المهذّب البارع - ج ٣

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي

المهذّب البارع - ج ٣

المؤلف:

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٩١

.................................................................................................

______________________________________________________

وقال ابن عمر : كان لي زوجة فأمرني النبيّ صلّى الله عليه وآله أن أطلقها فطلقتها (١).

وأما الإجماع فمن سائر المسلمين لا يختلف فيه أحد.

وينقسم أربعة أقسام :

فمنه واجب كطلاق المولّى والمظاهر.

وندب كما لو كانت الحال بينهما فاسدة بالشقاق ، وتعذر الاتفاق ، أو كان كل واحد منهما يعجز عن القيام بما يجب عليه لصاحبه ، فالمستحب الفرقة ، كما لو قالت : لأدخلن عليك من تكرهه ، أو كانت فاجرة ، فإنّ طلاقها أفضل من إمساكها.

وحرام كطلاق الحائض والنفساء مع الدخول ، وحضور الزوج أو حكمه ، وفي طهر قرّبها فيه ، والثلاث المرسلة.

ومكروه ، كطلاق المريض والصحيح مع التئام الأخلاق ، وقال رسول الله صلّى الله عليه وآله : ما أحب الله مباحا كالنكاح وما أبغض الله مباحا كالطلاق (٢).

وعن علي عليه السّلام : أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير بأس لم ترح رائحة الجنة (٣).

وروى سعد بن طريف عن أبي جعفر عليه السّلام قال : مرّ رسول الله صلّى الله عليه وآله برجل فقال : ما فعلت امرأتك؟ قال : طلقتها يا رسول الله ، قال : من غير سوء؟ قال : من غير سوء ، ثمَّ إن الرجل تزوج فمرّ به النبيّ صلّى الله عليه وآله وقال :

__________________

(١) من قوله : (روى عروة عن قتادة) إلى هنا من المبسوط ج ٥ ص ٢.

(٢) عوالي اللئالى : ج ٣ ص ٣٧٢ الحديث ٤ ورواه في المستدرك ج ٣ ص ٢ باب كراهة طلاق الزوجة الموافقة وعدم تحريمه الحديث ٤ نقلا عن عوالي اللئالي.

(٣) رواه في المستدرك : ج ٣ ص ٢ باب كراهة طلاق الزوجة الموافقة وعدم تحريمه ، الحديث ٧ وفيه (فحرام عليها رائحة الجنة ، والحديث عن النبيّ صلّى الله عليه وآله).

٤٤١

والنظر في أركانه وأقسامه ولواحقه.

(الركن الأوّل) في المطلق : ويعتبر فيه البلوغ والعقل والاختيار والقصد.

فلا اعتبار بطلاق الصبي ، وفي من بلغ عشرا رواية بالجواز فيها ضعف.

ولو طلّق عنه الولي لم يقع إلّا أن يبلغ فاسد العقل.

ولا يصح طلاق المجنون ، ولا السكران ، ولا المكره ، ولا المغضب مع ارتفاع القصد.

______________________________________________________

تزوجت؟ فقال : نعم ، ثمَّ مرّ به فقال : ما فعلت امرأتك؟ قال : طلقتها قال : من غير سوء؟ قال : من غير سوء فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله : إن الله عزّ وجلّ يبغض كل ذوّاق من الرجال وكل ذواق من النساء (١).

وعن ابن أبي عمير عن غير واحد عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : ما من شي‌ء مما أحله الله عزّ وجلّ أبغض إليه من الطلاق ، وإن الله عزّ وجلّ يبغض المطلاق الذّواق (٢) (٣).

قال طاب ثراه : وفيمن بلغ عشرا رواية بالجواز فيها ضعف.

أقول : هذه رواية ابن بكير عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : يجوز طلاق الصبي

__________________

(١) الكافي : ج ٦ باب كراهية ، طلاق الزوجة الموافقة ، ص ٥٤ الحديث ١.

(٢) الكافي : ج ٦ باب كراهية طلاق الزوجة الموافقة ، ص ٥٤ الحديث ٢.

(٣) في الحديث : ان الله لا يحب الذواقين والذواقات ، يعنى السريعي النكاح ، السريعي الطلاق ، قال : وتفسيره ان لا يطمئن كلما تزوج أو تزوجت كرها ومدا أعينهما إلى غيرهما (لسان العرب : ج ١٠ ص ١١١ كلمة (ذوق).

٤٤٢

.................................................................................................

______________________________________________________

إذا بلغ عشر سنين (١) وبمضمونها أفتى الشيخان في المقنعة (٢) والنهاية (٣) والفقيه في الرسالة (٤) والقاضي (٥) وابن حمزة (٦).

ومنع ابن إدريس وأبطل طلاقه (٧) وبه قال التقي (٨) واختاره المصنف (٩) والعلامة (١٠) لتوقف رفع الحجر على البلوغ ، ولرواية أبي الصباح الكناني عن الصادق عليه السّلام قال : ليس طلاق الصبي بشي‌ء (١١).

__________________

(١) التهذيب : ج ٨ (٣) باب احكام الطلاق ص ٧٥ الحديث ١٧٣.

(٢) لم أعثر عليه في المقنعة ولم يتعرض له العلامة ، نعم ذكر في المقنعة في باب وصية الصبي ص ١٠١ س ١٢ صحة وصية الصبي إذا بلغ عشر سنين ، وقلنا ان من قال بصحة وصيته قال : بصحة طلاقه.

(٣) النهاية : باب كيفية أقسام الطلاق ص ٥١٨ س ١٥ قال : والغلام إذا طلق وقد اتى عليه عشر سنين جاز طلاقه.

(٤) المختلف : كتاب الطلاق ، ص ٣٨ س ١٣ قال : وقال الشيخ علي بن بابويه في رسالته : والغلام إذا طلق للسنة فطلاقه جائز.

(٥) المهذب : ج ٢ ، كتاب الطلاق ، باب طلاق الغلام ص ٢٨٨ س ٢ قال : الغلام إذا كان يحسن الطلاق وكان سنه عشر سنين ، وأراد ذلك كان ذلك جائزا.

(٦) الوسيلة كتاب الطلاق ، فصل في بيان أقسام الطلاق ص ٣٢٣ س ٩ قال : أو بلغ وكان مميزا ويصح طلاقه وعتقه وصدقته إلخ.

(٧) السرائر ، كتاب الطلاق ص ٣٢٢ س ١١ قال : لان طلاق المجنون والصبي ما لم يبلغ غير صحيح.

(٨) الكافي : فصل في الطلاق واحكامه ، ص ٣٠٥ س ٨ قال : واشترطنا صحة التصرف احترازا من الصبي إلخ.

(٩) لاحظ عبارة النافع.

(١٠) المختلف : كتاب الطلاق ص ٣٨ س ١٨ قال : والمعتمد انه لا يصح طلاق الغلام حتى تبلغ ، لأنه محجور عليه في تصرفاته.

(١١) التهذيب : ج ٨ (٣) باب احكام الطلاق ، ص ٧٦ الحديث ١٧٥.

٤٤٣

(الركن الثاني) في المطلقة : ويشترط فيها الزوجية والدوام والطهارة من الحيض والنفاس إذا كانت مدخولا بها ، وزوجها حاضرا معها ، ولو كان غائبا صحّ ، وفي قدر الغيبة اضطراب ، محصله : انتقالها من طهر إلى أخر.

ولو خرج في طهر لم يقربها فيه صحّ طلاقها من غير تربّص ولو اتفق في الحيض ، والمحبوس عن زوجته كالغائب ويشترط رابع وهو ان يطلق في طهر لم يجامعها فيه ، ويسقط اعتباره في الصغيرة واليائسة والحامل ، اما المسترابة فإن تأخرت الحيضة صبرت ثلاثة أشهر ، ولا يقع طلاقها قبله.

______________________________________________________

قال طاب ثراه : وفي قدر الغيبة اضطراب.

أقول : أجمع علماءنا : أنه لا يصح طلاق الحائض ، ولا الطاهر في طهر قربها فيه ، إذا كان حاضرا.

وإذا كان غائبا هل يجب استبرائها بقدر معين ، أو لا يجب؟ وإذا وجب استبرائها كم القدر الذي يجب؟

قال المصنف : فيه اضطراب (١).

وقد انقسم مع التحقيق إلى خمسة مذاهب.

(أ) عدم الانتظار وجواز الطلاق في أيّ وقت شاء قاله الفقيه (٢) والتقى (٣)

__________________

(١) لاحظ عبارة النافع.

(٢) المختلف ، كتاب الطلاق ص ٣٦ س ٢٥ قال : وقال علي بن بابويه : واعلم يا بني ان خمسا يطلقن على كل حال ولا يحتاج الرجل ان ينتظر طهرهن إلخ.

(٣) الكافي : فصل في الطلاق واحكامه ص ٣٠٥ س ٦ قال : ومنها إيقاعه في طهر لا مساس فيه بحيث يمكن اعتباره إلى قوله : (وقلنا بحيث يمكن) ، لصحته ممن لا يمكن ذلك فيها ، إلى قوله : (والغائبة).

٤٤٤

.................................................................................................

______________________________________________________

والحسن (١) والمفيد (٢) وتلميذه (٣).

والمستند صحيحه محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام قال سألته عن الرجل يطلق امرأته وهو غائب؟ قال : يجوز طلاقه على كل حال ، وتعتد امرأته من يوم طلقها (٤).

والجواب : أنها مطلقة يمكن حملها على غيرها من الروايات المفصلة.

(ب) اعتبار مدة يعلم انتقالها من طهر المواقعة إلى الأخر بحسب عادتها.

والمراد بالعلم هنا : الظن الغالب المستند إلى العادة التي تعلمها من شأنها.

وهو مذهب ابن إدريس (٥) والمصنف (٦) والعلامة في القواعد (٧) والإرشاد (٨).

__________________

(١) المختلف كتاب الطلاق ص ٣٦ س ٢٣ قال : وقال ابن أبي عقيل : وقد توالت الاخبار عن الصادقين عليهم السّلام : ان خمسا يطلقن على كل حال إلخ.

(٢) المقنعة : باب أحكام الطلاق ص ٨١ س ٢١ قال : ومن كان غائبا عن زوجته فليس يحتاج في طلاقها إلى ما يحتاج إليه للحاضر من الاستبراء.

(٣) المراسم ، طلاق السنة ص ١٦١ س ١٧ قال : فأما الغائب عنها زوجها الى قوله : طلقها على كل حال.

(٤) التهذيب : ج ٨ (٣) باب احكام الطلاق ، ص ٦٠ الحديث ١١٤.

(٥) السرائر : كتاب الطلاق ، ص ٣٢٨ س ٢٢ قال : وإذا أراد الرجل طلاق زوجته وهو غائب عنها إلى قوله : حتى يمضى زمان يعرف من حالها انها حاضت وطهرت فيه.

(٦) لاحظ عبارة النافع.

(٧) القواعد : ح ٢ كتاب الفراق (القسم الثاني الشرائط الخاصة) ص ٦٢ س ١٩ قال : أو مع الغيبة مدة يعلم انتقالها من القرء الذي وطئها فيه إلى أخر ، صح.

(٨) الإرشاد : (ط قم) ج ٢ ، في شرائطه ، ص ٤٢ س ١٤ قال : ولو طلق الغائب صح وان كان في الحيض ، ان غاب مدة يعلم انتقالها من قرء الوطء إلى آخر.

٤٤٥

.................................................................................................

______________________________________________________

ووجهه : كونه جمعا بين الاخبار والأقوال ، فيصح طلاقها حينئذ ، سواء استمر طهرها في نفس الأمر إلى أن يطلقها ، أو رأت حيضا آخر بعد طهر المواقعة فطلقها حالة الحيض ، أو في طهر ثالث ، ويصح طلاق هذه وإن علم بحيضها حالة الطلاق.

(ج) اعتبار مضى شهر فصاعدا ، وهو مذهب الشيخ في موضع من النهاية (١) وبه قال : ابن حمزة (٢).

والمستند رواية إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : الغائب إذا أراد أن يطلق امرأته تركها شهرا (٣).

(د) اعتبار مضى ثلاثة أشهر وهو مذهب أبي علي (٤) واختاره العلامة في المختلف (٥).

والمستند صحيحة جميل بن دراج عن الصادق عليه السّلام قال : الرجل إذا خرج إلى السفر فليس له أن يطلق حتى يمضي لها ثلاثة أشهر (٦).

ولان هذا قد اعتبره الشارع في عدة غير الحائض إذا كان مثلها تحيض ، ليعلم بذلك فراغ رحمها فكذا هنا.

__________________

(١) النهاية : باب أقسام الطلاق وشرائطه ص ٥١٢ س ١٥ قال : وكذلك ان كان عنها غائبا شهرا ، أي يقع الطلاق.

(٢) الوسيلة ، في بيان أقسام الطلاق ، ص ٣٢٠ س ١٢ قال : أو لا يكون لطلاقها سنة وبدعة إلى قوله : والغائب عنها زوجها شهرا إلخ.

(٣) التهذيب : ج ٨ (٣) باب احكام الطلاق ، ص ٦٢ الحديث ١٢١ وفيه (إذا أراد أن يطلقها).

(٤) المختلف : كتاب الطلاق ، ص ٣٦ س ٢٩ قال : وقال ابن الجنيد ونعم ما قال الى قوله : وينتظر الغائب بزوجته من أخر جماع أوقعه ثلاثة أشهر.

(٥) المختلف : كتاب الطلاق ، ص ٣٦ س ٢٩ قال : وقال ابن الجنيد ونعم ما قال الى قوله : وينتظر الغائب بزوجته من أخر جماع أوقعه ثلاثة أشهر.

(٦) التهذيب : ج ٨ (٣) باب أحكام الطلاق ، ص ٦٢ الحديث ١٢٢.

٤٤٦

وفي اشتراط تعيين المطلقة تردد.

______________________________________________________

(ه) حدّ غيبة التي إذا غاب ، له أن يطلّقها متى شاء ، أقصاه خمسة أشهر ، أو ستة أشهر ، وأوسطه ثلاثة أشهر ، وأدناه شهر ، وهو مذهب الصدوق في كتابه (١).

والمستند رواية إسحاق بن عمّار قال : قلت لأبي إبراهيم عليه السّلام : الغائب الذي يطلق كم غيبة؟ قال : خمسة أشهر ، أو ستة أشهر ، قلت : حدّه دون ذا؟ قال : ثلاثة أشهر (٢).

وروى محمّد بن أبي حمزة عن إسحاق بن عمّار عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : الغائب إذا أراد أن يطلق امرأته تركها شهرا (٣).

(فروع) في الاستبراء

(أ) لا يصح طلاق الحائض ، ولا من طلقت في طهر وطئت فيه ، ويسقط في اليائسة والصغيرة وغير المدخول بها والحامل.

(ب) المسترابة ، وهي التي لا تحيض وفي سنها من تحيض ، استبرائها باعتزالها ثلاثة أشهر ، وكذا عدّتها بعد طلاقها ، ويفرق بينهما فيما لو رأت حيضة في الأثناء ، ففي الاستبراء يكفي طهرها منها ، فيصح طلاقها في الطهر الذي يليها ، وفي العدة يفتقر بعدها إلى قرئين آخرين ، أو تكميل تسعة أشهر ، ثمَّ تعتد بعدها بثلاثة شهور.

(ج) المرضع لا يرى الدم غالبا ، فيعتزل ثلاثة أشهر إذا أريد طلاقها ، نعم لو لم يطأها بعد وضعها ، صحّ طلاقها بعده من غير تربص ، لكن لا يصح أيام نفاسها.

قال طاب ثراه : وفي اشتراط تعيين المطلّقة تردد.

أقول : اختلف الأصحاب في اشتراط تعيين المطلّقة في صحة الطلاق ، كقوله :

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه : ج ٣ (١٥٦) باب طلاق الغائب ص ٣٢٥ س ٧ قال : وإذا أراد الغائب إلخ.

(٢) من لا يحضره الفقيه : ج ٣ (١٥٦) باب طلاق الغائب ص ٣٢٥ الحديث ٢.

(٣) من لا يحضره الفقيه : ج ٣ (١٥٦) باب طلاق الغائب ص ٣٢٥ الحديث ٣.

٤٤٧

.................................................................................................

______________________________________________________

فلانة ، أو هذه ، ولو لم يكن له الّا زوجة واحدة كفى قوله : زوجتي طالق.

فبعض ذهب إلى اشتراطه كالسيد (١) والمفيد (٢) واختاره العلامة في المختلف (٣) وفخر المحققين (٤) والشيخ في أحد قوليه (٥).

وذهب بعض إلى عدم اشتراطه ، بل يكفى قوله : زوجتي طالق ، أو إحدى نسائي ، أو أحدا كنّ ، أو واحدة منكنّ ، أو من نسائي طالق ، من أن يعين في نية واحدة بعينها ، ثمَّ يعين بعد ذلك للطلاق من شاء ، كالشيخ في المبسوط (٦) واختاره القاضي (٧) والمصنف (٨) والعلامة في القواعد (٩).

احتج الأولون : بأن الطلاق أمر معين ، فيستدعي محلا معينا ، لاستحالة حلول

__________________

(١) الانتصار (مسائل الطلاق) ص ١٣٩ قال : مسألة. وممّا انفردت به الإمامية قولهم : ان الطلاق لا يقع الّا بالتعيين والتميز إلخ.

(٢) المقنعة : باب احكام الطلاق ، ص ٨١ س ٩ قال : وأومى إليها بعينها ، أو فلانة بنت فلان طالق.

(٣) المختلف : كتاب الطلاق ص ٤٢ قال : مسألة ، المشهور ان تعيين المطلقة شرط في صحة الطلاق الى قوله : لنا أصالة بقاء عصمة النكاح إلخ.

(٤) إيضاح الفوائد : ج ٣ ص ٢٩٤ الفصل الثاني المحل وهي الزوجة ، قال بعد نقل أقوال القائلين بالاشتراط : وهو الأقوى عندي.

(٥) النهاية : كتاب الطلاق ، باب أقسام الطلاق ، ص ٥١٠ س ١٤ قال : وإذا أراد الطلاق ينبغي ان يقول : فلانة طالق ، أو يشير إلى المرأة إلخ.

(٦) المبسوط : ج ٥ في فروع الطلاق ص ٧٦ س ٢٢ قال : إذا كان له زوجتان إلى قوله في ص ٧٨ س ٤ فاما إذا أطلق الطلاق فقال : أحدا كما طالق إلخ.

(٧) لم نعثر عليه صريحا في المهذّب ، ولكن في المختلف (كتاب الطلاق ص ٤٣ س ١) قال : وللشيخ قول أخر في المبسوط : انه يصح واختاره ابن البراج أيضا.

(٨) لاحظ عبارة النافع.

(٩) القواعد : كتاب الفراق (الفصل الثاني المحل) ص ٦١ س ٤ قال : ولو طلق واحدة غير معينة إلى قوله : وقيل : يصح ويعين للطلاق من شاء وهو أقوى.

٤٤٨

.................................................................................................

______________________________________________________

المعين في المبهم ، ولأن توابع الطلاق كالعدة لا بد له من محل معين.

احتج الآخرون : بعموم النص (١) ولأنّ إحداهما زوجة ، وكل زوجة يصح طلاقها.

والكبرى ممنوعة.

(تنبيهان)

(أ) على القول بالصحة ، يجب التعيين ، وهل هو بالقرعة ، أو باختيار المطلق واقتراحه؟

بالأوّل قال المصنف في الشرائع (٢) وبالثاني قال العلامة في القواعد (٣) :

(ب) هل يقع الطلاق بالمعينة من حين الطلاق ، أو من حين التعيين؟

يبنى على مسألة أصولية : هي أن الواقع هل هو سبب مؤثر في البينونية في الحال؟ أو أثر له صلاحية التأثير عند التعيين؟

فعلى الأول : يحرم الكل حتى يعين.

وعلى الثاني : الكل زوجات يباح نكاحهن إلى التعيين.

ويتفرع على ذلك فروع.

(أ) يجب عليه التعيين ويطالب به ، ويحبس عليه على الأوّل ، دون الثاني.

ويجب الإنفاق على الاحتمالين معا ، ولا فرق بين البائن والرجعي.

(ب) يجب العدة من حين التلفظ بالطلاق على الأول ، وهو الذي قواه الشيخ

__________________

(١) قال تعالى (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ) الآية سورة الطلاق ١.

(٢) شرائع الإسلام : ج ٣ كتاب الطلاق الخامس تعيين المطلقة ، قال : فلو كان له زوجات ، فقال : زوجتي طالق إلى قوله : وقيل يصح ويستخرج بالقرعة وهو أشبه.

(٣) القواعد ، كتاب الفراق (الفصل الثاني المحل) ص ٦١ س ٤ قال : ويقبل تفسيره.

٤٤٩

(الركن الثالث) في الصيغة : ويقتصر على (طالق) تحصيلا لموضع الاتفاق. ولا يقع بـ (خلية) ولا (برية) وكذا لو قال : اعتدي. ويقع لو قال : هل طلقت فلانة ، فقال : نعم. ويجب تجريده عن الشرط والصفة.

______________________________________________________

في المبسوط (١) ومن حين التعيين على الثاني.

(ج) لو وطئ إحداهما وقلنا بالأوّل ، تعينت الأخرى للطلاق ، وعلى الثاني يجوز له تعيين الموطوءة.

(د) يجب القرعة على الأول قطعا ، وعلى الثاني يتخير بين القرعة وبين الاقتراح.

قال طاب ثراه : ويقع لو قال : هل طلقت فلانة ، فقال : نعم.

أقول : الطلاق لفظ إنشائي وضعه الشارع سببا لازالة قيد النكاح ابتداء ، أي من غير اعتبار أمر آخر غير اللفظ ، فخرج الفسخ بخيار العيب ، أو عتق ، فان الموجب لإزالة قيد النكاح هنا مع لفظ ، الفسخ حصول ما يبيح الفسخ. والصريح لفظ منفرد غير مشترك ، ويقابله الكناية ، فإذا عيّن الزوجة بما يدل على تشخيصها وعقّبه بـ (طالق) كان صريحا إجماعا ، وليس كلما اشتق من الطلاق بصريح ، كقوله : أنت طلاق ، أو الطلاق ، لأنه مصدر ، ولا يوصف الذوات بالمصادر ، فهو مجاز لا يقع به الطلاق وان قصده لأنه يكون كناية ، ولا يقع الطلاق بالكنايات.

واختلف في صور. وهي على قسمين ، عامة وخاصة.

(القسم الأول) العامة ، وفيه مسائل.

الأولى : لو قيل : هل طلقت فلانة؟ فقال : نعم ، قصدا للإنشاء ، هل يقع به

__________________

(١) المبسوط : ج ٥ ص ٧٨ س ٤ قال : فاما إذا أطلق الطلاق إلى قوله في س ٢٠ ومن أي وقت تعتد؟ قال قوم : من حين البيان عنه لا من حين اللفظ ، وقال اخرون : من حين تلفظ بالطلاق لان الإيقاع وقع حينئذ ، وانما بقي البيان إلخ.

٤٥٠

.................................................................................................

______________________________________________________

الطلاق؟ قال في النهاية : نعم (١) وبه قال القاضي (٢) وابن حمزة (٣) واختاره المصنف (٤).

وظاهر ابن إدريس المنع (٥) وهو قول الشيخ في المبسوط (٦) وهو مذهب العلامة (٧) وفخر المحققين (٨).

احتج الشيخ بما رواه السكوني عن الصادق عليه السّلام عن عليّ عليه السّلام ، في الرجل يقال له : أطلقت امرأتك؟ فيقول : نعم ، قد طلقتها حينئذ (٩).

وهو صريح في كونه إنشاء ، لأن قوله : نعم يتضمن إعادة السؤال ، وهو صريح في الإنشاء عنده.

والجواب : بضعف السند.

__________________

(١) النهاية ، باب أقسام الطلاق وشرائطه ص ٥١١ س ١ قال : فان قيل للرجل هل طلقت فلانة؟ فقال : نعم كان الطلاق واقعا.

(٢) المهذب : ج ٢ باب بيان ما يقع به الطلاق ص ٢٧٨ س ١١ قال : وإذا قال له إنسان : فارقت زوجتك؟ فقال : نعم لزمه طلقة واحدة بإقراره لا يقاعها إلخ.

(٣) الوسيلة ، فصل في بيان أقسام الطلاق ، ص ٣٢٣ س ٢٠ قال : وما يكون بحكم الطلاق أربعة أشياء ، إلى أن قال : والثالث قوله : نعم إذا قيل له : طلقت فلانة؟

(٤) لاحظ عبارة النافع.

(٥) السرائر ، كتاب الطلاق ص ٣٢٥ س ١٢ قال : فان قيل للرجل هل طلقت فلانة؟ فقال : نعم كان ذلك إقرارا منه بطلاق شرعي إلخ.

(٦) المبسوط : ج ٥ ، ص ٥٢ س ١٩ قال : إذا قال له رجل : فارقت امرأتك؟ فقال : نعم ، قال قوم يلزمه في الحكم طلقة بإقراره لا بإيقاعه إلخ.

(٧) المختلف : كتاب الطلاق ، ص ٣٤ س ٢٠ قال : والتحقيق ان نقول : إلى قوله : وان قصد بذلك الإنشاء ، فهل يصح إلخ.

(٨) الإيضاح : ج ٣ ص ٣٠٧ س ١٧ قال : والأصح عندي انه لا يقع بذلك.

(٩) التهذيب : ج ٨ (٣) باب احكام الطلاق ، ص ٣٨ الحديث ٣٠.

٤٥١

.................................................................................................

______________________________________________________

احتج الآخرون برواية محمّد بن مسلم عن الباقر عليه السّلام في رجل قال لامرأته : أنت حرام ، أو بائنة ، أو بتة ، أو خلية ، أو برية ، فقال : هذا ليس بشي‌ء ، إنما الطلاق أن يقول لها في قبل عدتها قبل أن يجامعها : أنت طالق ، ويشهد على ذلك رجلين عدلين (١).

وانما للحصر.

ورواه محمّد بن أبي نصر في الجامع عن سماعة عن محمّد بن مسلم (٢).

ورواه الشيخ أيضا وزاد (واعتدي) (٣).

(الثانية) لو قال : اعتدي : الأكثر على عدم وقوع الطلاق به ، خلافا لأبي علي (٤) لأنه ليس بصريح ولرواية محمّد بن مسلم المتقدمة (٥).

احتج : بحسنة الحلبي عن الصادق عليه السّلام ، الطلاق أن يقول لها : اعتدي ، أو يقول لها : أنت طالق (٦).

(الثالثة) أنت مطلقة ، أو من المطلقات ، قال في المبسوط : الأقوى أنه يقع (٧)

__________________

(١) الوسائل : ج ١٥ ، الباب ١٦ من أبواب مقدماته وشرائطه ص ٢٩٥ الحديث ٣.

(٢) المختلف : كتاب الطلاق ص ٣٤ س ٢٥ قال : وقد روى محمّد بن أبي نصر في كتاب الجامع إلخ.

(٣) الاستبصار : ج ٣ (١٦٥) باب ما تقع به الفرقة من كنايات الطلاق ، ص ٢٧٧ الحديث ١.

(٤) المختلف : كتاب الطلاق ، ص ٣٤ س ٦ قال : ابن الجنيد : إلى قوله : أو قوله : اعتدي.

(٥) تقدم آنفا.

(٦) التهذيب : ج ٨ (٣) باب احكام الطلاق ص ٣٧ الحديث ٢٨.

(٧) المبسوط : ج ٥ فيما يقع به الطلاق وما لا يقع ص ٢٥ س ٨ قال : وعندنا ان قوله : أنت مطلقة ، إلى قوله : فالأقوى انه يقع به.

٤٥٢

.................................................................................................

______________________________________________________

وقال في الخلاف : لا يقع (١) واختاره المصنف (٢) والعلامة (٣) لأنه إخبار لغة ، والأصل عدم نقله إلى الإنشاء.

(الرابعة) قوله : طلقت فلانة ، منشأ ، قال المصنف : يقع (٤) لوقوعه بما يتضمنه في قوله : هل طلقت؟ فيقول : نعم ، فمع صريحه أولى ، ونقل منعه عن الشيخ (٥) وهو اختيار العلامة (٦).

(الخامسة) قوله : يا طالق ، حكم في موضع من المبسوط بوقوعه (٧) والأكثرون على المنع.

وجه الأول : بإتيانه بصيغة طالق مع القصد بها إلى الطلاق.

ووجه الثاني : أنّ صحة النداء بوصف متأخر عن ثبوت ذلك الوصف الموصوف ، فلا يكون سببا في ثبوته ، وإلّا دار.

(السادسة) التلفظ بغير العربية مع القدرة عليها ، أطلق وقوع الفرقة به في النهاية (٨) ، وهو صريح ابن حمزة (٩) ومنعه ابن إدريس (١٠) إلا مع العجز

__________________

(١) الخلاف كتاب الطلاق ، مسألة ١٨ قال : إذا قال لها : أنت مطلقة ، لم يكن ذلك صريحا في الطلاق.

(٢) الشرائع : في الصيغة قال : ولو قال : أنت الطلاق لم يكن شيئا ، وكذا لو قال : أنت مطلقة إلخ.

(٣) القواعد ، كتاب الفراق ، الصيغة ، قال : ولو قال : أنت طلاق ، أو مطلقة إلى قوله : لم يقع.

(٤) الشرائع ، في الصيغة ، قال : ولو قال : طلقت فلانة ، قال (أي الشيخ) لا يقع ، وفيه إشكال ينشأ من وقوعه عند سؤاله هل طلقت امرأتك إلخ.

(٥) الشرائع ، في الصيغة ، قال : ولو قال : طلقت فلانة ، قال (أي الشيخ) لا يقع ، وفيه إشكال ينشأ من وقوعه عند سؤاله هل طلقت امرأتك إلخ.

(٦) القواعد : كتاب الفراق ، الصيغة قال : ولو قال : أنت طلاق إلى قوله : أو طلقت فلانة لم يقع.

(٧) المبسوط : ج ٥ ، كتاب الطلاق ص ٨٩ س ٢٠ قال : فرع ، لو قال يا طالق الى قوله : طلقت طلقة بقوله يا طالق.

(٨) النهاية : باب أقسام الطلاق ص ٥١١ س ٢ قال : وما ينوب مناب قوله أنت طالق بغير العربية بأي لسان كان ، فإنه تحصل به الفرقة.

(٩) الوسيلة في بيان أقسام الطلاق : ص ٣٢٤ س ٤ قال : والرابع تطليقها بما يفيد مفاد العربية من اللغات.

(١٠) السرائر : كتاب الطلاق ص ٣٢٥ س ١٣ قال : فاما إذا كان قادرا على التلفظ بالطلاق

٤٥٣

.................................................................................................

______________________________________________________

عن النطق بالعربية ، واختاره المصنف (١) والعلامة في المختلف توقف فيه (٢).

(السابعة) لو قال لأربع : أوقعت منكن أربع طلقات ، قال في المبسوط : طلقن (٣) ومنعه المصنف (٤) والعلامة (٥) لبعده عن سنة الإنشاء.

(الثامنة) التخيير للمرأة كقوله : اختاري نفسك ، أو اخترتك ، أو جعلت لك الخيار ، أو جعلت أمرك إليك ، قال القديمان : بوقوعه بشروط ثلاثة :

ان يكون في طهر لم يقربها فيه بجماع.

وحضور شهود (شاهدين خ ل).

وجوابها على الفور (٦) (٧).

فان اختارت زوجها ، أو تفرقا ثمَّ اختارت ، أو تحولت من مجلسها لم يقع به فرقة.

__________________

بالعربية وطلق بلسان غيرها ، فلا تقع الفرقة بذلك.

(١) الشرائع : في الصيغة قال : ولا يقع الطلاق بالكناية ولا بغير العربية.

(٢) المختلف : كتاب الطلاق ص ٣٤ قال : مسألة قال الشيخ في النهاية : وما ينوب مناب قوله أنت طالق بغير العربية إلى قوله : ونحن في هذه المسألة من المتوقفين.

(٣) المبسوط : ج ٥ كتاب الطلاق ص ٥٨ س ٢٣ قال : فان قال : أوقعت بينكن اربع تطليقات ونوى طلقت كل واحدة طلقة عندنا.

(٤) الشرائع : في الصيغة ، شرع ، قال بعد نقل قول الشيخ : وفيه إشكال ، لأنه إطراح للصيغة المشترطة.

(٥) القواعد : كتاب الفراغ ، في الصيغة ، الثالث ، قال : وكذا لو قال لأربع : أوقعت بينكن اربع طلقات.

(٦) المختلف : كتاب الطلاق ص ٣٣ س ٦ قال : وقال ابن الجنيد : إذا أراد الرجل ان يخير امرأته إلخ وس ١١ قال ابن أبي عقيل : والخيار عند آل الرسول عليهم السّلام ان يخير الرجل امرأته ويجعل أمرها إليها إلخ.

(٧) المختلف : كتاب الطلاق ص ٣٣ س ٦ قال : وقال ابن الجنيد : إذا أراد الرجل ان يخير امرأته إلخ وس ١١ قال ابن أبي عقيل : والخيار عند آل الرسول عليهم السّلام ان يخير الرجل امرأته ويجعل أمرها إليها إلخ.

٤٥٤

.................................................................................................

______________________________________________________

وإن جعل الاختيار إلى وقت معين جاز له الرجوع قبل انقضائه ، ولها الاختيار قبل انتهاءه ، وان اختارت بعده لم يجز.

وتقع الطلقة رجعية وله الرجوع ما دامت في العدة.

وحكى الشيخ في الخلاف عن بعض القائلين به من شواذ الأصحاب وقوعها بائنة (١).

وقال الشيخ في كتابي الخلاف : لا يقع به طلاق (٢) (٣) وبه قال ابن إدريس (٤) واختاره المصنف (٥) والعلامة (٦).

احتج الأولون بما رواه زرارة عن الباقر عليه السّلام قال : قلت : رجل خيّر امرأته؟ قال : الخيار لهما ما داما في مجلسهما ، فاذا تفرقا فلا خيار لهما (٧).

وفي الموثق : عن جميل بن دراج ، عن زرارة ومحمّد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما السّلام قال : لا خيار الّا على طهر من غير جماع ، بشهور (٨).

وصحيحة حمران قال : سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول : المخيّرة تبين من

__________________

(١) و (٢) كتاب الخلاف : كتاب الطلاق ، مسألة ٣١ قال : إذا خيرها فاختارت نفسها لم يقع الطلاق إلى قوله : ومنهم من قال : بائنة.

(٣) المبسوط : ج ٥ ، فصل فيما يصح به الطلاق وما لا يقع ص ٣٠ س ١ قال : وان اختارت نفسها فلا يقع عندنا به طلاق إلخ.

(٤) السرائر : كتاب الطلاق ص ٣٢٥ س ٨ قال : ومتى جعل إليها الخيار فاختارت نفسها الى قوله : وبعض لا يوقعها ، وهذا هو الأظهر.

(٥) الشرائع : في الصيغة قال : ولو خيرها وقصد الطلاق الى قوله : وقيل : لا حكم له وعليه الأكثر.

(٦) المختلف : كتاب الطلاق ، ص ٣٣ س ٢٦ قال بعد نقل الأقوال في المسألة : والمعتمد ما قاله الشيخ.

(٧) التهذيب : ج ٨ (٣) باب احكام الطلاق ص ٨٩ الحديث ٢٢٢.

(٨) الوسائل : ج ١٥ ، الباب ٤١ من أبواب مقدماته وشرائطه ص ٣٣٧ الحديث ٨.

٤٥٥

.................................................................................................

______________________________________________________

ساعتها ، من غير طلاق ولا ميراث بينهما ، لأن العصمة قد زالت بساعة كان ذلك منها ومن الزوج (١).

وحملها الشيخ على التقية بموافقتها مذهب بعض العامة (٢).

احتج الآخرون : بأصالة بقاء النكاح ، ومعارضة الروايات بمثلها.

روى عيص بن القاسم عن الصادق عليه السّلام قال : سألته عن رجل خيّر امرأته ، فاختارت نفسها ، بانت منه؟ فقال : لا ، انما هذا شي‌ء كان لرسول الله صلّى الله عليه وآله خاصة ، أمر بذلك ففعل ، ولو اخترن أنفسهن طلقن ، وهو قول الله تعالى (قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها) الآية (٣) (٤).

قال الحسن بن سماعة : وبهذا الخبر نأخذ في الخيار.

ومثله رواية محمّد بن مسلم (٥).

تنبيه

على القول بوقوعه يقع الطلقة رجعية ، قاله القديمان (٦) (٧).

والمعتمد رواية زرارة (الموثقة) عن الباقر عليه السّلام قال : قلت له : رجل خيّر

__________________

(١) الوسائل : ج ١٥ ، الباب ٤١ من أبواب مقدماته وشرائطه ص ٣٣٨ الحديث ١١.

(٢) التهذيب : ج ٨ (٣) باب أحكام الطلاق ، ص ٨٨ س ١٨ قال : فاما ما روى من جواز الخيار إلى النساء إلى قوله : فالوجه فيها كلها ان نحملها على ضرب من التقية ، لأن الخيار موافق لمذهب العامة.

(٣) الأحزاب : ٢٨.

(٤) الوسائل : ج ١٥ ، الباب ٤١ من أبواب مقدماته وشرائطه ص ٣٣٦ الحديث ٤.

(٥) الوسائل : ج ١٥ ، الباب ٤١ من أبواب مقدماته وشرائطه ص ٣٣٦ الحديث ٣.

(٦) المختلف : كتاب الطلاق ، ص ٣٣ س ٦ قال : وقال ابن الجنيد إذا أراد الرجل ان يخير امرأته إلخ وس ١١ قال : وقال ابن عقيل : والخيار إلخ.

(٧) المختلف : كتاب الطلاق ، ص ٣٣ س ٦ قال : وقال ابن الجنيد إذا أراد الرجل ان يخير امرأته إلخ وس ١١ قال : وقال ابن عقيل : والخيار إلخ.

٤٥٦

.................................................................................................

______________________________________________________

امرأته ـ إلى أن قال ـ : وهو أحق بها برجعتها قبل ان تنقضي عدتها (١).

وقيل : بائنة.

والمعتمد رواية زرارة عن أحدهما عليهما السّلام قال : إذا اختارت نفسها فهي طلقة بائنة ، وهو خاطب من الخطاب ، وان اختارت زوجها ، فلا شي‌ء (٢).

(القسم الثاني) الخاصة.

وفيه مسألتان.

(الأولى) الكتابة للغائب : قال في النهاية : يقع إذا كتب بخطه : فلانة طالق (٣) وبه قال ابن حمزة بشروط أربعة.

أن يكتب بخطه.

ويشهد عليه.

ويسلم من الشاهدين.

ولا يفارقهما حتى يقيما الشهادة ، ويعلما المطلقة (٤).

وقال الشيخ في الكتابين : لا يقع (٥) (٦) وبه قال ابن الجنيد (٧) وابن

__________________

(١) الوسائل : ج ١٥ ، الباب ٤١ من أبواب مقدماته وشرائطه ، ص ٣٣٨ قطعة من حديث ١٢.

(٢) الوسائل : ج ١٥ ، الباب ٤١ من أبواب مقدماته وشرائطه ص ٣٣٧ الحديث ٩.

(٣) النهاية : باب أقسام الطلاق وشرائطه ص ٥١١ س ٥ قال : وان كان غائبا وكتب بخطه : ان فلانة طالق ، وقع الطلاق.

(٤) الوسيلة : فصل في بيان أقسام الطلاق ص ٣٢٣ س ٢١ قال : ومن الغائب بأربعة شروط.

(٥) المبسوط : ج ٥ ، كتاب الطلاق ، فصل فيما يقع به الطلاق وما لا يقع ص ٢٨ س ٩ قال : إذا كتب بطلاقها ، إلى قوله : فلا يقع به شي‌ء بلا خلاف.

(٦) كتاب الخلاف : كتاب الطلاق ، مسألة ٢٩ قال : إذا كتب بطلاق زوجته ولم يقصد بذلك الطلاق لا يقع بلا خلاف إلخ.

(٧) المختلف : كتاب الطلاق ص ٣٥ س ٢ قال : وقال ابن الجنيد : وان قال لغيره بحضرة الشهود

٤٥٧

.................................................................................................

______________________________________________________

إدريس (١) والمصنف (٢) والعلامة (٣) والقاضي في الكامل تابع النهاية (٤) وفي المهذب تابع الخلاف (٥).

احتج الشيخ بصحيحة أبي حمزة الثمالي قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن رجل قال لرجل : اكتب يا فلان إلى امرأتي بطلاقها ، واكتب إلى عبدي بعتقه ، يكون ذلك طلاقا أو عتقا؟ قال : لا يكون طلاق أو عتق حتى ينطق بلسانه ، أو غالبا عن أهله (٦).

وحملها العلامة على حالة الاضطرار ، وجعل قوله (أو) للتفصيل لا للتخيير (٧).

احتج المانعون : بأن النكاح عصمة مستفادة من الشرع ، فيقف زوالها على دلالته ، والأصل بقاء ما كان على ما كان.

ولأن الكنايات اللفظية لا يحصل بها الفرقة مع القصد ، فالكتابة أولى بعدم الحصول.

ولأن النسبة بين اللفظين أقوى مشابهة من النسبة بين اللفظ والفعل.

__________________

اكتب الى قوله : لم يلفظ بالطلاق لم يكن طلاقا.

(١) السرائر : كتاب الطلاق ص ٣٢٥ س ١٧ قال : قال محمّد بن إدريس : لا يقع الطلاق إذا كتب بخطه ان فلانة طالق إلخ.

(٢) الشرائع ، في الصيغة قال : ولا يقع الطلاق بالكتابة من الحاضر إلخ.

(٣) المختلف : كتاب الطلاق ص ٣٥ س ٩ قال : بعد نقل الأقوال : والمعتمد ما قاله الشيخ في الخلاف.

(٤) المختلف : كتاب الطلاق ص ٣٥ س ٣ قال : وقال ابن البراج في الكامل بمثل قول الشيخ في النهاية.

(٥) المهذب : ج ٢ باب بيان ما يقع به الطلاق ص ٢٧٧ س ١ قال : وإذا كتب بطلاقها الى قوله : لم يقع طلاق.

(٦) التهذيب : ج ٨

(٣) باب احكام الطلاق ص ٣٨ الحديث ٣٣ وفي التهذيب والكافي والفقيه عن أبي جعفر عليه السّلام وفي المختلف ص ٣٥ س ١٥ نقله عن أبي عبد الله عليه السّلام.

(٧) المختلف : كتاب الطلاق ص ٣٥ س ١٨ قال : والجواب انه محمول على حالة الاضطرار إلخ.

٤٥٨

.................................................................................................

______________________________________________________

وبحسنة زرارة قال : قلت لأبي جعفر عليه السّلام : رجل كتب بطلاق امرأته ، أو بعتق غلامه ، ثمَّ بدا له فمحاه؟ قال : ليس ذلك بطلاق ولا عتاق حتى يتكلم به (١).

فان قيل : هذه الرواية مطلقة ، وتلك مقيدة ، والمطلق يحمل على المقيد.

أجيب : بأن الغيبة والحضور لا تأثير لهما في السببية ، لأن اللفظ لما كان سببا للبينونة ، استوى إيقاعه من الغائب والحاضر ، ولو كانت الكتابة سببا ، لتساوي الحالين فيهما ، مع اختصاص هذه الرواية لموافقة اعتضادها بالنظر والشهرة بين الأصحاب.

(الثانية) إلقاء القناع على المرأة للأخرس.

قاله الصدوقان (٢) (٣) وبه قال ابن حمزة (٤) وجعله الشيخ رواية ، وقال : طلاقه بالإشارة والكتابة ان عرفها (٥) وبه قال القاضي (٦) وابن إدريس (٧) وأبو علي (٨)

__________________

(١) الوسائل : ج ١٥ ، الباب ١٤ من أبواب مقدماته وشرائطه ، ص ٢٩١ الحديث ٢.

(٢) من لا يحضره الفقيه : ج ٣ (١٦٢) باب طلاق الأخرس ص ٣٣٣ الحديث ١ وفي ذيله (وقال أبي رضي الله عنه في رسالته الى : الأخرس إذا أراد أن يطلق امرأته القى على رأسها قناعا إلخ.

(٣) من لا يحضره الفقيه : ج ٣ (١٦٢) باب طلاق الأخرس ص ٣٣٣ الحديث ١ وفي ذيله (وقال أبي رضي الله عنه في رسالته الى : الأخرس إذا أراد أن يطلق امرأته القى على رأسها قناعا إلخ.

(٤) الوسيلة : فصل في بيان أقسام الطلاق ص ٣٢٤ س ١ قال : أو إلقاء مقنعة على رأسها إلخ.

(٥) النهاية : باب أقسام الطلاق وشرائطه ص ٥١١ س ١٩ قال : فليؤم الى الطلاق الى قوله : وقد روي انه ينبغي أن يأخذ المقنعة إلخ.

(٦) لم نظفر عليه في المهذب ولكن نقله في المختلف (كتاب الطلاق ص ٤٠ س ٣) قال : وجعله الشيخ وابن البراج رواية ، ولعله منقول من كتابه الكامل.

(٧) السرائر : كتاب الطلاق ص ٣٢٥ س ٢٥ قال : ومن لم يتمكن من الكلام الى قوله : وقد روي انه ينبغي ان يأخذ المقنعة فيضعها على رأسه.

(٨) المختلف : كتاب الطلاق ، ص ٤٠ س ١ قال : المشهور ان طلاق الأخرس إلى قوله : ذهب اليه الشيخ وابن الجنيد.

٤٥٩

ولو فسّر الطلقة باثنين أو ثلاث ، صحت واحدة وبطل التفسير.

وقيل : يبطل الطلاق.

ولو كان المطلق يعتقد الثّلاثة لزم.

(الركن الرابع) في الإشهاد ، ولا بد من شاهدين يسمعانه ، ولا

______________________________________________________

واختاره المصنف (١) والعلامة (٢).

احتج الأولون : بما رواه السكوني عن الصادق عليه السّلام قال : طلاق الأخرس ان يأخذ مقنعتها ويضعها على رأسها ، ثمَّ يعتزلها (٣).

ومثلها رواية أبي بصير عنه عليه السّلام (٤).

وأجيب : بضعف السند ، وبالحمل على ما إذا علم بذلك إشارته.

احتج الآخرون برواية أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال : سألت الرضا عليه السّلام عن الرجل يكون عنده المرأة ، فيصمت فلا يتكلم ، قال : أخرس؟ قلت : نعم ، قال : فيعلم منه بغض لامرأته وكراهته لها؟ قلت : نعم ، أيجوز ان يطلق عنه وليه؟ قال : لا ، ولكن يكتب ويشهد على ذلك ، قلت : أصلحك الله : لا يكتب ولا يسمع كيف يطلقها؟ قال : بالذي يعرف من فعله مثل ما ذكرت من كراهته لها ، أو بغضه لها (٥).

قال طاب ثراه : ولو فسر الطلقة باثنين أو ثلاث ، صحت واحدة وبطل التفسير ،

__________________

(١) الشرائع : كتاب الطلاق في الصيغة ، قال : ويقع طلاق الأخرس بالإشارة الدالة ، وفي رواية يلقي عليها القناع.

(٢) المختلف : كتاب الطلاق ص ٤٠ س ١ قال : المشهور ان طلاق الأخرس بالإشارة المفيدة إلى قوله : لنا ما رواه احمد بن محمّد آه.

(٣) التهذيب : ج ٨ (٣) باب احكام الطلاق ص ٧٤ الحديث ١٦٨.

(٤) الاستبصار : ج ٣ (١٧٥) باب طلاق الأخرس ص ٣٠١ الحديث ٣.

(٥) الوسائل : ج ١٥ ، الباب ١٩ من أبواب مقدماته وشرائطه ص ٢٩٩ الحديث ١٩.

٤٦٠