تفسير القرآن العظيم - ج ١

عبد الرحمن بن محمّد ابن إدريس الرازي ابن أبي حاتم

تفسير القرآن العظيم - ج ١

المؤلف:

عبد الرحمن بن محمّد ابن إدريس الرازي ابن أبي حاتم


المحقق: أسعد محمّد الطيّب
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مكتبة نزار مصطفى الباز
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٥٢

أنه حدثه أنه سمع سعد بن أبى وقاص والضحاك بن قيس عام حج معاوية بن أبى سفيان ، وهما يذكران التمتع بالعمرة إلى الحج ، فقال الضحاك : لا يصنع ذلك إلا من جهل أمر الله. فقال سعد : بئس ما قلت يا ابن أخي. فقال الضحاك : فإن عمر بن الخطاب قد نهي عن ذلك. فقال سعد : قد صنعها رسول الله  صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وصنعناها معه.

[١٧٩٣] حدثنا العباس بن يزيد العبدى ، ثنا بشر بن المفضل ، ثنا عمران بن مسلم ، عن أبى رجاء قال عمران بن حصين : نزلت آية المتعة ، يعني متعة الحج في كتاب الله ، وأمر بها رسول الله  صلى‌الله‌عليه‌وسلم فلم تنزل آية تنسخ متعة الحج ، ولم ينه عنها رسول الله  صلى‌الله‌عليه‌وسلم حتى مات ، قال رجل بعد برأيه ما شاء

[١٧٩٤] حدثنا أحمد بن سنان الواسطي ، ثنا أبو معاوية ، ثنا الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، فإن هو خرج متمتعا في أشهر الحج ، كان عليه ما (اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) شاة. قال إبراهيم : فذكرت ذلك لسعيد بن جبير فقال : هذا قول ابن عباس

[١٧٩٥] حدثنا أبى ، ثنا عثمان بن الهيثم ، ثنا ابن جريج ، قال : قال عطاء : كان ابن الزبير يقول : إنما المتعة للمحصر ، وليس لمن خلى سبيله. وكان ابن عباس يقول : المتعة للمحصر ، ولمن خليت سبيله.

[١٧٩٦] حدثنا أبى ثنا دحيم ثنا أبو مسهر ، ثنا سعيد بن عبد العزيز عن يزيد بن أبى مالك في قول الله : (فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ) قال : منسوخة ، نسختها : (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ)

قوله : (فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ)

قد تقدم تفسيره

قوله : (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ)

[١٧٩٧] حدثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا حفص عن ليث ، حدثني مجاهد ، عن ابن عباس ، مثل حديث قبله : كل شيء في القرآن ، فإن لم يجد فالذي يليه ، فإن لم يجد ، فالذي يليه.

[١٧٩٨] حدثنا أسيد بن عاصم ، ثنا الحسين بن حفص ، ثنا سفيان ، عن ليث عن مجاهد ، عن ابن عباس (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ) فهو الأول ، فالأول.

٣٤١

وروى عن عكرمة ومجاهد والحسن نحو ذلك.

[١٧٩٩] حدثنا عصام بن رواد ، ثنا آدم ، عن أبى جعفر ، عن الربيع ، عن أبى العالية : (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ) يعني : الهدى إذا كان متمتعا. وروى عن مقاتل بن حيان والربيع بن أنس نحو ذلك.

قوله : (فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِ)

اختلف في تفسيره علي أقوال ، فأحدها :

[١٨٠٠] حدثنا أبى ، ثنا داود بن عبد الله حدثني حاتم بن إسماعيل ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن علي ، أنه كان يقول : (فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِ) قبل التروية بيوم ، ويوم التروية ويوم عرفة. وروى عن الشعبي والنخعي والحكم وحماد وأبى بن الزبير ، قال : كانت عائشة تقول : إنما اللغو في المزاحة يث ،

والقول الثاني :

[١٨٠١] أخبرنا يونس بن عبد الأعلى قراءة ، أنبأ ابن وهب ، أن مالك بن أنس حدثه ، عن ابن شهاب ، عن عروة عن عائشة أنها كانت تقول : الصيام لمن (تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ) ، لمن لم يجدها ما بين أن يهل بالحج إلى يوم عرفة ، فمن لم يصمه ، صام أيام منى.

[١٨٠٢] أخبرنا يونس قراءة ، أنبأ ابن وهب ، أن مالكا أخبره ، عن ابن شهاب ، عن سالم بن عبد الله ، عن أبيه ، مثل ذلك. وكذا روى عن عكرمة والحسن وروى عن ابن عباس والمسيب بن رافع وأبى جعفر محمد بن علي وروى عن الربيع بن أنس ومقاتل بن حيان ، وأحد قولي عطاء وطاوس ، أنه يصوم الثلاثة الأيام في العشر ، يكون آخرها يوم عرفة.

القول الثالث :

[١٨٠٣] حدثنا عمرو الأودي ، ثنا وكيع ، عن يونس بن أبى إسحاق ، قال : قال عبيد بن عمير : يصوم أيام التشريق ، يعني قوله : (فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِ) وروى عن عروة بن الزبير مثل ذلك.

٣٤٢

والقول الرابع :

[١٨٠٤] حدثنا ابن المقرئ ، ثنا سفيان ، عن ابن أبى نجيح ، عن مجاهد وطاوس ، قالا : لا بأس للمتمتع أن يصوم يوما من شوال ويوما من ذي القعدة ، وآخرها يوم عرفة.

قوله : (وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ)

[١٨٠٥] حدثنا محمد بن عبد الملك بن زنجويه ، ثنا عبد الرزاق (١) أنبأ الثوري ، عن نحيى بن سعيد ، أخبرني سالم قال : سمعت ابن عمر يقول : (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ) قال : إذا رجع إلى أهله. وروى سعيد بن جبير وأبى العالية ومجاهد وعطاء وعكرمة والحسن والزهري وقتادة والربيع بن أنس نحو ذلك (٢).

الوجه الثاني :

[١٨٠٦] حدثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا حفص ، عن حجاج ، عن عطاء : (وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ) قال إن شاء صامها إذا رجع ، وإن شاء بمكة.

[١٨٠٧] حدثنا أحمد بن سنان ، ثنا عبد الرّحمن ، عن سفيان ، عن عبد الكريم الجزري ، سعيد بن جبير : (وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ) قال : وإن أقام بمكة ، إن شاء صامه.

الوجه الثالث :

[١٨٠٨] حدثنا أبو سعيد الأشج ، وعمرو بن عبد الله ، قالا : ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد : (وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ) قال : إن شاء صامها في الطريق ، إنما هي رخصة. وروى عن عطاء نحو ذلك.

قوله : (تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ)

[١٨٠٩] حدثنا أبي ، ثنا أبو معمر إسماعيل بن إبراهيم بن معمر ، ثنا هشيم ، عن عباد بن راشد ، عن الحسن ، في قوله : (تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ) قال : من الهدى.

__________________

(١) التفسير ١ / ٩٣.

(٢) تفسير مجاهد ١ / ١٠١.

٣٤٣

قوله : (ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ)

[١٨١٠] حدثنا ابي ، ثنا عبيد الله بن الحارث بن محمد بن زياد ، ثنا عبد المؤمن بن أبى شراعة ، قال : سئل ابن عمر وأنا شاهد ، عن امرأة صرورة (١) أتعتمر في حجتها؟ قال : نعم إن الله جعلها رخصة (لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ).

[١٨١١] حدثنا عصام بن رواد ، ثنا آدم عن أبي جعفر ، عن الربيع ، عن أبى العالية : (ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) يقول : المتعة لأهل الأمصار ولأهل الآفاق ، وليس علي أهل مكة متعة.

وروى عن ابن عباس وابن عمر وطاوس وعطاء ومجاهد (٢) والحسن والزهري ونافع وإبراهيم والربيع بن أنس وميمون بن مهران ، أنهم قالوا : ليس على أهل مكة متعة

قوله : (حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَاتَّقُوا اللهَ)

[١٨١٢] حدثنا أبي ، ثنا أحمد بن يونس ، ثنا أبو بكر بن عياش ، أخبرنى ابن عطاء قال : قلت لأبي : (ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) قال : مر ونخلة وشبههما.

[١٨١٣] حدثنا عمرو بن عبد الله الأودي ، ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن ابن جريج عن عطاء : (ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) قال : عرفة وعرنة والرجيح وضجنان ، ونخلتان. وروى عن ابن شهاب ومكحول نحو ذلك.

والوجه الثاني :

[١٨١٤] حدثنا عمرو بن عبد الله الأودي ، ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن ابن جريج عن مجاهد : (ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) قال : هم أهل الحرم. وروى عن نحيى بن سعيد الأنصاري ، قال : من كان أهله على مسيرة يوم أو دون ذلك.

__________________

(١) أي لم تحج.

(٢) تفسير مجاهد ١ / ١٠١.

٣٤٤

قوله : (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ)

[١٨١٥] حدثنا أبى ثنا أحمد بن عبدة ، ثنا حماد بن زيد ، عن علي بن زيد قال : تلا مطرف هذه الآية : (شَدِيدُ الْعِقابِ) قال : لو يعلم الناس قدر عقوبة الله ، ونقمة الله ، وبأس الله ، ونكال الله ، لما رقأ لهم دمع ، وما قرت أعينهم بشيء

قوله : (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ) آية ١٩٧

[١٨١٦] أخبرنا يونس بن عبد الأعلى أنبأ ابن وهب ، أخبرنا ابن جريج ، قال قلت لنافع : أسمعت عبد الله بن عمر ، يسمى شهور الحج؟ فقال : نعم. كان عبد الله يسمى : شوال وذا القعدة وذا الحجة. قال : وقال ذلك ابن شهاب وعطاء بن أبى رباح وجابر بن عبد الله صاحب رسول الله  صلى‌الله‌عليه‌وسلم (١).

[١٨١٧] حدثنا أبو سعيد الأشج وعمرو الأودي ، قالا : ثنا وكيع ، عن شريك عن أبى إسحاق ، عن أبى الأحوص ، عن عبد الله : (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ) قال : شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة. وروى عن عمر بن الخطاب وعلي بن أبى طالب وعطاء وطاوس وابن الزبير وابن عباس ومجاهد (٢) وإبراهيم والحسن والضحاك والسدى ومحمد بن سيرين والزهري وقتادة والربيع بن أنس ومقاتل بن حيان ، نحو ذلك.

[١٨١٨] حدثنا أحمد بن سنان ، ثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب ، قال : قال عبد الله : (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ) ليس فيها عمرة (٣).

[١٨١٩] حدثنا أحمد بن نحيى بن مالك السوسي ، ثنا حجاج بن محمد ، قال ابن جريج أخبرني عمر بن عطاء ، عن عكرمة مولى ابن عباس ، عن ابن عباس ، أنه لا ينبغي لأحد أن يحرم بالحج إلا في أشهر الحج ، من أجل قول الله : (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ)

__________________

(١) قال ابن كثير هذا إسناد صحيح إلى ابن جريج ١ / ٣٤٣.

(٢) تفسير مجاهد ١ / ١٠١.

(٣) قال ابن كثير هذا اسناد صحيح ١ / ٣٤٣.

٣٤٥

قوله : (فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَ)

[١٨٢٠] حدثنا حجاج بن حمزة ، ثنا نحيى بن آدم ، ثنا ورقاء ، عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر ، في قوله : (فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَ) قال : من أهل فيهن.

[١٨٢١] حدثنا أحمد بن نحيى بن مالك السوسي ، ثنا حجاج بن محمد قال : قال ابن جريج : أخبرنى عمر بن عطاء ، عن عكرمة ، مولى ابن عباس عن ابن عباس ، أنه قال : (فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَ) فلا ينبغي أن يلبى بالحج ، ثم يقيم بأرض.

وروى عن ابن مسعود وعبد الله بن عباس وعبد الله بن الزبير ومجاهد وعطاء وإبراهيم النخعي والضحاك وعكرمة وسفيان (١) الثوري وقتادة والزهري ومقاتل بن حيان ، نحو ذلك. وقال طاوس والقاسم بن محمد : هو التلبية.

قوله : (فَلا رَفَثَ)

[١٨٢٢] أخبرنا يونس بن عبد الأعلى قراءة ، أنبأ ابن وهب ، أخبرنا يونس بن يزيد ، أن نافعا أخبره أن عبد الله بن عمر كان يقول : والرفث إتيان النساء ، والتكلم بذلك ، الرجال والنساء ، إذا ذكروا ذلك بأفواههم.

[١٨٢٣] أخبرنا يونس بن عبد الأعلى وأحمد بن شيبان الرملي ، قالا : ثنا سفيان ، عن ابن طاوس ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، وسأله عن الرفث قول الله : (فَلا رَفَثَ) فقال : التعريض بذكر الجماع ، وهو في كلام العرب ، وهو : أدنى الرفث. وروى عن ابن الزبير عن عطاء وطاوس نحو ذلك.

والوجه الثاني :

[١٨٢٤] حدثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا ابن فضيل ، عن عاصم ، عن بكر بن عبد الله ، عن ابن عباس (٢) قال : إن الله كريم يكني ما شاء ، وإن الرفث هو الجماع. وروى عن أبى العالية ومجاهد وعكرمة والضحاك وعطاء وسعيد بن جبير وعطاء بن يسار وإبراهيم والربيع بن أنس والحسن والزهري وقتادة وعطاء الخراساني ومكحول وعطية ومقاتل بن حيان وعبد الكريم ومالك بن أنس والسدى ، نحو ذلك.

__________________

(١) التفسير ص ٦٣.

(٢) انظر سفيان الثوري ص ٦٤.

٣٤٦

قوله : (وَلا فُسُوقَ)

[١٨٢٥] حدثنا أحمد بن سنان ، ثنا عبد الرّحمن بن مهدي ، عن سفيان ، عن زبيد ، عن أبى وائل ، عن عبد الله ، عن النبي  صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : سباب المسلم فسوق ، وقتاله كفر. قلت لأبى وائل : أنت سمعت ابن مسعود ، يحدثه عن النبي  صلى‌الله‌عليه‌وسلم؟ قال (١) نعم.

[١٨٢٦] أخبرنا يونس بن عبد الأعلى قراءة ، أنبأ ابن وهب أخبرنى يونس أن نافعا أخبره ، أن عبد الله بن عمر ، كان يقول : والفسوق : إتيان معاصي الله في الحرم.

[١٨٢٧] حدثنا عمرو الأودي ، ثنا وكيع ، عن سفيان (٢) عن خصيف ، عن مقسم ، عن ابن عباس (وَلا فُسُوقَ) قال : الفسوق : المعاصي. وروى حسين بن حفص ومؤمل بن إسماعيل ، عن الثوري (٣) ، عن خصييف هذا الحديث ، فقالا : الفسوق : السباب. وروى عن مجاهد وعطاء بن يسار وعطاء بن أبى رباح وعكرمة ومحمد بن كعب والزهري وسعيد بن جبير والربيع بن أنس وعطاء الخراساني ومقاتل بن حيان وإبراهيم النخعي وقتادة (٤) وطاوس ومكحول ، قالوا : الفسوق : المعاصي. وروى عن ابن الزبير والحسن والسدى قالوا : الفسوق : السباب.

والوجه الثاني :

[١٨٢٨] حدثنا عمرو الأودي ، ثنا وكيع ، عن حسين بن عقيل ، عن الضحاك والفسوق : التنابز بالألقاب.

[١٨٢٩] حدثنا أبى ، ثنا هشام الرازي وابن الأصبهاني ، قالا : ثنا أبو الأحوص ، عن أبى إسحاق ، عن الضحاك ، عن ابن عباس في قول الله : (وَلا فُسُوقَ) قال الفسوق : المنابزة بالألقاب ، تقول لأخيك : يا ظالم يا فاسق.

والوجه الثالث قرئ على يونس بن عبد الأعلى ، أنبأ ابن وهب ، قال : وقال مالك الفسوق : الذبح للأنصاب ، والله أعلم. قال الله : (أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ)

__________________

(١) صحيح البخاري ١ / ١٧ كتاب الإيمان.

(٢) الثوري ص ٦٣.

(٣) التفسير ص ٦٣

(٤) انظر تفسير عبد الرزاق ١ / ٩٤.

٣٤٧

قوله : (وَلا جِدالَ فِي الْحَجِ)

[١٨٣٠] أخبرنا يونس بن عبد الأعلى قراءة أنبأ ابن وهب ، أخبرنى يونس بن يزيد ، أن نافعا أخبره ، أن عبد الله بن عمر ، كان يقول : الجدال في الحج : السباب ، والمراء والخصومات.

[١٨٣١] حدثنا أحمد بن سنان ، ثنا عبد الرّحمن بن مهدى ، ثنا سفيان ، عن خصيف ، عن مقسم ، عن ابن عباس ، قال : والجدال : أن تمارى صاحبك حتى تغضبه.

وروى عن أبى العالية وعطاء ومجاهد والضحاك وعكرمة وجابر بن زيد وعطاء الخراساني ومكحول وعمرو بن دينار والربيع بن أنس وقتادة والزهري ومقاتل بن حيان والسدى عن ابن الزبير والحسن وإبراهيم وطاوس ومحمد بن كعب ، قالوا الجدال : المراء.

والوجه الثاني :

[١٨٣٢] حدثنا حجاج بن حمزة ، ثنا شبابة ، ثنا ورقاء عن ابن أبى نجيح عن مجاهد : (وَلا جِدالَ فِي الْحَجِ) قال : لأشهر ينسى ولا شك في الحج وقد تبين. قال : كانوا يسقطون المحرم ، ثم يقولون صفرين ، لصفر وربيع الأول ، ثم يقولون : شهري ربيع ، لشهر ربيع الآخرة ولجمادي الأولى ثم يقولون لرمضان : شعبان ، ويقولون لذي الحجة : ذا القعدة. ثم يقولون لمحرم : ذا الحجة ، فيحجون في المحرم ثم يأتنفون ، فيعدون على ذلك عدة مستقيمة علي وجه ما ابتدءوا ، فيقولون المحرم ، فيحجون في المحرم ، ويحجون في كل سنه مرتين ثم يسقطون شهرا آخر ، ثم يعدون على العدة الأولى ، يقولون : صفر وشهر ربيع الأول على نحو عددهم في أول ما أسقطوا.

والوجه الثالث :

[١٨٣٣] أخبرنا العباس بن الوليد بن مزيد قراءة ، أخبرنى ابن شعيب أخبرني عثمان بن عطاء ، عن أبيه عطاء الخراساني ، وأما الجدال فالسباب.

٣٤٨

والوجه الرابع :

[١٨٣٤] قرئ على يونس بن عبد الأعلى ، ثنا ابن وهب ، قال : قال مالك قال الله تعالى : (وَلا جِدالَ فِي الْحَجِ) فالجدال في الحج ـ والله أعلم ـ أن قريشا كانت تقف عند المشعر الحرام بالمزدلفة ، وكانت العرب وغيرهم يقفون بعرفة وكانوا يتجادلون يقولون هؤلاء : نحن أصوب يقولون هؤلاء : نحن أصوب. فهذا فيما نرى ، الله أعلم.

[١٨٣٥] حدثنا أبو سعيد الأشج وعمرو الأودي ، قالا : ثنا وكيع ، عن العلاء بن عبد الكريم ، قال : سمعت مجاهدا يقول : (وَلا جِدالَ فِي الْحَجِ) قد بين الله أشهر الحج ، فليس فيه جدال بين الناس.

والوجه الخامس :

[١٨٣٦] حدثنا أبى ، ثنا حجاج الأنماطي ، ثنا حماد بن سلمة ، عن جبر بن حبيب ، عن القاسم بن محمد ، أنه قال : الجدال في الحج : أن يقول بعضهم : الحج غدا. ويقول بعضهم : اليوم.

قوله : (وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ)

[١٨٣٧] حدثنا الحسن بن أحمد ، ثنا موسى بن محلم ثنا أبو بكر الحنفي ثنا عباد بن منصور ، قال : سألت الحسن عن قوله : (وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ) قال : ما فعل ابن آدم من خير

قوله : (وَتَزَوَّدُوا)

[١٨٣٨] أخبرنا محمد بن سعد العوفي فيما كتب إلى حدثني أبى ، حدثني عمي الحسين بن عطية ، حدثني أبى ، عن جدي ، عن عبد الله بن عباس قوله : (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى وَاتَّقُونِ يا أُولِي الْأَلْبابِ) كان أناس يخرجون من أهليهم ليست معهم أزودة ، يقولون : نحج بيت الله فلا يطعمنا. فقال الله : تزودوا ما يكف وجوهكم عن الناس.

[١٨٣٩] حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ ، ثنا سفيان (١) عن عمرو بن

__________________

(١) الثوري ص ٦٤.

٣٤٩

دينار ، عن عكرمة ، قال : أن أناسا كانوا يحجون بغير زاد ، فأنزل الله : (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى) (١)

قال أبو محمد : روى هذا الحديث ورقاء عن عمرو بن دينار عن عكرمة ، عن ابن عباس ، وما يرويه ابن عيينة ، أصح وروى عن أبى الزبير ومجاهد وأبى العالية والنخعي وقتادة والربيع بن أنس ومقاتل بن حيان ، نحو ذلك.

[١٨٤٠] حدثنا أبى ، ثنا أبو نعيم ، ثنا سفيان (٢) عن محمد بن سوقة ، عن سعيد بن جبير ، في قوله : (وَتَزَوَّدُوا) قال : السويق والدقيق والكعك.

وروى عن عكرمة والشعبي وسالم بن عبد الله وعطاء الخراساني. أنهم قالوا يتزود من الطعام ، بألفاظ مختلفة وذكروه.

والوجه الثاني :

[١٨٤١] حدثنا أبى ، ثنا أبو الجماهر محمد بن عثمان ، ثنا يحيى بن حمزة عن النعمان بن المنذر ، عن مكحول : (وَتَزَوَّدُوا) قال : الزاد : الرفيق الصالح ، يعني : في السفر.

قوله : (فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى)

[١٨٤٢] حدثنا علي بن الحسين ، ثنا أبو الطاهر حدثني أبو زرارة الليث بن عاصم القتباني ، قال : كتب إلى أبو خيرة محب بن حذلم ،كتب يذكر قول الله : (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى) والتقوى : كلمة ولها تفسير. وتفسيرها : العفاف عما حرم الله.

[١٨٤٣] أخبرنا العباس بن الوليد بن مزيد البيروتي قراءة ، أخبرنى أبى شعيب ، أخبرنا عثمان بن عطاء ، عن أبيه : وأما : (وَتَزَوَّدُوا) يعني الطعام ، وزاد الآخرة التقوى.

__________________

(١) قال ابن كثير ما يرويه ابن عيينة أصح ١ / ٣٤٨.

(٢) الثوري ص ٦٤.

٣٥٠

قوله : (وَاتَّقُونِ)

[١٨٤٤] قرأت على محمد بن الفضل ، ثنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق ثنا محمد بن مزاحم ، ثنا بكير بن معروف ، عن مقاتل بن حيان : (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى) اتقوا الله ولا تظلموا ولا تغصبوا أهل الطريق ، فلما نزلت هذه الآية (وَتَزَوَّدُوا) فقام رجل من فقراء المسلمين ، فقال : يا رسول الله ما نجد زادا نتزوده. فقال النبي  صلى‌الله‌عليه‌وسلم : تزود ما تكف به وجهك عن الناس وخير ما تزودتم التقوى

قوله : (يا أُولِي الْأَلْبابِ)

قد تقدم تفسيره آية ١٧٩

قوله : (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ) آية ١٩٨

[١٨٤٥] حدثنا الحسن بن عرفة ، ثنا عباد بن عوام ، عن العلاء بن المسيب عن أبى أمامة التيمي ، قال : قلت لابن عمر : إنا أناس نكري في هذا الوجه إلى مكة ، وإن ناسا يزعمون أنه لا حج لنا ، فهل ترى لنا حجا؟ قال : ألستم تحرمون وتطوفون بالبيت وتقضون المناسك؟ قال : قلت : بلى. قال : فأنتم حجاج. قال : ثم قال : جاء رجل إلى النبي  صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فسأله عن مثل الذي سألت ، فلم يدر ما يعود ، أو قال : فلم يرد عليه شيئا حتى نزلت : (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ) فدعى الرجل ، فتلاها عليه وقال أنتم حجاج (١).

[١٨٤٦] حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ ، ثنا سفيان ، عن عمرو بن دينار ، قال : قال ابن عباس : كان عكاظ ومجنة وذو المجاز أسواقا في الجاهلية. فلما كان الإسلام ، كأنهم كرهوا أن يتجروا في الحج فسألوا رسول الله  صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأنزل الله تعالى : (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ) في مواسم الحج (٢).

[١٨٤٧] حدثنا أبى ثنا أبو صالح ، ثنا معاوية ، عن علي بن أبى طلحة عن ابن عباس ، قوله (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ) يقول : لا حرج عليكم في الشراء والبيع ، قبل الإحرام وبعده.

__________________

(١) ابن كثير ١ / ٣٥٠.

(٢) البخاري ٥ / ١٥٨ كتاب التفسير.

٣٥١

قوله : (أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ)

[١٨٤٨] قرأت علي محمد بن الفضل بن موسى ، ثنا محمد بن علي بن شقيق ثنا محمد بن مزاحم ، ثنا بكير بن معروف ، عن مقاتل بن حيان : (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ) يعني بالفضل : التجارة والرزق بعرفات ومنى ، ولا في شيء من مواقيت الحج ، ولا عند البيت فرخص الله التجارة في الحج والعمرة.

قوله : (فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ)

[١٨٤٩] حدثنا حماد بن الحسن بن عنبسة ، ثنا أبو عامر ، عن زمعة ، عن سلمة بن وهرام ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : كان أهل الجاهلية يقفون بعرفة حتى إذا كانت الشمس على رؤوس الجبال كأنها العمائم على رؤوس الرجال ، دفعوا. فأخر رسول الله  صلى‌الله‌عليه‌وسلم الدفعة من عرفة حتى غربت الشمس (١)

[١٨٥٠] حدثنا عمرو بن عبد الله الأودي ، ثنا وكيع ، عن شعبة عن إسماعيل بن رجاء ، عن المعرور بن سويد ، قال : رأيت ابن عمر ، حين دفع من عرفة كأني انظر إليه ، رجل أصلع على بعير له يوضع وهو يقول : أنا وجدنا الإفاضة هي الإيضاع.

[١٨٥١] عن سالم بن أبى الجعد ، عن عبد الله بن عمرو ، أنه قال : إنما سميت عرفات لأنه قيل لإبراهيم ، حين أرى المناسك ، عرفت. وروى عن ابن عباس وأبي مجلز وعطاء ، نحو ذلك.

قوله : (فَاذْكُرُوا اللهَ)

[١٨٥٢] أخبرنا أبو محمد ابن بنت الشافعي فيما كتب إلى عن أبيه أو عمه ، عن سفيان بن عيينة ، قوله : (فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ) وهي (٢) جميعا.

[١٨٥٣] حدثنا عمرو بن عبد الله الأودي ، ثنا وكيع ، عن شعبة ، عن إسماعيل بن رجاء ، عن المعرور بن سويد ، قال : رأيت ابن عمر ، حين دفع من عرفة كأني أنظر إليه ، رجل أصلع علي بعير له ، يوضع وهو يقول : إنا وجدنا الإفاضة هي الإيضاع.

__________________

(١) قال ابن كثير : من حديث زمعة بن صالح ـ إسناده حسن ١ / ٣٥١.

(٢) في ابن كثير ١ / ٣٥٢ وهي الصلاتين جميعا.

٣٥٢