتي كان يجري فيها مشروع قاموس أكاديمية العلوم البافارية.

وهنا تتذكر طالبة الدكتوراه في ذلك الوقت ، كاترين مولر ، كيف أنّها لمحت تلك الصناديق وشاهدت فيها أفلاماً قديمة ، إلّا أنّها حينما سألت سبيتالر عن فحواها ، لم تحصل منه على أيّ جواب ، لتدرك الآن أنّ الأمر كان يتعلق بالمخطوطات القديمة للمصحف.

أمّا في أوائل الثمانينات ، وفي وقت ما يزال الاعتقاد فيه سائداً بأنّ الأرشيف

١١٧

مفقود ، سافر عالمان ألمانيان إلى اليمن (١) ، بقصد الفحص والمساعدة على إعادة ترتيب مخطوطات قديمة هناك ، ولقد استغل الرجلان الفرصة ، وقاما أيضاً بالتقاط بعض الصور ، إلّا أنّهما حينما كانا يحاولان إخراجها من اليمن ، منعتهم السلطات اليمنية من ذلك. ويروي السيد غيرد روديغر ـ الذي كان أحدهما ـ كيف تمكّن بعض الدبلوماسيين الألمان هناك أخيراً من إقناع اليمنيين بالإفراج عن بعضها. يقول السيد بوين : إنّ المخطوطات التي عُرضت عليه توحى له بأن «القرآن لم ينزل من السماء» .... ثم يضيف هيغنز بالقول :

ولم يفهم أحد سبب إصرار سبيتالر على إبقاء الأمر لغزاً ، فكلّ ما كتبه حول الموضوع ، كان هامشاً صغيراً في مقالة نشرها خلال العام ١٩٧٥ حول القرآن ادعى فيها ضياع الأرشيف وقت الحرب ، إلى جانب قوله : «لقد غيرت أوضاع عالم ما بعد ١٩٤٥ الظروف ، ولم يعد من الممكن الاستمرار في المشروع».

فالسؤال : ما هو هدف المستشرقين الغربيين الاهتمام بجمع المخطوطات القرآنية وفي أيام الحرب العالمية على وجه الخصوص أو قبلها بقليل.

وما يعني إثارة بعضهم بعض الشبه الواهية وادعاءهم الوقوف على صحف كانت مكتوبة فيها آي من القرآن الحكيم غير المتداول بين ايدينا اليوم ثمّ محيت تلك الكتابات وكتب عليها شيء يطابق الموجود ، ثم ظهور الكتابات القديمة الأولى تارة

__________________

(١) وكلام هينغنز يؤكد ما نقلناه قبل قليل عن بوين وأنّه كان وراء التشكيك في القرآن الكريم ، وأنّ دعوى تكذيبه نقل الصحفي توبي لبستر هو كذب.

١١٨

أخرى من تحت الكتابة الحديثة ، وفيها قراءة متروكة وشاذة لأحد الصحابة لا يقرأ بها المسلون اليوم؟ فما يعني طرح هكذا أقوال من قبل باحثين في الاثار لا علماء في الدين؟

باعتقادي أنّ بعض هؤلاء الباحثين قد استغلوا تخصصهم التراثي للمساس بأعظم كتاب على وجه الأرض الا وهو القرآن الكريم ، لكن وحدة النص القرآني ، وتكثر وجوده في جميع البلاد ، وبخطوط مختلفة ، وعند جهات متعددة وعلى مر القرون ، فندت اطروحاتهم الخائنة للمساس بالقرآن الكريم.

إنّ بحوث رخيصة وتشكيكات واهية من قبل هذا أو ذاك لا يخدش بعظمة القرآن وإصالته ، كما أنّ توقفنا وعدم بتنا بكون هذه النسخة أو غيرها هي نسخة الإمام أمير المؤمنين أو لا ، لا يخدش في قيمة المخطوطة التراثية الموجودة عند هذه الجهة أو تلك او في هذا البلد او ذاك.

ومن خلال كلّ ما تقدم عرفنا أهمية العمل التراثي وضرورة لزوم الحذر ممن يعتقون النسخ قديماً أمثال الدانيالي وممن يثيرون الشبه حديثاً كبعض المستشرقين والباحثين التراثيين الموجودين هنا وهناك.

المهم هو : أنّنا نعتزّ بهذا المصحف الشريف الموجود في الخزانة الغروية ، ونتبرك به ، لكونه أولاً هو كلام الله المجيد ، وثانياً لانتسابه إلى أمير المؤمنين علي ، وثالثاً لأنّه نص تراثي قديم يؤكّد وحدة النص القرآني عبر اجيال متعاقبة ، وهو ليس باقل من التبرك بالشبّاك الفضيّ لضريحه الطاهر والأبواب والجدران والستائر لحرمه الشريف.

١١٩

فنحن نقدّس هذا المصحف ونحترمه ، مؤكّدين للجميع بأنّ المصاحف الموجودة بأيدينا ، والمنسوبة إلى ائمتنا ، والمحفوظة في خزائن مشاهدهم المشرفة وفي بلدان متعددة ومختلفة لا تختلف عن المصحف الموجود بأيدي المسلمين اليوم ترتيباً ومحتوىً ، ولأجل كلّ ذلك اهتمّت الأمانة العامة للعتبة العلوية المطهرة في طبعه وإخراجه كما هو طبقاً للأصل (فاكسيميل) كي تدلل على وحدة النصّ القرآني عند جميع المسلمين ، وعبر جميع القرون ، اذن القرآن هو قرآن الجميع لا قرآن طائفة خاصة بعينها.

١٢٠