كتاب الجواهر الثمينة في محاسن المدينة

المؤلف:

محمّد كبريت الحسيني المدني


المحقق: محمّد حسن محمّد حسن إسماعيل الشافعي
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٤٨

وقل به الشاكر وكثر الشاكي وفيما رفعت إليه من المضايق وحال دون أمالي من العوائق. ما يرتج به الكلام على الفصيح ويشتبه الصواب على الحازم المسيح.

فإن اعترافي بالتأخر حيث لا

يقدمني فضل أجل وأرجح (١)

وما أصدق ما قال :

إذا كان عون الله للمرء فائدا

تهيأ له من غير سعي مراده

وإن لم يكن عون من الله للفتى

فأول ما يجني عليه إجتهاده

وأنا اعترافي بالتأخير حيث لا

يقدمني فضل أجل وأرفع (٢)

وكأني بالحواسد والعذال ، نسبوني من ذلك إلى المحال وقال قائلهم مادح نفسه يقريك السلام. فأقول نعم ويهدي من التحية والثناء ما تتأرج به الرياض باكرتها الغمام [ومن هاهنا نشرع من المراد](٣) والله الموفق للسداد وعلى كرمه التعويل. وبواسطة لطفه التأميل.

مسئلة (٤) : المدينة من [مدن](٥) بالمكان أقام (٦) ، أو من دان إذا أطاع فالميم زائدة وذلك لأن السلطان يسكن المدن فتقام له طاعة فيها ، أو لأن الله تعالى يطاع فيها أو لأنه عليه‌السلام يسكنها فدانت له الأمم. وهي أبيات مجتمعة تجاوز حد القرى [كثرة](٧) وعمارة لم تبلغ حد الأمصار وقيل يقال لكل مصر ، والمدينة علم على طابة مهاجر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بحيث إذا اطلق هذا اللفظ لا [ينصرف](٨) إلا إليها والنسبة إليها «مدني» وإلى غيرها من المدن مديني للفرق كذا في الوفاء.

مسئلة : المدينة من الأقليم الثاني وهو حيث يكون طول النهار الأطول ثلث عشرة ساعة ونصف ساعة ويرتفع القطب الشمالي فيه مقدار أربعة وعشرين جزء وعشر جزء ومساحة هذا الإقليم أربعمائة ميل وفيه سبعة عشر جبلا وسبعة عشر نهرّا وأربعمائة وخمسين مدينة كذا في الخطط للمقريزي.

__________________

(١) سقط من «ب».

(٢) في هامش «ب» هذا البيت مقدم.

(٣) سقط من «ب».

(٤) المسئلة لغة : السؤال. انظر / القاموس المحيط (٣ / ٣٩٢). وعرفا مطلوب خبري يبرهن عليه في العلم. انظر / السبع كتب مفيدة لعلوي السقاف (ص / ٦٢).

(٥) ثبت في أهكذا [مسدن].

(٦) قال في القاموس : مدن أقام فعل ممات ومنه المدينة للحصن يبنى في أصطمّة أرض.

انظر / القاموس المحيط (٤ / ٢٧٠).

(٧) في ب [كثيرة].

(٨) في ب [يصرف].

٢١

مسئلة : دور كرة الأرض أربعة وعشرون ألف ميل وذلك عن ثمانية آلاف فرسخ بحيث لو وضع جبل على نقطة [من](١) الأرض وأدير الجبل على الكرة حتى انتهى الطرف الآخر إلى نقطة الابتداء كانت مساحة الجبل العدد المذكور وكل درجة من درج الفلك يقابلها من سطح الأرض ستة وستون ميلا وثلثا ميل [فإذا ضربنا عدد درج الفلك من ستة وستين ميلا وثلثي ميل](٢) كانت الجملة أربعة وعشرين ألف ميل وهي ثمانية آلاف فرسخ وصحرء [سجار](٣) ووطاءة الكوفة من الأراضي [المتساوية](٤) انتهى من كتاب سر الفلك.

مسئلة : أعظم جبل على وجه الأرض ارتفاعه فرسخان وثلث فرسخ ونسبة ارتفاعه إلى كرة الأرض سبع [عرض](٥) شعيرة إلى كرة قطرها ذراع وغاية ما يرتفع الطير في الهواء اثني عشر فرسخّا وتنقطع الكيفيات من وراء ثمانية عشر فرسخّا ولا يخلو وجه الأرض المعمور من [المشرق](٦) من وقت إبداء فالوقت الواحد يكون شروقّا عند قوم زوالا عند غيرهم غروبّا عند آخرين وأصغر كوكب يرى من الثوابت كالسها أكبر من زحل وزحل مثل الأرض إحدى وتسعين مرة والنجم تستصغر الأبصار رؤيته ، والذنب للعين لا للنجم في الصغر.

مسئلة : ان قيل تقرر من الشرع ومن علم الهيئة أن الأرضين سبع كالسموات فلم لم يذكر في الكتاب العزيز إلا الأرض؟ .. الجواب أنه عليه‌السلام «رقي إلى السموات السبع» (٧) فلتشرفها به ذكرت أو لأن الانتفاع من أرض الدنيا فقط بناء على أنها طبقات ولم يتشرف به غيرها ومن كتاب «المواهب اللدنية» قد جاء أن السموات شرفت بموطىء قدميه صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، بل لو قال قائل : إن جميع بقاع الأرض أفضل من جميع بقاع السماء لشرقها بكونه صلى‌الله‌عليه‌وسلم حالا فيها لم يبعد بل هو الظاهر المتعين وحكاه بعضهم عن الأكثرين لخلق الأنبياء منها ودفنهم فيها لكن قال النووي : الجمهور على تفضيل السماء على الأرض ما عدا ما ضم الأعضاء الشريفة.

مسئلة : هل للمدينة حرم كما بمكة أم لا؟ الجواب أنها ليست بحرم عندنا والمراد

__________________

(١) سقط من «ب».

(٢) سقط من «ب».

(٣) ثبت في ب [سنجار].

(٤) في أ [المساوية].

(٥) في ب [عرضي].

(٦) في ب [الشمس].

(٧) رقية ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ أخرجه : البخاري في الأنبياء (٦ / ٤٣١) ـ الحديث (٣٣٤٢). ومسلم في الإيمان (١ / ١٤٥) ـ الحديث (٢٥٩ / ١٦٢) ـ (١٦٣ / ٢٦٣). والإمام أحمد في مسنده (٥ / ١٧٢ ـ ١٧٣) ـ الحديث (٣٢٦).

٢٢

من الوارد الحرمة الحاصلة لها بتوطينه عليه‌السلام إياها ودفنه فيها ومعنى حرمت أوجبت حرمتها وحماها بإقامتي فيها فصارت حمى محروسّا من الآفات كما ورد «عن كل نقب (١) منها ملك يحرسها» (٢) ولذا يصرف عنها الدجال ويؤيده انه كان صغير بالمدينة وكان عليه‌السلام يقول له : «يا أبا [عمير](٣)(٤) فافعل النغير (٥)(٦)» فلو كانت كمكة لما جاز ذلك» انتهى من كتاب زهر البساتين قال الملا على القاري من شرح لباب المناسك وعباب المسالك عند قوله وإذا دنا من [حرم](٧) المدينة المشرفة أي حولها من الأماكن المحترمة إذ لا حرم للمدينة عندنا كحرم مكة من أحكامها.

قلت : وفيما ورد من الأحاديث من ذلك ما يقضي للمدينة المنورة بأنها حرم

__________________

(١) النقب : بفتح النون والقاف بعدها موحدة. قال ابن وهب : المراد بها المداخل. وقيل : الأبواب ، وأصل النقب الطريق بين الجبلين. وقيل : الأنقاب الطرق التي يسلكها الناس ومنه قوله تعالى : (فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ). انظر / فتح الباري (٤ / ١١٤).

(٢) أخرجه البخاري في فضائل المدينة (٤ / ١١٤) ـ الحديث (١٨٨١). ومسلم في الفتن (٤ / ١٢٦٥) ـ الحديث (١٢٣ / ٢٩٤٣). والإمام أحمد في مسنده (٥ / ٤١) ـ الحديث (٢٠٣٧٠).

والحاكم في المستدرك (٤ / ٤٢٧).

(٣) قال الحافظ : هو بالتصغير ، وفي رواية حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس عند الإمام أحمد «كان لي أخ صغير» ، وهو أخو أنس بن مالك من أمه ففي رواية المثنى بن سعيد المذكورة «وكان لها أي أم سليم ابن صغير» وفي رواية حميد عند الإمام أحمد «وكان لها من أبي طلحة ابن يكنى أبا عمير» ، وفي رواية مروان بن معاوية عن حميد عند ابن أبي عمر «كان بني لأبي طلحة» ، وفي رواية عمارة بن زاذان عن ثابت عند ابن سعد «أن أبا طلحة كان له ابن قال أحبه فطيمّا». انظر فتح الباري (١٠ / ٥٥٩).

(٤) ثبت في أ [عمر].

(٥) بنون ومعجمة وراء مصغر ، وهو طير صغير واحدة نغرة وجمعه نغران. قال الخطابي : طوير له صوت. قال الحافظ ابن حجر : وفيه نظر ، فإنه ورد في بعض طرقه أنه الصعو بمهملتين بوزن العفو كما في رواية ربعي : «فقالت أم سليم ماتت صعوته التي كان يلعب بها ، فقال : أي أبا عمير مات النغير» فدل على أنهما شيء واحد ، والصعو لا يوصف بحسن الصوت.

قال الشاعر :

كالصعو يرتع في الرياض وإنما

حبس الهزار لأنه يترنم

قال القاضي عياض : النغير طائر معروف يشبه العصفور. وقيل : هي فراخ العصافير. وقيل : هي نوع من الحمر بضم المهملة وتشديد الميم ثم راءه قال : والراجح أن النغير طائر أحمر المنقار. قال الحافظ ابن حجر : قلت : هذا الذي جزم به الجوهري. قال : وقال صاحب «العين والمحكم» : الصعو صغير المنقار أحمر الرأس. انظر / فتح الباري (١٠ / ٦٠٠).

(٦) ستأتي في الآخر محمد فارس.

(٧) سقط من ب.

٢٣

كمكة (١) من أحكامها (٢) فقد أطال الكلام على ذلك السيد السمهودي في تاريخه الوفاء.

وأنشد عليه بعضهم :

إن المدينة لا يشك كمكة

حرم ولكن بالنبي تفضل

فهي الأمان لخائف ولعاكف

فيها معاش ليس فيه معضل

__________________

(١) قال الشيخ النووي : فرع : في بيان الأحاديث الواردة في بيان حرم المدينة : منها : عن الخليفة علي ـ عليه‌السلام ـ مرفوعا : «المدينة حرام ما بين عير إلى ثور» أخرجه البخاري ومسلم وفي رواية للبخاري «ما بين عائر إلى ...» كذا. قال أبو عبيد وغيره من العلماء : عير ويقال له عائر جبل معروف بالمدينة قالوا : وأما ثور فلا يعرف أهل المدينة بها جبلا يقال له ثور ، وإنما ثور جبل بمكة قالوا : فنرى أن أصل الحديث ما بين عير إلى أحد ولكنه غيره غلط الرواة فيه واستمرت الرواية. وقال أبو بكر الحازمي في كتابه المؤتلف في الأماكن : الرواية الصحيحة ما بين عير إلى أحد. قال : وقيل : إلى ثور. قال : وليس له معنى. هذا كلامهم في هذا الحديث ، ولا يبعد أن الجبل كان يسمى ثورّا ثم هجر ذلك الاسم. وعن أبي هريرة ـ رضي‌الله‌عنه ـ مرفوعّا : «ما بين لابتيها حرام» متفق عليه واللابتان الحرتان تثنية لابة هي الأرض الملبسة حجارة سوداء والمدينة بين لابتين في شرقها وغربها ـ وعن أبي سعيد الخدري أنه سمع رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ يقول : إني حرمت ما بين لابتي المدينة كما حرم إبراهيم مكة» أخرجه مسلم. ثم قال : وعن عدي بن زيد الخزاعي الصحابي قال : «حمى رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ كل ناحية من المدينة بريدّا بريدّا لا تخبط شجرة ولا تعضد إلا ما يساق به الجمل». أخرجه أبو داود بإسناد غير قوي. قال الشيخ النووي : «فالحاصل أن حرم المدينة ما بين جبليها طولا وما بين لابتيها عرضا». انظر / شرح المهذب (٧ / ٤٧٧ ـ ٤٧٩).

(٢) قال الشيخ ابن الجوزي : صيد المدينة وشجرها محرم وهو قول مالك والشافعي وأحمد. وقال الإمام الأعظم أبو حنيفة : ليس بمحرم. واختلفت الرواية عن أحمد هل يضمن صيدها وشجرها بالجزاء أم لا؟ فروى عنه أنه لا جزاء فيه وبه قال مالك. وللإمام الشافعي قولان كالروايتين. وإذا قلنا بضمانه فجزاؤه سلب القاتل يتملكه الذي سلبه. ويفارق مكة في أن من أدخل إليها صيدا لم يجب رفع يده عنه ، ويجوز له ذبحه وأكله ، ويجوز أن يؤخذ من شجرها ما تدعو الحاجة إليه للرحل والوسائد ، ومن حشيشها ما يحتاج إليه للعلف بخلاف حرم مكة.

انظر / مثير الغرام الساكن إلى أشرف الأماكن لابن الجوزي ـ قيد الطبع بتحقيقنا. محمد فارس ـ شرح المهذب (٧ / ٤٨٠ ـ ٤٨١). المغني (٣ / ٣٥٤) ـ فتح الباري (٤ / ١٠٠). صحيح : أخرجه البخاري في الأدب (١٠ / ٥٤٣) ـ الحديث (٦١٢٩). ومسلم في الأدب (٣ / ١٦٩٢ ـ ١٦٩٣) ـ الحديث (٣٠ / ٢١٥٠). والترمذي في البر والصلة (٤ / ٣٥٧) ـ الحديث (١٩٨٩).

وأبو داود في الأدب (٤ / ٢٩٤) ـ الحديث (٤٩٦٩). وابن ماجه في الأدب (٢ / ١٢٢٦) ـ الحديث (٣٧٢٠).

٢٤

وفي الصحيح اللهم إن إبراهيم حرم مكة وإني حرمت ما بين لابتيها» (١)(٢).

وعلى القول بأنها حرم فهي بريد من بريد وذلك ما بين عير إلى ثوربيان يحدها من الجنوب إلى الشمال وهما مأزماها وما بين لابتيها أي حدتيها الشرقية والغربية.

ونظم ذلك من قال :

حرم المدينة حده فيما حكوا

عيرّا وثورّا قبلة وشمالا

واللابتان تحدها يا ذا النهى

شرقّا وغربّا فاعتمده مقالا

مسئلة : صح أنه عليه الصلاة والسلام التفت إلى المدينة الشريفة وقال : «إن الله برأ هذه الجزيرة من الشرك» (٣).

__________________

(١) وقع في حديث جابر عن الإمام أحمد «وأنا أحرم المدينة ما بين حرتيها» قال الحافظ ابن حجر : فادعى بعض الحنفية أن الحديث مضطرب لأنه وقع في رواية «ما بين جبليها» ، وفي رواية «ما بين لابتيها» وفي رواية «مأزميها». وتعقب بأن الجمع بينهما واضح ، وبمثل هذا لا ترد الأحاديث الصحيحة ، فإن الجمع لو تعذر أمكن الترجيح. قال : ولا شك أن رواية «ما بين لابتيها» أرجح لتوارد الرواة عليها ، ورواية جبليها لا تنافيها فيكون عند كل لابة جبل أو لابتيها من جهة الجنوب والشمال وجبليها من جهة الشرق والغرب وتسمية الجبلين في رواية أخرى لا تضر. وأما رواية مأزميها فهي في بعض طرق حديث أبي سعيد ، والمأزم بكسر الزاي المضيق بين الجبلين ، وقد يطلق على الجبل نفسه. قال : واحتج الطحاوي بحديث أنس في قصة أبي عمير ما فعل النغير قال : لو كان صيدها حرامّا ما جاز حبس الطير. وأجيب : باحتمال أن يكون من صيد الحل. قال الإمام أحمد : من صاد من الحل ثم أدخله المدينة لم يلزمه إرساله لحديث أبي عمير وهذا قول الجمهور. قال الحافظ : لكن لا يرد ذلك على الحنفية لأن صيد الحل عندهم إذا دخل الحرم كان له حكم الحرم ، ويحتمل أن تكون قصة أبي عمير كانت قبل التحريم. ثم قال الحافظ : وقال الطحاوي : يحتمل أن يكون سبب النهي عن صيد المدينة وقطع شجرها كون الهجرة كانت إليها فكان بقاء الصيد والشجر مما يزيد في زينتها ويدعو إلى ألفتها كما روى ابن عمر «أن النبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ نهى عن هدم آطام المدينة» فإنها من زينة المدينة فلما انقطعت الهجرة زال ذلك. قال الحافظ : وما قاله ليس بواضح لأن النسغ لا يثبت إلا بدليل ، وقد ثبت على الفتوى بتحريمها سعد وزيد بن ثابت وأبو سعيد وغيرهم كما أخرجه مسلم. انظر / فتح الباري (٤ / ٩٩ ـ ١٠٠).

(٢) متفق عليه : أخرجه البخاري في الأنبياء (٦ / ٤٦٩) ـ الحديث (٣٣٦٧). ومسلم في الحج (٢ / ٩٩١) ـ الحديث (٤٥٦ / ١٣٦١). والترمذي في المناقب (٥ / ٧٢١) ـ الحديث (٣٩٢٢).

والإمام مالك في الموطأ في الجامع (٨٨٩١٢) ـ (١٠). والإمام أحمد في مسنده (٤ / ١٧٤) ـ الحديث (٧٢٧٧!).

(٣) رواه العباس بن المطلب مرفوعا أخرجه : أبو يعلى والبزار والطبراني في الأوسط كما في المجمع وقال : فيه قيس بن الربيع وثقه شعبة والثوري وضعفه الناس ، وبقية رجال أبي يعلى ثقات قال : وله طريق في الأدب. انظر / مجمع الزوائد للهيثمي (٣ / ٣٠٢) ـ تهذيب التهذيب (٨ / ٣٣٩).

٢٥

وقال بعضهم : قلت هنيئا لأهلها فإنهم برآء من الشرك بشهادة.

[قال بعضهم هذا](١) :

هذا الأثر. وبشرى لهم بتسميتها «دار الأبرار» ودار الأخيار والعاصمة والمرحومة والمرزوقة. والناجية. والمقدسة والجابرة ودار السلامة.

أسامينا لم تزده معرفة

وإنما لذة ذكرناها

وبالجملة فإن فضل المدينة لا ينكر ومحاسنها الغراء لا تحصى ولا تحصر وجيران صاحب «الحوض والكوثر» (٢) «المغفور له من ذنبه ما تقدم وما تأخر» (٣) على يقين إن شاء الله تعالى من السلامة في المعاد وثقة بالكرامة في يوم الأشهاد.

وما أحسن ما قال :

تلك دار إن لم تكن هي

ذات النفس مني فإنها [مشتهاها](٤)

لو تمكنت أن [أقضي](٥) بها

[العمر](٦) جميعا لما قصدت سواها

وما أحسن ما قال الشيخ محمد البكري :

دار الحبيب إخوان تهواها

ونحن من طرب إلى ذكراها

وعلى الجفون متى هممت بزورة

يا ابن الكرام عليك أن [تغشاها](٧)

فلا أنت أنت إذا [حللت](٨) بطيبة

وظللت ترتع في ظلال رباها

عنا الجمال مني الخواطر والتي

سلبت عقود العاشقين خلاها

لا تحسب المسك الزكي كتربها

هيهات أين المسك من رباها

طابت فإن تبغ التطيب يا فتى

فأدم على الساعات لم تراها

وأبشر ففي الخبر الصحيح مقرر

أن الإله بطابة سماها

__________________

(١) سقط من «أ».

(٢) أخرجه مسلم في الصلاة (١ / ٣٠٠) ـ الحديث (٥٣ / ٤٠٠). وأبو داود في السنة (٤ / ٢٣٧) ـ الحديث (٤٧٤٧). والبيهقي في البعث والنشور (ص / ١١٠ ـ ١١١) ـ الحديث (١١٤).

(٣) أخرجه البخاري في التفسير (٨ / ٤٤٨) ـ الحديث (٤٨٣٦ ـ ٤٨٣٧). ومسلم في المنافقين (٤ / ٢١٧٢) ـ الحديث (٨١ / ٢٨٢٠). والإمام أحمد في مسنده (٦ / ١٢٩) ـ الحديث (٢٤٨٩٨).

(٤) في ب [مستهاها].

(٥) في ب [أحضى].

(٦) في ب [الفجر].

(٧) في ب [تغسّاها].

(٨) في أ [حلت].

٢٦

واختصها بالطيبين لطيبها

واختارها ودعا إلى سكناها

لا كالمدينة منزل وكفى لها

شرفّا حلول محمد بفناها

حظيت بهجرة خير من وطئ الثرى

وأجلهم قدرّا فكيف تراها

كل البلاد إذا ذكرت كأحرف

من اسم المدينة لا خلت معناها

حاشى [مسمى](١) القدس فهى قريبة

منها ومكة إنها إياها

لا فرق إلا أن ثم لطيفة

منها بدت يجلو الظلام سناها

جزم الجميع بأن خير الأرض ما

قد حاط ذات المصطفى وحواها

ونعم لقد صدقوا بساكنها علت

كالنفس حين زكت زكا مأواها

وبهذه ظهرت مزية طيبة

قعدت وكل الفضل في مغناها

حتى لقد خصت بروضة جنة

الله شرفها بها وحباها

ما بين قبر للنبي ومنبر

حي الإله رسوله وسقاها

هذي محاسنها فهل من عاشق

قلق شحيح باخل بنواها

إني لأرهب من توقع بينها

فيظل قلبي موجعا أواها

[ولقلما](٢) أبصرت حال مودع

إلا رثت نفسي له وشجاها

فلكم أراكم قافلين جماعة

من [أمر](٣) أخرى طالبين سواها

قسمّا لقد أذكى فؤادي بينكم

نارّا وفجر مقلتي [أمواها](٤)

إن كان أعجزكم طلاب فضيلة

فالخير أجمعه لدى مثواها

أو خفتم ضررّا بها فتأملوا

بركات بلغتها فما أزكاها

أف لن يبقى الكثير لشهوة

ورفاهة لم يدر ما عقباها

والعيش ما يكفي وليس هو الذي

يطغى النفوس ولا خسيس مناها

يا رب أسأل منك فضل قناعة

بيسيرها أو [تحببا](٥) لحماها

ورضاك عني دائما ولزومها

حتى توافي مهجتي أخراها

فإن الذي أعطيت نفسي سؤلها

وقبلت دعوتها فيا بشراها

بجوار أو فى العالمين بذمه

وأعز من بالقرب منه يباها

من جاء بالآيات والنور الذي

داوى القلوب من العمى فشفاها

__________________

(١) في ب [مسلمى].

(٢) في أ [ولعلما].

(٣) في ب [إثر].

(٤) في ب [أتواها].

(٥) في ب [تحنيا].

٢٧

أولى الأنام بخطة الشرف التي

تدعي الوسيلة خير من يعطاها

إنسان عين الكون سر وجوده

[يس](١) إكسير المحامد طه

حسبي فلست أفي بذكر صفاته

ولو أن لي عدد الحصى أفواها

كثرت محاسنه وأعجز حصرها

فغدت وما تلقى لها أشباها

إني اهتديت من الكتاب بآية

فعلمت أن علاه ليس يضاها

ورأيت فضل العالمين محددا

وفضائل المختار لا تتناها

كيف السبيل إلى تقصي مدح من

قال الإله له وحسبك جاها

إن الذين يبايعونك إنما

فيما تقول يبايعون الله

هذا الفخار فهل سمعت بمثله

واها لنشأته الكريمة واها

صلوا عليه وسلموا فبذلكم

تهدى النفوس لرشدها وغناها

صلى عليه الله غير مقيد

وعليه من بركاته أتماها

وعلى الأكابر إله سرج الهدى

أحبب بعترته ومن والاها

وكذا السلام عليه ثم عليهم

وعلى عصابته التي زكاها

أعني الكرام أولى النهى أصحابه

فئة التقى ومن أهدى بهداها

والحمد لله الكريم وهذه

نجزت وظني أنه يرضاها

__________________

(١) ثبت في ب [ليس].

٢٨

[المقالة](١) الأولى

فيما يتعلق بالمكان ويشتمل على أبواب. هي بالقبول إن شاء الله تعالى مفتحة لأولى الألباب.

أبواب إقبال تفتح بالهنا

أيام شعبان لها أبان

قال الزمان وقد رأى إقبالها

يا ليت دهري كله شعبان

باب : فيما تميزت به المدينة الشريفة عما سواها ، وذكر بعض محاسنها التي يطرب لها المحب ويرضاها ، ولا أتعرض لحصر ألقابها فيعترض دونها الحصر ، بل كحضور الملاح لرشاقتها تختصر [شعر](٢)

أملياني حديث من سكن الجزع

ولا تكتباه إلا بدمعي

فإنني أن أرى الديار بطرفي

فلعلي أرى الديار بسمعي

ومن أحسن محاسنها السنية : إشتمالها على البقعة التي انعقد الإجماع على تفضيلها على سائر البقاع ، وإن كان صلوات الله وتسليماته على فروعه وأصوله روح وجود الكائنات وسر الموجود جلية وجميلة.

لا تقل دارها [بشرقي](٣)(٤) تجد

كل نجد للعامرية دار

ولها [قنن](٥) على كل بنآء

وعلى كل دمنة (٦) آثار

وما أحسن ما قال :

أحن إليه وهو قلبي وهل ترى

سواي أخا وجد يحن لقلبه

ويحجب طرفي عنه إذ هو ناظري

وما بعده إلا لإفراط قربه

__________________

(١) سقط من «أ».

(٢) سقط من «ب».

(٣) في ب [شرقي].

(٤) في أ [منزل].

(٥) جمع قنة وهو : الجبل الصغير. انظر / القاموس المحيط (٤ / ٢٦١).

(٦) الموضع القريب من الدار جمعها دمن.

انظر / القاموس المحيط (٤ / ٢٢٣).

٢٩

وقال آخر :

أمر له وبه ومنه تعينت

أعياننا ووجودنا المتلبس

وحقيقة طوت البعيد خرامة

نجد وليت [ألقاب](١) طي العس

ووراء ذلك ولا أشير لأنه

سر لسان النطق عنه أخرس

وقال :

وجود غيرك يأكل المنى عدم

وأي غير وأنت الكل لو علموا

هام الورى بمعان [فيك](٢) قد جمعت

وكلهم لك عشاق وما فهموا

ومن محاسنها أن سائر بلاد الإسلام [فتحت](٣) بالسيف. وافتتحت حصن بالقرآن العظيم ، وأنه يبعث [منها](٤) أشراف هذه الأمة يوم القيامة. على ما نقله القاضي عياض من المدارك عن مالك.

ومن محاسنها «تحريكه عليه‌السلام دابته عند قدومه إليها إذا أبصر منازلها (٥) ودعاؤه لها بالبركة» (٦)(٧). وقوله : «غيروا فقد سبق المفردون» (٨).

__________________

(١) في ب [الغابي].

(٢) في أ [قبل].

(٣) في أ [افتتحت].

(٤) سقط من ب.

(٥) أخرجه البخاري في فضائل المدينة (٤ / ١١٧) ـ الحديث (١٨٨٦). والترمذي في الدعوات (٥ / ٤٩٩) ـ الحديث (٣٤٤١) ـ والبغوي في شرح السنة (٧ / ٣١٥) ـ الحديث (٢٠١١).

(٦) استدل به عن تفضيل المدينة على مكة وهو ظاهر من هذه الجهة لكن لا يلزم من حصول أفضلية المفضول في شيء من الأشياء ثبوت الأفضلية له على الإطلاق ، وأما من ناقض ذلك بأنه يلزم أن يكون الشام واليمن أفضل من مكة لقوله في الحديث الآخر «اللهم بارك لنا في شامنا» وأعادها ثلاثّا. فقد تعقب بأن التأكيد لا يستلزم التكثير المصرّح به في الحديث.

وقال ابن حزم : لا حجة في الحديث بأن تكثير البركة بها لا يستلزم الفضل في أمور الآخرة. ورده عياض بأن البركة أعم من أن تكون في أمور الدين أو الدنيا ، لأنها بمعنى النماء والزيادة ، فأما في الأمور الدينية فلما يتعلق بها من حق الله تعالى من الزكاة والكفارات ولا سيما في وقوع البركة في الصاع والمد. انظر / فتح الباري (٤ / ١٨٧). قال الشيخ النووي : والظاهر من هذا كله أن البركة في نفس المكيل في المدينة بحيث يكفي المد فيها لمن لا يكفيه في غيرها والله أعلم. انظر / شرح صحيح مسلم للنووي (٩ / ١٤٢). قال الحافظ ابن حجر : وقال القرطبي : إذا وجدت البركة فيها في وقت حصلت إجابة الدعوة ولا يستلزم دوامها في كل حين ولكل شخص.

انظر / فتح الباري (٤ / ١١٨).

(٧) متفق عليه : أخرجه البخاري في فضائل المدينة (٤ / ١١٧) ـ الحديث (١٨٨٥.

ومسلم في الحج (٢ / ٩٩٤) ـ الحديث (٤٦٦).

(٨) لم أجده ، والتقصير منا ـ طالب العلم : محمد فارس.

٣٠

ومن محاسنها تأسيس مجسده على يده الكريمة (١) وكون «ما بين بيته ومنبره (٢) روضة من رياض الجنة» (٣)(٤)(٥). وان ذلك يعم مسجده ولو اتصل بصنعاء وكون «المنبر على ترعة من رياضة الجنة» (٦).

وما أحسن ما قال عبد الله الفيومي :

__________________

(١) متفق عليه : أخرجه البخاري في الصلاة (١ / ٦٢٤) ـ الحديث (٤٢٨). ومسلم في المساجد ومواضع الصلاة (١ / ٣٧٣ ـ ٣٧٤) ـ الحديث (٩ / ٥٢٤). وأبو داود في الصلاة (١ / ١٢١) ـ الحديث (٤٥٣) ـ والنسائي في المساجد (١ / ٢٥٩) ـ الحديث (٧٨١). وابن ماجه في المساجد (١ / ٢٤٥) ـ الحديث (٧٤٢).

(٢) ومنبره ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ على [حوضه] قال الحافظ : أي ينقل يوم القيامة فينصب على الحوض. قال : وقال الأكثر : المراد منبره بعينه الذي قال هذه المقالة وهو فوقه ـ وقيل : المراد المنبر الذي يوضع له يوم القيامة ، قال الحافظ : والأول أظهر ويؤيده حديث أبي سعيد وقد رواه الطبراني في الكبير من حديث أبي واقد الليثي رفعه : «إن قوائم منبري رواتب في الجنة» وقيل معناه : أن قصد منبره والحضور عنده لملازمة الأعمال الصالحة يورد صاحبه إلى الحوض ويقتضي شربه منه. قال : ونقل ابن زبالة أن ذرع ما بين المنبر والبيت الذي فيه القبر الآن ثلاث وخمسون ذراعّا. وقيل : أربع وخمسون وسدس. وقيل : خمسون إلا ثلثي ذراع وهو الآن كذلك فكأنه نقص لما أدخل من الحجرة في الجدار.

انظر / فتح الباري (٤ / ١٢٠).

(٣) أي كروضة من رياض الجنة في نزول الرحمة وحصول السعادة بما يحصل من ملازمة حلق الذكر لا سيما في عهده ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ فيكون تشبيهّا بغير أداة ، أو المعنى أن العبادة فيها تؤدي إلى الجنة. قال الحافظ : هذا محصل ما أدله العلماء في هذا الحديث وهي على ترتيبها هذا في القوة. انظر / فتح الباري (٤ / ١٢٠).

(٤) استدل به على أن المدينة أفضل من مكة لأنه أثبت التي بين البيت والمنبر من الجنة ، وقد قال الحديث الآخر «لقاب قوس أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها» وتعقبه ابن حزم بأن قوله أنها من الجنة مجازا إذ لو كانت حقيقة لكانت كما وصف الله الجنة (إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيها وَلا تَعْرى) ، وإنما المراد أن الصلاة فيها تؤدي إلى الجنة كما يقال في اليوم الطيب هذا من أيام الجنة ، وكما قال رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ «الجنة تحت ظلال السيوف» قال ثم ولو ثبت أنه على الحقيقة لما كان الفضل إلا لتلك البقعة خاصة. فإن قيل : إن ما قرب منها أفضل مما بعد لزمهم أن يقولوا إن الجحفة أفضل من مكة ولا قائل به. انظر / فتح الباري (٤ / ١٢٠).

(٥) متفق عليه : أخرجه البخاري في فضل الصلاة (٣ / ٨٤) ـ الحديث (١١٩٥). ومسلم في الحج (٢ / ١٠١٠) ـ الحديث (١٣٩٠ / ٥٠٠) ـ (٥٠١ / ١٣٩٠). والترمذي في المناقب (٥ / ٧١٩) ـ الحديث (٣٩١٦) ـ والنسائي في المساجد (١ / ٢٧٥) ـ في الكبرى الحديث (٢ / ٧٧٤).

والإمام مالك في الموطأ في القبلة (١ / ١٩٧) ـ (١١).

(٦) أخرجه الإمام أحمد في مسنده (٢ / ٤٧٨) ـ الحديث (٨٧٤٢).

٣١

سكان طيبة أبلى الحب صبكم

والشوق باق ليوم العرض في طول

تالله لم ينسه المقياس [روضتكم](١)

ولا تسلى عن الزرقاء بالنيل

[ومن محاسنها](٢) إن ترابها شفاء من الجذام كما هو الوارد (٣). وشفاء من كل داء بالتجربة الصادقة. المعروفة عند الخلف والسلف وما أوقع ما قال :

ولو قيل للمجنون ليلى أحب [أم](٤)

جنان [بها](٥) حور حلت نعم الخد

لقال غبار من تراب يقابلها

أحب إلى قلبي وأشهى من الخلد

فائدة : ذكر علماء الخواص أن من قدم أرضّا فأخذ من ترابها فجعله في مائها ثم شربه [عوفي من بلائها](٦).

وقيل : يستحب للمسافر أن يصحب معه تراب أرضه التي ولد بها فإذا قدم أرضّا أخرى جعل منه شيئّا في مائها وشرب منه فإنه يسلم من ضررها وهو من المجربات.

ومن محاسنها : أن من أصابه عرض أو مرض. وأقبل على الشباك الشريف متضرعّا مستغيثّا. لم يبرح حتى يفرج الله تعالى كربه والناس في ذلك تتفاوت بحسب الاعتقاد والاستعداد.

وإذا لم تر الهلال فسلم

لأناس رأوه بالأبصار

وكان يقال : الفوائد في العقائد.

وكان يقال : المخ مواهب والمواهب مخ ، ولذلك يفتح لشخص دون آخر من الأبواب ما لا يتطرق إليه بسبب من الأسباب وكان يقال :

فما كل عين بالجمال قريرة

ولا كل من نودي يجيب إذا دعى

فقل للعيون الرمد للشمس أعين

سواك تراها من مغيب ومطلع

وكان يقال :

دنت بأناس عن ثناء ديارهم

وشط بليلى عن دنو مزارها

وإن مقيمات بمنعرج اللوى

لأقرب من ليلى وهاتيك دارها

__________________

(١) ثبت في ب [روضكم].

(٢) سقط من «ب».

(٣) لم أجده في مظانه ، والتقصير منا. طالب العلم : محمد فارس.

(٤) سقط من «ب».

(٥) سقط من «ب».

(٦) سقط من «ب».

٣٢

وقال آخر :

يقولون لي دار الأحبة قد دنت

وأنت كئيب إن ذا العجيب

فقلت وما نفعي بدار قريبة

إذا لم يكن بين القلوب قريب

وأقول كما قال المتقدم :

صبرّا إن ذاك الحسن عني محجب

أليس [بزيادة شرف (١) تشهد الصبا]

إذا رمت أن تبدي مصونان خدره

فحدث بذاك الحي عن ذاك الخبا

وما أحسن ما قال :

وإني لمشتاق إلى أرض طيبة

وإن خانني بعد التفرق إخواني

سقى الله أرضا لو ظفرت بتربها

كحلت به من شدة الشوق [أجفاني](٢)

وبالجملة فكل مقصور على سربه وذوقه ، الناتج عن حبه وشوقه وكان يقال. لا يفتح القال العيوب إلا من سلم من العيوب وإما من عرى عن الكشف والشهود ، واستنطاق ضمائر صحائف الوجود فحرام عليه التفكر في الآثار الكونية والأسرار اللدنية ، فليلزم لسان الاعتراض ولا يبرز رعونات الأغراض ، فإنه يخشى عليه سلب السابقة في عالم الأرواح والخاتمة في عالم الأشباح ، وليرجع إلى نقض فطرته وقصور باعه في ميدان حكمته ، فلا يشهد حقيقة الكمال ، ولا يظفر من أبكار المعاني بلذة الوصال ، وليقل بلسان التسليم (وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ) [يوسف : ٧٦].

وقال ابن رافع رأس في شذور الذهب :

وحظ العيون الرمد من نور وجهها

لسدته خط العيون العوامش

فلا أخصبت إلا لذي الحلم والتقى

ولا أجدبت إلا لأهل الفواحش

والحمد لله الذي أطلع من اجتباه من عباده الأبرار على خبايا الأسرار ، وأسمع من ارتضاه من أصفيائه الأخيار من الغيب تغريد سواجع (٣) قضايا الأقدار ، وأودع قلوبهم من جواهر المعرفة ما تحتار عيون البصائر والأبصار ، وأطمع نفوسهم من إحراز رموز كنوزها بيد الإظهار من سجف (٤) حجب الأستار الذي قدر حكم أحكامه وكل شيء

__________________

(١) ثبت في ب هكذا [يرحاه يرف نسمة لصبا].

(٢) في [لكفاني].

(٣) قال في القاموس : وسواجع وسجع ذلك المسجع قصد ذلك المقصد. انظر / القاموس المحيط (٣ / ٣٦).

(٤) قال في القاموس : السجف الستر أو الستران المقرونان بينهما فرجة أو كل باب ستر بسترين مقرونين فكل شق سجف وسجاف. انظر / القاموس المحيط (٣ / ١٥٠).

٣٣

عنده بمقدار ، وبصر من شاء لإكرامه بنور الهامة ، فاستخرج غرائب الأسرار بنواقب الأفكار وصلّى الله تعالى على سيدنا وسندنا محمد المصطفى المختار ومؤازريه الأئمة الأطهار ، صلاة متصفة بالاستمرار متلوة آناء الليل وأطراف النهار.

تنبيه (١) : قال العلامة ابن حجر في كتابه الجوهر المنظم في زيارة القبر المعظم : حرم عند أرباب القلوب على كل قلب شغل بالإرادات الدنية. والشهوات الدنيوية أن يصل إليه المدد النبوي. بل ربما يخشى [عليه](٢) من الوقوف بين يديه صلّى الله تعالى وسلم عليه فيجب الاجتهاد في تصفية الجنان مع ملاحظة الاستمداد. من سعة العفو عما لا وصول إليه ، فإنه يمد كلا بما يناسب حاله ، ولا وصول إلى الحضرة الإلهية إلا من بابه كما قيل :

وأنت باب الله أي امرىء

أتاه من غيرك لا يدخل

 ـ إسعاد وإمداد ـ

حكى القاضي شهاب الدين بن خلكان في ديوانه أن الفقيه منصور التميمي أصابته مسبغة في سنة شديدة القحط ، فرقى سطح داره ليلا ونادى بأعلى صوته :

الغياث الغياث يا أحرار

نحن خلجانكم وأنتم بحار

إنما نحسن المواساة في الشدة

لا حين ترخص الأسعار

قال : فأصبح على بابه مائة حمل من البر. توفي الفقيه منصور الشافعي سنة ست وثلثمائة.

وما أحسن ما قال :

لا تحزنن ولا تخف

ودع التفكر والأسف

أين عودك الجميل

فقس على ما قد سلف

لوائح وحوائج حكى بعض الأمراء : يسمع عن رجل من أهل الله تعالى أنه قال : «من رآني ضمنت له على الله تعالى الجنة» فقال الأمير : كيف ساغ لهذا الرجل أن يقول

__________________

(١) التنبيه لغة : الإيقاظ. انظر / القاموس المحيط للفيروز أبادي (٤ / ٢٩٣). واصطلاحا : عنوان البحث اللاحق الذي تقدمت له إشارة بحيث يفهم من الكلام السابق إجمالا ، أي لفظ عنون به وعبر به عن البحث اللاحق. انظر / السبع كتب مفيدة لعلوي السقاف (ص / ٦٣).

(٢) سقط من «ب».

٣٤

مثل هذا الكلام مع أن رؤية أبي جهل للنبي صلّى الله تعالى وسلم عليه لم تفده فقال له بعض من سمعه : إنما أراد الشيخ بقوله «من رآني» رؤية ولاية [وأبو جهل](١) لو رأى النبي صلّى الله تعالى وسلم عليه رؤية نبوة لم [تفده](٢) السعادة على أنه «قيل بتخفيف العذاب عمن تشرف برؤيته».

يا أرمد العين قم قبالته

فدو باللحظ (٣) نحوه رمدك

فائدة (٤) : رأيت في بعض التذاكر. أن من أصابه رمد يقف تجاه الحضرة الشريفة ، وينشد هذين البيتين مرات ، فإنه يزول رمده.

قال وقد أصابني الرمد مرة [فقلت](٥) كذلك فزال ما اشتكيته والبيتان هما هذان :

أنت الملاذ وأنت الغوث للبشر

من معجزاتك رد العين [للنظر](٦)

فانظر إلي لعلي أن أرى فرجا

فبحر جودك يبرىء شدة الضرر

ومن الفوائد الشرجية ما يقرأ أو يكتب للرمد قول :

إذا ما مقلتي رمدت فكحلي

تراب مس نعل أبي تراب

هو البكاء في المحراب ليلا

هو الضحاك في يوم الضراب

ومما يكتب للرمد ، وهو مروي عن ابن عجيل اليمني (٧) :

يا ناظري بيعقوب أعيذكما

بما استعاذ به إذ مسه الكمد

قميص يوسف قد جاء البشير به

بحق يوسف اذهب أيها الرمد

قال في المواهب اللدنية : أنبئت أن العلامة أبي عبد الله ابن رشد قال : لما قدمنا المدينة الشريفة سنة أربع وثمانين وستمائة كان معي رفيقي الوزير أبو عبد الله بن أبي قاسم [بن](٨) الحكيم وكان أرمد العين فلما وصلنا ذا الحليفة نزلنا عن الأكوار وقد قوى الشوق لقرب المزار فنزل وبادر إلى المشي على قدميه. احتسابا لتلك الآثار وإعظامّا [لمن جل](٩) هاتيك الديار فأحس بالشفاء ، [فأنشد لنفسه في وصف الحال](١٠).

__________________

(١) هكذا ثبت في أ [أبو عن].

(٢) هكذا ثبت في أ [تفنه].

(٣) كذا في الأصل.

(٤) الفائدة لغة : ما استفيد من علم أو مال.

انظر / القاموس المحيط (١ / ٣٢٤).

واصطلاحّا : المسئلة المرتبة على الفعل من حيث هي كذلك. وعرفت بأنها كل نافع ديني أو دنيوي. انظر / السبع كتب مفيدة لعلوي السقاف (ص / ٦٣).

(٥) ثبت في أ [ففعلت].

(٦) في أ [للبشر].

(٧) هو من العباد. انظر / البداية والنهاية لابن كثير (١٣ / ٣٠٦).

(٨) سقط من «ب».

(٩) في أ [لمرحل].

(١٠) سقط من «أ».

٣٥

ولما رأينا من [ربوع](١) [حبيبنا](٢)

[بيثرب](٣) أعلامّا أثرن لنا الحيا

وبالترب منها إذ كحلنا جفوننا

شفينا فلا بأسّا نخاف ولا كربا

وحين تبدي للعيون جمالها

ومن بعدها عنا أديلت لنا قربا

نزلنا عن الأكوار نمشي كرامة

لمن حل فيها أن نلم بها ركبا

تسح سجال الدمع في عرصاته

وتلثم من حب لواطئه التربا

وان بقائي دونه [لخسارة](٤)

ولو أن كفي تملك الشرق والغربا

فيا عجبّا ممن يحب يزعمه

يقيم مع الدعوى ويستعمل الكثبا

وزلات مثلى لا تعده [كثرة](٥)

وبعدي عن المختار أعظمها ذنبا

[ومن نبويات](٦) المواهب :

ألا مع برق يغتدي ويروح

أم النور من أرض الحجاز يلوح

أريج الصبا هبت بطيب عرفهم

أم الروض من وجه الصباح يفوح

إذا ريح ذاك الحي هبت فإنها

حياة لمن يغدو لها ويروح

ترفق بنا يا حادي العيس والتفت

فللنور بين الواديين وضوح

فما هذه إلا ديار محمد

وذاك [شأنها](٧) من البقاع [يلوح](٨)

وألا فما للركب هاج اشتياقهم

فكل من الشوق الشديد يصيح

وأتت مطايا القوم حتى كأنها

حمام على قصب الأراك تنوح

وقد مدت الأعناق شوقا وطرفها

إلى النور من تلك الرياح لموح

رأت دار من تهوى فزاد حنينها

ومدمعها في الوجنتين سفوح

إذا العيس باحت بالغرام ولم تطق

جفاء فما للصب ليس ينوح

قال في المواهب :

ولما قربنا من المدينة المنورة وأعلامها ، وتدانينا من معاينة رباها الكريمة وآكامها ، وانتشقنا عرف لطآئف أزهارها وبدت لنواظرنا بوارق أنوارها ، وترادفت واردات المنح والعطايا ونزل القوم عن المطايا.

أنشدت ممتثلا :

__________________

(١) في أ [ريبوع].

(٢) في أ [جيبنا].

(٣) في أ [سرت].

(٤) في ب [كخسارة].

(٥) ثبت في أ [كثيرة].

(٦) سقط من «أ».

(٧) في ب [سناها].

(٨) في ب [صريح].

٣٦

أتيتك زائرّا وودت أني

جعلت سواد عيني أمتطيه

وما لي لا أشير على [المآقي](١)

إلى قبر رسول الله فيه

ولما وقع بصري على القبر الشريف ، والمسجد المنيف ، فاضت من الفرح سوابق العبرات ، حتى أصابت بعض الثرى والجدارات ، وكان ما كان مما لست [أذكره](٢) فظن خيرّا ولا تسأل عن الخبر.

[أنشد لنفسه أبو العباس أحمد بن محمد](٣)

أيها المغرم [المشوق](٤) هنيئّا

ما أنالوك (٥) من لذيذ التلاقي

قل لعينيك تهملان سرورا

طالما أسعداك يوم الفراق

أبدل الوجد بالسرور ابتهاجا

وجميع الأشجان والأشواق

وأمر العين أن تفيض سجالا

وتوالي بدمعها المهراق

هذه دارهم وأنت محب

ما بقاء الدموع في [الأماق](٦)

[أنشد لنفسه أبو العباس أحمد بن محمد](٧)

إذا ما حدى (٨) الحادي يا جمال بيثرب

فليت المطايا فوق خدي تعتق

فما عبق (٩) الريحان الا وتربها

أجل من الريحان طيبا وأعبق

ومن محاسنها : حديث «من صلّى في مسجدي هذا أربعين صلاة كتب له براءة من النار وبراءة من العذاب ، وبراءة من النفاق» (١٠).

ومنها : «أنه من خرج على طهر لا يريد إلا الصلاة فيه كان بمنزلة حجة» (١١).

__________________

(١) في ب [اللأماق].

(٢) كشط في «أ».

(٣) كشط في «أ».

(٤) في ب [المسلوق].

(٥) قال في القاموس : اللوك أهون المضغ أو مضغ صلب أو علك الشيء. انظر / القاموس المحيط (٣ / ٣١٨).

(٦) في ب [الآفاق].

(٧) سقط من «ب».

(٨) سقط من «ب».

(٩) أي لصق. انظر / القاموس المحيط (٣ / ٢٦٠).

(١٠) أخرجه الإمام أحمد في مسنده (٣ / ١٩١) ـ الحديث (١٢٥٩٠). والطبراني في الأوسط (٥ / ٣٢٥) ـ الحديث (٥٤٤٤).

وقال : لم يرو هذا الحديث عن أنس إلا نبيط بن عمر تفرد به ابن أبي الرجال. اه.

قال الحافظ الهيثمي بعد ما عزاه للإمام أحمد والطبراني : ورجاله ثقات. انظر / مجمع الزوائد للهيثمي (٤ / ١١).

(١١) ضعيف جدّا : البيهقي في شعب الإيمان في فضل الحج والعمر (٣ / ٥٠٠) ـ وفيه يوسف بن طهمان ، قال الحافظ ابن حجر : واه. انظر / لسان الميزان (٦ / ٣٢٢) ـ (١١٥٧).

٣٧

و «أن إتيان مسجد قباء يعدل عمرة» (١).

«وأن صيام شهر رمضان في المدينة كصيام ألف شهر فيما سواها» (٢) وكذا سائر أفعال البر فيها.

وكل عبادة شرعت بالمدينة فهي [بها](٣) أفضل منها ومنها أن ما بين منبره ومسجده روضة من رياض الجنة وهذا جانب كبير من هذه البلدة المشرفة [بمكة](٤) ومنها «حثه عليه‌السلام على الموت بها والوعد على ذلك بالشفاعة والشهادة» (٥).

وإني إذا أوعدته [أو وعدته](٦)

لمخلف إبعادي ومنجز وعدي

وما أحسن ما قال :

[لست آسى على تفرق شملي

غير قبري بأي أرض يكون](٧)

أبأرض البقيع تحت تراب

فيه جدي ووالدي مدفون

بين قوم أعزة من حماهم

ولهم عند ربهم تمكين

__________________

(١) أخرجه الترمذي في الصلاة (٢ / ١٤٥ ـ ١٤٦) ـ الحديث (٣٢٤). وقال : حسن غريب.

والنسائي في المساجد (١ / ٢٥٨) ـ الحديث (٧٧٨١٢). وابن ماجه في إقامة الصلاة (١ / ٤٥٣) ـ الحديث (١٤١٢). والإمام أحمد في مسنده (٣ / ٥٩١) ـ الحديث (١٥٩٨٧). وابن حبان في صحيحه (ص / ٢٥٦) ـ الحديث (١٠٣٨ / موارد الظمآن) والحاكم في المستدرك في الهجرة (١٢١٣) وقال : صحيح الإسناد ولم يخرجاه ، ووافقه الذهبي. والطبراني في الكبير (٦ / ٧٤ ـ ٧٥) ـ الحديث (٥٥٥٨ ـ ٥٥٦١). والبيهقي في شعب الإيمان في فضل الحج والعمر (٣ / ٤٩٩) ـ الحديث (٤١٩٠). وابن سعد في الطبقات (١ / ٦). وأورده الحافظ السيوطي في الدر المنثور (٣ / ٢٧٧ ـ ٢٧٨). وأورده كذلك الحافظ الذهبي في الميزان (١ / ٣٦٠).

(٢) ضعيف : أخرجه الطبراني في الكبير (١ / ٣٧٢) ـ الحديث (١١٤٤). والبيهقي في شعب الإيمان ٣٠ / ٤٨٦ ـ ٤٨٧) ـ الحديث (٤١٤٧). و (٤١٤٨) وقال : هذا حديث إسناده ضعيف بمرة. قال الحافظ الهيثمي بعد ما عزاه للطبراني : فيه عبد الله بن كثير وهو ضعيف. انظر / مجمع الزوائد (٣ / ٣٠٤).

(٣) سقط من «ب».

(٤) سقط من «أ».

(٥) أخرجه الترمذي من حديث عبد الله بن عمر وفيه [فإني أشفع لمن يموت بها» وقال : حديث حسن غريب. وأخرجه بنفس اللفظ الإمام أحمد في مسنده من حديث عبد الله بن عمر (٢ / ١٠٢) ـ الحديث (٥٤٣٦). وابن ماجه في المناسك (٢ / ١٠٣٩) ـ الحديث (٣١١٢).

والبيهقي في شعب الإيمان في فضل الحج (٣ / ٤٩٧) ـ الحديث (٤١٨٢).

(٦) ثبت في أ [أوق عنه].

(٧) سقط من «ب».

٣٨

أم بأرض أخرى فيا ليت أني

من سوى أرض طيبة لا أكون

تلك أرض لخاطري مثل ليلى

وفؤادي بحبها المجنون

وثراها لمقلتي أن تراها

إثمد منه تستنير العيون

إن ظني بخالقي لجميل

ليس في مثله تخيب الظنون

[ومن محاسنها](١) : ان أهلها أول من يشفع لهم مع الاختصاص بمزيد الإكرام «وأنه يبعث الميت بها من الآمنين» (٢).

«وانه يبعث من بقيعها سبعون ألفّا على صورة القمر يدخلون الجنة بغير حساب»(٣).

وتوكل ملائكة بمقبرة البقيع كلما امتلأت أخذوا بأطرافها ، فكفوها من الجنة «ويبعث أهلها من قبورهم قبل سائر الناس» (٤).

وما أصدق ما قال :

__________________

(١) سقط من أ.

(٢) ضعيف : أخرجه الطبراني في الكبير (٦ / ٢٤٠) ـ الحديث (٦١٠٤). وفي الصغير (٢ / ٢٢) ـ والدارقطني في سننه (٢ / ٢٧٨) ـ (١٩٣). والبيهقي في الكبرى (٥ / ٤٠٣) ـ الحديث (١٠٢٧٣). وفي شعب الإيمان (٣ / ٤٩٦ ـ ٤٩٧) ـ الحديث (٤١٨٠ ، ٤١٨٢). ـ أما سند الطبراني الكبير : ففيه عبد الغفور بن سعيد وهو متروك قاله الهيثمي. انظر / مجمع الزوائد (٢ / ٣٢٢). ـ وأما سند الطبراني في الصغير : ففيه عبد الله بن المؤمل المكي وهو ضعيف. انظر / تهذيب التهذيب (٤٣١٦) ـ (٣٧٧٢). ـ وأما سند الدارقطني ففيه : هارون بن أبي قذعة ، وقيل : هارون ابن قذعة ، قال البخاري : لا يتابع عليه ، وقال الأزدي هارون يروى عن رجل من آل خطيب المراسيل. انظر / لسان الميزان (٦ / ١٨٠). ـ وأما سند البيهقي في الكبرى فقال فيه مصنفه : إسناده مجهول. ـ وأما سند البيهقي في الشعب ففي إسناده الأول عبد الغفور بن سعيد قال البيهقي : وهذا ضعيف وروى بإسناد آخر. أه يعني الحديث (٤١٨٢) وفيه عبد الله بن المؤمل وهو ضعيف. انظر / تهذيب التهذيب (٤٣١٦) ـ (٣٧٧٢) ـ تقريب التهذيب (ص / ٣٢٥) (٣٦٤٨) ـ إرواء الخليل للألباني (٤ / ٣٤٤) ـ (١١٢٧).

(٣) أخرجه الطبراني في الكبير (٢٥ / ١٨١ ـ ١٨٢) ـ الحديث (٤٤٥). وقال الحافظ الهيثمي بعد ما عزاه للطبراني : فيه من لم أعرفه. انظر / مجمع الزوائد (٤ / ١٦). وأخرجه الحاكم في المستدرك في معرفة الصحابة (٤ / ٦٨).

(٤) أخرجه الترمذي في المناقب (٥ / ٦٢٢) ـ الحديث (٣٦٩٢). وقال : حديث غريب ، وعاصم بن عمر ليس بالحافظ. قال الحافظ ابن حجر : متروك. انظر / تهذيب التهذيب (٥ / ٤٨) ـ (٣١٧٣) ـ والطبراني في الكبير (٢ / ٣٠٥١) ـ الحديث (١٣١٩٠) ـ والحاكم في المستدرك في التفسير (٢ / ٤٦٥ ـ ٤٦٦) ـ وقال : صحيح الإسناد ولم يخرجاه وتعقبه الذهبي وقال : قلت : عبد الله ضعيف.

٣٩

ألا أيها الباكي على ما يفوته

من الحظ في الدنيا جهلت وما تدرى

على قوت حظ من جوار محمد

حقيق بأن تبكي إلى آخر الدهرى

ستدري إذا قمنا وقد رفع اللوى

وأحمد هادينا إلى موقف الحشرى

من الفائز المغبوط في يوم عرضه

أجار النبي المصطفى أم أخو الوفر

[ومنها](١) : «شفاعته أو شهادته عليه‌السلام. لمن صبر على لأوائها» (٢)(٣) وشدتها. «ووجوب شفاعته لمن زاره بها» (٤).

قم وزر حجرة الرسول ويمم

كعبة الجود معدن الأسرار

وإذا لم تجد إليه سبيلا

زر حماه بالوصف والأخبار

ومنها : «اللعنة والوعيد الشديد لمن أخاف أهلها أو ظلمهم» (٥) وان من «أرادها وأهلها بسوء أذابه الله كما يذوب الملح [في الماء](٦)(٧)». وعنه عليه الصلاة والسلام

__________________

(١) سقط من أ.

(٢) أي شدتها. انظر / القاموس المحيط (٤ / ٣٨٤).

(٣) صحيح : أخرجه مسلم في الحج (٢ / ١٠٠٤ ـ ١٠٠٥) ـ الحديث (١٣٧٧ / ٤٨١). والترمذي في المناقب (٣٩١٨). والإمام مالك في الموطأ في الجامع (٢ / ٨٨٥ ـ ٨٨٦) ـ الحديث (٣).

والإمام أحمد في مسنده (٢ / ١٦٢) ـ الحديث (٦٠٠٦). والبغوي في شرح السنة (٧ / ٣٢٤) ـ الحديث (٢٠١٩).

(٤) ضعيف : أخرجه الدارقطني في سننه (٢ / ٢٧٨) ـ (١٩٤) والبزار وفيه عبد الله بن إبراهيم الغفاري ضعيف. كما في مجمع الزوائد (٤ / ٥). وأورده الحافظ ابن حجر في اللسان وضعفه. انظر / لسان الميزان (٦ / ١٣٦).

(٥) متفق عليه : أخرجه البخاري في فضائل المدينة (٤ / ٩٧ ـ ٩٨) ـ الحديث (١٨٧٠). ومسلم في الحج (٢ / ٩٩٤) ـ الحديث (١٣٧٠). وأبو داود في المناسك (٢ / ٢٢٣) ـ الحديث (٢٠٣٤). والبغوي في شرح السنة (٧ / ٣٠٧) ـ الحديث (٢٠٩).

(٦) سقط من «ب».

(٧) صحيح : أخرجه مسلم في الحج (٢ / ١٠٠٧ ـ ١٠٠٨) ـ الحديث (٤٩٢ / ١٣٨٦). وابن ماجه في المناسك (٢ / ١٠٣٩) ـ الحديث (٣١١٤). والإمام أحمد في مسنده (٢ / ٤٧٤) ـ الحديث (٨٧٠٨). والبغوي في شرح السنة (٧ / ٣١٨) ـ الحديث (٢٠١٤). وأخرجه البخاري في فضائل المدينة عن سعد مرفوعّا بلفظ «لا يكيد أهل المدينة أحد إلا انماع كما ينماع الملح في الماء». في فضائل المدينة (٤ / ١١٢) ـ الحديث (١٨٧٧). قال الحافظ ابن حجر : إنماع أي ذاب ثم ذكر الرواية المخرجة ثم قال : نعم في أفراد مسلم من طريق عامر بن سعد عن أبيه في أثناء حديث «ولا يريد أهل المدينة بسوء إلا أذابه الله في النار ذوب الرصاص أو ذبح الملح في الماء». قال : قال القاضي عياض : هذه الزيادة تدفع إشكال الأحاديث الآخر ، وتوضح أن هذا حكمه في الآخرة ، ويحتمل أن يكون المراد من أرادها في حياة النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ

٤٠