إعراب القرآن الكريم وبيانه - ج ١

محيي الدين الدرويش

إعراب القرآن الكريم وبيانه - ج ١

المؤلف:

محيي الدين الدرويش


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: اليمامة للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٤
الصفحات: ٥٧١

فعربته العرب وقالوا : موسى ، أما موسى الحلق المعروفة فهي مشتقة من ماس يميس إذا تبختر في مشيته وقلبت الياء واوا لأنها وقعت بعد ضم كموقن لأن الموسى تتحرك عند الحلق بها وقيل : هي مشتقة من اوسيت رأسه إذا حلقته والموسى تذكّر وتؤنث وتجمع على مواسي وموسيات.

الاعراب :

(وَإِذْ) تقدم إعرابها كثيرا (فَرَقْنا) فعل وفاعل والجملة في محل جر بإضافة الظرف إليها (بِكُمُ) الجار والمجرور متعلقان بفرقنا أو بمحذوف حال أي فصلناه ملتبسا بكم والمعنى أن فرق البحر حصل بدخولكم إياه (الْبَحْرَ) مفعول به (فَأَنْجَيْناكُمْ وَأَغْرَقْنا) عطف أيضا (آلَ فِرْعَوْنَ) مفعول به وفرعون مضاف اليه (وَأَنْتُمْ) ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ (تَنْظُرُونَ) الجملة الفعلية في محل رفع خبر أنتم والجملة الاسمية في محل نصب على الحال من الكاف في أنجيناكم (وَإِذْ) عطف على وإذا الأولى (واعَدْنا) الجملة في محل جر بإضافة الظرف إليها (مُوسى) مفعول به أول (أَرْبَعِينَ) مفعول به ثان ولا يجوز أن ينصب على الظرفية لفساد المعنى إذ ليس وعده في أربعين ليلة وعلامة نصبه الياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم (لَيْلَةً) تمييز ملفوظ والعامل في هذا النوع اسم العدد قبله (ثُمَّ) حرف عطف للترتيب مع التراخي (اتَّخَذْتُمُ) معطوف على واعدنا (الْعِجْلَ) مفعول به أول والمفعول الثاني محذوف لأنه مفهوم من سياق الكلام أي إليها (مِنْ بَعْدِهِ) الجار والمجرور متعلقان بمحذوف حال (وَأَنْتُمْ) الواو حالية وأنتم مبتدأ (ظالِمُونَ) خبره والجملة الاسمية في محل نصب على الحال (ثُمَّ عَفَوْنا)

١٠١

عطف على ما تقدم (عَنْكُمْ) الجار والمجرور متعلقان بعفونا (مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) الجار والمجرور متعلقان بمحذوف حال والاشارة الى المصدر المفهوم من اتخذ أي من بعد ذلك الاتخاذ (لَعَلَّكُمْ) لعل واسمها (تَشْكُرُونَ) الجملة الفعلية في محل رفع خبر لعل وجملة الرجاء حالية.

(وَإِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَالْفُرْقانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (٥٣) وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (٥٤))

اللغة :

(لِقَوْمِهِ) : القوم : اسم جمع لا واحد له من لفظه وإنما واحده امرؤ وقياسه أن لا يجمع وشذّ جمعه قالوا : أقوام وجمع جمعه قالوا :أقاويم قيل : يختص بالرجال قال تعالى : «لا يسخر قوم من قوم ...

.. ولا نساء من نساء» وقال زهير :

وما أدري وسوف إخال أدري

أقوم آل حصن أم نساء

وقيل : لا يختص بالرجال بل يطلق على الرجال والنساء قال تعالى :«إنا أرسلنا نوحا الى قومه» والقول الأول أصوب واندراج النساء في القوم هنا على سبيل الاتساع وتغليب الرجال على النساء وسمّوا قوما لأنهم يقومون بالأمور.

١٠٢

(بارِئِكُمْ) : البارئ : الخالق يقال : برأ الله الخلق ، أي خلقهم وأصل مادة برأ يدل على انفصال شيء وتميّزه عنه يقال : برأ المريض من مرضه إذا زال عنه المرض وانفصل ، وبرىء المدين من دينه إذا زال عنه الدّين وسقط ، ومنه البارئ في أوصاف الله تعالى لأنه الذي أخرج الخلق من العدم وفصلهم عنه الى الوجود.

الاعراب :

(وَإِذْ) تقدم القول فيها (آتَيْنا) فعل وفاعل والجملة في محل جر بإضافة الظرف إليها (مُوسَى) مفعول به أول (الْكِتابَ) مفعول به ثان (وَالْفُرْقانَ) الواو حرف عطف والفرقان معطوف على الكتاب والمراد بالكتاب التوراة والفرقان ما يفرق بين الحق والباطل ، والهدى والضلالة عطف عليه وان كان المعنى واحدا (لَعَلَّكُمْ) لعل واسمها (تَهْتَدُونَ) الجملة الفعلية خبر لعل وجملة الرجاء حالية (وَإِذْ قالَ مُوسى) عطف على ما تقدم (لِقَوْمِهِ) الجار والمجرور متعلقان بقال (يا قَوْمِ) يا حرف نداء وقوم منادى مضاف لياء المتكلم المحذوفة (إِنَّكُمْ) إن واسمها (ظَلَمْتُمْ) الجملة الفعلية خبر إن (أَنْفُسَكُمْ) مفعول به (بِاتِّخاذِكُمُ) الجار والمجرور متعلقان بظلمتم والباء للسببية أي بسبب اتخاذكم (الْعِجْلَ) مفعول به للمصدر : اتخاذ (فَتُوبُوا) الفاء تعليلية لأن الظلم سبب التوبة وتوبوا فعل أمر مبني على حذف النون (إِلى بارِئِكُمْ) الجار والمجرور متعلقان بتوبوا (فَاقْتُلُوا) الفاء للعطف والتعقيب (أَنْفُسَكُمْ) مفعول به وسيأتي معنى القتل في باب البلاغة (ذلِكُمْ) اسم إشارة مبتدأ (خَيْرٌ) خبر (لَكُمْ) الجار والمجرور متعلقان بخير لأنه اسم تفضيل على غير القياس إذا القياس أخير ومثله شر والقياس أشر (عِنْدَ) ظرف متعلق بمحذوف حال (بارِئِكُمْ) مضاف

١٠٣

إليه (فَتابَ) الفاء عاطفة على محذوف والتقدير ففعلتم ما أمركم فتاب (عَلَيْكُمْ) الجار والمجرور متعلقان بتاب (إِنَّهُ) إن واسمها (هُوَ) ضمير فصل أو عماد لا محل له (التَّوَّابُ) خبر ان الاول (الرَّحِيمُ) خبر إن الثاني أو هو مبتدأ خبراه التواب الرحيم والجملة الاسمية خبر إن.

البلاغة :

١ ـ في قوله تعالى : «فاقتلوا أنفسكم» مجاز مرسل علاقته اعتبار ما يئول إليه أي أسلموها للقتل تطهيرا لها أي لينفذ هذا الحكم الصادر وهذا أحد الأقوال في القتل وقيل المراد بقتل الأنفس تذليلها وكبح جماحها فإن القتل يرد بمعنى التذليل ومنه قول حسان بن ثابت في وصف الخمر :

إن التي ناولتني فرددتها

قتلت ، قتلت ، فهاتها لم تقتل

أراد مزجها بالماء لتذهب سورتها.

٢ ـ الالتفات في قوله : «فتاب عليكم» والالتفات هنا من التكلم الذي يتطلبه سياق الكلام إذ كان مقتضى المقام أن يقول :فوفقتكم فتبت عليكم.

(وَإِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (٥٥) ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٥٦))

١٠٤

الاعراب :

(وَإِذْ) تقدم القول فيها (قُلْتُمْ) فعل وفاعل والجملة في محل جر بإضافة الظرف إليها (يا) حرف نداء للمتوسط (مُوسى) منادى مفرد علم (لَنْ) حرف نفي ونصب واستقبال (نُؤْمِنَ) فعل مضارع منصوب بلن ، وفاعله ضمير مستتر تقديره نحن ، والجملة مقول القول (لَكَ) الجار والمجرور متعلقان بنؤمن (حَتَّى) حرف غاية وجر (نَرَى) فعل مضارع منصوب بأن مضمرة وجوبا بعد حتى (اللهَ) مفعول به (جَهْرَةً) مفعول مطلق لأنها مصدر جهر أي قرأ بصوت عال فهي بمثابة الذي يرى بالعين ويجوز أن تعرب نصبا على الحال أي جاهرين بالرؤية (فَأَخَذَتْكُمُ) الفاء عاطفة وأخذتكم فعل ماض والتاء تاء التأنيث الساكنة والكاف ضمير متصل في محل نصب مفعول به مقدم (الصَّاعِقَةُ) فاعل والجملة معطوفة على قلتم (وَأَنْتُمْ) الواو حالية وأنتم ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ (تَنْظُرُونَ) فعل مضارع والواو فاعل وجملة تنظرون خبر أنتم وجملة أنتم تنظرون في محل نصب حال (ثُمَّ) حرف عطف للترتيب والتراخي (بَعَثْناكُمْ) فعل ماض وفاعل ومفعول به (مِنْ بَعْدِ) الجار والمجرور متعلقان ببعثناكم (مَوْتِكُمْ) مضاف إليه (لَعَلَّكُمْ) لعل واسمها وجملة (تَشْكُرُونَ) خبرها وجملة بعثناكم عطف على جملة فأخذتكم.

(وَظَلَّلْنا عَلَيْكُمُ الْغَمامَ وَأَنْزَلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَما ظَلَمُونا وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٥٧))

١٠٥

اللغة :

(الغمام) : السحاب الأبيض.

(وَظَلَّلْنا) جعلناه يظلّلكم.

(الْمَنَّ) : نبات خاص يستعمل طعاما ويسمى الترنجبين.

(السَّلْوى) : طير معروف يسمى السمانى بضم السين وفتح النون بعدها ألف مقصورة ويعرف في بلاد الشام بالفرّي.

الاعراب :

(وَظَلَّلْنا) الواو عاطفة وظللنا فعل وفاعل (عَلَيْكُمُ) جار ومجرور متعلقان بظللنا (الْغَمامَ) مفعول به وهذه الجملة متصلة بما قبلها في سياق الذكرى منفصلة عنها في الوقوع فإن التظليل استمر إلى دخولهم أرض الميعاد ولو لا أن ساق الله إليهم الغمام يظلّلهم في التّيه لسفعتهم الشمس ولفحت وجوههم ولا معنى لوصف الغمام بالرقيق كما قال كثير من المفسرين بل السياق يقتضي كثافته إذ لا يحصل الظل الظليل الذي يفيده حرف التظليل إلا بحساب كثيف يمنع حر الشمس ووهجها (وَأَنْزَلْنا) عطف على وظلّلنا (عَلَيْكُمُ) جار ومجرور متعلقان بأنزلنا (الْمَنَّ) مفعول به (وَالسَّلْوى) عطف على المن (كُلُوا) فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعل وجملة كلوا في محل نصب مقول القول أي وقلنا : كلوا (مِنْ طَيِّباتِ) جار ومجرور متعلقان بكلوا (ما) اسم موصول في محل جر بالاضافة (رَزَقْناكُمْ) فعل وفاعل ومفعول

١٠٦

والجملة لا محل لها لأنها صلة الموصول (وَما) الواو حرف عطف وما نافية (ظَلَمُونا) فعل وفاعل ومفعول والجملة معطوفة على محذوف يقتضيه سياق الكلام والتقدير فظلموا أنفسهم بكفران تلك النعمة السابغة (وَلكِنْ) الواو حالية ولكن حرف استدراك أهمل لتخفيف نونه (كانُوا) كان واسمها (أَنْفُسَهُمْ) مفعول به مقدّم ليظلمون (يَظْلِمُونَ) فعل مضارع والواو فاعل والجملة الفعلية خبر كانوا وجملة لكن وما في حيزها في محل نصب على الحال.

(وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (٥٨))

اللغة :

(الْقَرْيَةَ) مشتقة من قريت أي جمعت لجمعها أهلها تقول : قريت الماء في الحوض أي جمعته واختلف في القرية فقيل : هي بيت المقدس وقيل : هي أريحا وهي قرية بغور الأردن.

(حِطَّةٌ) : فعلة بكسر الحاء من الحطّ.

الاعراب :

(وَإِذْ) تقدم القول فيها (قُلْنَا) فعل وفاعل والجملة في محل جر بإضافة الظرف إليها (ادْخُلُوا) فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعل والجملة في محل نصب مقول القول (هذِهِ) الهاء حرف تنبيه

١٠٧

وذه اسم إشارة في محل نصب على المفعولية اتساعا (الْقَرْيَةَ) بدل من اسم الاشارة (فَكُلُوا) الفاء حرف عطف وكلوا عطف على ادخلوا (مِنْها) الجار والمجرور متعلقان بكلوا (حَيْثُ) ظرف مكان مبنى على الضم متعلق بمحذوف حال أي متنقلين (شِئْتُمْ) فعل وفاعل والجملة في محل جر بإضافة الظرف إليها (رَغَداً) مفعول مطلق أو حال (وَادْخُلُوا) عطف على ادخلوا (الْبابَ) مفعول به على السعة (سُجَّداً) حال أي متواضعين متطامين كحال الساجد (وَقُولُوا) عطف على وادخلوا (حِطَّةٌ) خبر لمبتدأ محذوف أي مسألتنا حطة أو أمرنا خطة والجملة الاسمية مقول القول والأصل فيها النصب لأن معناها حط عنا ذنوبنا ولكنه عدل الى الرفع للدلالة على ديمومة الحط والثبات عليه (نَغْفِرْ) فعل مضارع مجزوم لأنه جواب الطلب (لَكُمْ) الجار والمجرور متعلقان بنغفر (خَطاياكُمْ) مفعول به (وَسَنَزِيدُ) الواو استئنافية ونزيد فعل مضارع وفاعله ضمير مستتر تقديره نحن (الْمُحْسِنِينَ) مفعول به.

الفوائد :

كل ما كان من ظروف المكان محدودا غير مشتق لا يجوز نصبه على الظرفية بل يجب جرّه بفي نحو جلست في الدار وأقمت في البلد وصليت في المسجد ، إلا إذا وقع بعد دخل ونزل وسكن فيجوز نصبه على الظرفية أو على نزع الخافض والصحيح أنه منصوب على المفعولية اتّساعا.

(فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ (٥٩))

١٠٨

اللغة :

(الرجز) بكسر الراء وسكون الجيم : العذاب.

الاعراب :

(فَبَدَّلَ) الفاء استئنافية وبدل فعل ماض (الَّذِينَ) اسم موصول فاعل وجملة (ظَلَمُوا) لا محل لها لأنها صلة الموصول (قَوْلاً) مفعول به (غَيْرَ) صفة لقولا (الَّذِي) اسم موصول مضاف اليه (قِيلَ) فعل ماض مبني للمجهول (لَهُمْ) الجار والمجرور متعلقان بقيل (فَأَنْزَلْنا) الفاء حرف عطف وأنزلنا عطف على الجملة السابقة (عَلَى الَّذِينَ) جار ومجرور متعلقان بأنزلنا (ظَلَمُوا) الجملة لا محل لها لأنها صلة الموصول (رِجْزاً) مفعول به (مِنَ السَّماءِ) جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة لرجزا أو بأنزلنا (بِما) الباء حرف جر وما مصدرية مؤولة مع ما بعدها بمصدر مجرور بالباء أي بسبب فسقهم (كانُوا) كان واسمها وجملة (يَفْسُقُونَ) خبرها.

البلاغة :

في هذه الآية ضرب من البلاغة دقيق المسلك وهو وضع الظاهر موضع المضمر زيادة في تقبيح أمرهم وقد رمقه البحتري في مطلع سينيته فقال :

صنت نفسي عما يدنّس نفسي

وترفعت عن جدا كلّ جبس

١٠٩

فلم يقل يدنسها وإنما وضع الظاهر موضع المضمر لهذا الغرض الجليل.

[سورة البقرة (٢) : آية ٦٠]

(وَإِذِ اسْتَسْقى مُوسى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللهِ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (٦٠))

اللغة :

(تَعْثَوْا) يقال عثا يعثوا وعثي يعثى أي أفسد.

الاعراب :

(وَإِذِ) تقدم القول فيها (اسْتَسْقى) فعل ماض (مُوسى) فاعل (لِقَوْمِهِ) جار ومجرور متعلقان باستسقى (فَقُلْنَا) الفاء عاطفة وقلنا :

فعل وفاعل (اضْرِبْ) فعل أمر وفاعله ضمير مستتر تقديره أنت والجملة في محل نصب مقول القول (بِعَصاكَ) الجار والمجرور متعلقان باضرب (الْحَجَرَ) مفعول به (فَانْفَجَرَتْ) الفاء هي الفصيحة وسيأتي الحديث عنها في الفوائد وانفجرت فعل ماض والتاء تاء التأنيث الساكنة أي فامتثل الأمر فضرب أو فإن ضربت فقد انفجرت (مِنْهُ) الجار والمجرور متعلقان بانفجرت (اثْنَتا عَشْرَةَ) فاعل انفجرت وعلامة رفعه الألف لأنه ملحق بالمثنى وعشرة جزء العدد المركب مبني على الفتح دائما (عَيْناً) تمييز ملفوظ (قَدْ) حرف تحقيق (عَلِمَ) فعل ماض مبني على الفتح

١١٠

(كُلُّ أُناسٍ) فاعل (مَشْرَبَهُمْ) مفعول به والجملة لا محل لها لأنها مستأنفة (كُلُوا وَاشْرَبُوا) فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعل واشربوا عطف على كلوا (مِنْ رِزْقِ اللهِ) الجار والمجرور متعلقان بأي الفعلين شئت (وَلا تَعْثَوْا) الواو عاطفة ولا ناهية وتعثوا فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه حذف النون والواو فاعل (فِي الْأَرْضِ) جار ومجرور متعلقان بتعثوا وجملة كلوا واشربوا : مقول قول محذوف وقد تقدم نظيره (مُفْسِدِينَ) حال وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم.

الفوائد :

الفاء الفصيحة : سميت بذلك لأنها أفصحت عن مقدر ذلك لأنه لما ذكر عقب الأمر بالضرب الانفجار دل على أن المطلوب بالأمر الانفجار فلذا حذف الضرب على تقدير فضربه دلالة على أن المأمور التزم الأمر أي أن المحذوف قد يكون جملة هي السبب المذكور فسميت فصيحة من باب المجاز العقلي.

١١١

(وَإِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نَصْبِرَ عَلى طَعامٍ واحِدٍ فَادْعُ لَنا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِها وَقِثَّائِها وَفُومِها وَعَدَسِها وَبَصَلِها قالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ ما سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ (٦١))

اللغة :

(البقل) : كل ما تنبته الأرض من النّجم مما لا ساق له وجمعه بقول.

(القثّاء) : معروف والواحدة قثاءة بكسر القاف وضمها والهمزة أصلية لأن الفعل اقثأت الأرض أي كثر قثاؤها.

(الفوم) : الحنطة وقيل الثوم ولعله أرجح بدليل قراءة ابن مسعود «وثومها».

(الْمَسْكَنَةُ) مصدر ميمي من السكون والخزي لأن المسكين قليل الحركة والنهوض لما به من الفقر والمسكين مفعيل مبالغة منه قالوا :ولا يوجد يهودي غني النفس.

(باؤُ) : رجعوا.

الاعراب :

(وَإِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى) تقدم اعرابها قريبا (لَنْ نَصْبِرَ) لن حرف نفي ونصب واستقبال ونصبر فعل مضارع منصوب بلن وفاعله ضمير مستتر وجوبا تقديره نحن (عَلى طَعامٍ) الجار والمجرور متعلقان بنصبر (واحِدٍ) صفة لطعام (فَادْعُ) الفاء استئنافية وادع فعل أمر مبني على

١١٢

حذف حرف العلة وفاعله ضمير مستتر تقديره أنت (لَنا) جار ومجرور متعلقان بادع (رَبَّكَ) مفعول به (يُخْرِجْ) فعل مضارع مجزوم لأنه جواب الطلب (لَنا) جار ومجرور متعلقان بيخرج (مِمَّا) جار ومجرور متعلقان بيخرج (تُنْبِتُ) فعل مضارع (الْأَرْضُ) فاعل وجملة تنبت الأرض لا محل لها لأنها صلة الموصول (مِنْ بَقْلِها) الجار والمجرور بدل بإعادة الجار أو بمحذوف حال من الضمير المحذوف وهو العائد على الموصول أي تنبته (وَقِثَّائِها وَفُومِها وَعَدَسِها وَبَصَلِها) أسماء معطوفة على بقلها (قالَ) فعل ماض مبني على الفتح وفاعله ضمير مستتر تقديره هو والجملة استئنافية (أَتَسْتَبْدِلُونَ) الهمزة للاستفهام الانكاري مع التوبيخ وجملة أتستبدلون مقول القول (الَّذِي) اسم موصول مفعول به (هُوَ) مبتدأ (أَدْنى) خبر والجملة الاسمية لا محل لها من الاعراب لأنها صلة (بِالَّذِي) الجار والمجرور متعلقان بتستبدلون (هُوَ) مبتدأ (خَيْرٌ) خبر (اهْبِطُوا) فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعل والجملة مقول قول محذوف أي قلنا (مِصْراً) مفعول به بمعنى انزلوا (فَإِنَّ) الفاء تعليلية وإن حرف مشبه بالفعل (لَكُمْ) جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر إن المقدم (ما) اسم موصول في محل نصب اسم إن وجملة (سَأَلْتُمْ) لا محل لها من الإعراب لأنها صلة (وَضُرِبَتْ) الواو استئنافية وضربت فعل ماض مبني للمجهول والتاء تاء التأنيث الساكنة (عَلَيْهِمُ) جار ومجرور متعلقان بضربت (الذِّلَّةُ) نائب فاعل ضربت (وَالْمَسْكَنَةُ) عطف على الذّلة (وَباؤُ) عطف على ضربت (بِغَضَبٍ) جار ومجرور متعلقان بباءوا (مِنَ اللهِ) الجار والمجرور متعلقان بمحذوف صفة لغضب (ذلِكَ) اسم إشارة مبتدأ

١١٣

(بِأَنَّهُمْ) الباء حرف جر وان واسمها ، وان ما في حيزها في محل جر بالباء أي ذلك كله بسبب كفرهم والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر والجملة استئنافية لا محل لها (كانُوا) كان واسمها والجملة خبر ان (يَكْفُرُونَ) الجملة الفعلية خبر كانوا (بِآياتِ اللهِ) الجار والمجرور متعلقان بيكفرون (وَيَقْتُلُونَ) عطف على يكفرون (النَّبِيِّينَ) مفعول به (بِغَيْرِ الْحَقِّ) الجار والمجرور متعلقان بمحذوف حال أي حالة كونهم ظالمين متنكرين للحق في اعتقادهم ولو أنصفوا لاعترفوا بالواقع (ذلِكَ) اسم الاشارة مبتدأ (بِما عَصَوْا) الباء حرف جر وما مصدرية مؤولة مع الفعل بمصدر مجرور بالباء والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر ذلك (وَكانُوا) عطف على عصوا وكان واسمها (يَعْتَدُونَ) جملة فعلية في محل نصب خبر كانوا.

البلاغة :

الكناية في ضرب الذلة والمسكنة وهي كناية عن نسبة أراد أن يثبت ديمومة الذلة والمسكنة عليهم فكنى بضربها عليهم كما يضرب البناء وقد رمق الشعراء سماء هذه الكناية فقال الفرزدق بهجو جرير :

ضربت عليك العنكبوت بنسجها

وقضى عليك به الكتاب المنزل

الفوائد :

الباء مع الابدال تدخل على المتروك لا على المأتيّ به.

١١٤

(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالنَّصارى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٢))

اللغة :

(هادُوا) تهوّدوا يقال : هاد يهود وتهوّد ويتهوّد إذا دخل في اليهودية وهو هائد والجمع هود.

(النَّصارى) جمع نصران ونصرانيّ ، يقال : رجل نصران ونصرانيّ وامرأة نصرانة ونصرانيّة والياء في نصرانيّ للمبالغة سمّوا بذلك لأنهم نصروا السيد المسيح أو لأنهم كانوا معه في قرية يقال لها :نصران أو ناصرة فسموا باسمها قال سيبويه : لا يستعمل في الكلام إلا مع ياء النسب.

(الصَّابِئِينَ) : جمع صابىء من صبأ فلان إذا خرج من الدين والصابئة قوم كانوا يعبدون النجوم ومنهم أبو اسحق الصابىء الكاتب الشاعر المشهور.

الاعراب :

(إِنَّ) حرف مشبه بالفعل (الَّذِينَ) اسم موصول اسمها (آمَنُوا) الجملة الفعلية لا محل لها من الاعراب لأنها صلة الموصول (وَالَّذِينَ) عطف على الذين الأولى وجملة (هادُوا) لا محل لها وجملة إن وما تلاها مستأنفة (وَالنَّصارى وَالصَّابِئِينَ) عطف على اسم ان (مَنْ) اسم موصول بدل من اسم إن وجملة (آمَنَ) صلة الموصول لك أن تجعلها شرطية في محل رفع مبتدأ (بِاللهِ) الجار والمجرور متعلقان بآمن (وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) عطف على الله (وَعَمِلَ) عطف على آمن (صالِحاً) مفعول به لعمل أو مفعول مطلق

١١٥

أي عمل عملا صالحا (فَلَهُمْ) الفاء جيء بها لتضمن الموصول معنى الشرط أو رابطة لجواب الشرط ولهم جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم (أَجْرُهُمْ) مبتدأ مؤخر والجملة خبر إن إذا جعلنا من موصولة أو في محل جزم جواب الشرط إذا جعلناها شرطية والجملة بكاملها في محل رفع خبر إن (عِنْدَ رَبِّهِمْ) الظرف متعلق بمحذوف حال أي مستحقا أو مستقرا (وَلا خَوْفٌ) الواو عاطفة ولا نافية وخوف مبتدأ ساغ الابتداء به لتقدم النفي عليه (عَلَيْهِمْ) الجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر خوف (وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) عطف على ما تقدم وقد تقدم إعراب نظيرها تماما.

(وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا ما فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (٦٣) ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ (٦٤))

اللغة :

(الطُّورَ) : من جبال فلسطين ويطلق على كل جبل كما في القاموس.

الاعراب :

(وَإِذْ أَخَذْنا) تقدم اعراب نظائرها وجملة أخذنا في محل جر بإضافة الظرف إليها (مِيثاقَكُمْ) مفعول به (وَرَفَعْنا) عطف على أخذنا (فَوْقَكُمُ) الظرف متعلق برفعنا (الطُّورَ) مفعول به (خُذُوا) فعل

١١٦

أمر مبني على حذف النون والواو فاعل والجملة مقول قول محذوف أي قلنا : خذوا وجملة القول حالية والتقدير قائلين خذوا (ما) اسم موصول مفعول خذوا وجملة (آتَيْناكُمْ) لا محل لها من الاعراب لأنها صلة ما (بِقُوَّةٍ) الجار والمجرور في محل نصب حال والمعنى خذوا ما آتيناكم حال كونكم عازمين على الجد والعمل (وَاذْكُرُوا) عطف على خذوا (ما) اسم موصول مفعول اذكروا (فِيهِ) الجار والمجرور متعلقان بمحذوف لا محل له لأنه صلة الموصول (لَعَلَّكُمْ) لعل واسمها وجملة (تَتَّقُونَ) خبرها (ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ) عطف يفيد التراخي إشعارا بأن هناك امتثالا للأمر ثم إعراضا عنه (مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) الجار والمجرور متعلقان بتوليتم (فَلَوْ لا) الفاء عاطفة ولو لا حرف امتناع لوجود متضمن معنى الشرط (فَضْلُ اللهِ) مبتدأ خبره محذوف تقديره موجود (عَلَيْكُمْ) جار ومجرور متعلقان بفضل (وَرَحْمَتُهُ) عطف على فضل (لَكُنْتُمْ) اللام واقعة في جواب لو لا وكان واسمها (مِنَ الْخاسِرِينَ) جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر كنتم والجملة لا محل لها لأنها جواب شرط غير جازم.

الفوائد :

(لو لا) حرف امتناع لوجود وتختصّ بالجملة الاسمية والاسم الواقع بعدها مبتدأ خبره واجب الحذف لدلالة الكلام عليه وسدّ جواب لو لا مسده في حصول الفائدة وحكم اللام في جوابها أن الكلام إن كان مثبتا فالكثير دخول اللام كما في هذه الآية ونظائرها وإن كان منفيا فإن كان حرف النفي ما فالكثير فيه حذف اللام ويقلّ الإتيان بها.

١١٧

قال المتنبي :

لو لا مفارقة الأحباب ما وجدت

لها المنايا إلى أرا وحنا سبلا

وإن كان حرف النفي غير ما فترك اللام واجب.

قال عمر بن أبي ربيعة :

عوجي علينا ربة الهودج

لو لاك في ذا العام لم أحجج

لئلا يتوالى لامان ومثل لو لا في جميع أحكامها لو ما.

(وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ (٦٥) فَجَعَلْناها نَكالاً لِما بَيْنَ يَدَيْها وَما خَلْفَها وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (٦٦))

اللغة :

(السَّبْتِ) : في الأصل مصدر سبت أي قطع العمل وهو إما مأخوذ من السبوت الذي هو الراحة والدّعة وإما من السّبت وهو القطع لأن الأشياء فيه سبتت وتمّ خلقها ثم سمي به هذا اليوم من الآسبوع (خاسِئِينَ) : مبعدين مطرودين من الخسوء وهو الصّغار والطرد.

(نَكالاً) : النكال : المنع والنكل اسم للقيد من الحديد وسمي العقاب نكالا لأنه يمنع غير المعاقب أن يفعل فعله ويمنع المعاقب أن يعود إلى فعله الأول.

١١٨

الاعراب :

(وَلَقَدْ) الواو استئنافية واللام جواب قسم محذوف وقد حرف تحقيق (عَلِمْتُمُ) فعل وفاعل (الَّذِينَ) اسم موصول مفعول به (اعْتَدَوْا) فعل وفاعل والجملة لا محل لها من الاعراب لأنها صلة الموصول (مِنْكُمْ) الجار والمجرور متعلقان بمحذوف حال من الضمير في اعتدوا (فِي السَّبْتِ) والجار والمجرور متعلقان باعتدوا لأنه ظرف الاعتداء وقيامهم بصيد السمك وقد نهوا عنه (فَقُلْنا) الفاء عاطفة وقلنا : فعل وفاعل والجملة معطوفة على جملة اعتدوا (لَهُمْ) جار ومجرور متعلقان بقلنا (كُونُوا) فعل أمر ناقص مبني على حذف النون والواو اسمها (قِرَدَةً) خبرها (خاسِئِينَ) خبر ثان ولا مانع من جعلها صفة وقيل كلاهما خبر وانهما نزلا منزلة الكلمة الواحدة وهو قول جيد (فَجَعَلْناها) الجملة معطوفة على ما تقدم (نَكالاً) مفعول جعلنا الثاني وانما أتى الضمير في جعلناها لأنه يعود على المسخة المفهومة من مطاوي الكلام (لِما) اللام حرف جر وما اسم موصول في محل جر باللام والجار والمجرور صفة لنكالا (بَيْنَ يَدَيْها) الظرف معلق بمحذوف لا محل له لأنه صلة الموصول (وَما) عطف على ما (خَلْفَها) ظرف متعلق بمحذوف صلة ما الثانية (وَمَوْعِظَةً) عطف على نكالا (لِلْمُتَّقِينَ) الجار والمجرور صفة لموعظة.

الفوائد :

للمفسرين كلام طويل في قصة هذا الاعتداء وخلاصتها أنه تعالى حرّم العمل عليهم وصبد الحيتان في يوم السبت ، فكان يكثر ظهورها فيه وتذهب بذهابه فتحيلوا في صيده بأنواع الحيل كحفر حفيرة أو

١١٩

ربط الحيتان فإذا مضى السبت أخذوه ثم كثر ذلك حتى صار ديدنا لهم إلى آخر تلك القصة الممتعة التي تصور طبيعة اليهود وتفننهم في الكيد.

(وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قالُوا أَتَتَّخِذُنا هُزُواً قالَ أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ (٦٧))

الاعراب :

(وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ) : تكرر إعراب نظائرها (إِنَّ اللهَ) إن واسمها وجملة (يَأْمُرُكُمْ) خبرها (إِنَّ) حرف مصدريّ ونصب (تَذْبَحُوا) فعل مضارع منصوب بأن ، وان وما في حيّزها في تأويل مصدر منصوب بنزع الخافض أي بأن تذبحوا بقرة (بَقَرَةً) مفعول به (قالُوا) : فعل وفاعل (أَتَتَّخِذُنا) الهمزة للاستفهام الاستنكاري وتتخذنا : فعل وفاعل مستتر ومفعول به أول (هُزُواً) مفعول به ثان والجملة الفعلية مقول القول (قالَ) فعل ماض وفاعله هو وجملة (أَعُوذُ بِاللهِ) مقول القول (أَنْ أَكُونَ) أن وما في حيزها مصدر منصوب بنزع الخافض أي من أن أكون واسم أكون مستتر تقديره أنا (مِنَ الْجاهِلِينَ) خبرها.

(قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ فَافْعَلُوا ما تُؤْمَرُونَ (٦٨))

١٢٠