همع الهوامع - ج ٣

جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي

همع الهوامع - ج ٣

المؤلف:

جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٦٠

من أن تقول الألف والسين والتاء والألف في استخراج زوائد ، وإذا حذف من الكلمة شيء فلك أن تزنه باعتبار أصله أو اعتبار ما صار إليه فوزن شية وسه ويد باعتبار الأصل فعلة وفعل وفعل وباعتبار الحذف علة وفل وفع ، وإذا وقع في الكلمة قلب قلب في الزنة فيقال : وزن أشياء لفعاء على رأي من يرى أن فيها قلبا ، ويوزن المكرر للتضعيف بما تقدمه لا بلفظه فيقال : وزن قردد فعلل لا فعلد ؛ لأن الدال لما لم ترد منفردة في الأصل لم يجعلوها منفردة في الوزن ، ويحصل الفرق بينه وبين باب جعفر بالموزون لا بالوزن ويوزن المبدل من تاء الافتعال بالتاء لا بالحرف المبدل ، فيقال في وزن اصطفى : افتعل لا افطعل ، وجملة ما يعرف به الزائد تسعة أشياء :

أحدها : الاشتقاق فإن دل على أن ألف ضارب وهمز أضرب وراء ضرب زوائد.

الثاني : شبه الاشتقاق والفرق بينه وبين ما قبله أن الأول فيه سقوط من أصل ، وهذا فيه سقوط من فرع مثاله ألف قذال وواو عجوز وياء كثيب فإنها تسقط في الجمع وهو قذل وعجز وكثب ، والجمع فرع والإفراد أصل فدل على زيادتها فيه.

الثالث : سقوطه من نظير كإطل وأيطل وهما بمعنى ، فالياء من أيطل زائدة لسقوطها في إطل.

الرابع : كونه لمعنى فإن رأيت حرفا في كلمة يفهم منه معنى فاحكم بزيادته كحروف المضارعة وألف فاعل وتاء افتعل وياء التصغير.

الخامس : كونه في موضع تلزم فيه زيادته كنون (عفنقس) بالفاء وهو العسر الأخلاق لا يعرف له اشتقاق وحكم بزيادة نونه ؛ لأنها وقعت ثالثة ساكنة وبعدها حرفان ، وليست مدغمة فيما بعدها وما وجد من ذلك مما عرف له اشتقاق كانت النون فيه زائدة على جهة اللزوم كجحنفل وحبنطى.

السادس : كونه في موضع تكثر فيه زيادته كهمزة أفكل وهي الرعدة لا يعرف له اشتقاق ، وحكم بزيادة همزته لكثرة زيادة الهمزة أولا قبل ثلاثة أحرف.

السابع : اختصاصه ببناء لا يقع موقعه منها ما لا يصلح للزيادة كنون حنطأو بوزن فنعلو فإنها زائدة ؛ إذ لم يجئ مكان النون في نحو : هذا البناء حرف أصلي.

الثامن والتاسع : لزوم عدم النظير بتقدير أصالته فيما هو منه أو في نظير ما هو منه.

٣٠١

مثال الأول ملوط وهي مقرعة الحديد ، فالواو زائدة والميم أصلية ووزنه فعول ؛ لأنه لو عكس لكان وزن مفعلا ومفعل مفقود وفعول موجود نحو : عتود وعسول وعلود.

ومثال الثاني والمراد به أن يكون في الكلمة حرف لا يمكن إلا زيادته لكون الكلمة على بناء مخصوص لا يكون إلا من الأبنية المزيد فيها ، ثم تسمع في تلك الكلمة لغة أخرى يتعين فيها حركة ذلك الحرف فيحتمل بتغيير تلك الحركة أن يكون ذلك الحرف أصلا ، وأن يكون زائدا فيحمل على الزيادة للقطع بأنه زائد في اللغة الأخرى ، وذلك (تتفل) فإن فيه لغات :

أحدها : بفتح التاء الأولى وضم الفاء فهذا وزنه تفعل كتنضب فالتاء فيه زائدة ؛ لأنا لو قدرناها أصلية لزم من ذلك عدم النظير ؛ لأنه يكون وزنه حينئذ فعللا وفعلل بناء لم يجئ عليه شيء من الكلم.

واللغة الأخرى : تتفل بضم التاء والفاء فهذا يحتمل أن تكون التاء فيه أصلية ويكون وزنه فعللا كبرثن ، لكنه يلزم من ذلك عدم النظير في اللفظ الذي هو ذلك الحرف منه ، ألا ترى أن التاء في تتفل المضموم أوله موجودة في تتفل المفتوح أوله ، فلزوم عدم النظير في تتفل إذا قدرناها أصلية دليل على الزيادة في تتفل ؛ إذ هذه التاء هي تلك ولم تتغير إلا بالحركة.

حروف الزيادة

(ص) حروف الزيادة (تسليم وهناء) ، فمتى صحبت أكثر من أصلين ألف أو ياء أو واو أو غير مصدرة ، أو همزة مصدرة ، أو مؤخرة هي أو نون بعد ألف زائدة ، أو ميم مصدرة فزائدة ، ما لم يعارض دليل الأصالة كملازمة ميم معد اشتقاقا ، والتقدم على أربعة أصول في غير فعل أو اسم يشبهه.

(ش) حروف الزيادة عشرة ، وقد جمعها الناس في أنواع من الكلام كقولهم : (سألتمونيها) و (اليوم تنساه) و (أمان وتسهيل) و (تسليم وهناء) ، فيحكم بزيادة ما صحب أكثر من أصلين من ألف أو ياء أو واو غير مصدرة نحو : كتاب وكثيب وعجوز ، بخلاف ما صحب أصلين فقط كدار وفيل وغول فليس بزائد ؛ لأن أقل ما تكون عليه الكلمة ثلاثة أحرف ، وقولي : «غير مصدرة» قيد في الواو فقط ؛ لأن الألف لا تتصدر لسكونها ، والياء تتصدر وهي زائدة ، ومثال تصدر الواو (ورنتل) فهي أصل لا زائدة.

٣٠٢

وكذا يحكم بزيادة الهمزة إذا صحبت أكثر من أصلين وكانت مصدرة نحو : أحمر وأصفر ، أو مؤخرة نحو : حمراء وصفراء ، فإن صحبت أصلين فقط كانت أصلا نحو : أبناء وأجأ ، أو بدلا من أصل نحو : ماء وكساء ، وكذا يحكم بزيادة النون إذا صحبت أكثر من أصلين وكانت مؤخرة بعد ألف زائدة نحو : قطران وعثمان وسرحان ، وكذا يحكم بزيادة الميم إذا صحبت أكثر من أصلين ، وكانت مصدرة نحو : منسج ومرحب ، فإن كان بعدها أصلان فقط قضي عليها بالأصالة ؛ إذ لا أقل من ثلاثة أصول.

ومحل الحكم بالزيادة في جميع المذكورات أعني الألف والياء والواو والهمزة والنون والميم ما إذا لم يعارض الزيادة دليل الأصالة كملازمة ميم معد في الاشتقاق ، فإنهم حين اشتقوا من معد فعلا قالوا : تمعدد ، وكالتقدم على أربعة أصول في غير فعل أو اسم يشبهه نحو : يستعور وورنتل وإصطبل ، أما الفعل وشبهه فإن الزيادة تتقدم فيهما على أربعة أصول نحو : تدحرج ومتدحرج.

(ص) وزيدت النون في نفعل وانصرف واحرنجم والمثنى والجمع ونحو : غضنفر.

(ش) النون تزاد باطراد في أول المضارع وفي باب الانفعال والافعنلال وفروعهما كالانصراف والاحرنجام ، وفي آخر التثنية والجمع كالزيدان والزيدون ، وساكنة مفكوكة بين حرفين قبلها نحو : غضنفر وجحنفل وعقنقل بخلاف المدغمة كعجنس وهجنف ، فلا يحكم عليها بالزيادة فوزنهما فعلل.

(ص) والتاء في تفعل وتفعلل وتفعل وتفاعل وافتعل ومسلمة والسين معها في الاستفعال وفروعه ، والهاء وقفا أنكرها المبرد ، واللام في الإشارة.

(ش) تزاد التاء باطراد في أول المضارع وفي باب التفعلل كالتدحرج والتفعل كالتكسر ، والتفاعل كالتغافل والافتعال كالاكتساب ، وفروعها وفي صفات المؤنثة كمسلمة ، وتزاد مع السين في الاستفعال كالاستخراج وفروعه ، وتزاد الهاء في الوقف واللام في الإشارة على ما مر في بابهما ، وأنكر المبرد زيادة الهاء ؛ لأنها لم تأت في كلمة مبنية على الهاء ، وإنما تلحق لبيان الحركة. قال أبو حيان : والصحيح أنها من حروف الزيادة وإن كانت زيادتها قليلة ، من ذلك أمهة وهبلع وهجرع وهركولة.

(ص) وتقل زيادة ما ذكر خاليا من قيد ولا تقبل إلا بدليل كهمزة شمأل ، وهاء

٣٠٣

أمهات وأهراق ، وسين قدموس واسطاع ، فإن لم تثبت زيادة الألف فبدل لا أصل ، إلا في حرف أو شبهه ، أو تضمنت كلمة متماثلين ومتباينين لم تثبت زيادة أحدهما ، فأحد المثلين زائد ما لم يماثل الفاء أو العين المفصولة بأصل ، فإن تماثلت أربعة ولا أصل للكلمة فالكل أصول ، وثالثها إن لم يفهم المعنى بسقوط الثالث وفي الأولى بالزيادة من المضاعف ، ثالثها الثاني في نحو : اقعنسس ، والأول في نحو : علم والهمزة والنون آخرا بعد الألف بينها وبين الفاء مشددا ، وحرفان أحدهما لين يحتمل زيادتهما ، وزيادة أحد المثلين أو اللين إلا لمانع.

(ش) تقل زيادة ما ذكر من الحروف إن خلا مما قيد به فيما سبق ، ولا تقبل زيادته إلا بدليل يحكى من الدلائل التسعة السابق ذكرها ، كسقوط همزة شمأل واحبنطأ في الشمول والحبط فإنه دليل زيادتها مع فقد شرطها وهو التصدر أو التأخر بعد ألف زائدة ، وسقوط هاء أمهات في أمات وهاء أهراق في أراق ، وسين قدموس وهو بمعنى قديم زيدت فيه السين للإلحاق بعصفور ، وسين اسطاع في أطاع ، فإن لم تثبت زيادة الألف فهي بدل لا أصل كالرحى والعصى إلا في حرف كلا وبلى وإلى أو شبهه كالأولى ، وما الاسمية ، والضابط أن الألف لا تكون أصلا إلا في حرف أو شبهه ، وإن تضمنت كلمة حرفين متباينين وحرفين متماثلين ولم تثبت زيادة أحد المتباينين حكم على أحد المتماثلين بالزيادة نحو : جلبب وقردد.

فإن ثبت زيادة أحد المتباينين لم يحكم على أحد المتماثلين بالزيادة ، بل هو أصل نحو : مفر ومقر فإن الميم فيهما قد ثبتت زيادتها ، وكذا إذا ماثل أحد المثلين الفاء أو العين المفصولة بأصل فإنه لا يحكم حينئذ على أحد المتماثلين بالزيادة نحو : كوكب وقوقل فإنهما تضمنا حرفين متماثلين وهما القافان والكافان وحرفين متباينين وهما الواو والباء والواو واللام ، ولا يحكم على أحد المتماثلين الذي هو القاف والكاف بالزيادة لمماثلة الفاء ، بل هما أصلان ونحو : حدرد فإنه تضمن حرفين متباينين وهما الحاء والراء ، وحرفين متماثلين وهما الدالان ، ولا يحكم على أحد الدالين بالزيادة ؛ لأنه قد ماثل أحد المتماثلين العين التي هي الدال وفصل بين المتماثلين بأصل وهو الراء التي هي لام الكلمة الأولى ، فإن فصل بينهما بزائد كان أحد المتماثلين زائدا كخنفقيق اجتمع فيه مثلان وهما القافان ، ومتباينان وهما الخاء والفاء ، وقد ماثل المثلين عين الكلمة ، وقد فصل بينهما بزائد فيحكم على أحد المثلين بأنه زائد ، ألا ترى أنه مأخوذ من الخفق.

٣٠٤

وكذا لو لم يقع فصل ألبتة نحو : (مشمخر) فأحد المثلين زائد ، فإن تماثلت أربعة ولا أصل للكلمة غيرها نحو : سمسم وقمقم وفلفل وزلزل فالكل أصول هذا مذهب البصريين ؛ لأنه إن جعل كل من المثلين زائدا أدى إلى بناء الكلمة على أقل من ثلاثة ، أو أحدهما أدى إلى بناء مفقود ؛ إذ يصير وزنها على تقدير زيادة أول الكلمة (عفعل) ، وعلى زيادة الثاني (فلعل) ، وعلى زيادة الثالث (فعفل) ، وكلها مفقود ، وذهب الكوفيون إلى أن هذا الباب ونحوه ثلاثي أصله فعل فاستثقل التضعيف ، فحالوا بين المضاعفين بحرف مثل فاء الفعل ، وقيل : محل الخلاف فيما يفهم المعنى بسقوط ثالثه نحو : كبكب بخلاف غيره.

فإن كان للكلمة أصل غير الأربعة حكم بزيادة أحدهما نحو : مرمريس فإنه ثلاثي مأخوذ من المرس ، فلا تعم الحروف الأصالة ، واختلف في المثلين في نحو : اقعنسس وعلم أيهما الزائد ، فذهب الخليل إلى أن الزائد هو الأول ، وذهب يونس إلى أن الثاني هو الزائد ، وأما سيبويه فإنه حكم بأن الثاني هو الزائد ، ثم قال بعد ذلك : وكلا الوجهين صواب ومذهب ، وصحح الفارسي مذهب سيبويه ، وصحح ابن عصفور مذهب الخليل ، وقد بسطت أدلة ذلك في كتاب «الأشباه والنظائر النحوية».

واختار ابن مالك في «التسهيل» أن الثاني أولى بالزيادة في باب (اقعنسس) ، والأول أولى في باب (علم) ، وما آخره همزة أو نون بعد ألف بينها وبين الفاء حرف مشدد نحو : (قثاء) و (رمان) ، أو حرفان أحدهما لين نحو : (زيزاء) و (قوباء) و (عقيان) و (عنوان) و (علوان) ، فيحتمل أصالة الأخير من الهمزة أو النون وزيادة أحد المثلين في المشدد أو اللين في قسميه والعكس ، أي : زيادة الآخر وأصالة أحد المثلين أو اللين فوزن قثاء على الأول فعال ورمان فعال ، وعلى الثاني فعلاء وفعلان ما لم يكن مانع من أداء إلى إهمال تلك المادة أو قلة نظير ، فيتعين في (مزاء) زيادة الهمزة ؛ لأن مادة مزأ مهملة ومادة (مزز) موضوعة بدليل قولهم : مزة ، وفي (لوذان) زيادة النون ؛ لأن مادة (لذن) مهملة ومادة (لوذ) موضوعة لقولهم (لواذ) ، وفي سقاء زيادة أحد المثلين ؛ لأن مادة س ق ق مهملة ، ومادة س ق ي موضوعة ، وفي قينان زيادة الياء ؛ لأن مادة ق ي ن مهملة ، ومادة ق ن ن موضوعة لقولهم قنن وأقنان.

معاني الحرف الزائد

(ص) مسألة : الزائد إما لمعنى أو إمكان أو بيان حركة أو مد أو عوض أو تكثير أو إلحاق ، وهو بما جعل به ثلاثي أو رباعي موازنا لما فوقه مساويا له في حكمه ، ولا

٣٠٥

تلحق الألف إلا آخره مبدلة من ياء ولا الهمزة أولا إلا مع مساعد ، ولا إلحاق أو بناء نظير من غير تدرب وامتحان إلا بسماع على أصح الأقوال.

(ش) الزائد يكون لأحد سبعة أشياء :

الأول : لمعنى وهو أقوى الزوائد كحرف المضارعة.

الثاني : الإمكان كهمزة الوصل.

الثالث : لبيان الحركة كهاء السكت في الوقف.

الرابع : للمد ككتاب وعجوز وقضيب.

الخامس : للعوض كتاء التأنيث في زنادقة فإنها عوض من ياء زنديق ولذا لا يجتمعان.

السادس : لتكثير الكلمة كألف (قبعثرى) ونون (كنهبل).

السابع : للإلحاق كواو كوثر وياء (ضيغم).

وضابط الذي للإلحاق ما جعل به ثلاثي أو رباعي موازنا لما فوقه ك : (رعشن) نونه زائدة للإلحاق ؛ لأنه من الارتعاش فألحق بجعفر و (فردوس) واوه زائدة للإلحاق (بجردحل) ، و (إنقحل) همزته ونونه زائدتان للإلحاق ؛ لأنه من القحل فألحق (بجردحل) ، والمراد بالموازنة الموافقة في الحركات والسكنات وعدد الحروف ؛ لأنه يوزن كوزنه ، وبالمساواة في حكمه ثبوت الأحكام الثابتة للملحق به للملحق من صحة واعتلال ، وتجرد من حروف الزيادة ، وتضمن لها وزنة المصدر الشائع.

فلو قيل : ابن من الضرب مثل (جعفر) يقال : (ضربب) ، أو مثل (برثن) يقال :(ضربب) ، أو مثل (زبرج) يقال : (ضربب) ، ولو قيل : ابن من البيع مثل (صعون) يقال : (بيوع) فيصح ولا يدغم ، ولو قيل : ابن من القول مثل (طيال) يقال : (قيال) فيعل ، ولو بني من سحك مثل (احرنجم) قيل : (اسحنكك) فيضمن النون التي هي مزيدة في الملحق به ، وزيدت الهمزة وإحدى الكافين للإلحاق ، ولو بني من (دحرج) مثل (قبعثرى) قيل : (دحرججى) فيضمن الألف التي هي مزيدة الملحق وزيادة حرف خامس للإلحاق ، وقيل : في مصدر (بيطر) الملحق (بيطرة) ، كما جاء مصدر (دحرج) على (دحرجة) ، ولا تلحق الألف إلا آخره مبدلة من ياء (كعلقى) في لغة من نون فإنه ملحق (بجعفر) و (ذفرى) في لغة

٣٠٦

من نون ، فإنه ملحق بدرهم ، و (حبنطى) ملحق (بسفرجل) ، ولا تلحق حشوا ولا آخرا مبدلة من واو.

ولا تلحق الهمزة أولا إلا مع مساعد ، أي : إن كان معها حرف آخر زائد للإلحاق أيضا كنون (ألندد) الملحق بسفرجل ، وواو (إدرون) الملحق (بجردحل) ، فإن وقعت أولا وليس معها حرف زائد لم تكن للإلحاق (كأفكل) ، وإن وقعت حشوا أو طرفا فإنها تكون للإلحاق ولا يحتاج إلى مساعد من حرف زائد نحو : شأمل ملحق بجعفر ، وقد يكون معها حرف زائد نحو : علباء ملحق بقرطاس ، ولا إلحاق إلا بسماع من العرب إلا أن يكون على جهة التدرب والامتحان كالأمثلة التي يتكلم بها النحويون متضمنة لحروف الإلحاق على طريقة أبنية العرب يقصدون بذلك تمرين المشتغل بهذا الفن وإجادة فكره ونظره.

وهذا الحكم جار في كل ما أردت أن تبني من كلمة نظير كلمة أخرى وإن لم يكن إلحاق ، فإن ذلك لا يجوز إلا أن يكون على وجه التدرب والامتحان ، هذا «أصح المذاهب» في المسألتين ؛ لأنه إحداث لفظ لم تتكلم به العرب.

والثاني : يجوز مطلقا ؛ لأن العرب قد أدخلت في كلامها الألفاظ الأعجمية كثيرا سواء كانت على بناء كلامها أم لم تكن ، فكذلك يجوز إدخال هذه الألفاظ المصنوعة هنا في كلامهم وإن لم تكن منه قياسا على الأعجمية ، وعليه الفارسي ، قال : لو شاء شاعر أو متسع أن يبني بإلحاق اللام اسما أو فعلا أو صفة لجاز ذلك له ، وكان من كلام العرب ، وذلك قولك : خرجج أحسن من دخلل ، وضربب زيد ، ومررت برجل كريم وضربب ، قال ابن جني : فقلت له أترتجل اللغة ارتجالا؟ قال : ليس هذا ارتجالا لكنه مقيس على كلامهم ، ألا ترى أنك تقول : طاب الخشكنان فتجعله من كلام العرب وإن لم تكن العرب تكلمت به ، فرفعك إياه ونصبك صار منسوبا إلى كلامهم انتهى.

ورد بأن اللفظ الأعجمي لا يصير بإدخال العرب له في كلامها عربيا ، بل تكون قد تكلمت به بلغة غيرها ، وإذا تكلمنا نحن بهذه الألفاظ المصنوعة كنا قد تكلمنا بما لا يرجع إلى لغة من اللغات.

والمذهب الثالث التفصيل بين ما تكون العرب قد فعلت مثله في كلامها كثيرا واطرد ، فيجوز لنا إحداث نظيره وإلا فلا ، فإذا قيل : ابن من الضرب مثل جعفر ، قلنا : ضربب فهذا ملحق بكلام العرب ؛ لأن الرباعي قد ألحق به كثيرا من الثلاثي بالتضعيف نحو : مهدد وقردد ، وبغير التضعيف نحو : شأمل ورعشن ، ولا فرق بين قياس اللفظ على اللفظ

٣٠٧

والحكم على الحكم عند صاحب هذا المذهب ، والذين قالوا بالقياس في مثل هذه الأشياء اختلفوا في المعتل والصحيح أنهما باب واحد ، فما سمع في أحدهما قيس عليه الآخر ، أو هما بابان متباينان يجري في أحدهما ما لا يجري في الآخر ، فذهب سيبويه وجماعة إلى أنهما باب واحد ، وذهب الجرمي والمبرد إلى أنهما بابان.

الحذف القياسي والشاذ

(ص) الحذف يطرد في ألف ما الاستفهامية المجرورة ، وفاء نحو : وعد في مضارعه وأمره ومصدره محركة عينه بحركتها ، وهمز أفعل في مضارعه ووصفيه ما لم تقلب هاء أو عينا ، وعين فيعلولة ، خلافا للكوفية ، وواو فيعل وفيعلة وفي قياس يائهما خلف وفاء (مر) لا بعد واو أو فاء وخذ وكل ، وما خرج عن ذلك من حذف أو إبقاء فشاذ ، ومنه خلافا للشلوبين حذف عين ، وقيل : لام أحس وظل ومس مبنيا على السكون مكسور أول الأخيرين ومفتوحا ، وقل في أمر ومضارع ويا نحو : استحيى ، وفروعه وكثر في أبالي جزما ، واللام واوا ومنه اسم خلافا للكوفية ، والياء والهاء قليل ، والهمزة والنون وفي غير اللام أقل.

(ش) الحذف قسمان مقيس وشاذ ، فالمقيس حذف ألف ما الاستفهامية المجرورة نحو : (عَمَّ يَتَساءَلُونَ) [النبأ : ١] ، (فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها) [النازعات : ٤٣] ، (لِمَ تُؤْذُونَنِي) [الصف : ٥] ، (مجيء م جئت) ، وشذ إبقاؤها في قوله :

١٨٠٩ ـ على ما قام يشتمني لئيم

وقيل : إن ذلك لغة لبعض العرب ، وخرج عليها بعضهم قوله تعالى : (يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِما غَفَرَ لِي رَبِّي) [يس : ٢٦ ـ ٢٧] ، أي : بأي شيء؟ قال الخضراوي : وهذا قول مرغوب عنه ، وخرج بالاستفهامية الموصولة والشرطية فلا يحذف ألفها وإن دخل عليها الجار ، وذكر أبو زيد والمبرد أن حذف ألف (ما) الموصولة ثبت لغة كثير من العرب ، يقولون : (سل عم شئت) ؛ لكثرة استعمالهم إياه ، وخرج بالمجرورة المرفوعة والمنصوبة فلا يحذف الألف منها إلا في الضرورة كقوله :

__________________

١٨٠٩ ـ البيت من الوافر ، وهو لحسان بن ثابت في ديوانه ص ٣٢٤ ، والأزهية ص ٨٦ ، وخزانة الأدب ٥ / ١٣٠ ، ٦ / ٩٩ ، ١٠١ ، ١٠٢ ، ١٠٤ ، وشرح التصريح ٢ / ٣٤٥ ، وشرح شواهد الشافية ص ٢٢٤ ، ولسان العرب ١٢ / ٤٩٧ ، مادة (قوم) ، والمحتسب ٢ / ٣٤٧ ، ومغني اللبيب ١ / ٢٩٩ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٥٥٤ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٢٤٠ ، وتقدم عرضا مع الشاهد (٤٠٤).

٣٠٨

١٨١٠ ـ ألا م تقول الناعيات ألا مه

ولو ركبت (ما) الاستفهامية مع (ذا) لم تحذف أيضا نحو : (على ما ذا يلزمني) ، ووجه الحذف من الاستفهامية التخفيف وخص بها ؛ لأنها مستبدة بنفسها بخلاف الشرطية ؛ لأنها متعلقة بما بعدها ، وبخلاف الموصولة لافتقارها إلى الصلة ، ومن المطرد حذف الواو من مضارع ثلاثي فاؤه واو ؛ استثقالا لوقوعها في فعل بين ياء مفتوحة وكسرة ظاهرة كيعد ، أو مقدرة كيقع ويسع ، وحمل على ذي الياء أخواته كأعد وتعد ويعد والأمر كعد ، والمصدر الكائن على (فعل) محرك العين بحركة الفاء معوضا عنها تاء تأنيث كعدة ، وسواء كان الماضي على فعل كوعد أو فعل كومق ، ولا يجوز الحذف من مضارع رباعي كأوعد يوعد ويوعيد مثال يقطين من الوعد ، ولا من الاسم كموعد لما فيه لو حذف من توالي الحذف ؛ إذ قد حذف منه الهمزة ، ولأن ضمة الياء قوت الواو ، ولأن الفعل أثقل منه.

ولا إذا وقعت بين ياء مفتوحة وضمة أو فتحة نحو : وضؤ يوضؤ ، وشذ وجد يجد بالضم ، ويذر ويدع ، ولا مما فاؤه ياء كيسر الرجل ييسر ويعرت الشاة تيعر ، وشذ يئس يئس ، ومن المطرد حذف همزة أفعل من مضارعه واسمي فاعله ومفعوله نحو : أكرم استثقالا لاجتماع همزتين ؛ إذ كان الأصل أؤكرم وحمل عليه نكرم وتكرم ويكرم ومكرم ومكرم طردا للباب ، وشذ إثباتها في قولهم : أرض مؤرنبة بكسر النون ، أي : كثير الأرانب ، وكساء مؤرنب إذا خلط صوفه بوبر الأرانب وقوله :

١٨١١ ـ فإنه أهل لأن يؤكرما

فلو قلبت همزة أفعل هاء أو عينا لم تحذف للأمن من التقاء الهمزتين نحو : هراق الماء يهريق فهو مهريق ومهراق ، وعيهل الإبل يعيهلها فهو معيهل والإبل معيهلة ، أي : مهملة.

__________________

١٨١٠ ـ البيت من الطويل ، وهو بلا نسبة في شرح الأشموني ٣ / ٧٥٨ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٥٥٣ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٨١٤.

١٨١١ ـ الرجز بلا نسبة في الإنصاف ص ١١ ، وأوضح المسالك ٤ / ٤٠٦ ، وخزانة الأدب ٢ / ٣١٦ ، والخصائص ١ / ١٤٤ ، وشرح الأشموني ٣ / ٨٨٧ ، وشرح شافية ابن الحاجب ١ / ١٣٩ ، وشرح شواهد الشافية ص ٥٨ ، ولسان العرب ١ / ٤٣٥ ، مادة (رنب) ، ١٢ / ٥١٢ ، مادة (كرم) ، والمقاصد النحوية ٤ / ٥٧٨ ، والمقتضب ٢ / ٩٨ ، انظر المعجم المفصل ٣ / ١٢٥٣.

٣٠٩

ومن المطرد حذف عين فيعلولة سواء كانت واوا نحو : كينونة ، أو ياء نحو : طيرورة الأصل كيونونة وطييرورة اجتمع في الأول ياء وواو سبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء وأدغمت الياء فيها ، وفي الثاني أدغمت الياء المزيدة في الياء التي هي عين الكلمة فصار كينونة وطيرورة ، ثم حذفت عين الكلمة على جهة اللزوم فصار كينونة وطيرورة وصار الوزن فيعولة ، هذا مذهب سيبويه في هذه المصادر أن وزنها فيعلولة ، وذهب الكوفيون إلى أنه لا حذف ، وأن الأصل فعلولة بضم الفاء ففتحت لتسلم الياء من ذوات الياء ، وحمل عليها ذوات الواو.

ومن المطرد حذف عين فعيل وفيعلة ، قال أبو حيان : أما ذوات الواو فلا نعلم خلافا في قياسه كسيد وسيدة يقال فيه : سيد وسيدة وأما ذوات الياء كلين ولينة ففيها خلاف ، زعم أبو علي وتبعه ابن مالك أن تخفيفها يحفظ ولا ينقاس ، قال : وهو مرجوح والأصح أنه مقيس لا محفوظ ، قال : وفي محفوظي أن الأصمعي حكى أن العرب تخفف مثل هذا كله ولم تفصل بين ذوات الواو وذوات الياء ، بل سرد مثلا من هذا ومن هذا ، قال : إلا (حبذا) فلم أسمع أحدا من العرب يخففه ا ه وقد عقدت لذلك ترجمة في كتابي «المزهر».

ومن المطرد حذف فاءات خذ وكل ومر ، والأصل اؤخذ اؤكل اؤمر فالهمزة الثانية هي فاء الفعل والأولى همزة الوصل فحذفت فاء الكلمة فانحذفت همزة الوصل ؛ لأن ما بعد الفاء المحذوفة محرك فلا حاجة إلى إقرارها ، قال أبو حيان : ولم يجعل سيبويه لهذا الحذف علة سوى السماع المحض ، وقد حكى أبو علي وابن جني اؤكل على الأصل إلا أنها في غاية الشذوذ استعمالا ، فإن تقدم (مر) واو أو فاء فالإثبات أجود نحو : (وأمر) (فأمر) ، ولا يقاس على هذه الثلاثة غيرها إلا في ضرورة كقوله :

١٨١٢ ـ ت لي آل زيد واندهم لي جماعة

يريد : ائت لي آل زيد ، وما خرج عما تقدم فشاذ ، وقد تقدم بعضه ومنه حذف أحد المثلين من أحس وظل ومس إذا اتصل بتاء الضمير أو نونه نحو : أحست وأحسن وظلت

__________________

١٨١٢ ـ عجز البيت :

وسل آل زيد أي شيء يضيرها

والبيت من الطويل ، وهو بلا نسبة في سر صناعة الإعراب ٢ / ٨٢٣ ، ولسان العرب ١٤ / ١٤ ، مادة (أتي) ، وأمالي ابن الشجري ٢ / ١٧ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٣٩٦.

٣١٠

وظلن ومست ومسن ، قال سيبويه : هذا باب ما شذ من المضاعف ، وذلك قولهم : أحست يريدون أحسست وأحسن يريدون أحسسن ، ومثل ذلك (ظلت) و (مست) حذفوا وألقوا الحركة على الفاء ، كما قالوا : خفت وليس هذا الحذف إلا شاذا ، والأصل في هذا عربي كثير ، وذلك قولك : أحسست وظللت ومسست ، ولا نعلم شيئا من المضاعف شذ إلا هذه الأحرف ا ه.

وقال أبو حيان : وقد نص سيبويه في عدة مواضع على شذوذ هذا الحذف ، وقد اختلف أصحابنا في هذا ، فذهب أبو علي الشلوبين إلى أن ذلك مطرد في مثال هذه الأفعال كأحب وانهم وانحط ، وذهب ابن عصفور وابن الضائع إلى أن ذلك لا يطرد ، ثم المحذوف من هذه الأفعال الثلاثة العين وبه جزم ابن مالك وغيره ، ويجوز في الأخيرين أعني ظل ومس كسر أولهما بإلقاء حركة العين عليه وإبقاء فتحه ، وقل وقوع هذا الحذف في الأمر والمضارع ، ومنه : (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَ) [الأحزاب : ٣٣] ، والأصل اقررن ، وسمع الفراء : ينحطن في ينحططن ، وبعض العرب يحذف إحدى يائي يستحي [البقرة : ٢٦] ، إما اللام أو العين ، وهي لغة تميم ، وبها قرأ ابن محيصن ، ورويت عن ابن كثير ، ويستحيي لغة الحجازيين وسائر العرب ، وفروعه سائر الصيغ من الماضي والأمر والمثنى والجمع والمؤنث والوصف ، فيقول التميميون : استحى استح يستحيان يستحون يستحين مستح مستحى منه ، ويقول غيرهم : استحيا استحي يستحييان يستحيون يستحيين مستحي مستحيى منه.

وكثر الحذف في أبالي إذا جزم ، فقالوا : لم أبل ، والأصل لم أبال ؛ لكثرة استعمالهم إياه توهموا أن اللام هي الأخيرة فسكنوها للجازم فحذفت الألف لالتقاء الساكنين ، وكثر حذف اللام في الأسماء إذا كانت واوا (كأب) و (أخ) و (حم) و (هن) و (ذي) على مذهب الخليل ، وابن واسم على مذهب البصريين ، والأصل عندهم سمو ؛ لأنه من السمو حذفت لامه وعوض عنها همز الوصل ، والكوفيون يقولون : أصله وسم من السمة حذفت فاؤه ، ورد بأن جمعه أسماء وتصغيره سمي ، ولو كان كما قالوا لكان أوساما ووسيما ؛ لأن التصغير والتكسير يردان الأشياء إلى أصولها ، وقل حذف اللام إذا كانت ياء كلام (يد) و (دم) أو هاء كلام (شفة) وعضة وفم وشاة ، وأقل منه حذفها إذا كانت همزة كقولهم : قوم براء والأصل برءاء على وزن ظرفاء ، أو نونا كدد وفل ، والأصل ددن وفلان ، وأقل من ذلك حذفها إذا كانت حاء كحر أصله حرح ، قال أبو حيان : ولا أحفظ من حذف الحاء

٣١١

غيره ، وأقل من ذلك حذف غير اللام إما الفاء كناس والأصل أناس ، أو العين كسه والأصل سته.

الإبدال

(ص) الإبدال أحرفه (طويت دائما) فتبدل الهمزة من كل ياء أو واو طرفا ، ولو تقديرا بعد ألف زائدة ، أو بدلا من عين فاعل معلها ، ومن أول واوين صدرتا ، وليست الثانية مدة فوعل أو مبدلة من همزة ، ومن واو خفيفة ضمت لازما ، ومن تالي ألف شبه مفاعل مدا مزيدا ، أو ثاني لينين اكتنفاها ويفتح هذا الهمز مجعولا واوا إن كانتها اللام وسلمت في المفرد بعد ألف ، وياء إن كانت غيرها أو همزة.

(ش) الإبدال قسمان شائع وغيره ، فغير الشائع وقع في كل حرف إلا الألف ، وألف فيه أئمة اللغة كتبا ، منهم يعقوب بن السكيت ، وأبو الطيب عبد الواحد بن علي اللغوي ، وفي كتابي «المزهر» نوع منه حافل ، والشائع الضروري في التصريف أحرفه ثمانية يجمعها قولك : طويت دائما.

إبدال الواو والياء همزة

فتبدل الهمزة من كل ياء أو واو متطرفة بعد ألف زائدة نحو : رداء وكساء ، الأصل رداي من الردية وكساو من الكسوة ، وسواء كان تطرفها ظاهرا أم تقديرا وهي المتصلة بهاء التأنيث العارضة كصلاءة وعظاءة ، بخلاف اللازمة وهي التي بنيت الكلمة عليها فإنها لا تبدل منها همزة كهداية وحماية وإداوة وهراوة ، ولا إبدال بعد ألف أصلية نحو : آية ، وتبدل الهمزة أيضا من كل ياء أو واو وقعت عينا لما يوازن فاعل وفاعلة من اسم مغير إلى فعل معتل العين نحو : بائع وقائم وأصلهما بايع وقاوم وفعلهما باع وقام معل ، بخلاف ما لم يعل فعله كصيد وعور فهو صايد وعاور فلا إبدال فيه ، وبخلاف ما لم يوازن فاعلا وإن أعل فعله كمنيل ومطيل من أطال وأنال.

وتبدل الهمزة أيضا من أول واوين صدرتا وليست الثانية مدة فوعل ولا مبدلة من همزة كأواصل جمع واصلة أصله وواصل استثقل اجتماع الواوين فأبدل من أولاهما همزة ؛ إذ لم يمكن إبدالها ياء للاستثقال كالواو ولا ألفا لسكونها فعدلوا إلى الهمزة ؛ إذ هي أقرب إلى الألف ؛ لكونهما من مخرج واحد من أن الهمزة تقلب في التسهيل واوا وياء فقد شاركت حروف اللين بخلاف ما إذا كان ثاني الواوين مدة فوعل كوورى وووفى من وارى

٣١٢

ووافى فلا إبدال فيه ، وكذا إذا كان مبدلا من همزة كالوولى تأنيث الأوأل أصله وؤلى فأبدلوا من الهمزة واوا لضمة ما قبلها فلا تبدل الواو الأولى همزة ؛ لأن الثانية بدل منها فكأنها موجودة وصار مستثقلا كما لو قيل : الأألى بهمزتين.

وتبدل الهمزة أيضا من كل واو مضمومة لازمة غير مشددة كوجوه ووقتت ، فيقال : أجوه وأقتت ؛ لأن الواو إذا كانت مضمومة فكأنه اجتمع واوان فاستثقل ، واحترز بلزوم الضمة من نحو : اخشوا الله ، و (لَتُبْلَوُنَ) [آل عمران : ١٨٦] ، فلا إبدال لعروضها ، وبغير المشددة من نحو : تعوذ وتعود فلا إبدال أيضا ، ولو أمكن تخفيف الواو بالإسكان نحو :سور وسور فلا إبدال أيضا أورده أبو حيان على عبارة «التسهيل» ، وهو عندي داخل تحت قوله : ضمة لازمة.

وتبدل الهمزة أيضا من تالي ألف شبه مفاعل إذا كان مدا مزيدا كالقلائد والصحائف والعجائز ، بخلاف ما إذا كان أصليا كمعايش ومفاوز فإن المد فيهما عين الكلمة ، وتبدل الهمزة أيضا من ثاني حرفي لين اكتنفا مدة مفاعل كأوائل جمع أول ، ونيائف جمع نيف ، وسيائد جمع سيد.

وتفتح هذه الهمزة في هذه الصورة والتي قبلها مجعولة واوا في ما لامه واو سلمت في المفرد بعد ألف كهراوة وهراوى وإداوة كأداوى ، والأصل هرائي وأداءي ، ثم صار (هراءا) و (أداءا) ، ثم أبدل من الهمزة واو كراهة اجتماع ألفين بينهما همزة مفتوحة ، والهمزة كأنها ألف فكأنه اجتمع ثلاث ألفات ، ومجعولة ياء إن كانت اللام غير ما ذكر بأن تكون ياء نحو : هدية وهدايا أو واوا اعتلت في المفرد ولم تسلم كمطية ومطايا ، أو كانت همزة كخطيئة وخطايا.

إبدال الهمزة مدة تجانس الحركة

(ص) وتبدل الهمزة الساكنة بعد متحركة متصلة مدة تجانس ، والمتحركة ياء إن كسرت أو تلته ولم تضم ، أو كانت لاما مطلقا في غير ذلك في نحو : أؤم وجهان ، وأبدل المازني الياء منها فاء لأفعل ، والأخفش مضمومة بعد كسر والواو من عكسها ، وتبدل تلو الساكنة ياء إن كانت موضع اللام ، وإلا تصح ، ولو توالى همزات أبدلت الثانية والرابعة ، وحقق الباقي.

(ش) تبدل الهمزة الساكنة بعد همزة متحركة متصلة مدة تجانس الحركة فتبدل ألفا في

٣١٣

آدم ، وياء في إيمان ، وواوا في أومن ، وأصلها أأدم وإئمان وأؤمن ، فإن تحركت الهمزتان المتصلتان والأولى لغير المضارعة أبدلت الثانية ياء إن كسرت مطلقا سواء تلت فتحا نحو : أيمة ، والأصل أئمة ، أو كسرا نحو : أين مضارع أن والأصل أإن ، أو ضما نحو : أيم مثال أئم من الأم والأصل أأمم ، نقلت حركة ما بعد الهمزة الساكنة إليها لأجل الإدغام فانكسرت فأبدلت ياء ، أو تلت كسرا ولم تضم نحو : إيم مثل إصبع من الأم الأصل إأمم نقلت حركة الميم إلى الهمزة الساكنة لأجل الإدغام كما تقدم ، أو كانت لاما مطلقا سواء كانت في اسم أو فعل تلت فتحا أو ضما أو كسرا مثاله بعد الفتح قرأى وقرأى إذا بنيت من القراءة اسما مثل جعفر ودرهم ، وقرأى إذا بنيت فعلا مثل دحرج الأصل قرأأ وقرأأ وقرأأ.

ومثاله بعد الضم قرأي مثل برثن من القراءة ، الأصل قرؤؤ فأبدل من الهمزة ياء فصار في آخر الاسم واو ساكنة قبلها ضمة فقلبت الضمة كسرة والواو ياء فصار من باب المنقوص ، ومثاله بعد الكسر قرإي مثل زبرج الأصل قرئىء أبدلت الهمزة ياء ، ثم استثقل الضمة في الياء فصار مثل قاض وتبدل الهمزة الثانية واوا إن فتحت بعد مفتوحة أو مضمومة نحو : أو ادم جمع آدم أصله أءادم ، وأويدم تصغير آدم أصله أأيدم ، أو ضمت مطلقا سواء تلت فتحا أو ضما أو كسرا كأوم مثال أصبع وأومم مثل أبلم وإوم مثال إصبع من الأم ، نقلت فيها حركة الميم إلى الهمزة الساكنة لأجل الإدغام فقلبت الهمزة واوا من جنس حركة نفسها ، وفي نحو : أؤم وجهان.

وخالف المازني في مسألة وهي ما إذا كانت الهمزة الثانية فاء لأفعل فإنه يبدلها ياء كأن تبني أفعل من الأم فتقول على رأيه : (هذا أيم من هذا) ، وعلى رأي الجماعة هذا أوم ، وحجة المازني الحمل على أيمة ؛ لأن الفتحة أخت الكسرة ، فالأقيس أن يكون حكم الهمزة المفتوحة كحكم المكسورة في الإبدال لا كالمضمومة.

وخالف الأخفش في مسألتين :

إحداهما : مسألة أإم مثل إصبع فمذهبنا أنه تبدل الهمزة ياء ؛ لمناسبة حركتها ، ومذهبه إبدالها واوا ؛ لمناسبة حركة ما قبلها فتقول : أوم.

والثانية : مسألة إأم مثل إصبع فمذهبنا إبدالها واوا لمناسبة حركتها ، ومذهبه إبدالها ياء لمناسبة حركة ما قبلها ، فيقول : إيم.

والحاصل أن الأخفش يبدل المكسورة بعد الضم واوا ، والمضمومة بعد الكسر ياء.

٣١٤

فإن سكنت الهمزة الأولى أبدلت الثانية ياء إن كانت موضع اللام وإلا صحت نحو : قرأي مثل قمطر الأصل قرأأ أبدلت الهمزة الثانية ياء فرارا من الاستثقال لو بقيت ، ومن مخالفة الأقيسة ؛ لأنه متى التقى مثلان والأول ساكن في كلمة وجب الإدغام ، وقد أجمعت العرب على ترك الإدغام في الهمزتين من كلمة إلا إذا كانتا عينين نحو : سآل ولآل ، وهذان مثال قولي : «وإلا صحت».

وخرج بقيد الاتصال ما لو فصل بين الهمزتين فإنهما يصحان نحو : أالآء وهو شجر ، ولو توالى أكثر من همزتين حققت الأولى والثالثة والخامسة ، وأبدلت الثانية والرابعة كأن تبني من الهمزة مثال أترجة فتقول : أأ أأ أة فتبدل الثانية واوا لضمة ما قبلها ، وكذلك الرابعة ، وتحقق الأولى والثالثة والخامسة فتقول : أوأو أة ، ولو بنيت من الهمزة مثل قمطر قلت : إياأ ، والأصل إ أأ أفتبدل الثانية ياء من جنس حركة ما قبلها.

تخفيف الهمزة المفردة الساكنة

(ص) مسألة يجوز تخفيف الهمزة المفردة الساكنة بإبدالها مجانس حركة متلوها ، والمتحركة بعد ساكن بالحذف ، ونقل حركتها إليه ما لم يكن مدا زائدا ، أو ياء تصغير فتقلب وتدغم ، أو نون انفعال فتقر ، أو ألفا فتسهل بينها ومجانس حركتها ، وكذا مثلثة بعد فتح ، ومكسورة ومضمومة بعد كسر أو ضم في الأصح ، وتقلب مفتوحة تلو كسر ياء ، وضم واوا.

(ش) هذا فصل في تخفيف الهمزة المفردة إذا كانت الهمزة ساكنة ، فإن كان ما قبلها ساكنا لزم تحريكه لالتقاء الساكنين بحسب ما يجب من الحركات كنظيره مع غير الهمزة ، وإن كان ما قبلها متحركا جاز أن تخفف بإبدالها حرفا من جنس حركة ما قبلها ، فتبدل ألفا في كأس ، وياء في ذئب ، وواوا في بؤس.

وإن تحركت الهمزة بعد ساكن خففت بحذفها ونقل حركتها إلى الساكن قبلها كقولك في اسأل : سل ، ما لم يكن الساكن قبلها حرف مد زائد كخطيئة ومقروءة ، فإن الهمزة تقلب حرفا مثله وتدغم فيه فيقال : خطيّة ومقروّة ، أو ياء تصغير فكذلك كحطيئة ، أو نون انفعال نحو : انأطر فإن الهمزة تحقق فيه حذرا من الإلباس ، أو ألفا مبدلة من أصل كالهباء فإن الهمزة تسهل بجعلها بين بين ، ولا حذف ولا نقل في الصور الأربع.

وإن تحركت الهمزة بعد متحرك خففت بالتسهيل بينها وبين حرف حركتها إن كانت بعد فتح مطلقا مفتوحة كانت كسأل ، أو مكسورة كسئم ، أو مضمومة كلؤم ، أو كانت بعد

٣١٥

كسر أو ضم وهي في الصورتين مكسورة أو مضمومة كمئين وسئل ويستهزئ ورؤوس ، فإن كانت مفتوحة قلبت بعد الكسر ياء كمير في مئر جمع مئرة ، وبعد الضم واوا كجون في جؤن جمع جؤنة ، ورجل سولة في سؤلة ، وخالف الأخفش في صورتين وهي المضمومة بعد كسرة ك : (يستهزئ) ، والمكسورة بعد ضمة كسئل فأبدل الأولى ياء والثانية واوا.

إبدال الواو ياء

(ص) وتبدل الياء بعد كسرة من واو عين مصدر أعلت في فعله لا موازن فعل وعين فعال جمعا لواحد سكنت فيه ، أو اعتلت وصحت اللام ، وتقلب في فعل لا فعلة ، ومن ألف واو ساكنة أو آخرا ولو تقديرا ، ومنها بعد فتح رابعة فصاعدا ، ولام فعلى وصفا ، ومع ياء متصلة إن سبقت إحداهما ساكنة ، وتأصل السبق ، وكذا السكون في الأصح ، وتدغم متطرفة ولو تقديرا بعد واوين سكن ثانيهما ، أو كائنة لام فعول جمعا ، ويعطى متلوهما ما ذكر من إبدال وإدغام ، فإن كانت لام مفعول غير واوي العين أو مكسورها أو لام فعول مصدرا أو عين فعل جمعا فالتصحيح أكثر أو مفعول من فعل فالإعلال.

(ش) تبدل الياء بعد كسرة من واو هي عين مصدر لفعل معل العين موزون بفعال نحو : قام قياما وعاد عيادا بخلاف عين غير المصدر كصوان وسواك والمصدر المفتوح أوله كرواح ، أو المضموم كعوار ، أو المكسور الذي لم تعل عين فعله كلاوذ لواذا ، وعاود عوادا ، أو الموزون بفعل كالحول ، وتبدل أيضا بعد كسرة من واو هي عين جمع لواحد ساكن العين ، أو معتلها صحيح اللام موزون بفعال كثوب وثياب وحوض وحياض ودار وديار وريح ورياح ، بخلاف عين المفرد كخوان وما مفرده معتل اللام كجرو وجراء حذرا من اجتماع الإعلالين في كلمة وهما إبدال اللام همزة ، وإبدال العين ياء ، فاقتصر على أحد الإعلالين وكان الآخر ؛ لأن الأواخر هي محل التغييرات ، أما الموزون بغير فعال وهو فعل وفعلة فإن فيه الوجهين كحاجة وحوج وحيلة وحيل وتارة وتير وقيمة وقيم وثور وثيرة وكوز وكوزة وعود وعودة ، إلا أن الإعلال في فعل أغلب والتصحيح في فعلة أغلب.

إبدال الألف ياء

وتبدل الياء بعد كسرة من ألف وواو ساكنة أو متطرفة تحقيقا أو تقديرا وهي التي تليها علامة التأنيث ، أو زيادتا فعلان نحو : محراب ومحاريب ومحيريب ، ونحو : إيعاد وميعاد ، ونحو : الغازي وأكسية جمع كساء وشجيان.

٣١٦

إبدال الواو ياء

وتبدل الياء بعد فتحة من واو وقعت رابعة فصاعدا في اسم أو فعل نحو : المعطيان يرضيان والمستعليان يسترضيان ، وتبدل الياء من واو هي لام فعلى وصفا كالعليا والدنيا ، ومن الواو الملاقية ياء في كلمة إن سكن سابقهما سكونا أصليا وتأصل السبق أيضا ، ثم تدغم إحداهما في الأخرى كسيد وهين الأصل سيود وهيون قلبت الواو ياء وأدغمت فيها الياء ؛ لاجتماع الشروط ، واحترز بكلمة عما في كلمتين كقولك : هو يريد ، ويسبق الساكن عن تأخره كالطويل والغيور.

وبأصالة السكون عن عروضه كقوي مخفف قوي ، وبأصالة السابق عن عروضه كروية مخفف رؤية ، فإن الواو بدل الهمزة لا أصل ، وتبدل الياء أيضا من الواو المتطرفة لفظا أو تقديرا بعد واوين سكنت ثانيتهما كأن تبني مفعولا ومفعولة من نحو : قوي فإنه يقال : مقووو ومقوووة فتجتمع ثلاث واوات في الطرف مع الضمة ، فاستثقل ذلك فقلبت الواو الأخيرة ياء ، ثم المتوسطة لاجتماع ياء وواو وسبق إحداهما بالسكون ، ثم قلبت الضمة كسرة لأجل صحة الياء وأدغمت الياء في الياء فقالوا : مقوي ومقوية.

وتبدل الياء أيضا من الواو الكائنة لام فعول جمعا ك : عصي أصله عصوو فأبدلت الواو الأخيرة وهي لام الكلمة ياء وأعطي متلوها الذي هو واو المد من إبدالها ياء ، وإدغامها في الياء الأخيرة ، وقلبت الضمة كسرة ؛ لتصح الياء فإن كانت الواو لام مفعول ليست عينه واوا ، ولا هو من فعل مكسور العين ، أو لام فعول مصدرا لا جمعا ، أو عين فعل جمعا فوجهان ، والتصحيح أكثر مثال الأول مغزو ومغزي ، والثاني عتا عتوا وعتيا ، والثالث نوم وصوم ونيم وصيم ، وإن كانت لام مفعول من فعل فوجهان والإعلال أرجح نحو : مرضي ومرضو.

(ص) وتبدل الواو بعد ضم من ألف وياء ساكنة مفردة ، لا في جمع فيكسر لها الضم ، ولام فعل ومتلوة بزيادتي فعلان ، أو تاء بنيت عليها الكلمة ولام فعلى اسما ، وفي عين فعلى وصفا وجهان.

(ش) تبدل الواو بعد ضم من ألف كقولك في تصغير ضارب : ضويرب ، ومن ياء ساكنة مفردة في غير جمع نحو : موقن والأصل ميقن ؛ لأنه من اليقين.

واحترز بالمفردة من المكررة (كبياع) ، وبغير الجمع منه فإنه تبدل فيه واوا ، ولكن

٣١٧

تقلب الضمة كسرة لتسلم الياء نحو : (بيض) ، والأصل بيض ؛ لأن وزنه فعل (كحمر).

وتبدل الواو أيضا بعد الضم من الياء الواقعة لام (فعل) ك : (رمو) و (قضو) وقبل زيادتي فعلان كرموان مثل سبعان من الرمي ، أو قبل تاء بنيت عليها الكلمة نحو : رموة مثل تمرة من الرمي ، وتبدل الواو من ياء هي لام فعلى اسما كتقوى ، وفي عين فعلى وصفا وجهان : الإبدال كالطوبى والكوسى مؤنث الأطيب والأكيس ، والتصحيح ك : (قِسْمَةٌ ضِيزى) [النجم : ٢٢] ، وامرأة حيكى.

إبدال الواو والياء ألفا

(ص) وتبدل الألف من ياء أو واو بعد فتح متصل ، بشرط أن يتحركا بأصل ، وألا يليها ساكن أو غير ألف وياء مشددة وهي لام ، وألا يكون وصفه أفعل ، ولا وزنه افتعل ، وواوي العين دالا على تفاعل ، ولا اسما آخره زيادة تخصه ، خلافا للمازني في الأخيرة ، فإن استحق ذلك حرفان صح الأول غالبا.

(ش) تبدل الألف من ياء أو واو نحو : باع وقال أصلهما بيع وقول ، ورمى وغزا أصلهما رمي وغزو ، بشروط : أن يكونا بعد فتح بخلاف نحو : غزو وظبي ورضي وشقي وشج وعم وأدل وأظب ، وأن يتصلا به بخلاف (آي) و (واو) فإنهما لم يتصلا بالفتحة ؛ إذ حجز بينهما الألف ، وأن يتحركا بخلاف ما إذا سكنا نحو : غزو ورمي من قمطر ، وأن تكون حركتهما أصلية بخلاف ما هو ساكن في الأصل وعرض تحريكه نحو : يرعوي ويرميي ، فإن حركة هذه الواو والياء عارضة ؛ إذ أصلهما السكون ؛ لأن مثالهما في الصحيح يحمر مضارع احمر ، وألا يليها ساكن بخلاف نحو : طويل وغيور وهذا الشرط في العين خاصة ، أما اللام فلا يضر إيلاؤها الساكن إلا أن يكون ألفا كرميا وغزوا ورحيان والغليان والنزوان ، أو ياء مشددة نحو : عصوي فلا تنقلب الياء والواو ألفا في مثل هذا ، وألا يكون وصفه أفعل بخلاف نحو : صيد وحول وعور وسيد فإنها صحت لفتحتها من أصيد وأحول وأعور وأسود.

وألا يكون فعلا وزنه افتعل وهو واوي العين دال على تفاعل بخلاف نحو : اجتوروا وازدوجوا واعتوروا فإنه صحت فيه الواو ؛ لأنه من معنى تجاوروا وتزاوجوا وتعاوروا ، فإن كان على افتعل وهو يائي العين وجب الإعلال نحو : امتازوا وابتاعوا واستافوا ، أي : تضاربوا بالسيوف ، وإنما لم تصحح ذوات الياء ؛ لأن الياء أشبه بالألف من الواو فرجحت

٣١٨

عليها في الإعلال ، وألا يكون اسما آخره زيادة تخص الأسماء ، بخلاف السيلان والجولان.

وخالف المازني في هذا الشرط فأجاز إعلاله وعليه جاء داران وحادان من دار يدور وحاد يحيد ، فإن استحق هذا الإعلال حرفان فالغالب تصحيح الأول وإعلال الثاني نحو : هوى وطوى.

إبدال النون ميما

(ص) وتبدل الميم من نون ساكنة قبل باء والتاء من فاء افتعال لينا ، وشذ في الهمزة والطاء من تائه تلو مطبق ، والدال منها تلو دال أو ذال أو زاي ، وما عدا ما قرر شاذ مسموع ، أو لغة قليلة ، ويعرف الإبدال بالتصاريف.

(ش) تبدل الميم من النون الساكنة قبل باء نحو : عنبر وشنبر ، و (أَنْ بُورِكَ) [النمل : ٨] ، والنون أخت الميم وقد أدغمت فيها نحو : من مالك ، فأرادوا إعلالها مع الباء كما أعلوها مع الميم.

إبدال الواو والياء تاء

وتبدل التاء من فاء الافتعال وفروعه إن كانت ياء أو واوا نحو : اتّعد يتعد اتّعد ومتعد ومصدرها الاتعاد والأصل اوتعد ؛ لأنه من الوعد ، وكذا اتسر وفروعه أصله ايتسر ؛ لأنه من اليسر ، وإنما أبدلوا الفاء تاء ؛ لأنهم لو أقروها لتلاعبت بها حركات ما قبلها فكانت تكون بعد الكسرة ياء وبعد الفتحة ألفا وبعد الضمة واوا ، فأبدلوا منها حرفا جلدا لا يتغير لما قبله ، وهي مع ذلك أقرب من الفم إلى الواو ، وشذ إبدالها من فاء الافتعال إذا كانت همزة نحو : اتزر من الإزار والفصيح ائتزر.

إبدال التاء طاء

وتبدل الطاء من تاء الافتعال تلو حرف مطبق نحو : اصطفى واضطر واطعن واظطلم.

إبدال التاء دالا

وتبدلا لدال من تاء الافتعال تلو دال وذال أو زاي نحو : ادان وادكر وازدان ، وما خرج عما قرر من هذا الباب فهو شاذ مسموع يحفظ ، ولا يقاس عليه ، أو لغة قليلة لقوم من العرب ، وعلامة صحة البدلية الرجوع من بضع التصاريف إلى المبدل منه.

٣١٩

النقل

(ص) النقل ينقل للساكن الصحيح حركة لين عين فعل غير تعجب ولا مصرف من (عور) ونحوه ، ولا مضاعف اللام ولا معلها أو اسم غير جار على فعل مصحح أوله ميم زائدة غير مكسورة ، أو موافق للمضارع في زيادته ، أو وزنه لا فيهما ، أو مصدر على إفعال واستفعال وتبدل بمجانسها ، وتحذف ألفهما معوضا منها التاء غالبا واو مفعول بعده ، وقيل : عين الثلاثة فإن كانت ياء كسرت المنقولة صونا عن الإبدال ، وقاس أبو زيد تصحيح المصدر ، والمبرد تصحيح مصون.

(ش) تنقل حركة العين للساكن الصحيح قبلها إن كانت من فعل أو اسم بالشروط المذكورة نحو : يبيع ويقول الأصل يبيع ويقول ، ونحو : مقام ومقال الأصل مقوم ومقول ، وشرط الفعل ألا يكون لتعجب بخلاف نحو : ما أبين هذا وما أطوله ، ولا مصرفا من نحو : عور بخلاف نحو : يصيد ويعود وأصيد وأعور وأعوره الله ، ولا مضاعف اللام بخلاف نحو : أبيض وأسود حذرا من الإلباس ولا معل اللام بخلاف نحو : أهوى واستحيا حذرا من توالي إعلالين ، وشرط الاسم ألا يكون غير جار على فعل مصحح بخلاف نحو : مقاول ومبايع ، فإن حرف العلة لا يعل في هذا الاسم لجريانه على تقاول وتبايع ، وأن يكون أوله ميم غير مكسورة إما مفتوحة كما مر أو مضمومة (كمقيم) و (مبين) ، بخلاف ما أوله ميم مكسورة كمخيط ومقول ، أو موافقا للمضارع في زيادته دون وزنه نحو : تقيل وتبيع مثل تحلئ من القول والبيع ، والأصل تقول وتبيع نقلت حركة العين إلى الفاء فسكنت ، وانقلبت واو (تقول) ياء لكسر ما قبلها ، أو في وزنه دون زيادته كمقام فإنه موافق للفعل في وزنه فقط ، وفيه زيادة تنبئ على أنه ليس من قبيل الأفعال وهي الميم فأعد فإن وافقه في الزيادة والوزن معا لم يعل نحو : أسود وأطول منك وأبين ؛ لأنه لو أعل التبس بلفظ الفعل ، ولا ينقل إلى ساكن معتل كطاوع وقوم وسير ، وإذا نقل أبدلت العين بمجانس الحركة المنقولة كقولك من أقوم وأطيب : أقام وأطاب ، فإن جانست الحركة العين فليس فيه سوى النقل كيقول ويبيع.

وتنقل الحركة أيضا إلى الساكن الصحيح قبلها من عين مصدر على إفعال أو استفعال ، وتبدل العين حينئذ بمجانس الحركة المنقولة وتحذف ألفهما ويعوض منها التاء غالبا ، مثال ذلك إقامة واستقامة ، الأصل إقوام واستقوام نقل وأبدلت الواو ألفا ، فالتقى ألفان فحذفت ألف المصدر وعوض منها التاء.

٣٢٠