مفرّحة الأنام في تأسيس بيت الله الحرام

السيّد زين العابدين بن نور الدين الحسيني الكاشاني

مفرّحة الأنام في تأسيس بيت الله الحرام

المؤلف:

السيّد زين العابدين بن نور الدين الحسيني الكاشاني


المحقق: عمار عبودي نصار وحيدر لفتة مال الله
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار مشعر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-540-056-7
الصفحات: ١٣٥

١
٢

٣
٤

ترجمة المؤلّف رحمه‌الله

أوّلاً : اسمه

هو العلّامة الأمير زين العابدين بن نور الدِّين بن مراد بن علي بن مرتضى الحسيني الكاشاني (١) مولداً والمكّي موطناً ومدفناً (٢).

ثانياً : مشائخه

درس المؤلّف علوم الفقه والحديث على يد استاذه المولى محمّد أمين الاسترآبادي (٣) وروى عنه (٤).

__________________

(١) افندي ، رياض العلماء ، مخطوط مصوّر ، ج ٢ ، ورقة ٦٢٧ ، الأميني ، شهداء الفضيلة ، ص ١٨٠.

(٢) الأميني ، شهداء الفضيلة ، ١٨٠ ـ ١٨١ ؛ الأمين ، أعيان الشيعة ، ج ٣٣ ، ص ٣٤٢ ؛ الطهراني ، طبقات أعيان الشيعة ، ج ٥ ، ص ٢٣٨.

(٣) هو المولى الشيخ محمّد أمين بن محمّد شريف الإسترآبادي ، كان فاضلاً ومحقّقاً ومدقّقاً ، أجاد في علم الاصول والحديث ، ووصف بأنّه كان اخباريّاً صُلباً ، وهو أوّل من فتح باب الطعن على المجتهدين ، ونسبهم إلى تخريب الدِّين ، له مؤلّفات عديدة منها كتاب (الفوائد المدنية) و (شرح تهذيب الأحكام) و (شرح الاستبصار) و (رسالة في طهارة الخمرة ونجاستها) ، جاور في المدينة المنوّرة ومكّة المشرّفة ، وتوفّي بمكّة سنة ١٠٣٣ ه‍.

يُنظر : الإسترابادي منهج المقال ، ج ١ ، ص ١٢ من مقدّمة التحقيق ؛ الإسترابادي ، الفوائد المدنية ، ص ٥ ـ ١٥ من مقدّمة التحقيق ؛ البحراني ، لؤلؤة البحرين ، ص ١١٧ ـ ١١٩.

(٤) افندي ، رياض العلما ، ج ٢ ، ورقة ٦٢٧ ؛ الطهراني ، طبقات أعلام الشيعة ، ج ٥ ، ص ٢٣٨.

٥

ثالثاً : تلاميذهُ

أمّا الطلّاب الذين نهلوا عن المؤلّف علومه فلم تسعفنا المصادر إلّا بذكر اثنين هما :

١ ـ الشيخ عبد الرزّاق المازندراني (١) الذي روى عن السيّد زين العابدين وأخذ إجازةً منه في رواية وتدريس العلوم الفقهيّة (٢).

٢ ـ السيّد محمّد مؤمن بن دوست (٣) الذي درس على يد المؤلّف ، وكان مجازاً منه أيضاً (٤) ، وعن طريقه أخذ العلّامة المجلسي (٥) يروي عن مترجمنا (٦) ولمحمّد مؤمن (رسالة في إثبات الرجعة) (٧) واخرى في

__________________

(١) لم يصلنا من حياته شيء سوى وصف استاذه السيّد زين العابدين له بقوله «المولى الأجلّ الفاضل المترقّي بحسن فهمه الثاقب إلى أعلى المراتب المتّسعة لتلقّي نتائج المواهب من الرحيم الواهب الشيخ عبد الرزّاق المازندراني بلغه الله من الخير آماله ...» يُنظر : الطهراني ، طبقات أعلام الشيعة ، ج ٥ ، ص ٣٢٠.

(٢) يُنظر نصّ الإجازة في : المجلسي ، بحار الأنوار ، ج ١٠٧ ، ص ١٤.

(٣) هو السيّد العلّامة محمّد مؤمن بن دوست محمّد الحسيني الإسترابادي ، صهر المولى محمدأمين الإسترابادي على ابنته وابن اخت المير فخر الدِّين السمباسي ، معاصر الداماد ، وقد وصف بأنّه مجتمع الفضائل وملتقى أنواع المكارم ، عالم ، ورع ، تقي ، نزيل مكّه والشهيد بها في سنة ١٠٨٨ ه‍. يُنظر : الأميني ، شهداء الفضيلة ، ص ١٩٩ ؛ الإسترابادي ، الرجعة ، ص ١٣ ـ ١٩ من مقدّمة التحقيق.

(٤) الأميني ، شهداء الفضيلة ، ص ١٩٩ ؛ بن دوست ، الرجعة ، ص ١٥ من مقدّمة التحقيق.

(٥) ذكر العلّامة المجلسي إجازته عن محمد مؤمن في بحار الأنوار ، ج ١١٠ ، ص ١٢٥ ـ ١٢٨.

(٦) الأميني ، شهداء الفضيلة ، ص ١٩٩.

(٧) حقّق هذا الكتاب مؤخّراً الشيخ فارس حسون كريم ، ونشرته : دار الاعتصام ، ط ٢ (قم ـ ١٤١٧ ه‍).

٦

(علم العروض).

رابعاً : ثناء العلماء عليه

لقد حظى السيّد الكاشاني لسعة علمه وتأسيسه لبيت الله الحرام ، بتقريض العديد من العلماء كالأميني الذي قال بحقّه : و «العلّامة الأمير زين العابدين ... نزيل مكّة ... والشهيد بها من عيون الطائفة وصدورها ، ... اختصّه المولى سبحانه على علمه الوافر ، وفقهه الكامل ، وشرفه المديد ، ومجده المؤثل ، بإقامة أكبر شعائر الإسلام ، وتشييد أرفع بناية يقدّسها الدِّين الحنيف ، ألا وهو تأسيسه البيت الحرام ، ... مكلّلاً بهذه الفضيلة الباهرة ، والسؤدد الظاهر ، وشاع بذلك أمره وبُعدَ صيته ، ولم يزل نور فضله كلّ حين إلى النشور ، وأشواطهِ البعيدة في العلم إلى الأمام» (١).

كما وصفه السيّد الأمين بقوله : «السيّد الجليل ، العالم ، العامل ، الفاضل ، الكامل ، قدوة المحقّقين ، وزبدة المدقّقين ، ومجتهد زمانه الشريف ، المقتول الشهيد مؤسّس بيت الله الحرام العالم الربّاني ... طاب الله ثراه وجعل الجنّة مثواه» (٢).

خامساً : مؤلّفاته

تعدّ رسالة «مفرحة الأنام في تأسيس بيت الله الحرام» (٣) النصّ

__________________

(١) شهداء الفضيلة ، ص ١٨٠ ـ ١٨١.

(٢) أعيان الشيعة ، ج ٢٢ ، ص ٣٤٢.

(٣) ينظر : افندي ، رياض العلما ، ورقة ٦٢٧ ؛ الشيرازي ، سلافة العصر ، ص ٦٥ ؛ الأمين ، أعيان الشيعة ، ج ٢٢ ، ص ٣٤٢ ؛ الطهراني ، طبقات أعلام الشيعة ، ج ٥ ، ص ٢٣٨.

٧

الوحيد الذي وصلنا عن المؤلّف ، فلم تورد المصادر ـ التي ترجمت لحياته ـ مؤلّفاتٍ أُخرى له.

سادساً : استشهاده

الواقع أنّ المصادر لم تذكر لنا سنة وفاة السيّد زين العابدين ، لكن الواضح أنّه اغتيل على يد جماعة من المخالفين النواصب من الذين نقموا عليه لتصدّيه للعمل في تأسيس بيت الله الحرام لما وجدوه منه من تشيّعه وولائه الخالص لآل البيت عليهم‌السلام (١) وربما اردي قتيلاً بعد تشييد الكعبة المعظّمة بمدّةٍ وجيزة.

وقد دُفن السيّد زين العابدين في قبرٍ أعدّه لنفسه (٢) بمقبرة المعلاة (٣) بجوار قبور أُستاذه محمد أمين الاسترابادي ، والميرزا محمّد الرجالي (٤)

__________________

(١) الأميني ، شهداء الفضيلة ، ص ١٨١.

(٢) يُنظر : ص ٧٥ من النصّ ؛ الأميني ، شهداء الفضيلة ، ص ١٨١ ؛ الأمين ، أعيان الشيعة ، ج ٢٢ ، ص ٣٤٢.

(٣) مقبرة المعلاة أو المُعلى : هي مقبرة أهل مكّة وبها قبور جمع من الصحابة حيث كان أهل مكّة في الجاهليّة وصدر الإسلام يدفنون موتاهم في شعب أبي ذئب قرب الحجون ، حتّى تحوّلوا في دفن موتاهم إلى شعب المعلاة بعد أن أشار النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله عليهم أنّه نِعْمَ الشعب ونِعْمَ المقبرة ، وتقع قبالة الكعبة المعظّمة. يُنظر : الفاسي ، شفاء الغرام ، ج ١ ، ص ٢٨٤.

(٤) وهو السيّد السند الفاضل الكامل المحقّق المدقّق الميرزا محمد بن علي بن إبراهيم الاسترابادي أصلاً الغروي ثمّ المكّي جواراً ومدفناً ، عالم جليل ، تتلمذ على يده العديد من علماء الطائفة وأهل الفضيلة مثل العالم المحقّق محمد أمين الاسترابادي والشيخ المحقّق الفقيه فخر الدِّين أبو جعفر محمد صاحب كتاب استقصاء الاعتبار وأبو الحسن الشيرازي

٨

والشيخ محمد سبط الشهيد الثاني (١).

سابعاً : التعريف بالرسالة وأهمّيتها

تعدّ رسالة (مفرحة الأنام) النصّ الوحيد للمؤلّف ـ كما أسلفنا ـ وقد كتبها مؤلّفها بلغتين عربية وفارسية ، كما أشار إلى ذلك الشيخ آغا بزرك الطهراني في مصنّفه (٢).

أمّا منهجه في الكتابة ، فقد اتّبع طريقة المحدّثين مقسّماً رسالته إلى تمهيد ـ وإن لم يُشر إلى هذه الكلمة في رسالته ـ ، وثلاثة فصول وخاتمة ، ركّز الأوّل والثاني منها على أبنية الكعبة وأحوالها ، فيما درس الثالث منها المسجد الحرام وأحواله وصفاته ، واختتم رسالته بوصف الأماكن المقدّسة بمكّة المعظّمة ناصحاً المؤمنين بضرورة زيارة هذه البقاع الشريفة والتزوّد منها (٣).

__________________

وغيرهم ، له مؤلّفات عديدة أهمّها : تلخيص المقال في معرفة الرجال وآيات الأحكام وحاشية على التهذيب ورسالة في أحوال زيد الشهيد وغيرها ، توفّي في مكّة المكرّمة سنة ١٠٢٨ ه‍. وقيل عن سلافة العصر أنّه توفّي سنة ١٠٢٦ ه‍. يُنظر : الشيرازي ، سلافة العصر ، ص ٤٩١ ؛ الاسترابادي ، منهج المقال ، ج ١ ، ص ١٠ ـ ٢١ من مقدّمة التحقيق.

(١) هو الشيخ محمد بن حسن ، سبط الشهيد الثاني ، كان محقّقاً فاضلاً ، اشتغل بالفقه وتبحّر فيه ، وسافر إلى مكّة واجتمع مع الميرزا محمد صاحب الرجال وقرأ عليه الحديث واشتغل بالتدريس في العراق لا سيما في كربلاء ، ثمّ سافر إلى مكّة وبقي فيها إلى أن مات ودفن بها. يُنظر : الموسوي ، الروضة البهيّة ، ص ٧٣.

(٢) ينظر : الذريعة ، ج ٢١ ، ص ٣٦٢.

(٣) ينظر : ص ٨٩ ـ ٩٠ من النصّ.

٩

وفيما يتعلّق بعنوان المخطوطة فقد ذكرته جميع المصادر (١) التي ترجمت لحياة المؤلّف بنفس التسمية الموجودة على الورقة الاولى من مخطوطة الرسالة ، وقد وجدنا من خلال عملناعلى تحقيق هذه المخطوطةأنّ عنوانها جاء مطابقاً لمحتوياتها بدليل أنّ تفاصيلهاكانت مطابقة لعنوانها الرئيسي.

أمّا ما يؤكّد صحّة نسب الرسالة إلى مؤلّفها فلعلّ وجود اسمه بين دفّتيها يشكِّل دليلاً على صحة نسبتها.

قاطعاً نسبتها إليه : فضلاً عمّا أورده أحد معاصري المؤلّف وهو المولى فتح بن المولى مسيح الله الذي كتب رسالةً بعنوان أبنية الكعبة تناول فيها أحوال البناء المتعاقب ضمنها رسالة مفرحة الأنام بالعربية للسيّد زين العابدين مؤكّداً أنّها للمؤلِّف ، وقد ألحقها في نهاية كتاب المصباح الكبير للشيخ الطوسي في بحث الحجّ والعمرة إتماماً للفائدة (٢) ، كما أشار إلى ذلك السيّد محسن الأمين بقوله «وهذا السيّد هو الذي وفّقه الله تعالى لبناء بيت الله الحرام بعدما انهدم في عصره وله رسالة لطيفة ... في كيفيّة بنائه وشرح حال البناء الذي تعاقب على الكعبة ... ونحو ذلك ، ألّفها بمكّة سمّاها مفرحة الأنام في تأسيس بيت الله الحرام وفيها فوائد جليلة» (٣).

__________________

(١) افندى ، رياض العلماء ، ج ٢ ، ورقة ٦٢٧ ؛ الأمين ، أعيان الشيعة ، ج ٢٢ ، ص ٣٤٢ ؛ الطهرانى ، طبقات أعلام الشيعة ، ج ٥ ، ص ٢٣٨.

(٢) افندى ، رياض العلماء ، ج ٢ ، ورقة ٦٢٨ ؛ الطهرانى ، الذريعة ، ج ١ ، ص ٧٣.

(٣) ينظر : أعيان الشيعة ، ج ٣٣ ، ص ٣٤٢.

١٠

وقد ذهب إلى ذلك الطهراني بقوله «زين العابدين الكاشاني ... الشهيد السعيد مؤسِّس بيت [الله](١) الحرام ، بتفصيل ذكره في كتابه «مفرحة الأنام» (٢).

وطبع النصّ الفارسي لهذه الرسالة بجهود الاستاذ رسول جعفريان في مجلّة (ميراث إسلامي) والتي تصدرها مكتبة المرعشي العدد ١١.

تكتسب رسالة «مفرحة الأنام في تأسيس بيت الله الحرام» أهمّية واضحة ذلك أنّها عالجت موضوع بناء الكعبة المعظّمة بعد السيل الذي أضرَّ بها سنة ١٠٣٩ ه‍ / ١٦٣٠ م ، وإذا ما علمنا أنّ الذي كتبها هو أحد مشيّدي هذا الصرح العظيم ، فضلاً عن ندرة الكتابات عن تشييد الكعبة في السنة المذكورة من ذوي الاختصاص والباحثين لأجل ذلك وجدنا أنّ هذه المخطوطة تحظى بأهمّية بالغة بالنسبة لنا ، فقد حوت على تفاصيل حادث السيل الذي غمر المسجد الحرام والكعبة المشرّفة وأعمال البناء فيها ، بعد إزالة الأجزاء المتضرّرة من الكعبة ـ على شكل يوميّات أرّخها المؤلِّف من خلال عمله ومشاهداته التي تبدأ من الصباح وحتّى المساء ـ مع تحديد المدّة التي انجز فيها العمل بدقّة ، وما رافق ذلك من وصف دقيق للمواضع المختلفة في الكعبة المشرّفة والمسجد الحرام وما جاورها من أبنية. وتُعدّ المعلومات الواردة في هذه الرسالة مكمّلاً هامّاً لما أورده أصحاب المؤلَّفات في هذا الجانب بدليل

__________________

(١) إضافة يقتضيها السياق.

(٢) طبقات أعلام الشيعة ، ص ٢٣٨.

١١

أنّ العديد من العلماء والباحثين المتأخّرين نقلوا عن هذه الرسالة واعتمدوها في مصنّفاتهم (١).

يُضاف إلى ذلك إلى أنّ المصادر المعاصرة لم تتطرّق لها إلّابإشارة عابرة ووصف مقتضب (٢).

وممّا لا شكّ فيه أنّ رسالة مفرحة الأنام تعدّ من النصوص الثمينة التي من شأنها أن تسدّ نقصاً مهمّاً في تسلسل الأخبار عن عمارات بيت الله الحرام ، وقد اعتمد فيها المؤلّف على مشاهداته الشخصيّة ـ كما ذكرنا ـ والتي ثبّتها في هذه الرسالة ، فضلاً عن اعتماده على مصنّفات عديدة لعلمائنا الأوائل ـ لا سيما كتاب الاصول من الكافي للكليني ـ في

__________________

(١) الشيرازي ، سلافة العصر ، ص ٦٥ ؛ الأميني ، شهداء الفضيلة ، ص ١٨١ ـ ١٨٨ ؛ الأمين ، أعيان الشيعة ، ج ٢٢ ، ص ٣٤٢ ـ ٣٤٦.

(٢) ينظر ما كتبه السيّد رضيّ الدين العاملي عن أشراف مكّة والحوادث الجارية في سنواتهم في هذه الحادثة ، إذ قال : «وفي هذه السنة نزل ليلة الأربعاء لأحد عشر بقين من شعبان مطر شديد ، ونزل في خلاله برد مالح شديد الملوحة وسالت الأودية وخربت دور كثيرة ، ودخل المسجد الحرام ، وعلا الماء إلى أن وصل إلى طراز البيت وامتلأ المسجد من التراب ومات خلقٌ كثير نحو خمسمائة شخص ، وتغيّر ماء زمزم ... وفي ثاني يوم سقط البيت العتيق من جهة الحجر جميعاً ، ومن جهة الشرق إلى الباب وثلاثة أرباع الجهة الغربية ، ولم يبق غير جهته اليمنى ، فانزعج الناس ذلك أشدّ انزعاج ، ولم يقع البيت الشريف منذ عهد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى عهدنا مثل هذا الانهدام ، فجمع شريف مكّة العلماء وسألهم في حكم عمارة البيت فأجابوه بأنّه فرض كفاية على سائر المسلمين ، وقد رفع الأمر إلى السلطان مراد خان ، ووصل في سنة ١٠٤٠ رضوان آغا المعمار من طرف السلطان مراد وابتدأ بالعمارة وأتمّها في السنة المذكورة». تنضيد العقود السنيّة ، ورقة ١٠٥.

١٢

إيراد العديد من الأحاديث المرويّة عن أهل البيت عليهم‌السلام ناهيك عن الأحداث التأريخيّة التي أرّخت لبناء الكعبة المعظّمة ، كما اعتمد المؤلّف على بعض المصادر الحديثة والرجاليّة ممّا له علاقة بالكعبة والمسجد الحرام.

ثامناً :

لابدّ من الإشارة إلى أنّنا لم نعثر على نصّ يشير إلى سنة فراغ المؤلّف من كتابته لهذه الرسالة ، لكن الواضح أنّه قام بكتابتها في مكّة المعظّمة سنة ١٠٤٠ ه‍ بعد الفراغ من تأسيس البيت الحرام وبنائه بمدّة قصيرة ذلك لأنّها تحوي على ذكر تفاصيل يوميّة لا يمكن لأحد أن يتذكّرها بعد مضيّ مدّة طويلة. علماً أنّ المؤلِّف كتب هذه الرسالة بنسختين أحدهما باللغة العربية وأُخرى باللغة الفارسية كما أشرنا قبل ذلك.

تاسعاً :

شرعنا بتحقيق هذه الرسالة حين تجمّعت لدينا ثلاث نسخ خطّية منها ، إذ أنّ هذه الرسالة قد طُبعت مؤخّراً بجهود سماحة الشيخ محمّد رضا الأنصاري القمّي في مجلّة ميقات الحجّ ، وذلك بعد أن اعتمد على نسخة خطّية واحدة من هذه الرسالة موجودة في مكتبة مجلس شورى ، ولدى إجراء مقارنة بين النسختين اللتين بين أيدينا وما طُبع وجدنا اختلافاً وسقطاً كثيراً أشار إليه الشيخ القمّي للأمانة العلميّة قائلاً : «ويبدو أنّ ناسخ رسالتنا هذه لم يجد العربية ، فقد وقع في هفوات

١٣

كثيرة» ، وهو ممّا لم يستطع تلافيه فضلاً عن أنّ نشر الشيخ الأنصاري القمّي لهذا المخطوط كان محتاجاً إلى تعريف أكثر بالأماكن والرجال الموجودة فيه ، ناهيك عن تلك التي أرّخت للحادثة وكيفيّة حصولها والأشخاص الذين قاموا بهذا العمل ودور السيّد في هذا العمل هل كان دوراً فيه تفخيم؟ أم أنّه شارك كما شارك الآخرون بشكل يتّسم بالمساهمة الجماعية؟

النسخ المعتمدة في التحقيق

اعتمدنا في التحقيق على ثلاث نسخ :

١ ـ النسخة الاولى : وهي نسخة موجودة في مكتبة كاشف الغطاء بمدينة النجف الأشرف ، قام بنسخها السيّد أحمد بن السيّد حبيب زوين الحسيني الأعرجي النجفي ، وقد فرغ من كتابتها في مدينة (النجف الأشرف) سنة (١٢٣٤ ه‍) ويبلغ عدد أوراقها (أربعة عشر) ورقة طول الواحدة ٢١ سم وعرضها ٥ / ١٤ سم ، وتحوي الصفحة الواحدة على واحدٍ وعشرين سطراً ، كتبت عناوينها بمداد أحمر فيما كتب متنها وحواشيها بمداد أسود ، والخط المستخدم فيها أقرب إلى النسخ منه إلى باقي الخطوط. وهي نسخة مقابلة ومصحّحة عن أصل أقدم ؛ يدلّ على ذلك علامات التصحيح الموجودة في حواشي الرسالة ، وهي نسخة واضحة على الرغم من التباعد بين زمانها والعصر الذي نُسخت فيه ، إلّا أنّنا وجدنا أنّ هذه المخطوطة قد وقع فيها سقط أيضاً فمن خلال مقابلتها بنسخة القمّي ظهر لنا ذلك ولكن مع كلّ هذا نجدها نسخة

١٤

مترابطة بين عباراتها وفقراتها فضلاً عمّا جاء بها من معلومات متسلسلة ، ناهيك عن وجود التعقيبات في أسفل صفحاتها والتي تدلّنا على تسلسل أوراقها بشكل مرتّب ومنظّم ، لذا اعتمدناها كنسخة أصحّ من نسخة القمّي وإن وجد فيها هذا الخلل ، وقد رمزنا لها بالحرف (ك).

٢ ـ النسخة الثانية : وهي نسخة مطبوعة على نسخة موجودة في (كتابخانه مجلس شوراى إسلامي) ضمن فهرست مخطوطات كتابخانه مجلس شورى اسلامي ج ١٢ ص ٧٠ وتسلسلها من الورقة ٤٢ ـ ٥٧ ، علماً أنّ تاريخ ومكان كتابة هذه النسخة لم يذكر في نهايتها. وقد كتبت بخط نستعليق ، وقد نسبه الشيخ محمّد رضا الأنصاري القمّي إلى القرن الحادي عشر الهجري ، لكن الظاهر أنّها كُتبت بعد هذا القرن فلو كانت أقرب إلى عصر المؤلّف لقلّت الأخطاء والسقطات فيها ـ كما ذكرنا ذلك سابقاً ـ كما أنّ اسم الناسخ غير موجود فيها فضلاً عن أنّها تفتقر إلى التعليقات والإيضاحات في أسفل صفحاتها ، لذا اعتمدناها كنسخة مكمِّلة للُاولى ومصحّحة. وقد رمزنا لها ب (ق).

٣ ـ النسخة الثالثة : وهي نسخة مكتبة الفاضلي في خوانسار بإيران برقم ١٩٢ ، وتوجد منها مصوّرة في مكتبة مركز إحياء التراث الإسلامي بقم في مجموع مرقّم ب (٢٠٤) ، وتقع هذه الرسالة في القسم الأوّل من هذه المجموعة من الصفحة ١ ـ ٤٠ ، وهذه النسخة مكتوبة سنة ١٢٤٧ ه‍ وهي ناقصة الأوّل بقدر أوراق عديدة لأنّ

١٥

ناسخها اعتمد على أصل ناقص وكما أشار إلى ذلك في مقدّمة نسخته ، وهذه النسخة تمتاز بكونها تحفل ببعض العبارات التي لا توجد في النسختين السابقتين ، إذ كانت هذه النسخة من مقتنيات ميرزا حسين النوري وعليها ختم ابن أخيه صفاء الدِّين النوري ، وقياسها ١٣* ٥ / ٢١ سم وتلي هذه الرسالة ترجمة فارسيّة لها. رمزنا لهذه النسخة ب (ف).

منهجنا في التحقيق

اتّضح لنا من خلال تصفّح أوراق هذه النسخ الخطّية لرسالة (مفرحة الأنام) أنّ ناسخيها قد اعتمدوا على أصلٍ مغاير لكلّ واحدٍ منها وهذا ممّا أوجد اختلافاً وسقطاً فيها. ممّا اضطرّنا إلى أن نكمل كلّ واحدةٍ بالاخرى ، وإن كانت نسخة (ك) أكثر وضوحاً ورونقاً من نسخة (ق) التي لم تكن هويّتها معروفة كسابقتيها ـ كما ذكرنا في التعريف بهما ـ ناهيك عن عدم وضوح الكثير من كلماتها ، وأوضح منهما النسخة (ف) ولكن السقط الحاصل فيها قد أخلّ بها.

ويتلخّص عملنا بالتحقيق ـ إضافة إلى ما تقدّم ـ بما يلي :

١ ـ قمنا بتخريج الروايات الواردة الرسالة من مضانها الأصليّة التي اعتمدها المؤلِّف ، وقد أشرنا في الهامش إلى بعض الروايات التي يكون فيها السند مقطوعاً تارةً ، أو التي لا يكون فيها تسلسل الرواة دقيقاً في المتن فعكفنا على تصحيحها وترتيبها في الهامش بعد مقارنتها مع المصادر.

١٦

٢ ـ قمنا بتخريج الآيات القرآنية من القرآن الكريم.

٣ ـ شرعنا بإضافة بعض المفردات التي يشكِّل عدم وجودها خللاً في سياق الكلام مع حصرها بين قوسين معقوفين مع الإشارة إلى ذلك في الهامش.

٤ ـ عمدنا إلى إعطاء مرادف لبعض الكلمات العامّية التي وردت في المتن مع الإشارة إلى ذلك في الهامش مثل (حطيت ، يخلون ، تشيلوه) وغيرها.

٥ ـ عمدنا إلى تغيير بعض الكلمات التي كتبت بدون الهمزة مع الإشارة إلى ذلك في المتن مثل كلمة (بدو) وتعني (بدء) وكلمة (صفايح) وتعني (صفائح) وغيرها.

٦ ـ شرعنا بتصحيح بعض المفردات التي وردت مصحفةً في المتن مع الإشارة إليها في الهامش مثل كلمة (حتّى) وهي (حُسن) وكلمة (داعي الشرق) وهي (داعي الشوق) وكلمة (حروزه) وهي (حزوره) وغيرها.

٧ ـ قمنا بترجمة العديد من الشخصيات والمدن والمصطلحات التي وردت بين طيّات الرسالة في المتن وذلك من خلال توضيحها بالهامش.

٨ ـ الشروح التي ثبتناها في الهامش أشرنا في نهايتها إلى اسم المؤلّف ، والمصدر والجزء والصفحة.

وفي الختام لابدّ لنا أن نقول : إنّ لكلّ عمل هفوات يقع بها المتصدّي

١٧

له شاء أم أبى وحسبنا ونحن نقدِّم هذا العمل أن نشير بأنّنا قد بذلنا غاية المجهود لإخراجه بهذه الصورة عسى أن تعمّ الفائدة للجميع راجين من أهل العلم الرضى ومن الله سبحانه القبول والله من وراء القصد.

المحقّقان

النجف الأشرف

غرة ذي الحجّة / ١٤٢٥ ه‍. ق.

١٨

١٩

٢٠