إعراب القرآن الكريم وبيانه - ج ١

محيي الدين الدرويش

إعراب القرآن الكريم وبيانه - ج ١

المؤلف:

محيي الدين الدرويش


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: اليمامة للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٤
الصفحات: ٥٧١

وضمير الجمع مفعول «ق» الأول (عَذابَ النَّارِ) مفعول «ق» الثاني (أُولئِكَ) اسم الإشارة مبتدأ (لَهُمْ) الجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدّم (نَصِيبٌ) مبتدأ مؤخر والجملة خبر اسم الإشارة ، والجملة مستأنفة لبيان حال الفريق الثاني ، لأن حال الفريق الأول تقدم ذكره بقوله «وما له في الآخرة من خلاق» (مِمَّا) الجار والمجرور متعلقان بمحذوف صفة لنصيب (كَسَبُوا) فعل ماض وفاعل والجملة صلة الموصول «ما» (وَاللهُ) الواو مستأنفة والله مبتدأ (سَرِيعُ الْحِسابِ) خبره. والجملة المستأنفة مسوقة لبيان قدرته تعالى على محاسبة جميع الخلائق في أقل من لمح البصر.

البلاغة :

وردت في أحد الأعاريب لقوله : «أشد ذكرا» إشارة الى المجاز العقلي ، وقد سبق بحثه ، ونزيد هذا المجاز بسطا فنقول : إسناد الذكر الى الذكر مستحيل ولكنه ملابسة له أصبح كأنه شخص عاقل أجنبيّ عنه يقوم به ، وجميل قول أبي تمام :

تكاد عطاياه يجنّ جنونها

إذا لم يعوّذها بنغمة طالب

فقد أسند الجنون الى مصدره ، والسرّ فيه ما أوضحناه من الملابسة الشديدة التي تجعل غير العاقل عاقلا لشدة وقوعه منه ، ويكاد الطلاب يلتبس عليهم الفرق بينه وبين الاستعارة المكنية مع أنه ليس فيه مشابهة مقصودة. وقال أبو فراس :

٣٠١

سيذكرني قومي إذا جدّ جدهم

وفي الليلة الظّلماء يفتقد البدر

ولأبي الطيب مقطوعة وردت على نمط المجاز العقلي ، وهي من جيد الشعر :

صحب الناس قبلنا ذا الزمانا

وعناهم من أمره ما عنانا

وتولوا بغصّة كلّهم منه وإن سرّ بعضهم أحيانا ربما تحسن الصّنيع لياليه ولكن تكدّر الإحسانا

كلما أنبت الزمان قناة

ركب المرء في القناة سنانا

الفوائد :

تزاد «من» الجارة في الفاعل والمفعول به والمبتدأ بشرط أن تسبق بنفي أو نهي أو استفهام وأن يكون مجرورها نكرة وعندئذ تطرد الزيادة ، وسيأتي المزيد من أمثلتها.

(وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٢٠٣))

٣٠٢

اللغة :

(تُحْشَرُونَ) : تجمعون ، والحاء والشين إذا وقعتا فاء وعينا للكلمة دلّتا على معنى الجمع والامتلاء والحشد ، وهذا ما تقصيناه وحشدنا له كل ما وصلت إليه أيدينا من مظانّ اللغة ومراجعها المطولة ، ومنه الحشّاش أي جامع الحشيش أو شاري الحشيشة ، وهي نبات تستخرج منه مادة مسكرة ، والحشمة : الحياء ، وهي تدل على أن المرء جمع نفسه كيلا تبدر منه بادرة. ومنه الحشم أي الخدم المجتمعون.

الاعراب :

(وَاذْكُرُوا اللهَ) الواو عاطفة واذكروا فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعل ومفعول به (فِي أَيَّامٍ) الجار والمجرور متعلقان باذكروا (مَعْدُوداتٍ) صفة لأيام ، وهي أيام التشريق الثلاثة ، وهي ثلاثة أيام بعد يوم النحر وهو مذهب الشافعي ، أو يوم النحر ويومان بعده وهو مذهب أبي حنيفة (فَمَنْ) الفاء استئنافية ومن شرطية مبتدأ (تَعَجَّلَ) فعل ماض في محل جزم فعل الشرط (فِي يَوْمَيْنِ) الجار والمجرور متعلقان بتعجل (فَلا إِثْمَ) الفاء رابطة ولا نافية للجنس وإثم اسمها المبني على الفتح (عَلَيْهِ) الجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر لا والجملة المقترنة بالفاء في محل جزم جواب الشرط وفعل الشرط وجوابه خبر من (وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) تقدم إعرابها والجملة معطوفة (لِمَنِ اتَّقى) اللام حرف جر ومن اسم موصول في محل جرّ باللام والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف ، أي ذلك التّخيير. ونفي الإثم عن المتعجّل والمتأخر كائن لمن اتقى

٣٠٣

(وَاتَّقُوا اللهَ) الواو عاطفة واتقوا فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعل ولفظ الجلالة مفعول به (وَاعْلَمُوا) عطف على اتقوا (أَنَّكُمْ) ان واسمها (إِلَيْهِ) الجار والمجرور متعلقان بتحشرون (تُحْشَرُونَ) فعل مضارع وفاعل والجملة الفعلية خبر أن ، وأن وما بعدها في تأويل مصدر سدت مسد مفعولي اعلموا.

(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيُشْهِدُ اللهَ عَلى ما فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ (٢٠٤) وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ (٢٠٥) وَإِذا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهادُ (٢٠٦))

اللغة :

(أَلَدُّ الْخِصامِ) الألدّ : صفة مشبّهة ، والّلدد : شدة الجدال ، وتركت فلانا يتلدّد أي يتلفّت يمينا وشمالا من حيرته فما يستقرّ على حال ، فهي كلمة متحرّكة تمثّل صورة مركبّة ، والخصام :

مصدر خاصم ، قاله الخليل ، وقال الزجاج : الخصام : جمع خصم كصعب وصعاب ، وضخم وضخام.

٣٠٤

الاعراب :

(وَمِنَ النَّاسِ) الواو عاطفة والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدّم والجملة منسوقة على جملة فمن الناس إلخ (مِنَ) اسم موصول مبتدأ مؤخر (يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ) فعل مضارع ومفعول به مقدم وفاعل مؤخر والجملة لا محل لها لأنها صلة الموصول (فِي الْحَياةِ) الجار والمجرور متعلقان «بقوله» أو يعجبك ، فعلى الأول يكون القول صادرا في الحياة ، وعلى الثاني يكون الإعجاب صادرا فيها (الدُّنْيا) صفة للحياة (وَيُشْهِدُ) الواو استئنافية أو عاطفة ويشهد فعل مضارع وفاعله مستتر تقديره هو (اللهَ) لفظ الجلالة مفعول به (عَلى ما) الجار والمجرور متعلقان بيشهد (فِي قَلْبِهِ) الجار والمجرور متعلقان بمحذوف صلة الموصول أي من مدلول القول (وَهُوَ) الواو حالية وهو مبتدأ (أَلَدُّ الْخِصامِ) خبر (وَإِذا) الواو عاطفة وإذا ظرف لما يستقبل من الزمن متعلق بالجواب (تَوَلَّى) فعل ماض وفاعله مستتر تقديره هو والجملة في محل جر بالإضافة (سَعى) فعل ماض وفاعله مستتر تقديره هو والجملة لا محل لها لأنها جواب شرط غير جازم (فِي الْأَرْضِ) الجار والمجرور متعلقان بسعى (لِيُفْسِدَ فِيها) اللام للتعليل ويفسد فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد لام التعليل والجار والمجرور متعلقان بيفسد (وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ) عطف على ليفسد (وَاللهُ) الواو استئنافية والله مبتدأ (لا) نافية (يُحِبُّ الْفَسادَ) فعل مضارع وفاعله مستتر تقديره هو أي الله تعالى والفساد مفعول به ، والجملة الفعلية في محل رفع خبر الله (وَإِذا قِيلَ) الواو عاطفة على قوله يعجبك ، ولك أن تجعلها استئنافية ، وإذا ظرف لما يستقبل من

٣٠٥

الزمن وجملة قيل في محل جر بالإضافة (لَهُ) الجار والمجرور متعلقان بقيل (اتَّقِ اللهَ) اتق فعل أمر مبني على حذف حرف العلة وفاعله ضمير مستتر تقديره أنت ولفظ الجلالة مفعول به ، والجملة مقول القول (أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ) فعل ماض وتاء التأنيث الساكنة والهاء مفعول به والعزة فاعله والجملة لا محل لها لأنها جواب شرط غير جازم (بِالْإِثْمِ) الجار والمجرور متعلقان بمحذوف حال أي ملتبسة ، وتكون الباء للمصاحبة.

ويجوز أن يتعلقان بأخذته ، فتكون الباء لمجرد التعدية (فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ) الفاء الفصيحة كأنه أجاب عن مصيره وحسبه خبر مقدم وجهنم مبتدأ مؤخر (وَلَبِئْسَ الْمِهادُ) الواو واو القسم واللام واقعة في جواب القسم أي والله ، وبئس فعل ماض جامد لإنشاء الذم والمهاد فاعله والمخصوص بالذم محذوف أي هي ، والجملة جواب قسم لا محل لها.

(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ (٢٠٧) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (٢٠٨) فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْكُمُ الْبَيِّناتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٠٩))

اللغة :

(يَشْرِي) : يبيع.

٣٠٦

(السلم) : الاستسلام وهو بكسر السين وفتحها.

(كَافَّةً) : من الكفّ كأنهم كفّوا عن أن يشذ واحد منهم.

الاعراب :

(وَمِنَ النَّاسِ) الواو عاطفة والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم (مِنَ) مبتدأ مؤخر والجملة معطوفة على قوله : «فمن الناس» لاستيفاء أقسامهم (يَشْرِي نَفْسَهُ) فعل مضارع وفاعل مستتر ومفعول به والجملة صلة الموصول (ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ) مفعول لأجله وما بعده مضاف اليه (وَاللهُ) الواو استئنافية والله مبتدأ (رَؤُفٌ) خبر (بِالْعِبادِ) الجار والمجرور متعلقان برءوف (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) تقدم إعراب نظائرها (ادْخُلُوا) فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعل (فِي السِّلْمِ) الجار والمجرور متعلقان بادخلوا والجملة استئنافية (كَافَّةً) حال من الواو في ادخلوا ومن السلم لأنه يذكر ويؤنث (وَلا) الواو عاطفة ولا ناهية (تَتَّبِعُوا) فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه حذف النون والواو فاعل (خُطُواتِ الشَّيْطانِ) مفعول به ومضاف إليه (إِنَّهُ) ان واسمها (لَكُمْ) جار ومجرور متعلقان بعدو (عَدُوٌّ) خبر (مُبِينٌ) صفة والجملة تعليلية لا محل لها. (فَإِنْ زَلَلْتُمْ) الفاء استئنافية ، وإن شرطية ، وزللتم فعل ماض وفاعله وهو في محل جزم فعل الشرط (مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْكُمُ الْبَيِّناتُ) الجار والمجرور متعلقان بزللتم وما مصدرية مؤولة مع الفعل بعدها بمصدر في محل جر بالإضافة وجاءتكم البينات فعل ومفعول به وفاعل (فَاعْلَمُوا) الفاء رابطة لجواب الشرط واعلموا فعل أمر مبني على حذف النون والواو

٣٠٧

فاعل والجملة في محل جزم جواب الشرط (أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) أن واسمها وخبراها سدت مسد مفعولي اعلموا.

(هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَالْمَلائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٢١٠) سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ كَمْ آتَيْناهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (٢١١))

اللغة :

(الظّلل) : جمع ظلّة بضم الظاء ، وهي كل ما أظلّك ، مثل ظلال جمع ظلّ.

(الْغَمامِ) : السحاب الأبيض الرقيق ، وهو مظنّة الرحمة ، ويغطي السماء ويغيّر لونها. ومن عجيب أمر الغين والميم أنهما إذا وقعتا فاء وعينا للكلمة دلتا على معنى التغطية وحجب الشيء وإخفائه ، ومنه غمد السيف أي قرابه الذي يخفيه ، وتغمّد الله فلانا برحمته ستره ، وغمره الماء غطاه ، وأرض غمقة تغمرها الأنداء ، وعن عمر بن الخطاب : «إن الأردنّ أرض غمقة وإن الجابية أرض نزهة» ، وغم الهلال اختفى. وهذا من الأعاجيب.

الاعراب :

(هَلْ) حرف استفهام معناه الإنكار والتوبيخ (يَنْظُرُونَ) فعل

٣٠٨

مضارع مرفوع والواو فاعل ومعناه ينتظرون ، أو ينظرون من النظر (إِلَّا) أداة حصر (أَنْ يَأْتِيَهُمُ) أن حرف مصدري ونصب وهي وما في حيزها في تأويل مصدر مفعول ينظرون ، والجملة مستأنفة مسوقة لتوبيخ المحجمين عن الإسلام أو الزّالون المخطئون (اللهُ) فاعل يأتيهم (فِي ظُلَلٍ) الجار والمجرور متعلقان بيأتيهم (مِنَ الْغَمامِ) الجار والمجرور متعلقان بمحذوف صفة لظلل (وَالْمَلائِكَةُ) الواو عاطفة والملائكة عطف على الله (وَقُضِيَ الْأَمْرُ) عطف على يأتيهم داخل في حيز الانتظار ، ولك أن تجعلها جملة مستأنفة (وَإِلَى اللهِ) الواو عاطفة والجار والمجرور متعلقان بترجع (تُرْجَعُ) فعل مضارع مبني للمجهول (الْأُمُورُ) نائب فاعل (سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ) سل فعل أمر مبني على السكون وفاعله ضمير مستتر تقديره أنت وبني مفعول به منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم وإسرائيل مضاف إليه وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة لأنه ممنوع من الصرف والجملة استئنافية (كَمْ آتَيْناهُمْ) كم اسم استفهام في محل نصب مفعول به ثان لآتيناهم وآتيناهم فعل وفاعل ومفعول به أول وجملة آتيناهم في موضع المفعول الثاني لسل لأنها معلقة عن العمل عاملة في المعنى. وإنما علقت «سل» وليست من أفعال القلوب لأن السؤال سبب العلم فأجري السبب مجرى المسبب في ذلك. وأجاز بعضهم أن تكون كم خبرية وفي ذلك اقتطاع للجملة التي هي فيها (مِنْ آيَةٍ) تمييز كم الاستفهامية وإذا فصل بينها وبين مميزها فالأحسن أن يؤتى بـ «من». واختلف في «من» فقيل : هي زائدة ، واختاروا في حواشي المغني أن تكون بيانية والتمييز محذوف. ومن آية : متعلقان بالفعل. وسيرد المزيد من هذا البحث في باب الفوائد (بَيِّنَةٍ) صفة

٣٠٩

وجملة «سل بني إسرائيل» مستأنفة للتنديد ببني إسرائيل الذين يكفرون بنعمة الله ويبدلونها (وَمَنْ) الواو استئنافية والجملة مستأنفة مسوقة لزيادة التقريع وإقامة الحجة عليهم ، ومن شرطية في محل رفع مبتدأ (يُبَدِّلْ) فعل الشرط (نِعْمَةَ اللهِ) مفعول به (مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُ) الجار والمجرور متعلقان بمحذوف حال وما مصدرية مؤولة مع ما بعدها بمصدر في محل جر بالاضافة ، وجاءته فعل ماض ومفعول به ، وفاعله ضمير مستتر تقديره هي (فَإِنَّ اللهَ) الفاء رابطة لجواب الشرط وإن واسمها (شَدِيدُ الْعِقابِ) خبرها وجملة ان وما بعدها في محل جزم جواب الشرط الجازم.

البلاغة :

في قوله تعالى «في ظلل من الغمام» مجاز مرسل علاقته السببية ، لأن الغمام مظنّة الرحمة أو العذاب وسببهما ، فمنه تهطل الأمطار ، وقد تنشأ السيول المتلفة الجارفة ، وتنزل الصواعق المهلكة.

الفوائد :

أورد ابن هشام فصلا في إعراب هذه الآية فلخصه فيهما يلي لأهميته : «قوله تعالى : «سل بني إسرائيل كم آتيناهم من آية» إن قدرت «من» زائدة فـ «كم» مبتدأ أو مفعول لـ «آتينا» مقدرا بعده ، وإن قدرتها بيانا لـ «كم» كما هي بيان لـ «ما» في «ما ننسخ من آية» لم يجز واحد من الوجهين لعدم الراجع حينئذ الى كم ، وإنما هي مفعول ثان مقدم مثل : «أعشرين درهما أعطيتك» وجوز

٣١٠

الزمخشري في : كم أن تكون خبرية ، أي أن ما سبق كله بناء على أن «كم» اسم استفهام. وهذا مقابله ثم قال : «ولم يذكر النحويون أن كم الخبرية تعلق العامل عن العمل ، وجوز بعضهم زيادة «من» وإنما تزاد بعد الاستفهام بـ «هل» خاصة ، وقد يكون تجويزه ذلك على قول من لا يشترط كون الكلام غير موجب مطلقا ، أو على قول من يشترطه في غير باب التمييز ، ويرى أنها في : «رطل من زيت» و «خاتم من حديد» زائدة لا مثبتة «اه».

هذا وتأتي كم على قسمين : استفهامية وخبرية ، وسيرد الكثير من أبحاثهما في هذا الكتاب.

(زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَياةُ الدُّنْيا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَاللهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ (٢١٢))

الاعراب :

(زُيِّنَ) فعل ماض مبني للمجهول (لِلَّذِينَ كَفَرُوا) الجار والمجرور متعلقان بزين ، وجملة كفروا صلة الموصول لا محل لها (الْحَياةُ) نائب فاعل (الدُّنْيا) صفة للحياة والجملة مستأنفة مسوقة للتنديد بمن جعلوا الدنيا وما فيها من متع خلوب هدفهم فيها (وَيَسْخَرُونَ) معطوفة على جملة زين ، ويحتمل أن تكون خبرا لمبتدأ محذوف ، أي وهم يسخرون فيكون من عطف الاسمية على الفعلية ، للإشعار

٣١١

بأنه أتى بالأولى فعلية دلالة على التجدد والحدوث (مِنَ الَّذِينَ) الجار والمجرور متعلقان بيسخرون (آمَنُوا) فعل وفاعل والجملة الفعلية لا محل لها لأنها صلة الذين (وَالَّذِينَ) الواو عاطفة والذين مبتدأ (اتَّقَوْا) الجملة صلة الموصول (فَوْقَهُمْ) ظرف مكان متعلق بمحذوف خبر الذين (يَوْمَ الْقِيامَةِ) متعلق بما تعلق به الظرف (وَاللهُ) الواو استئنافية والله مبتدأ (يَرْزُقُ) فعل مضارع وفاعله مستتر يعود على الله لفظ الجلالة والجملة خبر لفظ الجلالة الله (مِنَ) اسم موصول مفعول به (يَشاءُ) فعل مضارع والجملة صلة من (بِغَيْرِ حِسابٍ) الجار والمجرور متعلقان بيرزق.

البلاغة :

في هذه الآية مفارقة في الجمل ، فقد عبر عن زينة الحياة الدنيا في نظر الذين كفروا وعن سخريتهم من المؤمنين بالفعلية إشارة الى الحدوث ، وإن ذلك أمر طارئ لا يلبث أن يزول بصوارف متعددة.

أما استعلاء الذين اتقوا عليهم فهو أمر ثابت الدّيمومة لا يطرأ عليه أي تبديل.

٣١٢

(كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٢١٣))

الاعراب :

(كانَ النَّاسُ أُمَّةً) كان واسمها وخبرها (واحِدَةً) صفة (فَبَعَثَ) الفاء عاطفة على جملة مقدرة اختصارا وإيجازا ، أي كان الناس متفقين على الحق فاختلفوا فبعث. والكلام مستأنف مسوق للدلالة على كيفية الاختلاف السائد بين الناس والزيغ المؤدي الى التفريق بينهم ، وذلك بدلالة ما بعده وبعث فعل ماض (اللهُ) فاعل (النَّبِيِّينَ) مفعول به (مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ) حالان والثاني معطوف على الأول (وَأَنْزَلَ) عطف على فبعث (مَعَهُمُ) ظرف زمان متعلق بمحذوف حال من «الكتاب» أي وأنزل الكتاب مصاحبا لهم وقت الإنزال (الْكِتابَ) مفعول به (بِالْحَقِّ) جار ومجرور متعلقان بأنزل والباء للملابسة ، أي أي أنزله إنزالا ملتبسا بالحق (لِيَحْكُمَ) اللام للتعليل ويحكم فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد لام التعليل ولام التعليل ومجرورها المؤول متعلقان بأنزل أيضا (بَيْنَ النَّاسِ) الظرف المكاني متعلق بيحكم ، والناس مضاف إليه (فِيمَا) الجار والمجرور متعلقان بيحكم (اخْتَلَفُوا) فعل وفاعل والجملة لا محل لها لأنها صلة «ما» الموصولية (فِيهِ) الجار والمجرور متعلقان باختلفوا (وَمَا) الواو عاطفة وما نافية (اخْتَلَفَ) فعل ماض (فِيهِ) الجار والمجرور متعلقان باختلف (إِلَّا) أداة حصر (الَّذِينَ) فاعل اختلف (أُوتُوهُ) فعل ماض مبني للمجهول والواو نائب فاعل هو المفعول الاول والهاء مفعول به ثان (مِنْ بَعْدِ) الجار

٣١٣

والمجرور متعلقان باختلف (مَا) مصدرية مؤولة مع ما بعدها بمصدر مضاف إليه ، أي من بعد مجيء البينات (جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ) فعل ومفعول به مقدم والبينات فاعل مؤخر (بَغْياً) مفعول لأجله ، أي حسدا منهم ، وقيل : حال مؤولة ، وليس ببعيد (بَيْنَهُمْ) الظرف المكاني متعلق بمحذوف صفة لبغيا (فَهَدَى اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا) الفاء عاطفة وهدى فعل ماض والله فاعل والذين وصلتها مفعول به (لِمَا) الجار والمجرور متعلقان بهدى وما موصولية (اخْتَلَفُوا) فعل وفاعل والجملة صلة ما (فِيهِ) الجار والمجرور متعلقان باختلفوا (مِنَ الْحَقِّ) الجار والمجرور متعلقان بمحذوف حال من «ما» (بِإِذْنِهِ) الجار والمجرور متعلقان بمحذوف حال من الذين آمنوا ، أي : مأذونا لهم فهو حال من المفعول به (وَاللهُ) الواو استئنافية والله مبتدأ (يَهْدِي) فعل مضارع وفاعله مستتر تقديره هو يعود على الله تعالى ، والجملة في محل رفع خبر الله (مِنْ) اسم موصول مفعول به (يَشاءُ) الجملة صلة الموصول لا محل لها (إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) الجار والمجرور متعلقان بيهدي ومستقيم صفة.

البلاغة :

في هذه الآية الكريمة فن القلب ، وهو شائع في كلامهم ، ومثل له السّكاكي والزمخشري والجوهري بقوله تعالى : «ويوم يعرض الذين كفروا على النار» والأصل فيه : ويوم تعرض النار على الذين كفروا. كما مثلوا في الشعر بقول عروة بن الورد :

فديت بنفسه نفسي وما لي

وما آلوك إلا ما أطيق

٣١٤

والأصل فديت نفسه بنفسي ، فالمفدي نفس المحبوب ، والمفدي به نفس الشاعر ، لا العكس كما هو ظاهر البيت ، وبقول المتنبي :

وعذلت أهل العشق حتى ذقته

فعجبت كيف يموت من لا يعشق

لأن أصله كيف لا يموت من يعشق ، والصواب خلافه. وأن المراد أنه صار يرى أن لا سبب للموت سوى العشق. وفي الآية التي نحن بصددها قال أبو جعفر الطبري : «وإنما معنى ذلك : فهدى الله الذين آمنوا للحق فيما اختلف فيه من كتاب الله الذين أوتوه ، والله تبارك وتعالى إنما خاطبهم بمنطق العرب ، ومثل له أبو جعفر بقول النابغة الجعدي :

كانت فريضة ما تقول كما

كان الزّناء فريضة الرجم

وإنما الرجم فريضة الزنا.

(أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ (٢١٤))

اللغة :

(زُلْزِلُوا) أزعجوا إزعاجا شديدا شبيها بالزلزلة بما أصابهم

٣١٥

من الهول والفزع. وتكرير الزاي واللام إشعار بتكرير الإزعاج مرّة بعد مرة. وقد ألمع ابن جنّي في كتاب الخصائص الى هذا الباب وسماه قوة اللفظ لقوة المعنى ، كما ذكره ابن الأثير في كتاب المثل السائر.

وخلاصة ما قرراه أن اللفظ إذا كان على وزن ثم نقل الى وزن آخر أكثر منه فلا بد من أن يتضمن من المعنى أكثر من الذي تضمنه ، فاخشوشن تدل على زيادة الخشونة أكثر من خشن ، واعذوذب الماء تدل على زيادة العذوبة أكثر من عذب ، وسيأتي الكثير من الأمثلة في هذا الكتاب.

(حَسِبْتُمْ) حسبت زيدا قائما أحسبه من باب تعب ، أي بكسر السين في الماضي وفتحها في المضارع ، في لغة جميع العرب ، إلا بني كنانة ، فانهم يكسرون سين المضارع مع كسر سين الماضي أيضا على غير قياس ، حسبانا بالكسر ، بمعنى ظننته. وحسبت المال حسبا من باب قتل ، أي بفتح السين في الماضي وضمها في المضارع ، أحصيته عددا وفي المصدر أيضا ، وحسبانا بالضم.

الاعراب :

(أَمْ) عاطفة منقطعة مقدرة ببل ، وهمزة الاستفهام محذوفة ، والمعنى : بل أحسبتم ، والاستفهام للتوبيخ والإنكار (حَسِبْتُمْ) فعل وفاعل (أَنْ تَدْخُلُوا) أن حرف مصدري ونصب وتدخلوا فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه حذف النون والواو فاعل (الْجَنَّةَ) مفعول به على السعة ، وأن وما بعدها في تأويل مصدر سد مسد مفعولي حسبتم (وَلَمَّا) الواو حالية ولما حرف نفي جازم (يَأْتِكُمْ) فعل مضارع مجزوم بلما وعلامة جزمه حذف حرف العلة والكاف مفعول

٣١٦

يأتكم (مَثَلُ) فاعل يأتكم (الَّذِينَ) مضاف إليه (خَلَوْا) فعل وفاعل والجملة لا محل لها لأنها صلة الذين (مِنْ قَبْلِكُمْ) الجار والمجرور متعلقان بخلوا (مَسَّتْهُمُ) مسّ فعل ماض والتاء تاء التأنيث الساكنة والهاء مفعول به (الْبَأْساءُ) فاعل (وَالضَّرَّاءُ) عطف على البأساء ، والجملة مستأنفة لا محل لها ، كأن قائلا قال : كيف كان ذلك المثل وما هي ما هيته؟ فقيل : مستهم البأساء ، ولك أن تجعلها تفسيرية ، وعلى كل حال لا محل لها من الاعراب (وَزُلْزِلُوا) الواو عاطفة وزلزلوا فعل ماض مبني للمجهول والواو نائب فاعل والجملة معطوفة على مستهم (حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ) حتى حرف غاية وجر ويقول فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد حتى والرسول فاعل (وَالَّذِينَ) عطف على الرسول (آمَنُوا) الجملة لا محل لها لأنها صلة الذين (مَعَهُ) الظرف المكاني متعلق بآمنوا (مَتى نَصْرُ اللهِ) متى اسم استفهام في محل نصب ظرف على الظرفية الزمانية والظرف متعلق بمحذوف خبر مقدم ونصر الله مبتدأ مؤخر والجملة في محل نصب مقول القول (أَلا) أداة استفتاح وتنبيه (إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ) ان واسمها وخبرها والجملة مستأنفة.

(يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلْ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ (٢١٥))

٣١٧

الاعراب :

(يَسْئَلُونَكَ) فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون والواو فاعل والكاف مفعول به (ما ذا) تقدّم القول في ماذا فيجوز أن نعربها اسم استفهام في محل نصب مفعول به مقدم لينفقون ، ويجوز إعراب ما اسم استفهام في محل رفع مبتدأ وذا اسم موصول في محل رفع خبر والجملة في محل نصب مفعول مقدم لينفقون ، وجملة يسألونك مستأنفة مسوقة للاستفهام عن المال المنفق ومصرفه.

قالوا : والسائل عمرو بن الجموح ، وكان شيخا ذا مال ، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم ماذا ينفق؟ وعلى من ينفق؟ وهذا كله في صدقة التطوع (يُنْفِقُونَ) فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون والواو فاعل والجملة في محل نصب مفعول ثان ليسألونك (قُلْ) فعل أمر وفاعله والجملة مستأنفة مسوقة لبيان الجواب عن السؤال ، (ما أَنْفَقْتُمْ) ما شرطية في محل نصب مفعول به مقدم لأنفقتم وأنفقتم فعل في محل جزم فعل الشرط وفاعل ، والجملة مقول القول (مِنْ خَيْرٍ) الجار والمجرور في محل نصب حال (فَلِلْوالِدَيْنِ) الفاء رابطة لجواب الشرط والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف أي فهو للوالدين ، والجملة الاسمية في محل جزم جواب الشرط (وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) كلها معطوفة على الوالدين (وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ) تقدم إعرابها في الآية السابقة.

الفوائد :

قاعدة عامة لإعراب أدوات الشرط :

٣١٨

«من ، ما ، مهما» : إن كان فعل الشرط يطلب مفعولا به فهي منصوبة محلا على المفعولية ، وإن كان لازما أو متعديا استوفى مفعوله فهي مرفوعة محلا على الابتداء.

«حيثما» في محل نصب ظرف زمان.

«متى ، أيان ، أين ، أنى» في محل نصب ظرف زمان.

«كيفما» في محل نصب حال من فاعل الشرط.

«أي» بحسب ما تضاف إليه.

(كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (٢١٦))

الاعراب :

(كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ) كتب فعل مبني للمجهول وعليكم متعلقان بكتب ، والقتال نائب فاعل ، والجملة مستأنفة مسوقة لبيان مشروعية القتال. ومعنى كتب فرض ، والفرض إما عين إذا دخل العدو البلاد ، وإما فرض كفاية إذا كان العدو ببلاده (وَهُوَ) الواو حالية وهو مبتدأ (كُرْهٌ) خبر (لَكُمْ) الجار والمجرور متعلقان بكره ، والجملة الاسمية بعد واو الحال في محل نصب على الحال (وَعَسى) الواو

٣١٩

استئنافية وعسى فعل ماض جامد لانشاء التّرجّي وهي هنا تامة ، وذلك مطرد في عسى واخلولق وأوشك إذا وليتها أن (أَنْ تَكْرَهُوا) أن وما في حيزها في تأويل مصدر فاعل عسى (شَيْئاً) مفعول به (وَهُوَ) الواو حالية وهو مبتدأ (خَيْرٌ) خبر (لَكُمْ) الجار والمجرور متعلقان بخير والجملة الاسمية بعد الواو في محل نصب حال. وهنا مشكلة نعرض لها في باب الفوائد (وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ) تقدم إعرابها (وَاللهُ) الواو استئنافية والله مبتدأ (يَعْلَمُ) فعل مضارع وفاعل مستتر والجملة خبر المبتدأ (وَأَنْتُمْ) الواو عاطفة وأنتم مبتدأ (لا تَعْلَمُونَ) لا نافية وتعلمون فعل مضارع والواو فاعل والجملة خبر أنتم.

البلاغة :

في الآية الطباق بين الحب والكره وبين كره وشرّ ، ويسمى حينئذ مقابلة وقد تقدم بحثها.

الفوائد :

يشكل في الآية مجيء الحال من النكرة بغير شرط من شروطها المعروفة ، ولذلك جنح بعض المعربين الى إعراب الجملة وهي «وهو خير لكم» صفة لشيئا ، وإنما دخلت الواو على الجملة الواقعة صفة لأن صورتها صورة الحال ، فكما تدخل الواو عليها حالية تدخل عليها صفة ، وذلك ما أجازه الزمخشري في قوله تعالى : «وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم» وسترد في مكانها.

٣٢٠