تفسير القرآن العظيم - ج ٩

عبد الرحمن بن محمّد ابن إدريس الرازي ابن أبي حاتم

تفسير القرآن العظيم - ج ٩

المؤلف:

عبد الرحمن بن محمّد ابن إدريس الرازي ابن أبي حاتم


المحقق: أسعد محمّد الطيّب
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مكتبة نزار مصطفى الباز
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٥٠

القرآن وعلومه تفسير القرآن

١
٢

قوله : (فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ)

إلي قوله : (رَبِّ الْعالَمِينَ) آيات ١٢٦ ـ ١٢٧

قوله : (أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ) آية ١٢٨

[١٥٧٩٨] حدثنا أبي ، ثنا أبو صالح ، ثنا معاوية بن صالح ، عن علي ابن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : (أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ) يقول : بكل شرف.

[١٥٧٩٩] حدثنا علي بن الحسن الهسنجاني ، ثنا سعيد بن أبي مريم ، ثنا مفضل ، ثنا أبو صخر (أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ) قال : الريع : الجبال والأمكنة المرتفعة من الأرض.

[١٥٨٠٠] حدثنا أبي ، ثنا عيسى بن جعفر ، ثنا مسلم يعني ابن خالد ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله : (أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ) قال الريع الثنية الصغيرة.

[١٥٨٠١] حدثنا حجاج بن حمزة ، ثنا شبابة ، ثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد (بِكُلِّ رِيعٍ) قال : بكل فج.

[١٥٨٠٢] حدثنا الحسين بن الحسن ، ثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا حجاج ، عن ابن جريح ، عن مجاهد (بِكُلِّ رِيعٍ) قال : فج بين جبلين.

[١٥٨٠٣] حدثنا عبد الله بن سليمان ، ثنا الحسين بن علي ، ثنا عامر بن الفرات ، ثنا أسباط ، عن السدى (أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ) قال : الريع ما استقبل الطريق بين الجبال والظراب.

[١٥٨٠٤] حدثنا أبي ثنا هدبة بن خالد ثنا همام ، عن قتادة في هذه الآية (أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ) قال : بكل طريق.

[١٥٨٠٥] حدثنا إسماعيل بن الحارث ، ثنا يحيى بن أبي بكير ، عن شريك ، عن السدي قال : الريع الطريق.

[١٥٨٠٦] أخبرنا محمد بن سعد العوفى فيما كتب إليّ حدثني أبي حدثني عمي حدثنا أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس (بِكُلِّ رِيعٍ) قال : الريع : الطريق. وروي ، عن قتادة مثل ذلك.

٣

قوله : (آيَةً)

[١٥٨٠٧] حدثنا حجاج بن حمزة ، ثنا شبابة ، ثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله : (آيَةً تَعْبَثُونَ) بنيانا.

الوجه الثاني :

[١٥٨٠٨] حدثنا أبي ، ثنا أحمد بن أبي الحواري ، ثنا علي بن الفضل اللهبي حدثنا مسلم بن خالد الزنجي ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله : (آيَةً) قال : الآية اتخاذ أبرجة الحمام.

قوله : (تَعْبَثُونَ)

[١٥٨٠٩] أخبرنا العباس بن الوليد ، ثنا محمد بن شعيب بن شابور حدثنا عثمان ابن عطاء ، عن أبيه عطاء وأما (بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ) فيقال : بكل شرف ومنظر تبنون عبثا.

[١٥٨١٠] حدثنا محمد بن سعد فيما كتب إلى حدثني أبي حدثني عمي حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس (تَعْبَثُونَ) قال : تلعبون وروي ، عن الضحاك وقتادة مثل ذلك.

[١٥٨١١] حدثنا علي بن الحسين ، ثنا المقدمي ، ثنا أسيد بن حبيب ، ثنا العلاء بن عبد الكريم ، عن مجاهد قال : ليس أحد أشبه فعالا بعاد من أمة محمد صلى الله عليه وسلم قال : (أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ) فقد والله فعلوا : (وَتَتَّخِذُونَ مَصانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ).

قوله تعالى : (وَتَتَّخِذُونَ مَصانِعَ)

[١٥٨١٢] حدثنا حجاج بن حمزة ، ثنا شبابة ، ثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله : (وَتَتَّخِذُونَ مَصانِعَ) قصورا مشيدة وبنيانا مخلدا

[١٥٨١٣] حدثنا أبي ، ثنا الحماني ، ثنا مسلم بن خالد ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : (تَتَّخِذُونَ مَصانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ) قال : بروج الحمام.

٤

[١٥٨١٤] أخبرنا أبو عبد الله محمد بن حماد الطهراني فيما كتب إلى أنبأ عبد الرزاق أنبأ معمر ، عن قتادة قوله : (تَتَّخِذُونَ مَصانِعَ) قال : تأخذ للماء.

قوله : (لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ)

[١٥٨١٥] حدثنا أبي ، ثنا أبو صالح حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس (لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ) يقول : كأنكم تخلدون.

[١٥٨١٦] حدثنا محمد بن يحيى أنبأ العباس بن الوليد ، ثنا يزيد بن زريع ، ثنا سعيد ، عن قتادة قوله : (وَتَتَّخِذُونَ مَصانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ) قال : وكان في بعض القراءات وتتخذون مصانع كأنكم خالدون

قوله : (تَخْلُدُونَ)

[١٥٨١٧] أخبرنا أبو يزيد القراطيسي فيما كتب إلى أنبأ أصبغ بن زيد قال : سمعت عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قول الله : (تَتَّخِذُونَ مَصانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ) قال : هذه استثناء يقول لعلكم تخلدون حين تتخذون هذه الأشياء.

[١٥٨١٨] حدثنا محمد بن العباس ، ثنا عبد الرحمن بن سلمة ، ثنا سلمة حدثني محمد بن إسحاق قال : فلما عتوا على الله وكذبوا نبيهم وأكثروا في الأرض تجبروا وبنوا بكل ريع آية عبثا لغير نفع كلمهم هود فقال : (أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ وَتَتَّخِذُونَ مَصانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ)

قوله تعالى : (وَإِذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ)

[١٥٨١٩] حدثنا أبو زرعة ، ثنا منجاب أنبأ بشر بن عمارة ، عن أبي روق ، عن الضحاك ، عن ابن عباس في قوله : (وَإِذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ) قال : أقوياء

[١٥٨٢٠] حدثنا أبو بجير محمد بن جابر الحاربي أنبأ الحسن بن قتيبة المدائني عن سفيان ، عن إبراهيم بن مهاجر ، عن مجاهد (وَإِذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ) قال : ضرب السياط

[١٥٨٢١] حدثنا أبي ، ثنا عيسى بن جعفر ، ثنا مسلم بن خالد ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله : (إِذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ) قال : بالسيف السوط.

٥

قوله : (فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ) آية ١٣١

قوله : (وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وَبَنِينَ) الآيات ١٣٢ ـ ١٣٣

[١٥٨٢٢] حدثنا أبو زرعة ، ثنا عمرو بن حماد ، ثنا أسباط ، عن السدي أنعام قال : الراعية.

قوله : (جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ) آية ١٣٤

[١٥٨٢٣] حدثنا حجاج بن حمزة ، ثنا شبابة ، ثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله : (جَنَّاتٍ) قال : حوائط.

[١٥٨٢٤] حدثنا أحمد بن عثمان بن حكيم الأودي فيما كتب إلي ، ثنا أحمد بن المفضل ، ثنا أسباط ، عن السدي (جَنَّاتٍ) قال : البساتين.

قوله : (إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ)

والعذاب النكال قد مر ذكره. آية ١٣٥

[١٥٨٢٥] حدثنا أبو زرعة ، ثنا يحيى بن عبد الله حدثني ابن لهيعة حدثني عطاء ، عن سعيد بن جبير (عَظِيمٍ) يعني وافرا.

قوله : (قالُوا سَواءٌ عَلَيْنا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْواعِظِينَ) آية ١٣٦

[١٥٨٢٦] حدثنا محمد بن العباس ، ثنا عبد الرحمن بن سلمة ، ثنا سلمة ، ثنا محمد بن إسحاق قال : بعث الله إليهم هودا يعني إلى عاد فأمرهم أن يوحدوا الله عز وجل ، ولا يجعلوا معه إلها غيره ، وأن يكفوا ، عن ظلم الناس لم يأمرهم فيما يذكر والله أعلم غير ذلك فأبوا عليه وكذبوا وقالوا من أشد منا قوة واتبعه منهم أناس وهم يسير مكتتمون بإيمانهم وكان من أمن به وصدقه رجل من عاد يقال له يزيد بن سعد ابن غفير وكان يكتم إيمانه فلما عتوا على الله وكذبوا نبيهم وأكثروا في الأرض الفساد قالوا يا هود : (ما جِئْتَنا بِبَيِّنَةٍ وَما نَحْنُ بِتارِكِي آلِهَتِنا ، عَنْ قَوْلِكَ وَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ).

٦

قوله تعالى : (إِنْ هذا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ) آية ١٣٧

[١٥٨٢٧] حدثنا أبي ، ثنا أبو صالح حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : (خُلُقُ الْأَوَّلِينَ) يقول : دين الأولين.

[١٥٨٢٨] حدثنا علي بن الحسن الهسنجاني ، ثنا مسدد ، ثنا يزيد بن هارون ، ثنا داود بن أبي هند ، عن الشعبي ، عن علقمة في قوله : (إِنْ هذا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ) قال اختلاف الأولين.

[١٥٨٢٩] حدثنا حجاج بن حمزة ، ثنا شبابة ، ثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله : (خُلُقُ الْأَوَّلِينَ) قال : كذبهم.

[١٥٨٣٠] أخبرنا العباس بن الوليد بن مزيد أنبأ محمد بن شعيب حدثنا عثمان بن عطاء ، عن أبيه عطاء أما (خُلُقُ الْأَوَّلِينَ) فأمر الأولين.

وروى ، عن عكرمة وعبد الرحمن بن زيد مثل ذلك

[١٥٨٣١] حدثنا محمد بن يحيى أنبأ العباس بن الوليد ، ثنا يزيد ، ثنا سعيد ، عن قتادة قوله : (خُلُقُ الْأَوَّلِينَ) أي هكذا كان الناس قبلنا يعيشون ما عاشوا ثم يموتون فلا بعث عليهم ولا حساب.

[١٥٨٣٢] أخبرنا أبو عبد الله محمد بن حماد الطهراني فيما كتب إلى أنبأ عبد الرزاق أنبأ معمر ، عن قتادة في قوله : (إِنْ هذا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ) قال : يقول هكذا خلقت الأولين وهكذا كانوا يحيون ويموتون.

[١٥٨٣٣] أخبرنا محمد بن سعد فيما كتب إلى ، ثنا أبي ، ثنا عمي ، ثنا أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس (إِنْ هذا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ) يقول : أساطير الأولين.

قوله : (وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ) آية ١٣٨

[١٥٨٣٤] حدثنا أبو زرعة ، ثنا صفوان بن صالح ، ثنا الوليد ، ثنا سعيد بن بشير ، عن قتادة يعني قوله : (وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ) قال : قالوا إنما نحن مثل الأولين نعيش كما عاش الأولون ثم نموت ولا بعث ولا حساب.

٧

[١٥٨٣٥] حدثنا عبيد بن محمد بن يحيى بن حمزة فيما كتب إلى أخبرنا أبو الجماهر ، ثنا سعيد ، عن قتادة قوله : (إِنْ هذا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ) أي إنما نحن مثل الأولين نعيش كما عاشوا ثم نموت لا حساب ولا عذاب علينا ولا بعث.

قوله تعالى : (فَأَهْلَكْناهُمْ) آية ١٣٩

[١٥٨٣٦] حدثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا عقبة بن خالد ، ثنا شعبة ، عن الحكم ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور.

[١٥٨٣٧] حدثنا أبي ، ثنا نصر بن علي أنبأ نوح بن قيس ، ثنا أشعث بن جابر الحداني ، عن شهر بن بن حوشب ، عن أبي هريرة قال : كان الرجل من قوم عاد ليتخذ المصراع لو اجتمع عليه خمسمائة من هذه الأمة لم يستطيعوا أن ينقلوه وإن كان أحدهم ليدخل قدمه في الأرض فتدخل فيها.

[١٥٨٣٨] حدثنا أبي ، ثنا نصر بن علي أنبأ نوح بن قيس ، عن أبي رجاء محمد ابن سيف الحداني ، عن الحسن قال : لما جاءت الريح إلى قوم عاد ركزوا أقدامهم في الأرض وأخذوا بيد بعضهم ، وقالوا : من يزيل أقدامنا ، عن أماكنها إن كنت صادق ، فأرسل الله عليهم الريح تنزع أقدامهم من الأرض و (كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ).

[١٥٨٣٩] حدثنا محمد بن العباس مولي بني هاشم ، ثنا عبد الرحمن بن سلمة ، ثنا سلمة ، ثنا محمد بن إسحاق قال : فبعث الله عليهم هودا فأبوا عليه وكذبوه (وَقالُوا : مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً)؟ قال : فلما فعلوا ذلك أمسك الله عنهم المطر من السماء ثلاث سنين فيما يزعمون حتى جهدهم ذلك ، كان الناس في ذلك الزمان إذا نزل بهم بلاء أو جهد طلبوا إلى الله عز وجل الفرج منه ، كانت طلبتهم إلى الله بمكة عند بيته الحرام مسلمة وكافرهم فيجتمع بمكة أناس كثيرون شتى مختلفه أديانهم وكلهم معظم لمكة يعرف حرمتها ومكانها من الله وكانت أم معاوية بن بكر كلهدة بنت الخبيري رجل من عاد فلما قحط المطر وجهد ، قالوا جهزوا منكم وفدا إلى مكة فليستسقوا لكم فإنكم قد هلكتم ، فبعثوا قبل بن عثر ولقيم ابن هزال وهذيل بن عتيك بن ضد بن عاد

٨

الأكبر ومربد بن سعد بن عفير وكان مسلما يكتم إيمانه وجلهمة بن الخيبري خل معاوية بن بكر أخا امه ثم بعثوا اثمن بن عاد بن فلان بن ملان بن ضد ابن عاد الأكبر ، فانطلق كل رجل منهم من هؤلاء القوم معه برهط من قومه حتى بلغ عدة وفدهم سبعين رجلا فلما قدموا مكة نزلوا على معاوية بن بكر وهو بظاهر مكة خارجا من الحرم ، فأنزلهم وأكرمهم فكانوا أخواله وصهره وكانت هزيلة بنت بكر أخت معاوية لأبيه وأمة فلما نزل وفد عاد على معاوية بن بكر أقاموا عنده شهرا يشربون الخمر وتغنيهم الجرادتان قينتان لمعاوية بن بكر وكان مسيرهم شهرا ومقامهم شهرا ، فلما رأى معاوية مقامهم وقد بعثهم قومهم يتغوثون من البلاء الذي أصابهم فشق ذلك عليه وقال : هلك أخوالي واصهاري وهؤلاء مقيمون عندي وهم ضيفي نازلون عليّ والله ما ادري كيف أصنع بهم؟ أستحيي أن أمرهم بالخروج إلى ما بعثوا له فيظنون أنه ضيق مني بمقامهم عندي قد هلك ما وراءهم من قومهم جهدا وعطشا ثم خرجوا إلى مكة يستسقون لعاد فلما ولوا إلى مكة أنشأ الله سحائب ثلاث بيضاء وحمراء وسوداء ثم نادى مناد من السحاب يا قيل اختر لنفسك ولقومك من هذا السحاب فقال قيل قد اخترت السحابة السوداء فإنها اكثر السحابة ماءا فناداه منادى : اخترت رمادا رمدا لا يبقى من عاد أحدا لا والدا ولا يترك ولدا إلا جعلته همدا إلا بني اللوذية المهدا ، واعتزل هود فيما ذكر لي ومن معه من المؤمنين في حظيرة ما يصيبه ومن معه من المؤمنين إلا ما تلين عليه الجلود وتلتذ الأنفس وإنها لتمر من عاد بالظعن ما بين السماء والأرض وتدمغهم بالحجارة.

[١٥٨٤٠] حدثنا أبي الحكم بن موسى ، ثنا الوليد ، ثنا ابن عجلان ، ثنا عون بن عبد الله بن عتبة أن أبا الدرداء لما رأي ما أحدث المسلمون في الغوطة من البنيان ونصب الشجر ، قام في مسجدهم فنادى : يا أهل دمشق فاجتمعوا إليه فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : إلا تستحيون إلا تستحيون ، تجمعون ما لا تأكلون ، وتبنون ما لا تسكنون ، وتأملون ما لا تدركون ، قد كانت قبلكم قرون يجمعون فيوعون ويبنون فيوثقون ويأملون فيطيلون فأصبح أملهم غرورا وأصبح جمعهم بورا وأصبحت مساكنهم قبورا إلا أن عادا ملكت ما بين عدن وعمان خيلا وركابا من يشتري مني ميراث عاد بدرهمين.

٩

قوله تعالى (إِنَّ فِي ذلِكَ) لآية ـ إلى : (الرَّحِيمُ) تقدم تفسيره

قوله : (كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ) آية ١٤١

[١٥٨٤١] حدثنا محمد بن العباس ، ثنا عبد الرحمن بن سلمة ، ثنا سلمة ابن الفضل ، عن محمد بن إسحاق قال : فلما أهلك الله عادا وانقضي أمرهما عمرت ثمود بعدها فاستخلفوا في الأرض ، فربلوا فيها وانتشروا ثم عتوا علي الله فلما ظهر فسادهم وعبدوا غير الله بعث الله إليهم صالحا وكانوا قوما عربا وهو من أوسطهم نسبا وأفضلهم موضعا رسولا ، وكانت منازلهم الحجر إلى قزح وهو وادي القري وبين ذلك ثمانية عشر ميلا فيما بين الحجاز والشام فبعثه الله إليهم غلاما شابا فدعاهم إلى الله حتى شمط وكبر لا يتبعه منهم أحد إلا قليل مستضعفون فلما ألح عليهم صالح بالدعاء وأكثر لهم التحذير وخوفهم من الله بالعذاب والنقمة.

سألوه ان يريهم آية تكون مصداقا لما يقول فيما يدعوهم إليه ، فقال لهم : أي آية تريدون فقالوا تخرج معنا إلى عيدنا هذا وكان لهم عيد يخرجون إليه بأصنامهم وما يعبدون من دون الله في يوم معلوم من السنة ، فتدعوا إلهك وندعوا آلهتنا فإن استجيب لك اتبعناك ، وإن استجيب لنا اتبعتنا فقال لهم صالح : نعم فخرجوا بأوثانهم إلى عيدهم ذلك ، وخرج صالح معهم إلى الله فدعوا أوثانهم وسألوها بأن لا يستجاب لصالح في شيء مما يدعوا به.

قوله تعالى : (إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صالِحٌ أَلا تَتَّقُونَ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ) آيات ١٤٢ ـ ١٤٣

[١٥٨٤٢] أخبرنا يونس بن عبد الأعلى قراءة أنبأ ابن وهب اخبرني سلمة بن علي ، عن سعيد بن بشير ، عن قتادة : أن صالحا بعث من الحجر.

[١٥٨٤٣] حدثنا محمد بن عمار بن الحارث ، ثنا سهل بن بكار ، ثنا داود بن أبي الفرات ، عن علباء بن أحمر ، عن عكرمة ، عن ابن عباس أن صالح النبي صلّى الله عليه وسلم بعثه الله إلى قومه فأمنوا به ثم أنه مات فرجعوا بعده ، عن الإسلام فأحياه الله فبعثه إليهم فأخبرهم إنه صالح فكذبوه وقالوا : قد مات صالح فأتنا بآية ان كنت من الصادقين فسأل الله أن يأتيهم بآية فآتاهم الله بالناقة فكفروا به وعقروها فأهلكهم الله.

١٠

قوله : (فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ) إلى قوله : (وَعُيُونٍ

وَزُرُوعٍ) آيات ١٤٤ ـ ١٤٧ تقدم تفسيره

قوله : (وَنَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ)

[١٥٨٤٤] حدثنا أبي ، ثنا الحسن ، ثنا أبو الأحوص ، عن سماك ، عن عكرمة في قول الله : (وَنَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ) قال : الهضيم الرطب اللين وروى ، عن قتادة نحو ذلك.

[١٥٨٤٥] حدثنا علي بن الحسين ، ثنا عبد الرحمن بن إبراهيم والحارث النقال ، ثنا مروان بن معاوية ، ثنا إسماعيل بن أبي خالد ، عن عمرو بن أبي عمرو وقد أدرك الصحابة ، عن ابن عباس في قوله : (وَنَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ) قال : إذا رطب واسترخي وروى ، عن أبي صالح نحو هذا.

[١٥٨٤٦] حدثنا أبي ، ثنا أبو صالح ، ثنا معاوية بن صالح ، عن علي ابن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : (هَضِيمٌ) يقول معشبة.

[١٥٨٤٧] حدثنا علي بن الحسن الهسنجاني ، ثنا مسدد ، ثنا أبو الأحوص ، عن أبي إسحاق ، عن أبي العلاء قال : (وَنَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ) قال : الهضيم المذنب الرطب وروى ، عن أبي ميسرة ويزيد بن راشد وسعيد بن جبير نحو ذلك.

[١٥٨٤٨] حدثنا علي بن الحسين ، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، ثنا عبد الرزاق بن عطاء ، عن إسماعيل ، عن الحسن (وَنَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ) فقيل : ليس فيه نوى.

[١٥٨٤٩] حدثنا أبي ، ثنا عيسى بن جعفر ثنا مسلم بن خالد ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد (وَنَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ) قال : الطلعة إذا مسستها تناثرت.

[١٥٨٥٠] حدثنا أبي ، ثنا علي بن هاشم بن مرزوق ، ثنا إسحاق الأزرق ، عن جويبر ، عن الضحاك (وَنَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ) قال : بطلع الطلع حين يتفرق ويخضر.

[١٥٨٥١] حدثنا علي الحسن بن الهسنجاني ، ثنا سعيد بن الحكم بن أبي مريم أنبأ مفضل ، ثنا أبو صخر (وَنَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ) قال : ما رأيت طلع النخل حين ينشق عنه الكم فترى الطلع قد لصق بعضه ببعض فهو الهضيم.

١١

[١٥٨٥٢] حدثنا حجاج بن حمزة ، ثنا شبابة ، ثنا ورقة عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد (وَنَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ) يتهشم تهشما.

[١٥٨٥٣] حدثنا الحسين بن الحسن أنبأ إبراهيم بن عبد الله أنبأ حجاج قال ابن جريح ، عن مجاهد (وَنَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ) قال : يتهشم ويتفتت إذا مس قال : وقال ابن جريج : سمعت عبد الكريم أبا امية يقول سمعت مجاهد يقول : (وَنَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ) قال : حين يطلع قال : يقبض عليه فيهضمه قال : وقال مجاهد : فهو من الرطب الهضيم يقبض عليه ومن اليابس الهشيم يقبض عليه فيهشمه.

[١٥٨٥٤] حدثنا أبي ، ثنا أبو الدرداء بن منيب ، ثنا أبو معاذ الفضل بن خالد النحوي ، عن عبيد بن سليمان الباهلي ، عن الضحاك في قوله : (طَلْعُها هَضِيمٌ) إذا كثر حمل الشجر فركب بعضها بعضا حتى يغض بعضها بعضا فهو حينئذ هضيم.

قوله تعالى : (وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً) آية ١٤٩

[١٥٨٥٥] حدثنا أحمد بن عثمان بن حكيم الأودي فيما كتب إليّ ، ثنا أحمد بن المفضل ، ثنا أسباط ، عن السدي قوله : (وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً) قال كانوا ينقبون في الجبال البيوت.

قوله : (فارِهِينَ)

[١٥٨٥٦] حدثنا أبي ، ثنا ابو صالح ، ثنا معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : (فارِهِينَ) يقول : حاذقين. وروى ، عن أبي صالح ومعاوية بن قرة مثل ذلك.

[١٥٨٥٧] حدثنا أبي ، ثنا علي الطنافسي ، ثنا عثمان ، ثنا إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبي صالح وعن عبد الله بن شداد بن الهاد قوله : (فارِهِينَ) قال : أحدهما حاذقين بنحتها وقال الآخر : يتخيرون.

الوجه الثاني :

[١٥٨٥٨] حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقري ، ثنا سفيان بن عيينة ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله : (فارِهِينَ) قال : شرهين ، وروي ، عن شهر بن حوشب نحو ذلك.

١٢

الوجه الثالث :

[١٥٨٥٩] أخبرنا محمد بن سعد فيما كتب إلى ، ثنا أبي ، ثنا عمي ، ثنا أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : (وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً فارِهِينَ) قال : أشرين ويقال : كيسين.

[١٥٨٦٠] حدثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا عبدة عن جويبر عن الضحاك (فارِهِينَ) قال : كيسين.

الوجه الرابع :

[١٥٨٦١] حدثنا أبو زرعة ، ثنا صفوان ، ثنا الوليد ، ثنا سعيد ، عن قتادة (بُيُوتاً فارِهِينَ) آمنين.

الوجه الخامس :

[١٥٨٦٢] حدثنا محمد بن يحيى أخبرنا العباس بن الوليد ، ثنا يزيد بن زريع ، ثنا سعيد ، عن قتادة (فارِهِينَ) أي معجبين وروى ، عن خصيف مثل ذلك.

قوله تعالى : (فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ) آية ١٥٠

[١٥٨٦٣] حدثنا محمد بن يحيى أنبأ العباس بن الوليد النرسي ، ثنا يزيد بن زريع ، ثنا سعيد ، عن قتادة (أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ) أي المشركين.

قوله : (الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ) آية ١٥٢

[١٥٨٦٣] حدثنا محمد بن العباس مولى بني هاشم ، ثنا عبد الرحمن بن سلمة قال : ثنا محمد بن إسحاق ، عن يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس أنه حدثه أنهم نظروا إلى الهضبة حين دعا الله صالح عليه السلام بما دعا به تمخض بالناقة تمخض النتوج بولدها فتحركت الهضبة ، ثم انتفضت فانصدعت ، عن ناقة كما وصفوا جوفاء وبراء نتوجا ما بين جنبيها مالا يعلمه إلا الله عظما ، فآمن به جندع بن عمرو بن لبيد والحباب صاحب أوثانهم ، ورباب بن صمعان بن جلهس وكان كاهنهم ، فكانوا من أشراف ثمود فردوا ثمود وأشرافها ، عن الإسلام والدخول فيما دعاهم إليه صالح من الرحمة والنجاة ، وكان لجندع ابن عم له يقال له : شهاب ابن خلف بن محلاة بن لبيد ابن جواس ، فأراد أن يسلم فنهاه أولئك الرهط ، عن ذلك فأطاعهم وكان من أشراف ثمود وأفاضلها.

١٣

قوله تعالى : (إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ)

[١٥٨٦٤] حدثنا حجاج بن حمزة ، ثنا شبابة ، ثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله : (مِنَ الْمُسَحَّرِينَ) قال : المسحورين. وروى ، عن قتادة نحو ذلك.

[١٥٨٦٥] حدثنا حجاج بن حمزة ، ثنا شبابة ، ثنا ورقاء ، عن أبي ابى نجيح ، عن مجاهد قوله : (مِنَ الْمُسَحَّرِينَ) قال : المسحورين.

قوله تعالى : (ما أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ)

[١٥٨٦٦] حدثنا محمد بن عوف الحمصي ، ثنا أبو اليمان أنبأ إسماعيل بن عياش ، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم ، عن أبي الزبير ، عن جابر قال :

لما نزلنا الحجر مغزا رسول الله صلّى الله عليه وسلم تبوكا قال لنا : أيها الناس لا تسألوا نبيكم ، عن الآيات ، هؤلاء قوم صالح سألوا نبيهم أن يبعث الله لهم آية فبعث الله لهم الناقة.

[١٥٨٦٧] أخبرنا أبو عبد الله محمد بن حماد الطهراني فيما كتب إليّ ، ثنا عبد الرزاق أنبأ إسرائيل ، عن عبد العزيز بن رفيع عن أبي الطفيل قال ثمود لصالح : ائتنا بآية إن كنت من الصادقين قال : فقال لهم صالح : اخرجوا إلى هضبة من الأرض ، فخرجوا فإذا هي تمخض كما تمخض الحامل ، ثم أنها تفجرت فخرجت من وسطها الناقة فقال لهم صالح : (هذِهِ ناقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللهِ).

[١٥٨٦٨] حدثنا أبي ، ثنا عبد الله بن محمد بن علي بن نفيل ، ثنا زهير ، ثنا الحسن قال : رأيت قوم صالح فرأيتهم مخضبة لحاهم بالحناء.

قوله تعالى : (هذِهِ ناقَةٌ لَها شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ)

[١٥٨٦٩] حدثنا محمد بن عوف الحمصي ، ثنا أبو يمان ، ثنا إسماعيل بن عياش ، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم ، عن أبي الزبير ، عن جابر قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم فبعث الله لهم الناقة وكانت ترد من ذلك الفج تشرب ماءهم يوم وردها ، ويحتلبون منها مثل الذي كانوا يشربون منها يوم غبها وتصدر من ذلك.

[١٥٨٧٠] حدثنا أبي ، ثنا أبو الجماهر ، ثنا سعيد بن بشير ، عن قتادة ، عن شهر ابن حوشب ، عن ابن عباس قال : إذا كان يومها أصدرتهم لبنا ما شاءوا.

١٤

[١٥٨٧١] حدثنا أبي ، ثنا أبو الجماهر ، ثنا سعيد بن بشير ، عن قتادة ، عن أبي الخليل أنها كانت ترد في شعب قد رأيته قال : قلت : كم هو؟ قال : سبعة وثلاثون ذراعا قد ذرعته قال : وكانت تصدر في شعب آخر ، قال قلت : كم هو؟ قال : علوه ونصف وحدث أنها كانت إذا صدرت أثر في الجبل أضلاعها.

قوله تعالى : (وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ)

[١٥٨٧٢] حدثنا أحمد بن عثمان بن حكيم الأودي فيما كتب إلى ، ثنا أحمد بن الفضل ، ثنا أسباط ، عن السدى قال : فسألوا يعني صالحا أن يأتيهم بآية فجاءهم بالناقة لها شرب ولهم (شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ) ، وقال : (فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللهِ وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ) فأقروا بها جميعا فذلك قوله : (فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى) فكانوا قد أقروا بها على وجه النفاق.

[١٥٨٧٣] حدثنا محمد بن العباس ، ثنا عبد الرحمن بن سلمة ، ثنا سلمة ، عن محمد بن إسحاق قال : فمكثت الناقة التي أخرج الله لهم معها سقبها في أرض ثمود ترعى الشجر وتشرب الماء ، فقال لهم صالح : (هذِهِ ناقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللهِ) (... وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ)

قوله تعالى : (فَيَأْخُذَكُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ) آية ١٥٦

[١٥٨٧٤] حدثنا أبى ، ثنا أبو الجماهر ، أنبأ سعيد ، عن قتادة ، ثنا شهر بن حوشب أنه رأى مكانهم وأنه لا يذكر منهم إلا موضع المسلة صاروا رمادا ، قال الله عز وجل : (إِنَّهُ كانَ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ)

قوله تعالى : (فَعَقَرُوها فَأَصْبَحُوا نادِمِينَ) آية ١٥٧

[١٥٨٧٥] حدثنا هارون بن إسحاق الهمداني ، ثنا عبدة بن سليمان الكلابي ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عبد الله بن زمعة قال : سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يذكر الناقة والذي عقرها فقال : (إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها) انبعث لها رجل عارم عزيز في رهطه منيع مثل أبي زمعة.

[١٥٨٧٦] حدثنا أبي ، ثنا عثمان بن محمد بن أبي شيبة ، ثنا يحيى بن يمان ، عن سفيان الثوري ، عن أبي سنان ، عن عبد الله بن أبي الهذيل قال : لما عقرت الناقة صعد بكرها فوق جبل ، فرغا فما سمعه شيء إلا همد.

١٥

[١٥٨٧٧] حدثنا أبي ، ثنا هشام بن عمار ، ثنا الوليد ، ثنا خليد بن دعلج ، عن قتادة : أن ثمود لما عقروا الناقة تغامزوا وقالوا : عليكم الفصل فصعد القارة جبل كان حتى إذا كان يوما استقبل القبلة وقال : يا رب : أمتي ، يا رب : أمتي ، يا رب : أمتي ، قال : فأرسلت عليهم الصيحة عند ذلك. وروى ، عن الحسن نحو ذلك.

[١٥٨٧٨] حدثنا محمد بن العباس ، ثنا عبد الرحمن بن سلمة ، ثنا سلمة ، عن محمد بن إسحاق قال : فرصدوا الناقة حتى صدرت ، عن الماء وقد كمن لها قدار في أصل الصخرة على طريقها ، وكمن لها مصدع في أصل أخرى ، فمرت على مصدع فرماها بسهم فانتظم به عضلة ساقها ، قال : فشد يعني قدار على الناقة بالسيف فكشف عرقوبها فخرت ورغت رغاة واحدة تحذر سقبها ثم طعن في لبتها فنحرها وانطلق. حتى أتى جبلا منيفا ثم أتى صخرة في رأس الجبل فرغا ثم لاذ بها وأتاهم صالح فلما رأى الناقة قد عقرت بكا ثم قال : انتهكتم حرمة الله فأبشروا بعذاب الله ونقمته.

قوله تعالى : (فَأَخَذَهُمُ الْعَذابُ)

[١٥٨٧٩] حدثنا محمد بن عوف الحمصي ، ثنا أبو اليمان ، ثنا ابن عياش ، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم ، عن أبي الزبير ، عن جابر ، عن رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلم ـ قال : (فَعَتَوْا ، عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ) يعني قوم صالح (فَعَقَرُوها) فوعدهم الله أن يمتعوا في دارهم (ثَلاثَةَ أَيَّامٍ) فكان أمر الله وعد غير مكذوب فجاءتهم الصيحة فأهلك الذين كانوا منه تحت مشارق الأرض ومغاربها ، إلا رجل كان في حرم الله فمنعه حرم الله من عذاب الله.

فقيل يا رسول الله : من هو؟ فقال : أبو رغال. قال : ومن أبو رغال؟ قال : أبو ثقيف.

[١٥٨٨٠] حدثنا أبي ، ثنا عيسى بن يونس ، ثنا ضمرة ، عن ابن عطاء ، عن أبيه قال : لما قتل قوم صالح الناقة قال لهم صالح : إن العذاب آتيكم قالوا له : وما علامة ذلك؟ قال : أن تصبح وجوهكم أول يوم محمرة ، وفي اليوم الثاني مصفرة ، وفي اليوم الثالث مسودة ، فلما أصبحوا أول يوم جعل بعضهم ينظر في وجوه بعض فيقول يا فلان : ما لوجهك أحمر؟ فيقول الآخر يا فلان : ما لوجهك أحمر؟ فلما كان اليوم

١٦

الثاني : اصفرت وجوههم فجعل بعضهم يلقي بعضا ويقول يا فلان : ما لوجهك أسود؟ حتى أيقنوا بالعذاب ، تحنطوا ، وتكفنوا وأقاموا في بيتهم ، قال : فصاح بهم جبريل صيحة فذهبت أرواحهم.

قال عيسى : بلغني أن حنوطهم كان المر لأنه يبقى.

[١٥٨٨١] حدثنا محمد بن العباس ، ثنا عبد الرحمن بن سلمة ، ثنا سلمة ، عن محمد بن إسحاق قال : فأتاهم صالح فلما رأى الناقة قد عقرت بكى وقال : انتهكتم حرمة الله فأبشروا بعذاب الله ونقمته قال وهم يهزئون به : ومتى ذلك يا صالح؟ وما آية ذلك؟ وكانوا يسمون الأيام فيهم الأحد : أول والاثنين : أهون والثلاثاء : دبار والأربعاء : جبار والخميس : مؤنس والجمعة : العروبة : والسبت : شيار وكانوا عقروا الناقة يوم الأربعاء ، فقال لهم صالح حين قالوا ذلك : تصبحون غداة مؤنس يوم الخميس وجوهكم مصفرة ، وتصبحون يوم العروبة يعني يوم الجمعة وجوهكم محمرة ، ثم تصبحون يوم شيار يعني يوم السبت وجوهكم مسودة ، ثم يصبحكم العذاب في أول يوم يعني يوم الأحد.

قوله تعالى : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ. وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ)

تقدم تفسيره.

[١٥٨٨٢] حدثنا أبي ، ثنا العباس بن الوليد بن صبح الدمشقي ، ثنا مروان بن محمد ، ثنا خالد بن زيد بن صبيح ، عن يونس بن ميسرة بن جلبس ، عن أبي إدريس الخولاني قال : سمعت أبا الدرداء رضي الله عنه يقول : إن عادا ملئوا ما بين عدن إلى عمان خيلا ورجالا وسواما فعصوا الله فأهلكهم ، فمن يشتري تراثهم بنعلي هاتين؟ إلا أن ثمودا ملئوا ما بين الشجر والحجر خيلا ورجالا وسواما عصوا الله فأهلكهم فمن يشتري مني تراثهم بنعلي هاتين؟ ثم يقول لنفسه : فلا أحد.

قوله تعالى : (كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ)

[١٥٨٨٣] حدثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا إسحاق بن منصور السلولي ، عن الحكم بن عبد الملك ، عن قتادة قال : قرية لوط حين رفعها جبريل عليه الصلاة والسلام

١٧

وفيها أربعمائة ألف فسمع أهل السماء نباح الكلاب وأصوات الديكة ، ثم قلب أسفلها أعلاها.

قوله تعالى : (إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلا تَتَّقُونَ. إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ. فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ. وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ)

تقدم تفسيره.

[١٥٨٨٤] حدثنا المنذر بن شاذان ، ثنا يعلي بن عبيد ، ثنا عبد الملك ، عن عطاء قوله : (وَأَطِيعُونِ) قال : طاعة الرسول : اتباع الكتاب والسنة.

قوله تعالى : (أَتَأْتُونَ الذُّكْرانَ مِنَ الْعالَمِينَ)

[١٥٨٨٥] أخبرنا أبو عبد الله محمد بن حماد الطهراني فيما كتب إلى أنبأ إسماعيل بن عبد الكريم ، حدثني عبد الصمد بن معقل قال : سمعت وهب بن منبه قال : كان أهل سدوم الذين فيهم لوط قوم سوء قد استغنوا ، عن النساء بالرجال. تقدم تفسير الآية.

قوله تعالى (وَتَذَرُونَ ما خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عادُونَ)

[١٥٨٨٦] حدثنا حجاج بن حمزة ، ثنا شبابة ، ثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد (وَتَذَرُونَ ما خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ) تركتم أقبال النساء إلى أدبار الرجال وأدبار النساء.

[١٥٨٨٧] حدثنا أبي ، ثنا علي بن الحسين البزاز المعروف بكراع ، ثنا شريك ، عن إبراهيم بن مهاجر ، عن مجاهد قال : سألته ، عن قول الله عز وجل : (وَتَذَرُونَ ما خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ) قال : ما أصلح لكم ربكم من أزواجكم يعني القبل.

قوله تعالى (قالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا لُوطُ) إلى قوله : (وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ)

[١٥٨٨٨] حدثنا عبد الله بن سليمان ، ثنا الحسين بن علي ، ثنا عامر بن الفرات ، ثنا أسباط ، عن السدى (مِمَّا يَعْلَمُونَ) يقول : ينكحون الرجال.

١٨

قوله تعالى : (فَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ)

[١٥٨٨٩] حدثنا أبي ثنا محمد بن كثير أنبأ سليمان بن كثير أخاه ، ثنا حصين ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : لما ولج رسل الله على لوط ظن أنهم ضيفان ، قال : فأخرج بناته بالطريق وجعل ضيفانه بينه وبين بناته ، قال : (وَجاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ) فقال (هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ) ... إلى قوله : (أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ) قال : فالتفت إليه جبريل فقال : لا تخف (إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ) ، قال : فلما دنوا طمس أعينهم فانطلقوا عميان يركب بعضهم بعضا حتى خرجوا إلى الذين بالباب فقالوا : جئناكم من عند أسحر الناس ـ طمست أبصارنا ، قال : فانطلقوا يركب بعضهم بعضا حتى دخلوا المدينة فكان في جوف الليل ، فرفعت حتى أنهم ليسمعون صوت الطير في جو السماء ثم قلبت عليهم فمن أصابته الائتفاكة أهلكته قال : ومن خرج منها اتبعه حجر كان فقتله ، قال : فخرج لوط منها ببناته وهن ثلاث ، فلما بلغ مكانا من الشام ماتت الكبرى فدفنها.

قوله تعالى : (إِلَّا عَجُوزاً فِي الْغابِرِينَ)

[١٥٨٩٠] حدثنا محمد بن يحيى ، أنبأ العباس بن الوليد ، ثنا يزيد ، ثنا سعيد ، عن قتادة قوله : (إِلَّا عَجُوزاً فِي الْغابِرِينَ) قال : هي امرأته.

[١٥٨٩١] حدثنا أبي ، ثنا محمد بن عبد الأعلى ، ثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة (فِي الْغابِرِينَ) قال : الباقين في عذاب الله.

[١٥٨٩٢] أخبرنا أبو يزيد القراطيسي فيما كتب إلى أنبأ أصبغ قال : سمعت عبد الرحمن بن زيد : في قول الله : (إِلَّا عَجُوزاً فِي الْغابِرِينَ) امرأة لوط المغبرة الشقية (فِي الْغابِرِينَ) ـ الباقين الذين غبروا وأبقوا.

قوله تعالى : (وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً)

[١٥٨٩٣] حدثنا علي بن الحسين ، ثنا مسدد ، ثنا خالد ، ثنا حصين ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : فلما كان في جوف الليل إذا أدخل جبريل جناحه تحت القرية فرفعها حتى إذا كانت في جو السماء ، حتى أنهم ليسمعون أصوات الطير قلبها ثم تتبع الشذاذ ، ومن خرج منهم بالحجارة.

١٩

[١٥٨٩٤] حدثنا أبي ثنا الحسن بن عمر بن شقيق الجرمي ، ثنا جعفر بن سليمان ، عن أبي عمران الجوني ، عن عبد الله بن رباح ، عن كعب (وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً) قال : على أهل بواديهم وعلى رعاتهم وعلى مسافريهم فلم ينفلت منهم أحد.

قوله تعالى : (مَطَراً)

[١٥٨٩٥] حدثنا أبي ، ثنا أحمد بن عبد العزيز المروزي قال : ذكر ، عن موسى بن عبد العزيز القنباري ، عن الحكم بن أبان في قوله : (وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً) قال : سمعت وهبا يقول : الكبريت والنار.

قوله تعالى : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً) ...

إلى قوله : (الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) تقدم تفسيره.

قوله تعالى : (كَذَّبَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ)

[١٥٨٩٦] حدثنا أبي ، ثنا علي بن هاشم بن مرزوق ، ثنا إسحاق بن يوسف الأزرق ، عن جويبر ، عن الضحاك في قول الله : (كَذَّبَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ) قال : هم قوم شعيب.

[١٥٨٩٧] حدثنا محمد بن العباس ، ثنا عبد الرحمن بن سلمة ، ثنا سلمة ، حدثني محمد بن إسحاق قال : كان من قصة شعيب وخبره وخبر قومه ما ذكر الله في القرآن وكانوا أهل بخس الناس في مكاييلهم وموازينهم ، مع كفرهم بالله وتكذيبهم نبيهم.

[١٥٨٩٨] أخبرنا أبو يزيد القراطيسي فيما كتب إليّ أنبأ أصبغ قال : سمعت عبد الرحمن بن زيد يقول : في قول الله : (كَذَّبَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ) قال : الأيكة الشجر ، وكانوا أهل بادية فبعث الله شعيبا إلى قومه أهل مدين يعني البادية.

قوله تعالى : (الْأَيْكَةِ)

[١٥٨٩٩] حدثنا أبي ثنا أبو صالح ، حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : (أَصْحابُ الْأَيْكَةِ) يقول : أصحاب الغيضة. وروى ، عن سعيد بن جبير مثل ذلك.

[١٥٩٠٠] أخبرنا محمد بن سعد فيما كتب إليّ ، حدثني أبي حدثني ، عمي ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : (أَصْحابُ الْأَيْكَةِ) قال : الأيكة مجمع الشجر.

٢٠