تفسير القرآن العظيم - ج ١

عبد الرحمن بن محمّد ابن إدريس الرازي ابن أبي حاتم

تفسير القرآن العظيم - ج ١

المؤلف:

عبد الرحمن بن محمّد ابن إدريس الرازي ابن أبي حاتم


المحقق: أسعد محمّد الطيّب
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مكتبة نزار مصطفى الباز
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٥٢

الوجه الثالث :

[١٠٦٣] حدثنا عبيد الله بن إسماعيل البغدادي ثنا خلف ثنا الخفاف عن إسماعيل البغدادي ثنا خلف ثنا الخفاف عن إسماعيل بن مسلم عن حبيب بن أبى ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ، قال : خطبنا عمر ، فقال : يقول الله : (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها) أي نؤخرها. وروى عن أبى العاليه : نؤخرها عندنا وعن عطاء : نؤخرها.

الوجه الرابع :

[١٠٦٤] حدثنا عصام بن رواد العسقلاني ثنا آدم عن ورقاء عن ابن أبى نجيح عن عبيد بن عمير في قول الله : (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها) يقول : أو نتركها نرفعها من عندكم فنأت بمثلها ، أو بخير منها ومثلها. وروى عن الربيع بن أنس والسدى نحو ذلك.

والوجه الخامس :

[١٠٦٥] حدثنا أبى ثنا أبو صالح حدثني معاوية بن صالح عن علي بن أبى طلحة عن ابن عباس في قوله : (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها) يقول : ما نبدل من آية أو نتركها لا نبدلها.

[١٠٦٦] حدثنا أبو زرعة ثنا عمرو بن حماد ثنا أسباط عن السدى أو ننساها فنتركها لا ننسخها.

قوله : (نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها)

[١٠٦٧] حدثنا أبى ثنا أبو صالح حدثني معاوية بن صالح عن علي ابن عباس قوله : (نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها) يقول : خير لكم في المنفعة وأرفق بكم.

[١٠٦٨] حدثنا عصام بن رواد ثنا آدم عن أبى جعفر الرازي عن الربيع عن أبى العالية : (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ) أي فلا يعمل بها : (أَوْ نُنْسِها) أي نرجيها عندنا نأت بها أو بغيرها.

[١٠٦٩] حدثنا أبو زرعة ثنا عمرو بن حماد ثنا أسباط عن السدى : (نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها) يقول : نأت بخير من التي نسخناها ، أو مثل الذي تركناه.

٢٠١

[١٠٧٠] حدثنا الحسن بن أبى الربيع أنبأ عبد الرزاق (١) أنبأ معمر عن قتادة قوله : (نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها) فيقول : آية فيها تخفيف ، فيها رخصة ، فيها أمر ، فيها نهي.

قوله : (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)

[١٠٧١] حدثنا محمد بن يحيى أنبأ أبو غسان ثنا سلمة قال : قال محمد بن إسحاق قوله : (عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) أي لا يقدر علي هذا غيرك بسلطانك وقدرتك.

قوله : (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ) آية ١٠٧

[١٠٧٢] حدثنا علي بن أبى دلامة البغدادي ثنا عبد الوهاب بن عطاء عن سعيد عن قتادة عن صفوان بن محرز عن حكيم بن حزام قال : بينا رسول الله ـ  صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ بين أصحابه إذ قال لهم : هل تسمعون ما أسمع؟ قالوا : ما نسمع من شيء. فقال رسول الله ـ  صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ إني لأسمع أطيط السماء. وما تلام أن تئط ، وما فيها موضع شبر إلا وعليه ملك ساجد أو قائم.

[١٠٧٣] حدثنا أحمد بن عصام الأنصاري ثنا موصل ثنا سفيان ثنا يزيد بن أبى زياد عن عبد الله بن الحارث. قال : قال كعب : ما من موضع خرمة إبرة من الأرض إلا وملك موكل بها يرفع علم ذلك إلى الله ، وأن ملائكة السماء لأكثر من عدد التراب ، وأن حملة العرش ما بين كعب أحدهم إلى مخه مسيرة مائة عام.

قوله : (أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ كَما سُئِلَ مُوسى مِنْ قَبْلُ)

[١٠٧٤] حدثنا محمد بن نحيى أنبأ أبو غسان ثنا سلمة قال : قال محمد بن إسحاق : حدثني مولى آل زيد ـ يعني محمد ـ بن أبى محمد عن عكرمة ، أو سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : قال رافع بن حريملة ووهب بن زيد لرسول الله  صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ يا محمد ائتنا بكتاب تنزله علينا من السماء نقرأه ، وفجر لنا أنهارا نتبعك ونصدقك فأنزل الله في ذلك من قولهم : (أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ كَما سُئِلَ مُوسى مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمانِ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ)

__________________

(١) التفسير ١ / ٧٥.

٢٠٢

الوجه الثاني :

[١٠٧٥] حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح ثنا شبابة بن سوار عن ورقاء عن ابن أبى نجيح عن مجاهد (١) (أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ كَما سُئِلَ مُوسى مِنْ قَبْلُ) أن يريهم الله جهرة. قال سألت قريش محمدا أن يجعل لهم الصفا ذهبا قال نعم وهو لكم كالمائدة لبني إسرائيل فأبوا ورجعوا.

الوجه الثالث :

[١٠٧٦] حدثنا أبى ثنا أحمد بن عبد الرّحمن ثنا عبد الله بن أبى جعفر عن أبيه عن الربيع عن أبى العالية في قوله : (أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ كَما سُئِلَ مُوسى مِنْ قَبْلُ) قال : قال رجل : يا رسول الله لو كانت كفارتنا ككفارات بني إسرائيل؟ فقال النبي ـ  صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : اللهم لا نبغيها ثلاثا ، ما أعطاكم الله خير مما أعطى بني إسرائيل. كانت بنوا إسرائيل إذا أصاب أحدهم الخطيئة وجدها مكتوبة على بابه ، وكفارتها. فان كفرها كانت له خزيا في الدنيا ، وإن لم يكفرها كانت له خزيا في الآخرة. فما أعطاكم الله خير مما أعطى بني إسرائيل. قال : (مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُوراً رَحِيماً) وقال ـ  صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ الصلوات الخمس من الجمعة إلى الجمعة كفارات لما بينهن (٢) ، وقال من هم بسيئة فلم يعملها لم تكتب عليه ، وإن عملها كتبت واحدة ، ومن هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة واحدة ، وإن عملها كتبت له عشر أمثالها (٣). ولا يهلك على الله إلا هالك فأنزل الله عزّ وجلّ : (أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ كَما سُئِلَ مُوسى مِنْ قَبْلُ) (٤).

الوجه الرابع :

[١٠٧٧] حدثنا أبو زرعة ثنا عمرو بن حماد بن طلحة ثنا أسباط عن السدى : (أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ كَما سُئِلَ مُوسى مِنْ قَبْلُ) أن يريهم الله جهرة. فسألت العرب محمدا أن يأتيهم بالله فيرونه جهرا. وروى عن قتادة نحو ذلك.

__________________

(١) تفسير مجاهد ١ / ٨٥.

(٢) سورة النساء آية ١١٠. (٢) مسلم كتاب الطهارة رقم ٢٣٣ ١ / ٢٠٩.

(٣) مسلم كتاب الإيمان رقم ١٣١ ١ / ١١٨.

(٤) ابن كثير ١ / ٢١٩.

٢٠٣

قوله : (وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمانِ فَقَدْ ضَلَ)

[١٠٧٨] حدثنا أبى ثنا أحمد بن عبد الرّحمن ثنا عبد الله بن أبى جعفر عن أبيه عن الربيع أبى العالية : (وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمانِ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ) يقول : من يتبدل الشدة بالرخاء فقد ضل سواء السبيل (١).

[١٠٧٩] حدثنا محمد بن عباد ثنا عبد الرّحمن الدشتكي أنبأ أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس في قوله ولم يذكر أبا العالية.

قوله : (فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ)

[١٠٨٠] أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيم الأودي فيما كتب إلى ثنا أحمد بن الفضل ثنا أسباط عن السدى قوله : (فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ) قال : عن عدل السبيل

قوله : (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّاراً) آية ١٠٩

[١٠٨١] حدثنا محمد بن نحيى ، أنبأ أبو غسان ثنا سلمة قال : قال ابن إسحاق : حدثني محمد بن أبى محمد مولى آل زيد عن عكرمة ، أو سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : فكان حيي بن أخطب ، وأبو ياسر بن أخطب من أشد يهود للعرب حسدا إذ خصهم الله برسوله. وكانا جاهدين في رد الناس عن الإسلام بما استطاعا ، فأنزل الله تعالى فيهما : (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُ)

الوجه الثاني :

[١٠٨٢] حدثنا الحسن بن أبى الربيع أنبأ معمر عن الزهري (٢) في قوله : (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) قال : هو كعب بن الأشرف.

[١٠٨٣] حدثنا أبى ثنا أبو اليمان ، أنبأ شعيب بن أبى حمزة عن الزهري أخبرني عبد الرّحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه ، أن كعب بن الأشرف اليهودي

__________________

(١) ابن كثير ١ / ٢٢٠.

(٢) تفسير عبد الرزاق ١ / ٧٥.

٢٠٤

كان شاعرا ، وكان يهجو النبي ـ  صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وفيهم أنزل الله (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً) إلى قوله : (فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا)

قوله : (كُفَّاراً حَسَداً)

[١٠٨٤] حدثنا علي بن الحسين ثنا محمد بن العلاء ـ أبو كريب أنبأ عثمان بن سعيد عن بشر بن عمارة عن أبى روق عن الضحاك عن ابن عباس : أن رسولا أميا يخبرهم بما في أيديهم من الرسل والكتب والآيات ، ثم يصدق بذلك عليه مثل تصديقهم أو أشد من تصديقهم ، ولكنهم جحدوا ذلك كفرا وحسدا وبغيا. وكذلك قال الله (كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ)

قوله : (مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ)

[١٠٨٥] حدثنا أبى ثنا أحمد بن عبد الرّحمن ثنا عبد الله بن أبى جعفر عن أبيه عن الربيع بن أنس : (مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ) من قبل أنفسهم.

قوله : (مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُ)

[١٠٨٦] حدثنا علي بن الحسين ثنا محمد بن العلاء ثنا عثمان بن سعيد ثنا بشر بن عمارة عن أبى روق عن الضحاك عن ابن عباس : (مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ) يقول : من بعد ما أضاء لهم الحق ، لم يجهلوا منه شيئا ، ولكن الحسد حملهم علي الجحود ، فعيرهم الله ووبخهم ولامهم أشد الملامة وشرع لنبيه ـ  صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ والمؤمنين ما هم عليه من التصديق والإيمان والإقرار بما أنزل الله عليهم ، وما أنزل الله من قبلهم بكرامته وثوابه الجزيل ومعونته لهم.

قوله : (الْحَقُ)

[١٠٨٧] حدثنا عصام بن رواد ثنا آدم عن أبى جعفر الرازي عن الربيع عن أبى العالية في قوله : (مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُ) من بعد ما تبين لهم أن محمدا رسول الله ـ  صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ (يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ) فكفروا به حسدا وبغيا إذ كان من غيرهم. وروى عن قتادة ، والربيع بن أنس والسدى نحو ذلك.

٢٠٥

قوله : (فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ)

[١٠٨٨] حدثنا أبى ثنا أبو اليمان أنبأ شعيب عن الزهري أخبرني عروة بن الزبير أن اسامة بن زيد أخبره قال : كان رسول الله ـ  صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وأصحابه يعفون عن المشركين ، وأهل الكتاب كما أمرهم الله ويصبرون على الأذى قال الله (فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) وكان رسول الله ـ  صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ يتأول في العفو ما أمره الله به حتى أذن الله فيهم بقتل. فقتل الله به من قتل من صناديد قريش (١).

الوجه الثاني :

[١٠٨٩] حدثنا أبى ثنا أبو صالح حدثني معاوية عن علي بن أبى طلحة عن ابن عباس في قوله : (فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ) نسخ ذلك كله. قوله : (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) (٢) وقوله (قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ) إلى قوله : (وَهُمْ صاغِرُونَ) (٣) فنسخ هذا عفوا عن المشركين.

[١٠٩٠] حدثنا عصام بن رواد ثنا آدم بن أبى جعفر عن الربيع عن أبى العالية في قوله : (فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا) يقول : اعفوا عن أهل الكتاب ، واصفحوا عنهم حتى يحدث الله أمرا ، فأحدث الله بعد ذلك في سورة براءة ، (قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ) إلى قوله : (وَهُمْ صاغِرُونَ) وروى عن قتادة ، والسدى ، والربيع بن أنس نحو ذلك

قوله : (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ) آية ١١٠

قد تقدم تفسيره.

قوله : (وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ)

[١٠٩١] حدثنا أبو زرعة ثنا نحيى بن عبد الله بن بكير عن ابن لهيعة عن عطاء بن دينار عن سعيد بن جبير : (ما تُقَدِّمُوا) يعني ما عملوا من الأعمال من الخير في الدنيا.

__________________

(١) مسلم كتاب الجهاد رقم ١١٦.

(٢) سورة التوبة ، آية : ٥.

(٣) سورة التوبة ، آية : ٢٩.

٢٠٦

قوله : (تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ)

[١٠٩٢] حدثنا عصام بن رواد ثنا آدم عن أبى جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية في قوله : (تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ) فيقول : تجدوا ثوابه عند الله وروى عن الربيع بن أنس نحو ذلك.

[١٠٩٣] حدثنا أبو زرعة ثنا ابن بكير عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبى حبيب عن أبى الخير عن عقبة بن عامر قال : رأيت رسول الله ـ  صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وهو يقترى هذه الآية : (سَمِيعٌ بَصِيرٌ) يقول بكل شيء بصير.

قوله : (وَقالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى) آية ١١١

[١٠٩٤] حدثنا عصام بن رواد ثنا آدم عن أبى جعفر عن الربيع عن ابن العالية قال : قالت اليهود : لن يدخل الجنه إلا يهودي. وقالت النصارى : لن يدخل الجنة إلا نصراني. وروى عن مجاهد ، والربيع ، والسدى نحو ذلك.

قوله : (تِلْكَ أَمانِيُّهُمْ)

[١٠٩٥] حدثنا عصام بن رواد ثنا آدم عن أبى جعفر عن الربيع عن أبى العالية يقول الله : (تِلْكَ أَمانِيُّهُمْ) يقول : أماني تمنوها على الله بغير حق. وروى عن قتادة ، والربيع بن أنس نحو ذلك.

قوله : (قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ)

[١٠٩٦] به عن أبى العالية : (قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ) أي حجتكم.

وروى عن مجاهد ، والسدى ، والربيع نحو ذلك.

[١٠٩٧] أخبرنا محمد بن عبيد الله بن المنادي فيما كتب إلى ثنا يونس بن محمد المؤدب ثنا شيبان النحوي عن قتادة : (قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ) قال : بينتكم على ذلك (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ).

قوله : (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ)

[١٠٩٨] حدثنا عصام بن رواد ثنا آدم عن أبى جعفر عن الربيع عن أبى العالية : (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) بما تقولون أنه كما تقولون. وروى عن الربيع بن أنس نحو ذلك.

٢٠٧

قوله : (بَلى مَنْ أَسْلَمَ) آية ١١٢

[١٠٩٩] وبه عن أبى العالية : (بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ) يقول : من أخلص لله. وروى عن الربيع نحو ذلك.

قوله : (وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ)

[١١٠٠] ذكر عن يحيى بن آدم ثنا ابن المبارك عن حيوة بن شريح عن عطاء بن دينار عن سعيد بن جبير : (مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ) قال : من أسلم أخلص وجهه ، قال : دينه.

قوله : (فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ)

[١١٠١] حدثنا أبو زرعة ثنا نحيى بن عبد الله بن بكير ثنا عبد الله بن لهيعة حدثني عطاء بن دينار عن سعيد بن جبير في قول الله : (لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) يعني في الآخرة (وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) ـ يعني لا يحزنون للموت.

قوله : (وَقالَتِ الْيَهُودُ) آية ١١٣

[١١٠٢] حدثنا أبى ثنا علي بن محمد الطنافسي ثنا وكيع عن شريك عن جابر عن عبد الله ابن نجي قال : انما سموا اليهود لأنهم قالوا لموسى (إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ).

قوله : (وَقالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصارى عَلى شَيْءٍ وَقالَتِ النَّصارى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلى شَيْءٍ)

[١١٠٣] حدثنا محمد بن نحيى ثنا أبو غسان ثنا سلمة قال : قال محمد بن إسحاق : حدثني مولى آل زيد ـ يعني محمد بن أبى محمد ـ عن عكرمة ، أو سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : لما قدم أهل نجران من النصارى على رسول الله  صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ أتتهم أحبار يهود فتنازعوا عند رسول الله ـ  صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ فقال رافع بن حريملة : ما أنتم على شيء ، وكفر بعيسى وبالإنجيل. فقال رجل من أهل نجران من النصارى لليهود ما أنتم على شيء ، وجحد بنبوة موسى وكفر بالتوراة. فأنزل الله تعالى في ذلك من قولهما : (وَقالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصارى عَلى شَيْءٍ وَقالَتِ النَّصارى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلى شَيْءٍ)

٢٠٨

[١١٠٤] أخبرنا محمد بن عبيد الله بن المنادي فيما كتب إلى ثنا يونس بن محمد ثنا شيبان النحوي عن قتادة : (وَقالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصارى عَلى شَيْءٍ) قال : بلى قد كانت أوائل النصارى على شيء ولكنهم ابتدعوا وتفرقوا.

[١١٠٥] حدثنا عصام بن رواد ثنا آدم عن أبى جعفر عن الربيع عن أبى العالية قال : (وَقالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصارى عَلى شَيْءٍ ـ وَقالَتِ النَّصارى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلى شَيْءٍ) قال : هؤلاء أهل الكتاب الذين كانوا على عهد رسول الله  صلى‌الله‌عليه‌وسلم : وروى عن الربيع وقتادة نحو قول أبى العالية

قوله : (وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتابَ)

[١١٠٦] حدثنا محمد بن يحيى أنبأ أبو غسان ثنا سلمة قال : قال محمد بن إسحاق حدثني مولى آل زيد بن ثابت ـ يعني محمد بن أبى محمد ـ عن عكرمة ، أو سعيد بن جبير عن ابن عباس : (وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتابَ) قال : أي كل يتلو في كتابه تصديق ما كفر به أن تكفر اليهود بعيسى ، وعندهم التوراة فيها ما أخذ الله عليهم على لسان موسى بالتصديق بعيسى ، وفي الإنجيل ما جاء به من التوراة من عند الله وكل يكفر بما في يدي صاحبه.

قوله : (كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ)

[١١٠٧] حدثنا أبو زرعة ثنا عمر بن حماد بن طلحة ثنا أسباط عن السدى : (كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) فهم العرب ، قالوا : ليس محمد على شيء

الوجه الثاني :

[١١٠٨] حدثنا الحسين بن الحسن ثنا إبراهيم بن عبد الله الهروي أنبأ حجاج عن ابن جريج (كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) قال : قلت لعطاء : من هم؟ قال : أمم كانت قبل اليهود والنصارى ، قبل التوراة والإنجيل.

قوله : (مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ)

[١١٠٩] حدثنا عصام بن رواد ثنا آدم عن أبى جعفر الرازي عن الربيع عن أبى العالية قوله : (كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ) يقول : قالت النصارى مثل قول اليهود قبلهم. وروى عن قتادة ، والربيع بن أنس نحو ذلك.

٢٠٩

قوله : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ) آية ١١٤

[١١١٠] ذكر عن سلمة قال : قال محمد بن إسحاق حدثني محمد بن أبى محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس : أن قريشا منعوا النبي ـ  صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ الصلاة عند الكعبة في المسجد الحرام فأنزل الله (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ)

[١١١١] أخبرنا محمد بن سعيد فيما كتب إلي حدثني أبى ثنا عمي عن أبيه عن جده عن عبد الله بن عباس قوله : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ) قال : هم النصارى.

[١١١٢] حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح ثنا شبابة ثنا ورقاء عن ابن أبى نجيح عن مجاهد (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعى فِي خَرابِها) النصارى كانوا يطرحون في بيت المقدس الأذى ، ويمنعون الناس أن يصلوا فيه.

قوله : (وَسَعى فِي خَرابِها)

[١١١٣] حدثنا الحسن بن أبى الربيع أنبأ عبد الرزاق (١) أنبأ معمر عن قتادة في قوله : (وَسَعى فِي خَرابِها) قال : هو بخت نصر ، وأصحابه ، خرب بيت المقدس ، وأعانه على ذلك النصارى. وروى عن الحسن ، والسدى نحو ذلك

الوجه الثاني :

[١١١٤] حدثني أبى ثنا عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار ثنا ضمرة عن أبى عثمان قاص أهل الأردن (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعى فِي خَرابِها) قال : خرابها قتل أهلها.

قوله : (أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلَّا خائِفِينَ)

[١١١٥] حدثنا أبو سعيد الأشج ثنا موسى بن إبراهيم المعلم أبو علي الجذامي حدثني خازن بيت المقدس عن ذي الكلاع عن كعب قال : إن النصارى لما ظهروا علي بيت المقدس حرقوه ، فلما بعث الله محمدا أنزل عليه : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعى فِي خَرابِها أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلَّا خائِفِينَ) فليس في الأرض نصراني يدخل بيت المقدس إلا خائفا (٢).

__________________

(١) التفسير ١ / ٧٥.

(٢) ابن كثير ١ / ٢٢٦.

٢١٠

[١١١٦] حدثنا أبو زرعة ثنا عمرو بن حماد ثنا أسباط عن السدى (أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلَّا خائِفِينَ) فإن الروم ظاهروا بخت نصر علي خراب بيت المقدس. فليس في الأرض رومي يدخله اليوم إلا وهو خائف أن تضرب عنقه ، أو قد أخيف بأداء الجزية فهو يؤديها.

الوجه الثاني :

[١١١٧] حدثنا الحسن بن أبي الربيع أنبأ عبد الرزاق (١) أنبأ معمر عن قتادة : قال الله : (أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلَّا خائِفِينَ) وهم النصارى فلا يدخلون المساجد الا مسارقة.

قوله : (لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ)

[١١١٨] حدثنا أبو زرعة ثنا عمرو بن حماد بن طلحة ثنا أسباط عن السدى : أما خزيهم في الدنيا فأنه إذا قام المهدي فتح القسطنطينية وقتلهم فذلك الخزي. وروى عن عكرمه ، ووائل بن داود نحو ذلك.

الوجه الثاني

[١١١٩] حدثنا الحسن بن أبى الربيع ، أنبأ عبد الرزاق (٢) أنبأ معمر عن قتادة : (لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ) قال : يعطون (الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ).

قوله : (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ إِنَّ اللهَ واسِعٌ عَلِيمٌ) آية ١١٥

اختلف في تفسيره علي أربعة أوجه :

فأحد ذلك : من جعلها محكمة وصرفها إلى حد الضرورة

[١١٢٠] حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح ثنا سعيد بن سليمان ، أنبأ أبو الربيع السمان أشعث بن سعيد ، أنبأ عاصم بن عبيد الله عن عبد الله بن ربيعة عن أبيه قال : كنا مع رسول الله  صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ في سفر في ليلة مظلمة ، فنزلنا منزلا فجعل الرجل يأخذ الحجارة فيجعلها مسجدا يصلي فيه ، فلما أصبحنا إذا نحن قد صلينا لغير القبلة ، فقلنا : يا رسول الله. ليلتنا ليلة باردة فأنزل الله عزّ وجلّ (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) (٣).

__________________

(١) التفسير ١ / ٧٥.

(٢) التفسير ١ / ٧٥.

(٣) الترمذي كتاب التفسير رقم ٢٩٥٧ ، قال : حديث حسن غريب ٥ / ١٨٨.

٢١١

والقول الثاني : بأن الآية محكمة وتفسيرها في صلاة السفر تطوعا.

[١١٢١] حدثنا أبو سعيد الأشج ثنا ابن فضيل عن عبد الملك بن أبى سليمان عن سعيد بن جبير عن ابن عمر قال : لما نزلت هذه الآية : (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) أن تصلي أينما توجهت راحلتك في السفر تطوعا ، كان رسول الله صلي الله عليه وسلّم ـ إذا رجع مكة يصلي علي راحلته تطوعا ، يومئ برأسه نحو المدينة (١).

والقول الثالث : إنها محكمة. وتفسيرها استقبال الكعبة.

[١١٢٢] حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح ثنا حجاج بن محمد الأعور عن ابن جريج أخبرنى إبراهيم بن أبى بكر عن مجاهد في قوله : (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) حيثما كنتم فلكم قبلة تستقبلونها الكعبة. وروى عن الحسن نحو ذلك (٢).

والقول الرابع : أنها منسوخة :

[١١٢٣] حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح ثنا حجاج بن محمد أنبأ ابن جريج وعثمان بن عطاء عن عطاء عن ابن عباس قال : أول ما نسخ من القرآن فيما ذكر لنا والله أعلم شأن القبلة قل : (لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) فاستقبل رسول الله ـ  صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ فصلى نحو بيت المقدس ، وترك البيت العتيق. ثم صرفه الله إلى البيت العتيق ، فنسخها وقال : (وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ ، وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ) قال أبو محمد : وروى عن أبى العالية ، والحسن وعطاء الخراساني ، وعكرمة وقتادة ، والسدى ، وزيد بن أسلم نحو ذلك (٣).

قوله : (فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ إِنَّ اللهَ واسِعٌ عَلِيمٌ)

[١١٢٤] حدثنا أبو سعيد الأشج ثنا عبدة بن سليمان الكلابي عن نضر بن العربي عن عكرمة عن ابن عباس : (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) قبلة الله أينما توجهت شرقا أو غربا.

__________________

(١) الترمذي كتاب التفسير رقم ٢٩٥٨ ، قال : حديث حسن صحيح ٥ / ١٨٩.

(٢) الترمذي كتاب التفسير رقم ٥٢٩٥٨ / ١٨٩

(٣) الحاكم كتاب التفسير ٢ / ٢٦٧ ، قال : حديث صحيح علي شرط الشيخين ، ولم يخرجه

٢١٢

قوله : (وَقالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً سُبْحانَهُ)

[١١٢٥] حدثنا العباس بن يزيد العبدي ثنا يزيد بن زريع عن سعيد بن أبى عروبة عن قتادة في قوله : (وَقالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً سُبْحانَهُ) قال : إذا قالوا عليه البهتان سبح نفسه.

[١١٢٦] حدثنا المنذر بن شاذان ثنا هوذة ثنا عوف عن غالب بن عجرد حدثني رجل من أهل الشام في مسجد منى قال : بلغني أن الله لما خلق ما فيها من الشجر ولم يكن في الأرض شجرة يأتيها بنوا آدم إلا أصابوا منها منفعة ، أو كان لهم فيها منفعة ، ولم تزل الأرض والشجر بذلك حتى تكلم فجرة بني آدم بتلك الكلمة العظيمة بقولهم : (اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً) فلما تكلموا بها اقشعرت الأرض ، وشاك الشجر. وقد تقدم تفسيره.

قوله : (سُبْحانَهُ)

[١١٢٧] حدثني أبى ثنا سهل بن عثمان ثنا أبو مالك ـ يعني ـ عمرو بن هاشم الجنبي عن جويبر عن الضحاك في قوله : (سُبْحانَ) يقول : سبحان عجب.

قوله : (بَلْ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ)

اختلف في تفسيره على أوجه.

[الوجه الأول]

[١١٢٨] حدثنا يونس بن عبد الأعلى أنبأ ابن وهب أخبرني عمرو بن الحارث أن دراجا أبا الشيخ حدثه عن أبى الهيثم عن أبى سعيد الخدري عن رسول الله ـ  صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ قال : كل حرف في القرآن يذكر فيه القنوت فهو الطاعة.

[١١٢٩] حدثنا أبى ثنا أبو حذيفة ثنا شبل عن ابن أبى نجيح عن مجاهد : (كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ) : مطيعون. يقول : طاعة الكافر في سجوده ، سجود ظله وهو كاره.

[١١٣٠] حدثنا علي بن عمار ثنا الوليد بن صالح ثنا شريك عن خصيف عن مجاهد (١) في قوله : (كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ) قال : مطيعون. كن إنسانا ، فكان. وقال : كن حمارا ، فكان.

__________________

(١) تفسير مجاهد ١ / ٨٦.

٢١٣

الوجه الثاني :

[١١٣١] حدثنا أبو سعيد الأشج ثنا أسباط عن مطرف عن عطية عن ابن عباس قال : قانتين : مصلين.

والوجه الثالث :

[١١٣٢] حدثنا علي بن الحسين ثنا محمد بن علي بن حمزة حدثني علي بن الحسين ـ يعني ابن واقد ـ عن أبيه عن يزيد النحوي عن عكرمة في قوله : (كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ) قال : كل له مقرون بالعبودية. وروى عن أبى مالك نحوه.

والوجه الرابع :

[١١٣٣] حدثنا أبى ثنا أحمد بن عبد الرّحمن الدشتكي ثنا عبد الله بن أبى جعفر عن أبيه عن الربيع بن أنس : (كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ) كل له قائم يوم القيامة.

والوجه الخامس :

[١١٣٤] حدثنا علي بن الحسين ثنا محمد بن علي بن حمزة ثنا نحيى بن إسحاق وحبان عن عبد الله عن شريك عن سالم عن سعيد : (كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ) يقول : الإخلاص.

قوله : (بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) آية ١١٧

[١١٣٥] حدثنا عصام بن رواد ثنا آدم عن أبى جعفر عن الربيع عن أبى العالية ـ يعني قوله : (بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ابتدع خلقها ، ولم يشركه في خلقها أحد. وروى عن الربيع نحو ذلك.

[١١٣٦] حدثنا أبو زرعة ثنا عمرو بن حماد بن طلحة ثنا أسباط عن السدى : (بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) يقول : ابتدعها فخلقها ، ولم يخلق قبلها شيئا فيمتثل عليه. وروى عن مجاهد نحو ذلك.

قوله : (وَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)

[١١٣٧] حدثنا محمد بن نحيى ثنا أبو غسان ثنا سلمة قال : قال محمد بن إسحاق (إِذا قَضى أَمْراً) يقول : مما يشاء. وكيف فيكون كما أراد.

٢١٤

[١١٣٨] ذكر عن محمد بن عمرو زنيج ثنا أبو زهير ثنا جويبر عن الضحاك قال : (فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) وهذا من لغة (١) الأعاجم. وهي بالعبرية : أصنع.

[١١٣٩] أخبرنا محمد بن سعد بن عطية فيما كتب الى حدثني أبى ثنا عمي عن أبيه عن عطية عن ابن عباس يقول له : (كُنْ فَيَكُونُ) قال : فهو خلق الإنسان.

قوله : (وَقالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ لَوْ لا يُكَلِّمُنَا اللهُ أَوْ تَأْتِينا آيَةٌ) آية ١١٨

اختلف في تفسيره علي أوجه : فأحدها : أنهم يهود.

[١١٤٠] حدثنا محمد بن نحيى ثنا أبو غسان ثنا سلمة قال : قال محمد بن إسحاق : حدثني مولى آل زيد ـ يعني محمد بن أبى محمد ـ عن عكرمة ، أو سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : قال رافع بن حريملة لرسول الله ـ  صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : يا محمد إن كنت رسولا من الله كما تقول ، فقل لله فليكلمنا حتى نسمع كلامه ، فأنزل الله في ذلك من قوله : (وَقالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ لَوْ لا يُكَلِّمُنَا اللهُ أَوْ تَأْتِينا آيَةٌ).

والوجه الثاني : أنهم كفار العرب.

[١١٤١] حدثنا عصام بن رواد ثنا آدم ثنا أبو جعفر عن الربيع عن أبى العالية قوله : (لَوْ لا يُكَلِّمُنَا اللهُ أَوْ تَأْتِينا آيَةٌ) قال : هو قول كفار العرب وروي عن قتادة والربيع بن أنس نحو ذلك.

والوجه الثالث :

[١١٤٢] حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح ثنا شبابة عن ورقاء عن ابن أبى نجيح عن مجاهد (٢) قوله : (وَقالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ لَوْ لا يُكَلِّمُنَا اللهُ أَوْ تَأْتِينا آيَةٌ) النصارى تقوله.

قوله : (لَوْ لا يُكَلِّمُنَا اللهُ)

[١١٤٣] حدثنا الحسن بن أبى الربيع أنبأ عبد الرزاق أنبأ معمر عن قتادة في قوله : (لَوْ لا يُكَلِّمُنَا اللهُ) قالوا : فهلا يكلمنا الله.

__________________

(١) في الأصل (غلة)

(٢) تفسير مجاهد ٨٦١.

٢١٥

قوله : (كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ)

[١١٤٤] حدثنا عصام بن رواد ثنا آدم عن أبى جعفر عن الربيع عن أبى العالية يقول الله : (كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) يعني اليهود والنصارى أو غيرهم. وروى عن السدى ، وقتادة ، والربيع بن أنس نحو ذلك ، وروى عن مجاهد (١) أنه قال : اليهود.

قوله : (تَشابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الْآياتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ)

[١١٤٥] حدثنا الحسن بن أحمد ثنا إبراهيم بن عبد الله بن بشار حدثني سرور عن عباد بن منصور عن الحسن قوله : (تَشابَهَتْ قُلُوبُهُمْ) قلوب اليهود والنصارى ، قال : وتشابههم أن اليهود قالت : (لَيْسَتِ النَّصارى عَلى شَيْءٍ) ، وأن النصارى قالت : (لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلى شَيْءٍ). قال الله : (كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ) (... قَدْ بَيَّنَّا الْآياتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ)

[١١٤٦] أخبرنا أبو عبد الله الطهراني فيما كتب إلى أنبأ عبد الرزاق أنبأ معمر عن قتادة يعني قوله : (آياتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) قال : معتبرا لمن أعتبر.

قوله : (إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً) آية ١١٩

[١١٤٧] حدثنا أبى ثنا سهل بن عثمان ثنا ابن السماك عن أبى بكر عن الحسن قوله الحق كله.

[١١٤٨] حدثنا أبى ثنا عبد الرّحمن بن صالح ثنا عبد الرّحمن بن محمد بن عبيد الله الفزاري عن شيبان النحوي أخبرنى قتادة عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي  صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : أنزلت علىّ : (إِنَّا أَرْسَلْناكَ (بِالْحَقِّ) بَشِيراً) قال : بشيرا بالجنة.

[١١٤٩] وبه عن ابن عباس عن النبي  صلى‌الله‌عليه‌وسلم : (نَذِيراً) قال : نذيرا من النار.

[١١٥٠] حدثنا أبو سعيد الأشج ثنا ابن نمير ثنا الأعمش عن عمرو بن مرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : قال رسول الله  صلى‌الله‌عليه‌وسلم : يا بني عبد

__________________

(١) تفسير مجاهد ١ / ٨٦.

٢١٦

المطلب يا بني فهر يا بني ، أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلا بسفح هذا الجبل تريد أن تغير عليكم صدقتموه؟ قالوا : نعم. قال : فإني (نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ) (١).

قوله : (وَلا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحابِ الْجَحِيمِ)

[١١٥١] حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقري ثنا سفيان عن موسى بن عبيدة عن محمد بن كعب القرظي ، قال : كان النبي  صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ يسأل عن أبيه فأنزل الله عزّ وجلّ : (وَلا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحابِ الْجَحِيمِ)

قوله : (وَلَنْ تَرْضى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصارى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) آية ١٢٠

[١١٥٢] ذكر الفضل بن شاذان ثنا أحمد بن الحسن الكندي عن أبى عبيدة : (حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) دينهم ، والملل : الأديان.

قوله : (قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدى)

[١١٥٣] أخبرنا موسى بن هارون الطوسي فيما كتب الى ثنا الحسين بن محمد المروذي ثنا شيبان عن قتادة : (قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدى) قال : ذكر لنا أن نبي الله ـ  صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ كان يقول : لا تزال طائفة من أمتي يقتتلون على الحق ظاهرين لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله (٢).

[١١٥٤] حدثنا محمد بن يحيى أنبأ العباس بن الوليد ثنا يزيد ثنا سعيد عن قتادة : (قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ) قال : خصومة ، علمها الله محمدا ـ  صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وأصحابه رضي الله عنهم ، يخاصمون بها أهل الضلالة.

قوله : (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ)

[١١٥٥] حدثنا أبى ثنا الحسين بن أبى الربيع ثنا عبد الله بن إدريس ثنا محمد بن إسحاق : (بَعْدَ الَّذِي جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ) فيما اقتصصت عليك من الخبر.

__________________

(١) مسلم كتاب رقم ١٢٠٨ / ٩٤.

(٢) مسلم كتاب الإمارة ٣ / ١٥٢٣ رقم ١٩٢١.

٢١٧

قوله : (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ) آية ١٢١

[١١٥٦] حدثنا الحسن بن أبى الربيع أنبأ عبد الرزاق أنبأ معمر عن قتادة في قوله : (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ) قال : اليهود والنصارى.

قوله : (يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ)

[١١٥٧] حدثنا أبو سعيد بن نحيى بن سعيد القطان ثنا العنقزي ـ يعني عمرو بن محمد ـ ثنا أسباط عن السدى عن أبى مالك عن ابن عباس في قوله : (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ) قال : يحلون حلاله ، ويحرمون حرامه ، ولا يحرفونه عن مواضعه.

وروى عن ابن مسعود (١) نحو ذلك.

[١١٥٨] حدثنا أبى ثنا مقاتل بن محمد ثنا وكيع عن مبارك عن الحسن في قوله : (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ) قال : يعلمون بمحكمه ، ويؤمنون بمتشابه ويكلون ما أشكل عليهم إلى عالمه.

[١١٥٩] حدثنا أبو زرعة ثنا إبراهيم بن موسى بن أبي زائدة أنبأ داود بن أبى هند عن عكرمة عن ابن عباس في قوله : (يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ) قال : يتبعونه حق اتباعه ، ثم قرأ : (وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها) يقول : اتبعها. وروى عن عكرمة ، وعطاء ، ومجاهد وأبى (٢) رزين ، وإبراهيم النخعي نحو ذلك.

الوجه الثاني :

[١١٦٠] حدثنا أبى ثنا إبراهيم بن موسى وعبد الله بن عمران الأصباهاني قالا ثنا نحيى بن يمان ثنا أسامة بن زيد عن أبيه عن عمر بن الخطاب : (يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ) قال : إذا مر بذكر الجنة سأل الله الجنة ، وإذا مر بذكر النار تعوذ بالله من النار.

قوله : (أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ)

[١١٦١] أخبرنا محمد بن عبيد الله بن المنادي فيما كتب إلى ثنا يونس بن محمد المؤدب ثنا شيبان النحوي عن قتادة : (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ) قال : منهم أصحاب محمد ـ  صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ الذين آمنوا بآيات الله ، وصدقوا بها.

__________________

(١) انظر تفسير عبد الرزاق ١ / ٧٦.

(٢) انظر تفسير سفيان الثوري ص ٤٨.

٢١٨

الوجه الثاني :

[١١٦٢] حدثنا أبى ثنا أبو شريك نحيى بن المرادي ثنا يعقوب بن عبد الرّحمن قال : سألت زيد بن أسلم عن هذه الآية : (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ) قال : يتكلمون به كما أنزل ولا يكتمونه.

[١١٦٣] حدثنا أبو زرعة ثنا صفوان بن صالح ثنا الوليد أخبرنى بكير بن معروف عن مقاتل بن حيان (فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) قال : في الآخرة.

قوله : (يا بَنِي إِسْرائِيلَ) إلى قوله : (الْعالَمِينَ) آية ١٢٢

تقدم تفسيره قوله : (وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْها عَدْلٌ) إلى قوله : (يُنْصَرُونَ)

[١١٦٤] حدثنا أبى ثنا سعيد بن الحكم بن أبى مريم الجهني أخبرنى عبد الله بن المنيب قال : سمعت من يحدث عن سعيد بن المسيب أنه سئل عن العدل. فقال : العدل الفريضة ما افترض الله على خلقه.

وقد تقدم تفسيره.

قوله : (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ)

اختلف أهل التفسير في ذلك على أقوال.

فأحدها :

[١١٦٥] ما حدثنا الحسن بن أبى الربيع أنبأ عبد الرزاق (١) أنبأ معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس : (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ) قال : ابتلاه الله بالطهارة خمس في الرأس ، وخمس في الجسد. في الرأس. قص الشارب ، والمضمضة ، والاستنشاق والسواك وفرق الرأس ، وفي الجسد تقليم الأظافر ، وحلق العانة ، ونتف الإبط ، وغسل أثر الغائط البول بالماء. وروى عن أبى صالحك وأبى الجلد ومجاهد وسعيد بن المسيب والنخعي والشعبي نحو ذلك. وروى عن ابن عباس قول آخر وهو.

__________________

(١) التفسير ١ / ٤٦.

٢١٩

القول الثاني :

[١١٦٦] حدثنا عمران بن بكار البراد الحمصي ثنا الربيع بن روح ثنا محمد بن حرب ثنا الزبيدي عن عدي عن داود بن أبى هند عن عكرمة عن ابن عباس قال : ما ابتلى أحد بهذا الدين فقال به كله إلا إبراهيم : (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَ) قلت له : وما الكلمات التي ابتلى إبراهيم بهن فأتمهن قال الإسلام ثلاثون سهما منها عشر آيات في براءة (التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ) إلى آخر الآية. وعشر آيات في أول سورة : (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) و (سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ) ، وعشر آيات في الأحزاب : (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ) إلى آخر الآية. فأتمهن كلهن فكتب له براءة قال الله (وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى)

والقول الثالث : وهو أحد الأقوال عن ابن عباس :

[١١٦٧] حدثنا محمد بن العباس مولى بني هاشم ثنا عبد الرّحمن بن سلمة ثنا سلمة بن الفضل عن محمد بن إسحاق عن محمد بن أبى عن سعيد بن جبير ، أو عكرمة عن ابن عباس قال : الكلمات التي ابتلى بهن إبراهيم (فَأَتَمَّهُنَ) فراق قومه في الله حين أمر بفراقهم ، ومحاجته نمرود في الله حتى وقفه على ما وقفه عليه من خطر الأمر الذي فيه خلافهم ، وصبره علي قذفه إياه في النار ليحرقوه في الله على هول ذلك من أمرهم ، والهجرة بعد ذلك من وطنه وبلاده في الله حين أمره بالخروج عنهم ، وما أمره به من الضيافة والصبر عليها ، وماله وما ابتلى به من ذبح ولده حين أمره بذبحه ، فلما مضى علي ذلك من أمر الله كله وأخلصه البلاء ، قال الله له : (أَسْلِمْ ، قالَ : أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ). على ما كان من خلاف الناس وفراقهم.

والقول الرابع :

وهو أحد الأقوال عن ابن عباس :

[١١٦٨] أخبرنا يونس بن عبد الأعلى قراءة أنبأ ابن وهب أخبرنى ابن لهيعة عن ابن هبيرة عن حنش بن عبد الله الصنعاني عن ابن عباس : أنه كان يقول في هذه الآية : (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَ) قال : يا معشر. ست في الإنسان ، وأربع في المشاعر. فأما التي في الإنسان حلق العانة ، ونتف الإبط ، والختان ، وكان ابن هبيرة يقول : هؤلاء الثلاث واحدة ، وتقليم الأظافر ، وقص الشارب ، والسواك وغسل يوم الجمعة.

٢٢٠