همع الهوامع - ج ٢

جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي

همع الهوامع - ج ٢

المؤلف:

جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٢٧

يلبس فتقلب بحسبه ، وجوزه الكوفية مطلقا ، وفي (يا) و (وا) ويقدر حركتهما الفتح والحذف ، والأصح لا يغني عنها فتحة ، وأنها لا تقلب ما بعد نون مثنى ، وأنه لا يعوض منها تنوين وصلا ، وأنه لا يلحق نعته أو نعت أيها أو مضاف نعته غير أي ، قال ابن مالك : أو ما آخره ألف وهاء ، وجوزه بعضهم في بدل ونسق ومنادى غير مندوب ، ويليها غالبا سالمة أو منقلبة هاء ساكنة لا وصلا اختيارا خلافا للفراء.

(ش) يلحق جوازا آخر ما تم به المندوب ألف ، وليس لحاقها بلازم ، وآخر ما تم به يشمل المفرد والمضاف وشبهه ، والموصول والمركب ، ثم إن كان متلوها تنوينا أو ألفا حذف ؛ لالتقاء الساكنين نحو : وا موساه ، وا غلام زيداه ، وجوز الكوفيون قلب الألف ياء وتحريك التنوين بفتح أو كسر ، فيقال : وا موسياه ، وا غلام زيدناه أو زيدنيه ، وإن كان همز تأنيث أقر نحو : وا حمراءاه ، وجوز الكوفيون حذفها ، وإن كان حرفا محركا فتح إن كان مضموما أو مكسورا ، وأقر إن كان مفتوحا نحو : وا زيداه وا عبد الملكاه ، وا رقاشاه ، وا عبد يغوثاه ما لم يحصل لبس ، فتقر الحركة وتقلب الألف واوا إن كانت ضمة ، وياء إن كانت كسرة ، كقولك في غلامه وقوموا مسمى به : وا غلامهوه ، وا قوموه بقلب الألف واوا وحذف الواو الأولى ؛ لالتقائها ساكنة معها.

وفي غلامك وقومي مسمى به : وا غلامكيه وا قوميه بقلب الألف ياء وحذف الياء الأولى لذلك ؛ إذ لو بقيت الألف وقيل : وا غلامهاه لالتبس بالغائبة ، أو وا قوماه لالتبس بالمثنى ، أو وا غلامكاه لالتبس بالمذكر ، وأجاز الكوفيون القلب مطلقا وإن لم يلبس فأجازوا وا رقاشيه وا عبد الملكيه ، وإن كان ياء أو واوا يقدر فيهما الحركة جاز فيهما الحذف والإبقاء محركا بالفتح ، كقولك في غلامي : وا غلاماه أو وا غلامياه.

وبقي مسائل الأولى : لا يستغنى عن الألف بالفتحة فلا يقال : وا عمر وأنت تريد وا عمراه ، خلافا للكوفيين.

الثانية : لا تقلب الألف ياء بعد نون التثنية عند البصريين ، بل يتعين فتح النون نحو :وا زيداناه ، وأجازه الكوفيون وابن مالك فيقال : وا زيدانيه.

الثالثة الرابعة : لا تلحق الألف نعت المندوب عند جمهور البصريين ؛ لأنه منفصل من المنعوت ، وأجازه يونس والكوفيون وابن مالك نحو : وا زيد الطويلاه ، وأجاز خلف لحوقها نعت أيّ نحو : يا أيها الرجلاه ، وأجاز يونس وابن مالك لحوقها المجرور بإضافة نعته نحو :

٤١

٦٩٩ ـ ألا يا عمرو عمراه

وعمرو بن الزّبيراه

والجمهور حملوا ذلك على الشذوذ ، وجوز بعضهم لحوقها البدل وعطف النسق.

الخامسة : إطلاق النحاة يقتضي جواز لحاق الألف لما في آخره ألف وهاء ، وبه صرح بعض المغاربة وابن معط في «ألفيته» وابن الحاجب ، فيقال في عبد الله : وا عبد اللاهاه ، وفي جهجاه : واجهجاهاه ، ومنعه ابن مالك لاستثقال ألف وهاء بعد ألف وهاء.

السادسة : قيل : قد يلحق الألف المنادى غير المندوب كقول امرأة من العرب : (فصحت يا عمراه) فقال : (يا لبيكاه) ، جزم بذلك ابن مالك وغيره ، ومنعه سيبويه.

السابعة : تلي الألف في الغالب سالمة ومنقلبة ياء أو واوا هاء ساكنة كما تقدم من الأمثلة ، ويجوز تركها كقوله :

٧٠٠ ـ وقمت فيه بأمر الله يا عمرا

ولا تثبت في حال الوصل إلا ضرورة ، وأجاز الفراء ثبوتها فيه مكسورةو مضمومة.

الاستغاثة :

(ص) مسألة : تجر اللام مفتوحة منادى متعجبا منه أو مستغاثا به متعلقة بفعل النداء ، وقيل : بحرفه ، وقيل : زائدة ومكسورةالمعطوفة عليه دون يا ، والمستغاث من أجله متعلقة بفعل النداء ، أو أدعوك ، أو مدعوا أقوال ، وقد تجر ب : (من) ، أو يحذف ، أو تليه (يا) لحذف المستغاث به ، وإذا ولي (يا) ما لا ينادى إلا مجازا جاز فتح اللام مستغاثا به وكسرها ، وليست بعض (آل) خلافا لزاعمه ، وتعاقبها ألف كالندبة ، ويختص الباب ب : (يا) ، وقلّ ورود (وا) في التعجب.

(ش) إذا استغيث المنادى أو تعجب منه جر باللام مفتوحة نحو : يا لله ، يا للماء ، يا للعجب ، وما كان منادى صح أن يكون مستغاثا ومتعجبا منه ، وما لا فلا ، إلا المعرف بأل

__________________

٦٩٩ ـ ذكر البيت في نسخة العلمية بدون شرح.

٧٠٠ ـ البيت من البسيط ، وهو لجرير في ديوانه ص ٧٣٦ ، وشرح التصريح ٢ / ١٦٤ ، ١٨١ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٧٩٢ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٢٨٩ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٢٢٩ ، وبلا نسبة في أوضح المسالك ٤ / ٩ ، وشرح الأشموني ٢ / ٤٤٢ ، ٣ / ١٣٤ ، وشرح قطر الندى ص ٢٢٢ ، ومغني اللبيب ٢ / ٣٧٢ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٣٢٦.

٤٢

فإنه يجوز هنا ، والاستغاثة دعاء المستغيث المستغاث ، والتعجب بالنداء على وجهين أحدهما أن ترى أمرا عظيما فتنادي جنسه نحو : يا للماء ، والآخر أن ترى أمرا تستعظمه فتنادي من له نسبة إليه أو مكنة فيه نحو : يا للعلماء.

وعلة فتح لام المستغاث الفرق بينه وبين المستغاث من أجله ، وأجري المتعجب منه مجراه لمشاركته في المعنى ؛ لأن سببهما أمر عظيم عند المنادى.

واختلف في هذه اللام فقيل : زائدة وعليه ابن خروف واختاره أبو حيان بدليل معاقبتها للألف ، والأصح ليست بزائدة وعلى هذا فذهب ابن جني إلى أنها تتعلق بحرف النداء لما فيه من معنى الفعل ، وذهب سيبويه إلى أنها تتعلق بالفعل المضمر واختاره ابن عصفور ، وبكسر اللام مع المعطوف إن لم تعد معه (يا) نحو :

٧٠١ ـ يا للكهول وللشّبّان للعجب

فإن أعيدت معه (يا) فتحت نحو :

٧٠٢ ـ يا لعطاء ويا لرياح

وتكسر أيضا مع المستغاث من أجله نحو :

٧٠٣ ـ يا لقومي لفرقة الأحباب

وتتعلق بفعل مضمر تقديره أدعوك لفلان ، قال ابن عصفور : قولا واحدا ، وليس كذلك ، بل الخلاف موجود فقيل : إنها تتعلق بفعل النداء وهو بعيد ، وقيل : بحال محذوفة تقديره يا لزيد مدعوا لعمرو ، وقد يجر المستغاث من أجله ب : (من) ؛ لأنها تأتي للتعليل كاللام قال :

__________________

٧٠١ ـ البيت من البسيط ، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك ٤ / ٤٧ ، والخزانة ٢ / ١٥٤ ، ورصف المباني ص ٢٢٠ ، وشرح الأشموني ٢ / ٤٦٢ ، وشرح التصريح ٢ / ١٨١ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ٢٠٣ ، شرح قطر الندى ص ٢١٩ ، واللسان مادة (لوم) ، والمقاصد النحوية ٤ / ٢٥٧ ، والمقتضب ٤ / ٢٥٦ ، والمقرب ١ / ١٨٤ ، انظر المعجم المفصل ١ / ١٠٦.

٧٠٢ ـ البيت من الخفيف ، وهو بلا نسبة في الخزانة ٢ / ١٥٥ ، وشرح الأشموني ٢ / ٤٦٢ ، وشرح المفصل ١ / ١٣١ ، والكتاب ٢ / ٢١٦ ، وكتاب اللامات ص ٨٩ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٢٦٨ ، والمقتضب ٢ / ٢٥٧ ، انظر المعجم المفصل ١ / ١٨١.

٧٠٣ ـ الشطر من الخفيف ، وهو بلا نسبة في الكتاب ٢ / ٢١٩.

٤٣

٧٠٤ ـ يا للرّجال ذوي الألباب من نفر

لا يبرح السّفه المردي لهم دينا

وقد يحذف المستغاث من أجله إن علم كقوله :

٧٠٥ ـ فهل من خالد إمّا هلكنا

وهل بالموت يا للّناس عار

وقد يحذف المستغاث به ، فتلي (يا) المستغاث من أجله كقوله :

٧٠٦ ـ يا لأناس أبوا إلّا مثابرة

على التّوغّل في بغي وعدوان

أي : يا لقومي لأناس ، وإذا ولي (يا) اسم إلا مجازا نحو : يا للعجب ، ويا للدواهي ، جاز في اللام الفتح على أنه مستغاث به ، أي : يا عجب احضر فهذا وقتك ، والكسر على أنه مستغاث من أجله والمستغاث به محذوف ، وكأنك دعوت غيره تنبهه على هذا الشيء ، وزعم الكوفيون أن لام الاستغاثة بعض (آل) ، وأن أصل يا فلان يا آل فلان فحذف ؛ لكثرة الاستعمال ، كما قالوا في أيمن : م ، ولذلك صح الوقف عليها في قوله :

٧٠٧ ـ إذا الدّاعي المثوّب قال : يا لا

والبصريون قالوا : بل هي لام الجر بدليل وقوع كسرها في العطف ، ولو كانت بعض آل لم يكن لكسرها موجب ، ونقل الأول عن الكوفيين ذكره ابن مالك ، ونازع فيه أبو حيان بأن الفراء قال : ومن الناس من زعم كذا ، فظاهر هذه العبارة منه أنه ليس مذهب الكوفيين ، ثم إنه لم يقل به وهو من رؤوسهم فلذا لم أعزه في المتن إليهم ، بل قلت : «خلافا لزاعمه».

وتعاقب اللام ألف في آخر المستغاث والمتعجب منه كالمندوب فلا يجتمعان نحو :

__________________

٧٠٤ ـ البيت من البسيط ، وهو بلا نسبة في شرح الأشموني ٢ / ٤٦٣ ، و٣ / ١٦٥ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٢٧٠ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٩٨٢.

٧٠٥ ـ البيت من الوافر ، وهو لعدي بن زيد في ديوانه ص ١٣٢ ، ومعجم الشعراء ص ٢٥٠ ، والشعر والشعراء ١ / ٢٣٥ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٣٤٣.

٧٠٦ ـ البيت من البسيط ، وهو بلا نسبة في شرح الأشموني ٢ / ٤٦٤ ، ٣ / ١٦٧ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٢٧١ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ١٠٢٤.

٧٠٧ ـ البيت من الوافر ، وهو لزهير بن مسعود الضبي في تخليص الشواهد ص ١٨٢ ، والخزانة ٢ / ٦ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٥٩٥ ، والمقاصد النحوية ١ / ٥٢٠ ، ونوادر أبي زيد ص ٢١ ، وبلا نسبة في الخصائص ١ / ٢٧٦ ، ٢ / ٣٨٥ ، ٣ / ٢٢٨ ، ورصف المباني ص ٢٩ ، ٢٣٧ ، ٣٥٤ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٨٤٧ ، وشرح ابن عقيل ص ١٠٢ ، واللسان مادة (يا) ، ومغني اللبيب ١ / ٢١٩ ، ٢ / ٤٤٥ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٦٤٦.

٤٤

يا زيدا لعمرو ، وتلحقها هاء السكت وقفا ، ويظهر من كلام سيبويه عن الخليل أن اللام هي الأصل.

ويختص باب الاستغاثة والتعجب ب : (يا) من بين سائر حروف النداء ، وربما وردت (وا) في التعجب.

تنبيه : إنما أعرب إنما أعرب المستغاث والمتعجب منه مع كونه منادى ، وعلة البناء موجودة فيه ؛ لدخول اللام التي هي من خصائص الأسماء فرجع إلى أصله ، وعلى هذا لا موضع رفع له ، فينعت بالجر والنصب ، وقيل : لأن (يا) صار حكمها في النداء حكم العامل إذ البناء فيهما يشبه بالإعراب ، فلما دخل الحرف لمعناه زال عمل (يا) لفظا ، وصار بمنزلة ما زيد بجبان ، فعلى هذا له موضع رفع فينعت بثلاثة أوجه.

الترخيم :

(ص) مسألة : الترخيم حذف آخر المنادى ولا يرخم غيره إلا ضرورة إن صلح له : ولو غير علم وذي تاء ومعوض ومنتظر في الأصح ، ولا ملازم النداء ومندوب ومستغاث باللام قطعا ولا دونها ، ومضاف ومبني غير النداء ، خلافا لزاعمها.

(ش) الترخيم لغة التسهيل ، واصطلاحا : حذف آخر الاسم باطراد ، فلا يسمى مثل (يد) مرخما ، ويدخل في المنادى والتصغير ، والمقصود هنا الأول وهو المراد عند الإطلاق فلا يرخم غير المنادى إلا لضرورة ، بشرط صلاحيته للنداء ، بخلاف ما لا يصلح له كالمعرف بأل ، وسواء في جوازه في الضرورة العلم وغيره ، وذو التاء والخالي منها ، والمعوض وغيره ، والمنتظر وغيره ، كما جزم به ابن مالك ، وقال بعضهم : لا يرخم فيها غير النداء إلى العلم ؛ لأنه المسموع ، ولا شاهد في غيره ، ورد بقوله :

٧٠٨ ـ ليس حيّ على المنون بخال

أي : بخالد.

__________________

٧٠٨ ـ عجز البيت :

فلوى ذروة فجنبي ذيال

البيت من الخفيف ، وهو لعبيد بن الأبرص في ديوانه ص ١٠٩ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٤٦١ ، وبلا نسبة في شرح الأشموني ٢ / ٤٦٧ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٧٥٩.

٤٥

وقال بعضهم : لا يرخم في ثلاثي خال من التاء ، كما لا يرخم في النداء ، وقال بعضهم : إذا رخم في غير النداء عوض منه ياء ساكنة كقوله :

٧٠٩ ـ من الثّعالي ووخز من أرانيها

وقال المبرد : لا يجوز الترخيم في غير النداء ، إلا على نية التمام كقوله :

٧١٠ ـ طريف بن مال ليلة الجوع والخصر

ولا يجوز على نية الانتظار للمحذوف ، ورد بالقياس على حال النداء وبالسماع قال:

٧١١ ـ إنّ ابن حارث إن أشتق لرؤيته

أي : ابن حارثة ، وما ورد من ذلك فيما فيه أل كقوله :

٧١٢ ـ قواطنا مكّة من ورق الحما

أي : الحمام ، فمن الحذف الذي هو غير حذف الترخيم ، ولا يرخم الاسم الملازم للنداء ذكره أبو حيان في شرح «التسهيل» قال : وأما (ملأم) فليس ترخيم ملأمان ، بل بناء على مفعل من اللؤم ، قال : ونصوا أيضا على أنه لا يرخم المندوب الذي لحقته علامة

__________________

٧٠٩ ـ البيت من البسيط ، وهو لأبي كاهل النمر بن تولب اليشكري في المقاصد النحوية ٤ / ٥٨٣ ، ولأبي كاهل اليشكري في شرح أبيات سيبويه ١ / ٥٦٠ ، وشرح شواهد الشافية ص ٤٤٣ ، واللسان مادة (رنب ، تمر ، شرر ، وخز) ، ولرجل من بني يشكر في الكتاب ٢ / ٢٧٣ ، وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ص ٣٢٧ ، وجمهرة اللغة ص ٣٩٥ ، ١٢٤٦ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ١٠٥٦.

٧١٠ ـ البيت من الطويل ، وهو لامرىء القيس في ديوانه ص ١٤٢ ، وتذكرة النحاة ص ٤٢٠ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٤٥١ ، وشرح التصريح ٢ / ١٩٠ ، والكتاب ٢ / ٢٥٤ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٢٨٠ ، وبلا نسبة في أوضح المسالك ٤ / ٦٩ ، ورصف المباني ص ٢٣٩ ، وشرح الأشموني ٢ / ٤٤٧ ، وشرح ابن عقيل ص ٥٣٧ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٢٩٥.

٧١١ ـ البيت من البسيط ، وهو لابن حبناء في شرح أبيات سيبويه ١ / ٥٢٧ ، وشرح التصريح ٢ / ١٩٠ ، والكتاب ٢ / ٢٧٢ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٢٨٣ ، وبلا نسبة في أسرار العربية ص ٢٤١ ، والإنصاف ١ / ٣٥٤ ، وشرح الأشموني ٢ / ٤٧٧ ، والمقرب ١ / ١٨٨ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٨٧٠.

٧١٢ ـ الرجز للعجاج في ديوانه ١ / ٤٥٣ ، واللسان مادة (حمم ، قطن ، منى) ، وشرح ابن عقيل ص ٤٢٥ ، والكتاب ١ / ١٦ ، ١١٠ ، وما ينصرف وما لا ينصرف ص ٥١ ، والمحتسب ١ / ٧٨ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٥٥٤ ، ٤ / ٢٨٥ ، وتهذيب اللغة ١٥ / ٣٨١ ، والتاج مادة (ألف) ، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ١ / ٢٩٤ ، والإنصاف ٢ / ٥١٩ ، انظر المعجم المفصل ٣ / ١٢٦٣.

٤٦

الندبة ، ولا المستغاث الذي فيه اللام قطعا ، وأجاز ابن خروف ترخيم المستغاث إذا لم يكن فيه لام الاستغاثة كقوله :

٧١٣ ـ أعام لك بن صعصعة بن سعد

وقال ابن الصائغ : إنه ضرورة ولا يرخم المنادى المضاف عند البصريين ؛ لأن المضاف إليه ليس هو المنادى ولا يرخم إلا المنادى ، وأجازه الكوفيون وابن مالك بحذف آخر المضاف إليه كقوله :

٧١٤ ـ خذو حظّكم يا آل عكرم واذكروا

في أبيات أخر ، وأجاب سيبويه بأنها ضرورة ، قال أبو حيان : ولو ذهب ذاهب إلى جواز ذلك إذا كان آخر المضاف إليه تاء التأنيث وقوفا مع الوارد ، ومنعه إذا كان غيرها لكان مذهبا ، ولا يرخم المبني لسبب غير النداء كباب حذام.

ترخيم ذي التاء :

(ص) ويرخم ذو التاء مطلقا ، خلافا لابن عصفور في نحو : صلمعة بن قلمعة ، وللمبرد في النكرة مطلقا إلا (فلة) ، وغيره إن كان علما ، قيل : أو نكرة مقصودة زائدين على ثلاثة ، قيل : أو ثلاثيا محرك الوسط ، قيل : أو ساكنه.

(ش) ما فيه تاء التأنيث لا يشترط في ترخيمه علمية ولا زيادة على الثلاثة ، بل يرخم وإن كان ثنائيا غير علم ، كقول بعض العرب : يا شا ارحبي يريد يا شاة أقيمي ولا تسرحي ، وقال أبو حيان : ويستثنى (فلة) الخاص بالنداء فإنه لا يجوز ترخيمه ، وإن كان مؤنثا بالهاء ثم إن كان المؤنث بالهاء علما فلا خلاف في ترخيمه كقولك في (هبة) مسمى به : يا هب أقبل ، وإن كان نكرة مقصودة ففيه خلاف ، ذهب المبرد إلى أنه لا يجوز ترخيمها ، ورده الجمهور بنحو قوله :

__________________

٧١٣ ـ البيت من الوافر ، وهو للأحوص بن شريح في الكتاب ٢ / ٢٣٨ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٣٠٠ ، وبلا نسبة في شرح التصريح ٢ / ١٨٤ ، وشرح الأشموني ٢ / ٤٦٩ ، ٣ / ١٧٦ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٢٦٢.

٧١٤ ـ البيت من الطويل ، وهو لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ص ٢١٤ ، وأسرار العربية ص ٢٣٩ ، والإنصاف ١ / ٣٤٧ ، والخزانة ٢ / ٣٢٩ ، ٣٣٠ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٤٦٢ ، وشرح المفصل ٢ / ٢٠ ، والكتاب ٢ / ٢٧١ ، واللسان مادة (فرد ، عذر) ، والمقاصد النحوية ٤ / ٢٩٠ ، وبلا نسبة في شرح الأشموني ٢ / ٤٧٠ ، ٣ / ١٧٥ ، واللسان مادة (رحم ، عكرم) ، انظر المعجم المفصل ١ / ٣٧٤.

٤٧

٧١٥ ـ يا ناق سيري عنقا فسيحا

وفي «البديع» لا يجيز المبرد ترخيم النكرة العامة نحو : شجرة ونخلة ، وإنما يرخم منها ما كان مقصودا ، وهو خلاف ما حكاه غيره ، فلذا قلت : مطلقا.

وزعم ابن عصفور أنه لا يجوز ترخيم صلمعة بن قلمعة ؛ لأنه كناية عن المجهول الذي لا يعرف قال الشاعر :

٧١٦ ـ أصلمعة بن قلمعة بن فقع

لهنّك لا أبا لك تزدريني

قال أبو حيان : وإطلاق النحويين يخالفه ، وأيضا وإن كان كناية عن مجهول فإنه علم ، ألا ترى أنهم منعوه الصرف للعلمية والتأنيث ، فحكمه حكم أسامة للأسد.

والعاري من تاء التأنيث إنما يرخم بشرطين : أن يكون علما بخلاف اسم الجنس والإشارة والموصول ، وأن يكون زائدا على ثلاثة فلا يرخم الثلاثي ، وذهب بعضهم إلى جواز ترخيم النكرة المقصودة ؛ لأنها في معنى المعرفة ، ولذلك نعت بها فأجاز في غضنفر يا غضنف ، واستدل بما ورد من قولهم : أطرق كرا ، أي : كروان ، ويا صاح ، أي : يا صاحب ، والجمهور جعلوا ذلك شاذا ، وذهب الكوفيون إلا الكسائي إلى جواز ترخيم الثلاثي بشرط أن يكون محرك الوسط ، فيقال في حكم : يا حك ، وهذا لم يرد به سماع ولا يقبله قياس.

ونقل ابن بابشاذ أن الأخفش وافق الكوفيين على ذلك ، قال ابن عصفور : فإن كان الثلاثي ساكن الوسط كهند وعمرو لم يجز قولا واحدا ، أما عند أهل البصرة فلأن أقل ما يبقى عليه الاسم بعد الترخيم ثلاثة أحرف ، وأما عند أهل الكوفة فلئلا يبقى على حرفين ثانيهما ساكن فيشبه الأدوات نحو : من وعن ، قال أبو حيان : وليس كما ذكر ، بل الخلاف فيه موجود ، وحكى أبو البقاء العكبري في كتاب «التبيين» أن بعض الكوفيين أجازوا ترخيمه ، ونقله ابن هشام الخضراوي عن الأخفش فقال ما نصه : أجاز الفراء وجماعة

__________________

٧١٥ ـ الرجز لأبي النجم العجلي في ديوانه ص ٨٢ ، والرد على النحاة ص ١٢٣ ، وشرح التصريح ٢ / ٢٣٩ ، والكتاب ٣ / ٣٥ ، واللسان مادة (نفخ ، عنق) ، والمقاصد النحوية ٤ / ٣٨٧ ، والتاج مادة (عنق) ، وبلا نسبة في أوضح المسالك ٤ / ١٨٢ ، ورصف المباني ص ٣٨١ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ٢٧٠ ، ٢٧٤ ، وشرح الأشموني ٢ / ٣٠٢ ، ٣ / ٥٦٢ ، انظر المعجم المفصل ٣ / ١١٣٦.

٧١٦ ـ البيت من الوافر ، وهو للمغلس بن لقيط في اللسان مادة (صلمع) ، وبلا نسبة في اللسان مادة (قلمع) ، انظر المعجم المفصل ٢ / ١٠٤١.

٤٨

ترخيم الثلاثي المتحرك الوسط ، وأجاز أبو الحسن وحده ترخيم الساكن الوسط من الثلاثي.

(ص) ويرخم المزج بحذف ثانيه ، وقيل : إنما يحذف حرف أو حرفان ، وقيل : الهاء فقط من ذي (ويه) ، ومن اثني عشر وفرعه الألف أيضا ، ومنع سيبويه ترخيم الجملة ، وأبو حيان المزج ، وأكثر الكوفية ذا (ويه) ، والفراء مركب العدد علما ، والجرمي علم الكناية ، والكوفية المسمى به من تثنية وجمع.

(ش) فيه مسائل :

الأولى : اختلف في ترخيم العلم المركب تركيب مزج ، فالجمهور على جوازه مطلقا ، ومنع أكثر الكوفيين ترخيم ما آخره (ويه) ، وقال أبو حيان : الذي أذهب إليه أنه لا يجوز ترخيم المركب تركيب مزج ؛ لأن فيه ثلاث لغات البناء وينبغي ألا يرخم على هذه ؛ لأنه مبني لا بسبب النداء كحذام ، والإضافة وقد منع البصريون ترخيم المضاف ، ومنع الصرف وينبغي ألا يجوز ترخيمه ؛ لأنه لم يحفظ عن العرب في شيء من كلامهم ، وأما قوله :

٧١٧ ـ أقاتلي الحجّاج إن لم أزر له

دراب وأترك عند هند فؤاديا

يريد (درابجرد) فهذا من الترخيم في غير النداء للضرورة ، وهو شاذ نادر لا تبنى عليه القواعد ، قال : ولم تعتمد النحاة في ترخيمه على سماع ، إنما قالوه بالقياس من جهة أن الاسم الثاني منه يشبه تاء التأنيث فعومل معاملتها بالحذف على الترخيم ، قال : ولكونه غير مسموع اختلفوا في كيفية ترخيمه ، فقال البصريون كلهم : بحذف الثاني منه ، فيقال في حضرموت وخمسة عشر وسيبويه : يا حضر ويا خمسة ويا سيب ، ومنع ذلك ابن كيسان ؛ لأنه يلتبس بالمفردات ، وقال : يحذف منه حرف أو حرفان ، فيقال : يا حضرم في حضرموت ، ويا بعلب في بعلبك ؛ لأن ذلك أدل على المحذوف من حذف الثاني بأسره ، وأجاب الأولون عن اللبس بأنه يزول بالانتظار فيتعين إذا خيف ، وقال الفراء فيما آخره (ويه) : لا يحذف منه إلا الهاء خاصة ، ثم تقلب الياء ألفا فيقال في سيبويه : يا سيبوا.

الثانية : إذا سمي باثني عشر واثنتي عشرة رخم بحذف العجز ، وتحذف معه الألف

__________________

٧١٧ ـ البيت من الطويل ، وهو لسوار بن المضرّب في الحماسة الشجرية ١ / ٢٠٨ ، والخزانة ٧ / ٥٥ ، ومعجم ما استعجم ص ٥٤٩ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٤٥١ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ١٠٧٠.

٤٩

أيضا فيقال : يا اثن ويا اثنة ، كما يقال في ترخيمهما لو لم يركبا ، وهذا بناء على أن المركب من العدد إذا سمي به يجوز ترخيمه وهو مذهب البصريين ، ومنع منه الفراء.

الثالثة : ما سمي به من الجملة كتأبط شرا في ترخيمه خلاف ، فذهب أكثر النحويين إلى المنع وابن مالك إلى الجواز ، ونقله عن سيبويه فيقال : يا تأبط بحذف الثاني ، وقال أبو حيان : هذا النقل عن سيبويه خطأ ، فإن سيبويه نص على المنع ، وقد سقت عبارته في «النكت» التي لي على «الألفية» ، وما ضم إليها.

الرابعة : لا يستثنى من العلم المفرد شيء عند الجمهور ، واستثنى الجرمي مسألة طامر بن طامر كناية عمن لا يعرف ولا يعرف أبوه فلم يجز ترخيمه ؛ لأنه كناية عن اسمه ، ورد بأنهم رخموا فلانا سمع : يا فلا تعال ، وهو أيضا كناية ، وأجيب بأن فلانا كناية عن الأعلام فرخم كما يرخم العلم ، وطامر بن طامر كناية عن مجهول لا عن علم ، واستثنى الكوفيون ما سمي به من مثنى وجمع تصحيح ، فمنعوا ترخيمه والبصريون جوزوه بحذف العلامة والنون.

ما يحذف مع الحرف الأخير :

(ص) ويحذف مع الآخر متلوه لينا ساكنا زائدا قبله أكثر من حرفين وحركة تجانسه ، وجوز الجرمي حذف تالي الفتح ، والأخفش : المقلوب عن أصل ، والفراء : الساكن الصحيح ولين بعد حرفين ، وقيل : إن كان واوا ، وقوم : المدغم ، والكوفية يا فعلايا والألف قبلها ، ويحذف زائدان زيدا معا ما لم يبق على حرفين ، وكذا إن حرك أولهما على المشهور ، أما متلو الهاء فمنعه الأكثر ، وجوزه سيبويه إن بقي ثلاثة ولم ينتظر ، وقال أبو حيان : يجوزان والترك أكثر.

(ش) تقدم أن الترخيم حذف الآخر ، ويحذف مع الآخر أيضا ما قبله من حرف لين ساكن زيد قبله أكثر من حرفين وحركة تجانسه ، سواء كان الآخر صحيحا أصليا ، أم زائدا ، أم حرف علة ، بشرط ألا يكون هاء تأنيث فيقال في منصور ومسكين ومروان وأسماء وزيدان وزيدون وهندات أعلاما : يا منص ويا مسك ويا مرو ويا أسم ويا زيد ويا هند ، فإن اختل شرط مما ذكر لم يحذف ما قبل الآخر ، فلا يحذف إن كان صحيحا كجعفر ، ولا لينا متحركا كقنور وهبيخ ، ولا أصليا كمختار ومنقاد فإن ألفهما منقلبة عن ياء وواو ، خلافا للأخفش حيث جوز الحذف في هذه الصورة ، فيقال : يا مخت ويا منق ، ولا ما قبله حرفان فقط كعماد وثمود وسعيد ؛ لئلا يشبه الاسم ببقائه على حرفين الأدوات ؛ إذ ليس في

٥٠

الأسماء المتمكنة ما آخره ساكن ، خلافا للفراء حيث جوز الحذف فيه فيقال : يا عم ويا ثم ويا سع ، وقيل : إنما قال الفراء بالحذف في ثمود فقط فرارا من بقاء آخر الاسم واوا بعد ضمة ، ووافق البصريين في عماد وسعيد ؛ لانتفاء ذلك ، وجوز أيضا حذف ما قبل الآخر من ساكن صحيح قبله حرفان فقط كهرقل ، فقيل : يا هر ، قال : لأنه لو بقي الساكن أشبه الأدوات ؛ إذ ليس في الأسماء المتمكنة ما آخره ساكن ، ورد بأنه على لغة التمام لا يشبهها ، وعلى الانتظار المحذوف مراد ، وجوز آخرون حذف الساكن الصحيح إن كان مدغما كقرشب ؛ لأنه في قوة حرف واحد ، ولا ما قبله حركة لا تجانسه كغرنيق وفردوس ، خلافا للفراء والجرمي حيث جوزوا الحذف فيه ، فيقال : يا غرن ويا فرد ، ولا ما قبل هاء التأنيث كسعالة وميمونة عند الأكثرين ، وأجاز سيبويه حذفه إن بقي بعده ثلاثة أحرف فصاعدا ، ولم ينتظر المحذوف ، قال أبو حيان : والصحيح مذهب سيبويه وبه ورد السماع ، قال :

٧١٨ ـ أحار بن بدر قد وليت ولاية

يريد حارثة بن بدر ، وقال :

٧١٩ ـ يا أرط إنّك فاعل ما قلته

يريد يا أرطأة ، وقال :

٧٢٠ ـ أنك يا معاو يا ابن الأفضل

يريد يا معاوية ، ويا ابن الأفضل منادى ثان ؛ لأن بعض المنشدين له من العرب كان يقطع عند قوله : يا معاو ، ثم يبتدئ يا ابن الأفضل ، ثم قال أبو حيان : والوجه أن في ذي التاء الذي هو على أكثر من أربعة أحرف وجهين ، أحدهما : وهو الشائع الكثير ترخيمه بحذف التاء فقط ، والثاني : وهو قليل ترخيمه بحذف التاء وما يليها.

__________________

٧١٨ ـ البيت من الطويل ، وهو لأنس بن زنيم في ديوانه ص ١١٤ ، واللسان مادة (سرق) ، والمقاصد النحوية ٤ / ٢٩٦ ، ولأبي الأسود الدؤلي في ديوانه ص ١٧٧ ، والعقد الفريد ٦ / ٣٤١ ، ولأنس بن أبي أنيس ، أو لابن أبي إياس الديلي أو لأبي الأسود الدؤلي في أمالي المرتضى ١ / ٣٨٤ ، ولأنس بن أبي إياس الديلي في الحيوان ٣ / ١١٦ ، ٥ / ٢٥٥ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٥٩٠.

٧١٩ ـ البيت من الكامل ، وهو لزميل بن الحارث الفزاري في الأغاني ١٣ / ٣٧ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٢٩٨ ، وبلا نسبة في شرح الأشموني ٢ / ٤٧٠ ، ٣ / ١٧٥ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٦٠٩.

٧٢٠ ـ الرجز للعجاج في ديوانه ١ / ٢٥١ ، والخزانة ٢ / ٣٧٨ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٥٦٢ ، والكتاب ٢ / ٢٥٠ ، وبلا نسبة في الخصائص ٣ / ٣١٦ ، انظر المعجم المفصل ٣ / ١٢٤١.

٥١

وما فيه زائدتان زيدا معا يحذفان ، وذلك ألفا التأنيث كحمراء والألف والنون في نحو : سكران ، وعلامة التثنية والجمعين كما تقدم ، وياء النسب كطائفيّ ، والواو والتاء في ملكوت ورهبوت ، وله ثلاثة شروط :

الأول : كون زيادتهما معا كما ذكر ، فلو لم يزادا معا كعلباء لم يحذفا ؛ لأن الأولى زيدت لتلحق ما زيدت الأخرى له ، وهو فعلل ببناء سرداح وزلزال ، وكذلك حولايا وبردرايا لا يحذفان ؛ لأنهما لم يزادا معا ، بل الأخيرة جاءت للتأنيث بعد ما كانت الأولى للإلحاق.

الثاني : أن يبقى الاسم على ثلاثة ، فإن بقي على أقل لم يحذفا كيدان أو بنون علما.

الثالث : أن يكون أول الزيادتين ساكنا ، فإن كان متحركا لم يحذفا كفرتنى ، ومن النحويين من يحذفهما معا ، وما آخره ثلاث زوائد مما قبل آخره حرف علة كحولايا وبردرايا لا يحذف منه إلا الأخير فقط عند البصريين ، وجوز الكوفية حذف الثلاثة قال أبو حيان : قياس قولهم يقتضي حذف الثلاثة في رغبوتى ورهبوتى.

لغة الانتظار ولغة ترك الانتظار في المرخم :

(ص) مسألة : الأجود انتظار المحذوف فلا يغير الباقي إلا بتحريك ما كان مدغما إن تلا ألفا ، قيل : أولا بما كان له لا أصلي السكون فيفتحه على الأصح ، وثالثها يحذف كل ساكن يبقى ، قال الأكثر : وألا يرد ما زال سبب حذفه ، ويتعين الانتظار في ذي التاء إن ألبس ، وقيل : مطلقا ، وقيل : لا يشترط اللبس في الأعلام ، وفيما يؤدي إلى عدم نظير على الأصح ، ويعطى آخر ما لم ينتظر ما استحقه لو تمم به وضعا ، ويرد ثالث ثنائي ذي لين ، ويضعف ثانيه إن جهل ، وعينه الكوفية فيما قبل آخره ساكن.

(ش) في المرخم لغتان : الانتظار وهو نية المحذوف ، وترك الانتظار وهو عدم نيته ، والأول أكثر استعمالا وأقواهما في النحو ، وجاء عليه ما قرئ : (وَنادَوْا يا مالِكُ) [الزخرف : ٧٧] ، وقول زهير :

٧٢١ ـ يا حار لا أرمين منكم بداهية

__________________

٧٢١ ـ البيت من البسيط ، وهو لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ص ١٨٠ ، وجمهرة اللغة ص ١٠٠٩ ، وشرح المفصل ٢ / ٢٢ ، واللمع ص ١٩٨ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٢٧٦ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٦٢٢.

٥٢

وجاء على الثاني :

٧٢٢ ـ يدعون عنتر والرّماح كأنّها

ثم إذا انتظر فلا يغير ما بقي ، بل يبقى على حركته وسكونه فيقال : يا جعف ويا هرق ، ولا يعل فيقال : في ثمود وعلاوة وسقاية : يا ثمو ويا علاو ويا سقاي ، إلا بأمرين :

أحدهما : تحريك ما كان ساكنا للإدغام إن كان قبله ألف كاحمار ومحمار علمين ، فرارا من التقاء الساكنين ، بخلاف ما قبله غير ألف كحدبّ ومحمر فإنه يبقي على سكونه ، خلافا للفراء في قوله بتحريكه أيضا ، وحيث حرك على رأي الناس أو على رأيه فبالحركة الأولى التي كانت له في الأصل ، فيحرك في احمار بالفتح ، وفي محمار ومحمر بالكسر ، فإن لم تكن له حركة في الأصل كأسحار ـ نبت ـ فبالفتح ؛ لأنه أقرب الحركات ، وقيل : بالكسر على أصل التقاء الساكنين ، نقله ابن عصفور عن الفراء ، وقيل : يسقط كل ساكن يبقى بعد الآخر حتى ينتهي إلى متحرك فيقال : يا أسح ، نقله صاحب «رؤوس المسائل» عن الفراء.

الثاني : أن يكون ما قبل آخر الاسم قد حذف لواو جمع كقاضون ومصطفون علمين ، فإن الياء والألف حذفتا لملاقاة الواو ، فإذا رخم بحذف الواو مع النون ردت الياء والألف لزوال الموجب للحذف ، فيقال : يا قاضي ويا مصطفى ، هذا مذهب أكثر النحويين وقاسوه على رد ما حذف لنون التوكيد الخفيفة عند ذهابها في الوقف ، وعلي رد ما حذف للإضافة عند حذف المضاف إليه ، وخالفهم ابن مالك وقال : لا يرد هنا فيقال : يا قاض ويا مصطف ، وإلا لزم رد كل مغير بسبب إزالة الترخيم إلى ما كان يستحقه.

ويتعين الانتظار في موضعين ، أحدهما : ما فيه تاء التأنيث إذا خيف التباسه بالمذكر كعمرة وضخمة وعادلة وقائمة ؛ إذ التمام فيه يوهم أن المنادى مذكر ، هكذا جزم به ابن مالك ، وأطلق صاحب «رؤوس المسائل» المنع من غير اعتبار لبس البتة.

قال أبو حيان : وفصل شيوخنا فلم يعتبروا اللبس في الأعلام ، واعتبروه في الصفات ، قال : وهو الذي دل عليه كلام سيبويه.

__________________

٧٢٢ ـ البيت من الكامل ، وهو لعنترة في ديوانه ص ٢١٦ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ٤٠٣ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٤٨١ ، ٢ / ٨٣٤ ، والكتاب ٢ / ٢٤٦ ، واللسان مادة (شطن ، دعا) ، ومغني اللبيب ٢ / ٤١٤ ، وبلا نسبة في رصف المباني ص ٢٤٤ ، واللسان مادة (عنتر) ، والمحتسب ١ / ١٠٩ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٩٤٧.

٥٣

الثاني : ما يلزم بتقدير تمامه الأداء إلى عدم النظير كما لو رخم (طيلسان) بكسر اللام ، فإنه لو قدر تاما لزم وجود فيعل بكسر العين في الصحيح العين ، وهو بناء مهمل ، كذا جزم به ابن مالك ، قال أبو حيان : هذا مذهب الأخفش ، وأما سائر النحويين كالسيرافي وغيره فإنهم أجازوا فيه التمام ، ولم يعتبروا ما يؤول إليه الاسم بعد الترخيم من ذلك ؛ لأن الأوزان إنما يعتبر فيها الأصل لا ما صارت إليه بعد الحذف.

وإذا ترك الانتظار أعطي آخر الاسم ما يستحقه لو تمم به وضعا ، فيضم ظاهرا إن كان صحيحا ، فيقال : يا حار ويا جعف ويا هرق ، وتقدر فيه الضمة إن كان معتلا كقولك في ناجية : يا ناجي بسكون الياء ، ويعل بالقلب أو الإبدال كقولك في ثمود : يا ثمي بقلب الواو ياء ؛ إذ ليس في الأسماء المتمكنة ما آخره واو قبلها ضمة ، وفي علاوة وسقاية : يا علاء ويا سقاء بإبدال الواو والياء همزة ؛ لوقوعهما آخرا إثر ألف زائدة ، وفي قطوان (يا قطا) بقلب الواو ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها ، وإن كان ثنائيا ذا لين ضعف إن لم يعلم له ثالث ك : (لات) مسمى به إذا رخمته حذفت التاء وضعفت الألف فحركت الثانية ، فانقلبت همزة ، فقيل : يا لاء ، وإن علم ثالثه جيء به ك : (ذات) علما يرخم بحذف التاء ، ويرد المحذوف وهو الواو ؛ لأن أصله ذوات ، ولذا قيل في التثنية : ذواتا ، فيقال : يا ذوا ولا تتعين لغة التمام عند البصريين في شيء من الأسماء ، وقال الكوفيون : تتعين فيما إذا كان قبل الآخر ساكن كهرقل فرارا من وجود اسم متمكن ساكن الآخر.

(ص) وجوز الأكثر زيادة التاء مفتوحة فيما حذفت منه ، وقوم الألف الممدودة ، ويوقف على المرخم بحذف الهاء غالبا بهاء ساكنة وهي المحذوفة ، أو للسكت خلف ، ويعوض منها ألف الإطلاق ضرورة.

(ش) فيه مسألتان :

الأولى : سمع من كلام العرب مثل يا عائشة بفتح التاء قال النابغة :

٧٢٣ ـ كليني لهمّ يا أميمة ناصب

__________________

٧٢٣ ـ البيت من الطويل ، وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص ٤٠ ، والأزهية ص ٢٣٧ ، والخزانة ٢ / ٣٢١ ، ٣٢٥ ، ٣ / ٣٧٣ ، ٤ / ٣٩٢ ، ٥ / ٧٤ ، ١١ / ٢٢ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٤٤٥ ، والكتاب ٢ / ٢٠٧ ، ٣ / ٣٨٣ ، وكتاب اللامات ص ١٠٢ ، واللسان مادة (نصب ، أسس) ، وجمهرة اللغة ص ٣٥٠ ، ٩٨٢ ، وشرح الأشموني ٢ / ٣٦٩ ، ٣ / ١٧٣ ، انظر المعجم المفصل ١ / ١٢٢.

٥٤

الرواية بفتح أميمة ، فاختلف النحاة في تخريج ذلك ، فقال ابن كيسان : هو مرخم ، وهذه التاء هي المبدلة من هاء التأنيث التي تلحق في الوقف أثبتها في الوصل إجراء له مجرى الوقف ، وألزمها الفتح إتباعا لحركة آخر المرخم المنتظر.

وذهب قوم منهم الفارسي إلى أنها أقحمت ساكنة بين حرف آخر المرخم وحركته ، فحركت بحركته ، ودعاهم إلى القول بزيادتها حشوا أنها لو دخلت بعد الحرف وحركته لكان الاسم قد كمل ، ووجب بناؤه على الضم ، وذهب آخرون منهم سيبويه إلى أن التاء زيدت آخرا ؛ لبيان أنها التي حذفت في الترخيم ، وحركت بالفتح إتباعا ، وعلى هذه الأقوال الاسم مرخم.

وقيل : إنه غير مرخم والتاء غير زائدة ، بل هي تاء الكلمة حركت بالفتح إتباعا لحركة ما قبلها ، والاسم مبني على الضم تقديرا كما أن الأول من يا زيد بن عمرو كذلك ، وهذا ما اختاره ابن مالك في شرح «التسهيل» بعد جزمه بقول سيبويه في «التسهيل» ، واختاره أيضا ابن طلحة ، وألحق قوم في جواز الفتح بذي الهاء ذا الألف الممدودة ، فأجاز أن يقال : يا عفراء هلمي بالفتح ، قال ابن مالك : وهذا لا يصح ؛ لأنه غير مسموع ، وقياسه على ذي التاء قياس على ما خرج عن القواعد.

الثانية : لا يستغنى غالبا عن التاء في الوقف على المرخم بحذف التاء عن هاء ساكنة فيقال في الوقف على مثل يا طلح : يا طلحه ، وندر تركها ، حكى سيبويه : يا حرمل في الوقف يريد يا حرملة ، قال ابن عصفور : وهذا يسمع ولا يقاس عليه ، وقال أبو حيان : بل يقاس عليه ؛ لأنه ليس في ضرورة شعر ، لكنه قليل ، وإذا وقف بها فهل هي التي كانت في الاسم قبل ترخيمه أعيدت في الوقف ساكنة مقلوبة هاء ، أو هي غيرها وهي هاء السكت المزيدة في الوقف؟ خلاف جزم ابن مالك بالأول.

قال أبو حيان : وحاصله أن الترخيم لا يكون إلا في الوصل فإذا وقفوا فلا ترخيم ، قال : وظاهر كلام سيبويه الثاني ، قال : ومحل زيادتها ما إذا رخم على لغة الانتظار ، أما إذا رخم على لغة التمام فلا ؛ لأنه نقض لما اعتمدوا عليه من جعله اسما تاما حين بنوه على الضم ، وقد يجعل بدل الهاء ألف الإطلاق عوضا منها في الضرورة قال :

٧٢٤ ـ قفي قبل التّفرّق يا ضباعا

__________________

٧٢٤ ـ تقدم برقم (٣٩٤).

٥٥

ذكره ابن عصفور وغيره ونص عليه سيبويه ، فقال : واعلم أن الشعراء إذا اضطروا حذفوا هذه الهاء في الوقف ؛ وذلك لأنهم يجعلون المدة التي تلحق القوافي بدلا منها.

المفعول المطلق :

(ص) المفعول المطلق هو المصدر ، وقيل : يختص بما فعله عام ، وقيل : أعم منه.

(ش) إنما سمي مفعولا مطلقا ؛ لأنه لم يقيد بحرف جر كالمفعول به ، وله ، وفيه ، ومعه.

والمصدر هو المفعول حقيقة ؛ لأنه هو الذي يحدثه الفاعل ، وأما المفعول به فمحل الفعل ، والزمان وقت يقع فيه الفعل ، والمكان محل الفاعل والمفعول والفعل ، والمفعول له علة وجود الفعل ، والمفعول معه مصاحب للفاعل أو المفعول.

قال أبو حيان : تسمية ما انتصب مصدرا مفعولا مطلقا هو قول النحويين ، إلا ما ذكره صاحب «البسيط» من تقسيمه المصدر المنتصب إلى مفعول مطلق ، وإلى مؤكد ، وإلى متسع ، فالمفعول المطلق عنده ما كان من أفعال العامة نحو : فعلت وصنعت وعلمت وأوقعت ، فإذا قلت : فعلت فعلا فالواقع ذات الفعل ؛ لأن الذوات الواقعة منا هي هذا ، ولا يقع منا الجواهر والأعراض الخارجة عنا ، فلا تكون مطلقة في حقنا ، بل في حق الله كقولك : خلق الله زيدا فإنه مفعول مطلق ، فلذلك كان المفعول المطلق أعم من المصدر المطلق.

الخلاف بين النحويين في أصل المصدر :

(ص) وهو أصل الفعل والوصف ، وقال الكوفية : الفعل ، وابن طلحة : كل أصل ، وقوم : الفعل أصل الوصف.

(ش) مذهب أكثر البصريين أن المصدر أصل والفعل والوصف فرعان مشتقان منه ؛ لأنهما يدلان على ما تضمنه من معنى الحدث وزيادة الزمان والذات التي قام بها الفعل ، وذلك شأن الفرع أن يدل على ما يدل عليه الأصل وزيادة ، وهي فائدة الاشتقاق ومذهب الكوفيين أن الفعل أصل والمصدر مشتق منه ؛ لأن المصدر مؤكد للفعل ، والمؤكد قبل المؤكد ؛ ولأن المصدر يعتل باعتلال الفعل ، ويصح بصحته ، وذلك شأن الفروع أن تحمل على الأصول وذهب ابن طلحة إلى أن كلا من المصدر والفعل أصل بنفسه ، وليس أحدهما

٥٦

مشتقا من الآخر ، وذهب بعض البصريين إلى أن المصدر أصل للفعل ، والفعل أصل للوصف ، ورد بأنه ليس في الوصف ما في الفعل من الدلالة على زمن معين ، فبطل اشتقاقه منه ، وتعين اشتقاقه من المصدر ، قال أبو حيان : وهذا الخلاف لا يجدي كثير منفعة.

المصدر المبهم والمصدر المختص :

(ص) ثم إن لم يفد زيادة على عامله فمبهم لتوكيد ، وإلا فمختص لنوع وعدد ، ويثنى ويجمع دون الأول ، وفي النوع خلف.

(ش) المصدر نوعان مبهم وهو ما يساوي معنى عامله من غير زيادة كقمت قياما ، وجلست جلوسا ، وهو لمجرد التأكيد ومن ثم لا يثنى ولا يجمع ؛ لأنه بمنزلة تكرير الفعل فعومل معاملته في عدم التثنية والجمع ، ولذا قال ابن جني : إنه من قبيل التأكيد اللفظي ، وقيل : إنه من التوكيد المعنوي ؛ لإزالة الشك عن الحدث ، ورفع توهم المجاز ، وعليه الآمدي وغيره ، وقسم هؤلاء التوكيد المعنوي إلى قسمين : ما لإزالة الشك عن الحدث ، وهو بالمصدر ، وما لإزالته عن المحدث عنه ، وهو بالنفس والعين.

ومختص وهو ما زاد على معنى عامله فيفيد نوعا أو عددا نحو : ضربت ضرب الأمير ، أو ضربتين ، أو ضربات ، ويثنى ذو العدد ويجمع بلا خلاف ، وأما النوع ففيه قولان :

أحدهما : أنه يثنى ويجمع وعليه ابن مالك قياسا على ما سمع منه كالعقول والألباب والحلوم.

والثاني : لا ، وعليه الشلوبين قياسا للأنواع على الآحاد ، فإنها لا تثنى ولا تجمع لاختلافها ، ونسبه أبو حيان لظاهر كلام سيبويه ، قال : والتثنية أصلح من الجمع قليلا ، تقول : قمت قيامين وقعدت قعودين ، والأحسن أن يقال : نوعين من القيام ونوعين من القعود.

ناصب المصدر :

(ص) وناصبه مثله وصفة وفعل ، فإن كان من لفظه وجرى عليه قال ابن الطراوة : بفعل مضمر ، والسهيلي : بمضمر منه ، وإن لم يجز فثالثها إن غاير معناه فبفعله المضمر ، وإلا فبه ، أو من غير لفظه ، فالجمهور بمضمر ، وثالثها إن كان لتوكيد ، أو مختصا وله فعل.

٥٧

(ش) ينصب المصدر بمصدر مثله نحو : (فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزاؤُكُمْ جَزاءً مَوْفُوراً) [الإسراء : ٦٣] ، وعجبت من ضرب زيد عمرا ضربا ، وبالوصف اسم فاعل نحو : (وَالذَّارِياتِ ذَرْواً) [الذاريات : ١] ، (وَالصَّافَّاتِ صَفًّا) [الصافات : ١] ، (فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً) [المرسلات : ٢] ، أو اسم مفعول نحو : أنت مطلوب طلبا ، وبالفعل نحو : (وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً) [الأحزاب : ٢٣] ، هذا إن كان من لفظه وهو جار عليه كما مثلنا على مذهب الجمهور ، ونفى صاحب «الإفصاح» فيه الخلاف ، وقال ابن الطراوة : هو مفعول به بفعل مضمر لا يجوز إظهاره ، والتقدير في قعد قعودا فعل قعودا ، وقال السهيلي كذلك إلا أنه قال : أنصبه بمضمر من لفظ الفعل السابق ، فإذا قيل : قعد قعودا فهو عنده ب : (قعد) أخرى لا يجوز إظهارها قال أبو حيان : وهذا كله تكلف وخروج عن الظاهر بلا دليل.

فإن كان من لفظه وهو غير جار عليه نحو : (أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً) [نوح ١٧] ، فثلاثة مذاهب :

أحدها : أنه منصوب بذلك الفعل الظاهر وعليه المازني.

والثاني : أنه منصوب بفعل ذلك المصدر الجاري عليه مضمرا ، والفعل الظاهر دليل عليه ، وعليه المبرد وابن خروف وعزاه لسيبويه.

والثالث : التفصيل فإن كان معناه مغايرا لمعنى الفعل الظاهر كالآية فنصبه بفعل مضمر ، والتقدير فنبتم نباتا ؛ لأن النبات ليس بمعنى الإنبات فلا يصح توكيده به ، وإن كان غير مغاير فنصبه بالظاهر كقوله :

٧٢٥ ـ وقد تطوّيت انطواء الحضب

لأن التطوي والانطواء بمعنى واحد ، واختاره ابن عصفور.

وإن كان من غير لفظه فثلاثة مذاهب :

أحدها : وعليه الجمهور أنه منصوب بفعل مضمر من لفظه كقوله :

__________________

٧٢٥ ـ الرجز لرؤبة في ديوانه ص ١٦ ، واللسان مادة (حضب) ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٢٩١ ، وشرح المفصل ١ / ١١٢ ، والكتاب ٤ / ٨٢ ، وتهذيب اللغة ٤ / ٢٢٠ ، والتاج (حضب) ، وبلا نسبة في اللسان مادة (طوى) ، والمخصص ٨ / ١١٠ ، ١٠ / ١٨٢ ، ١٤ / ١٨٧ ، انظر المعجم المفصل ٣ / ١١١٦.

٥٨

٧٢٦ ـ السّالك الثغرة اليقظان كالئها

مشي الهلوك عليها الخيعل الفضل

ف : (مشي) منصوب بمضمر دل عليه السالك.

والثاني : أنه منصوب بالفعل الظاهر ؛ لأنه بمعناه فتعدى إليه كما لو كان من لفظه ، وعليه المازني.

والثالث : وعليه ابن جني التفصيل ، فإن أريد به التأكيد عمل فيه المضمر الذي من لفظه كقعدت جلوسا ، وقمت وقوفا بناء على أنه من قبيل التأكيد اللفظي ، فلا بد من اشتراكه مع عامله في اللفظ ، أو بيان النوع عمل فيه الظاهر ؛ لأنه بمعناه.

وقال ابن عصفور : الأمر في التأكيد ما ذكر ، وأما الذي لغير التأكيد فإن وضع له فعل من لفظه عمل فيه المضمر أيضا كقوله :

٧٢٧ ـ وآلت حلفة لم تحلّل

فحلفة منصوبة بحلفت مضمرة ، وإن لم يوضع له فعل انتصب بالظاهر ، ولا يمكن أن يكون بفعل من لفظه ؛ لأنه لم يوضع.

(ص) والاختصاص ب : (أل) للعهد والجنس ، وقيل : لا تدخله إلا إن وصف ونعت وإضافة ، ولا تعاقبه (أن) والفعل خلافا للأخفش ، وينوب مضافه ككل وبعض وضمير ونوع وهيئة وعدد وإشارة ، وأوجب ابن مالك وصفها به ووقت ونعت وما استفهامية وشرطية وآلة ، لا ما لم يعهد ومنه علم كسبحان وبرة وفجار ، واستعمل نحو : عطاء وثواب مصدرا ، ولا يقاس ، والأكثر لا ينصب مصدرين مؤكدا ومبينا ، وقيل : يجوز وثلاثة.

(ش) فيه مسائل :

الأولى : الاختصاص في المصدر يكون ب : (أل) إما عهدية نحو : ضربت الضرب،

__________________

٧٢٦ ـ البيت من البسيط ، وهو للمتنخل الهذلي في تذكرة النحاة ص ٣٤٦ ، والخزانة ٥ / ١١ ، وشرح أشعار الهذليين ص ١٢٨١ ، واللسان مادة (خعل ، فضل) ، والمعاني الكبير ص ٥٤٣ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٥١٦ ، وللهذلي في الخصائص ٢ / ١٦٧ ، وسر صناعة الإعراب ٢ / ٦١١ ، وبلا نسبة في الخزانة ٥ / ١١٠ ، ١٠٣ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٦٩٦.

٧٢٧ ـ البيت من الطويل ، وهو لامرىء القيس في ديوانه ص ١٢ ، واللسان مادة (حلل) ، وتهذيب اللغة ٣ / ٤٣٩ ، ومقاييس اللغة ٤ / ٢٥٥ ، وكتاب العين ، والتاج (حلل) ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٧٨٩.

٥٩

تريد ضربا معهودا بينك وبين المخاطب ، أي : الضرب الذي تعلم ، أو جنسية نحو : زيد يجلس الجلوس مريدا الجنس والتنكير ، ويكون بالنعت نحو : قمت قياما طويلا ، أو بالإضافة نحو : قمت قيام زيد ، والأصل قياما مثل قيام زيد ، حذف المصدر ثم صفته وقام مقامهما المصدر فأعرب بإعرابه.

الثانية : لا يجوز أن تقع أن والفعل في موقع المصدر ، فلا يجوز ضربته أن أضربه ؛ لأن (أن) تخلص الفعل للاستقبال ، والتأكيد إنما يكون بالمصدر المبهم ، وعلله بعضهم بأن (أن يفعل) يعطي محاولة الفعل ، ومحاولة المصدر ليست بالمصدر ، فلذلك لم يسغ لها أن تقع مع صلتها موقع المصدر ، وحكي عن الأخفش إجازة ذلك.

الثالثة : يقوم مقام المصدر المبين ما أضيف إليه من كل وبعض نحو : (فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ) [النساء : ١٢٩] ، لمته بعض اللوم ، وما أدى معناهما نحو : ضربت أيّ ضرب ، (وَلا تَضُرُّونَهُ شَيْئاً) [هود : ٥٧] ، وضمير نحو : (لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ) [المائدة : ١١٥] ، ونوع نحو : (وَالنَّازِعاتِ غَرْقاً) [النازعات : ١] ، ورجعت القهقرى ، وقعدت القرفصاء ، وهيئة نحو : مات ميتة سوء ، وعاش عيشة مرضية ، وعدد نحو : ضربت ثلاثين ضربة ، واسم إشارة نحو : ضربت ذلك الضرب ، قال ابن مالك : ولا بد من جعل المصدر تابعا لاسم الإشارة المقصود به ذلك المصدر ، ورده أبو حيان بأن من كلامهم : ظننت ذلك يشيرون به إلى المصدر ، ولذلك اقتصروا عليه ؛ إذ ليس مفعولا أول ، ولم يذكروا بعده المصدر تابعا له ، وعلى هذا خرجه سيبويه ، ووقت نحو :

٧٢٨ ـ ألم تغتمض عيناك ليلة أرمدا

أي : اغتماض ليلة أرمد ، ونعت نحو : (وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيراً) [آل عمران : ٤١] ، وما الاستفهامية نحو : ما تضرب زيدا ، أي : أيّ ضرب تضرب زيدا ، وما الشرطية نحو : ما شئت فقم ، أي : أيّ قيام شئت ، والآلة نحو : ضربته سوطا ، ورشقته سهما ، والأصل ضربة سوط ، ورشقة سهم.

__________________

٧٢٨ ـ البيت من الطويل ، وهو للأعشى في ديوانه ص ١٨٥ ، والخزانة ٦ / ١٦٣ ، والخصائص ٣ / ٣٢٢ ، وشرح المفصل ١٠ / ١٠٢ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٥٧٦ ، والمحتسب ٢ / ١٢١ ، ومغني اللبيب ٢ / ٦٢٤ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٥٧ ، والمنصف ٣ / ٨ ، وبلا نسبة في شرح الأشموني ١ / ٢١١ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٢٠٥.

٦٠