تفسير القرآن العظيم - ج ٣

عبد الرحمن بن محمّد ابن إدريس الرازي ابن أبي حاتم

تفسير القرآن العظيم - ج ٣

المؤلف:

عبد الرحمن بن محمّد ابن إدريس الرازي ابن أبي حاتم


المحقق: أسعد محمّد الطيّب
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مكتبة نزار مصطفى الباز
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٥٢

قوله تعالى : (وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ) آية ١٦٠

[٤٤٠٩] حدثنا أبي ، ثنا أحمد بن عبد الرحمن ، ثنا عبد الله بن أبي جعفر عن أبيه ، عن الربيع قوله : (وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) أي : والله قد طهره من الفظاظة والغلظه ، وجعله رحيما قريبا رؤوفا بالمؤمنين. وروى عن قتادة مثل ذلك.

قوله تعالى : (لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ)

[٤٤١٠] حدثنا محمد بن العباس ، ثنا محمد بن عمرو ، ثنا سلمة قال محمد ابن إسحاق : (لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) أي لتركوك.

قوله تعالى : (فَاعْفُ عَنْهُمْ)

[٤٤١١] وبه قال محمد بن إسحاق : (فَاعْفُ عَنْهُمْ) أي : تجاوز عنهم.

قوله تعالى : (وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ)

[٤٤١٢] وبه قال محمد بن إسحاق : (وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ) أي استغفر لهم ذنوبهم.

قوله تعالى : (وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ)

[٤٤١٣] حدثنا يونس بن عبد الأعلى قراءة ، أنبأ ابن وهب قال : سمعت سفيان بن عيينة يحدث عن معمر ، عن ابن شهاب ، عن أبي هريرة قال : ما رأيت أحدا أكثر مشورة لأصحابه من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

[٤٤١٤] حدثنا أبي ، ثنا عبد الله بن رجاء ، أنبأ عمران القطان ، عن الحسن في قوله : (وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ) قال : والله ما تشاور قط إلا عزم الله لهم بالرشد والذي ينفع.

[٤٤١٥] حدثنا أبو سعيد ، ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن رجل ، عن الضحاك ، في قوله : (وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ) قال : ما أمر الله نبيه بالمشورة إلا لما يعلم فيها من الفضل.

[٤٤١٦] حدثنا أبي ، ثنا ابن أبي عمر ، ثنا سفيان ، عن ابن شبرمة ، عن الحسن في قوله : (وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ) قال : قد علم أنه ليس به إليهم حاجة ، وربما قال : ليس له إليهم حاجة ، ولكن أراد أن يستنّ به من بعده.

١٠١

[٤٤١٧] حدثنا أبي ، ثنا أحمد بن عبد الرحمن ، ثنا عبد الله بن أبي جعفر عن أبيه عن الربيع بن أنس قوله : (وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ) قال : أمر الله نبيه أن يشاور أصحابه في الأمور ، وهو يأتيه الوحي من السماء ، لأنه أطيب لأنفسهم

[٤٤١٨] حدثنا محمد بن يحيي ، أنبأ العباس بن يزيد ، عن سعيد عن قتادة : مثل ذلك إلا أنه زاد : وأن القوم إذا شاوروا بعضهم بعضا وأرادوا بذلك وجه الله ، عزم الله لهم على أرشده.

[٤٤١٩] ذكر عن ابن المبارك ، عن أبي إسماعيل ، يعني : جابر بن إسماعيل عن ابن عون ، عن ابن سيرين ، عن عبيدة (وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ) قال : في الحرب

[٤٤٢٠] حدثنا محمد بن العباس ، ثنا محمد بن عمرو ، ثنا سلمة قال محمد بن إسحاق في قوله : (وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ) أي لتريهم إنك تسمع منهم وتستعين بهم ، وإن كنت غنيا عنهم ، تؤلفهم بذلك على دينهم.

الوجه الثاني :

[٤٤٢١] حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ ، ثنا سفيان بن عيينة ، عن عمرو ابن دينار قال : قرأ ابن عباس : وشاورهم في بعض الأمر.

قوله تعالى : (فَإِذا عَزَمْتَ)

[٤٤٢٢] حدثنا أبي ، ثنا عمر الدوري ، ثنا أبو عمارة يعني : حمزة بن القاسم ، عن أبى تميلة ، عن أبي منيب قال : سمعت جابر بن زيد وأبا نهيك قريا : فإذا عزمت لك يا محمد على أمر فتوكل على الله.

وروى عن الربيع بن أنس قال : أمره الله إذا عزم على أمر أن يمضى فيه. وروى عن قتادة مثل ذلك.

[٤٤٢٣] حدثنا محمد بن العباس ، ثنا محمد بن عمرو زنيج ، ثنا سلمة قال : قال محمد بن إسحاق قوله : (فَإِذا عَزَمْتَ) على أمر جاءك مني ، أو أمر من دينك في جهاد عدوك لا يصلحك ولا يصلحهم إلا ذلك ، فأمضى على ما أمرت به ، على خلاف من خالفك ، وموافقة من وافقك.

قوله تعالى : (فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ)

[٤٤٢٤] وبه قال محمد بن إسحاق : (فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) أي ارض به من العباد (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ).

١٠٢

قوله تعالى : (إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ)

[٤٤٢٥] وبه قال محمد بن إسحاق : (إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ) أي إن ينصرك الله فلا غالب لك من الناس ، لن يضرك خذلان من خذلك.

قوله تعالى : (وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ)

[٤٤٢٦] وبه قال ابن إسحاق : أي لئلا تترك أمري للناس ، وأرفض الناس لأمري.

قوله تعالى : (وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)

[٤٤٢٧] وبه قال ابن إسحاق : (وَعَلَى اللهِ) أي لا علي الناس (فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)

قوله تعالى : (وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَ) آية ١٦١

[٤٤٢٨] قرأت على محمد بن الفضل بن موسى ، ثنا محمد بن علي ، ثنا محمد بن مزاحم ، عن بكير بن معروف ، عن مقاتل بن حيان قوله : (وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَ) يقول : لا ينبغي لنبي أن يغل.

[٤٤٢٩] حدثنا أبي ، ثنا المسيب بن واضح ، ثنا أبو إسحاق الفزاري ، عن سفيان (١) ، عن خصيف ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : مثله وقبله ، قال : كانت قطيفة فقدوها يوم بدر فقالوا : لعل النبي صلى الله عليه وسلم أخذها ، فأنزل الله تعالى : (وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَ) أي : يخون (٢).

[٤٤٣٠] حدثنا حجاج بن حمزة ، ثنا شبابة ، ثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله : (وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَ) أي : يخون ـ وروى عن الحسن نحو ذلك

[٤٤٣١] أخبرنا محمد بن سعد العوفي فيما كتب إلىّ ، حدثني أبي ، ثنا عمي الحسين ، عن أبيه ، عن جده ، عن ابن عباس قوله : (وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَ) يقول : وما كان لنبي أن يقسم لطائفة من المسلمين ويترك طائفة ، ويجور في القسم ، ولكن يقسم بالعدل ويأخذ فيه بأمر الله ، ويحكم فيه بما أنزل الله يقول الله تعالى : ما كان الله ليجعل نبيا يغلّ فيه بما أنزل الله ، يقول الله تعالى : ما كان الله ليجعل نبيا يغلّ من أصحابه ، فإذا فعل النبي ذلك استنّوا به ـ وروى عن الضحاك نحوه.

__________________

(١) التفسير ص ٨١.

(٢) الترمذي كتاب التفسير رقم ٣٠٠٩ قال : حديث حسن غريب ٥ / ٢١٤ ،

١٠٣

الوجه الثاني :

[٤٤٣٢] حدثنا الحسن بن أبي الربيع ، أنبأ عبد الرزاق (١) ، أنبأ معمر ، عن قتادة (وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَ) قال : أن يغله أصحابه.

والوجه الثالث :

[٤٤٣٣] حدثنا الحسن بن أحمد ، ثنا موسى بن محكم ، ثنا أبو بكر الحنفي ، ثنا عباد بن منصور ، عن الحسن قوله : (وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَ) فزعم أنه لم يكن للمؤمنين أن يغلوا في دينهم.

الوجه الرابع :

[٤٤٣٤] حدثنا محمد بن العباس ، ثنا محمد بن عمرو زنيج ، ثنا سلمة قال : محمد بن إسحاق : (وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَ) أي : ما كان لنبي أن يكتم الناس ما بعثه الله به إليهم عن رهبة من الناس ولا رغبة.

والوجه الخامس :

[٤٤٣٥] حدثنا عبيد الله بن إسماعيل البغدادي ، ثنا خلف بن هشام ، ثنا الخفاف ، عن هارون ، عن الزبير يعني : ابن خريت

، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، وعن حنظلة ، عن شهر ، عن ابن عباس (أَنْ يَغُلَ) : أن يتهمه أصحابه

قوله تعالى : (وَمَنْ يَغْلُلْ)

[٤٤٣٦] حدثنا أبو زرعة ، ثنا ابن بكير ، ثنا ابن لهيعة ، حدثني عطاء بن دينار ، عن سعيد بن جبير في قول الله تعالى : (وَمَنْ يَغْلُلْ) يعني : يغلل مما أفاء الله على المسلمين من فيء المشركين بقليل أو كثير.

[٤٤٣٧] حدثنا محمد بن العباس ، ثنا زنيج ، ثنا سلمة قال : قال محمد بن إسحاق : (وَمَنْ يَغْلُلْ) أي : من يفعل ذلك.

قوله تعالى : (يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ)

[٤٤٣٨] حدثنا محمد بن عبد الملك الدقيقي ، ثنا إسماعيل بن أبان حدثنا محمد ابن أبان ، عن علقمة بن مرثد ، عن ابن بريدة ، عن أبيه قال : قال رسول الله صلى

__________________

(١) التفسير ١ / ١٤٠.

١٠٤

الله عليه وسلم : إن الحجر ليزن سبع خلفات ليلقي في جهنم ، فيهوى فيها سبعين خريفا ، ويؤتى بالغلول ، فيلقى معه ، ثم يكلف صاحبه أن يأتي به وهو قول الله عز وجل : (وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ) (١).

[٤٤٣٩] حدثنا أبي ، ثنا الحسين بن الربيع ، ثنا ابن المبارك ، عن أبي معشر المدني ، عن سعيد المقبري قال : جاء رجل إلى أبي هريرة فقال : أرأيت قول الله تعالى : (وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ)؟ هذا يغل ألف درهم وألفي درهم يأتي بها؟ أرأيت من يغل مائة بعير مائتي بعير كيف يصنع؟ قال : أرأيت من كان ضرسه مثل أحد؟ وفخذه مثل ورقان؟ وساقه مثل بيضاء؟ ومجلسه ما بين المدينة إلى الربذة؟ ألا يحل هذا؟

[٤٤٤٠] حدثنا أبي ، ثنا الحسن بن الربيع ، أنبأ ابن المبارك ، عن عبد الله بن شوذب ، حدثني عامر بن عبد الواحد ، عن عبد الله بن بريدة ، عن عبد الله بن عمرو ابن العاص قال : لو كنت مستحلا من الغلول القليل ، لاستحللت منه الكثير ؛ ما من أحد يغل غلولا إلا كلف أن يأتي به من أسفل درك جهنم.

[٤٤٤١] حدثنا الحسن بن أحمد ، ثنا موسى بن محكم ، ثنا أبو بكر الحنفي ، ثنا عباد بن منصور ، عن الحسن قوله : (وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ) وهو عار عليهم يوم القيامة.

[٤٤٤٢] حدثنا أبو زرعة ، ثنا يحيي بن عبد الله بن بكير ، حدثني عبد الله ابن لهيعة ، حدثني عطاء بن دينار ، عن سعيد بن جبير في قول الله تعالى : (يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ) يعني : يأت به يوم القيامة قد حمله على عنقه.

قوله تعالى : (ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ)

[٤٤٤٣] وبه عن سعيد بن جبير في قول الله تعالى : (ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ) يعني برا وفاجرا.

[٤٤٤٤] حدثنا محمد بن العباس ، ثنا زنيج ، ثنا سلمة قال : قال محمد بن إسحاق : (ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) قال : ثم يجزى بكسبه غير مظلوم ولا معتدّى عليه.

__________________

(١) الدر

١٠٥

قوله تعالى : (ما كَسَبَتْ)

[٤٤٤٥] حدثنا أبو زرعة ، ثنا يحيي بن عبد الله بن بكير ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثني عطاء بن دينار ، عن سعيد بن جبير في قول الله تعالى : (ما كَسَبَتْ) يعني : ما عملت من خير أو شر.

قوله تعالى : (وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ)

[٤٤٤٦] وبه عن سعيد بن جبير في قول الله تعالى : (وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) يعني : في أعمالهم.

قوله تعالى : (أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللهِ) آية ١٦٢

[٤٤٤٧] وبه عن سعيد بن جبير في قول الله تعالى : (أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللهِ) يعني : أرضى الله فلم يغلل من الغنيمة ـ وروى عن الضحاك قال : من لم يغل.

[٤٤٤٨] حدثنا الحسن بن أحمد ، ثنا موسى بن محكم ، أنبأ أبو بكر الحنفي ، ثنا عباد بن منصور ، عن الحسن قوله : (أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللهِ) قال : يقول : من أخذ الحلال خير له ممن أخذ الحرام ، وهذا في الغلول وفي المظالم كلها.

[٤٤٤٩] حدثنا محمد بن العباس ، ثنا زنيج ، ثنا سلمة ، قال محمد بن إسحاق : (أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللهِ) على ما أحب الناس وسخطوا (كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللهِ) لرضى الناس وسخطهم؟ يقول : أفمن كان على طاعتي فثوابه الجنة ورضوان من ربه؟

[٤٤٥٠] حدثنا علي بن الحسين ، ثنا المقدمي ، ثنا مؤمل ، عن سفيان قال : بلغني ، عن مجاهد (أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللهِ) قال : من أدى الخمس.

[٤٤٥١] أخبرنا علي بن المبارك فيما كتب إلي ، ثنا زيد بن المبارك ، أنبأ ابن ثور ، عن ابن جريح (أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللهِ) قال : أمر الله في أداء الخمس.

قوله تعالى : (كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللهِ)

[٤٤٥٢] حدثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا أبو خالد الأحمر ، عن سفيان ، عن مطرف ، عن الضحاك (كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللهِ) قال : من غل.

١٠٦

[٤٤٥٣] حدثنا أبو زرعة ، ثنا يحيي بن عبد الله بن بكير ، حدثني عبد الله بن لهيعة ، حدثني عطاء بن دينار ، عن سعيد بن جبير في قول الله : (كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللهِ) يعني : كمن استوجب سخطا من الله في الغلول ، فليس هو بسواء.

[٤٤٥٤] حدثنا محمد بن العباس ، ثنا محمد بن عمرو زنيج ، ثنا سلمة قال محمد ابن إسحاق : قوله : (كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللهِ) فاستوجب غضبه.

قوله تعالى : (وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ)

[٤٤٥٥] حدثنا أبو زرعة ، ثنا يحيي بن عبد الله بن بكير ، حدثني عبد الله بن لهيعة ، حدثني عطاء بن دينار ، عن سعيد بن جبير : ثم بين مستقرهما ، فقال للذي يغل : (مَأْواهُ جَهَنَّمُ).

قوله تعالى : (وَبِئْسَ الْمَصِيرُ)

[٤٤٥٦] وبه عن سعيد بن جبير في قول الله تعالى : (وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) يعني : مصير أهل الغلول.

قوله تعالى : (هُمْ) آية ١٦٣

[٤٤٥٧] حدثنا أحمد بن عثمان بن حكيم ، ثنا أحمد بن مفضل ، ثنا أسباط ، عن السدى قوله : (هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللهِ) يقول : لهم درجات عند الله.

قوله تعالى : (دَرَجاتٌ عِنْدَ اللهِ)

[٤٤٥٨] أخبرنا محمد بن سعد العوفي فيما كتب إلي ، حدثني أبي ، ثنا عمي ، ثنا الحسين عن أبيه ، عن جده ، عن ابن عباس قوله : (هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللهِ) يقول : بأعمالهم.

[٤٤٥٩] حدثنا الحسن بن أحمد ، ثنا موسى بن محكم ، ثنا أبو بكر الحنفي ، ثنا عباد بن منصور قال : سألت الحسن عن قوله : (هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللهِ) قال : للناس درجات بأعمالهم في الخير والشر.

[٤٤٦٠] حدثنا أبو زرعة ، ثنا يحيي بن عبد الله بن بكير ، حدثني عبد الله بن لهيعة ، حدثني عطاء بن دينار ، عن سعيد بن جبير قال : ثم ذكر مستقر من لا يغل فقال : (هُمْ دَرَجاتٌ) يعني : لهم فضائل عند الله.

١٠٧

قوله تعالى : (وَاللهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ)

[٤٤٦١] وبه عن سعيد بن جبير في قول الله : (وَاللهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ) يعني : بصير بمن غل منكم ومن لم يغل.

قوله تعالى : (لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) آية ١٦٤

[٤٤٦٢] حدثنا محمد بن العباس ، ثنا محمد بن عمرو زنيج ، ثنا سلمة قال ابن إسحاق قوله : (لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) قال : أي : لقد من الله عليكم يا أهل الإيمان.

[٤٤٦٣] حدثنا محمد بن يحيي ، أنبأ العباس ، ثنا يزيد ، ثنا سعيد ، عن قتادة قوله : (لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) قال : منّ الله عظيم من غير دعوة ولا رغبة من هذه الأمة ، جعله الله رحمة لهم ليخرجهم (مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) و (يَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ).

قوله تعالى : (إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ)

[٤٤٦٤] حدثنا أبي ، ثنا إبراهيم بن موسى ، أنبأ هشام بن يوسف ، عن عبد الله ابن سليمان النوفلي ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة : في هذه الآية : (لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ) قالت : هذه العرب خاصة

قوله تعالى : (يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ)

[٤٤٦٥] حدثنا محمد بن العباس مولى بني هاشم ، ثنا محمد بن عمرو ، ثنا سلمة ابن الفضل قال : قال محمد بن إسحاق يعني قوله : (يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ) قال : يتلو عليكم آياته ويزكيكم فيما أحدثتم.

قوله تعالى : (وَيُزَكِّيهِمْ)

[٤٤٦٦] حدثنا أبي ، ثنا أبو صالح كاتب الليث ، حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : (وَيُزَكِّيهِمْ) يعني : الزكاة طاعة الله والإخلاص.

١٠٨

قوله تعالى : (وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ)

[٤٤٦٧] حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح ، ثنا أسباط بن محمد ، عن الهذلي ، عن الحسن في قوله : (وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ) قال : الكتاب : القرآن ـ وروى عن يحيي بن أبي كثير ، ومقاتل بن حيان نحو ذلك.

[٤٤٦٨] حدثنا محمد بن العباس مولى بني هاشم ، ثنا زنيج ، ثنا سلمة ، قال محمد ابن إسحاق : (وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ) قال : ويعلمكم الخير والشر ؛ لتعرفوا الخير فتعملوا به ، والشر فتتقوا ، ويخبركم برضاه عنكم إذا أطعتموه ، ولتستكثروا من طاعته ، وتجتنبوا ما يسخطه عنكم من معصيته.

والوجه الثاني :

[٤٤٦٩] حدثنا علي بن الحسين قال محمد بن العلاء ، ثنا يونس بن بكير ، عن مطر ابن ميمون ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قوله : (الْكِتابَ) قال : الخط بالقلم.

قوله تعالى : (وَالْحِكْمَةَ)

[٤٤٧٠] حدثنا أبو سعيد الأشج والحسن بن محمد بن الصباح قالا : ثنا أسباط بن محمد ، عن الهذلي ، عن الحسن في قول الله تعالى : (وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ) قال : الحكمة : السنة ، وروى عن أبي مالك ، ومقاتل بن حيان ، ويحيي بن كثير ، وقتادة نحو ذلك.

والوجه الثاني :

[٤٤٧١] حدثنا أحمد بن عثمان بن حكيم ، ثنا أحمد بن مفضل ، ثنا أسباط عن السدى قوله : (وَالْحِكْمَةَ) : يعني النبوة.

والوجه الثالث :

[٤٤٧٢] حدثنا علي بن الحسين ، ثنا أبو همام ، ثنا ابن وهب ، حدثني ابن زيد بن أسلم ، عن أبيه (الْحِكْمَةَ) العقل في الدين.

قوله تعالى : (وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ)

[٤٤٧٣] حدثنا محمد بن يحيي ، أنبأ العباس ، ثنا يزيد ، ثنا سعيد ، عن قتادة قوله : (وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) ليس والله كما يقول أهل حروراء :

١٠٩

محنة غالبة من أخطأها أهريق دمه ، ولكن الله بعث نبيه إلى قوم لا يعلمون فعلمهم ، وإلى قوم لا أدب لهم فأدبهم.

[٤٤٧٤] حدثنا محمد بن العباس مولى بني هاشم ، ثنا محمد بن عمرو ، ثنا سلمة قال : قال محمد بن إسحاق قوله : (وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) أي : في عمياء من الجاهلية لا تعرفون حسنه ، ولا تستغفرون من سيئه (١).

قوله تعالى : (أَوَلَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها) آية ١٦٥

[٤٤٧٥] أخبرنا محمد بن سعد العوفي فيما كتب إلى ، حدثني أبي ، ثنا عمي الحسين ، عن أبيه عن جده ، عن ابن عباس قوله : (أَوَلَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها قُلْتُمْ أَنَّى هذا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ) يقول : إنكم أصبتم من المشركين يوم بدر مثل ما أصابوا منكم يوم أحد ـ وروى عن جابر بن عبد الله ، وعكرمة ، والسدى ، وقتادة ، والضحاك ، والربيع بن أنس نحو ذلك.

[٤٤٧٦] حدثنا الحسن بن أحمد ، ثنا موسى بن محكم ، ثنا أبو بكر الحنفي ثنا عباد بن منصور قال : سألت الحسن عن قوله : (أَوَلَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها) قال : لما رأوا من قتل منهم يوم أحد قالوا : من أين هذا؟ ما كان للكفار أن يقتلوا منا ، فلما رأى الله ما قالوا من ذلك ، قال الله : هم بالأسرى الذين أخذتهم يوم بدر ، فردهم الله بذلك وعجل لهم ذلك في الدنيا ليسلموا منها في الآخرة.

[٤٤٧٧] حدثنا محمد بن العباس مولى بني هاشم ، ثنا زنيج ، ثنا سلمة ، قال محمد ابن إسحاق ، ثم ذكر المصيبة التي أصابتهم فقال : (أَوَلَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها) أي : إن لم تكن قد أصابتكم مصيبة في إخوانكم ، فبذنوبكم ، فقد أصبتم مثليها قبل من عدوكم في اليوم الذي كان قبله ببدر ، قتلى وأسرى ، ونسيتم معصيتكم وخلافكم ما أمركم به نبيكم صلى الله عليه وسلم ـ أنتم أحللتم ذلك بأنفسكم.

قوله تعالى : (هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمانِ)

[٤٤٧٨] حدثنا الحسن بن أحمد ، ثنا موسى بن محكم ، ثنا أبو بكر الحنفي ، ثنا

__________________

(١) الطبري رقم ٨١٨٦ ، والدر ٢ / ٩٣.

١١٠

عباد بن منصور ، عن الحسن قوله : (هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمانِ) قال المنافقون ، فجبنوا ، فقال ما قد سمعتهم : (هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمانِ)

قوله تعالى : (يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ)

[٤٤٧٩] حدثنا محمد بن العباس مولى بني هاشم ، ثنا محمد بن عمرو زنيج ، ثنا سلمة قال : قال محمد بن إسحاق قوله : (يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ) قال : فأظهر منهم ما كانوا يخفون في أنفسهم.

قوله تعالى : (وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يَكْتُمُونَ) آية ١٦٩

[٤٤٨٠] حدثنا محمد بن العباس ، ثنا محمد بن عمرو زنيج ، ثنا سلمة قال محمد ابن إسحاق : (وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يَكْتُمُونَ) أي : يخفون.

قوله تعالى : (الَّذِينَ قالُوا لِإِخْوانِهِمْ وَقَعَدُوا)

[٤٤٨١] حدثنا الحسن بن أحمد ، ثنا موسى بن محكم ، ثنا أبو بكر الحنفي ثنا عباد بن منصور ، عن الحسن قوله : (الَّذِينَ قالُوا لِإِخْوانِهِمْ وَقَعَدُوا) قال : هم الكفار.

[٤٤٨٢] حدثنا محمد بن العباس ، ثنا محمد بن عمرو ، ثنا سلمة قال : قال محمد ابن إسحاق : (الَّذِينَ قالُوا لِإِخْوانِهِمْ) : الذين أصيبوا معكم من عشائرهم وقومهم.

[٤٤٨٣] أخبرنا علي بن المبارك فيما كتب إلى ، ثنا زيد بن المبارك ، ثنا ابن ثور ، عن ابن جريج في قوله : (الَّذِينَ قالُوا لِإِخْوانِهِمْ وَقَعَدُوا) : قول المنافق عبد الله بن أبى بن سلول وإخوانهم الذين خرجوا مع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يوم أحد.

قوله تعالى : (لَوْ أَطاعُونا ما قُتِلُوا)

[٤٤٨٤] أخبرنا يونس بن عبد الأعلى قراءة ، أنبأ ابن وهب ، أخبرنا نافع بن زيد ، عن عقيل ، عن ابن شهاب قال : إن الله ـ عز وجل ـ أنزل على نبيه في القدرية (الَّذِينَ قالُوا لِإِخْوانِهِمْ وَقَعَدُوا : لَوْ أَطاعُونا ما قُتِلُوا).

[٤٤٨٥] حدثنا الحسن بن أحمد ، ثنا موسى بن محكم ، ثنا أبو بكر الحنفي ، ثنا عباد بن منصور قال : سألت الحسن عن قوله : (لَوْ أَطاعُونا ما قُتِلُوا) قال : هم الكفار يقولون لإخوانهم : لو كانوا عندنا ما قتلوا يحسبون أن حضورهم إلي القتال هو الذي يقدمهم إلى الأجل.

١١١

قوله تعالى : (قُلْ فَادْرَؤُا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ)

[٤٤٨٦] حدثنا محمد بن العباس ، ثنا محمد بن عمرو ، ثنا سلمة قال : قال محمد ابن إسحاق : (قُلْ فَادْرَؤُا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) أي : أنه لا بد من الموت ، فإن استطعتم أن تدفعوه عن أنفسكم فافعلوا ذلك ، إنهم إنما نافقوا وتركوا الجهاد في سبيل الله حرصا على البقاء في الدنيا وفرارا من الموت.

[٤٤٨٧] حدثنا عصام بن الرواد ، ثنا آدم ، ثنا أبو جعفر يعني : الرازي ، عن الربيع ، عن أبي العالية (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) بما يقولون إنه كما يقولون.

قوله تعالى : (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا) آية ١٦٩

[٤٤٨٨] حدثنا محمد بن العباس ، ثنا محمد بن عمرو زنيج ، ثنا سلمة قال : قال محمد بن إسحاق : ثم قال الله لنبيه يرغب المؤمنين في ثواب الجهاد ، ويهون عليهم القتل : (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ) أي : لا تظن الذين قتلوا في سبيل الله (أَمْواتاً).

[٤٤٨٩] حدثنا الحجاج بن حمزة ، ثنا يحيي بن آدم ، ثنا إسرائيل ، عن سعيد بن مسروق ، عن أبي الضحى في قوله : (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً) قال : نزلت في قتلى أحد خاصة ، استشهد من المهاجرين أربعة وعشرون : حمزة بن عبد المطلب ، ومصعب بن عمير ، وشماس بن عثمان ، واستشهد من الأنصار ستة وأربعون.

قوله تعالى : (فِي سَبِيلِ اللهِ)

[٤٤٩٠] حدثنا أبو زرعة ، ثنا يحيي بن عبد الله بن بكير ، حدثني ابن لهيعة ، حدثني عطاء بن دينار ، عن سعيد بن جبير في قول الله تعالى : (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ) يعني : في طاعة الله في جهاد المشركين.

قوله تعالى : (أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ)

[٤٤٩١] حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ ، ثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن عبد الله بن مرة ، عن مسروق ، عن عبد الله قال : قرأ : (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) فقال : أما قد سألناه عن ذلك ، فأخبرنا

١١٢

أن الأرواح جعلت في طير خضر ، تأوي إلى قناديل معلقة بالعرش ، فتسرح في أي الجنة شاءت ، قال : فاطلع إليهم ربك اطلاعة فقال : هل تستزيدوني فأزيدكم؟ قالوا : ألسنا نسرح في الجنة حيث شئنا؟ قال : ثم اطلع إليهم ربك اطلاعة. فقال : هل تستزيدوني فأزيدكم؟ فلما رأوا أنهم لا يتركون قالوا : ترد أرواحنا في أجسادنا ، حتى نقتل في سبيلك مرة أخرى.

قال سفيان : وزاد عطاء بن السائب عن أبي عبيدة ، عن عبد الله قال : تقرئ نبينا منا السلام ، وتخبره أن قد رضينا ورضى عنا ، وترد أرواحنا حتى تقتل في سبيلك مرة أخرى (١).

[٤٤٩٢] حدثنا أبو زرعة ، ثنا يحيي بن عبد الله بن بكير ، حدثني عطاء بن دينار ، عن سعيد بن جبير في قول الله تعالى : (أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ) يعني : أرواح الشهداء (أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) (٢).

[٤٤٩٣] حدثنا محمد بن العباس ، ثنا محمد بن عمرو ، ثنا سلمة قال : قال محمد بن إسحاق : قوله : (أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ) أي : قد أحييتهم فهم عندي يرزقون في روح الجنة وفضلها ، مسرورين بما آتاهم الله من ثوابه على جهادهم عنه.

قوله تعالى : (يُرْزَقُونَ)

[٤٤٩٤] حدثنا سعدان بن نصر البغدادي ، ثنا صدقة بن سابق ، عن محمد بن إسحاق ، حدثني الحارث بن فضيل الأنصاري ، عن محمود بن لبيد ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الشهداء على بارق نهر بباب الجنة ، في قبة خضراء ، عليهم رزقهم (بُكْرَةً وَعَشِيًّا).

[٤٤٩٥] حدثنا حجاج بن حمزة ، ثنا شبابة ، ثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله : (يُرْزَقُونَ) قال : إن كان يقول : يرزقون من ثمر الجنة ، ويجدون ريحها وليسوا فيها.

قوله تعالى : (فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) آية ١٧٠

[٤٤٩٦] قرأت على محمد بن الفضل بن موسى ، ثنا محمد بن علي ، أنبأ محمد ابن مزاحم ، عن بكير بن معروف ، عن مقاتل بن حيان قوله : (فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) بما هم فيه من الخير والكرامة والرزق.

__________________

(١) الترمذي كتاب التفسير رقم ٣٠١١.

(٢) مسند الإمام أحمد رقم ٢٠٣٩٠.

١١٣

قوله تعالى : (وَيَسْتَبْشِرُونَ)

[٤٤٩٧] حدثنا محمد بن العباس ، ثنا محمد بن عمرو ، ثنا سلمة قال : قال محمد بن إسحاق : (وَيَسْتَبْشِرُونَ) أي يسرّون بلحوق من لحق بهم من إخوانهم على ما مضوا عليه من جهادهم ؛ ليشركوهم فيما هم فيه من ثواب الله الذي أعطاهم.

قوله تعالى : (بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ)

[٤٤٩٨] حدثنا أبو زرعة ، ثنا يحيي بن عبد الله ، حدثني عبد الله بن لهيعة ، حدثني عطاء بن دينار ، عن سعيد بن جبير في قول الله تعالى : (وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ) قال : لما دخلوا الجنة ورأوا ما فيها من الكرامة للشهداء ، قالوا : يا ليت إخواننا الذين في الدنيا يعلمون ما عرفناه من الكرامة ، فإذا شهدوا القتال باشروها بأنفسهم حتى يستشهدوا ؛ فيصيبون ما أصبنا من الخير ـ فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأمرهم ، وما هم فيه من الكرامة ، وأخبرهم أني قد أنزلت على نبيكم ـ وأخبرته بأمركم وما أنتم فيه ، فاستبشروا بذلك ، فذلك قوله : (وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ) الآية.

[٤٤٩٩] حدثنا أحمد بن عثمان بن حكيم الأودي ، ثنا أحمد بن مفضل ، ثنا أسباط ، عن السدى قوله : (وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ) فإن الشهيد يؤتى بكتاب فيه من يقدم عليه من إخوانه وأهله ، يقال : تقدم عليك فلان ، يوم كذا وكذا ، تقدم عليك فلان ، يوم كذا وكذا ، فيستبشر حين تقدم عليه كما يستبشر أهل الغائب بقدومه في الدنيا.

قوله تعالى : (مِنْ خَلْفِهِمْ)

[٤٥٠٠] حدثنا أبو زرعة ، ثنا يحيي بن عبد الله بن بكير ، حدثني عبد الله بن لهيعة ، حدثني عطاء بن دينار ، عن سعيد بن جبير في قول الله عز وجل : (وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ) يعني : إخوانهم من أهل الدنيا أنهم سيحرصون على الجهاد ويلحقون بهم.

قوله تعالى : (أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ)

[٤٥٠١] وبه عن سعيد بن جبير في قول الله تعالى : (أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) يعني : في الآخرة.

١١٤

قوله تعالى : (وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ)

[٤٥٠٢] وبه عن سعيد في قوله : (وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) يعني : لا يحزنون للموت.

قوله تعالى : (يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ) آية ١٧١

[٤٥٠٣] حدثنا الحسن بن أحمد ، ثنا موسى بن محكم ، ثنا أبو بكر الحنفي ، ثنا عباد بن منصور قال : سألت الحسن عن قوله : (يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ) فقال : من قتل في سبيل الله يقدم إلى البشرى إلى ما قدم من خير في الجنة ، ويقول : أخي تركته على مثل عملي ، يقتل الآن ، فيقدم على مثل ما قدمت عليه فيستبشر بالجنة.

[٤٥٠٤] حدثنا محمد بن العباس مولى بني هاشم ، ثنا محمد بن عمرو زنيج ، ثنا سلمة قال محمد بن إسحاق : (يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ) ؛ لما عاينوا من وفاء الموعود وعظيم الثواب.

قوله تعالى : (وَأَنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ)

[٤٥٠٥] أخبرنا يونس بن عبد الأعلى قراءة ، أنبأ ابن وهب ، حدثني ابن زيد في قول الله تعالى : (وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ) إلى قوله : (وَأَنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ) قال : وهذه الآية جمعت المؤمنين كلهم سوى الشهداء ، وقلما ذكر الله فضلا ذكر به الأنبياء ، وثوابا أعطاهم إلا ذكر ما أعطى الله المؤمنين من بعدهم.

[٤٥٠٦] حدثنا أبو زرعة ، ثنا يحيي ـ ثنا عبد الله ، حدثني عطاء ـ عن سعيد بن جبير (الْمُؤْمِنِينَ) يعني : المصدقين.

قوله تعالى : (الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ) آية ١٧٢

[٤٥٠٧] حدثنا هارون بن إسحاق الهمداني ، ثنا عبدة ، عن هشام ، عن أبيه ، عن عائشة قالت : إن أبويك من (الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ) يعني : أبا بكر والزبير.

[٤٥٠٨] حدثنا أحمد بن عبد الرحيم البرقي ، ثنا عمرو بن أبي سلمة ، عن عبد العزيز ، عن محمد يعني ابن أخى الزهري ، عن عمه ، عن عروة بن الزبير ؛ أن عبيد الله

١١٥

ابن عدي الخيار أخبره قال : دخلت على عثمان ، فتشهدت ، ثم قلت : إن الله بعث محمدا بالحق ، وأنزل عليه الكتاب فكنت ممن استجاب لله ورسوله.

[٤٥٠٩] حدثنا سليمان بن داود القزاز ، ثنا أبو داود ، ثنا المسعودي ، عن علي بن علي السائب ، عن إبراهيم النخعي قال : قال عبد الله : نزلت هذه الآية فينا ثمانية عشر قوله : (الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ)

[٤٥١٠] حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ ، ثنا سفيان بن عيينة ، عن عمرو ابن دينار ، عن عكرمة قال : لما رجع المشركون من أحد قالوا : لا محمدا قتلتم ، ولا الكواعب أردفتم ، بئس ما صنعتم ، ارجعوا ؛ فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك ، فندب المسلمين فانتدبوا حتى بلغ حمراء الأسد أو بئر أبي عتبة ـ الشك من سفيان ؛ فقال المشركون : نرجع قابل ، فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانت تعد غزوة ، وأنزل الله تعالى : (الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ).

[٤٥١١] حدثنا محمد بن حماد الطهراني ، ثنا حفص بن عمر ، ثنا الحكم يعني ابن أبان ، قال عكرمة : ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر الصغرى ، وبهم الكلوم ، خرجوا لموعد أبي سفيان فمر بهم أعرابي ، ثم مر بأبى سفيان وأصحابه وهو يقول :

ونفرت ناقتي محمد من رفقتي

وعجوة منثورة كالعنجد.

فتلقاه أبو سفيان فقال : ويلك ، ما تقول؟ فقال : محمد وأصحابه تركتهم ببدر الصغرى ، فقال أبو سفيان : يقولون ويصدقون ، ونقول ولا نصدق ، وأصابت رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا من الأعراب وانقلبوا ، قال عكرمة : ففيهم أنزلت هذه الآية : (الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ) إلى قوله : (فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ) الآية.

[٤٥١٢] حدثنا أبي ، ثنا موسى بن إسماعيل ، ثنا مبارك ، عن الحسن : قوله : (الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ) أن أبا سفيان وأصحابه أصابوا من المسلمين ما أصابوا ، ورجعوا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن

١١٦

أبا سفيان قد رجع ، وقد قذف الله في قلبه الرعب ، فمن ينتدب في طلبه؟ فقام النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتبعوهم ، فبلغ أبا سفيان أن النبي صلى الله عليه وسلم يطلبه ، فلقى عيرا من التجار فقال : ردّوا محمدا ولكم من وكذا ، وأخبروهم أني قد جمعت لهم جموعا ، وأنى راجع إليهم ، فجاء التجار فأخبروا بذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (حَسْبُنَا اللهُ) ؛ فأنزل الله تعالى : (الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ).

قوله تعالى : (مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ)

[٤٥١٣] حدثنا محمد بن يحيي ، أنبأ العباس ، ثنا يزيد بن زريع ، ثنا سعيد ، عن قتادة قوله : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ) فذلك يوم أحد بعد القتل والجراحة ، وبعد ما انصرف المشركون وأبو سفيان وأصحابه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ألا عصابة تنتدب (١) لأمر الله فتطلب عدوّها؟

قوله تعالى : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا)

[٤٥١٤] حدثنا أبي ، ثنا ابن عمر العدني قال سفيان : قال عمرو : قال ابن عباس : افصلوا بينهما قوله : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ) ، (الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ).

قوله تعالى : (أَجْرٌ عَظِيمٌ)

[٤٥١٥] حدثنا أبي ، ثنا محمد بن عبد الله بن نمير ، ثنا أبو خالد الأحمر ، عن داود ابن أبي هند ، عن علي بن زيد ، عن أبي عثمان ، عن أبي هريرة (أَجْرٌ عَظِيمٌ) قال : الجنة ـ وروى عن الحسن ، وسعيد بن جبير ، وعكرمة والضحاك وقتادة نحو ذلك.

قوله تعالى : (الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ) آية ١٧٣

[٤٥١٦] حدثنا أبي ، ثنا أبو سلمة ، ثنا مبارك ، ثنا الحسن قوله : (الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ) قال الحسن : التجار.

__________________

(١) لم أستطع قراءتها ، وفي الطبري كذا ، ولعله الصواب انظر رقم ٨٢٣٦.

١١٧

[٤٥١٧] حدثنا محمد بن العباس مولى بني هاشم ، ثنا زنيج ، ثنا سلمة قال : قال محمد بن إسحاق : (الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ) والناس الذين قالوا لهم ما قالوا : النفر من عبد قيس الذين قال لهم أبو سفيان ما قال : إن أبا سفيان ومن معه راجعون إليكم.

قوله تعالى : (إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً)

[٤٥١٨] حدثنا أبي ثنا محمد بن كثير العبدي ، أنبأ سليمان بن كثير عن حصين ، عن أبي مالك في قوله : (الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً) قال : إن أبا سفيان كان أرسل يوم أحد أو يوم الأحزاب إلى قريش وغطفان وهوازن يستجيشهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبلغ ذلك نبي الله ومن معه ، فقيل : لو ذهب نفر من المسلمين ، فأتوكم بالخبر. قال : فذهب نفر حتى إذا كانوا بالمكان الذي ذكر لهم أنهم فيه لم يروا أحدا فرجعوا.

[٤٥١٩] حدثنا أبي ، ثنا أبو سلمة ، ثنا مبارك ، ثنا الحسن قوله : (إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ) قال : أبو سفيان وأصحابه قد جمعوا لكم.

قوله تعالى : (فَزادَهُمْ إِيماناً)

[٤٥٢٠] حدثنا أبي ثنا عبيد الله بن موسى ، أنبأ سفيان ، عن من سمع مجاهدا يقول : في قوله : (فَزادَهُمْ إِيماناً) قال : الإيمان يزيد وينقص.

قوله تعالى : (وَقالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ)

[٤٥٢١] حدثنا يونس بن حبيب ، ثنا أبو داود ، ثنا قيس ، عن أبي حصين عن أبي الضحى ، عن ابن عباس قال : لما ألقى إبراهيم في النار ، وأخذ ليلقى في النار قال : (حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) قال : فقال محمد : مثلها : (الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَقالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) (١).

[٤٥٢٢] حدثنا أبي ، ثنا ابن أبي عمر ، ثنا سفيان ، عن عمرو ، عن عكرمة قال : كانت بدر متجرا في الجاهلية فلما كان يوم أحد قال أبو سفيان للنبي صلى الله عليه وسلم : موعدك عام قابل بدر ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : هو موعدك ؛ فلما خرج النبي صلى الله عليه وسلم لموعد أبي سفيان لقيهم رجل فقال : إن بها جموعا

__________________

(١) البخاري كتاب التفسير ٦ / ٤٨.

١١٨

من المشركين ، فأما الجبان فرجع ، وأما الشجاع فأخذ أهبه التجارة ، وأهبة القتال ، (وَقالُوا : حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) ، ثم خرجوا حتى جاءوا فتسوقوا بها فلم يجدوا بها أحدا ، فأنزل الله تعالى : (الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَقالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ)

قوله تعالى : (فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ) آية ١٧٤

[٤٥٢٣] حدثنا حجاج بن حمزة ، ثنا شبابة ، ثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم لموعد أبي سفيان ، حتى نزلوا بدرا ، فوافقوا السوق ، فابتاعوا ، وذلك قول الله تعالى : (فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ)

[٤٥٢٤] حدثنا أبي ثنا محمد بن كثير ، أنبأ سليمان بن كثير ، عن حصين ، عن أبي مالك قوله : (فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ) قال : لم يلقوا أحدا.

[٤٥٢٥] حدثنا أحمد بن عثمان بن حكيم ، ثنا أحمد بن مفضل ، ثنا أسباط ، عن السدى قوله : (فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ) أما النعمة فهي : العافية.

قوله تعالى : (وَفَضْلٍ)

[٤٥٢٦] حدثنا حجاج بن حمزة ، ثنا شبابة ، ثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : (وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ) والفضل : ما أصابوا من التجارة والأجر ، وروى عن السدى نحو ذلك.

[٤٥٢٧] حدثنا علي بن الحسين ، ثنا عبد الأعلى ، ثنا يعقوب ، عن سعيد بن جبير في قول الله تعالى : (فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ) قال : بفضل أصابوه من سوق عكاظ.

قوله تعالى : (لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ)

[٤٥٢٨] حدثنا أبي ثنا محمد بن كثير ، أنبأ سليمان بن كثير ، عن حصين ، عن أبي مالك : قوله : (لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ) قال : لم يصبهم إلا خير.

[٤٥٢٩] أخبرنا محمد بن سعد العوفي فيما كتب إلى ، حدثني أبي ، ثنا عمي الحسين ، عن أبيه ، عن جده ، عن ابن عباس قوله : (وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ) قال : لم يؤذهم أحد.

١١٩

[٤٥٣٠] حدثنا أحمد بن عثمان ، ثنا أحمد بن مفضل ، ثنا أسباط ، عن السدى : (وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ) قال : السوء : القتل.

قوله تعالى : (وَاتَّبَعُوا رِضْوانَ اللهِ)

[٤٥٣١] أخبرنا محمد بن سعد العوفي فيما كتب إلى ، حدثنا أبي ، ثنا عمي الحسين ، عن أبيه ، عن جده ، عن ابن عباس قوله : (وَاتَّبَعُوا رِضْوانَ اللهِ) فأطاعوا الله ورسوله ، واتبعوا حاجتهم.

قوله تعالى : (وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ)

[٤٥٣٢] حدثنا أبي ثنا الحسن بن الربيع ، ثنا ابن إدريس ، قال محمد بن إسحاق : قوله : (وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ) لما صرف عنهم من لقاء عدوهم.

قوله تعالى : (إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ) آية ١٧٥

[٤٥٣٣] حدثنا محمد بن عبد الرحمن الهروي ، ثنا أبو داود الحفري ، عن سفيان ، عن طلحة بن عمرو ، عن عطاء ، عن ابن عباس أنه كان يقرأ : إنما ذلك الشيطان يخوفكم أولياءه قال أبو محمد : في تفسير ابن عباس من رواية عطية العوفي قال : فجاء الشيطان يخوف أولياءه فقال : (إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ). وروى عن مجاهد (١) وعكرمة وإبراهيم النخعي.

والوجه الثاني :

[٤٥٣٤] حدثنا أبي ، ثنا محمد بن كثير العبدي ، أنبأ سليمان بن كثير ، عن حصين ، عن أبي مالك قوله : (إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ) قال : يعظم أولياءه في أعينكم.

[٤٥٣٥] حدثنا أحمد بن عثمان ، ثنا أحمد بن مفضل ، ثنا أسباط ، عن السدى : ثم ذكر المشركين وعظمهم في أعين المنافقين ، فقال : (إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ) قال : يعظم أولياءه في صدوركم فتخافونهم.

__________________

(١) التفسير ١ / ١٣٩.

١٢٠