معجم مقاييس اللغة - ج ١

أبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريّا

معجم مقاييس اللغة - ج ١

المؤلف:

أبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريّا


المحقق: عبد السلام محمّد هارون
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مكتب الإعلام الإسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥١٩

وقال الخليل : الإزْب الدقيق المفاصل ؛ والأصل واحد. ويقال هو البخيل. ومن هذا القياس الميزاب والجمع المآزيب ، وسمِّى لدقته وضيق مجرى الماء فيه. والأصل الثانى ، قال الأصمعىّ : الأُزْبىّ (١) السُّرعة والنشاط. قال الراجز (٢) :

* حَتى أَتى أُزْبِيُّها بالإدْبِ (٣) *

قال الكسائىّ : أُزْبىٌ وأزابىُ الصَّخَب. وقوسٌ ذاتُ أُزْبىّ ، وهو الصوت العالى. قال(٤):

كأَنَ أُزْبِيَّها إذا رَدَمَتْ

هَزْمُ بُغَاةٍ فى إثْرِ ما وَجَدُوا (٥)

قال أبو عمرو : الأَزَابىُ البغى (٦). قال :

ذات أزَابىَ وذات دَهْرَسِ (٧)

مما عليها دحمس (٨)

__________________

(١) الوجه فيه أن يكون فى مادة (زبى) كما فى اللسان (١٩ : ٧٢) ، ووزنه أفعول.

(٢) هو منظور بن حبة ، كما فى اللسان (١ : ٢٠١ / ١٩ : ٧٢) والجمهرة (٣ : ٣٦٥ ـ ٣٦٦). وقبل البيت :

بشمجى لاعى عجول الوثب

أوامها الأنساع قبل السقب

(٣) الإدب ، بالكسر : العجب ، كما نقل فى اللسان عن ابن فارس.

(٤) هو صخر الغى ، كما فى اللسان (١٥ : ١٢٨ / ١٩ : ٧٣).

(٥) ردمت : صوتت بالإنباض. والهزم : الصوت. والباغى : الذى يطلب الشئ الضال. ورواية اللسان : في أثر ما فقدوا ، والمعنى يتوجه بكلا الروايتين ، فهم يصيحون عند الطلب ، وهم يضجون عند حصولهم على ما فقدوا.

(٦) كذا ، وفى اللسان أنه ضروب مختلفة من السير.

(٧) ذات دهرس : ذات خفة ونشاط. وهذا البيت فى اللسان (دهرس).

(٨) كذا ورد البيت على ما به من نقص.

١٠١

أزح الهمزة والزاء والحاء. يقال أزَح إذا تخلَّف عن الشئ يَأْزِحُ. وأزح إذا تقبّض ودنا بعضُه من بعض (١).

أزد قبيلة ، والأصل السين. وقد ذكر فى بابه.

أزر الهمزة والزاء والراء أصل واحد ، وهو القوّة والشدّة ، يقال تأزَّر النَّبت ، إذا قوى واشتدّ. أنشدنا علىُّ بن إبراهيم القطّان قال : أملى علينا ثعلب :

تأَزّر فيه النَّبْتُ حتَّى تخَايَلَتْ

رُبَاهُ وحتى ما تُرى الشَّاءُ نُوَّما (٢)

يصف كثرةَ النَّبات وأنّ الشاءَ تنام فيه فلا تُرى. والأَزْرُ : القوّة ، قال البَعِيث :

شدَدْتُ له أَزْرِى بمِرَّةِ حازمٍ

على مَوْقِعٍ مِنْ أمْرِهِ مُتَفاقِمِ (٣)

__________________

(١) لم يصرح بالأصل المعنوى للمادة وذلك لقلة مفرداتها ، فاكتفى بالشرح عن النص على المعنى السائر فيها.

(٢) وكذا روايته فى اللسان (٥ : ٧٦) لكن فى (١٣ ، ٢٤٣) : حتى تخليت وهما صحيحتان ؛ يقال وجدت أرضا متخيلة ومتخايلة ، إذا بلغ نبتها المدى وخرج زهرها.

(٣) روايته فى اللسان (٥ : ٧٥): «من أمره ما يعاجله» ؛ ولعلهما من قصيدتين له.

١٠٢

باب الهمزة والسين وما يثلثهما

أسف الهمزة والسين والفاء أصلٌ واحد يدلّ على الفَوت والتلهُّف وما أشبه ذلك. يقال أسِفَ على الشئ يَأْسَفُ أسَفاً مثل تلهف. والأَسِفُ الغضْبان ، قال الله تعالى : (وَلَمَّا رَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً)، وقال الأعشى :

أرَى رَحْلاً منهُمْ أسيفاً كأنَّما

يضُمُّ إلى كشْحَيهِ كَفًّا مُخَضَّبا

فيُقال هو الغضبان. ويقال إنّ الأُسَافة (١) الأرض التى لا تنبت شيئاً ؛ وهذا هو القياس ، لأنّ النّبات (٢) قد فاتَها. وكذلك الجمل الأسيف ، وهو الذى لا يكاد يَسْمَنُ. وأمَّا التابع وتسميتهِم إيّاه أسيفاً فليس من الباب ، لأنّ الهمزة منقلبةٌ من عين ، وقد ذكر فى بابه.

أسك الهمزة والسين والكاف بناؤه فى الكتابين (٣) وقال أهل اللغة : المأسوكة التى أخطأت خافِضتُها فأصابت غيرَ موضع الخَفْض.

__________________

(١) فقال بفتح الهمزة وضمها.

(٢) فى الأصل : «النباس.

(٣) لم يتضح ما يريد بهذه الكلمة. ولعلها : «لم يرد بناؤه فى الكتابين».

١٠٣

أسل الهمزة والسين واللام تدلُّ على حِدّة الشئ وطوله فى دقّة. وقال الخليل : الأسَل الرِّماح. قال : وسمِّيت بذلك* تشبيهاً لها بأسَل النبات. وكلُّ نبتٍ له شوكٌ طويل فشوكه أَسَلٌ. والأَسَلةُ مستدَقُّ الذِّراع. والأسَلة : مستدَقُّ اللِّسان. قالوا : وكلُّ شئٍ مُحَدّد فهو مؤسَّل. قال مزاحم :

يُبارِى سَدِيسَاها إذا ما تلمَّجتْ

شَباً مثلَ إبزيم السِّلاح المؤَسَّلِ (١)

يبارى : يعارض. سديساها : ضرسان فى أقْصى الفم ، طالا حتَّى صارا يعارضان النّابين ، وهما الشبا الذى ذَكَر. والإِبزيم : الحديدة التى تراها فى المِنْطقة دقيقةً تُمسِك المِنْطَقة إذا شُدّت.

أسم الهمزة والسين والميم كلمة واحدة ، وهو أُسامةُ ، اسمٌ من أسماء الأسد.

أسن الهمزة والسين والنون أصلان ، أحدهما تغيُّر الشئ ، والآخر السَّبب. فأ [مّا ا] لأوّل فيقال أسَنَ الماء يأسِنُ ويأسُنُ ، إِذا تغير. هذا هو المشهور ، وقد يقال أَسِنَ. قال الله تعالى : (مِنْ ماءٍ غَيْرِ) آسِنٍ وأسِنَ الرّجُل إذا غُشِىَ عليه مِن ريح البئر. وهاهنا كلمتان مَعْلولتان ليستا بأصل ، إحداهما الأُسُن وهو بقيّة الشَّحم ، وهذه همزةٌ مبدلة من عَين ، إنما هو عُسُنٌ. والأخرى قولهم تأسَّنَ تأسُّناً إذا اعتلّ وأبطأ. وعلّة هذه أنّ أبا زيدٍ قال ـ

__________________

(١) تلمجت : تلمظت. وفى الأصل : «تلجمت» ، صوابه من اللسان (١٣ : ١٥).

١٠٤

إنّما هى تأَسَّرَ تأسُّراً ، فهذه علّتها. والأصل الآخر قولهم الآسانُ : الحبال. قال (١) :

وقد كنت أهوى النّاقِمِيَّةَ حِقْبةً

فقد جَعَلَت آسَانُ بينٍ تَقَطَّعُ (٢)

واستعير هذا فى قولهم : هو على آسانٍ من أبيه ، أى طرائق. أسو الهمزة والسين والواو أصل واحد يدلّ على المداواة. والإصلاح ، يقال أسَوْت الجُرْحَ إذا داويتَه ، ولذلك يسمَّى الطبيب الآسِى. قال الحُطَيئَة :

هم الآسُونَ أُمَّ الرَّأسِ لَمَّا

تَوَاكَلَها الأطِبَّةُ والإِساءُ (٣)

أى المُعالجُون. كذا قال الأموىّ (٤). ويقال أسوت الجرح أسْواً وأساً ، إذا داويتَه. قال الأعشى :

عندَهُ البِرُّ والتُّقى وأسا

الشَّقِّ وحَمْلٌ لمُضْلِعِ الأثْقالِ

ويقال أسَوتُ بين القوم ، إذا أصلحتَ بينهم. ومن هذا الباب : لى فى فُلانٍ أُسْوَةٌ أى قُدوة ، أى إِنِّى أقتدى به. وأسَّيتُ فلاناً إذا عَزَّيتَهُ ، من هذا ،

__________________

(١) نسب فى اللسان (١٦ : ٧١ ، ١٥٦) إلى سعد بن زيد مناة.

(٢) فى اللسان : «الناقمية هى رقاش بنت عامر. وبنو الناقمية بطن من عبد القيس .. وناقم : حى من اليمن». والبيت فى (١٦ : ٧١) مطابق ماهنا. وفى (١٦ : ١٥٦) : «آسان وصل» ؛ وهذه واضحة لا تحتاج إلى تكلف.

(٣) ديوان الحطيئة ٢٧ واللسان (١٨ : ٣٦).

(٤) جعله جمعاً لآس ، كما تقول راع ورعاء. والإساء بالكسر أيضاً : الدواء ؛ ويقال. كذلك فى جمع آس أساة. قال كراع : ليس فى الكلام ما يعتقب عليه فعلة وفعال إلا هذا وقولهم رعاة ورعاء فى جمع راع.

١٠٥

أى قلت له : ليكنْ لك بفلان أسوة فقد أصيب بمثل ما أُصِبتَ به فرضِى وسَلَّم ومن هذا الباب : آسَيْتُه بنفسى.

أسى الهمزة والسين والياء كلمة واحدةٌ ، وهو الحزن ؛ يقال أأَسِيتُ على الشئ آسَى أَسًى ، أى حزنتُ عليه.

أسد الهمزة والسين والدال ، يدلّ على قوّة الشَّئ ، ولذلك سُمِّى الأسدُ أسداً لقوّته ، ومنه اشتقاق كلِّ ما أشبهه ، يقال استأسَدَ النَّبت قَوِىَ. قال الحطيئة :

بِمُستأسِدِ القُرْيانِ حُوٍّ تِلاعُهُ

فنُوّارُهُ مِيلٌ إلى الشّمسِ زاهِرُه

ويقال استَأْسَدَ عليه اجْتَرَأ. قال ابن الأعرابى : أَسَدْتُ الرَّجُل (١) مثل سَبَعْتُه وأَسْدٌ بسكون السين ، الذين يقال لهم الأَزْد ، ولعلّه من الباب. وأمّا الإسادَةُ فليست من الباب ، لأنّ الهمزة منقلبة عن واو. و [كذا (٢)] الأُسْدِى فى قول الحطيئة :

مستهلك الورْدِ كالأُسْدِىِ قد جَعَلَتْ

أيْدِى المَطِىِّ به عَادِيَّةً رُغُبا

__________________

(١) لم أجد هذه الكلمة فيما لدى من المعاجم.

(٢) بمثلها يتم الكلام ، وقد أنشد البيت فى اللسان (٤ : ٣٩). والأسدى : ضرب من الثياب. قال ابن برى: «ووهم من جعله فى فصل أسد ، وصوابه أن يذكر فى فصل سدى. قال أبو على : يقال أسدى وأستى ، وهو جمع سدى وستى للثوب المسدى ، كأمعوز جمع معز». والبيت فى ديوان الحطيئة ٤.

١٠٦

أسر الهمزة والسين والراء أصل واحد ، وقياسٌ مطّرد ، وهو الحبس ، وهو الإمساك. من ذلك الأسير ، وكانوا يشدُّونه بالقِدِّ وهو الإِسار ، فسمى كلُّ أخيذٍ وإنْ لم يُؤْسرْ أسيراً. قال الأعشى :

وقيَّدَنِى الشِّعْرُ فى بيته

كما قَيَّد الآسِراتُ الحِمارَا (١)

أى أنا فى بيته ، يريد بذلك بلوغه النِّهاية فيه. والعرب تقول أَسَرَ قَتَبَهُ (٢) ، أى شدّه. وقال الله تعالى : (وَشَدَدْنا أَسْرَهُمْ) يقال أراد الخَلْق ، ويقال بل أراد مَجرى ما يخرج من السَّبيلَين. وأُسْرَةُ الرّجُل رَهْطه ، لأنّه يتقوَّى بهم. وتقول أسيرٌ وأَسْرَى فى الجمع وأسارى بالفتح (٣). والأُسْرُ احتباس البَوْل.

باب الهمزة والشين وما بعدهما فى الثلاثى

أشف الهمزة والشين والفاء كلمةٌ ليست بالأصلية فلذلك لم نذكرها. والذى سمع فيه الإشْفَى.

أشا الهمزة والشين والألف. الأشاء صغار النَّخلِ ، الواحدة أَشاءَة.

__________________

(١) البيت فى ديوان الأعشى ٤١٠ ، ورواه فى اللسان (٥ : ٢٩٢) وذكر أن الآسرات النساء اللواتى يؤكدن الرحائل بالقد ويوثقنها. والحمار ، هاهنا : خشبة فى مقدم الرحل تقبض عليها المرأة. وفى الأصل : «الآسران» ، صوابه من الديوان واللسان والمجمل.

(٢) القتب للجمل كالإكاف لغيره. وفى الأصل : «قبة» وانظر اللسان (٥ : ٧٦).

(٣) يقال أسارى ، بفتح الهمزة وضمها ، ويقال أيضا أسراء.

١٠٧

أشب الهمزة والشين والباء يدلّ على اختلاطٍ والتفاف ، يقال عِيصٌ أَشبٌ أى ملتفّ ، وجاء فلانٌ فى عددٍ أشِبٍ. وتأشَّب القَومُ اختلطوا. ويقال أَشَبْتُ فلاناً آشِبُهُ (١) ، إذا لُمْتَه ، كأَنّك لفّقْتُ عليه قبيحاً فَلُمْتَه فيه (٢). قال أبو ذؤيب :

ويأشِبنى فيها الذين يَلُونَها

ولو عَلِمُوا لَم يَأْشِبُونِى بطَائِلِ (٣)

والأَشابة الأخلاط من النَّاس فى قوله (٤) :

وثِقْتُ له بالنَّصر إذْ قيل قد غَزَتْ

قبائلُ من غَسَّانَ غير أشائِب

أشر الهمزة والشين والراء ، أصلٌ واحدٌ يدلّ على الحِدّة. من ذلك قولهم : هو أشِرٌ ، أى بَطِرٌ مُتَسرِّعٌ ذو حِدّة. ويقال منه أَشِر يَأْشَر. ومنه قولهم ناقةٌ مِئْشِيرٌ ، مِفعيل من الأَشَر. قال أوس :

حَرْفٌ أخوها أبوها من مُهَجَّنَةٍ

وعَمُّها خالُها وَحْنَاءُ مِئشِيرُ (٥)

__________________

(١) يقال أشبه يأشبه ويأشبه أشبا ، من باب ضرب ونصر.

(٢) فى الأصل : «فلمه فيه». وقد تكون : «فلففته فيه».

(٣) فى الأصل : ويأشبني فيه ، والصواب من اللسان (١ : ٢٠٩) والديوان ص ١٤٤ ورواية الديوان : الأولاد يلونها.

(٤) هو النابغة الذيبانى ، من قصيدة له فى ديوانه ٢ ـ ٩. ويروى : كتائب من غشان.

(٥) البيت فى ديوانه ص ٨ طبع جاير. ونظيره بيت كعب بن زهير :

حرف أخوها أبوها من مهجنة

وهمها خالها قوداء شمليل

انظر شرح ابن هشام لبانت سعاد ٥٥ ـ ٥٦. وفى الأصل :

وصواب الرواية من الديوان. وقد عنى بذلك أن أخاها يشبه أباها فى الكرم ، كما عمها يشبه خالها فى ذلك. وزعم بعضهم أنه يريد التحقيق وأنها من إبل كرام ، فبعضها يحمل على ـ

١٠٨

ورجل أَشِرٌ وأَشُرٌ. والأُشُر : رقّة وحِدّةٌ فى أطراف الأسنان : قال طرفة :

بَدّلَتْهُ الشَّمْسُ من مَنْبِتِهِ

برَداً أبْيَضَ مَصقُولَ الأُشُرْ (١)

وأشَرت الخشبَة بالمئشار من هذا.

باب الهمزة والصاد وما بعدهما فى الثلاثى

أصل الهمزة والصاد واللام ، ثلاثة أصولٍ متباعدٍ بعضها من بعض ، أحدها أساس الشئ ، والثانى الحَيّة ، والثالث ما كان من النَّهار بعد العشىّ. فأما الأوّل فالأصل أصل الشئ ، قال الكِسائىّ فى قولهم : «لا أصْلَ له ولا فَصْل له (٢)» : إنّ الأصل الحسب ، والفَصْل اللسان. ويقال مجْدٌ أصيلٌ. وأمّا الأصَلة فالحيّة العظيمة. وفى الحديث فى ذكر الدجّال :

__________________

ـ بعض حفظا للنوع. ولهذا النسب صور ، منها أن فحلا ضرب بنته فأتت ببعيرين فضربها أحدهما فأتت بهذه الناقة. وقال الفارسى فى تذكرته : صورة قوله أخوها أبوها أن أمها أتت بفحل فألقى عليها فأتت بهذه الناقة. وأما عمها خالها فيتجه على النكاح الشرعى ، تزوج أبو أبيك بأم أمك فولد لهما غلام فهو عمك وخالك إلا أنه عم لأب وخال لأم. صورة أخرى : تزوجت أختك من أمك أخاك من أبيك فولد لهما ولد ، فأنت عم هذا الغلام أخو أبيه ، وخاله لأنك أخو أمه من أمها. ا ه. قال ابن هشام : «ولا ينطبق تفسير أبى على رحمه الله على ما ذكرت فى البيت ؛ لأن الشاعر لم يصف الناقة بأحد النسبين ، بل بهما معاً».

(١) كان الغلام من العرب إذا سقطت له سن أخذها بين السبابة والإيهام واستقبل الشمس إذا طلعت ، وقذف بها وقال : يا شمس أبدلينى بسن أحسن منها ولتجر فى ظلمها إياتك. انظر شرح ديوان طرفة ٢٢ ، ٦٥.

(٢) لا يزال هذا التعبير معروفاً إلى زماننا هذا ، ولكن بمعنى الكذب ، يقولون : هذا الكلام لا أصل له ولا فصل ، وأحيانا يعبر عنه عن ضعة النسب فيقال : فلان لا أصل له ولا فصل وفى الأصل : «ولا وصل له».

١٠٩

«كأَنّ رأسَهُ أصَلَةٌ». وأمّا الزمان فالأصيل بعد العَشِىّ وجمعه أصُلُ وآصالٌ و [يقال] أصيلٌ وأصيلَةٌ ، والجمع أصائل. قال (١) :

لعَمْرى لَأَنْت البيتُ أُكرِمُ أهْلَهُ

وأقْعُدُ فى أفيَائِهِ (٢) بالأصائلِ

أصد الهمزة والصاد والدال ، شئ يشتمل على الشئ يقولون للحظيرة أصيدةٌ ؛ سمِّيت بذلك لاشتمالها على ما فيها. ومن ذلك الأُصْدة ، وهو قميصٌ صغير يلبسه الصبايا. ويقال صَبِيَّةٌ ذات مُؤَصَّد. قال :

تعلّقت ليلَى وهى ذات مؤَصَّدٍ

ولم يَبْدُ [للأتراب] من ثديها حَجْم (٣)

أصر الهمزة والصاد والراء ، أصلٌ واحدٌ يتفرّع منه أشياءُ متقاربة. فالأصر الحبسُ والعَطف وما فى معناهما. وتفسيرُ ذلك أنَّ العهد يقال له إصْرٌ ، والقرابة تسمى آصِرَةٌ ، وكل عقدٍ وقرابةٍ وَعهدٍ إِصْرٌ. والبابُ كلُّه واحد. والعرب تقول : «ما تأصِرْنى على فلان آصِرَةٌ» ، أى ما تعطفنى عليه قرابة. قال الحطيئة :

__________________

(١) هو أبو ذؤيب الهذلى. انظر ديوانه ص ١١٠ والخزانة (٢ : ٤٨٩ ـ ٤٩٧) واللسان (١٣ : ١٦) والإنصاف ٤٢٨.

(٢) فى الأصل : «فى أفيائه» ، صوابه من المراجع السابقة.

(٣) التكملة من أمالى ثعلب ٦٠٠ وأمالى القالى (١ : ٢١٦). وصدره فى أمالى القالى :

وعلقت لعلى وهى فر صغيرة

والبيت للمجنون. ويروى شبهه لكثير عزة فى الجمهرة (٣ : ٢٧٥) واللسان (أصد) :

وعلقت ليلى وهي ذات مؤصد

محوب ولما تلبس الدرع وبدها

وفى الجمهرة : صبيا ولما تلبس الإنب.

١١٠

عطفوا علىّ بغير آ

صرَةٍ فقد عظُم الأواصِرْ (١)

أى عطفوا علىَّ بغير عهدٍ ولا قرابة. والمَأْصِرُ (٢) من هذا ، لأنه شئ يُحْبَس [به]. فأما قولهم إنّ [العهد (٣)] الثّقيل إصْرٌ فهو [من] هذا ؛ لأنَّ العهدَ والقرابةَ لهما إصْرٌ ينبغى أن يُتَحمَّل. ويقال أصَرْتُه إذا حبستَه. ومن هذا الباب الإصار ، وهو الطُّنُب ، وجمعه أُصُرٌ. ويقال هو وَتِد الطُّنُب. فأمّا قول الأعشى :

فهذا يُعِدُّ لَهنَّ الخلا

ويَجعلُ ذا بينهنَ الإصَارا (٤)

باب الهمزة والضاد وما بعدهما فى الثلاثى

أضم الهمزة والضاد والميم أصلٌ واحدٌ وكلمة واحدة ، وهو الحقد ؛ يقال أضِمَ عليه ، إذا حقَد واغتاظ. قال الجعدىّ :

وَأَزْجُرُ الكاشِحَ العَدُوَّ إذا اغْ

تابَكَ زَجْراً مِنِّى على أَضَمِ (٥)

__________________

(١) ديوان الحطيئة ص ١٩.

(٢) ضبطه فى القاموس كمجلس ومرقد ، وهو المحبس. وفى اللسان أنه ما يمد على طريق أو نهر تؤصر به السفن والسابلة ، لتؤخذ منهم العشور.

(٣) التكملة من اللسان (٥ : ٨٠).

(٤) رواية الديوان ٣٦ :

ويجمع ذا يهنهن الحضارا

وفى الكلام نقص بعد البيت ، وقد أنشد هذا البيت فى اللسان (٥ : ٨٢) مستشهداً به على أن «الإصار» ما حواه المحش من الحشيش.

(٥) البيت فى الكامل ٣٢٦ ليبسك ، وبعده :

زجر أبي عروة السباع إذا

أشفق أن يختلطن بالذم

١١١

أضا الهمزة والضاد مع اعتلال ما بعدهما كلمةٌ واحدة ، وهى الأضاة ، مكان يَستَنقِع فيه الماءُ كالغدير. قال أبو عُبيد : الأضاة الماء المستنقِع ، من سيلٍ أو غيره ، وجمعه أَضاً ، وجمع الأَضا إِضاءٌ ممدود ، وهو نادر (١).

باب الهمزة والطاء وما بعدهما فى الثلاثى

أطل الهمزة والطاء واللام ، أصلٌ واحد وكلمة واحدة ، وهو الإِطِلُ والإِطْلُ ، وهى الخاصرة ؛ وجمعه آطال. وكذلك الأَيْطَل. قال امرؤ القيس :

له أيْطَلا ظىٍ وساقا نَعامةٍ

وإرْخاءُ سِرْحان وتقريبُ تَتْفُلِ

وذا لا يُقاس عليه.

أطم الهمزة والطاء والميم ، يدلُّ على الحبس والإحاطة بالشئ ، يقال للحصْنِ الأُطُم وجمعُهُ آطامٌ ، قال امرؤ القيس :

وَتيْماءَ لم يَتْركْ بها جِذعَ نَخلةٍ

ولا أُطُماً إلّا مَشِيداً بجَنْدلِ

__________________

(١) قال ابن سيده : «وهذا غير قوى ، لأنه إنما يقضى على الشئ أنه جمع جمع إذا لم يوجد من ذلك بد. فاما إذا وجدنا منه بداً فلا. ونحن نجد الآن مندوحة من جمع الجمع ، فإن نظير أضاة وإضاء ما قدمناه من رقبة ورقاب ، ورحبة ورحاب ، فلا ضرورة بنا إلى جمع الجمع».

١١٢

ومن هذا الباب الاطامُ (١) : احتباسُ البطن. والأَطيمة : موقد النَّار والجمع الأطائم. قال الأسْعر (٢) :

فى موقِفٍ ذَرِبِ الشَّبَا وكأنّما

فيه الرجال على الأطائِمِ واللّظى

أطر الهمزة والطاء والراء أصل واحد ، وهو عطف الشئ على الشئ أو إحاطتُه به. قال أهلُ اللَّغة : كلُّ شئٍ أحاط بشئٍ فهو إطارٌ. ويقال لما حول الشَّفة من حَرْفها إطار (٣). ويقال بنو فلانٍ إطارٌ لبنى فلان ، اذا حَلُّوا حَولَهم. قال بشر :

وحَلَّ الحىُّ حىُّ بنى سُبَيعٍ

قُرَاضِبَةً ونحن لهمْ إطارُ (٤)

ويقال أطَرْتُ العُودَ ، إذا عطفتَه ، فهو مَأْطُورٌ. ومنه حديث النبىّ صلى الله عليه وآله وسلم : «حتَّى تأخذوا على يَدَىِ الظَّالم وتَأطِرُوه على الحقِ أطْراً (٥)». أى تعطفوه. ويقال أطَرْتُ القوسَ ، إذا عطفتَها ؛ قال طَرَفة :

كَأَنَّ كِنَاسَىْ ضَالَةٍ يكنُفانها

وأَطْرَ قِسِىٍّ تحتَ صُلْبٍ مؤيَّدِ

ويقال للعَقَبة التى تجمع [الفُوق (٦)] أُطْرَةٌ ؛ يقال منه أطَرْتُ السَّهم

__________________

(١) فى الأصل : «أطام».

(٢) البيت روى فى اللسان (١٤ : ٢٨٥) منسوبا الى الافوه الاودى ، وليس فى ديوانه كما أنه ليس فى قصيدة الأسعر التى على هذا الروى فى الأصمعيات ص ٣.

(٣) وهو ما بين مقص الشارب والشفة.

(٤) يروى «قراضبة» بالفتح ، جمع قرضوب وقرضاب ، وهو المحتاج ، موقعه حال. وبالضم : بلد. انظر المفضليات (٢ : ١٤١ طبع المعارف).

(٥) فى الأصل : «على بيتى الظالم» صوابه من اللسان (٥ : ٨٣).

(٦) التكملة من اللسان (٥ : ٨٤). والفوق من السهم : مشق رأسه حيث يقع الوتر.

١١٣

أَطْراً. وسمعت على بن إبراهيم القطان يقول : سمعت ثعلباً يقول : التأطُّر التمكُّث. وقد شذَّت من الباب كلمة واحدة ، وهى الأَطِيرُ ، وهو الذّنْب يقال أخذنى بأَطيرٍ غيرى ، أى بذنْبه. وكذلك فسَّرُوا قول عبد الله بن سلمة :

وإنْ أكْبَرْ فَلَا بأطِيرِ إصْرٍ

يُفَارِقُ عاتِقى ذَكَرٌ خَشِيبُ (١)

باب الهمزة والعين وما بعدهما فى الثلاثى

مهمل.

باب الهمزة والفاء وما بعدهما فى الثلاثى

أفق الهمزة والفاء والقاف أصل واحد ، يدلّ على تباعُد ما بين أطراف الشئ واتساعِه ، وعلى بلوغ النهاية. من ذلك الآفاق : النواحى والأطراف ؛ وآفاق البيت من بيوت الأعراب : نواحيه دون سَمْكِهِ. وأنشد يصف الخِلال :

وأقصَمَ سَيَّارٍ مع الناس لم يَدَعْ

تراوُحُ آفاقِ السَّماءِ له صدرَا (٢)

ولذلك يقال أَفَق الرَّجُل ، إذا ذهب فى الأرض. وأخبرنى أبو بكر أحمد بن محمد بن إسحاق الدِّينورىُّ قراءةً عليه ، قال : حدَّثنى أبو عبد الله الحسين بن مسبِّح قال : سمِعت أبا حنيفة يقول : للسَّماء آفاقٌ وللأرض آفاق ،

__________________

(١) بأطير إصر ، قسم بعهد وميثاق يحيط به ولا يخرج عنه ، وهو قسم معترض بين النافى والمنفى. انظر المفضليات (١ : ١٠١).

(٢) البيت لذى الرمة فى ديوانه ١٨١ والأزمنة والأمكنة (٢ : ٤).

١١٤

فأمّا آفاق السماء فما انتهى إليه البصر منها مع وجه الأرض من جميع نواحيها ، وهو الحدُّ بين ما بَطَن من الفَلَك وبين ما ظَهَر من الأرض ، قال الراجز :

* قبلَ دُنُوِّ الأُفْق من جَوْزائِه*

يريد : قبل طلوع الجوزاء ؛ لأنَّ الطلوع والغُروب هما على الأفق. وقال يصف الشمس :

* فهى على الأُفْقِ كَعينِ الأحولِ (١) *

وقال آخر :

حتى إذا منظر الغربىِّ حارَ دَماً

من حُمرة الشَّمسِ لمّا اغتالَها الأُفُقُ (٢)

واغتيالُه إيّاها تغييبه لها. قال : وأما آفاق الأرض فأطرافها من حيث أحاطت بك. قال الراجز (٣) :

تكفيك من بعض ازديارِ الآفاقْ (٤)

سَمْراءُ ممَّا دَرَس ابنُ مِخْراق (٥)

ويقال للرّجُل إذا كان من أُفُقٍ من الآفاق أُفُقِىٌ وأَفَقِىٌ ، وكذلك الكوكب إذا كان قريباً مجراه من الأفق لا يكبِّد السماء (٦) ، فهو أُفُقِىٌ وأَفَقِىٌ.

__________________

(١) البيت من أرجوزة لأبى النجم يقال إنها أجود أرجوزة للعرب ، قالها يمدح بها هشام ابن عبد الملك. انظر الشعراء لابن قتيبة فى ترجمة أبى النجم. وفى الأصل : «فهو» تحريف.

(٢) فى الأزمنة والأمكنة (٢ : ٨) :حتى إذا المنظر الغربى.

(٣) هو ابن ميادة ، كما فى اللسان (٦ : ٤٢ / ٧ : ٣٨٢). وانظر الرجز فى الأزمنة والأمكنة (٢ : ٨).

(٤) الازديار : الزيارة. ويروى بدله : هلا اشتريت حنطة بالرستاق.

(٥) السمراء ، يعنى بها الحنطة. وقيل السمراء هنا ناقة أدماء ، فتكون «درس» معها بمعنى راض. والصواب فى تفسيره الوجه الأول ليلتئم مع الرواية التى أشرت إليها.

(٦) يقال كد النجم السماء تكبيدا : توسطها.

١١٥

إلى هاهنا كلام أبى حنيفة. ويقال الرّجُل الآفق الذى بلغ النِّهاية* فى الكرم. وامرأة آفِقَةٌ. قال الأعشى :

آفِقاً يُجْبَى إليه خَرْجُهُ

كلُّ ما بين عُمَانٍ فَمَلَحْ (١)

أبو عمرو : الآفِق : مثل الفائق ، يقال أفَقَ يأفِق أَفْقاً إِذا غَلَبَ ، والأفق الغَلَبة. ويقال فرس أُفُقٌ على فُعُل ، أى رائعة. فأمّا قول الأعشى :

ولا الملك النُّعمانُ يومَ لقيتُه

[بغبطته] يُعْطِى القُطُوطَ ويأفِقُ (٢)

فقال الخليل : معناه أنَّه يأخذ من الآفاق. قال : واحد الآفاق أُفُق ، وهى الناحية من نواحى الأرض. قال ابن السّكّيت : رجل أَفَقِىٌ من أهل الآفاق ، جاء على غير قياس. وقد قيل أُفقىٌ. قال ابنُ الأعرابىّ : أَفَقُ الطَّرِيقِ مِنهاجُه ؛ يقال قعدت على أَفَق الطَّريق ونَهْجه. ومن هذا الباب قول ابن الأعرابى : الأَفَقَةُ الخاصرةِ ، والجماعة الأفَق. قال : * يَشْقَى بِه صَفْحُ الفَريصِ والْأَفَقْ (٣) *

ويقال شَرِبْت حتى مَلَأت أَفَقَتَىَ (٤). وقال أبو عمرو وغيره : دلوٌ أفِيقٌ ، إذا كانتْ فاضلة على الدِّلاء. قال :

* ليستْ بِدَلْوٍ بل هِىَ الأَفِيقْ *

__________________

(١) فى شرح الديوان ص ١٦٠ : «والملح من بلاد بنى جعدة باليمامة».

(٢) القطوط : كتب الجوائز ، كما فسر بذلك البيت فى اللسان (١١ : ٢٨٦). وانظر ديوان الأعشى ص ١٤٦. والتكملة من اللسان وما سيأتى فى (قط). وفى الديوان : «بإمته».

وقبل البيت :

ففاك ولم يعجز من الموت وبه

ولكن أتاه الموت لا يتأبق

(٣) البيت لرؤبة كما فى ديوانه ١٠٨ واللسان (١١ : ٢٨٧). والفريص : جمع فريصة. وفى الأصل : «الفريض» تحريف.

(٤) فى الأصل : «أفقى» ، والوجه ما أثبت.

١١٦

ولذلك سمِّى الجِلْد بعد الدَّبغ الأَفيق ، وجمعه أَفَقٌ (١) ، ويجوز أُفُقٌ (٢) فهذا ما فى اللُّغة واشتقاقها. وأمّا يوم الأُفاقة فمن أيام العرب ، وهو يوم العُظَالى ، ويوم أَعْشاشٍ ، ويوم مُلَيْحة ـ وأُفَاقَة موضع ـ وكان من حديثه أنّ بسطامَ بنَ قيسٍ أقْبَل فى ثلاثمائَة فارسٍ يتوكَّفُ انحدارَ بنى يربوعٍ فى الحَزْن ، فأوَّلُ مَن طَلَع منهم بنو زُبَيْد حَتى حَلُّوا الحديقةَ بالأُفاقة ، وأقبل بِسطامٌ يَرْتَبئ ، فرأى السَّوادَ بحديقة الأُفاقة ، ورأى منهم غلاماً فقال له : من هؤلاء؟ فقال: بنو زُبيد. قال : فأَين بنو عُبيدٍ وبنو أَزْنَمَ؟ قال : بروضة الثَّمَد. قال بسطامٌ لقومه : أطيعُونى واقبِضوا على هذا الحىّ الحَريدِ من زُبيد ، فإِنَّ السَّلامة إحدى الغنيمتين. قالوا : انتفَخَ سَحْرك، بل نَتَلَقَّطُ بنى زُبيدٍ ثمّ نتلقَّط سائرّهم كما تُتَلقَّط الكَمأَة. قال : إنى أخشَى أنْ يتلقَّاكُم غداً طعْنٌ يُنسيكم الغنيمةَ! وأحسَّتْ فرسٌ لِأُسيدِ بن حِنَّاءَة بالخيل ، فبحثت بيدها ، فركب أُسَيد وتوجَّه نحوَ بنى يربوعٍ ، ونادى : يا صباحاه ، يآل يربوع! فلم يرتفع الضَّحاءُ حتَّى تلاحَقُوا بالغَبِيط ، وجاء الأُحَيْمِر بنُ عبد الله فرمى بِسطاماً بفرسه الشَّقراء ـ ويزعمون أنّ الأحيمر لم يطعن برمح قطّ إلا انكسر ، فكان يقال له «مكسِّر الرِّماح» ـ فلما أَهْوَى ليطعُنَ بِسطاماً انهزم بسطامٌ ومَن معه بعد قتْل من قُتِل منهم ، ففى ذلك يقول شاعر (٣) :

__________________

(١) مثل أديم وأدم ، فهو اسم جمع وليس بجمع ؛ لأن فعيلا لا يكسر على فعل.

(٢) مثل رغيف ورغف. لكن قال اللحيانى : «لا يقال فى جمعه أفق البتة».

(٣) هو العوام بن شوذب الشيبانى. انظر معجم المرزبانى ٣٠٠ وحواشى الحيوان (٥ : ٢٤٠).

١١٧

فإنْ يك فى جَيش الغَبيطِ ملامةٌ

فجيشُ العُظَالَى كان أخْزَى وأَلْوَما

وفَرَّ أبو الصَّهباءِ إِذ حَمِسَ الوَغى

وألقى بأبدان السّلاح وسَلّما (١)

فلو أنَّها عُصفورةٌ لحسبتَها

مُسوَّمَةً تدعُو عُبَيْداً وأَزْنَما

وهذا اليوم هو يوم الإيادِ ، الذى يقول فيه جرير :

وما شهدَتْ يوم الإيادِ مُجَاشِعٌ

وذا نَجَبٍ يومَ الأسنَّة تَرْعُفُ (٢)

أفك الهمزة والفاء والكاف أصل واحد ، يدلُّ على قلب الشئِ وصرْفِه عن جِهَته(٣). يقال أُفِكَ الشَّئُ. وأَفِكَ الرَّجُلُ ، إذا كذَب (٤).

والإِفك الكذِب. وأفكتُ الرّجُلَ عن الشئ ، إذا صرفتَه عنه. قال الله تعالى : (قالُوا أَجِئْتَنا لِتَأْفِكَنا عَنْ آلِهَتِنا). وقال شاعر (٥) :

إن تكُ عن أفضل الخليفةِ مَأْ

فُوكاً ففى آخَرِينَ قد أُفِكُوا (٦)

والمؤتفكات : الرياح التى تختلف مَهابُّها. يقولون : «إذا كثُرت المؤتفكات زَكَتِ الأرض (٧)».

__________________

(١) أبو الصهباء : كنية بسطام ، كما فى معجم المرزبانى. والأبدان : الدروع.

(٢) انظر ديوانه ص ٣٧٥. وانظر يوم العظالى فى كامل ابن الأثير والعقد.

(٣) فى الأصل : «جبهته».

(٤) يقال أفك من بابى ضرب وعلم.

(٥) هو عروة بن أذينة ، كما فى الصحاح وتاج العروس. وفى اللسان (١٢ : ٢٧٠) : «عمرو بن أذينة» ، تحريف.

(٦) فى الصحاح : «عن أحسن الصنيعة» ، وفى اللسان والمجمل : «عن أحسن المروءة».

(٧) زكت الأرض ، أى زكا نباتها ، كما فى اللسان (١٢ : ٢٧١). وفى الأصل : «ركت» ، تحريف صوابه فى اللسان والمجمل.

١١٨

أفل الهمزة والفاء واللام أصلان : أحدهما الغيبة ، والثانى الصِّغار من الإبل. فأمّا الغَيبة فيقال أفَلت الشّمس غابت ، ونجوم أُفَّلٌ. وكلُّ شئِ غابَ فهو آفلٌ. قال :

فدعْ عنك سُعدَى إنَّما تُسعِفُ النَّوى

قِرانَ الثَريَّا مرّةً ثم تَأفِلُ (١)

قال الخليل : وإذا استقرّ اللِّقاح فى قَرار الرَّحِم فقد أفَل.

والأصل الثانى الأفيل ، وهو الفصيل ، والجمع الإفَال. قال الفرزدق :

وجاءَ قَرِيعُ الشَّولِ قبلَ إفالِها

يَزِفُّ* وجاءتْ خَلْفَه وهى زُفَّفُ (٢)

قال الأصمعى : الأفيل ابنُ المخاض وابن اللبون ، الأنثى أفيلة ، فإذا ارتفع عن ذلك فليس بأفيل. قال إهاب بن عمير :

ظَلَّتْ بمندَحِّ الرَّجا مُثُولُها

ثامنةً ومُعْوِلاً أفيلُها

ثامنة ، أى واردة ثمانية أيّام (٣). مُثُولها : قيامها ماثلة. وفى المثل : «إنّما القَرْمُ من الأَفيل (٤)» ، أى إنّ بدءَ الكبير من الصَّغير.

أفن الهمزة والفاء والنون يدلّ على خلوّ الشئ وتفريغه قالوا : الأُفَنْ قلّة العقل ؛ ورجل مأفونٌ. قال :

__________________

(١) نسب فى (عدد) إلى كثيرة عزة.

(٢) فى ديوان الفرزدق ٥٨٩ : وراحت خلفه.

(٣) كذا فى الأصل ، والوجه : «واردة ثمناً». والثمن ، بالكسر : ظمء من أظماء الإبل ، وهى أن ترد يوماً ثم تحبس عن الماء ستة أيام وترد فى الثامن.

(٤) ومنه قول الراجز ـ وأنشده فى الحيوان (١ : ٨) ـ :

قد يلحق الصغير بالجليل

وإنما؟ من الأفيل

وسحق النخل من الفسيل

١١٩

نُبِّئْتُ عُتبةَ خَضَّافاً تَوَعَّدَنِى

يا رُبَّ آدَرَ مِنْ مَيثاءَ مأفُونِ (١)

ويقال إنّ الجَوز المأفُونَ هو الذى لا شىء فى جوفه. وأصل ذلك كلِّه من قولهم : أَفَنَ الفَصيلُ ما فِى ضرع أُمّه ، إذا شربَه كلَّه. وأَفَنَ الحالبُ النّاقَةَ ، إذا لم يَدَعْ فى ضَرْعِها شَيئاً. قال :

إذا أُفِنَتْ أَرْوَى عِيالَكَ أَفْنُها

وإنْ حُيِّنَتْ أَوْبَى على الوَطْبِ حينُها (٢)

وقال بعضهم : أَفَنت النّاقةُ قلّ لبنها فهى أَفِنَةٌ ، مقصورة.

أفد الهمزة والفاء والدال تدلُّ على دنو الشئ وقُرْبه يقال أَفِدَ الرَّحيل : قَرُب. والأَفِدُ المستَعْجِل. قال النّابغة :

أَفِدَ الترحُّلُ غير أنَّ رِكابَنا

لَمَّا تَزُلْ برِحَالِنا وكَأَنْ قَدِ

وبعثَت أعرابيّةٌ بنتاً لها إلى جارتها فقالت : «تقول لكِ أُمِّى : أعطِينى نَفَساً أو نَفَسين أَمْعَسُ به مَنيئَتِى فإنِّى أَفِدَةٌ (٣)».

أفر الهمزة والفاء والراء يدلُّ على خفّةٍ واختلاط. يقال أَفَرَ الرَّجُل ، إذا خفَّ فى الخدمة. والمِئْفَرُ الخادم. والأُفْرة : الاختلاط.

__________________

(١) سبق البيت فى مادة (ادر) ص ٧١.

(٢) البيت للمخبل ، كما فى اللسان (١٦ : ١٥٨ ، ٢٩٢). وفى اللسان أن الأفن أن تحلبها أنى شئت من غير وقت معلوم. والتحيين : أن تحلب كل يوم وليلة مرة واحدة. وسيأتى فى (حين).

(٣) الخبر فى اللسان (منأ ، مص ، نفس). والنفس : قدر دبغة من القرظ الذى يدبغ به. وقد ضبطت فى اللسان بسكون الفاء ، ولكن ابن فارس ضبطها بالفتح فى (نفس). والمعس : تليين الأديم فى الدباغ. المنيئة : الجلد ما كان فى الدباغ. وفى الأصل : «منيتى» بالتسهيل.

١٢٠