همع الهوامع - ج ٢

جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي

همع الهوامع - ج ٢

المؤلف:

جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٢٧

قال أبو حيان : الذي يظهر من قواعد العربية أن هذا الحذف جائز لا واجب وتكسر ذالها حينئذ ؛ لالتقاء الساكنين نحو : (وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ) [الواقعة : ٨٤] ، أي : حين إذ بلغت الروح الحلقوم ، وزعم الأخفش أنها حينئذ معربة والكسر جر إعراب بالإضافة لا بناء ، وحمله على ذلك أنه جعل بناءها ناشئا عن إضافتها إلى الجملة فلما زالت من اللفظ صارت معربة ، وهو مردود بأنه قد سبق ل : (إذ) حكم البناء ، والأصل استصحابه حتى يقوم دليل على إعرابه ، وبأن العرب قد بنت الظرف المضاف ل : (إذ) ، ولا علة لبنائه إلا كونه مضافا لمبني ، فلو كانت الكسرة إعرابا لم يجز بناء الظرف ، وبأنهم قالوا : (يومئذا) بفتح الذال منونا ، ولو كان معربا لم يجز فتحه ؛ لأنه مضاف إليه ، فدل على أنه مبني مرة على الكسر ؛ لالتقاء الساكنين ، ومرة على الفتح طلبا للتخفيف ، وهذا معنى قولي : «وقد تفتح».

وقولي : «وألحق بها شيخنا الكافيجي في ذلك إذا» أشرت به إلى مسألة غريبة قل من تعرض لها ، وذلك أني سمعت شيخنا رحمه‌الله يقول في قوله تعالى : (وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ) [المؤمنون : ٣٤] : ليست (إذن) هذه الكلمة المعهودة ، وإنما هي إذا الشرطية حذفت جملتها التي تضاف إليها ، وعوض منها التنوين كما في (يومئذ) ، وكنت أستحسن هذا جدا وأظن أن الشيخ لا سلف له في ذلك حتى رأيت بعض المتأخرين جنح إلى ما جنح إليه الشيخ ، وقد أوسعت الكلام في ذلك في «الإتقان» وحاشية «المغني».

وتزاد (إذ) للتعليل خلافا للجمهور كقوله تعالى : (وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ) [الزخرف : ٣٩] ، أي : لأجل ظلمكم في الدنيا ، (وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ) [الأحقاف : ١١] ، (وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَما يَعْبُدُونَ إِلَّا اللهَ فَأْوُوا) [الكهف : ١٦] ، وهي حرف بمنزلة لام العلة ، وقيل : ظرف ، والتعليل مستفاد من قوة الكلام لا من اللفظ ، وترد للمفاجأة نص على ذلك سيبويه ، وهي الواقعة بعد (بينا) و (بينما) كقوله :

٧٩٥ ـ فبينما العسر إذ دارت مياسير

__________________

٧٩٥ ـ البيت من البسيط ، وهو لحريث بن جبلة أو لعثير بن لبيد في شرح شواهد المغني ١ / ٢٤٤ ، واللسان مادة (دهر) ، ولحريث بن جبلة في المعمرون والوصايا ص ٥٢ ، وعيون الأخبار ٢ / ٣٠٥ ، ولجبلة بن الحريث في الحماسة البصرية ٢ / ٦٤ ، ولحريث أو لعثير أو لأبي عيينة المهلبي في التاج مادة (دهر) ، انظر المعجم المفصل ١ / ٣٩٣.

١٠١

وقوله :

٧٩٦ ـ بينا كذلك والأعداد وجهتها

إذ راعها لحفيف خلفها فزع

وهل هي حينئذ ظرف مكان أو زمان أو حرف لمعنى المفاجأة أو حرف مؤكد ، أي : زائد؟ أقوال اختار الثاني أبو حيان إقرارا لها على ما استقر لها ، وابن مالك والشلوبين الثالث ، وعلى القول بالظرفية قال ابن جني وابن الباذش : عاملها الفعل الذي بعدها ؛ لأنها غير مضافة إليه ، وعامل (بينا) و (بينما) محذوف يفسره الفعل المذكور ، وقال الشلوبين (إذ) : مضافة للجملة فلا يعمل فيها الفعل ولا في (بينا) و (بينما) ؛ لأن المضاف إليه لا يعمل في المضاف ، ولا فيما قبله ، وإنما عاملها محذوف يدل عليه الكلام ، و (إذ) بدل منهما.

وذكر ل : (إذ) معنيان آخران ، أحدهما : التوكيد وذلك بأن تحمل على الزيادة ، قاله أبو عبيدة وتبعه ابن قتيبة ، وحملا عليه آيات ، منها قوله تعالى : (وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ) [الحجر : ٢٨].

والثاني التحقيق كقد وحملت عليه الآية قال في «المغني» : وليس القولان بشيء ، واختار ابن الشجري أنها تقع زائدة بعد (بينا) و (بينما) خاصة ، قال : لأنك إذا قلت : بينما أنا جالس إذ جاء زيد فقدرتها غير زائدة أعملت فيها الخبر وهي مضافة إلى جملة جاء زيد ، وهذا الفعل هو الناصب ل : (بين) ، فيعمل المضاف إليه فيما قبل المضاف.

إذا :

(ص) (إذا) للمستقبل مضمنة معنى الشرط غالبا ، قال ابن مالك : والماضي ، وأنكره أبو حيان وقوم للحال ويختص بالمجزوم به وكذا المظنون خلافا للبيانيين بخلاف (إن) ، ومن ثم لم تجزم في السعة خلافا لمن جوزه بقلة أو مع (ما) ، ولا تدل على تكرار ولا عموم على الصحيح فيهما ، وتضاف أبدا لجملة صدرها فعل ولو مقدرا قبل اسم يليه ، وجوزه الأخفش إلى اسمية الجزأين ، وأوجب الفراء إيلاءها الماضي شرطية ، وقال غيره : هو الغالب ، ومن ثم قال الأكثرون : ناصبها الجواب لا الشرط ، قال ابن مالك : وتجيء مفعولا به ، ومجرورة ب : (حتى) ، ومبتدأ ، وترد

__________________

٧٩٦ ـ البيت من البسيط ، ولم يرد في المصادر النحوية الأخرى ، الأعداد : جمع عدّ ، وهو الماء الدائم مثل ماء العين ، انظر المعجم المفصل ١ / ٥٢٦.

١٠٢

للمفاجأة فأقوال ، إذا وتلزمها الفاء ، قال المازني : زائدة ، ومبرمان : عاطفة ، والزجاج : جزائية ، ولا يليها فعل ، وثالثها يجوز مع قد ، قال أبو عبيدة : وتزاد.

(ش) من الظروف المبنية (إذا) ، والدليل على اسميتها الإخبار بها مع مباشرتها الفعل نحو : القيام إذا طلعت الشمس ، وإبدالها من اسم صريح نحو : أجيئك غدا إذا طلعت الشمس ، وهي ظرف للمستقبل مضمنة معنى الشرط غالبا ، ومن ثم وجب إيلاؤها الجملة الفعلية ولزمت الفاء في جوابها نحو : (إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ) إلى قوله : (فَسَبِّحْ) [النصر ١] ، وقد لا تضمن معنى الشرط ، بل تتجرد للظرفية المحضة نحو : (وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى) [الليل ١] ، و(وَاللَّيْلِ إِذا سَجى) [الضحى : ٢].

وزعم قوم أنها تخرج عن الظرفية ، فقال ابن مالك : إنها وقعت مفعولا به في حديث : «إني لأعلم إذا كنت عني راضية وإذا كنت علي غضبى» (١) ، ومبتدأ في قوله تعالى : (إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ) [الواقعة : ١] ، والخبر (إذا) الثانية و(خافِضَةٌ رافِعَةٌ) [الواقعة : ٣] ، بالنصب حالان ، والمعنى وقت وقوع الواقعة خافضة لقوم رافعة لآخرين هو وقت رج الأرض ، ومجرورة ب : (حتى) في قوله تعالى : (حَتَّى إِذا جاؤُها) [الزمر : ٧٣] ، وسبقه إلى ذلك ابن جني في الثاني ، والأخفش في الثالث ، والجمهور أنكروا ذلك كله وجعلوا (حتى) في الآية حرف ابتداء داخلا على الجملة بأسرها ، ولا عمل له ، وإذا وقعت ظرفا جوابه محذوف ، أي : انقسمتم أقساما ، وكنتم أزواجا ، وإذا الثانية بدل من الأولى ، وإذا في الحديث ظرف لمحذوف هو مفعول أعلم ، أي : شأنك ونحوه.

وزعم آخرون أنها تخرج عن الاستقبال ، فقال ابن مالك : إنها وقعت للماضي في قوله تعالى : (وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها) [الجمعة : ١١] ، فإن الآية نزلت بعد انفضاضهم ، وكذا (وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ) [التوبة : ٩٢] الآية ، وقال قوم : إنها وقعت للحال في قوله تعالى : (وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى) [الليل ١] ؛ لأن الليل مقارن للغشيان ، وتختص إذا ما بما يتيقّن وجوده نحو : آتيك إذا احمر البسر ، أو رجح نحو : آتيك إذا دعوتني ، بخلاف إن فإنها تكون للمحتمل والمشكوك فيه والمستحيل كقوله : (قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ) [الزخرف : ٨١] ، ولا تدخل على متيقن ولا راجح ، وقد تدخل على المتيقن ؛ لكونه مبهم الزمان نحو : (أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ) [الأنبياء : ٣٤] ، ولكون

__________________

(١) أخرجه البخاري ، كتاب النكاح ، باب غيرة النساء ووجدهن (٩٢٨) ، ومسلم ، كتاب فضائل الصحابة ، باب في فضل عائشة (٢٤٣٩).

١٠٣

(إذا) خاصا بالمتيقن والمظنون خالفت أدوات الشرط ، فلم تجزم إلا في الضرورة كقوله :

٧٩٧ ـ وإذا تصبك خصاصة فتجمّل

وإذا دلت (إذا) على الشرط فلا تدل على التكرار على الصحيح ، وقيل : تدل عليه ك : (كلما) واختاره ابن عصفور ، فلو قال : إذا قمت فأنت طالق فقامت ثم قامت أيضا في العدة ثانيا وثالثا ، لم يقع بهما شيء على الأول دون الثاني ، وكما لا تدل على التكرار لا تدل أيضا على العموم على الصحيح ، وقيل : تدل عليه فلو قال : إذا طلقت امرأة من نسائي فعبد من عبيدي حر فطلق أربعا لم يعتق إلا عبد واحد ، وتنحل اليمين على الأول ، ويعتق أربع على الثاني.

وتلزم (إذا) الإضافة إلى الجملة صدرها فعل سواء كان مضارعا نحو : (وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا) [الأحقاف : ٧] ، (وَإِذا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ) [الأعراف : ٢٠٣] ، أم ماضيا نحو : (إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ) [المنافقون : ١].

وزعم الفراء أن (إذا) إذا كان فيها معنى الشرط لا يكون بعدها إلا الماضي ، وقال ابن هشام : إيلاؤها الماضي أكثر من المضارع ، وقد اجتمعا في قوله :

٧٩٨ ـ والنّفس راغبة إذا رغّبتها

وإذا تردّ إلى قليل تقنع

وقد يليها اسم بعد فعل فيقدر قبله فعل يفسره الفعل بعد الاسم نحو : (إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ) [الانشقاق ١] ، وجوز الأخفش إيلاءها جملة فيها اسمان مبتدأ وخبر من غير تقدير فعل كقوله :

٧٩٩ ـ إذا باهليّ تحته حنظليّة

__________________

٧٩٧ ـ البيت من الكامل ، وهو لعبد قيس بن خفاف في شرح اختيارات المفضل ص ١٥٥٨ ، وشرح شواهد المغني ص ٢٧١ ، واللسان مادة (كرب) ، والمقاصد النحوية ٢ / ٢٠٣ ، ولحارثة بن بدر الغداني وفي أمالي المرتضى ١ / ٣٨٣ ، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ١ / ٣٣٥ ، وشرح الأشموني ٣ / ٥٨٣ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٣٧٤ ، ومغني اللبيب ١ / ٩٣ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٧٩٢.

٧٩٨ ـ البيت من الكامل ، وهو لأبي ذؤيب الهذلي في شرح أشعار الهذليين ١ / ٧ ، وشرح اختيارات المفضل ص ١٦٩٣ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٢٦٢ ، ومغني اللبيب ١ / ٩٣ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٥٤١.

٧٩٩ ـ البيت من الطويل ، وهو للفرزدق في ديوانه ١ / ٤١٦ ، وشرح التصريح ٢ / ٤٠ ، وشرح شواهد المغني ص ٢٧٠ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٤١٤ ، وبلا نسبة في أوضح المسالك ٣ / ١٢٧ ، والجنى الداني ص ٣٦٨ ، وشرح الأشموني ٢ / ٣١٦ ، واللسان مادة (ذرع) ، ومغني اللبيب ١ / ٩٧ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٥٢٢.

١٠٤

وفي ناصب إذا قولان : أحدهما : أنه شرطها ، وعليه المحققون واختاره أبو حيان حملا لها على سائر أدوات الشرط ، والثاني : أنه ما في جوابها من فعل وشبهه وعليه الأكثرون لما تقدم من أنها ملازمة الإضافة إلى شرطها ، والمضاف إليه لا يعمل في المضاف ، فالإشارة إليه بقولي : «ومن ثم» إلى قولي : «وتضاف أبدا» ، والأولون انفصلوا عن ذلك بأن قالوا بعدم إضافتها.

وترد (إذا) للمفاجأة فتختص بالجملة الاسمية فيما جزم به ابن مالك ، ورده أبو حيان ، وقيل : تدخل على الفعل مطلقا ، وقيل : تدخل على الفعل المصحوب ب : (قد) ، نقل الأخفش ذلك عن العرب نحو : خرجت فإذا قد قام زيد ، قال في «المغني» : ووجهه أن التزام الاسمية معها إنما هو للفرق بينهما وبين الشرطية الخاصة بالفعلية ، والفرق حاصل ب : (قد) ؛ إذ لا يقترن الشرط بها ولا يحتاج لجواب ولا تقع في الابتداء ، ومعناها الحال لا الاستقبال نحو : خرجت فإذا الأسد بالباب ، ومنه (فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعى) [طه : ٢٠] ، وهي حينئذ حرف عند الكوفيين والأخفش ، واختاره ابن مالك ، ويرجحه قولهم : خرجت فإذا إن زيدا بالباب بكسر إن ؛ لأن إن لا يعمل ما بعدها فيما قبلها ، وظرف مكان عند المبرد والفارسي وابن جني وأبي بكر بن الخياط ، واختاره ابن عصفور ، وظرف زمان عند الرياشي والزجاج واختاره الزمخشري وابن طاهر وابن خروف والشلوبين إبقاء لها على ما ثبت لها.

فإذا قلت : خرجت فإذا زيد صح كونها خبرا على المكان ، أي : فبالحضرة زيد ، لا على الزمان ؛ لأنه لا يخبر به عن الجثة ، ولا على الحرف ؛ لأنه لا يخبر به ، وتلزمها الفاء داخلة عليها ، واختلف فيها فقال المازني : هي زائدة للتأكيد ؛ لأن إذا الفجائية فيها معنى الإتباع ، ولذا وقعت في جواب الشرط موقع الفاء ، وهذا ما اختاره ابن جني ، وقال مبرمان : هي عاطفة لجملة إذا ومدخولها على الجملة قبلها ، واختاره الشلوبين الصغير ، وأيده أبو حيان بوقوع ثم موقعها في قوله تعالى : (ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ) [الروم : ٢٠] ، وقال الزجاج : دخلت على حد دخولها في جواب الشرط ، وزعم أبو عبيدة أن (إذا) قد تزاد واستدل بقوله :

٨٠٠ ـ حتى إذا أسلكوهم في مناوءة

شلّا كما شلّت الجمّالة الشّردا

__________________

٨٠٠ ـ البيت من البسيط ، وهو لعبد مناف بن ربع الهذلي في الأزهية ص ٢٠٣ ، ٢٥٠ ، والإنصاف ٢ / ٤٦١ ، وجمهرة اللغة ص ٨٥٤ ، والخزانة ٧ / ٣٩ ، ٤١ ، ٤٦ ، ٧١ ، وشرح أشعار الهذليين ٢ / ٦٧٥ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ٤٣١ ، واللسان مادة (شرد ، قتد ، سلك ، إذا) ، ومراتب النحويين ص ٨٥ ، ولعمرو بن أحمر في ملحق ديوانه ص ١٧٩ ، واللسان مادة (حمر) ، انظر المعجم المفصل ١ / ١٩٦.

١٠٥

قال : فزادها ؛ لعدم الجواب فكأنه قال : حتى أسلكوهم ، وتأوله ابن جني على حذف جواب إذا.

الآن :

(ص) (الآن) لوقت حضر أو بعضه ، وزعمه الفراء منقولا من (آن) ، والمختار إعرابه ، وألفه عن واو ، وقيل : ياء ، وقيل : أصله أوان ، وقيل : ظرفيته غالبة.

(ش) من الظروف المبنية (الآن) ، والدليل على اسميته دخول (أل) وحرف الجر عليه ، وهو اسم للوقت الحاضر جميعه كوقت فعل الإنسان حال النطق به ، أو الحاضر بعضه نحو : (فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ) [الجن ٩] ، (الْآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ) [الأنفال : ٦٦] ، قال ابن مالك : وظرفيته غالبة لازمة ، فقد يخرج عنها إلى الاسمية كحديث : «فهو يهوي في النار الآن حين انتهى إلى قعرها» (١) ، ف : (الآن) في موضع رفع بالابتداء ، و (حين انتهى) خبره ، وهو مبني لإضافته إلى جملة صدرها ماض كقوله :

٨٠١ ـ أإلى الآن لا يبين ارعواء

لك بعد المشيب عن ذا التّصابي

وألفه منقلبة عن واو ؛ لقولهم في معناه الأوان ، وقيل : عن ياء ؛ لأنه من آن يئين إذا قرب ، وقيل : أصله أوان قلبت الواو ألفا ، ثم حذفت لالتقاء الساكنين ورد بأن الواو قبل الألف لا تنقلب كالجواد والسواد ، وقيل : حذفت الألف وغيرت الواو إلى الألف ، كما قالوا : راح ورواح استعملوه مرة على فعل ومرة على فعال ، كزمن وزمان ، واختلف في علة بنائه فقال الزجاج : بني لتضمنه معنى الإشارة ؛ لأن معناه هذا الوقت ، ورد بأن تضمين معنى الإشارة بمنزلة اسم الإشارة ، وهو لا تدخله أل ، وقال أبو علي : لتضمنه لام التعريف ؛ لأنه استعمل معرفة وليس علما ، وأل فيه زائدة ، وضعفه ابن مالك بأن تضمن اسم معنى حرف اختصارا ينافي زيادة ما لا يعتد به هذا مع كون المزيد غير المضمن معناه فكيف إذا كان إياه ، وقال ابن المبرد وابن السراج : لأنه خالف نظائره ؛ إذ هو نكرة في

__________________

٨٠١ ـ البيت من الخفيف ، وهو لعمر بن أبي ربيعة في ديوانه ص ٤٢٣ ، (طبعة دار صادر) ، وبلا نسبة في شفاء العليل ص ٤٧٥ ، انظر المعجم المفصل ١ / ١٠٣.

(١) أخرجه مسلم ، كتاب الجنة وصفة نعيمها ، باب في شدة حر نار جهنم ... (٢٨٤٤) ، وأحمد في مسنده (٨٦٢٢).

١٠٦

الأصل استعمل من أول وضعه باللام ، وباب اللام أن يدخل على النكرة ، وكذا قال الزمخشري : سبب بنائه وقوعه في أول أحواله بالألف واللام ؛ لأن حق الاسم في أول أحواله التجرد منها ، ثم يعرض تعريفه فيلحقه ، فلما وقع الآن في أول أحواله بالألف واللام خالف الأسماء وأشبه الحروف ، ورده ابن مالك بلزوم بناء الجماء الغفير واللات ونحوهما مما وقع في أول أحواله بالألف واللام ، وبأنه لو كانت مخالفة الاسم لسائر الأسماء موجبة لشبه الحرف واستحقاق البناء لوجب بناء كل اسم خالف الأسماء بوزن أو غيره ، وهو باطل بإجماع ، وقال ابن مالك : بني لشبه الحرف في ملازمة لفظ واحد ؛ لأنه لا يثنى ولا يجمع ولا يصغر بخلاف حين ووقت وزمان ومدة.

قال أبو حيان : وهو مردود بما رد به هو على الزمخشري ، وقال الفراء : إنما بني ؛ لأنه نقل من فعل ماض ، وهو (آن) معنى حان فبقي على بنائه استصحابا على حد : «أنهاكم عن قيل وقال» (١) ، ورد بأنه لو كان كذلك لم تدخل عليه (أل) كما لا تدخل على قيل وقال ، ولجاز فيه الإعراب كما يجوز في قيل وقال ، وذهب بعضهم إلى أنه معرب وفتحته إعراب على الظرفية واستدل له بقوله :

٨٠٢ ـ كأنّهما ملآن لم يتغّيرا

بكسر النون ، أي : من الآن فحذف النون ؛ لالتقاء الساكنين ، وجر فدل على أنه معرب وضعفه ابن مالك باحتمال أن تكون الكسرة كسرة بناء ، ويكون في بناء الآن لغتان الفتح والكسر ، كما في شتان إلا أن الفتح أكثر وأشهر.

والمختار عندي القول بإعرابه ؛ لأنه لم يثبت لبنائه علة معتبرة ، فهو منصوب على الظرفية ، وإن دخلته (من) جر ، وخروجه عن الظرفية غير ثابت ولا يصلح الاستدلال له

__________________

٨٠٢ ـ البيت من الطويل ، وهو لأبي صخر الهذلي في شرح أشعار الهذليين ص ٩٥٦ ، وسر صناعة الإعراب ٢ / ٥٣٩ ، وشرح شواهد المغني ١ / ١٦٩ ، والمنصف ١ / ٢٢٩ ، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٢ / ١٣٣ ، والخصائص ١ / ٣١٠ ، ورصف المباني ص ٣٢٦ ، وسر صناعة الإعراب ٢ / ٤٣٩ ، ٤٤٠ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٣٦٥.

(١) أخرجه البخاري ، كتاب الزكاة ، باب قول الله تعالى : (لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً) (١٤٧٧) ، ومسلم ، كتاب الأقضية باب النهي عن كثرة المسائل من غير حاجة (٥٩٣).

١٠٧

بالحديث السابق لما تقرر غير مرة ، وفي شرح «الألفية» لابن الصائغ أن الذي قال بأن أصله (أوان) يقول بإعرابه كما أن أوانا معرب.

أمس :

(ص) (أمس) لما يلي يومك مبني على الكسر ، قال الزجاج والزجاجي : والفتح لغة ، وإعرابه غير منصرف رفعا ، ومطلقا ومنصرفا لغة ، وزعمه قوم محكيا من الأمر ، فإن قارن (أل) أعرب غالبا ، وكذا إن أضيف أو نكر أو ثني أو جمع أو صغر.

(ش) أمس اسم معرفة متصرف يستعمل في موضع رفع ونصب وجر ، وهو اسم زمان موضوع لليوم الذي يليه اليوم الذي أنت فيه ، أو ما هو في حكمه في إرادة القرب ، فإن استعمل ظرفا فهو مبني على الكسر عند جميع العرب ، وعلة بنائه تضمنه معنى الحرف ، وهو لام التعريف ولذا لم يبن (غد) مع كونه معرفة ؛ لأنه لم يتضمنها إنما يتضمنها ما هو حاصل واقع ، و (غد) ليس بواقع ، والفرق بينه وبين (سحر) حيث لم يبن : أنه لما عدل عن السحر لم يضمن معنى الحرف ، بل أنيب مناب السحر المعرف فصار معرفة مثله بالنيابة كما صار عمر معرفة بالنيابة عن عامر العلم.

وقال ابن كيسان : بني ؛ لأنه في معنى الفعل الماضي وأعرب (غد) ؛ لأنه في معنى الفعل المستقبل ، والمستقبل معرب ، وقال قوم : علة بنائه شبه الحرف إذا افتقر في الدلالة على ما وضع له إلى اليوم الذي أنت فيه ، وقال آخرون : بني لشبهه بالأسماء المبهمة في انتقال معناه ؛ لأنه لا يختص بمسمى دون آخر ، وأجاز الخليل في لقيته أمس أن يكون التقدير لقيته بالأمس ، فحذف الحرفين الباء وأل فتكون الكسرة على هذا كسرة إعراب ، وزعم قوم منهم الكسائي أنه ليس مبنيا ولا معربا ، بل هو محكي سمي بفعل الأمر من المساء كما لو سمي بأصبح من الصباح فقولك : جئت أمس ، أي : اليوم الذي كنا نقول فيه أمس عندنا أو معنا ، وكانوا كثيرا ما يقولون ذلك للزور والخليط إذا أراد الانصراف عنهم ، فكثرت هذه الكلمة على ألسنتهم حتى صارت اسما للوقت ، وتعريفه بأل إشارة إلى أنه اليوم الذي قبل يومك ، وقال السهيلي : تعريفه بالإضافة كتعريف جمع.

وإن استعمل غير ظرف فذكر سيبويه عن الحجازيين بناءه على الكسر رفعا ونصبا وجرا كما كان حال استعماله ظرفا ، تقول : ذهب أمس بما فيه ، وأحببت أمس ، وما رأيتك مذ أمس ، قال :

١٠٨

٨٠٣ ـ اليوم أعلم ما يجيء به

ومضى بفصل قضائه أمس

ونقل عن بني تميم أنهم يوافقون الحجازيين حالة النصب والجر في البناء على الكسر ، ويعربونه إعراب ما لا ينصرف حالة الرفع قال شاعرهم :

٨٠٤ ـ اعتصم بالرّجاء إن عنّ يأس

وتناس الّذي تضمّن أمس

ومن بني تميم من يعربه إعراب ما لا ينصرف في حالتي النصب والجر أيضا ، وعلته ما ذكر في (سحر) من العدل والتعريف ، وعليه قوله :

٨٠٥ ـ إنّي رأيت عجبا مذ أمسا

ومنهم من يعربه إعراب المنصرف فينونه في الأحوال الثلاثة حكاه الكسائي ، وحكى الزجاج أن بعض العرب ينونه وهو مبني على الكسر تشبيها بالأصوات ، وحكى الزجاجي والزجاج أن من العرب من يبنيه وهو ظرف على الفتح ، فتلخص فيه حال الظرفية لغتان البناء على الكسر ، وعلى الفتح ، وحال غير الظرفية خمس لغات : البناء على الكسر بلا تنوين مطلقا ، وبتنوين وإعرابه منصرفا ، وغير منصرف مطلقا ، وإعرابه غير منصرف رفعا وبناؤه نصبا وجرا ، فإن قارنه (أل) أعرب غالبا نحو : إن الأمس ليوم حسن ، وقال تعالى : (كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ) [يونس ٢٤] ، ومن العرب من يستصحب البناء مع أل قال :

٨٠٦ ـ وإنّي وقفت اليوم والأمس قبله

ببابك حتى كادت الشّمس تغرب

__________________

٨٠٣ ـ البيت من الكامل ، وهو لأسقف نجران في الحيوان ٣ / ٨٨ ، والسمط ص ٤٨٦ ، والحماسة البصرية ٢ / ٤٠٧ ، واللسا مادة (أمس) ، والمقاصد النحوية ٤ / ٣٧٣ ، وله أو لتبع بن الأقران في شرح التصريح ٢ / ٢٢٦ ، ولبعض ملوك اليمن في الصناعتين ص ٢٠١ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٤٧٣.

٨٠٤ ـ البيت من الخفيف ، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك ٤ / ١٣٣ ، وشرح الأشموني ٢ / ٥٣٧ ، وشرح التصريح ٢ / ٢٢٦ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٣٧٢ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٤٦٥.

٨٠٥ ـ الرجز بلا نسبة في أسرار العربية ص ٣٢ ، وأوضح المسالك ٤ / ١٣٢ ، وجمهرة اللغة ص ٨٤١ ، ٨٦٣ ، والخزانة ٧ / ١٦٧ ، ١٦٨ ، وشرح الأشموني ٢ / ٥٣٧ ، ٣ / ١٦٧ ، وشرح التصريح ٢ / ٢٢٦ ، وشرح شذور الذهب ص ١٢٨ ، وشرح قطر الندى ص ١٦ ، وشرح المفصل ٤ / ١٠٦ ، ١٠٧ ، والكتاب ٣ / ٢٨٥ ، واللسان مادة (أمس) ، انظر المعجم المفصل ٤ / ١١٧٨ ، وفي نسخة (لقد رأيت) بدلا من (إني رأيت).

٨٠٦ ـ البيت من الطويل ، وهو لنصيب في ديوانه ص ٩ ، والأغاني ٩ / ٤٥ ، واللسان مادة (أمس ، أين) وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ١ / ٢٠٤ ، والإنصاف ص ٣٢٠ ، والخصائص ١ / ٣٩٤ ، ٣ / ٥٧ ، وشرح شذور الذهب ص ١٣١ ، والصاحبي ص ١٤٣ ، واللسان مادة (لوم) ، والمحتسب ٢ / ١٩٠ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٦٥.

١٠٩

فكسر السين ، وهو في موضع نصب عطفا على اليوم ، قالوا : والوجه في تخريجه أن تكون أل زائدة لغير تعريف ، واستصحب تضمن معنى المعرفة فاستديم البناء ، أو تكون هي المعرفة ويجر على إضمار الباء ، فالكسرة إعراب لا بناء ، ويعرب أيضا حال الإضافة نحو : إن أمسنا يوم طيب ، وحال التنكير نحو : مضى لنا أمس حسن ، لا تريد اليوم الذي قبل يومك ، وحال التثنية نحو : أمسان ، وحال الجمع نحو : آمس وآماس وأموس قال :

٨٠٧ ـ مرّت بنا أوّل من أموس

تميس فينا ميسة العروس

قال ابن مالك في شرح «الكافية الشافية» : وحال التصغير ، قال أبو حيان : وهو مخالف لنص سيبويه وغيره من النحاة أن أمس لا يصغر ، وكذا (غدا) استغناء بتصغير ما هو أشد تمكنا وهو اليوم والليلة ، قال : نعم ذكر المبرد أنه يصغر فتبعه عليه ابن مالك ، وكذا ذكر ابن الدهان في «الغرة» وهو ذهول عن نص سيبويه.

بعد :

(ص) (بعد) ظرف زمان لازم الإضافة ، فإن أضيف أو حذف مضافه ونوي لفظه أعرب ، أو معناه ضم بناء ، وقد ينون حينئذ ويفتح إعرابا ، وإن نكر نصب ظرفا ، وقد يجر ويرفع ، ولا يضاف لجملة حتى يكف ب : (ما).

(ش) من الظروف المبنية في بعض الأحوال (بعد) ، وهي ظرف زمان لازم الإضافة ، وله أحوال :

أحدها : أن يصرح بمضافه نحو : جئت بعدك ، فهو معرب منصوب على الظرفية.

ثانيها : أن يقطع عن الإضافة لفظا ومعنى قصدا للتنكير فكذلك قوله :

٨٠٨ ـ فما شربوا بعدا على لذّة خمرا

وقد يجر ، قرئ : (لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ) [الروم : ٤] بالجر والتنوين ، وقد يرفع ، روي : فما شربوا بعد بالرفع.

__________________

٨٠٧ ـ الرجز بلا نسبة في شرح شذور الذهب ص ١٢٩ ، واللسان والتاج مادة (أمس) ، والمحتسب ٢ / ٢٢٤ ، والتنبيه والإيضاح ٢ / ٢٥٨ ، انظر المعجم المفصل ٣ / ٨١٨.

٨٠٨ ـ البيت من الطويل ، وهو بلا نسبة في إصلاح المنطق ص ١٤٦ ، وأوضح المسالك ٣ / ١٥٨ ، والخزانة ٦ / ٥٠١ ، وشرح الأشموني ٢ / ٣٢٢ ، وشرح التصريح ٢ / ٥٠ ، وشرح شذور الذهب ص ١٣٧ ، واللسان مادة (بعد ، خفا) ، والمقاصد النحوية ٣ / ٤٣٦ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٣٢٥.

١١٠

ثالثها : أن يقطع عنها بأن يحذف المضاف إليه ، لكن ينوى لفظه فيعرب ولا ينون ؛ لانتظار المضاف إليه المحذوف.

رابعها : أن يحذف وينوى معناه فيبنى على الضم نحو : (لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ) (بَعْدُ) [الروم : ٤] ، أي : قبل الغلبة وبعدها ، وعلله ابن مالك بأنه كان حقها البناء في الأحوال كلها ؛ لشبهها بالحرف لفظا من حيث إنها لا تتصرف بتثنية ولا جمع ولا اشتقاق ، ومعنى ؛ لافتقارها إلى غيرها في بيان معناها ، لكن عارض ذلك لزومها للإضافة فأعربت ، فلما قطعت عنها ونوي معنى الثاني دون لفظه أشبهت حروف الجواب في الاستغناء بها عن لفظ ما بعدها ، فانضم ذلك إلى الشبهين المذكورين فبنيت ، وفي «الإفصاح» : أكثر النحويين يقولون : لما أفردت من مضافها وتضمنته أشبهت الحروف ؛ لتعلقها بالمحذوف بعدها معنى تعلق الحروف بغيرها فبنيت لذلك ، وقد تفتح في هذه الحالة بلا تنوين ، وقد تضم مع التنوين ، وكلاهما إعراب ، حكى هشام : رأيته قبل ومن قبل ، وأنشد :

٨٠٩ ـ ولا وجد العذريّ قبل جميل

وأنشد الخليل قوله :

٨١٠ ـ فما شربوا بعد على لذة خمرا

بالضم والتنوين.

ولا يضاف (بعد) لجملة ما لم يكف ب : (ما) كقوله :

٨١١ ـ أعلاقة أمّ الوليّد بعد ما

أفنان رأسك كالثّغام المخلس

قبل ، أول ، أمام ، قدام ، وراء ، خلف ، أسفل ، يمين ، شمال ، فوق ، تحت ، عل ، دون ، حسب ، غير.

__________________

٨٠٩ ـ صدر البيت :

فما وجد النهدي وجدا وجدته

والبيت من الطويل ، وهو بلا نسبة في الإنصاف ٢ / ٥٤٥ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٧٣٠.

٨١٠ ـ تقدم برقم (٨٠٩).

٨١١ ـ البيت من الكامل ، وهو للمرار الأسدي في ديوانه ص ٤٦١ ، وأشعار اللصوص ص ٣٦٣ ، وإصلاح المنطق ص ٤٥ ، والخزانة ١١ / ٢٣٢ ، ٢٣٤ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٧٢٢ ، والكتاب ١ / ١١٦ ، ٢ / ١٣٩ ، واللسان مادة (علق ، ثغم ، فنن) ، والتاج مادة (علق ، ثغم ، فتن ، ما) ، وشرح المفصل ٨ / ١٣١ ، ١٣٤ ، وبلا نسبة في الأضداد ص ٩٧ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٤٧٢.

١١١

(ص) ومثله فيما ذكر قبل وأول وأمام وقدام ووراء وخلف وأسفل ، وتصرف الكل متوسط ، وأنكره الجرمي ، ويمين وشمال وفوق وتحت ولا يتصرفان ، وعل وأنكر ابن أبي الربيع إضافتها لفظا ، وأثبته الجوهري ، ودون وحسب لكن نصبهما على الحال ، وغير بعد ليس قال السيرافي وابن السراج وأبو حيان : ولا ، ويجوز فتحها ، والمختار وفاقا للأخفش إعرابها مطلقا ، وألحق بعضهم كلا ولا يتصرف مبنيها ، والصحيح أن أصل (أول) أوأل ، وأنه لا يستلزم ثانيا ، وإذا وقع اسما صرف ، وأنث بالتاء بقلة.

(ش) مثل (بعد) فيما تقدم من إعرابها في الأحوال الثلاثة وبنائها في الحال الرابعة على الضم للعلة المذكورة (قبل) و (أول) و (أمام) و (قدام) و (وراء) و (خلف) و (أسفل) و (يمين) و (شمال) و (فوق) و (تحت) و (عل) و (دون) و (حسب) و (غير) ، ومن بناء (قبل) الآية السابقة ، ومن تنكيرها قوله :

٨١٢ ـ فساغ لي الشّراب وكنت قبلا

وقد تقدمت قراءة (مِنْ قَبْلُ) [الروم : ٤] بالجر والتنوين ، ومن نية لفظ المضاف إليه فيه قوله :

٨١٣ ـ ومن قبل نادى كلّ مولى قرابة

كذا رواه الثقات بكسر اللام ، وحكى أبو علي : (ابدأ بهذا من أوّل) بالفتح على تنكيره ممنوع الصرف ، وبالضم على نية الإضافة دون قصد إلى لفظ المضاف إليه ، وبالجر على قصد لفظه ، قال في «الصحاح» : فإن أظهرت المحذوف نصبت فقلت : ابدأ به أول فعلك ، وقال الشاعر :

٨١٤ ـ أمام وخلف المرء من لطف ربه

كوالئ تزوي عنه ما كان يحذر

__________________

٨١٢ ـ البيت من الوافر ، وهو لزيد بن الصعق في الخزانة ١ / ٤٢٦ ، ٤٢٩ ، ولعبد الله بن يعرب في المقاصد النحوية ٣ / ٤٣٥ ، وبلا نسبة في أوضح المسالك ٣ / ١٥٦ ، وتذكرة النحاة ص ٥٢٧ ، والخزانة ٦ / ٥٠٥ ، ٥١٠ ، وشرح الأشموني ٢ / ٣٢٢ ، وشرح التصريح ٢ / ٥٠ ، وشرح ابن عقيل ص ٣٩٧ ، وشرح قطر الندى ص ٢١ ، انظر المعجم المفصل ١ / ١٤١.

٨١٣ ـ البيت من الطويل ، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك ٣ / ١٥٤ ، وشرح الأشموني ٢ / ٣٢٢ ، ٢ / ٢٦٩ ، وشرح التصريح ٢ / ٥٠ ، وشرح قطر الندى ص ٢٠ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٣٤٣ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٥٧١.

٨١٤ ـ البيت من الطويل ، وهو بلا نسبة في تذكرة النحاة ص ٦٨٣ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٣٥٨.

١١٢

وحكى الكسائي أفوق تنام أم أسفل؟ بالنصب على تقدير أفوق هذا أم أسفله ، قال الشاعر :

٨١٥ ـ ولم يكن لقاؤك إلّا من وراء وراء

وقال :

٨١٦ ـ لعنا يشنّ عليه من قدّام

وقال :

٨١٧ ـ وأتيت فوق بني كليب من عل

وقال :

٨١ ـ كجلمود صخر حطّه السّيل من عل

أي : من مكان عال ، ويقال : قبضت عشرة فحسب ، أي : فحسبي ذلك ، وهذا حسبك من أجل ، وقبضت عشرة ليس غير ، أي : ليس غير ذلك مقبوضا.

وذكر ابن هشام أن شرطها أن تقع بعد ليس ، وأن قول الفقهاء (لا غير) لحن ، وليس كما قال فقد صرح السيرافي وابن السراج وأبو حيان بأن (لا) كليس في ذلك ، وأنشد ابن مالك :

__________________

٨١٥ ـ البيت من الطويل ، وهو لعتيّ بن مالك في اللسان مادة (ورى) ، والكامل ص ٨٥ ، وبلا نسبة في الخزانة ٦ / ٥٠٤ ، وشرح التصريح ٢ / ٥٢ ، وشرح شذور الذهب ص ١٣٤ ، وشرح المفصل ٤ / ٨٧ ، واللسان مادة (بعد) ، ومعاني الفراء ٢ / ٣٢٠ ، انظر المعجم المفصل ١ / ١٦.

٨١٦ ـ البيت من الكامل ، وهو لرجل من بني تميم في شرح التصريح ٢ / ٥١ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٤٣٧ ، وبلا نسبة في أوضح المسالك ٣ / ١٦٠ ، وتذكرة النحاة ص ٢٧٩ ، وشرح الأشموني ٢ / ٣٢٢ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٨٤٦.

٨١٧ ـ البيت من الكامل ، وهو للفرزدق في ديوانه ٢ / ١٦١ ، وتذكرة النحاة ص ٨٥ ، وشرح التصريح ٣ / ٤٤٧ ، وبلا نسبة في شرح شذور الذهب ص ١٣٩ ، وشرح المفصل ٤ / ٨٩ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٤٤٧ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٦٩٩.

٨١٨ ـ البيت من الطويل ، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص ١٩ ، واللسان مادة (علا) ، وجمهرة اللغة ص ١٢٦ ، وكتاب العين ٧ / ١٧٤ ، وإصلاح المنطق ص ٢٥ ، والخزانة ٢ / ٣٩٧ ، ٣ / ٢٤٢ ، ٢٤٣ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٣٣٩ ، وشرح التصريح ٢ / ٥٤ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٤٥١ ، والكتاب ٤ / ٢٢٨ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٤٤٩ ، والتاج مادة (فرر ، علا) ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٧٨٢.

١١٣

٨١٩ ـ لعن عمل أسلفت لا غير تسأل

ويجوز فيها زيادة على أخواتها البناء على الفتح ، فيقال : ليس غير ، والأخفش يقول بإعرابها في الضم والفتح معا ، وإن حذف التنوين لانتظار المضاف إليه ، وعلى الفتح هي خبر ليس والاسم محذوف ، أي : ليس المقبوض غير ذلك ، ورأيه هو المختار عندي ؛ لما تقدم في أي الموصولة ، ثم النصب في الجميع على الظرفية إلا (حسب) فعلى الحالية.

قال ابن هشام : وما أظن نصب (عل) موجودا ، وأنكر ابن أبي الربيع إضافة (عل) لفظا لكن الجوهري صرح بجوازه فقال : يقال : أتيته من عل الدار بكسر اللام ، قال أبو حيان : ومن غريب المنقول ما ذهب إليه محمد بن الوليد من جواز حذف التنوين من كل فتقول : كل منطلق ، جعله غاية مثل (قبل) و (بعد) ، حكاه عنه أبو جعفر النحاس ، وأنكر عليه علي بن سليمان ؛ لأن الظروف قد خصت بعلة ليست في غيرها ، وما بني من الظروف المذكورة فإنه لا يتصرف ، وأما المعرب منها فذكر ابن مالك أن (فوق) و (تحت) لا يتصرفان أصلا ، قال أبو حيان : ونص على ذلك الأخفش ، فقال : اعلم أن العرب تقول : فوق رأسك ، وتحت رجليك ، لا يختلفون في نصب الفوق والتحت ؛ لأنهم لم يستعملوهما إلا ظرفين أو مجرورين ب : (من) ، قال تعالى : (فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ) [النحل : ٢٦] ، وقال : (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) [البقرة : ٢٥] ، وقد جاء جر فوق بعلى في قوله :

٨٢٠ ـ فأقسم بالله الّذي اهتزّ عرشه

على فوق سبع ...

وبالباء في قوله :

٨٢١ ـ لست رهنا بفوق ما أستطيع

وكلاهما شاذ.

وأما (يمين) و (شمال) فكثير تصرفهما كما تقدم ، وأما (قبل) و (بعد) والستة بعدهما إلى أسفل فتصرفها متوسط ، قرئ : (وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ) [:] بالرفع ، وقال :

__________________

٨١٩ ـ البيت من الطويل ، وهو بلا نسبة في شرح الأشموني ٢ / ٣٢١ ، وشرح التصريح ٢ / ٥٠ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٦٧٥.

٨٢٠ ـ البيت من الطويل ، وهو لأبي صخر الهذلي في شرح أشعار الهذليين ص ٩٥٩ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٩٥٢.

٨٢١ ـ البيت من الخفيف ، تفرد به السيوطي ، انظر المعجم المفصل ١ / ٥٤٤.

١١٤

٨٢٢ ـ فغدت كلا الفرجين تحسب أنّه

مولى المخافة خلفها وأمامها

ويقال : أمام زيد آمن من ورائه ، وزعم الجرمي أنه لا يجوز استعمالها إلا ظرفا ، ولا يقاس على استعمالها اسما ، ولا تضاف (قبل) أيضا لجملة ما لم تكف ب : (ما) نحو : قبلما.

وبقي مسائل تتعلق بأول :

الأولى : الصحيح أن أصله (أوأل) بوزن أفعل قلبت الهمزة الثانية واوا ، ثم أدغمت بدليل قولهم في الجمع أوائل ، وقيل : أصله ووّل بوزن فوعل ، قلبت الواو الأولى همزة ، وإنما لم يجمع على أواول ؛ لاستثقالهم اجتماع الواوين بينهما ألف الجمع.

الثانية : الصحيح أن أول لا يستلزم ثانيا ، وإنما معناه ابتداء الشيء ، ثم قد يكون له ثان وقد لا يكون ، تقول : هذا أول مال اكتسبته ، وقد تكتسب بعده شيئا وقد لا تكتسب ، وقيل : إنه يستلزم ثانيا كما أن الآخر يقتضي أولا ، فلو قال : إن كان أول ولد تلدينه ذكرا فأنت طالق فولدت ذكرا ولم تلد غيره وقع الطلاق على الأول دون الثاني.

الثالثة : ل : (أول) استعمالان :

أحدهما : أن تكون صفة ، أي : أفعل تفضيل بمعنى الأسبق فيعطى حكم أفعل التفضيل من منع الصرف وعدم تأنيثه بالتاء ودخول (من) عليه نحو : هذا أول من هذين ولقيته عام أول.

والثاني : أن يكون اسما فيكون مصروفا نحو : لقيته عاما أولا ، ومنه ما له أول ولا آخر ، قال أبو حيان : وفي محفوظي أن هذا يؤنث بالتاء ، ويصرف أيضا فيقال : أولة وآخرة بالتنوين.

بين :

(ص) (بين) للمكان ، وقيل : للزمان ، وقال الزنجاني : بحسب ما تضاف إليه ،

__________________

٨٢٢ ـ البيت من الكامل ، وهو للبيد بن ربيعة في ديوانه ص ٣١١ ، وإصلاح المنطق ص ٧٧ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ١٧٠ ، وشرح المفصل ٢ / ١٢٩ ، والكتاب ١ / ٤٠٧ ، واللسان مادة (أمم ، كلا ، ولي) ، والمقتضب ٤ / ٣٤١ ، وكتاب العين ٨ / ٤٢٩ ، وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص ٤٦٣ ، وشرح شذور الذهب ص ٢٠٩ ، واللسان مادة (فرج) ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٨٥٣.

١١٥

وتصرفه متوسط ، ويجب العطف عليه بالواو إن أضيف لمفرد ، فإن لحقته (ما) أو الألف عرض عليه الزمان ، ولزومه ، والإضافة للجمل ولو فعلية على الأصح ، وقيل : يضاف لزمن محذوف لا الجملة ، وقيل : ما والألف كافة ولا موضع للجملة ، وقيل : ما كافة والألف إشباع ، وقيل : للتأنيث وتضاف (بينا) لمصدر لا بينما على الأصح ، وقيل : هي محذوفة منها وتليت ضرورة بكاف التشبيه وتركب (بين) كخمسة عشر ، فتبنى على الفتح ، فإن أضيف صدرها جاز بقاء الظرفية ، أو أضيف إليها تعين زوالها.

(ش) قال أبو حيان : أصل بين أن تكون ظرفا للمكان وتتخلل بين شيئين ، أو ما في تقدير شيئين أو أشياء ، ثم لما لحقتها (ما) أو الألف لزمت الظرفية الزمانية ، وصرح بعض أصحابنا أنها ظرف زمان بمعنى (إذا) ومنه الحديث : «ساعة يوم الجمعة بين خروج الإمام وانقضاء الصلاة» (١). انتهى.

وذكر الزنجاني أنها بحسب ما تضاف إليه ، وتصرفها متوسط قال تعالى : (هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ) [الكهف : ٧٨] ، (لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ) [الأنعام : ٩٤] بالرفع ، (مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ) [العنكبوت : ٢٥] بالجر ، ولا تضاف إلا إلى متعدد ، ومتى أضيفت لمفرد وجب تكرارها معطوفة بالواو كالآية الأولى ، وإذا لحقتها الألف أو (ما) لزمت إضافتها إلى الجمل ، سواء كانت اسمية كقوله :

٨٢٣ ـ فبينا نحن نرقبه أتانا

وقوله :

٨٢٤ ـ فبينما العسر إذ دارت مياسير

أو فعلية وهو قليل كقوله :

__________________

٨٢٣ ـ البيت من الوافر ، وهو لنصيب في ديوانه ص ١٠٤ ، ولرجل من قيس عيلان في شرح شواهد المغني ٢ / ٧٩٨ ، والكتاب ١ / ١٧١ ، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٣ / ٣٦ ، وأمالي ابن الحاجب ١ / ٣٤٢ ، والجنى الداني ص ١٧٦ ، والخزانة ٧ / ٤٧ ، ورصف المباني ص ١١ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ٢٣ ، ٢ / ٧١٩ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٥٤٧.

٨٢٤ ـ تقدم الشاهد برقم (٧٩٦).

(١) أخرجه البخاري ، كتاب الدعوات ، باب الدعاء في الساعة التي في يوم الجمعة (٦٤٠٠) ، ومسلم ، كتاب الجمعة ، باب في الساعة التي في يوم الجمعة (٨٥٢).

١١٦

٨٢٥ ـ فبينا نسوس النّاس والأمر أمرنا

وتقول : بينما أنصفتني ظلمتني ، ومنع بعضهم إضافتها إلى الفعلية وقال : لا تضاف إلا إلى الاسمية ، وأوّل البيت ونحوه على إضمار (نحن) ، وزعم ابن الأنباري أن (بين) حينئذ شرطية ، وما ذكر من أن الجملة بعد (بينا) و (بينما) مضاف إليها نفسها دون حذف مضاف وأنها في موضع جر مذهب الجمهور ، وذهب الفارسي وابن جني إلى أن إضافتها إلى الجملة على تقدير حذف زمان مضاف إلى الجملة ؛ لأن المضاف إلى الجمل ظرف الزمان دون ظرف المكان ، ولأن (بين) تقع على أكثر من واحد ؛ لأنها وسط ولا بد من اثنين فما فوقهما ، والتقدير بينا أوقات زيد قائم أقبل عمرو ، واختاره ابن الباذش ، وذهب قوم إلى أن (ما) و (الألف) كافتان والجملة بعدهما لا موضع لها من الإعراب.

وذهب آخرون إلى أن (ما) كافة عن الخفض والألف إشباع ؛ لأن كون الألف كافة لم يثبت ، وثبت كونها إشباعا ، فالجملة بعد الألف في موضع جر بالإضافة ، وبعد (ما) لا محل لها من الإعراب ، واختاره المغاربة ، وزعم قوم أن الألف للتأنيث ووزنها فعلى ، ورد بأن الظروف كلها مذكرة إلا ما شذ وهو قدام ووراء ، ولا حاجة إلى الدخول في الشاذ من غير داعية ، وقد تضاف (بينا) إلى المصدر قال :

٨٢٦ ـ بينا تعنّقه الكماة وروغه

وألحق بعضهم (بينما) بها فأجاز إضافتها إلى مفرد مصدر نحو : بينما قيام زيد قام عمرو.

وقال أبو حيان : والصحيح أنه لا يجوز ؛ لأنه لم يسمع ، ولا يسوغ قياس بينما على بينا ، ولا تضاف (بينا) إلى مفرد غير مصدر وفاقا ، قال أبو حيان : وسببه أنها تستدعي

__________________

٨٢٥ ـ البيت من الطويل ، وهو لحرقة بنت النعمان في الجنى الداني ص ٣٧٦ ، والخزانة ٧ / ٥٩ ، ٦٠ ، ٦٨ ، ٧٠ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ١٢٠٣ ، واللسان والتاج مادة (سوق ، نصف ، بين) ، والمؤتلف والمختلف ص ١٠٣ ، وبلا نسبة في مغني اللبيب ص ٣١١ ، ٣٧١ ، واللسان والتاج مادة (وإذا) ، وأساس البلاغة (نصف) ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٥٧٠.

٨٢٦ ـ البيت من الكامل ، وهو لأبي ذؤيب في شرح أشعار الهذليين ١ / ٣٧ ، والأشباه والنظائر ٢ / ٤٨ ، والخزانة ٥ / ٢٥٨ ، ٧ / ٧١ ، ٧٣ ، ٧٤ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ٢٥ ، ٢ / ٧١٠ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٢٧٣ ، ٢ / ٧٩ ، وشرح المفصل ٤ / ٣٤ ، واللسان مادة (بين) ، وبلا نسبة في الخصائص ٣ / ١٢٢ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٥٣١.

١١٧

جوابا فلم يقع بعدها إلا ما يعطي معنى الفعل ، وذلك الجملة والمصدر من المفردات ، وقد يحذف خبر المبتدأ بعد بينا و (بينما) لدلالة المعنى عليه كقوله : فبينما العسر ، كما قد يحذف الجواب لذلك كقوله :

٨٢٧ ـ فبينا الفتى في ظل نعماء غضّة

تباكره أفنانها وتراوح

إلى أن رمته الحادثات بنكبة

يضيق بها منه الرّحاب الفسائح

وتليت بينا بكاف التشبيه في الشعر قال :

٨٢٨ ـ بينا كذاك رأينني متعصّبا

قال أبو حيان : وبإضافة (بينا) إلى المصدر احتج أبو علي أن (بينا) ليست محذوفة من بينما كما قال بعضهم ؛ لأن (بينما) لا تضاف ، وإنما هي مكفوفة ب : (ما) داخلة على الجملتين.

وتركب (بين) كخمسة عشر فتبنى على الفتح كقوله :

٨٢٩ ـ نحمي حقيقتنا وبع

ض القوم يسقط بين بينا

الأصل بين هؤلاء وبين هؤلاء ، فأزيلت الإضافة وركب الاسمان تركيب خمسة عشر ، فإن أضيف صدر بين بين إلى عجزها جاز بقاء الظرفية ، كقولك : في أحكام الهمزة التسهيل بين بين ، وزوالها كقولك : بين بين أقيس من الإبدال ، وإن أضيف إليها تعين زوال الظرفية ، ومن ثم خطأ أبو الفتح من قال : همزة بين بين بالفتح ، وقال : الصواب همزة بين بين بالإضافة.

حيث :

(ص) حيث للمكان مثلثا ، وحوث ، وإعرابها لغة ، وتلزم الإضافة لجملة ، وندر لمفرد ، وقاسه الكسائي ، وتركها أندر فتعوض (ما) ، وجوز الأخفش وقوعها للزمان ،

__________________

٨٢٧ ـ البيتان من الطويل ، تفرد بهما السيوطي في همع الهوامع ، انظر المعجم المفصل ١ / ١٦٤ ، ١٦٥.

٨٢٨ ـ البيت من الكامل ، وهو لابن ميادة في ديوانه ص ٩٩ ، والحماسة البصرية ٢ / ١١٠ ، وكتاب الجيم ٢ / ٨٧ ، وبلا نسبة في الخزانة ٧ / ٧٣ ، انظر المعجم المفصل ١ / ١٨٠.

٨٢٩ ـ البيت بهذه الرواية من الوافر ، وهو لعبيد بن الأبرص في ديوانه ص ١٤١ ، والخزانة ٢ / ٢١٣ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ٤٩ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٢٥٨ ، وشرح المفصل ٤ / ١١٧ ، واللسان مادة (بين) ، واللمع ص ٢٤٢ ، والمقاصد النحوية ١ / ٤٩١ ، وبلا نسبة في شرح شذور الذهب ص ٩٧ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٩٨٠.

١١٨

وتصرفها نادر ، وأنكره أبو حيان ، وفي وقوعها اسم إن ومفعولا خلف ، وزعمها الزجاج موصولة.

(ش) من الظروف المبنية (حيث) ، وعلة بنائها شبهها بالحرف في الافتقار ؛ إذ لا تستعمل إلا مضافة إلى جملة ، وبنيت على الضم تشبيها بقبل وبعد ؛ لأن الإضافة للجملة كلا إضافة ؛ لأن أثرها وهو الجر لا يظهر ، ومن العرب من بناها على الفتح طلبا للتخفيف ، ومنهم من بناها على الكسر على أصل التقاء الساكنين ، ولغة طيئ إبدال يائها واوا فيقولون : حوث ، وفي ثائها أيضا الحركات الثلاث ، ولغة فقعس إعرابها يقولون : جلست حيث كنت ، وجئت من حيث جئت ، فيجرونها ب : (من) ، وهي عندهم ك : (عند) ، وقرئ : (سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ) [الأعراف : ١٨٢] بالكسر ، فيحتمل الإعراب ، ولغة البناء على الكسر ، وسواء في الجملة الاسمية أو الفعلية ، قال في «المغني» : وإضافتها إلى الفعلية أكثر ، ولهذا رجح النصب في جلست حيث زيدا أراه ، وندرت إضافتها إلى المفرد كقوله :

٨٣٠ ـ ببيض المواضي حيث ليّ العمائم

وقوله :

٨٣١ ـ أما تري حيث سهيل طالعا

والكسائي يقيسه ، وأندر من ذلك عدم إضافتها لفظا بأن تضاف إلى جملة محذوفة معوضا منها (ما) كقوله :

٨٣٢ ـ إذا ريدة من حيث ما نفحت له

__________________

٨٣٠ ـ البيت من الطويل ، وهو للفرزدق في شرح شواهد المغني ١ / ٣٨٩ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٣٨٧ ، وبلا نسبة في أوضح المسالك ٣ / ١٢٥ ، والخزانة ٦ / ٥٥٣ ، ٥٥٧ ، ٥٥٨ ، ٧ / ٤ ، وشرح الأشموني ٢ / ٣١٤ ، وشرح التصريح ٢ / ٣٩ ، وشرح المفصل ٤ / ٩٢ ، ومغني اللبيب ١ / ١٣٢ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٨٩٤.

٨٣١ ـ الرجز بلا نسبة في الخزانة ٧ / ٣ ، وشرح شذور الذهب ص ١٦٨ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٣٩٠ ، وشرح المفصل ٤ / ٩٠ ، وشرح ابن عقيل ص ٣٨٥ ، والمفصل ص ١٦٩ ، ومغني اللبيب ١ / ١٣٣ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٣٨٤ ، وعمدة الحافظ (حيث) ، وتهذيب اللغة ٥ / ٢١١ ، واللسان والتاج مادة (حيث) ، وشرح الرضي ٣ / ١٨٣ ، انظر المعجم المفصل ٣ / ١١٩٧ ، وفي نسخة (طالعا) بدلا من (ساطعا).

٨٣٢ ـ البيت من الطويل ، وهو لأبي حية النميري من ديوانه ص ٧٢ ، والخزانة ٦ / ٥٥٤ ، ٥٥٩ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٣٩٠ ، واللسان مادة (ريد ، خلل) ، والمقاصد النحوية ٣ / ٣٨٦ ، وبلا نسبة في مغني اللبيب ١ / ١٣٢ ، والتاج مادة (خلل) ، وكتاب العين ٨ / ٦٥ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٦٩٤.

١١٩

أي : من حيث هبت ، والأصل فيها أن تكون للمكان ، قال الأخفش : وقد ترد للزمان كقوله :

٨٣٣ ـ للفتى عقل يعيش به

حيث تهدي ساقه قدمه

أي : حين تهدي ، ولا تستعمل غالبا إلا ظرفا ، وندر جرها بالباء في قوله :

٨٣٤ ـ كان منّا بحيث يعكي الإزار

وب : (إلى) في قوله :

٨٣٥ ـ إلى حيث ألقت رحلها أمّ قشعم

وب : (في) في قوله :

٨٣٦ ـ فأصبح في حيث التقينا شريدهم

وقال ابن مالك : تصرفها نادر ، ومن وقوعها مجردة عن الظرفية قوله :

٨٣٧ ـ إنّ حيث استقرّ من أنت راعي

ه حمى فيه عزّة وأمان

ف : (حيث) اسم إن ، وقال أبو حيان : هذا خطأ ؛ لأن كونها اسما ل : (إن) فرع عن كونها تكون مبتدأ ، ولم يسمع ذلك فيها البتة ، بل اسم إن في البيت (حمى) و (حيث) الخبر ؛ لأنه ظرف ، والصحيح أنها لا تتصرف فلا تكون فاعلا ولا مفعولا به ولا مبتدأ انتهى.

وقال ابن هشام في «المغني» : الغالب كونها في محل نصب على الظرفية أو خفض ب : (من) ، وقد تخفض بغيرها وقد تقع مفعولا وفاقا للفارسي نحو : (اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ

__________________

٨٣٣ ـ البيت من المديد ، وهو لطرفة بن العبد في ديوانه ص ٨٦ ، والخزانة ٧ / ١٩ ، والسمط اللآلي ص ٣١٩ ، واللسان مادة (سوق ، هدي) ، وبلا نسبة في شرح المفصل ٤ / ٩٢ ، ومجالس ثعلب ص ٢٣٨ ، وشرح الرضي ٣ / ١٨٣ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٨٥٩.

٨٣٤ ـ الشطر من الخفيف ، وهو بلا نسبة في شرح شواهد الإيضاح ص ١٥٩ ، واللسان ٤ / ١٨ ، مادة (أزر) ، والتاج ١٠ / ٤٥ ، مادة (أزر).

٨٣٥ ـ البيت من الطويل ، وهو لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ص ٢٢ ، والخزانة ٣ / ١٥ ، ٧ / ٨ ، ٩ / ١٣ ، ١٧ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٣٨٤ ، واللسان مادة (قشعم) وبلا نسبة في مغني اللبيب ١ / ١٣١ ، وشرح الرضي ٣ / ١٨٣ ، وانظر المعجم المفصل ٢ / ٩٣٦.

٨٣٦ ـ الشطر من الطويل ، وهو بلا نسبة في الخزانة ٧ / ٩.

٨٣٧ ـ البيت من الخفيف ، وهو بلا نسبة في مغني اللبيب ١ / ٣٢ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٩٩٦.

١٢٠