النفحة المسكية في الرحلة المكية

عبد الله بن حسين السويدي البغدادي

النفحة المسكية في الرحلة المكية

المؤلف:

عبد الله بن حسين السويدي البغدادي


المحقق: عماد عبد السلام رؤوف
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: المجمع الثقافي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٥٧

النفحة المسكية في الرحلة المكّيّة

النص ـ التحقيق

٦١
٦٢

بسم الله الرحمن الرحيم

أحمدك اللهم يا من سهّلت لمن أمّ بيتك صعوبة المسالك ، (١) ومنحته ـ فضلا منك ـ بأن وفقته لمعاطاة جميع المناسك ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد أفضل من لبّى بالعمرة والحج ، وأمثل من أتى بنسك العج والثج ، (٢) وأنبل من سلك لعبادتك كل فج ، وأشرف الساعين لما هنالك ، وعلى آله وأصحابه الكرام البررة الخيرة العظام ، الذين رووا عنه شعائر الإسلام ، حتى انتشرت معالم النّسك في جميع الممالك ما طاف بالبيت طائف ، وما التجأ إلى الحرم خائف ، وما قصدته الرواحل في المشاتي والمصائف ، في الليال البيض ، والدياجبر الحوالك.

[أما بعد] فيقول العبد المفتقر إلى لطف مولاه الأبدي ، الراجي سبب عفوه المديد السرمدي ، أبو البركات خادم الحديث الشريف عبد الله (ا ب) المعروف بالسويدي : إنه لما تعلقت الإرادة الأزلية بأن يعفّر هذا الجاني محيّاه ، بصعيد مهابط الوحي في تيك البقاع العلية ، حركت سلاسل عزمه ، وشدّت حيازيم (٣) حزمه ، فجزمت نيته ، وصفت طويته ، فبادر بالإجابة حين حيعل (٤) داعي الغيب ، واستسهل المهالك بلا شك ولا ريب.

ولما كانت شنشنة (٥) السلف ، وهجيرى (٦) الخلف ، أن يحرّروا ما وقع لهم في أسفارهم ، ويودعوه بطون أسفارهم ، اقتفيت آثارهم الحميدة. واقتديت بآدابهم السديدة ، فجمعت مما وقع لي في السفر ، وذكرت منازل مرتبة على الأثر ، وسميته (بالنفحة المسكية في الرحلة المكية) ، وأحببت أن أقدّم قبل الشروع في المقصود فصلين ، وإن لم يكونا عن ذلك

__________________

(١) من هنا إلى آخر الصفحة أصاب نسخة أخرم وتلف ، فأكملناها من ب

(٢) العج : عجّ .. عجّا ، وعجّة ، وعجيجا ، رفع صوته وصاح ، يقال : عجّ إلى الله بالدعاء وعجّ بالتلبية في الحجّ ..

المعجم الوسيط ، ج ٢ مادة (عجّ). ، والثج : سيلان دم الهدي.

(٣) الحيزوم : وسط الصدر ، وشد الحيازم ، كناية عن الصبر.

(٤) يريد من قول القائل : حي على ، دعوة إلى النهوض بأمر.

(٥) الشنشنة : الخلق والطبيعة.

(٦) الهجيري : العادة والدأب.

٦٣

أجنبيين ، أحدهما في ترجمتي اقتداء بعلماء الحديث ، كالجلال الحافظ عبد الرحمن السيوطي رحمه‌الله ، ولما سمعته من لفظ شيخنا العالم النحرير ، والجهبذ الشهير تذكرة السلف ، وعمدة الخلف ، زين الملة والدين ، الشيخ حسين نوح الحديثي الحنفي (١) تغمّده الله برحمته ، وأسكنه فسيح جنته. ونوح هذا عمّه فنسب إليه ، وكفله ورباه فعرف به. وكان نوح المذكور من العلماء العاملين ، والنساك الصالحين ، (٢ أ) إنه قال ما معناه : إن الحج وأعماله كناية عن الموت وما بعده ، فتأهّبه وإيصاؤه كناية عن احتضاره ، وخروجه من بيته كناية عن موته ، وخروج أحبابه لوداعه كناية عن تشييع جنازته ، وغسله للإحرام كناية عن تغسيله بعد موته ، ولبسه الإزار كناية عن تكفينه ، ووقوفه بعرفة كناية عن موقفه للحساب ، ونفره من عرفة كناية عن انقضاء حسابه ، إلى آخر ما ذكره ، تغمده الله تعالى برحمته.

(٢) وثانيهما في السبب الظاهري الذي أوجب هذه الرحلة ، ودعا إلى هذه النقلة.

في الترجمة

وذلك لأن الحج ـ كما تقدم ـ كناية عن الموت ، وهو الرحلة الحقيقية ، فناسب ذكر ترجمتنا وما وقع لنا في هذه الدار الفانية مما يليق أن يذكر على وجه مختصر قريب من المجمل ، لأنه يتعذر الإحاطة بالمفصل. فأقول وأنا الفقير الجاني ، أبو البركات عبد الله بن حسين بن مرعي بن ناصر الدين السويدي : عرفت بالسويدي ، أما تسميتي بعبد الله فهي وقعت ثانيا في الغرض ، لما حدثتني به أمي ـ رحمها الله تعالى ـ أنها قالت : سمّاك أبوك يحيى باسم عمّ لك توفّي قبيل ولادتك ، وكنت أكره أن تسمّى بذلك تطيرا وتشاؤما ، حيث إن صاحب هذا الاسم ، وهو عمك ، لم يعش مدة طويلة ، (٢ ب) فسميت بمرتضى ، ثم عرض لك مرض شديد بحيث ضعفت وصرت عظاما في جراب ، وأنت طفل رضيع ،

__________________

(١) من كبار علماء بغداد في عصره ، أثنى عليه المؤلف فيما يأتي من رحلته ، وذكر أنه تولى التدريس في المدرسة العمرية سنة ١٠٩٠ ه‍ / ١٦٧٩ م ، وتلقى هو العلم على يديه ، فدرس النحو ، وأتقن على يديه حفظ الأجرومية وشروحها وألفية ابن مالك وشروحها أيضا ، وعددا من كتب النحو المعتبرة. ولم يذكر تاريخ وفاته.

(٢) من هنا إلى آخر الصفحة مطموس في أفأكملناه من ب.

٦٤

فدخلت بعض نساء الجيران فرأتك على ذلك الضعف ، فقالت : كأنه عبد الله ، تريد بعض مجاورينا ، وكان نحيفا في غاية النحافة ، فغلب عليك هذا الاسم ولزمك ، قلت : والحمد لله على ذلك لأن عبد الله أشرف الأسماء على الإطلاق ، وذلك لأن الله تعالى خاطب نبيه ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ في أشرف المقامات بالعبد ، فقال في مقام الوحي (فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى) ، (١) وقال في مقام الدعوة (لَمَّا قامَ عَبْدُ اللهِ يَدْعُوهُ) ، (٢) وقال في مقام إنزال الكتاب (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ) ، وقال في مقام الاسراء (٣)(سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ)(٤) الآية ، فلو كان له ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ اسم أشرف من هذا الاسم لخاطبه به في هذه المقامات الجلية. قال الشاعر :

لا تدعني إلا بيا عبد

فإنه أشرف أسمائي

ويلي عبد الله في الشرف عبد الرحمن ، فمحمد فأحمد فإبراهيم.

وأما كنيتي بأبي البركات فقد كناني بها أخي الشيخ الفاضل الشيخ محمد بن الصالح الناسك الشيخ حسين المعروف بابن الغلامي الموصلي ، (٥) وذلك (عندما) كنا نقرأ شرح هداية الحكمة للقاضي حسين على حاشية اللاري ، (٦) فجاء (٣ أ) في تلك الحاشية :

__________________

(١) النجم ١٠.

(٢) الجن ١٩

(٣) من هنا إلى آخر الصفحة مطموس في أفأكملناه من ب.

(٤) الإسراء الآية ١

(٥) أديب نحوي ، من آل الغلامي الأسرة الموصلية المعروفة ، التي يرتقي نسبها إلى بني نجمة من زبيد ، له تخميس همزية البوصيري ، قدّمه لوالي الموصل الوزير محمد أمين باشا بن الحاج حسين باشا الجليلي (نشره محمد رؤوف الغلامي سنة ١٩٤٠) ، وهو غير معاصره الشيخ محمد بن مصطفى الغلامي صاحب كتاب (شمامة العنبر) المتوفّى سنة ١١٨٦ ه‍ / ١٧٧٢ م.

(٦) هداية الحكمة كتاب جمع فيه مؤلفه أثير الدين مفضل بن عمر الأبهري (حدود ٦٦٠ ه‍) بين المنطق والطبيعي والإلهي ، وشرحه للقاضي مير حسين بن معين الدين الميبدي الحسيني (توفي سنة ٩٠٤ ه‍) ، وعلى هذا الشرح حاشية لمصلح الدين محمد بن صلاح اللاري (توفي سنة ٩٧٧).

٦٥

واعترض عليهم الشيخ أبو البركات البغدادي ، (وكنت أدعى في الموصل بالبغدادي) (١) فكناني الشيخ محمد المذكور بذلك. وأما نسبتي إلى السويدي فهي نسبة إلى سويد أبي عمي من الأم ، وسببها أن صاحبنا العالم الفاضل ، والمحقق الكامل ، الشيخ حسين بن عمر الراوي ، (٢) نسبة إلى راوة (٣) قرية من أعمال عانة ، (٤) لما سافر إلى عانة بقصد زيارة أهله ، كان يراسلني ، فيكتب في عنوان الكتاب : عبد الله بن أخي أحمد بن سويد ، (٥) فاستطال ذلك فكتب مرة بدل ذلك كله : عبد الله السويدي ، فغلبت هذه النسبة عليّ ، وإلا فنحن ندعى بأولاد مرعي جدنا.

وأما أبي حسين فكان من الأخيار الأجواد ، ذا عقل رصين وشجاعة وبراعة ، كبير قومه وعشيرته ، يرجع أمرهم إليه ، يستنيرون برأيه ، ويهتدون بعقله. وكان ذا مال غزير صرفه كله على الفقراء والضيوف حتى افتقر آخر عمره ، فكان يبيع من متاع البيت ويصرفه على

__________________

(١) ليست في ب.

(٢) هو حسين بن عمر بن حسن بن عبد الله الراوي ، عالم مدرس شاعر ، وردت بعض أخباره فيما سيورده المؤلف فيما يأتي من رحلته ، وفيما ساقه ابنه عبد الرحمن السويدي في كتابه (حديقة الزوراء في سيرة الوزراء) ، وله ترجمة موسعة في كتاب تاريخ الأسر العلمية في بغداد للسيد محمد سعيد الراوي (بتحقيقنا ، بغداد ١٩٩٧ ص ٣٨ ـ ٥٣) وفيه أنه تولى التدريس في المدرسة العمرية بعد وفاة الشيخ حسين بن نوح ، ثم التدريس في مدرسة الإمام أبي حنيفة ، واختاره والي بغداد مفتيا للجيش الذي قاده لفتح مناطق من غربي إيران ، وتوفي شهيدا على يد بعض الأشقياء ، في أثناء رحلة له إلى راوه سنة ١١٦٥ ه‍ / ١٧٥١ م فدفن هناك.

(٣) راوة بلدة على الشاطئ الشرقي لنهر الفرات في محافظة الأنبار ، تقابل بلدة عانة (عانات القديمة) وتعد من الناحية الإدارية ناحية تابعة لها ، غمرت أغلبها مياه حوض سد حديثة ، ولم يتبق منها إلّا ما كان مرتفعا على سفوح الجبال.

(٤) بلدة على الشاطئ الغربي لنهر الفرات ، تبعد عن مدينة الرمادي ، مركز محافظة الأنبار ، بنحو ٢١٢ كم ، عرفتها المصادر البلدانية العربية باسم (عانات) ، واللفظ محور عن (آنات) اسم المستوطن البابلي الآشوري والذي ورثته. وذكر ياقوت الحموي (معجم البلدان ج ٤ ص ٧٢) أن اسمها كان يطلق على «قرى مضمومة إلى هيت».

(٥) من هنا إلى آخر الصفحة مطموس في أفأكملناها من ب.

٦٦

الفقراء والضيفان حتى مات مدينا. وكان له معرفة تامة بأحوال الخيل العتاق ، فكان إذا شهد بفرس أنه عتيق ، أو أنه هجين ، أمضيت شهادته لدى أرباب الخيل ، فلم يستطع أحد أن يقول بخلافه.

وأما الدوري (٣ ب) ، فهي نسبة إلى الدور (قرية) (١) شرقي دجلة ، على شاطئها ، فوق سر من رأى ، وبها مشهد عظيم يزار ويتبرك به ، وله أوقاف وجامع خطبة يقال : إنه مشهد الشيخ محمد الدوري ، وقد خرج من هذه القرية علماء وصلحاء لا يحصون ، وهي عن مدينة السلام بغداد أربع مراحل ، لكن مسقط رأسي بغداد في الجانب الغربي في محلة الكرخ. وولدت ليلا قبيل الفجر عام أربع ومائة وألف ، يجمعه حروف غدق. (٢) ومات أبي وأنا ابن خمس سنين تخمينا ، وخلّف من الأولاد غيري ، شقيقي مرعي وموسى ، (٣) وشقيقتي حليمة ، وأخي لأبي محمد ، وشقيقته آمنة. (و) مات موسى عام اثنين وثلاثين ومائة وألف (٤) في طاعون بغداد ، (٥) وكذا أمي ماتت بهذا التاريخ بعلة الطاعون رحمهم‌الله تعالى. وماتت شقيقته آمنة بعد موت أبيها بقليل. والحاصل أنه بعد وفاة أبينا بقينا لحما على وضم ، (٦) لا حال ولا مال ، ولا لبد (٧) ولا سند ، ولا تالد ولا طريف ، ولا ناطق ولا صامت ، أيتاما لا كافل لنا ولا مربي ، ولا ينظر إلينا أحد ممن كان مغمورا بإحسان أبينا ، (٤ أ) فبقينا بعد ذلك برهة من الزمن تغزل أمنّا القطن وتنفق علينا منه. وكان عمنا أخو

__________________

(١) ليست في ب. وانظر عن الدور : مقدمة التحقيق.

(٢) بحساب الجمل : غ ١٠٠٠ د ٤ ، ق ١٠٠ ، فالمجموع ١١٠٤

(٣) من هنا إلى اخر الصفحة مطموس في أفأكملناها من ب.

(٤) وأولها ١٤ تشرين الأول (أكتوبر) سنة ١٧١٩ م.

(٥) حدد عبد الرحمن السويدي ، وهو ابن المؤلف ، تاريخ هذا الطاعون الداهم (حديقة الزوراء ج ١ ص ٨٣) بأنه حدث في أواخر سنة ١١٣١ ، وذهب عن أهل بغداد في سنة ١١٣٢ وقدر عدد الموتى بأنه بلغ ألفا أو يزيد في اليوم الواحد ، حتى اضطر والي بغداد إلى الخروج بعسكره إلى سامراء بينما هرب سائر الناس إلى مختلف الفيافي والنواحي.

(٦) الوضم : ما وقيت به اللحم عن الأرض من خشب أو حصير ، وتركهم لحما على وضم : أوقعهم فذللهم وأوجعهم.

(٧) اللبد هنا : ما يلتزق به.

٦٧

أبينا لأمه الشيخ العارف العامل ، والعالم الكامل ، المتلقي سائر الفنون ، ولا سيما التصوف ، عن مشايخ عظام وعلماء ، سيدي الشيخ أحمد ابن سويد الصوفي ، (١) غائبا عن البلد في القسطنطنية ، فلما سمع بموت أبينا أخيه ، شدّ الرحل على الفور ، وتوجه إلى مدينة السلام بغداد ، فجاءنا ونحن على آخر رمق ، فكفلنا وربانا وأحسن تربيتنا ، إلّا أن كسوتنا غالبها على أمّنا على طريقتها السابقة ، فبعد مجيئه بثلاثة ، (٢) أرسلنا إلى الكتاب ، والشيخ فيه إذ ذاك شيخنا الصالح الناسك الورع التقي العالم العامل الشيخ عبد الرحمن بن الشيخ محمود ، من أهل ما وراء النهر ، (٣) فختمنا عنده القرآن ، وأقرأنا رسالة في التجويد ، وتعلمنا عنده الكتابة ، رحمه‌الله رحمة واسعة في الدين والدنيا (٤) والآخرة.

ثم أن عمّنا ضمنا إليه ليعلمنا حسن الخط ، وكان له خط في غاية الجودة ثلثا ونسخا على قواعده المعلومة عند الكتّاب ، فأخذ يعلمنا قواعد الكتابة إلى أن مهرنا بها غاية المهارة ، لأنه ـ رحمه‌الله تعالى ـ كان (٤ ب) يحرضنا عليها ويحثنا على تعلمها إلى أن بقيت أسود مشقي على ضوء القمر. ثم إنه ـ رحمه‌الله ـ أرسلنا إلى الشيخ حسين نوح المتقدم ذكره لتعلم العلم. وكان شيخنا هذا يدرس بالمدرسة العمرية ، نسبة إلى والي بغداد إذ ذاك عمر باشا (٥) ـ رحمه‌الله تعالى ـ وهو قد بناها لأجل شيخنا المذكور ، فهو أول من درّس بها

__________________

(١) كان يتولى أوقاف جامع الشيخ معروف في الجانب الغربي من بغداد ، وقد أثنى عليه المؤلف ثناء جميلا فيما يأتي من الكتاب ، وفصل القول في العلوم والمعارف التي تلقاها عنه. ولم تعلم سنة وفاته.

(٢) كذا في النسختين ، ولا ندري إذا كان يقصد : ثلاثة أيام أو ثلاثة أشهر.

(٣) ذكر السيد محمود شكري الآلوسي (مساجد بغداد وآثارها ، بتهذيب محمد بهجة الأثري ، بغداد ١٣١٤ ه‍ ص ١٣٤) أنه رجل من الأفاضل ، ابتنى له عمر باشا المدرسة العمرية ليدرس فيها. قلنا : ونص السويدي التالي يوضح أن أول من درّس في العمرية هو الشيخ حسين نوح الذي تقدمت الإشارة إليه. أما الشيخ عبد الرحمن فكان مدرسا في الكتاب الذي تردد إليه السويدي ، وسيثني عليه فيما يأتي من الرحلة. ولكنه سكت عن تحديد تاريخ وفاته.

(٤) من هنا إلى آخر الصفحة مطموس في أفأكملناها من ب.

(٥) وذلك سنة ١٠٩٠ ، وكان قد تولى بغداد من ٢٠ رمضان ١٠٨٨ الى ١ جمادي الأولى سنة ١٠٩٢ ينظر مرتضى نظمي زاده : كلشن خلفا ، ترجمة موسى كاظم نورس ، بغداد ١٩٦٧ ، ص ٢٨٣.

٦٨

التدريس العام. وهذه المدرسة على كتف دجلة في الجانب الغربي ، (١) شرقي جامع القمرية ، بفتح القاف والميم ملاصقة له ، فأمرني الشيخ ـ رحمه‌الله ـ بحفظ الأجرومية متنا وإعراب أمثلتها ، فحفظتها وأتقنتها غاية الإتقان ، فكان إذا وقف أحد من الطلبة في إعراب بيت أو مثال ، يقول : سلوا الأسد ، يعنيني ، رحمه‌الله. هذا وفي أوان اشتغالي كان إخوتي يتعاطون أمور الدنيا ، وكانت والدتي ـ رحمها الله ـ بلهاء ، وكان نساء المحلة يضحكن عليها ، يقلن لها : أيش ينفعك العلم ، وأنت امرأة أرملة ، وابنك الكبير لا يساعدك في شيء؟ فكانت ـ رحمها الله ـ تقول : يا ولدي! نحن فقراء ، وأنتم أيتام. هب أن عمّك يطعمك فمن يكسوك ، وأنا لا أصغي لها ، حتى ألحت (٥ أ) علي في ذلك وقطعت كسوتها عني ، كل هذا نشأ من بلهها وإغراء نساء الجيران إيّاها ، وإلّا فهي في حد ذاتها مباركة ، رحمة الله عليها. فبقيت أيام الطلب في غاية الاحتياج بحيث إني لا أجد ما أشتري به شمعا أو شيرجا لمطالعة دروسي ، وكنت أطالع على ضوء القمر وعلى سرج السوق أيام مبيتي في المدرسة المرجانية (٢) وبقيت مدة مديدة ما أكلت لحما ، لأني وقت العصر آخذ من بيت

__________________

(١) وصف السيد محمود شكري الآلوسي هذه المدرسة بقوله : «وكانت في هذه المدرسة حديقة مشتبكة الأغصان ، وخزانة كتب يعجز عن وصفها لسان التحرير ، وهي اليوم خراب ، لا مدرس ولا طالب ، ولا تقرير ولا كتاب «(مساجد بغداد وآثارها ص ١٣٥) وجددت هذه المدرسة سنة ١٣١٩ ه‍ / ١٩٠١ م على يد (الحاج عبد القادر البحرية) كما نطقت بذلك الكتابة المثبتة على الآجر المزجج التي كانت في واجهتها ، وقد نقضت المدرسة عند تجديد جامع القمرية الأخير سنة ١٩٧١ ـ ١٩٧٢ م وأدخلت أرضها في ساحة مدرسة إعدادية الكرخ للبنين.

(٢) من كبريات مدارس بغداد في القرون المتأخرة ، وأمر بإنشائها والي بغداد الجلائري الخواجة أمين الدين مرجان ابن عبد الله بن عبد الرحمن (٧٥٨ ـ ٧٦٥ ه‍ / ١٣٥٦ ـ ١٣٦٣ م) مولى الشيخ أويس الجلائري ، لتدريس الفقه الشافعي والفقه الحنفي ، ووقف عليها ، وعلى دار الشفاء التي أنشأها على دجلة عند باب الغربة (أحد أبواب دار الخلافة في العصر العباسي) أوقافا جمة أثبتها في وقفيته التي كتبها بالآجر على باب الخان الكبرى الذي أنشأه بالقرب منهما (خان مرجان) ومنها أربعة خانات ودكاكين متفرقة في جانبي بغداد ومزارع وبساتين خارجها. بنظر نص الوقفية في مصطفى جواد : مجلة لغة العرب ، الجزء ٧ (سنة ١٩٢٩) ص ٦٩٠ وما زال جزء من المدرسة قائما ، بضمنه مدخلها والمئذنة القائمة على كتفه ، بينما نقضت الأجزاء الأخرى وأدخلت في شارع الرشيد عند توسعته ، وشيد عند مدخل المدرسة القائم مسجد جامع كبير عرف بجامع مرجان ، وما زال آهلا بالمصلين إلى الآن.

٦٩

عمي رغيفا من الخبز وأذهب إلى المرجانية إلى ثاني يوم أفعل مثل الأوّل ، وكان العشاء (١) عادة يؤكل بعد المغرب ، فلذلك ما أكلت لحما هذه المدة. وكان [في] هذا الرغيف بركة كثيرة ، فكنت أنا والشيخ حسين الراوي والشيخ محمد العاني (٢) والشيخ أحمد الآلوسي (٣) نأكل منه وتبقى منه لقيمات. وكذلك أيام كنت بالمدرسة الأصفهانية المسماة اليوم بالمدرسة الأحسائية ، (٤) وهي على شاطىء دجلة الشرقي ، على يسار محكمة القاضي ، (٥)

__________________

(١) من هنا إلى آخر الصفحة مطموس أو غير واضح في أفأكملناها من ب.

(٢) هو محمد بن محمود العاني أصلا والبغدادي ، وقفنا على نسخة من حاشية القليوبي على شرح خالد الأزهري على الأجرومية في المكتبة القادرية العامة ببغداد كتب بعضا منها بخطه (كتابنا : الآثار الخطية في المكتبة القادرية ج ٣ ص ٢٧٠).

(٣) لم نقف له على ترجمة ، وهو سابق على أول من عرف من الأسرة الآلوسية الشهيرة ، بالعلم في بغداد ، وهو السيد عبد الله صلاح الدين المتوفّى سنة ١٢٤٦ ه‍ / ١٨٣٠ م ، (محمد بهجة الأثري : أعلام العراق ، القاهرة ١٣٤٥ ص ١١) فلعله واحد من أسلافها الذين سكتت المصادر عن الترجمة لهم.

(٤) إشارة المؤلف إلى أن المدرسة الأحسائية كانت تعرف سابقا بالأصفهانية مما انفرد به في هذا الكتاب ، ومن ثم فلا نعلم سبب هذه النسبة ، وقد درّس فيها الشيخ أحمد محمد بن الأحسائي ، وهو عالم مؤلف ، ودفن فيها سنة ١٠٨٣ ه‍ / ١٦٧٢ م ، فنسبت إليه ، وربما عرفت بجامع الأحسائي أيضا ، ولبثت كذلك حتى أقام فيه الشيخ خالد النقشبندي ، مجدد الطريقة النقشبندية في العراق والعالم الإسلامي (المتوفّى سنة ١٢٤٢ ه‍ / ١٨٢٧ م) عند عودته من الهند سنة ١٢٣١ ه‍ ١٨١٥ م ، فكان أن عمرها له والي بغداد يومذاك الوزير داود باشا ، وقف عليها الأوقاف سنة ١٢٤٠ ه‍ فعرفت بالتكية الخالدية نسبة إليه. وممن جدد بناءها والي بغداد محمد نجيب باشا سنة ١٢٦٣ ه‍ / ١٨٤٦ (الآلوسي : مساجد ص ٢٧) ولما تزل هذه التكية قائمة إلى اليوم ، إلا أنها تدعى (جامع التكية الخالدية) فقد انقطعت عنها حفلات الذكر وحلقاته ، لتتخذ مصلى لأبناء المحلات المجاورة. وتقع على شاطىء دجلة ، في الجانب الشرقي ، وينفذ إليها بزقاق ضيق متفرع من شارع النهر (شارع المستنصر).

(٥) هي المحكمة الوحيدة في بغداد عهد ذاك ، وعرفت ـ بعد إنشاء غيرها من المحاكم المتخصصة ـ بالمحكمة الشرعية ، وقد أشار إليها الرحالة التركي أوليا جلبي (أوليا جلبي سياحتنامه س ج ٤ ص ١٢٠) في أثناء مروره ببغداد في منتصف القرن الحادي عشر للهجرة ، كما أشير إليها أيضا في وقفية حسين أفندي بن عبد الله الغرابي المؤرخة في سنة ١٠٩٨ ه‍ / ١٦٨٦ م (كتابنا : معالم بغداد ص ٣١٧) ثم جددت عمارتها على نحو شامل السيدة عادلة خاتون بنت الوزير أحمد باشا (المتوفاة سنة ١١٨٢ ه‍ / ١٧٦٨ م) ولما تداعى بنياتها نقضته وزارة العدلية (العدل) وشيدت على أرضها بناية جديدة سنة ١٩٣٤ م ، وتعرف بمحكمة الأحوال الشخصية في الرصافة.

٧٠

[و] وكنت أنا ، والشيخ محمد بن عبد الرحمن الأحسائي ، والحاج إبراهيم الصديقي ، (١) نأكل من هذا الرغيف وتبقى منه لقيمات حتى تجمع عندي لقم كثيرة في الأسبوع. وكنت إذا لبست (٥ ب) الثوب لا أخلعه حتى يتمزق لعدم الصابون. وكان يطول شعري كثيرا فلا أجد ما أحلقه به ، وكان إذا أصابني الاحتلام أغتسل بالماء البارد أيام الشتاء البارد بالماء البارد البائت ، وكنت إذا نمت أيام الشتاء أنام بلا غطاء خشية أن أستغرق في النوم فتفوتني المطالعة. والحاصل وجدت أيام الطلب من المشاق والجوع والسهر والعري والإفلاس ما لا طاقة [لي] به لولا إسعاف الله ولطفه.

وكنت مع هذه المشاق أجد للطلب لذة عظيمة ، (٢) حتى إني ـ والله ـ إذا رأيت أبناء الملوك وأهل الرفاهية أقول في نفسي : هؤلاء لا لذة لهم في حياتهم. وبقيت على هذا الجد والاجتهاد حتى فقت أقراني ، ومن كان في الطلب قبلي بسنين ، بل ولقد فقت (٣) أكثر مشايخي حتى إن بعضهم شرع في القراءة عليّ.

ثم إني سافرت إلى الموصل عام سبع وعشرين ومائة وألف ، (٤) لتحصيل علم الحكمة والهيئة ، فبقيت في الموصل ثلاثة عشر شهرا حتى أكملت جميع الفنون. ومن منن الله تعالى عليّ أيام كنت بالموصل أنّه لما جاء الخريف ، وكان الوقت باردا ، ولم يكن عندي ما أتغطى به سوى عباءة ، وكان لي عادة (٦ أ) أني (ما) (٥) أنام في ثيابي بل أخلعها وألبس غيرها ، ولم يكن عندي غيرها إلا قباء (٦) عتيق ، فكنت ألبسه وأتغطى بالعباءة ، فخطر في بالي ليلة من الليالي كيف يكون حالي إذا دخل كانون وشباط؟ ثم إنّ الله ألهمني أن قلت :

__________________

(١) لم نقف لهما على ترجمة.

(٢) من هنا إلى آخر الصفحة غير واضح في أفأكملناها من ب.

(٣) في ب (وقفت) ولا وجه لها.

(٤) أولها ٧ كانون الثاني (يناير) ١٧١٥

(٥) ليست في ب.

(٦) رداء خارجي يتسم بالطول ، يقفل من الأمام بأزرار ، ومقور في موضع الرقبة (دوزي : المعجم المفصل بأسماء الملابس عند العرب ترجمة أكرم فاضل ، بغداد ١٩٧١ ، ص ٢٨٤.

٧١

يا عبد الله! أما قرأت العقائد حيث ذكروا أن الشبع والدفء يخلقهما الله عند الأكل واللبس لأنهما يدفعان الجوع والبرد ، يمكن أن يشبع الإنسان بلا أكل ، ويدفأ بلا لبس ، لأن الله هو الفاعل لذلك. فنمت على هذه العقيدة ، فرأيت كأن قائلا يقول لي : اقرأ ما على طوقك ، فنظرت إلى طوقي فلم أستطع ذلك ، فقلت : إني لم أستطع ذلك ، فاقرأ أنت ذلك ، فقال : مكتوب على طوقك هذه براءة من العزيز الجبار لعبد الله من البرد والحر والنار! فانتبهت وأنا غرقان من شدة الحر. ومن فضله تعالى ما وجدت بردا ولا حرّا مع شدة البرد والحر في تلك السنة ، وأنا أرجو من الله أن لا أجد ألما يوم القيامة.

ومما وقع لي أيام الطلب في الابتداء أني ما حفظت الأوجه الخمسة في «لا حول ولا قوة» ، فنمت فرأيت رجلا يلقنني إياها ، (٦ ب) فانتبهت وأنا أحفظها على الإتقان ، وكنت إذ ذاك أقرأ الأجرومية (١) وشرحها. ومما وقع لي أيام حفظي لألفية ابن مالك المسماة بالخلاصة ، (٢) أني وظفت على نفسي كل يوم (٣) حفظ خمسة أبيات ، فكنت قبيل المغرب أنظر في الكتاب مرّة واحدة وأطبقه وما في حفظي من وظيفتي شطر بيت ، فإذا أصبحت وجدتني أحفظ الأبيات الخمسة. والحاصل أني نلت في الطلب نهاية التعب ، وغاية النصب ، مع عدم المساعد والمعين والناصر والظهير ، حتى حصلت على أكثر الفنون من سائر العلوم ، شرعية وعقلية ، أصولية وفقهية ، ولا سيما العلوم العربية. وبرحلتي إلى الموصل كمّلت جميع الفنون سوى الرّمل والزيج (٤) والسحر.

__________________

(١) المقدمة الأجرومية ، متن مشهور في النحو ، ألفه محمد بن دادود الصنهاجي المعروف بابن أجروم ، المتوفي سنة ٧٢٣ ، وقد شرحها كثيرون.

(٢) الخلاصة الألفية في النحو ، منظومة في ألف بيت ، استوعب فيه ناظمها محمد بن عبد الله الطائي بن مالك ، المتوفّى سنة ٩٧٢ ه‍ ، معظم النحو ، وتعد من المتون المشهورة التي كان على الطلبة حفظها عن ظهر قلب في أول عهدهم بالطلب.

(٣) الوظيفة : ما يقدر لك في اليوم من طعام أو رزق أو نحوه (القاموس المحيط) وهي هنا مقدار من العلم يتعين على طالب العلم حفظه ، وما زال هذا المعنى شائعا بين تلاميذ المدارس في العراق حتى اليوم ، يريدون به ما يسمى في أقطار أخرى بالواجب البيتي.

(٤) الزيج (جمعة : أزياج وزيجات) : جدول حسابي يبين مواقع النجوم وحساب حركاتها.

٧٢

ثم أنه تعالى منّ عليّ بزوجة صالحة موافقة ، فصبرت على فقري ، وكانت تحرضني على الاشتغال بالعلم ، فجاءني ـ والحمد لله ـ منها أولاد نجباء صلحاء علماء ، يبرون بي ، فلا يصدر عنهم عقوق ، ولا يقصرون معي في حق من الحقوق ، أجلهم وأسنهم أبو الخير عبد الرحمن الشعراني نسبة يكون (١) ، وذلك أني كنت أطالع المنن (٢) لسيدي الشيخ عبد الوهاب الشعراني ، وذلك بعد أن بنيت بزوجتي (٧ أ) بأسبوع أو أقل من ذلك أو أكثر ، فرأيت فيها قول الشيخ : وممّا منّ الله به عليّ أن ولدي عبد الرحمن من زوجتي فاطمة لا يخالفني ولا يعقني. هذا معنى ما ذكره الشيخ ، واتفق أن اسم زوجتي فاطمة أيضا ، فقلت لها : يا فاطمة! انظري إلى ما قال الشيخ ، فإن منّ الله علينا بابن لأسمينّه عبد الرحمن ، تبركا باسم ابن الشيخ ، لأنه عبد الرحمن بن فاطمة ، وهذا عبد الرحمن ابن فاطمة ، ولأجعلن نسبته الشعراني ، نسبة إلى الشيخ الشعراني.

ولد عبد الرحمن هذا في ليلة عشر ذي القعدة ، بعد نصف الأربعاء بقليل ، عام أربع وثلاثين (٣) ومائة وألف ، (٤) وهو ـ ولله الحمد ـ (٥) في هذا العصر من أهل الفضل في أكثر الفنون ، شرعية وعقلية وعربية ، وله مؤلفات في بعض الفنون وحواش متفرقة ، وله ديوان شعر ، ونظمه في غاية الجودة ، وفّقه الله لطاعاته ، وأدرّ عليه غيوث مبراته ، ورضي عنه رضاء لا ينقطع عدده ، ولا ينتهي مدده.

ثم يليه في السّن البنت العفيفة المصونة الساكنة الصالحة العالمة العالمة أم الخير رقية ،

__________________

(١) كذا في أ، وفي ب (بترك) ولا وجه له.

(٢) في النسختين : المتن ، بتاء معجمة ، والصحيح ما أثبتناه ، واسمه الكامل (لطائف المنن والأخلاق في بيان وجوب التحدث بنعمة الله سبحانه وتعالى على الإطلاق) وهو للشيخ عبد الوهاب بن أحمد الشعراني المتوفّى سنة ٩٧٣ ه‍ / ١٥٦٥ م.

(٣) من هنا إلى آخر الصفحة مطموس في أفأكملناها من ب.

(٤) ويوافق ١٢ أب (أغسطس) سنة ١٧٢٢ م.

(٥) في ب (الحمد لله).

٧٣

والحاصل على تسميتي لها برقية أنّي لما وصلت في شرحي (٧ ب) لدلائل الخيرات (١) إلى عدّ أولاده ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ فنمت فرأيت كأني جالس ، مع النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وبضعته الطاهرة سيدتي رقية مضطجعة كأنها نائمة ، والنبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ يداعبها [و] يقول : من فات مات ، مراده ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ بذلك إيقاظها كي تجلس ، فانتبهت وحمدت الله على أن جعلني محرما مع أهل بيته ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ فنذرت إن جاءتني أنثى لأسمّينّها برقية تبركا باسم بضعة المصطفى ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وكانت بنتي رقية إذ ذاك حملا ، والحمد لله أن بركة السيدة رقية ظاهرة عليها فإنها قرأت القرآن أربعين (٢) وحفظت رسائل التجويد كالمقدمة الجزرية. (٣) وقرأت شمائل الترمذي (٤) والبخاري والشفاء للقاضي عياض (٥) ولها إجازات في سائر كتب الحديث ، وحفظت الأوراد والأحزاب ، وقرأت شرح بانت سعاد ، وقرأت الفقه الشافعي ، والفقه الحنفي ، وحفظت طرفا من الأجرومية. وهي إلى الآن في جد في طلب العلم ، وفقها الله لطاعاته ، ورضي عنها رضاء يستدر جميع خيراته ، وقد أجزتها جميع ما يجوز لي وعني روايته ، (٨ أ) ونساء عصرها ممّن هن من أهل الفضل يستجزن منها الحديث. ولدت رابع عشر شوال ، ضحى يوم الاثنين من سنة سبع وثلاثين ومائة وألف. (٦)

ويليها في السن أبو السعود محمد ، وكان سبب تسميته بذلك أني كنت وقت حمله أطالع فضل التسمية بمحمد ، فنذرت إن جاء هذا الحمل ذكرا لأسمّينّه محمدا ، فجاء ـ والحمد لله ـ فسميته محمدا ، وكنيته بأبي السعود. وـ الحمد لله ـ هو اليوم من أهل

__________________

(١) دلائل الخيرات وشوارق الأنوار في ذكر الصلاة على النبي المختار ، تأليف محمد بن سليمان الجزولي الحسني المتوفّى سنة ٨٥٤ ه‍ / ١٤٥٠ م ، وقد تقدمت الإشارة إلى شرح له في مقدمتنا لرحلته هذه.

(٢) لعله يريد : أربعين مرة.

(٣) منظومة في علم التجويد للشيخ محمد بن محمد الجزري المتوفّى سنة ٨٣٣ ه‍.

(٤) شمائل النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم للإمام محمد بن سورة الترمذي المتوفى سنة ٢٧٩ ه‍.

(٥) الشفا في تعريف حقوق المصطفى للحافظ عياض بن موسى اليحصبي المتوفّى سنة ٥٤٤ ه‍.

(٦) ويوافق ٢٥ حزيران (يونيو) سنة ١٧٢٥ م.

٧٤

الفضل في قراءة القرآن مع تجويده ، وفي قراءة النحو والتصريف والفقه والمنطق والاستعارات والعروض ماهر محقّق. وله شعر رائق ، ونثر فائق ، وصلاح تام ، واشتغال عام ، وهو إلى الآن في طلب العلوم ، وفقه الله لصالح الأعمال ، ورضي عنه على مرّ الليالي والأيام ، آمين ، ولد ضحى رابع عشر محرم الحرام يوم الجمعة من سنة إحدى وأربعين ومائة وألف. (١)

ويليه في السن أبو الفتوح إبراهيم ، كنّي بذلك لأنه عام ولادته دفع الله نادر شاه عن بغداد ، (٢) وإبراهيم هذا صغير الآن ، لم يبلغ الحلم ، لكنه قرأ القرآن ، وشرع بحفظ متن الأجرومية. ولد في ذي القعدة عام ١١٤٦. (٣)

ويليه في السن سارة ، وهي الآن صغيرة ، ولدت ضحى يوم (٨ ب) الخميس العاشر من محرم سنة. (٤) ١١٥٠.

ويليها شهاب الدين أحمد ، وهو الآن صغير ابن أربع سنين ، ولد يوم الأحد ، السابع والعشرين من جمادى الآخر سنة (٥) ١١٥٣ وصفية ، وهي الآن رضيعة ، ولدت ليلة الجمعة ٢٨ من رجب سنة (٦) ١١٥٥ ومات لي ابنان عبد الوهاب وحسين ، وبنتان زينب وحفصة.

والحمد لله : إنه صار لي جهات (٧) ووجه معيشة ، ونصبت مدرسا في آستانة (٨) قطب العارفين سيدي أبي صالح محيي الدين عبد القادر الجيلي ، قدس‌سره ، وصرت ـ والحمد لله ـ بحيث يشار إلىّ بالبنان ، يوقّرني العامة والأعيان ، ويرفع محلي الولاة ، وتتمنى رؤيتي القضاة ، مسموع الكلمة ، نافذ الأمر. سبحانك! لا أحصي ثناء عليك ، أنت كما أثنيت

__________________

(١) ويوافق ١٩ آب (أغسطس) سنة ١٧٢٨.

(٢) حاصر نادر شاه بجيشه مدينة بغداد ، لأول مرة في صيف سنة ١١٤٥ ه‍ / ١٧٣٢.

(٣) في ب (سنة ١٢٤٦).

(٤) ويوافق ٩ آيار (مايو) من سنة ١٧٣٧ م.

(٥) ويوافق ١٨ أيلول (سبتمبر) سنة ١٧٤٠ م.

(٦) ويوافق ٢٧ أيلول (سبتمبر) سنة ١٧٤٢ م.

(٧) الجهة هنا اصطلاح يراد به الجهة الموقوفة التي يدر عائدها على متول لها ، أو مدرس ، أو بحسب نص الواقف.

(٨) آستانة ، لفظ فارسي ـ عثماني ، من معانيه : الحضرة والعتبة.

٧٥

على نفسك. وكل هذا أيها الواقف على هذه الرحلة من بركات العلم وخدمته ، فالحمد لله الذي جعلنا (١) بمنه وأكرمنا بإكرامه.

وقد عنّ لي أن أذكر مشايخي وما رويت عنهم وقرأته عليهم ، نفعنا الله بهم ، فأقول : أخذت متن الحديث من جماعات أعلام ، وأئمة كرام ، منهم المحدث الكبير ، والعالم الشهير ، رحلة (٢) المحدثين ، وعمدة المحققين ، ذو (٩ أ) النسب الأعلى ، والحسب الأبهى ، الزاهد الورع ، سيدي أبو الطيب أحمد بن أبي القاسم بن محمد المحمدي المغربي ثم المدني ، (٣) المنسوب إلى حمزة بن إدريس الأصغر بن إدريس الأكبر بن إبراهيم (٤) بن محمد [ذي] النفس الزكية بن عبد الله المحض (٥) بن الحسن المثنى بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنهم.

ومنهم سيدي وعمي بركة العباد ، وعلم الرشاد ، مشكاة المعارف الربانية ، ومهبط التنزلات الرحمانية ، الجامع بين الحقيقة والشريعة ، والحائز من الكمالات كل روضة ريعة ، (٦) سيدي ووالدي الشيخ أحمد بن سويد الصوفي ، تغمده الله برحمته ، وأسكنه فسيح جنته ، آمين. ومنهم سيدي خاتمة المحققين ، وسلطان المدققين ، الجامع بين المعقول والمنقول ، ومخرج الفروع والأصول ، البارع في الفنون العربية المقصود في حل الغوامض الأبية ، سيدي جمال

__________________

(١) كذا في ب ، وفي أغير واضحة ولعلها : جلنا.

(٢) الرحلة : العالم الكبير الذي يشد الطلبة الرحال إليه من الآفاق لطلب العلم واكتساب الفوائد.

(٣) ترجم له المرادي (سلك الدرر ج ٤ ص ٩١) ترجمة ضافية ، ولكنه سماه محمد بن محمد بن محمد بن موسى الشرفي الفاسي المالكي الشهير بابن الطيب ، وأثنى عليه ثناء جميلا ، وذكر أنه ولد بفاس سنة ١١١٠ ونشأ بها وأخذ عن علمائها وعن علماء كبار غيرهم ، ودرس بالحرم الشريف النبوي ، وأقام مدة في الشام ومصر ، وله كتب كثيرة ، منها مسلسلاته في الحديث وهي تنوف على الثلاثمائة ، توفي بالمدينة المنورة سنة ١١٧٠ ه‍ / ١٧٥٦ م.

(٤) في عمدة الطالب لابن عنبة (النجف ١٩٦١ ص ١٠٦) وغاية الاختصار في البيوتات العلوية المحفوظة من الغبار (النجف ١٩٦٣ ص ٢٦) أن إبراهيم هو ابن محمد بن عبد الله الأشتر بن محمد ذي النفس الزكية.

(٥) في النسختن : المحصن.

(٦) راع ، يريع : نما وزاد ، والريعة بالكسر : الجماعة.

٧٦

الملة والدين الشيخ سلطان بن ناصر الخابوري الجبوري الشافعي ، (١) رحمه‌الله رحمة تدفقت حياضها ، وتأنقت رياضها.

ومنهم سيدي السالك مسالك الرشاد ، والمتمسك بجميع أحواله بعروة السداد ، المتبحر في المعارف الإلهية ، والمشار إليه بأنه ذو الرتبة العلية ، الصالح الناسك الورع (٩ ب) الصوفي ، الشيخ محمد بن عقيلة المكي الحنفي. (٢)

ومنهم سيدنا الفقيه الصالح ، والعالم الناجح ، ذو الأخلاق الرضية ، والأحوال السنية ، سيدي الشيخ علي الأنصاري من بني النجار الأحسائي الشافعي. (٣)

وممن أجازنا السيد السند عبد القادر المكي الحارثي. (٤)

وممّن أجازنا بالأثبات والسندات ، صاحباي العلمان المتبحران الصالحان الناسكان اللذان أخذا من التحقيق أوفر نصيب ، وحازا جميع الفنون بالفرض والتعصيب ، سيدي ذو التصانيف العديدة ، والتحارير المفيدة ، الملقب بالسيوطي الصغير ، الشيخ أبو بكر جمال الشريعة ابن شيخنا محمد بن عبد الرحمن المفتي ببغداد (٥) على المذهب الشافعي ، رحمهم

__________________

(١) من كبار علماء العراق في عصره ، برع في القراءات والعربية حتى صار رئيسا للقراء ، وإليه انتهت إجازات عدد من العلماء ، وبخاصة في علم القراءات ، وسيذكر المؤلف أنه أخذ عنه أيضا علوم الحساب. درّس في مدرسة الشيخ عبد القادر الكيلاني وفي المدرسة المرجانية ، وفي المدرسة الإسماعيلية ، وله مؤلفات مهمة منها (العقود المجوهرة واللآلي المبتكرة) ألّفه في المدرسة المرجانية سنة ١١١٤ ، ورسالة (القول المبين في تكبير سنة المكيين) ألفه في المدرسة الإسماعيلية سنة ١١١٨ وعرف بجودة خطه ، رحل إلى دمشق والحجاز ، وتوفي في طريق الحج سنة ١١٣٨ ه‍ / ١٧٢٥ م. ولنا رسالة مخطوطة في سيرته.

(٢) هو الشيخ محمد بن أحمد بن سعيد المكي ، المعروف والده بعقيلة ، جمع بين علم الحديث والتصوف ، ونبه أمره فيهما ، وقصد العراق والشام فتتلمذ عليه كثيرون ، ثم درّس في بعض مدارس دمشق مدة ، وعاد إلى مكة حيث توفي سنة ١١٥٠ ، وله مؤلفات أكثرها في الحديث وسلاسل الرواة والتصوف ، كما وضع كتابا في التاريخ. سلك الدرر ج ٤ ص ٣٠.

(٣) لم نقف على ترجمته.

(٤) لم نقف على ترجمته.

(٥) من آل الرحبي ، وهي أسرة بغدادية قديمة أصلها من رحبة الشام ، توارثت إفتاء الشافعية حينا من الدهر ، وسيشير المؤلف إلى محمد بن عبد الرحمن فيما يأتي.

٧٧

الله. وأبو بكر هذا أخذ عن الفقير ، فصار حديثنا مديحا.

وسيدي ذو التحقيق الباهر ، والفهم الذي يتوقد توقد النيران في الدياجر ، والمحدث الأصولي ، أبو محمد الشيخ حسين بن عمر الراوي ، الملتجئ إلى الحرم المكي ، رحمه‌الله رحمة واسعة في الدنيا والآخرة ، آمين. وهذا الشيخ حسين قد قرأ عليّ فصرنا معه كالشيخ أبي بكر المتقدم.

وممن أجازنا بالأثبات والسندات جماعة كثيرون من أهل العصر ، غفر الله لنا ولهم آمين.

ولبست الخرقة ، وكانت عرقية ، (١) عن شيخنا (١٠ أ) الشيخ محمد بن عقيلة ، أيام إقامته في بغداد عام ١١٤٥ ، وأخذت عنه تلقين الذكر وجميع مسلسلاته التي جمعها في تآليف له ، وهي خمسة وأربعون مسلسلا.

وأخذت حديث المصافحة عن العارف بالله ، والدّال عليه ، الشيخ المرشد ، المسلك ، مربي المريدين ، ومرشد السالكين ، سيدي السيد مصطفى البكري الصديقي ، (٢) سبط الحسنين الأحسنين. وحديث المصافحة هذا هو قوله ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم : من صافحني أو صافح من صافحني بست أو سبع دخل الجنة. وفي رواية : من صافحني أو صافح من صافحني إلى يوم القيامة دخل الجنة. لا حديث المصافحة المشهور المروي عن أنس ، رضي‌الله‌عنه ، حيث قال : صافحت بكفي هذه كفّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فما مسّت خزّا ولا حريرا ألين من كفه صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، إلى آخره. (٣) والحاصل أني أروي جميع ما تضمنه ثبت

__________________

(١) لباس للرأس ، يصنع من القطن ، أو الكتان ، ويوضع على الرأس مباشر ، تحت العمامة ، دوزي : المعجم المفصّل لأسماء الملابس ص ٢٤٤.

(٢) هو مصطفى بن كمال الدين بن علي بن كمال الدين الصديقي الحنفي الدمشقي البكري. عالم صوفي كثير التآليف ، ترجم له المرادي (سلك الدرر ج ٤ ص ١٩٠) وكان قد قصد بغداد في رحلة طويلة بدأها من القسطنطينية ، وسجل وقائعها في كتاب سماه (كشط الصدا وغسل الران في زيارة العراق وما والاها من البلدان) وأقام في بغداد نحو شهرين ، من شهور سنة ١١٣٩ ه‍ / ١٧٢٦ م (مخطوط منه نسخة في مكتبة جامعة كمبردج) ، والراجح أن السويدي أخذ عنه الإجازة في أثناء إقامته تلك.

(٣) لم أجد هذين الحديثين ، على شهرتهما في عصر المؤلف ، في الصحيحين والسنن الأربعة ومسندي أحمد والدارمي وموطأ مالك.

٧٨

الشيخ أحمد النخلي (١) المتصل إليّ عنه بواسطة الشيخ حسين الراوي ، وبواسطة الشيخ عبد الكريم الشراباتي الحلبي. (٢)

وبواسطة الشيخ محمد بن رفة ، (٣) وبواسطة الشيخ العالم الكبير ، والفاضل (١٠ ب) الشهير ، سيدي السيد محمد الطرابلسي ، (٤) وبواسطة سيدي الشيخ علي الدباغ. الحلبي. (٥) وجميع ما تضمنه ثبت الشيخ عبد الله بن سالم المكي المشهور بالبصري ، (٦) المتصل إليّ عنه بواسطة هؤلاء المذكورين. وجميع ما تضمنه ثبت الشيخ محمد بن سليمان

__________________

(١) هو أحمد بن محمد بن أحمد الشهير بالنخلي الصوفي النقشبندي المكي الشافعي ، ولد بمكة سنة ١٠٤٤ ه‍ / ١٦٣٤ ممن أخذ العلم عن كبار محدثي عصره ، ودرّس في الحرم المكي حتى وفاته في أوائل سنة ١١٣٠ ه‍ / ١٧١٧ م. (سلك الدرر ج ١ ص ١٧١) وثبته هذا هو المسمى (بغية الطالبين لبيان المشايخ المحققين المعتمدين).

(٢) هو عبد الكريم بن أحمد بن علوان الشراباتي ، علامة حلب في عصره ، وشيخ الحديث بها ، ولد سنة ١١٠٦ ه‍ / ١٦٩٤ ممن أخذ الحدث عن علماء حلب ودمشق ومكة. وأخذ العلم على يديه علماء عديدون ، وله رسائل ، واشتهر بعلو إسناده ، توفي سنة ١١٨٧ ه‍ / ١٧٦٤ م (سلك الدرر ج ٣ ص ٦٣). وسينوّه المؤلف فيما يأتي من رحلته ببعض أخباره.

(٣) لم نقف له على ترجمة ، وآل رفة أسرة بغدادية قديمة برز منها علماء وتجار ، ينظر إبراهيم فصيح الحيدري : عنوان المجد في أحوال بغداد والبصرة ونجد (بغداد ١٩٦١ ص ٩٣) وإبراهيم الدروبي : البغداديون (بغداد ١٩٥٨ ص ١٥٤).

(٤) هو محمد بن محمد السندروسي الحنفي الطرابلسي ، فقيه مؤرخ ، تولى الإفتاء في طرابلس مدة يسيرة ، وله كتاب في أسماء الصحابة ، توفي سنة ١١٧٧ ه‍ / ١٧٦٣ م. (سلك الدرر ج ٤ ص ٢٤).

(٥) هو علي بن مصطفى الدباغ المعروف بالميقاتي الحلبي ، ولد سنة ١١٠٤ ه‍ / ١٦٩٢ م وارتحل إلى دمشق ، أخذ العلم عن كبار علمائها وغيرهم ، ترجم له المرادي (سلك الدرر ج ٣ ص ٢٣٣) وذكر أنه «كان له المعرفة التامة بالأنساب والرجال والتاريخ» وأن له شرحا على صحيح البخاري لم يكمله وله شعر رقيق. ونقل المؤلف فيما يأتي من رحلته فهرسة بشيوخه ومصنفاته.

(٦) هو عبد الله بن سالم بن محمد بن عيسى البصري الأصل المكي ، محدث ، ولد في مكة سنة ١٠٤٠ ه‍ / ١٦٤٠ وتوفي فيها سنة ١١٣٤ ه‍ / ١٧٢٢ م له (الضياء الساري على صحيح البخاري) والثبت الذي يشير إليه السويدي هنا ، هو المسمى (الإمداد بمعرفة علو الإسناد) ينظر إسماعيل باشا البغدادي : هدية العارفين ج ١ ص ٤٨٠.

٧٩

المغربي (١) المشتمل على كتب كثيرة وطرق ومسلسلات ، المتصل إليّ عنه بواسطة الشيخ البصير الشيخ عبد الكريم الشراباتي ، عن والده الشيخ أحمد الشراباتي. وجميع ما تضمنه ثبت الشيخ محمد بن عبد الله المغربي (٢) المتصل إليّ عنه بواسطة الشيخ حسين الراوي ، والشيخ محمد الطرابلسي ، والشيخ عبد الكريم الشراباتي. وجميع ما تضمنه ثبت الشيخ إبراهيم بن حسن الكوراني (٣) بواسطة الشيخ عبد الكريم عن أبيه عن الشيخ إبراهيم المذكور. وبواسطة الشيخ مصطفى (٤) عن شيخ العراق على الإطلاق ، شيخنا الشيخ خليل الخطيب البغدادي (٥) عن الشيخ إبراهيم. وجميع ما تضمنه ثبت الشيخ أبي بكر أفندي رئيس الكتاب في الدولة العثمانية (٦) المرسل إليه من المدينة المنورة ، المتصل إليّ بواسطة الشيخ أحمد بن سويد. وجميع ما تضمنه ثبت الشيخ عبد الغني النابلسي (٧) المتصل إليّ بواسطة

__________________

(١) هو محمد بن سليمان المغربي الرودني ، المتوفّى سنة ١٠٩٤ ه‍ / ١٦٨٣ م. له (صلة الخلف بموصول السلف) و (جمع الفوائد) ، وأولهما هو الثبت الذي يشير إليه السويدي. ينظر : محمد الكتاني : الرسالة المستطرفة لبيان مشهور كتب السنة المشرفة ص ١٧٦

(٢) هو محمد بن عبد الله السجلماسي الأصل ، الفاسي الدار ، المدني المالكي ، المعروف بالمغربي ، محدث له فهرسة في أسانيده ، توفي سنة ١١٤١ ه‍ / ١٧٢٨ م. ابن سوده : دليل مؤرخ المغرب ص ٣٥٤

(٣) هو إبراهيم بن حسن الكوراني الشهرزوري الشافعي النقشبندي ، نزيل المدينة المنورة ، محدث ، صوفي ، ولد سنة ١٠٢٥ ه‍ / ١٦١٦ وتوفي سنة ١١٠١ ه‍ / ١٦٨٩ م له مؤلفات كثيرة أغلبها في التصوف والأذكار والعقائد ، والثبت الذي يشير إليه السويدي هنا هو كتابه (الأمم لإيقاظ الهمم) فقد ذكر فيه أسانيده ومن روى عنهم ، وهو يتضمن طائفة كبيرة من علماء الشام والحجاز من مشايخ المؤلف في القرن الحادي عشر ، البغدادي : هدية العارفين ج ١ ص ٣٥ والآثار الخطية في المكتبة القادرية ج ١ ص ٢٥٤

(٤) يريد مصطفى بن كمال الدين الصديقي البكري ، وقد تقدم.

(٥) لم نقف له على ترجمة.

(٦) الراجح أنه أبو بكر بن مصطفى باشا الحنفي القسطنطيني ، أحد كبار الكتاب في الدولة العثمانية ، وقد ترجم له المرادي (ج ١ ص ٥٣) وذكر أنه كان «من أرباب المعارف والكمال». توفي سنة ١١٨١ ه‍ / ١٧٦٧ م.

(٧) هو عبد الغني بن إسماعيل بن عبد الغني النابلسي الحنفي الدمشقي ، ولد سنة ١٠٥٠ ه‍ / ١٦٤٠ م وأخذ العلم عن كبار علماء مدينته ، ثم رحل إلى معظم مدن الشام ، ومصر ، والحجاز ، حيث أخذ عن علمائها ، اشتهر بوفرة التأليف حتى قيل : إن مصنفاته «لا تحصى» .. وتوفي سنة ١١٤٦ ه‍ / ١٧٣٣ م. سلك الدرر ج ٣ ص ٣٠

٨٠