بلسان قومه ، وأرسل محمد صلى الله عليه وسلم بلسان قومه عربي ، فلا لسان عيسى عليه السلام أخذوا ، ولا ما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم اتبعوا ، فلا تأكلوا ذبائحهم ، فإنهم ليسوا بأهل كتاب.
قوله تعالى : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا) آية ٥
[١٢٢١٠] عن مجاهد وعطاء وعبيد بن عمير في قوله : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا) قال : بالبينات التسع : (الطُّوفانَ وَالْجَرادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفادِعَ وَالدَّمَ) والعصا ويده والسنين ونقص من الثمرات.
قوله تعالى : (وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ).
[١٢٢١١] حدثنا محمد بن أبان الجعفي ، عن أبي إسحاق ، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ، عن أبي بن كعب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تبارك وتعالى : (وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ) ، قال بنعم الله تبارك وتعالى (١).
[١٢٢١٢] عن مجاهد ـ رضي الله عنه ـ قال : لما نزلت (وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ) قال : وعظهم.
[١٢٢١٣] عن الربيع ـ رضي الله عنه ـ في قوله : (وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ) قال : بوقائع الله في القرون الأولى.
قوله تعالى : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ).
[١٢٢١٤] عن قتادة ـ رضي الله عنه ـ في قوله : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) قال : نعم العبد عبد إذا ابتلي صبر ، وإذا أعطي شكر.
[١٢٢١٥] من طريق أبي ظبيان ، عن علقمة عن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال : الصبر نصف الإيمان ، واليقين الإيمان كله. قال : فذكرت هذا الحديث للعلاء بن يزيد ـ رضي الله عنه ـ فقال : أوليس هذا في القرآن (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) إن في ذلك لآيات للموقنين.
قوله تعالى : (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ) آية ٧
[١٢٢١٦] عن الربيع ـ رضي الله عنه ـ في قوله : (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ
__________________
(١) ابن كثير ٤ / ٣٩٨.
شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ) قال : أخبرهم موسى عليه السلام عن ربه عزّ وجل ، أنهم إن شكروا النعمة ، زادهم من فضله وأوسع لهم في الرزق ، وأظهرهم على العالمين (١).
[١٢٢١٧] عن قتادة ـ رضي الله عنه ـ في قوله : (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ) قال : حق على الله أن يعطي من سأله ويزيد من شكره ، والله منعم يحب الشاكرين ، فاشكروا لله نعمه (٢).
[١٢٢١٨] عن سفيان الثوري رضي الله عنه في قوله : (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ) قال : لا تذهب أنفسكم إلى الدنيا فإنها أهون على الله من ذلك ، ولكن يقول : (لَئِنْ شَكَرْتُمْ) هذه النعمة إنها مني (لَأَزِيدَنَّكُمْ) من طاعتي (٣).
قوله تعالى : (عادٍ وَثَمُودَ) آية ٩
[١٢٢١٩] عن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ أنه كان يقرؤها «عادا وثمودا والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله» قال : كذب النسابون.
[١٢٢٢٠] عن عروة بن الزبير ـ رضي الله عنه ـ قال : ما وجدنا أحدا يعرف ما وراء معد بن عدنان (٤).
قوله تعالى : (وَقالُوا إِنَّا كَفَرْنا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ).
[١٢٢٢١] عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ في الآية قال : لما سمعوا كتاب الله ، عجبوا ورجعوا بأيديهم إلي أفواههم ، (وَقالُوا إِنَّا كَفَرْنا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنا إِلَيْهِ مُرِيبٍ) يقولون : لا نصدقكم فيما جئتم به ، فإن عندنا فيه شكا قويا.
قوله تعالى : (جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ) ... (٥).
[١٢٢٢٢] عن قتادة ـ رضي الله عنه ـ (جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ) قال : كذبوا رسلهم بما جاءوهم من البينات ، فردوه عليهم بأفواههم وقالوا : (إِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنا إِلَيْهِ مُرِيبٍ) وكذبوا ما في الله عزّ وجل شك ، أفي من فطر السموات والأرض؟ وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم وأظهر لكم من النعم والآلاء الظاهرة ما لا يشك في الله عزّ وجل (٦).
__________________
(١ ـ ٣) الدر ٥ / ٦ ـ ٧.
(٤) الدر ٥ / ٩ ـ ١١.
(٥ ـ ٦) الدر ٥ / ٩ ـ ١١.
قوله تعالى : (فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ).
[١٢٢٢٣] عن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ (فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ) قال عضوا عليها. وفي لفظ : عضوا على أناملهم غيظا على رسلهم (١).
[١٢٢٢٤] عن ابن زيد ـ رضي الله عنه ـ في قوله : (فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ) قال : أدخلوا أصابعهم في أفواههم قال : وإذا غضب الإنسان ، عض علي يده (٢).
[١٢٢٢٥] عن محمد بن كعب القرظي ـ رضي الله عنه ـ في قوله : (فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ) قال : هو التكذيب (٣).
قوله تعالى : (وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) آية ١٠
[١٢٢٢٦] عن مجاهد ـ رضي الله عنه في قوله : (وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) قال : ما قد خط من الأجل ، فإذا جاء الأجل من الله لم يؤخر (٤).
[١٢٢٢٧] عن ابن عباس رضي الله عنهما في الآية قال : كانت الرسل والمؤمنون يستضعفهم قومهم ويقهرونهم ويكذبونهم ويدعونهم إلى أن يعودوا في ملتهم ، فأبى الله لرسله والمؤمنين أن يعودوا في ملة الكفر ، وأمرهم أن يتوكلوا على الله وأمرهم أن يستفتحوا علي الجبابرة ، ووعدهم أن يسكنهم الأرض من بعدهم ، فأنجز الله لهم وعدهم واستفتحوا كما أمرهم الله أن يستفتحوا (٥).
قوله تعالى : (وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ) آية ١٦
[١٢٢٢٨] عن قتادة رضي الله عنه ـ في قوله : (وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ) قال : وعدهم النصر في الدنيا ، والجنة في الآخرة. فبين الله تعالى من يسكنها من عباده ، فقال : (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ) وإن لله مقاما هو قائمه ، وإن أهل الإيمان خافوا ذلك المقام فنصبوا ، ودأبوا الليل والنهار (٦).
[١٢٢٢٩] عن عبد العزيز بن أبي أرواد ـ رضي الله عنه ـ قال : بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً
__________________
(١) الدر ٥ / ٩ ـ ١١.
(٢) الدر ٥ / ٩ ـ ١١.
(٣) الدر ٥ / ٩ ـ ١١.
(٤) الدر ٥ / ١١ ـ ١٣.
(٥) الدر ٥ / ١١ ـ ١٣.
(٦) الدر ٥ / ١١ ـ ١٣.
وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ) ولفظ الحكيم ، لما أنزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم هذه الآية ، تلاها على أصحابه وفيهم شيخ. ولفظ الحكيم ، فتى. فقال : يا رسول الله حجارة جهنم كحجارة الدنيا؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «والذي نفسي بيده لصخرة من صخر جهنم أعظم من جبال الدنيا. فوقع مغشيا عليه ، فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده على فؤاده فإذا هو حي ، فناداه فقال : قل لا إله إلا الله. فقالها ، فبشره بالجنة ، فقال أصحابه : يا رسول الله أمن بيننا؟ فقال : نعم يقول الله عزّ وجل : (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ) (ذلِكَ لِمَنْ خافَ مَقامِي وَخافَ وَعِيدِ) (١)
(وَاسْتَفْتَحُوا وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ) آية ١٥
[١٢٢٣٠] عن مجاهد ـ رضي الله عنه في قوله : (وَاسْتَفْتَحُوا) قال : للرسل كلها. يقول : استنصروا. وفي قوله : (وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ) قال : معاند للحق مجانب له (٢).
[١٢٢٣١] عن قتادة ـ رضي الله عنه ـ في قوله : (وَاسْتَفْتَحُوا) قال : استنصرت الرسل على قومها (وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ) يقول : بعيد عن الحق ، معرض عنه ، أبى أن يقول لا إله إلا الله (٣).
[١٢٢٣٢] عن كعب ـ رضي الله عنه ـ قال : يجمع الله الخلق في صعيد واحد يوم القيامة : الجن والإنس والدواب والهوام ، فيخرج عنق من النار فيقول : وكلت بالعزيز الكريم والجبار العنيد ، (الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ). قال : فيلقطهم كما يلقط الطير الحب فيحتوي عليهم ، ثم يذهب بهم إلى مدينة من النار ، يقال لها : كيت وكيت ، فيثوون فيها ثلاثمائة عام قبل القضاء (٤).
قوله تعالى : (وَيُسْقى مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ يَتَجَرَّعُهُ) آية ١٦ ـ ١٧
[١٢٢٣٣] عن أبي أمامة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : (وَيُسْقى مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ يَتَجَرَّعُهُ) قال : «يقرب إليه فيتكرهه ، فإذا دنا منه شوى وجهه ووقعت فروة رأسه ، فإذا شربه قطع أمعاءه حتى يخرج من دبره». يقول
__________________
(١) الدر ٥ / ١٣ ـ ١٤.
(٢) الدر ٥ / ١٣ ـ ١٤.
(٣) الدر ٥ / ١٣ ـ ١٤.
(٤) الدر ٥ / ١٤ ـ ١٥.
الله تعالى : (وَسُقُوا ماءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ) وقال : (وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ) (١).
[١٢٢٣٤] عن عكرمة ـ رضي الله عنه ـ في قوله : (وَيُسْقى مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ) قال القيح والدم (٢).
[١٢٢٣٥] عن قتادة ـ رضي الله عنه ـ في قوله : (وَيُسْقى مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ) قال : ماء يسيل من بين لحمه وجلده (٣).
[١٢٢٣٦] حدثنا علي بن إسحاق ، أنبأ عبد الله ، أنا صفوان بن عمرو ، عن عبيد الله بن بسر ، عن أبي أمامة رضي الله عنه ، عن النبي صلي الله عليه وسلم في قوله : (وَيُسْقى مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ يَتَجَرَّعُهُ) ، قال : يقرب إليه فيتكرهه ، فإذا أدنى منه شوى وجهه ، ووقعت فروة رأسه ، فإذا شربه قطع أمعاءه حتى يخرج من دبره. يقول الله تعالى : (وَسُقُوا ماءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ) ، ويقول : (وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرابُ) (٤).
قوله تعالى : (وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ).
[١٢٢٣٧] عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله : (وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ) قال : أنواع العذاب. وليس منها نوع إلا الموت يأتيه منه لو كان يموت ، ولكنه لا يموت ؛ لأن الله لا يقضي عليهم فيموتوا (٥).
[١٢٢٣٨] عن ميمون بن مهران ـ رضي الله عنه ـ في قوله : (وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ) قال : من كل عظم وعرق وعصب (٦).
[١٢٢٣٩] عن إبراهيم التيمي ـ رضي الله عنه (وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ) قال : من كل موضع شعرة في جسده (وَمِنْ وَرائِهِ عَذابٌ غَلِيظٌ) قال : الخلود (٧).
قوله تعالى : (مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ)
[١٢٢٤٠] عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ في قوله : (مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ) قال : الذين كفروا بربهم عبدوا غيره ، فأعمالهم يوم القيامة (كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ) ، لا يقدرون على شيء من أعمالهم ينفعهم ، كما لا يقدر على الرماد إذا أرسل في يوم عاصف (٨).
__________________
(١ ـ ٣) الدر ٥ / ١٤ ـ ١٥.
(٤) ابن كثير ٤ / ١٦.
(٥ ـ ٨) الدر ٥ / ١٦ ـ ١٧ ـ
[١٢٢٤١] عن السدي ـ رضي الله عنه ـ في الآية قال : مثل أعمال الكفار كرماد ضربته الريح فلم ير منه شيء ، فكما لم ير ذلك الرماد ولم يقدر منه على شيء ، كذلك الكفار لم يقدروا من أعمالهم على شيء.
قوله تعالى : (سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا) آية ٢١
[١٢٢٤٢] عن زيد بن أسلم ـ رضي الله عنه ـ في قوله : (سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا) قال : جزعوا مائة سنة ، صبروا مائة سنة (١).
[١٢٢٤٣] عن ابن زيد ـ رضي الله عنه ـ في الآية قال : إن أهل النار قال بعضهم لبعض : تعالوا نبك ونتضرع إلى الله تعالى ، فإنما أدرك أهل الجنة الجنة ببكائهم وتضرعهم إلى الله .... فبكوا ، فلما رأوا ذلك لا ينفعهم قالوا : تعالوا نصبر ، فإنما أدرك أهل الجنة الجنة بالصبر ... فصبروا صبرا لم ير مثله ، فلما ينفعهم ذلك. فعند ذلك قالوا : (سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا ما لَنا مِنْ مَحِيصٍ) (٢)
[١٢٢٤٤] عن كعب بن مالك ـ رضي الله عنه ـ رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيما أحسب في قوله : (سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا ما لَنا مِنْ مَحِيصٍ) قال : «يقول أهل النار : هلموا فلنصبر ، فيصبرون خمسمائة عام (٣)
قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ) .. آية ٢٢
[١٢٢٤٥] حدثني دخين الحجري ، عن عقبة بن عامر ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : «إذا جمع الله الأولين والآخرين ، فقضى بينهم ، ففرغ من القضاء ، قال المؤمنون : قد قضى بيننا ربنا ، فمن يشفع لنا؟ فيقولون : انطلقوا بنا إلى آدم ـ وذكر نوحا ، وإبراهيم ، وموسى ، وعيسى ـ فيقول عيسى : أدلكم على النبي الأمي : فيأتوني ، فيأذن الله لي أن أقوم إليه ، فيثور من مجلسي من أطيب ريح شمها أحد قط ، حتي آتي ربي فيشفعني ، ويجعل لي نورا من شعر رأسي إلى ضفر قدمي ، ثم يقول الكافرون هذا : قد وجد المؤمنون من يشفع لهم ، فمن يشفع لنا؟ ما هو إلا إبليس هو الذي أضلنا ، فيأتون إبليس فيقولون ، قد وجد المؤمنون من يشفع لهم ، فقم أنت فاشفع لنا ، فإنك أنت أضللتنا ، فيقوم فيثور من مجلسه من أنتن ريح شمها أحد قط ، ثم يعظم نحيبهم ، (وَقالَ الشَّيْطانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللهَ
__________________
(١) الدر ٥ / ١٦ ـ ١٧.
(٢) الدر ٥ / ١٦ ـ ١٧.
(٣) الدر ٥ / ١٦ ـ ١٧.
وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ) (١).
[١٢٢٤٦] عن الحسن ـ رضي الله عنه ـ قال : إذا كان يوم القيامة ، قام إبليس خطيبا على منبر من نار فقال : (إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ) ... إلى قوله : (وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَ) قال : بناصري (إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ) قال : بطاعتكم إياي في الدنيا (٢).
قوله تعالى : (ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَ).
[١٢٢٤٧] السدي في قوله عن مجاهد في قوله : (وَتَرَى الْفُلْكَ مَواخِرَ فِيهِ) (بِمُصْرِخِيَ) قال : ما أنا بنافعكم وما أنتم بنافعي (إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ) قال : شركه عبادته (٣).
[١٢٢٤٨] عن مجاهد رضي الله عنه ـ في قوله : (بِمُصْرِخِيَ) قال : بمغيثي (٤)
قوله تعالى : (أَصْلُها ثابِتٌ)
[١٢٢٤٩] حدثنا أبي ، حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا أبان ـ يعني ابن يزيد العطار ـ حدثنا قتادة ، أن رجلا قال : يا رسول الله ، ذهب أهل الدثور بالأجور! فقال : «أرأيت لو عمد إلى متاع الدنيا. فركب بعضها على بعض أكان يبلغ السماء؟ أفلا أخبرك بعمل أصله في الأرض وفرعه في السماء؟ قال : ما هو يا رسول الله؟ قال : تقول : «لا إله إلا الله ، والله أكبر ، وسبحان الله ، والحمد لله» ، عشر مرات في دبر كل صلاة ، فذاك أصله في الأرض وفرعه في السماء (٥).
قوله تعالى : (اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ ما لَها مِنْ قَرارٍ) آية ٢٦
عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ في قوله : (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً) شهادة أن لا إله إلا الله (كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ) وهو المؤمن (أَصْلُها ثابِتٌ) يقول : لا إله إلا الله (ثابِتٌ) في قول المؤمن (وَفَرْعُها فِي السَّماءِ) يقول : يرفع بها عمل المؤمن إلى السماء (وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ) وهي الشرك (كَشَجَرَةٍ
__________________
(١) ابن كثير ٤ / ٤٠٩.
(٢) الدر ٥ / ١٨ ـ ١٩.
(٣) الدر ٥ / ١٨ ـ ١٩.
(٤) الدر ٥ / ١٨ ـ ١٩.
(٥) الدر ٥ / ٢٠.
خَبِيثَةٍ) وهي الكافر (اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ ما لَها مِنْ قَرارٍ) يقول : الشرك ليس له أصل يأخذ به الكافر ، ولا برهان له ولا يقبل الله مع الشرك عملا (١).
[١٢٢٥٠] عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ في قوله : (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً) ... الآية. قال : يعني بالشجرة الطيبة ، المؤمن. ويعني بالأصل الثابت في الأرض وبالفرع في السماء ، يكون المؤمن يعمل في الأرض ويتكلم ، فيبلغ عمله وقوله السماء وهو في الأرض (تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها) يقول : يذكر الله كل ساعة من الليل والنهار. وفي قوله : (وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ) قال : ضرب الله مثل الشجرة الخبيثة كمثل الكافر ، يقول : إن الشجرة الخبيثة (اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ ما لَها مِنْ قَرارٍ) يعني أن الكافر لا يقبل عمله ولا يصعد إلى الله تعالى ، فليس له أصل ثابت في الأرض ولا فرع في السماء ، يقول : ليس له عمل صالح في الدنيا ولا في الآخرة (٢).
[١٢٢٥١] عن الربيع بن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال : إن الله جعل طاعته نورا ، ومعصيته ظلمة. إن الإيمان في الدنيا هو النور يوم القيامة ، ثم إنه لا خير في قول ولا عمل ليس له أصل ولا فرع ، وإنه قد ضرب مثل الإيمان فقال : (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً) ... إلى قوله : (وَفَرْعُها فِي السَّماءِ) وإنما هي الأمثال في الإيمان والكفر. فذكر أن العبد المؤمن المخلص ، هو الشجرة. إنما ثبت أصله في الأرض وبلغ فرعه في السماء. إن الأصل الثابت ، الإخلاص لله وحده وعبادته لا شريك له ، ثم إن الفرع هي الحسنة ثم يصعد عمله أول النهار وآخره ، فهي (تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها) ثم هي أربعة (٣).
[١٢٢٥٢] حدثنا أبي ، حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا حماد ـ هو ابن سلمة عن شعيب بن الحبحاب عن أنس بن مالك : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ» ، هي الحنظلة. فأخبرت بذلك أبا العالية فقال : هكذا كنا نسمع (٤).
__________________
(١) الدر ٥ / ٢٠.
(٢) الدر ٥ / ٢١ ـ ٢٢.
(٣) الدر ٥ / ١٢ ـ ٢٢.
(٤) ابن كثير ٤ / ٤١٣.
[١٢٢٥٣] عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ في قوله : (كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ) قال : هي النخلة (تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ) قال : بكرة وعشية (١).
عن عكرمة ـ رضي الله عنه في قوله : (كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ) قال : هي النخلة ، لا يزال فيها شيء ينتفع به ، إما ثمرة وإما حطب. قال : وكذلك الكلمة الطيبة ، تنفع صاحبها في الدنيا والآخرة (٢).
قوله تعالى : (تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ) آية ٢٥
[١٢٢٥٤] عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ في قوله : (تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ) قال : كل ساعة ، بالليل والنهار ، والشتاء والصيف. وذلك مثل المؤمن ، يطيع ربه بالليل والنهار والشتاء والصيف (٣).
[١٢٢٥٥] عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ (تُؤْتِي أُكُلَها) قال : يكون أخضر ، ثم يكون أصفر (٤).
[١٢٢٥٦] عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ في قوله : (تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ) قال : جذاذ النخل (٥).
[١٢٢٥٧] عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ (تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ) قال : تطعم في كل ستة أشهر (٦).
[١٢٢٥٨] عن عكرمة ـ رضي الله عنه ـ أنه سئل عن رجل حلف أن لا يصنع كذا وكذا إلى حين ، فقال : إن من الحين حينا يدرك ، ومن الحين حينا لا يدرك. فالحين الذي لا يدرك ، قوله : (وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ) والحين ، الذي يدرك (تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها) وذلك من حين تصرم النخلة إلى حين تطلع ، وذلك ستة أشهر (٧).
[١٢٢٥٩] عن سعيد ابن المسيب قال : الحين يكون شهرين والنخلة إنما يكون حملها شهرين.
عن قتادة ـ رضي الله عنه ـ (تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ) قال : تؤكل ثمرتها في الشتاء والصيف (٨).
__________________
(١ ـ ٥) الدر ٥ / ٢٤ ـ ٢٥.
(٦) الدر ٥ / ٢٤ ـ ٢٥.
(٧ ـ ٨) الدر ٥ / ٢٤ ـ ٢٥.
[١٢٢٦٠] عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ في قوله : (كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ) قال : هي شجرة في الجنة. وفي قوله : (كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ) قال : هذا مثل ضربه الله ، لم يخلق الله هذه الشجرة على وجه الأرض (١).
[١٢٢٦١] عن عدي بن حاتم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إن الله قلب العباد ظهرا وبطنا ، فكان خير العرب قريشا. وهي الشجرة المباركة التي قال الله في كتابه : (مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً) يعني القرآن (كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ) يعني بها قريشا (أَصْلُها ثابِتٌ) يقول : أصلها كبير (وَفَرْعُها فِي السَّماءِ) يقول : الشرف الذي شرفهم الله بالإسلام الذي هداهم الله له وجعلهم من أهله» (٢).
[١٢٢٦٣] عن أبي صخر حميد بن زياد الخراط في الآية قال : الشجرة الخبيثة ، التي تجعل في المسكر (٣).
قوله تعالى : (اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ) الآية ٢٧
[١٢٢٦٤] عن قتادة رضي الله عنه في قوله : (اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ) قال : استؤصلت من فوق الأرض (٤).
[١٢٢٦٥] عن قتادة رضي الله عنه قال : اعقلوا عن الله الأمثال (٥).
قوله تعالى : (يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ) ... آية ٢٧
[١٢٢٦٦] حدثنا أحمد بن عثمان بن حكيم الأودي ، حدثنا شريح بن مسلمة ، حدثنا إبراهيم بن يوسف ، عن أبيه ، عن أبي إسحاق ، عن عامر بن سعد البجلي ، عن أبي قتادة الأنصاري في قوله تعالى : (يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ) الآية ، قال : إن المؤمن إذا مات أجلس في قبره ، فيقال له : من ربك؟ فيقول : الله. فيقال له : من نبيك؟ فيقول : محمد بن عبد الله. فيقال له ذلك مرات. ثم يفتح له باب إلى النار ، فيقال له انظر إلى منزلك في النار لو زغت ، ثم يفتح له باب إلى الجنة ، فيقال له : انظر إلى منزلك من الجنة إذا ثبت. وإذا مات الكافر أجلس في قبره ، فيقال له : من ربك؟ من نبيك؟ فيقول : لا أدري ، كنت أسمع الناس يقولون. فيقال له : لا دريت. ثم يفتح له باب إلى الجنة ،
__________________
(١ ـ ٢) الدر ٥ / ٢٤ ـ ٢٥.
(٣) الدر ٥ / ٢٤ ـ ٢٥.
(٤) الدر ٥ / ٢٦.
(٥) الدر ٥ / ٢٦.
فيقال له : انظر إلى منزلك لو ثبت ، ثم يفتح له باب إلى النار ، فيقال له : انظر إلى منزلك إذ زغت ، فذلك قوله تعالى : (يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ) (١).
[١٢٢٦٧] عن ابن عباس قال : إن المؤمن إذا حضره الموت ، شهدته الملائكة ، فسلموا عليه وبشروه بالجنة ، فإذا مات ، مشوا معه في جنازته ، ثم صلوا عليه مع الناس ، فإذا دفن ، أجلس في قبره فيقال له : من ربك؟ فيقول : ربي الله. فيقال له : من رسولك؟ فيقول : محمد. فيقال له : ما شهادتك؟ فيقول : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله.
فذلك قوله : (يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا ...) الآية. فيوسع له في قبره مد بصره. وأما الكافر ، فتنزل الملائكة فيبسطون أيديهم ـ والبسط هو الضرب ـ (يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ) عند الموت ، فإذا دخل قبره أقعد فقيل له : من ربك؟ فلم يرجع
قوله تعالى : (وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ).
إليهم شيئاً وأنساه الله ذكر ذلك. وإذا قيل له : من الرسول الذي بعث إليكم؟ لم يهتد له ولم يرجع إليهم شيئاً، فذلك قوله: (ويضل الله الظالمين).(٢)
[١٢٢٦٨] عن قتادة الأنصاري قال : إن المؤمن إذا مات أجلس في قبره ، فيقال له من ربك؟ فيقول : الله. فيقال له : من نبيك؟ فيقول : محمد بن عبد الله. فيقال له ذلك ثلاث مرات ، ثم يفتح له باب إلى النار فيقال له : انظر إلى منزلك لو زغت ثم يفتح له باب إلى الجنة فيقال له انظر إلى منزلك في الجنة أن ثبت.
وإذا مات الكافر ، أجلس في قبره فيقال له : من ربك؟ من نبيك؟ ... فيقول : لا أدري ... كنت أسمع الناس يقولون. فيقال له : لا دريت. ثم يفتح له باب إلى الجنة فيقال له : انظر إلى منزلك لو ثبت ، ثم يفتح له باب إلى النار فيقال له : انظر إلى منزلك إذا زغت. فذلك قوله : (يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) قال : لا إله إلا الله (وَفِي الْآخِرَةِ) قال : المسألة في القبر (٣).
[١٢٢٦٩] عن أبي سعيد الخدري قال : «شهدت مع رسول الله صلى الله عليه
__________________
(١) ابن كثير ٤ / ٤٢١.
(٢) الدر ٥ / ٢٩.
(٣) المرجع السابق ٥ / ٣١.
وسلم جنازة فقال : يا أيها الناس ، إن هذه الأمة تبتلى في قبورها ... فإذا الإنسان دفن فتفرق عنه أصحابه ، جاءه ملك في يده مطراق فأقعده قال : ما تقول في هذا الرجل؟ فإن كان مؤمنا قال : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله. فيقول له : صدقت. ثم يفتح له باب إلى النار فيقول له : هذا كان منزلك لو كفرت بربك ، فأما إذا آمنت فهذا منزلك. فيفتح له باب إلى الجنة ، فيريد أن ينهض إليه فيقول له : اسكن. ، يفسح له في قبره.
وإن كان كافرا أو منافقا ، قيل له : ما تقول في هذا الرجل؟ فيقول : لا أدري ... سمعت الناس يقولون شيئا. فيقول : لا دريت ولا تليت ولا اهتديت. ثم يفتح له باب إلى الجنة فيقول : هذا منزلك لو آمنت بربك ، فأما إذ كفرت به ، فإن الله أبدلك منه هذا ، ويفتح له باب إلى النار ، ثم يقمعه مقمعة بالمطراق يسمعها خلق الله كلها غير الثقلين. فقال بعض القوم : يا رسول الله ، ما أحد يقوم عليه ملك في يده مطراق إلا هبل عند ذلك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ) (١).
[١٢٢٧٠] عن طاوس رضي الله عنه (يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) قال : لا إله إلا الله (وَفِي الْآخِرَةِ) قال : المسألة في القبر (٢).
[١٢٢٧١] عن قتادة رضي الله عنه في قوله : (يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ) قال : أما الحياة الدنيا ، فيثبتهم بالخير والعمل الصالح ، وأما قوله : (وَفِي الْآخِرَةِ) ففي القبر (٣).
قوله تعالى : (الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ) آية ٢٨
[١٢٢٧٢] حدثنا أبي ، حدثنا مسلم بن إبراهيم ، حدثنا شعبة ، عن القاسم بن أبي بزة ، عن أبي الطفيل : أن ابن الكواء سأل عليا عن : (الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ) قال : كفار قريش يوم بدر (٤).
[١٢٢٧٣] حدثنا أبي ، حدثنا ابن نفيل قال : قرأت على معقل ، عن ابن أبي
__________________
(١) الدر ٥ / ٣١.
(٢) الدر ٥ / ٣٣.
(٣) الدر ٥ / ٣٣.
(٤) ابن كثير ٤ / ٤١٧.
حسين قال : قام علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال : ألا أحد يسألني عن القرآن فو الله لو أعلم اليوم أحدا أعلم مني به ، وإن كان من وراء البحار ، لأتيته. فقام عبد الله بن الكواء فقال : من (الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ)؟ فقال : مشركوا قريش ، أتتهم نعمة الله : الإيمان ، فـ (بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ «كُفْراً» وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ) (١).
[١٢٢٧٤] حدثنا محمد بن يحي ، حدثنا الحارث بن منصور ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق عن عمرو بن مرة قال : سمعت عليا قرأ هذه الآية : (وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ) ، قال : هما الأفجران من قريش ، بنو أمية وبنو المغيرة ، فأما بنو المغيرة فأهلكوا يوم بدر ، وأما بنو أمية فمتعوا إلى حين (٢).
[١٢٢٧٥] عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في قوله : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً) قال : هما الأفجران من قريش ، بنو أمية وبنو المغيرة. فأما بنو المغيرة ، فقطع الله دابرهم يوم بدر. وأما بنو أمية ، فمتعوا إلى حين (٣).
[١٢٢٧٦] عن أبي الطفيل رضي الله عنه ، أن ابن الكواء رضي الله عنه سأل عليا رضي الله عنه من (الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً) قال : هم الفجار من قريش كفيتهم يوم بدر. قال : فمن (الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) قال : منهم أهل حروراء (٤).
[١٢٢٧٧] عن ابن أبي حسين رضي الله عنه قال : قام علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال : ألا أحد يسألني عن القرآن؟ فو الله لو أعلم اليوم أحدا أعلم به مني ، وإن كان من وراء البحور لأتيته. فقام عبد الله بن الكواء رضي الله عنه فقال : من (الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً)؟ قال : هم مشركوا قريش ، أتتهم نعمة الله الإيمان فبدلوا قومهم دار البوار.
[١٢٢٧٨] عن قتادة رضي الله عنه في (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً) ... الآية. قال : كنا نحدث أنهم أهل مكة ، أبو جهل وأصحابه الذين قتلهم الله يوم بدر (٥).
__________________
(١) ابن كثير ٤ / ٤١٧.
(٢) ابن كثير ٤ / ٤١٧.
(٣) الدر ٥ / ٤٠ ـ ٤١.
(٤) الدر ٥ / ٤٠ ـ ٤١.
(٥) الدر ٥ / ٤٢.
[١٢٢٧٩] عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً) قال : هو جبلة بن الأيهم والذين اتبعوه من العرب فلحقوا بالروم (١).
[١٢٢٨٠] عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله : (دارَ الْبَوارِ) قال : النار. قال : وقد بين الله ذلك وأخبرك به فقال (جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وَبِئْسَ الْقَرارُ) (٢).
قوله تعالى : (جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها) آية ٢٩
[١٢٢٨١] عن قتادة في قوله : (جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها) قال : هي دارهم في الآخرة.
قوله تعالى : (قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ) آية ٣٠
[١٢٢٨٢] عن أبي رزين في قوله : (قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ) قال : تمتعوا إلى أجلكم (٣).
قوله تعالى : (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ) آية ٣١
[١٢٢٨٣] عن قتادة رضي الله عنه في قوله : (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ) قال : إن الله تعالى قد علم أن في الدنيا بيوعا وخلالا يتخالون بها في الدنيا ، فلينظر رجل من يخالل ، وعلام يصاحب ، فإن كان لله فليداوم ، وإن كان لغير الله فليعلم أن كل خلة ستصير على أهلها عداوة يوم القيامة ، إلا خلة المتقين (٤).
قوله تعالى : (وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهارَ) آية ٣٢
[١٢٢٨٤] عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : (وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهارَ) قال : بكل بلدة (٥).
[١٢٢٨٥] عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الشمس بمنزلة الساقية ، تجري بالنهار في السماء في فلكها ، فإذا غربت جرت الليل في فلكها تحت الأرض حتي تطلع من مشرقها ، وكذلك القمر (٦).
__________________
(١) الدر ٥ / ٤٢ ـ ٤٣.
(٢) الدر ٥ / ٤٢ ـ ٤٣.
(٣) الدر ٥ / ٤٢ ـ ٤٣.
(٤) الدر ٥ / ٤٢ ـ ٤٣.
(٥) الدر ٥ / ٤٢ ـ ٤٣.
(٦) الدر ٥ / ٤٢ ـ ٤٣.
قوله تعالى : (وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ) آية ٣٤
[١٢٢٨٦] عن عكرمة رضي الله عنه في قوله : (وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ) قال : من كل شيء رغبتم إليه فيه.
قوله تعالى : (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ). آية ٣٦
[١٢٢٨٧] عن إبراهيم التيمي قال : من يأمن البلاء بعد قول إبراهيم (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ)؟.
قوله تعالى : (رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ) ... آية ٣٦
[١٢٢٨٨] عن قتادة رضي الله عنه في قوله : (رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ) قال : الأصنام (فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) قال : اسمعوا إلى قول خليل الله إبراهيم عليه السلام ، لا والله ما كانوا لعانين ولا طعانين قال : وكان يقال : إن من أشرار عباد الله كل لعان. قال : وقال نبي الله ابن مريم عليه السلام (إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)
قوله تعالى : (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ) آية ٣٧
[١٢٢٨٩] عن مجاهد في قوله : (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ) قال : لو قال أفئدة الناس تهوي إليهم ، لازدحمت عليه فارس والروم.
[١٢٢٩٠] عن الحكم قال : سألت عكرمة وطاوسا وعطاء بن أبي رباح عن هذه الآية فقالوا : البيت تهوي إليه قلوبهم يأتونه. وفي لفظ ، قال : هواهم إلى مكة أن يحجوا.
[١٢٢٩١] عن محمد بن مسلم الطائفي أن إبراهيم عليه السلام لما دعا للحرم (وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ) ، نقل الله الطائف من فلسطين (١).
[١٢٢٩٢] عن الزهري رضي الله عنه قال : إن الله تعالى نقل قرية من قرى الشام فوضعها بالطائف ، لدعوة إبراهيم عليه السلام (٢).
__________________
(١) الدر ٥ / ٤٥ ـ ٤٧.
(٢) الدر ٥ / ٤٥ ـ ٤٧.
قوله تعالى : (بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ).
[١٢٢٩٣] عن قتادة (بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ) قال : مكة. لم يكن بها زرع يومئذ (١)
عن قتادة رضي الله عنه في قوله : (رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ) وأنه بيت طهره الله من السوء وجعله قبلة وجعله حرمه ، اختاره نبي الله إبراهيم عليه السلام لولده (٢).
[١٢٢٩٤] عن ابن عباس في قوله : (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ) قال : إن إبراهيم سأل الله أن يجعل أناسا من الناس يهوون سكنى مكة (٣).
[١٢٢٩٥] عن السدي رضي الله عنه (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ) يقول : خذ بقلوب الناس إليهم ، فإنه حيث يهوى القلب يذهب الجسد ، فلذلك ليس من مؤمن إلا وقلبه معلق بحب الكعبة (٤).
قال ابن عباس رضي الله عنهما : لو أن إبراهيم عليه السلام حين دعا قال : اجعل أفئدة الناس تهوي إليهم لازدحمت عليه اليهود والنصارى. ولكنه خص حين قال : (أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ) فجعل ذلك أفئدة المؤمنين (٥).
قوله تعالى : (رَبَّنا إِنَّكَ تَعْلَمُ ما نُخْفِي) آية ٣٨
[١٢٢٩٦] عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : (رَبَّنا إِنَّكَ تَعْلَمُ ما نُخْفِي) من حب إسماعيل وأمه (وَما نُعْلِنُ) قال : وما نظهر من الجفاء لهما (٦).
قوله تعالى : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ) آية ٣٩
[١٢٢٩٧] عن ابن عباس في قوله : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ) قال : هذا بعد ذاك بحين (٧).
[١٢٢٩٨] عن الشعبي رضي الله عنه قال : ما يسرني بنصيبي من دعوة نوح وإبراهيم للمؤمنين والمؤمنات حمر النعم (٨).
__________________
(١) الدر ٥ / ٤٥ ـ ٤٧.
(٢) الدر ٥ / ٤٥ ـ ٤٧.
(٣) الدر ٥ / ٤٥ ـ ٤٧.
(٤) الدر ٥ / ٤٥ ـ ٤٧.
(٥) الدر ٥ / ٤٨ ـ ٥١.
(٦) الدر ٥ / ٤٨ ـ ٥١.
(٧) الدر ٥ / ٤٨ ـ ٥١.
(٨) الدر ٥ / ٤٨ ـ ٥١.
قوله تعالى : (وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ) آية ٤٢
عن ميمون ابن مهران رضي الله عنه في قوله : (وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ) قال : هي تعزية للمظلوم ووعيد للظالم (١).
قوله : (إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ).
[١٢٢٩٩] عن قتادة رضي الله عنه في قوله : (إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ) قال : شخصت فيه والله أبصارهم فلا ترتد إليهم (٢).
قوله : (مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ) آية ٤٣
[١٢٣٠٠] عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : (مُهْطِعِينَ) قال : يعني بالإهطاع النظر من غير أن تطرف (مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ) قال : الإقناع رفع رؤوسهم (لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ) قال : شاخصة أبصارهم (وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ) ليس فيها شيء من الخير فهي كالخربة (٣).
[١٢٣٠١] عن مجاهد رضي الله عنه (مُهْطِعِينَ) قال : مديمي النظر (٤).
قوله : (وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ)
[١٢٣٠٢] عن مرة رضي الله عنه (وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ) قال : متخرقة لا تعي شيئا (٥).
قوله : (وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ) ... آية ٤٤
[١٢٣٠٤] عن قتادة رضي الله عنه في قوله : (وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ) يقول : أنذرهم في الدنيا من قبل أن يأتيهم العذاب (٦).
قوله : (ما لَكُمْ مِنْ زَوالٍ).
[١٢٣٠٥] عن السدي في قوله : (ما لَكُمْ مِنْ زَوالٍ) قال : بعث بعد الموت (٧).
__________________
(١) الدر ٥ / ٤٨ ـ ٥١.
(٢) الدر ٥ / ٤٨ ـ ٥١.
(٣) الدر ٥ / ٤٨ ـ ٥١.
(٤) الدر ٥ / ٥٢ ـ ٥٣.
(٥) الدر ٥ / ٥٢ ـ ٥٣.
(٦) الدر ٥ / ٥٢ ـ ٥٣.
(٧) الدر ٥ / ٥٢ ـ ٥٣.
قوله : (وَسَكَنْتُمْ فِي مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) آية ٤٥
[١٢٣٠٦] عن قتادة رضي الله عنه في قوله : (وَسَكَنْتُمْ فِي مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) قال : سكن الناس في مساكن قوم نوح وعاد وثمود. وقرون بين ذلك كثيرة ممن هلك من الأمم (وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ وَضَرَبْنا لَكُمُ الْأَمْثالَ) قال : قد والله بعث الله رسله وأنزل كتبه وضرب لكم الأمثال ، فلا يصم فيها إلا الأصم ، ولا يخيب فيها إلا الخائب فاعقلوا عن الله أمره (١).
قوله : (وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ) آية ٤٦
[١٢٣٠٧] عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : (وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ) يقول شركهم (٢). كقوله (تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ) (٣).
[١٢٣٠٨] عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قرأ هذه الآية : (وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ) ثم فسرها فقال : إن جبارا من الجبابرة قال : لا أنتهي حتى أنظر إلى ما في السماء ، فأمر بفراخ النسور تعلف اللحم حتى شبت وغلظت ، وأمر بتابوت فنجر يسع رجلين ثم جعل في وسطه خشبة ثم ربط أرجلهن بأوتاد ، ثم جوّعهن ، ثم جعل على رأس الخشبة لحما ثم دخل هو وصاحبه في التابوت ، ثم ربطهن إلى قوائم التابوت ثم خلى عنهن يردن اللحم فذهبن به ما شاء الله تعالى. ثم قال لصاحبه : افتح فانظر ماذا ترى. ففتح فقال : أنظر إلى الجبال ... كأنها الذباب ..! قال : أغلق. فأغلق فطرن به ما شاء الله ثم قال : افتح .. ففتح. فقال : انظر ماذا ترى. فقال : ما أرى إلا السماء ، وما أراها تزداد إلا بعدا. قال : صوّب الخشبة. فصوبها فانقضت تريد اللحم ، فسمع الجبال هدتها فكادت تزول عن مراتبها (٤).
[١٢٣٠٩] عن أبي مالك رضي الله عنه في قوله : (وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ) قال : انطلق ناس وأخذوا هذه النسور فعلقوا عليها كهيئة التوابيت ثم أرسلوها في السماء ، فرأتها الجبال فظنت أنه شيء نزل من السماء فتحركت لذلك (٥).
__________________
(١) الدر ٥ / ٥٢ ـ ٥٣.
(٢) الدر ٥ / ٥٢ ـ ٥٣.
(٣) الدر ٥ / ٥٤ ـ ٥٥.
(٤) الدر ٥ / ٥٤ ـ ٥٥.
(٥) الدر ٥ / ٥٤ ـ ٥٥.
[١٢٣١٠] عن السدي قال : أمر (الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ) بإبراهيم ، فأخرج من مدينته فلقي لوطا على باب المدينة وهو ابن أخيه ، فدعاه فآمن به و (قالَ : إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى رَبِّي). وحلف نمرود أن يطلب إله إبراهيم ، فأخذ أربعة فراخ من فراخ النسور ، فرباهن بالخبز واللحم ... حتى إذا كبرن وغلظن واستعلجن قرنهن بتابوت وقعد في ذلك التابوت ، ثم رفع رجلا من لحم لهن ، فطرن حتى إذا دهم في السماء أشرف فنظر إلى الأرض وإلى الجبال تدب كدبيب النمل ، ثم رفع لهن اللحم ثم نظر ، فرأى الأرض محيطا بها بحر كأنها فلكة في ماء ، ثم رفع طويلا فوقع في ظلمة ، فلم ير ما فوقه ولم ير ما تحته ، فألقى اللحم فأتبعته منقضات ، فلما نظرت الجبال إليهن قد أقبلن منقضات وسمعن حفيفهن ، فزعت الجبال وكادت أن تزول من أمكنتها ، ولم يفعلن. فذلك قوله : (وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ) وهي في قراءة عبد الله بن مسعود «وإن كاد مكرهم» فكان طيورهن به من بيت المقدس ، ووقوعهن في جبال الدخان. فلما رأى أنه لا يطيق شيئا ، أخذ في بنيان الصرح فبناه حتى أسنده إلى السماء ، ارتقى فوقه ينظر يزعم إلى إله إبراهيم ، فأحدث ولم يكن يحدث ، وأخذ الله بنيانه من القواعد (فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ) يقول : من مأمنهم وأخذهم من أساس الصرح ، فانتقض بهم ... وسقط فتبلبلت ألسنة الناس يومئذ من الفزع ، فتكلموا بثلاثة وسبعين لسانا ، فلذلك سمت بابل وكان قبل ذلك بالسريانية (١).
قوله : (إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقامٍ) آية ٤٧
[١٢٣١١] عن قتادة رضي الله عنه في قوله : (إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقامٍ) قال : عزيز والله في أمره يملي وكيده متين ، ثم إذا انتقم انتقم بقدره (٢).
قوله : (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ) آية ٤٨
[١٢٣١٢] حدثنا ابن أبي مريم ، حدثنا سعيد بن لوبان الكلاعي ، عن أبي أيوب الأنصاري : قال : أتى النبي صلى الله عليه وسلم حبر من اليهود فقال : أرأيت إذ يقول الله في كتابه : (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ) ، فأين الخلق عند ذلك؟ فقال أضياف الله ، فلن يعجزهم ما لديه (٣).
__________________
(١) الدر ٥ / ٥٦.
(٢) الدر ٥ / ٥٦.
(٣) ابن كثير ٤ / ٤٣٨.
[١٢٣١٣] عن ابن زيد في قوله : (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ) الآية. قال : هذا يوم القيامة ، خلق سوى الخلق الأول (١).
قوله : (مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ) آية ٤٩
[١٢٣١٤] عن ابن عباس في قوله : (مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ) قال : الكبول (٢).
[١٢٣١٥] عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله : (فِي الْأَصْفادِ) قال في السلاسل (٣).
[١٢٣١٦] عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : (فِي الْأَصْفادِ) يقول : في وثاق (٤).
قوله : (مِنْ قَطِرانٍ) آية ٥٠
[١٢٣١٧] عن الحسن رضي الله عنه في قوله : (مِنْ قَطِرانٍ) قال : قطران الإبل.
[١٢٣١٨] عن عكرمة في قوله : (مِنْ قَطِرانٍ) قال : هذا القطران يطلى به حتي يشتعل نارا (٥).
[١٢٣١٩] عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : (مِنْ قَطِرانٍ) قال : هو النحاس المذاب (٦).
[١٢٣٢٠] عن سعيد بن جبير رضي الله عنه أنه قرأ «مِنْ قَطِرانٍ» قال : القطر ، الصفر ، والآن : (٧) الحار.
قوله : (وَتَغْشى وُجُوهَهُمُ النَّارُ)
[١٢٣٢١] عن السدي رضي الله عنه في قوله : (وَتَغْشى وُجُوهَهُمُ النَّارُ) قال : تلفحهم (٨) فتحرقهم.
[١٢٣٢٢] عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «النائحة إذا لم تتب قبل موتها ، توقف في طريق بين الجنة والنار ، سرابيلها من قطران وتغشى وجهها النار» (٩).
قوله : (هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ) ... آية ٤٢
[١٢٣٢٣] عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله : (هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ) قال القرآن : (وَلِيُنْذَرُوا بِهِ) قال : بالقرآن. (١٠)
__________________
(١ ـ ٢) الدر ٥ / ٥٨.
(٣ ـ ٤) الدر ٥ / ٥٨ ـ ٦٠.
(٥ ـ ١٠) الدر ٥ / ٥٨ ـ ٦٠.