( وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْري نَفْسَهُ ابتِغآءَ مَرْضَاتِ اللهِ .. ) (١) كما صرّح الفخر الرازي(٢).
ب ـ المورد الثاني : وهو ما يتصل بحفظ الرسالة وحمايتها ؛ وذلك عندما أراد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يخرج إلى بعض مغازيه ـ قيل تبوك ـ ترك الإمام عليّ عليهالسلام في المدينة خليفةً (٣) عنه ، لأنّ ابن أُبيّ بن سلول رأس المنافقين كان قد تخلّف في المدينة ، فاقتضى الموقف أن يُترك الإمام عليّ عليهالسلام لمواجهة أي تطور غير محسوب قد يهدد دولة الرسول القائد في المدينة ، قال الطبري : « إنّه لما سارَ رسول الله ـ إلى تبوك ـ تخلّف عنه ابن أُبيّ فيمن تخلف من المنافقين وأهل الريب ـ وكان عبدالله بن أُبيّ أخا بني عوف ابن الخزرج ـ وعبدالله بن نَبْتَل أخا بني عمرو بن عوف ، ورفاعة بن زيد بن التابوت أخا بني قينقاع ، وكانوا ـ أي المذكورون ـ من عظماء المنافقين ، وكانوا ممن يكيد الإسلامَ وأهله.
ـ قال الطبري ـ وفيهم ـ فيما حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة عن ابن اسحاق ، عن عمرو بن عبيد عن الحسن البصري ـ أنزل الله تعالى : ( لَقَدِ ابتَغَواْ الفِتْنَةَ مِن قَبلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الاَُمورَ .. ) (٤) ... وهنا أدرك المنافقون أنَّ بقاء عليّ في المدينة سيفوّت الفرصة عليهم ـ قال الطبري في تتمة الخبر ـ فأرجف المنافقون بعليٍّ بن أبي طالب ، وقالوا : ما خلّفه إلاّ استثقالاً له وتخففاً منه. فلما قال ذلك المنافقون ، أخذ عليٌّ سلاحه ثم
__________________
(١) البقرة ٢ : ٢٠٧.
(٢) التفسير الكبير ٥ : ٢٠٤.
(٣) سنن الترمذي ٥ : ٥٩٦.
(٤) التوبة ٩ : ٤٨.