صلاة الطالب والمطلوب :
واختلفوا أيضا في صلاة الطالب والمطلوب : فقال مالك وجماعة من أصحابه : هما سواء ، كلّ واحد منهما يصلّي على دابته. وقال الأوزاعي والشافعي وفقهاء الحديث : لا يصلّي الطالب إلا بالأرض. وقال القرطبي : وهو الصحيح ؛ لأن الطلب تطوّع ، والصلاة المكتوبة فرضها أن تصلّى بالأرض حيثما أمكن ذلك ، ولا يصلّيها راكب إلا خائف شديد خوفه ، وليس كذلك الطالب.
العسكر إذا رأوا سوادا فظنوه عدوّا فصلّوا صلاة الخوف ، ثم بان لهم أنه غير شيء : اختلفوا أيضا في ذلك :
قال بعض المالكية وأبو حنيفة : يعيدون الصلاة ؛ لأنه تبيّن لهم الخطأ فعادوا إلى الصواب كحكم الحاكم. وقال بعض آخر من المالكية ، وهو أظهر قولي الشافعي : لا إعادة عليهم ؛ لأنهم عملوا على اجتهادهم ، فجاز لهم ، كما لو أخطئوا القبلة ، وهذا أولى ؛ لأنهم فعلوا ما أمروا به.
أخذ الحذر وحمل السلاح :
تأمر الآيتان : (وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ) و (وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ) بالحذر وأخذ السلاح ، لئلا ينال العدوّ أمله ويدرك فرصته. والسلاح : ما يدفع به المرء عن نفسه في الحرب.
وهل حمل السلاح في الصلاة مندوب أو واجب؟
قال أبو حنيفة : لا يحملون الأسلحة ؛ لأنه لو وجب عليهم حملها لبطلت الصلاة بتركها. وردّ عليه : بأنه لم يجب حملها لأجل الصلاة ، وإنما وجب عليهم قوة لهم ونظرا لمصلحتهم.
وقال ابن عبد البرّ : أكثر أهل العلم يستحبّون للمصلّي أخذ سلاحه إذا صلّى