تفسير القرآن العظيم - ج ٧

عبد الرحمن بن محمّد ابن إدريس الرازي ابن أبي حاتم

تفسير القرآن العظيم - ج ٧

المؤلف:

عبد الرحمن بن محمّد ابن إدريس الرازي ابن أبي حاتم


المحقق: أسعد محمّد الطيّب
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مكتبة نزار مصطفى الباز
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٤٩

القرآن وعلومه تفسير القرآن

قوله : (فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً)

[١٣٠١٦] عن سعيد في قوله : (فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ) قال : ثواب ربه (فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ) قال : لا يرائي (بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً) (١).

[١٣٠١٧] عن سعيد بن جبير في قوله : (فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ) قال : من كان يخشى البعث في الآخرة (فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً) من خلقه (٢).

[١٣٠١٨] عن كثير بن زياد قال : قلت للحسن قول الله : (فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً) قال : في المؤمن نزلت.

قلت : أشرك بالله؟ قال : لا ، ولكن أشرك بذلك العمل عملا يريد الله به والناس ، فذلك يرد عليه (٣).

[١٣٠١٩] عن عبد الواحد بن زيد قال : قلت للحسن : أخبرني عن الرياء ، أشرك هو؟ قال : نعم يا بني ، وما تقرأ : (فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً)؟ (٤)

[١٣٠٢٠] عن شداد ابن أوس : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «أخاف على أمتي الشرك والشهوة الخفية. قلت : أتشرك أمتك من بعدك؟ قال : نعم ، أما إنهم لا يعبدون شمسا ولا قمرا ولا حجرا ولا وثنا ، ولكن يراءون الناس بأعمالهم. قلت : يا رسول الله ، فالشهوة الخفية؟ فقال : يصبح أحدهم صائما فتعرض له شهوة من شهواته فيترك صومه ويواقع شهوته» (٥).

[١٣٠٢١] عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم يرويه عن ربه قال : «أنا خير الشركاء» ، فمن عمل عملا أشرك فيه غيري فأنا بريء منه ، وهو الذي أشرك» (٦)

__________________

(١ ـ ٦) الدر ٥ / ٤٧٠ ـ ٤٧١

٣٠١

سورة مريم

١٩

قوله : (كهيعص) آية ١

[١٣٠٢٢] عن ابن عباس في قوله : (كهيعص) قال : كبير ، هاد ، أمين ، عزيز صادق. وفي لفظ : كاف بدل كبير (١).

[١٣٠٢٣] عن ابن عباس (كهيعص) قال : كاف من كريم ، وهاء من هاد ، وياء من حكيم ، وعين من عليم ، وصاد من صادق (٢).

[١٣٠٢٤] عن ابن مسعود وناس من الصحابة (كهيعص) هو الهجاء المقطع الكاف من الملك ، والهاء من الله ، والياء والعين من العزيز ، والصاد من المصور (٣).

[١٣٠٢٥] عن ابن عباس في قوله : (كهيعص) قسم أقسم الله به وهو من أسماء الله (٤).

[١٣٠٢٦] عن محمد بن كعب في قوله : (كهيعص) قال : الكاف من الملك ، والهاء من الله ، والعين من العزيز ، والصاد من الصمد (٥).

[١٣٠٢٧] عن الربيع بن أنس في قوله : (كهيعص) قال : يا من (يُجِيرُ وَلا يُجارُ عَلَيْهِ) (٦).

قوله : (ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا) آية ٢

[١٣٠٢٨] عن يحيى بن يعمر ، أنه كان يقرأ : ذكر رحمة ربك عبده زكريا بنقل ، يقول : لما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها فاكهة الشتاء في الصيف ، وفاكهة الصيف في الشتاء. فقال : (ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ) (٧).

قوله : (إِذْ نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا) آية ٣

[١٣٠٢٩] عن قتادة في قوله : (إِذْ نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا) أي بقلبه سرا. قال

__________________

(١ ـ ٥) الدر ٥ / ٤٧٧.

(٦ ـ ٧) الدر ٥ / ٤٧٩.

٣٠٢

قتادة : أن الله يحب الصوت الخفي ، والقلب النقي (١).

قوله : (وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي) آية ٤

[١٣٠٣٠] عن سعيد بن جبير في قوله : (وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي) يقول : ضعف (٢)

[١٣٠٣١] عن مجاهد في قوله : (وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي) قال : نحول العظم (٣).

قوله : (وَلَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا)

[١٣٠٣٢] عن قتادة في قوله : (وَلَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا) قال : قد كنت تعودني الإجابة فيما مضى (٤).

[١٣٠٣٣] عن ابن عيينة في قوله : (وَلَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا) يقول : سعدت بدعائك وإن لم تعطني (٥).

قوله : (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ) آية ٥

[١٣٠٣٤] عن سعيد بن العاص قال : أملى علي عثمان بن عفان من فيه وإني خفت الموالي بنقلها يعني بنصب الخاء والفاء وكسر التاء يقول : قلت : الموالي (٦).

[١٣٠٣٥] عن ابن عباس في قوله : (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي) قال : الورثة ، وهم عصبة الرجل (٧).

[١٣٠٣٦] عن مجاهد في قوله : (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي) قال : العصبة من آل يعقوب ، وكان من ورائه غلام ، وكان زكريا من ذرية يعقوب ، وفي لفظ : أيوب (٨).

قوله : (يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ) آية ٦

[١٣٠٣٧] عن الحسن في قوله : (يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ) قال : نبوته وعلمه. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ : «يرحم الله أخي زكريا ، ما كان عليه من ورثة ، ويرحم الله لوطا ، إن كان ليأوي (إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ)» (٩).

__________________

(١ ـ ٦) الدر ٥ / ٤٧٩.

(٧ ـ ٩) الدر ٤٨١ ـ ٤٨٢.

٣٠٣

[١٣٠٣٨] عن السدي في قوله : (يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ) يقول : يرث نبوتي ونبوة آل يعقوب (١).

[١٣٠٣٩] عن صالح في قوله : (وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ) قال : النبوة يكون نبيا كما كان أبوه (٢).

[١٣٠٤٠] عن الضحاك في قوله : (وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ) قال : السنة ، والعلم (٣).

[١٣٠٤١] عن محمد بن كعب قال : قال داود عليه السلام : «يا رب هب لي ابنا» فولد له ابن خرج عليه ، فبعث إليه داود جيشا فقال : «إن أخذتموه سليما فابعثوا إلي رجلا أعرف السرور في وجهه ، وإن قتلتموه فابعثوا إلى رجلا أعرف الشر في وجهه» فقتلوه فبعثوا إليه رجلا أسود ، فلما رآه علم أنه قتل ، فقال : رب سألت أن تهب لي ابنا ، فخرج علي؟! فقال : إنك لم تستثن. قال محمد بن كعب : لم يقل كما قال زكريا : (وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا) (٤).

قوله : (أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ) آية ٨

[١٣٠٤٢] عن مجاهد قال : لما دعا زكريا ربه أن يهب له غلاما هبط جبريل عليه السلام ـ فبشره بيحيى. فقال زكريا عندها : (أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ) وأخبر بكبر سنه ، وعلة زوجته ، فأخذ جبريل عودا يابسا ، فجعله بين كفي زكريا ، فقال : أدرجه بين كفيك ، ففعل ، فإذا في رأسه عود بين ورقتين يقطر منهما الماء. فقال جبريل : إن الذي أخرج هذا الورق من هذا العود ، قادر أن يخرج من صلبك ، ومن امرأتك العاقر غلاما (٥).

__________________

(١ ـ ٤) الدر ٥ / ٤٨١ ـ ٤٨٢.

(٥) الدر ٥ / ٤٨١ ـ ٤٨٢

٣٠٤

قوله : (لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا) آية ٧

[١٣٠٤٣] عن ابن عباس في قوله : (لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا) قال : لم يسم أحد يحيى قبله (١).

[١٣٠٤٤] عن ابن عباس في قوله : (لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا) قال : لم تلد العواقر مثله ولدا (٢).

[١٣٠٤٥] عن مجاهد في قوله : (لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا) قال : مثلا (٣).

[١٣٠٤٦] عن سعيد بن جبير في قوله : (لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا) قال : شبيها (٤).

قوله : (وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا) آية ٨

[١٣٠٤٧] عن مجاهد في قوله : (وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا) قال : نحول العظم (٥).

[١٣٠٤٨] عن ابن زيد (وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا) قال : العتيّ الذي قد عتا من الولد فيما يرى في نفسه لا ولادة فيه (٦).

[١٣٠٤٩] عن قتادة في قوله : (وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا) يقول : هرما (٧).

[١٣٠٥٠] عن الثوري قال : بلغني أن زكريا كان ابن سبعين سنة (٨).

[١٣٠٥١] عن ابن المبارك (وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا) قال ستين سنة (٩).

[١٣٠٥٢] عن عبد الله بن عقيل أنه قرأ «وقد بلغت من الكبر عسيا» بالسين ورفع العين. (١٠)

قوله : (آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيالٍ سَوِيًّا) آية ١٠

[١٣٠٥٣] عن ابن زيد في الآية قال : حبس لسانه فكان لا يستطيع أن يكلم أحدا ، وهو في ذلك يسبح ويقرأ التوراة ، فإذا أراد كلام الناس لم يستطع أن يكلمهم. (١١)

__________________

(١ ـ ٩) الدر ٥ / ٤٨١ ـ ٤٨٢.

(١٠ ـ ١١) الدر ٥ / ٤٨٣.

٣٠٥

قوله : (فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرابِ) آية ١١

[١٣٠٥٤] عن ابن زيد في قوله : (فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرابِ) قال : المحراب مصلاه (١).

[١٣٠٥٥] عن ابن عباس في قوله : (فَأَوْحى إِلَيْهِمْ) قال : كتب لهم (٢).

[١٣٠٥٦] عن محمد بن كعب (فَأَوْحى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا) قال : أشار إليهم إشارة (٣).

[١٣٠٥٧] عن مجاهد (فَأَوْحى إِلَيْهِمْ) قال : فأشار زكريا.

[١٣٠٥٨] عن ابن عباس في قوله : (فَأَوْحى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا) قال : صلوا (٤).

[١٣٠٥٩] عن أبي العالية في قوله : (بُكْرَةً وَعَشِيًّا) قال : أمرهم بالصلاة بكرة وعشيا (٥).

قوله : (يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ) آية ١٢

في قوله : (يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ) قال : بجد (وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا) قال : الفهم (٦).

[١٣٠٦٠] عن سعيد بن جبير في قوله : (خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ) يقول : اعمل بما فيه من فرائضه (٧).

قوله : (وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا)

[١٣٠٦١] عن معمر بن راشد في قوله : (وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا) قال : بلغني أن الصبيان قالوا ليحيى بن زكريا : اذهب بنا نلعب ، قال : ما للعب خلقت. فهو قوله : (وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا)

قوله : (وَحَناناً) آية ١٣

[١٣٠٦٢] عن ابن عباس في قوله : (وَحَناناً) قال : لا أدري ما هو ، إلا أني أظنه تعطف الله على خلقه بالرحمة (٨).

__________________

(١ ـ ٧) الدر ٥ / ٤٨٣.

(٨) الدر ٥ / ٤٨٤ ـ ٤٨٥.

٣٠٦

[١٣٠٦٣] من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله : (وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا) قال : رحمة من عندنا (١).

قوله : (وَزَكاةً) آية ١٣

[١٣٠٦٤] عن ابن عباس في قوله : (وَزَكاةً) قال : بركة ، وفي قوله (وَكانَ تَقِيًّا) قال : طهر فلم يعمل بذنب (٢).

قوله : (وَكانَ تَقِيًّا)

[١٣٠٦٥] عن سفيان بن عيينة أنه سئل عن قوله : (وَكانَ تَقِيًّا) قال : لم يعصه ولم يهم بها (٣).

[١٣٠٦٦] عن ابن عباس قال : كنا في حلقة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم نتذاكر فضائل الأنبياء ، فذكرنا نوحا وطول عبادته ، وذكرنا إبراهيم وموسى وعيسى ورسول الله صلى الله عليه وسلم ، فخرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : «ما تذاكرون بينكم» فذكرنا له ، فقال : أما إنه لا ينبغي أن يكون أحد خيرا من يحيى ابن زكريا ، أما سمعتم الله كيف وصفه في القرآن (يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ) إلى قوله : (وَكانَ تَقِيًّا) لم يعمل سيئة قط ولم يهم بها» (٤).

[١٣٠٦٧] عن عمرو بن العاص قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «كل بني آدم يأتي يوم القيامة وله ذنب ، إلا ما كان من يحيى بن زكريا» (٥).

[١٣٠٦٨] عن يحيى بن جعدة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا ينبغي لأحد أن يقول : أنا خير من يحيى بن زكريا ، ما هم بخطيئة ولا حاكت في صدره امرأة».

__________________

(١ ـ ٥) الدر ٥ / ٤٨٤ ـ ٤٨٥.

٣٠٧

[١٣٠٦٩] عن الحسن قال : إن عيسى ويحيى التقيا فقال يحيى لعيسى : استغفر لي ، أنت خير مني ، فقال له عيسى : بل أنت خير مني ، سلم الله عليك ، وسلمت أنا على نفسي ، فعرف والله فضلها (١).

قوله : (مِنْ أَهْلِها مَكاناً شَرْقِيًّا) آية ١٦

[١٣٠٧٠] عن قتادة في قوله : (إِذِ انْتَبَذَتْ) أي انفردت (مِنْ أَهْلِها مَكاناً شَرْقِيًّا) قال : قبل المشرق شاسعا متنحيا (٢).

[١٣٠٧١] عن ابن عباس في قوله : (انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِها مَكاناً شَرْقِيًّا) قال : مكانا أظلتها الشمس أن يراها أحد منهم (٣).

[١٣٠٧٢] عن ابن عباس قال : إنما اتخذت النصارى المشرق قبلة ، لأن مريم اتخذت (مِنْ أَهْلِها مَكاناً شَرْقِيًّا) ، فاتخذوا ميلاده قبلة ، وإنما سجدت اليهود على حرف ، حين نتق فوقهم الجبل ، فجعلوا يتخوفون وهم ينظرون إليه ، يتخوفون أن يقع عليهم ، فسجدوا سجدة رضيها الله فاتخذوها سنة (٤).

[١٣٠٧٣] عن ابن عباس قال : إن أهل الكتاب ، كتب عليهم الصلاة إلى البيت والحج إليه ، وما صرفهم عنه إلا قول ربك : (إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِها مَكاناً شَرْقِيًّا) قال : خرجت منهم مكانا شرقيا ، فصلوا قبل مطلع الشمس (٥).

[١٣٠٧٤] عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : حين حملت وضعت.

عن الكوفي ، عن مجاهد قال : قالت مريم عليها السلام : كنت إذا خلوت حدثني عيسى وكلمني وهو في بطني ، وإذا كنت مع الناس سبح في بطني وكبر (٦).

قوله : (فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجاباً) آية ١٧

[١٣٠٧٥] عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال لعمر بن الخطاب لم استحب النصارى الحجب على مذابحهم؟ قال : إنما يستحب النصارى الحجب على مذابحهم ومناسكهم لقول الله سبحانه وتعالى : (فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجاباً) (٧).

__________________

(١ ـ ٥) الدر ٥ / ٤٨٦ ـ ٤٨٩.

(٦) ابن كثير ٥ / ٢١٥.

(٧) الدر ٥ / ٤٩٩.

٣٠٨

[١٣٠٧٦] عن أبي صالح رضي الله عنه في قوله : (فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا) قال : بعث الله إليها ملكا فنفخ في جيبها ، فدخل في الفرج (١).

[١٣٠٧٧] عن قتادة رضي الله عنه في قوله : (فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا) قال : جبريل (٢).

[١٣٠٧٨] عن سعيد بن جبير في قوله : (فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا) الآية : قال : نفخ جبريل في درعها ، فبلغت حيث شاء الله (٣).

[١٣٠٧٩] عن عطاء بن يسار : إن جبريل أتاها في صورة رجل فكشف الحجاب فلما رأته تعوذت منه ، فنفخ في جيب درعها فبلغت ، فذكر ذلك في المدينة ، فهجر زكريا وترك ، وكان قبل ذلك يستفتى ويأتيه الناس ، حتى إن كان ليسلم على الرجل فما يكلمه (٤).

قوله : (فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا)

[١٣٠٨٠] عن أبي ابن كعب في قوله : (فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا) قال : تمثل لها روح عيسى في صورة بشر فحملته. قال : حملت الذي خاطبها دخل في فيها (٥).

قوله : (قالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا) آية ١٨

[١٣٠٨١] عن أبي وائل في قوله : (قالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا) قال : لقد علمت مريم أن التقي ذو نهية (٦).

قوله : (غُلاماً زَكِيًّا) آية ١٩

[١٣٠٨٢] عن قتادة في قوله : (غُلاماً زَكِيًّا) قال : صالحا (٧).

قوله : (وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا) آية ٢٠

[١٣٠٨٣] عن سعيد بن جبير في قوله : (وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا) قال : زانية (٨).

__________________

(١ ـ ٦) الدر ٥ / ٤٩٩.

(٧ ـ ٨) الدر ٥ / ٤٢٩ ـ ٥٠٠.

٣٠٩

قوله : (مَكاناً قَصِيًّا) آية ٢٢

[١٣٠٨٤] عن مجاهد في قوله : (مَكاناً قَصِيًّا) قال : قاصيا وفي قوله : (فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ) قال : ألجأها (١).

قوله : (فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ) آية ٢٣

[١٣٠٨٥] عن قتادة في قوله : (فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ) قال : اضطرها (٢).

[١٣٠٨٦] عن الضحاك في قوله : (فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ) قال : فأداها (٣).

[١٣٠٨٧] عن ابن عباس في قوله : (فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ) قال : كان جذعا يابسا (٤).

[١٣٠٨٨] عن أبي قدامة قال : أنبت لمريم نخلة ، تعلق بها كما تعلق المرأة بالمرأة عند الولادة (٥).

[١٣٠٨٩] عن عكرمة في قوله : (وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا) قال : حيضة ملقاة (٦).

[١٣٠٩٠] عن قتادة في قوله : (وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا) قال : تقول : لا أعرف ولا أدري من أنا (٧).

[١٣٠٩١] عن الربيع بن أنس رضي الله عنه في قوله : (وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا) قال : هو السقط (٨)

[١٣٠٩٢] عن علقمة أنه قرأ «فخاطبها من تحتها».

[١٣٠٩٣] عن ابن عباس في قوله : (فَناداها مِنْ تَحْتِها) قال : جبريل ، ولم يتكلم علي «حتى أتت به قومها (٩).

[١٣٠٩٤] عن البراء (فَناداها مِنْ تَحْتِها) قال : ملك. (١٠)

[١٣٠٩٥] عن سعيد بن جبير في قوله : (فَناداها مِنْ تَحْتِها) قال : جبريل من أسفل الوادي. (١١)

[١٣٠٩٦] عن مجاهد في قوله : (فَناداها مِنْ تَحْتِها) قال : عيسى. (١٢)

__________________

(١ ـ ٩) الدر ٥ / ٤٢٩ ـ ٥٠٠.

(١٠ ـ ١٢) الدر ٥ / ٥٠٠ ـ ٥٠٢.

٣١٠

[١٣٠٩٧] عن الحسن (فَناداها مِنْ تَحْتِها) قال : هو عيسى (١).

[١٣٠٩٨] عن قتادة (فَناداها مِنْ تَحْتِها) أي الملك من تحت النخلة (٢).

[١٣٠٩٩] عن الحسن قال : من قرأ (مِنْ تَحْتِها) فهو جبريل ، ومن قرأ من تحتها فهو عيسى (٣).

[١٣١٠٠] عن الحسن في قوله : (جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا) قال : نبيا وهو عيسى (٤)

[١٣١٠١] عن جرير بن حازم قال : سألني محمد بن عباد بن جعفر ما يقول أصحابكم في قوله؟ (قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا) قال : فقلت له : سمعت قتادة يقول : الجدول قال : فأخبر قتادة عني ، فإنما نزل القرآن بلغتنا إنه الرجل السري (٥).

[١٣١٠٢] عن ابن زيد في قوله : (قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا) يريد نفسه أي سرى أسرى منه ، قيل : فالذين يقولون السري البحر قال : ليس كذلك لو كان كذلك لكان يكون إلى جنبها ولا يكون النهر تحتها (٦).

[١٣١٠٣] عن ابن عباس في قوله : (قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا) قال : نهر عيسى (٧).

[١٣١٠٤] عن مجاهد في قوله : (سَرِيًّا) قال : نهرا بالسريانية (٨).

[١٣١٠٥] عن سعيد بن جبير في قوله : (سَرِيًّا) قال : نهرا بالقبطية (٩).

قوله تعالى : (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا) (١٠) آية ٢٥

[١٣١٠٦] عن ابن زيد في قوله : (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ) قال : حركيها. (١١)

[١٣١٠٧] عن مجاهد (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ) قال : كانت عجوة. (١٢)

[١٣١٠٨] عن الحسن أنه قرأ «يساقط عليك» بالياء يعني الجذع. (١٣)

__________________

(١ ـ ١٢) الدر ٥ / ٥٠٠ ـ ٥٠٢.

(١٣) الدر ٥ / ٥٠٣ ـ ٥٠٤.

٣١١

[١٣١٠٩] عن أبي نهيك أنه قرأ «تسقط عليك رطبا» (١).

[١٣١١٠] عن ابن عباس في قوله : (رُطَباً جَنِيًّا) قال : طريا (٢).

[١٣١١١] عن أبي روق قال : انتهت مريم إلى جذع ليس له رأس ، فأنبت الله له رأسا ، وأنبت فيه رطبا وبسرا ومدببا وموزا ، فلما هزت النخلة ، سقط عليها من جميع ما فيها (٣).

[١٣١١٢] عن علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أكرموا عمتكم النخلة ، فإنها خلقت من الطين الذي خلق منه آدم عليه السلام ، وليس من الشجر شجرة تلقح غيرها.

وقال صلى الله عليه وسلم : «أطعموا نساءكم الولد الرطب ، فإن لم يكن رطب فتمر ، فليس من الشجر شجرة أكرم من شجرة نزلت تحتها مريم بنت عمران» (٤).

[١٣١١٣] حدثنا علي بن الحسين ، حدثنا شيبان ، حدثنا مسرور بن سعيد التميمي ، حدثنا عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي ، عن عروة بن رويم ، عن علي بن أبي طالب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أكرموا عمتكم النخلة ، فإنها خلقت من الطين الذي خلق منه آدم عليه السلام ، وليس من الشجر شيء يلقح غيرها ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أطعموا نساءكم الولد الرطب فإن لم يكن رطب فتمر ، وليس من الشجرة شجرة أكرم على الله من شجرة نزلت تحتها مريم بنت عمران» (٥).

[١٣١١٤] عن أنس بن ملك أنه كان يقرأ : (إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً) صمتا (٦).

وقال أبو إسحاق ، عن حارثة قال : كنت عند ابن مسعود ، فجاء رجلان فسلم أحدهما ولم يسلم الآخر ، فقال : ما شأنك؟ قال أصحابه : حلف أن لا يكلم الناس اليوم. فقال عبد الله بن مسعود : كلم الناس وسلم عليهم ، فإنما تلك امرأة علمت أن أحدا لا يصدقها أنها حملت من غير زوج. يعني بذلك مريم عليها السلام ليكون عذرا لها إذا سئلت (٧).

__________________

(١ ـ ٥) الدر ٥ / ٥٠٣ ـ ٥٠٤.

(٦) ابن كثير ٥ / ٢٢٠.

(٧) الدر ٥ / ٥٠٨ ـ ٥٠٩.

٣١٢

[١٣١١٥] عن مجاهد في قوله : (لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا) قال : عظيما.

[١٣١١٦] عن سعيد بن عبد العزيز قال : كان في زمان بني إسرائيل في بيت المقدس عند عين سلوان عين ، فكانت المرأة إذا قارفت ، أتوها بها فشربت منها ، فإن كانت بريئة لم تضرها ، وإلا ماتت. فلما حملت مريم أتوها بها على بغلة فعثرت بها فدعت الله أن يعقم رحمها ، فعقم من يومئذ ، فلما أتتها شربت منها فلم تزدد إلا خيرا ، ثم دعت الله أن لا يفضح بها امرأة مؤمنة ، فغارت العين (١).

[١٣١١٧] عن المغيرة بن شعبة قال : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل نجران فقالوا : أرأيت ما تقرأون؟ (يا أُخْتَ هارُونَ) ، وموسى قبل عيسى بكذا وكذا : قال : فرجعت فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال : «ألا أخبرتهم أنهم كانوا يسمون بالأنبياء والصالحين قبلهم» (٢).

[١٣١١٨] عن سفيان في قوله : (يا أُخْتَ هارُونَ) قال : سمعنا أنه اسم وافق اسما (٣).

[١٣١١٨] عن علي بن أبي طلحة في قوله : (يا أُخْتَ هارُونَ) قال : نسبت إلى هارون بن عمران ، لأنها كانت من سبطه ؛ كقولك يا أخا الأنصار (٤).

[١٣١١٩] عن السدي قال : كانت من سبط هارون ، فقيل لها : (يا أُخْتَ هارُونَ) فدعيت إلى سبطه ، كالرجل يقول للرجل : يا أخا بني ليث ، يا أخا بني فلان (٥).

[١٣١٢٠] عن سعيد بن جبير في قوله : (يا أُخْتَ هارُونَ) قال : كان هارون من قوم سوء زناة فنسبوها إليهم.

[١٣١٢١] عن أبي بكر بن عيش قال : في قراءة أبي قالوا : يا ذا المهد (٦).

قوله تعالى : (فَأَشارَتْ إِلَيْهِ قالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا) آية ٢٩

[١٣١٢٢] عن قتادة في قوله : (فَأَشارَتْ إِلَيْهِ) قال : أمرتهم بكلامه. وفي قوله : (فِي الْمَهْدِ) قال : في الحجر (٧).

__________________

(١ ـ ٥) الدر ٥ / ٥٠٨ ـ ٥٠٩.

(٦ ـ ٧) الدر ٥ / ٥٠٩ ـ ٥١١.

٣١٣

[١٣١٢٣] عن عكرمة في قوله : (قالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتانِيَ الْكِتابَ) الآية. قال : قضى فيما قضى أن أكون كذلك (١).

[١٣١٢٤] حدثنا أبي ، حدثنا محمد بن المصفي ، حدثنا يحيى بن سعيد ، عن عبد العزيز بن زياد ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : كان عيسى بن مريم قد درس الإنجيل وأحكمه في بطن أمه ، فذلك قوله : (إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا) (٢).

[١٣١٢٥] عن مجاهد في قوله : (وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ) قال : معلما للخير.

[١٣١٢٦] عن نوف (وَبَرًّا بِوالِدَتِي) أي ليس لي أب (٣).

[١٣١٢٧] عن ابن عباس في قوله : (وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيًّا) يقول : عصيا (٤)

[١٣١٢٨] عن سفيان قال : الجبار الشقي الذي يقبل على الغضب (٥).

[١٣١٢٩] عن العوام بن حوشب قال إنك لا تكاد تجد عاقا ، إلا تجده جبارا ، ثم قرأ : (وَبَرًّا بِوالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيًّا) (٦).

[١٣١٣٠] عن الشعبي قال : فقرات ابن آدم ثلاث : يوم ولد ، ويوم يموت ، ويوم يبعث ، وهي التي ذكر عيسى في قوله : (وَالسَّلامُ عَلَيَ) الآية (٧).

[١٣١٣١] عن مجاهد في قوله : (ذلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِ) قال : الله عز وجل ، الحق (٨).

[١٣١٣٢] عن قتادة في قوله : (الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ) قال : اجتمع بنو إسرائيل فأخرجوا منهم أربعة نفر ، أخرج من كل قوم عالمهم فتشاوروا في عيسى حين رفع ، فقال أحدهم : هو الله هبط إلى الأرض فأحيى من أحيى وأمات من أمات ، ثم صعد إلى السماء ، وهم اليعقوبية ، فقالت الثلاثة : كذبت. ثم قال اثنان منهم للثالث : قل فيه. فقال هو ابن الله ، وهم النسطورية. فقال اثنان : كذبت. ثم قال أحد الاثنين للآخر : قل فيه. قال : هو ثالث ثلاثة : الله إله ، وعيسى إله ،

__________________

(١ ـ ٨) الدر ٥ / ٥٠٩ ـ ٥١١.

٣١٤

وأمه إله. وهم الإسرائيلية وهم ملوك النصارى. فقال الرابع : كذبت .. هو عبد الله ورسوله وروحه من كلمته ، وهم المسلمون ، فكان لكل رجل منهم أتباع على ما قال ، فاقتتلوا فظهر على المسلمين. فذلك قوله الله : (وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ) قال قتادة : وهم الذين قال الله : (فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ) قال : اختلفوا فيه فصاروا أحزابا ، فاختلف القوم ، فقال المرء المسلم : أنشدكم ... هل تعلمون أن عيسى كان يطعم الطعام ، وأن الله لا يطعم الطعام؟ قالوا : اللهم نعم. قال : فهل تعلمون أن عيسى كان ينام ، وأن الله لا ينام؟ قالوا : اللهم نعم. فخصمهم المسلمون فانسل القوم ، فذكر لنا أن اليعقوبية ظهرت يومئذ ، وأصيب المسلمون ، فأنزل الله في ذلك القرآن (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ) (١)

[١٣١٣٣] عن مجاهد في قوله : (فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ) قال : هم أهل الكتاب (٢).

[١٣١٣٤] عن ابن عباس (أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ) يقول الكفار يومئذ : أسمع شيء وأبصره ، وهم اليوم لا يسمعون ولا يبصرون.

في قوله : (أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنا) قال : والله ذلك يوم القيامة ، سمعوا حين لم ينفعهم السمع ، وأبصروا حين لم ينفعهم البصر (٣).

[١٣١٣٥] عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ) قال : ينادى أهل الجنة ، فيشرفون ، وينادى أهل النار ، فيشرفون وينظرون ، فيقال : ما تعرفون هذا؟ فيقولون : نعم ، فيجاء الموت في صورة كبش أملح ، فيقال : هذا الموت فيقرب ويذبح ، ثم يقال : يا أهل الجنة ، خلود ولا موت ، ويا أهل النار ، خلود ولا موت ، ثم قرأ : (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ).

[١٣١٣٦] عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله : (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ) قال : إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار ، يأتي الموت في صورة كبش أملح حتى وقف بين الجنة والنار ، ثم ينادي مناد يا أهل الجنة ، هذا الموت

__________________

(١ ـ ٣) الدر ٥ / ٥١٢

٣١٥

الذي كان يميت الناس في الدنيا ، ولا يبقى أحد في عليين ولا في أسفل درجة من الجنة إلا نظر إليه ، ثم ينادي يا أهل النار ، هذا الموت الذي كان يميت الناس في الدنيا ، فلا يبقى أحد في ضحضاح من النار ولا في أسفل درك من جهنم إلا نظر إليه ، ثم يذبح بين الجنة والنار ، ثم ينادي يا أهل الجنة ، هو الخلود أبد الآبدين. ويا أهل النار هو الخلود أبد الآبدين ، فيفرح أهل الجنة فرحة لو كان أحد ميتا من فرحة ماتوا ، ويشهق أهل النار شهقة لو كان أحد ميتا من شهقة ماتوا ، فذلك قوله : (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ) يقول : إذا ذبح الموت.

[١٣١٣٧] ذكر هدبة بن خالد القيسي : حدثنا حزم بن أبي حزم القطعي قال : كتب عمر بن عبد العزيز إلى عبد الحميد بن عبد الرحمن صاحب الكوفة : أما بعد ، فإن الله كتب على خلقه حين خلقهم الموت ، فجعل مصيرهم إليه ، وقال : فيما أنزل من كتابه الصادق الذي حفظه بعلمه ، وأشهد ملائكته على خلقه : إنه يرث الأرض ومن عليها ، وإليه يرجعون (١).

[١٣١٣٨] عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «حق الوالد على ولده أن لا يسميه إلا بما سمى إبراهيم أباه يا أبت ولا يسميه باسمه (٢).

[١٣١٣٩] عن ابن عباس في قوله : (لَأَرْجُمَنَّكَ) قال : لأشتمنك (وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا) قال : حينا (٣).

[١٣١٤٠] عن ابن عباس في قوله : (وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا) قال : اجتنبني سالما قبل أن يصيبك مني عقوبة (٤).

[١٣١٤١] عن ابن عباس ، في قوله : (إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا) قال : لطيفا (٥).

[١٣١٤٢] عن مجاهد في قوله : (إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا) قال : عوده الإجابة.

عن ابن عباس في قوله : (وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ) قال : يقول : وهبنا له إسحاق ولدا ويعقوب ابن ابنه (٦).

[١٣١٤٣] عن ابن عباس في قوله : (وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا) قال الثناء الحسن (٧).

__________________

(١) ابن كثير ٥ / ٢٢٩.

(٢ ـ ٧) الدر ٥ / ٥١٠ ـ ٥١٤.

٣١٦

قوله تعالى : (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مُوسى إِنَّهُ كانَ مُخْلَصاً وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا ، وَنادَيْناهُ مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا ، وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا) الآيات ٥١ ، ٥٢ ، ٥٣

[١٣١٤٤] عن مجاهد في قوله : (وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا) قال : النبي وحده الذي تكلم ، وينزل عليه ولا يرسل ، ولفظ ابن أبي حاتم الأنبياء الذين ليسوا برسل يوحى إلى أحدهم ، ولا يرسل إلى أحدهم ، والرسل الأنبياء الذين يوحى إليهم ويرسلون.

[١٣١٤٥] عن قتادة في قوله : (جانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ) قال : جانب الجبل الأيمن (وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا) قال نجا بصدقه (١).

[١٣١٤٦] عن ابن عباس في قوله : (وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا) قال : كان هارون أكبر من موسى ، ولكن إنما وهب له نبوته.

[١٣١٤٧] حدثنا عبد الجبار بن عاصم ، حدثنا محمد بن سلمة الحراني ، عن أبي الواصل ، عن شهر بن حوشب عن عمرو بن معديكرب قال : لما قرب الله موسى نجيا بطور سيناء ، قال : يا موسى ، إذا خلقت لك قلبا شاكرا ، ولسانا ذاكرا ، وزوجة تعين على الخير ، فلم أخزن عنك من الخير شيئا ، ومن أخزن عنه هذا فلم أفتح له من الخير شيئا (٢).

[١٣١٤٨] عن سفيان الثوري قال : بلغني أن إسماعيل وصاحبا له أتيا قرية ، فقال له صاحبه : إما أن أجلس وتدخل فتشتري طعاما زادنا ، وإما أن أدخل فأكفيك ذلك ، فقال له إسماعيل : بلى ادخل أنت وأنا أجلس أنتظرك ، فدخل ثم نسي فخرج ، فأقام مكانه حتى كان الحول من ذلك اليوم ، فمر به الرجل ، فقال له : أنت هاهنا حتى الساعة؟ قال : قلت : لك لا أبرح حتى تجيء ، فقال تعالى : (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ) (٣).

[١٣١٤٩] عن عبد الله بن عمرو بن العاص : إن إدريس أقدم من نوح ، بعثه الله إلى قومه ، فأمرهم الله أن يقولوا لا إله إلا الله ، ويعملوا بما شاء ، فأبوا ، فأهلكهم الله (٤).

__________________

(١) الدر ٥ / ٥١٠ ـ ٥١٤.

(٢ ـ ٤) الدر ٥ / ٥١٥ ـ ٥١٦.

٣١٧

[١٣١٥٠] عن ابن عباس في قوله : (وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا) قال : رفع إلى السماء السادسة فمات فيها (١).

بسند حسن ، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : إدريس هو إلياس (٢).

[١٣١٥١] عن مجاهد في قوله : (وَاجْتَبَيْنا) قال : خلصنا (٣).

[١٣١٥٢] عن عمر بن الخطاب : أنه قرأ سورة مريم فسجد ، ثم قال : هذا السجود فأين البكاء؟ (٤).

[١٣١٥٣] عن السدي في قوله : (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ) قال : هم اليهود والنصارى (٥).

[١٣١٥٤] عن محمد بن كعب القرظي في قوله : (أَضاعُوا الصَّلاةَ) يقول : تركوا الصلاة (٦).

[١٣١٥٥] عن القاسم بن مخيمرة في قوله : (أَضاعُوا الصَّلاةَ) قال : أخروا الصلاة عن ميقاتها ، ولو تركوها كفروا (٧).

[١٣١٥٦] عن عمر بن عبد العزيز في قوله : (أَضاعُوا الصَّلاةَ) قال : لم يكن إضاعتهم تركها ولكن أضاعوا المواقيت (٨).

[١٣١٥٧] عن كعب قال : والله إني لأجد صفة المنافقين في التوراة : شرابين للقهوات ، تباعين للشهوات ، لعانين للكعبات ، رقادين عن العتمات ، مفرطين في الغدوات ، ترّاكين للصلوات ، ترّاكين للجمعات ، ثم تلا هذه الآية : (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ) (٩).

[١٣١٥٨] عن ابن الأشعث قال : أوحى الله إلى داود عليه السلام أن القلوب المعلقة بشهوات الدنيا عني محجوبة. (١٠)

[١٣١٥٩] عن أبي سعيد الخدري : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتلا هذه الآية : (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ) فقال : يكون خلف من عبد ستين سنة (أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا) ثم يكون خلف : يقرءون القرآن لا يعدو تراقيهم ، ويقرأ القرآن ثلاثة : مؤمن ومنافق وفاجر. (١١)

__________________

(١ ـ ٤) الدر ٥ / ٥١٥ ـ ٥١٦.

(٥ ـ ١١) الدر ٥ / ٥١٨ ـ ٥١٩.

٣١٨

[١٣١٦٠] عن عائشة أنها كانت ترسل بالصدقة لأهل الصدقة وتقول : لا تعطوا منها بربريا ، ولا بربرية ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : هم الخلف الذين قال الله : (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ).

[١٣١٦١] عن ابن عباس في قوله : (فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا) قال : خسرا (١).

[١٣١٦٢] من طرق ، عن ابن مسعود في قوله : (فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا) قال : الغي : نهر أو واد في جهنم من قيح بعيد القعر خبيث الطعم يقذف فيه الذين يتبعون الشهوات (٢).

[١٣١٦٣] عن قتادة في قوله : (يَلْقَوْنَ غَيًّا) قال : سوءا (إِلَّا مَنْ تابَ) قال من ذنبه (وَآمَنَ) قال : بربه (وَعَمِلَ صالِحاً) قال : بينه وبين الله (٣).

[١٣١٦٤] عن ابن عباس في قوله : (لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً) قال باطلا (٤).

عن مجاهد في قوله : (لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً) قال : لا يستبون .. وفي قوله : (وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا) قال : ليس فيها بكرة ولا عشي يؤتون به على النحو الذي يحبون من البكرة والعشي (٥).

[١٣١٦٥] عن ابن عباس في قوله : (وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا) قال : يؤتون به في الآخرة على مقدار ما كانوا يؤتون به في الدنيا (٦).

[١٣١٦٦] عن الوليد بن مسلم قال : سألت زهير بن محمد ، عن قوله : (وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا) قال : ليس في الجنة ليل ولا شمس ولا قمر ، هم في نور أبدا ، ولهم مقدار الليل والنهار ، يعرفون مقدار الليل بإرخاد الحجب ، وإغلاق الأبواب ، ويعرفون مقدار النهار برفع الحجب وفتح الأبواب (٧).

[١٣١٦٧] عن الحسن قال : كانوا يعدون النعيم ، أن يتغدى الرجل ، ثم يتعشى قال الله لأهل الجنة : (وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا) (٨).

[١٣١٦٨] عن ابن شودب في قوله : (تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبادِنا) قال : ليس من أحد إلا وله في الجنة منزل وأزواج ، فإذا كان يوم القيامة ، ورث الله المؤمن كذا وكذا منزلا من منازل الكفار. فذلك قوله : (مِنْ عِبادِنا).

__________________

(١ ـ ٨) الدر ٥ / ٥٢٢.

٣١٩

[١٣١٦٩] عن داود بن أبي هند في قوله : (مَنْ كانَ تَقِيًّا) قال : موحدا (١).

عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبريل : «ما يمنعك أن تزورنا أكثر مما تزورنا» فنزلت الآية (٢)

[١٣١٧٠] عن عكرمة قال : أبطأ جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم أربعين يوما ثم نزل ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم «ما نزلت حتى اشتقت إليك» فقال له جبريل : «أنا كنت إليك أشوق ولكني مأمور» فأوحى الله إلى جبريل أن قل له : (وَما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ) (٣).

[١٣١٧١] عن السدي قال : احتبس جبريل عن النبي صلى الله عليه وسلم بمكة حتى حزن واشتد عليه ، فشكا ذلك إلى خديجة ، فقالت خديجة : لعل ربك قد ودعك أو قلاك ، فنزل جبريل بهذه الآية : (ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى) قال : يا جبريل ، احتبست عني حتى ساء ظني ، فقال جبريل : (وَما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ)

[١٣١٧٢] عن مجاهد قال : أبطأت الرسل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم أتاه جبريل فقال : «ما حبسك عني؟» قال : كيف نأتيكم وأنتم لا تقصون أظفاركم ، ولا تنقون براجمكم ، ولا تأخذون شواربكم ولا تستاكون وقرأ (وَما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ) (٤).

[١٣١٧٢] عن عكرمة (لَهُ ما بَيْنَ أَيْدِينا) قال : الدنيا (وَما خَلْفَنا) قال : الآخرة (٥).

[١٣١٧٣] عن سعيد بن جبير ـ رضي الله عنه ـ (لَهُ ما بَيْنَ أَيْدِينا) قال : من أمر الآخرة (وَما خَلْفَنا) من أمر الدنيا (وَما بَيْنَ ذلِكَ) ما بين الدنيا والآخرة (٦).

[١٣١٧٤] عن قتادة رضي الله عنه (وَما بَيْنَ ذلِكَ) قال : ما بين النفختين (٧).

[١٣١٧٥] عن السدي (وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا) قال : (ما كانَ رَبُّكَ) لينساك يا محمد (٨).

[١٣١٧٦] عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما في قوله : (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا) قال هل تعلم للرب مثلا أو شبها (٩).

[١٣١٧٧] عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا) قال : ليس أحد يسمى الرحمن غيره. (١٠)

__________________

(١ ـ ٦) الدر ٥ / ٥٢٦. (٧) الدر ٥ / ٥٢٩ ـ ٥٣٠.

(٨ ـ ١٠) الدر ٥ / ٥٢٩ ـ ٥٣٠.

٣٢٠