الجوهرة في نسب الإمام علي وآله

محمّد بن أبي بكر الأنصاري التلمساني [ البرّي ]

الجوهرة في نسب الإمام علي وآله

المؤلف:

محمّد بن أبي بكر الأنصاري التلمساني [ البرّي ]


المحقق: الدكتور محمّد التونجي
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مكتبة النوري
الطبعة: ١
الصفحات: ١٢٧

الصاغاني قال : نا محمد بن عمر القصباني قال : نا عبد الوارث عن أيوب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم عق عن الحسن والحسين كبشا كبشا ، عن الحسن كبشا وعن الحسين كبشا. محمد بن اسحاق أبو بكر الصاغاني شيخ ابن الجارود خرج عنه مسلم. قال ابن أبي حاتم : سمعت منه مع أبي وهو ثبت صودق.

وكان الحسن من المشبهين برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وكذلك قثم بن العباس وجعفر بن أبي طالب. الترمذي بسنده عن علي قال : الحسن أشبه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ما بين الصدر ألى الرأس ، والحسين أشبه النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ما كان أسفل من ذلك. الترمذي : نا محمد بن يحيى ، نا عبد الرزق عن معمر عن الزهري ، عن أنس بن مالك قال : لم يكن منهم أحد أشبه برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من الحسن بن علي. قال : هذا حديث حسن صحيح. وقال : نا محمد بن بشار ، نا يحيى بن سعيد عن اسماعيل بن أبي خالد ، عن أبي جحيفة ، قال : رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وكان الحسن بن علي يشبهه. هذا حديث حسن صحيح.

قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «حسن مني وحسين من علي». وقال عليه‌السلام : «الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ، وأبوهما خير منهما». وقال صلى‌الله‌عليه‌وسلم في الجنة ، وأبوهما خير منهما». وقال صلى‌الله‌عليه‌وسلم في الحسن : «إن أبني هذا سيد. وسيصلح الله على يده بين فئتين عظيمتين من المسلمين». وفي حديث آخر أن «ابني هذا سيد ، وعسى الله أن يبقيه حتى يصلح به بين فئتين عظيمين من المسليمن». رواه جماعة من الصباحة. وفي حديث أبي بكرة

٢١

في ذلك : «وإنه ريحانتي من الدنيا». ولا أسود ممن سماه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم سيدا.

وتصارع الحسن والحسين يوما بين يدي البي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فجعل عليه‌السلام يقول : «إيه يا حسن ، إيه يا حسن». فقالت له فاطمة : يا رسول الله ، أتحرض الكبير على الصغير؟ فقال : «يا فاطمة ، هذا جبريل يقول يا حسين ، إيه يا حسين».

وكان معاوية ، وهو خليفة ، إذا دخل عليه الحسن يعظمه ويجله ويجلسه معه على سريره ، ويقول له : يا أبا محمد ، كأني أنظر إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إذا رأيتك لشبهك به. وحق لمعاوية أن يصنع به هذا الصنع الجميل ، وما هو أعز منه وأكرم ، ففعل رسول الله عليه وسلم به أكبر وأعظم.

روي أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم سجد في صلاة من الصلوات ، فركب الحسن على ظهره ، فأطال السجود. قال بعض الصحابة : فرفعت رأسي من السجود ، لأنظر ما شأن رسول الله. فرأيت الحسن على ظهره ، فرجعت إلى السجود. فلما قضى صلى‌الله‌عليه‌وسلم الصلاة قيل : يا رسول الله ، إنك سجدت سجدة في هذه الصلاة فأطلتها. فقال : «إن البني استرحليي فكرهت أن إعجله».

وحدث أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي في مصنفه قال : نا محمد بن عبد العزيز بن غزوان ، وهو ابن أبي رزمة قال : نا الفضل بن موسى عن حسين بن واقد عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال : كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يخطب فجأة

٢٢

الحسن والحسين ، عليهما قميصان أحمران ، يعثران فيهما. فنزل النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقطع كلامة ، فحملها فيها. فنزل المنبر. ثم قال : «صدق الله : (أموالكم وأولادكم فتنة) رأيت هذين يعثران في قميصهما ، فلم أصبر حتى قطعت كلامي فحملتهما». وخرج هذا الحديث الترمذي عن الحسن بن حريث عن علي بن حسين بن واقد ، عن أبيه. وخرجه أيضا الحافظ أبو نعيم الأصبهاني في كتاب : «رياضة المتعلمين». فقال : حدثنا محمد بن أحمد بن حمدان : نا الحسن بن سفيان : نا أبو بكر بن أبي شيبة : نا زيد بن حباب عن حسين بن واقد. ومدار هذا الحديث على حسين بن واقد ، عن عبد الله بن بريدة.

مسلم : عن أبي هريرة أن الأقرع بن حابس (١) أبصر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقبل الحسن بن علي رضي الله عنه فقال : إن لي عشرة من الولد ، ما قبلت واحدا منهم!. فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إنه من لا يرحم لا يرحم». مسلم : حدثنا أبن أبي عمر قال : نا سفيان عن عبيد الله بن أبي يزيد ، عن نافع بن جبير بن مطعم ، عن أبي هريرة قال : خرجت مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في طائفة من النهار لا يكلمني ولا أكلمه حتى جاء سوق بني قينقاع ، ثم انصرف حتى أتى خباء فاطمة. فقال : «أثم لكع ، أثم لكع؟» يعني حسنا. فظننا أنه

__________________

(١) هو الأقرع بن حابس بن عقال بن محمد ... بن زيد مناة التيمي. شهد مع رسول الله فتح مكة وحنينا وحصار الطائف. وشهد مع خالد فتح العراق والأنبار. اسمه فراس ، ولقب الأقرع بقرع كان في رأسه. وكان شريفا في الجاهلية والإسلام.

تهذيب الأسماء : ١ / ١٢٥

٢٣

إنما تحسبه أمه لأن تغسله وتلبسه سخابا (١). فلم يلبث أن جاء يسعى حتى اعتنق كل واحد منهما صاحبه. فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «اللهم إني أحبه فأحبه ، وأحبب من يحبه». وخرج هذا الحديث البخاري.

مسلم : حدثني عبد الله بن الرومي اليمامي وعباس بن عبد العظيم العنبري قالا : نا النضر بن محمد قال : نا عكرمة ، وهو ابن عمار قال : نا إياس عن أبيه قال : لقد قدت بنبي الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم والحسن والحسين على بغلته الشهباء. حتى إذا أدخلتهم حجرة النبي صلى الله عليه [وسلم] هذا قدامه وهذا خلفه. إياس الذي روى عنه عكرمة بن عمار هذا الحديث هو إياس بن سلمة بن الأكوع الأسلمي ، وأبوه سلمة من كبار الصحابة. شهد بيعة الرضوان ، ويظهر منه في غزوة ذي قرد الفعل الكريم والغناء العظيم. وقد ذكرتهما قبل في «أسلم» من خزاعة.

الترمذي : حدثنا محمد بن بشار : نا أبو عامر العقدي : نا رمعة بن صالح عن سلمة بن وهرام ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حامل الحسن بن علي عل عاتقه. فقال رجل : نعم المركب ركبت يا غلام. فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ونعم الراكب هو».

وقال : حدثنا محمد بن بشار : نا محمد بن جعفر : نا شعبة عن عدي بن ثابت قال : سمعت البراء بن عازب يقول : رأيت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم واضعا الحسن بن علي على عاتقه ، وهو يقول : «اللهم إني أحبه فأحبه». وخرج مسلم هذا

__________________

(١) السخاب : القلادة.

٢٤

الحديث بسنده ونصه.

الترمذي : عن أسامة بن زيد قال : طرقت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ذات ليلة في بعض الحاجة. فخرج النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وهو مشتمل على شئ لا أدري ما هو. فلما فرغت من حاجتي قلت : ما هذا الذي أنت مشتمل عليه؟ فكشفه ، فإذا حسن وحسين عليهما‌السلام على وركيه. فقال : «هذان ابناي وابنا ابنتي. اللهم اني أحبهما».

وحفظ الحسن عن النبي صلى الله عليه أحاديث ، وروها عنه. منها حديث الدعاء في القنوت. ومنها : «إنا آل محمد لا تجل لنا الصدقة». وكان الحسن رضي الله عنه محبا في النساء ، كثير النكاح ، كثير الطلاق. وكان علي يستحبي من أصهار الحسن ، فخطب الناس ، وقال : إن حسنا مطلاق فلا تنكحوه. فقام إليه رجل من همدان ، فقال : يا أمير المؤمنين : والله لننكحنه فيمسك من شاء ويطلق من شاء. فقال علي ، وقد سر بقول الهمداني :

لهمدان أخلاق ودين يزينهم

وبأس إذا لاقوا وحسن كلام

فلو كنت بوابا على باب جنة

لقلت لهمدان : ادخلوا بسلام

وكان علي ، رضي الله عنه ، محبا في همدان. وقال يوم الجمل في بطن منهم ، وهم بنو ربيعة بن مالك بن معاوية بن صعب بن دومان بن بكيل بن جشم بن خيوان بن نوف بن همدان : «لو تمت عدتهم ألفا لعبد الله حق عبادته». وكان إذا رآهم تمثل بقول الشاعر :

ناديت همدان والأبواب مغلقة

ومثل همدان سنى فتحه الباب

٢٥

كالهندواني ثم تفلل مضاربه

وجه جميل وقلب غير وجاب

وولي الحسن بعد موت علي عليهما‌السلام لسبع بقين من شهر رمضان سنة أربعين ، وصالح معاوية في شهر ربيع الأول سنة إحدى وأربعين. وقد قيل : في جمادي الأولى من هذه السنة ، ويسمى عام صلحه مع معاوية «عام الجماعة». فكانت خلافته ستة أشهر ، تمت بها ثلاثون سنة للخلافة.

روى «سفينة» (١) مولى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تعود ملكا». ولما بويع الحسن سار إلى معاوية بجنود العراق ، وسار إليه معاوية بأهل الشام ، فالتقوا بموضع يقال له : «مسكن» (٢) بأرض الكوفة ، فأصلحوا. وسلم السحن إليه الخلافة. واشترط عليه شروطا ، منها أن يذهب ما بين أهل العراق وبين أهل الشام من الذحول (٣) والضغائن ، وأن يكون له الأمر من بهده. فرضي معاوية كل ما اشترط عليه الحسن ، وكاد يطير فرحا.

__________________

(١) سفينة : مولى رسول الله ، وهذا لقبه ، واسمه «مهران» وقيل غير ذلك ، وكنيته أبو عبد الرحمن ، لقبه ، رسول الله سفينة. كان يسكن بطن نخلة ، وهو من مولدي العرب ، وقيل : من أبناء فارس. خدم النبي عشر سنين ، وروى أربعة عشر حديثا.

تهذيب السماء : ١ / ٢٢٦

(٢) مسكن : موضع قريب من أوانا على نهر دجيل. كانت فيه الوقعة بين عبد الملك بن مروان ومصعب بن الزيبر سنة ٧٢ ه‍ ، فقتل مصعب. وقبره هناك معروف.

معجم البلدان : مادة مسكن.

(٣) الذحول : مفردها الذحول وهو الثأر. تقول : لي عند هم ذحول أي ثارات.

٢٦

البخاري : نا عبد الله بن محمد : نا سفيان عن أبي موسى قال : سمعت الحسن يقول : استقبل والله الحسن بن علي معاوية ابن أبي سفيان بكتائب أمثال الجبال. فقال عمرو بن العاص : إني لأرى كتائب لا تولي حتى تقتل أقرانها. فقال له معاوية : وكان والله خير الرجلين. أي عمرو ، إن قتل هؤلاء هؤلاء وهؤلاء هؤلاء من لي بأمور الناس؟ من لي بنسائهم؟ من لي بضيعتهم؟ فبعث إليه رجلين من قريش من بني عبد شمس : عبد الرحمن بن سمرة وعبد الله ابن عامر. فقال : إذهبا إلى هذا الرجل ، فأعرضا عليه ، وقولا له ، واطلبا إليه. فأتياه ، فدخلا عليه ، فتكلما. وقالا له : وطلبا إليه. فقال لهم (كذا) الحسن ابن علي :

«إنا بنو عبد المطلب ، قد أصبنا من هذا المال ، وإن هذه الأمة قد عاثت في دمائها».

قالا له : فإنه يعرض عليك كذا وكذا ، ويطلب إليك ويسألك. قال : فمن لي بهذا؟ قالا : نحن لك به. فما سألهما شيئا إلا قالا : نحن لك به. فصالحه. فقال الحسن : ولقد سمعت أبا بكرة يقول : رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم على المنبر والحسن بن علي إلى جنبه ، وهو يقبل على الناس مرة وعليه أخري ، ويقول : «إن ابني هذا سيد ، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين». قال البخاري : قال لي علي بن عبد الله : إنما ثبت عندنا سماع الحسن من أبي بكرة بهذا الحديث.

وحدث أحمد بن زهير ، وهو أبو بكر بن أبي خيثمة قال :

٢٧

نا هارون بن معروف : نا ضمرة ، عن ابن شوذب قال : لما قتل علي سار الحسن فيمن معه من أهل الحجاز والعراق. وسار معاوية في أهل الشام قال : فالتقوا. فكره الحسن القتال ، وبايع معاوية على أن يجعل العهد للحسن من بهده. قال : فكان أصحاب الحسن يقولون له : يا عار المؤمنين. فيقول : العار خير من النار.

ودخل على الحسن بعض شيعة أبيه الناصحين له فقال : السلام عليك يا مذل المؤمنين ، بايعت معاوية ومعك أربعون ألف سيف من أهل العراق. فقال : اجلس يا بن فلان ، لا تقل كذلك. إن أبي عهد إلي أنه لا بد لمعاوية أن يلي هذا الأمر. فلو قاتلناه بالشجر والحصى والجندل لم ينفعنا ذلك. وقد سبق القضاء والقدر بولايته. ولما خرج ذلك الرجل من عند الحسن دخل على الحسين فقال : امدد يدك نبايعك. فقال له الحسين : أما ما دام أبو محمد حيا فلا.

وكان الحسن يكنى أبا محمد ، والحسين يكنى أبا عبد الله.

وذكر أبو عمر بن عبد البر في كتاب «الصحابة» فقال : نا خلف بن قاسم قال : نا عبد الله بن عمر بن اسحاق بن معمر قال : نا أحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين قال : حدثني عمرو بن خالد مرارا قال : حدثني زهير بن معاوية الجعفي قال : حدثني أبو روق الهمداني أن أبا الغريف حدثهم قال : كنا في مقدمة الحسن بن علي اثني عشر الفا بمسكن مستميتين ، تقطر أسافنا من الجد والحرص على قتال أهل الشام ، وعلينا أبو العمر طه

٢٨

فلما جاءنا صلح الحسن بن علي كانما كسرت ظهورنا من الغيظ والحزن. فلما جاء الحسن الكوفة جاءه شيخ يكنى أبا عامر شفيق بن ليلى. فقال : السلام عليك يا مذل المؤمنين. فقال : لا تقل يا أبا عامر ، فإني لم أذل المؤمنين ، ولكني كرهت أن أقتلهم في طلب الملك.

وحدث ابن وهب قال : أخبرني يونس بن يزيد عن ابن شهاب قال : لما دخل معاوية الكوفة حين سلم إليه الأمر الحسن ابن علي كلم عمرو بن العاصي معاوية أن يأمر الحسن بن علي فيخطب الناس ، فكره ذلك معاوية وقال : لا حاجة بنا إلى ذلك. قال عمرو : ولكني أريد ذلك ليبدو عيه ، فإنه لا يدري هذه الأمور ما هي. ولم يزل بعاوية حتى أمر الحسن يخطب. وقال له : قم يا حسن ، فكلم الناس فيما جرى بيننا. فقام الحسن ، فتشهد وحمد الله وأثنى عليه وقال في بديهته :

«أما بعد أيها الناس ، فإن الله هذاكم بأولنا ، وحقن دماءكم بآخرنا. وإن لهذا الأمر مدة ، والدنيا دول. وإن الله عز وجل يقول : (وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون ، إنه يعلم الجهر من القول ، ويعلم ما تكتمون ، وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين) (١).

فلما قالها. قال له معاويد : إجلس فجلس. ثم قام معاوية فخطب الناس. ثم قال لعمرو : هذا من رأيك.

وروى مجالد بن سعيد عن الشعبي قال : لما جرى الصلح

__________________

(١) سورة الأنبياء : ٢١/الآية :١٠٩ ـ ١١١.

٢٩

بين الحسن بن علي وبين معاوية. قال له معاوية : قم فاخطب الناس واذكر ما كنت فيه. فقام الحسن ، فخطب. فقال «الحمد لله الذي هدى بنا أولكم ، وحقن بنا دماء آخركم. ألا إن أكيس الكيس التقى ، أعجز العجز الفجور. وإن هذا الأمر الذي الختلف فيه أنا ومعاوية. إما أن يكون كان أحق به مني ، وإما أن يكون حقي ، فتركته لله ولصلاح أمة محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم وحقن دمائهم. قال : ثم التفت إلى معاوية فقال : وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين».

ثم نزل فقال عمرو لمعاوية : ما أردت إلا هذا.

ومات الحسن ، رضى الله عنه ، مسموما (١). يقال إن أمرأته «جعدة» بنت الأشعث بن قيس سمته. دس إليها معاوية أن تمسه. فإذا مات أعطاها أربعين ألفا ، وزوجها من يزيد. فلما مات الحسن وفى لها بالمال وقال لها : ... حاجة هذا ما صنعت بابن فاطمة ، فكيف تصنع بابن معاوية؟ فخسرت وما ربحت. وهذا أمر لا يعلمه إلا الله ، ويحاشى معاوية منه. وقيل : إن يزيد دس إلى جعدة بذلك. وقد ذكر الخبرين أصحاب التواريخ.

وحدث قاسم بن اصبغ البياني قال : نا عبد الله بن روح نا عثمان بن عمر بن فارس قال : نا ابن عون ، عن عمير بن اسحاق قال : كنا عند الحسن بن علي فدخل المخرج المخرج ثم خرج فقال : سقيت السم مرارا ، وما سقيت مثل هذه المرة. ولقد

__________________

(١) انظر تفصيل موته في «المختصر في أخبار البشر : ١ / ١٨٢» وفي تجارب السلف : ٥٢.

٣٠

لفظت طائفة من كبدي ، فرأيتني أقلبها بعود معي. فقال له الحسين : أي أخي ، من سقاك؟ فقال : وما تريد إليه؟ أتريد أن تقتله؟ قال : نعم. قال : لئن كان الذي أظن فالله أشد بقمة. ولئن كان غيره فما أريد يقتل بي برئ.

ولما ورد البريد بموته على معاوية أتى ابن عباس معاوية فقال له : يا بن عباس ، احتسب الحسن ، لا يحزنك الله ولا يسوؤك. فقال : أما ما أبقاك الله لي يا أمير المؤمنين فلا يحزنني الله ولا يسوؤني. فأعطاه على كلمته ألف وعروضا وأشياء. وقال له : خذها واقسمها على أهلك.

وذكر أنه لما بلغ معاوية موت الحسن كبر ، وكبر من كان في مجلسه معه. وسمعت فاختة بنت قرظة زوجة التكبير. فلما دخل عليها قالت له : يا أمير المؤمنين : إني سمعت تكبيرا عاليا في مجلسك ، فما الخبر؟ فقال لها : مات الحسن. فبكت وقالت : إنا لله وإنا إليه راجعون. سيد المسلمين وابن رسول الله تكبر على موته؟ فقال لها معاوية : إنه والله كنا قلت فأقلي لومي ويحك.

ودخل عليه ابن عباس عشية يوم هذه القصة فقال : يابن عباس أسمعت بموت الحسن ، فبكى ابن عباس وقال : قد ما زاد موته في عمرك. ولقد وافاه أجله ، وقد زكا قوله وعمله ، وصار إلى ما أعد الله له من الكرامة في دار القامة مع جده الرسول وأمه البتول وأبيه النفاع في الله الضرار ، وعمه ذي الجناحين الطيار. ولئن رزئنا بفقده ، فلقد من هو خير

٣١

منه ، محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

كانت وفاة الحسن بالمدينة في شهر ربيع الأول سنة تسع وأربعين ، وهو يومئذ ابن سبع وأربعين سنة. ودفن بالبقيع الى جنب أمه فاطمة رضي الله عنها وعن بنيها أجمعين. وصلى عليه سعيد بن العاصي والد عمرو الأشدق ، وكان يومئذ أميرا على المدينة. قدمه الحسين للصلاة عليه ، وقال : هي السنة ، ولولا أنها سنة ما قدمتك.

وكان أوصى أن يدفن مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، إلا أن تكون فتنة تثير قتالا ، فإن كانت فادفنوني بالبقيع. فلما جئ بسريره إلى المسجد منعهم مروان من الدخول وقال : والله لا يدفن أمير المؤمنين عثمان في البقيع وتدفنون الحسن مع رسول الله. وتنازعوا حتى دخلت بنو هاشم مع الحسين في السلاح وبنو أمية مع مروان كذلك. فأصلح الناس ، وأبو هريرة بينهم. وقال أبو هريرة : والله إن هذا لظلم ، يمنع الحسن أن يدفع مع جده. ثم ناشد الله الحسين وقال : يا أبا عبد الله ، أليس قد قال الحسن : ادفنوني بالبقيع إن كانت فتنة تثير قتالا؟ ولم يزل به حتى سكن غضبه ورضي ، ودفن الحسن بالبقيع ، رضي الله عنهما.

ولما توفي الحسن عليه‌السلام أدخله قبره الحسين ومحمد ابن الحنيفة وعبيد الله بن عباس. ثم وقف على قبره وقد اغرورقت عيناه فقال : «رحمة الله عليك أبا محمد. فلئن عزت حياتك لقد هدت وفاتك. ولنعم الروح روح تضمنه بدنك ، ولنعم الجسد جسد تضمنه كفنك ، ولنعم الكفن كفن تضمنه لحدك.

٣٢

وكيف لا تكون كذلك وأنت جلف التقى؟ وجدك النبي المصطفى وأبوك علي المرتضي ، وأمك فاطمة الزهرا ، وعمك جعفر الطيار في جنة المأوى؟ غذتك أكف الحق ، وربيت في حجر الاسلام ، ورضعت ثدي الايمان. فطبت حيا وميتا. فلئن كانت الأنفس غير طيبة بفراقك فإنها غير شاكة أنه قد خير لك ، وإنك وأخاك سيدا شباب أهل الجنة. فعليك السلام منا».

وكان الحسن والحسين رضي الله عنهما من أجواد الاسلام ، ولهما ولعبيد الله بن جعفر بن عباس ولسعيد بن العاصي أخبار مأثورة ، عزيزة الوجود في المبرزين في الجود.

وولد الحسن بن علي الحسن ، أمه خولة بنت منظور بن زبان الفزارية وعمرا أمه ثقفية ، وابنه محمد بن عمرو وروى عن جابر بن عبد الله حديث : «ليس من البر أن تصوموا في السفر». خرجه مسلم. والحسين الأثر م لأم ولد ، وطلحة وأمة أم السحاق بنت طلحة بن عبيد الله.

فأما السحن بن الحسن بن علي فولد : عبد الله ، والحسن ، وابراهيم ، ومحمدا ، وجعفرا ، وداود. وكان عبد الله ابن حسن بن حسن بن حسن يكنى أبا محمد ، وكان خيرا ورؤي يوما يمسح على خفيه. فقيل له : تمسح؟ قال : نعم ، قد مسح عمر بن الخطاب. ومن جعل عمر بينه وبين الله فقد استوثق وروي ان عمر بن عبد العزيز وجه إلى عبد الله بن الحسن ابن حسن : إذا كانت لك حاجة فاكتب بها رقعة ، فإني استحبي من الله ان يراك على بابي.

٣٣

ومن ولد عبد الله بن حسن : ابراهيم ، ومحمد ، وإدريس. فأما ابراهيم ومحمد فكانت لهما فطنة وذكاء في صغرهما ، وكانا من أهل البلاغة واللسن في كبرهما. الأصمعي : عن بعض شيوخه الثقات ، عن عبد الله بن طاووس (١) قال : أقبلت إلى عبد الله بن الحسن ، فأدخلني بيتا ، قد نجد بالرهاوي (٢) وكل فرشة شريفة. قال فبسطت نطعي (٣) وجلست عليه ، وأبناه محمد وابراهيم صبيان يلعبان. فلما نظا إلي قال احدهما لصاحبه : ميم. قال الآخر : جيم. فقلت أنا : نون واو نون. فاستغرقا ضحكا ، وخرجا إلى أبيهما ، فأخبراه فتبسم.

توفي عبد الله بن طاووس في خلافة أبي العباس السفاح ، وروي عنه الحديث وكان من الثقات ، وأكثر روايته عن أبيه. وأبوه طاووس : كان من أصحاب ابن عباس. وتوفي بمكة سنة ست ومئة قبل التروية (٤) بيوم ، وصلى عليه هشام بن عبد

__________________

(١) عبد الله بن طاووس بن كيسان الهمداني. من شيوخ الأصمعي ، ومن عباد أهل اليمن وفقائهم المشهورين ، ومن رجال الحديث الثقات.توفي سنة ١٣٢ ه‍.

الأعلام : ٤ / ٢٢٧

(٢) الرهاوي : منسوب إلى بلدة الرها في بلاد الروم (أصلها أوذية) ، وإلى رهاة قبيلة من مذحج ، والأول هو المطلوب هنا.

(معجم البلدان)

(٣) النطع : بساط من الجلد.

(٤) التروية : يوم قبل يوم عرفة ، وهو الثامن من ذي الحجة. سمي به لأن الحجاج يترون فيه من الماء ، وينهضون إلى منى ولا ماء بها ، فيتزودون ريهم من الماء أي يسقون ويستقون.

(اللسان)

٣٤

الملك. وهو طاووس بن كيسان مولى لأهل اليمن. وأمه مولاة لحمير. وكان يكنى إبا عبد الرحمن. وخرج عنه الأئمة مالك والبخاري ومسلم والترمذي. غيرهم.

وخرج محمد وابراهيم على أبي جعفر المنصور ، وغلبا على المدينة ومكة والبصرة. فبعث إليهما ، فقتل محمد بالمدينة ، وقتل ابراهيم بباخمرا (١) ، على ستة عشر فرسخا من الكوفة.

وأما ادريس بن عبد الله (٢) أخوهما فهو الذي صار إلى أرض البرير بالمغرب هاربا في خلافة هارون الرشيد. وولد إدريس الأصغر. ترك أمه حاملا به حين سم ، وخبره مشهور.

ومن ولد إدريس بن إدريس الشرفاء بالمغرب والأمراء بقرطبة ومالقة وسبتة ، وذلك بعد النقراض دولة المنصور محمد بن أبي عامر المعافري (٣) ودولة ولديه.

__________________

(١) باخمرا : موضع بين الكوفة وواسط ، وهو إلى الكوفة أقرب. بها كانت الوقعة بين أصحاب أبي جعفر المنصور وابراهيم بن عبد الله بن حسن. فقتل ابراهيم هناك ، وقبره إلى الآن يزار.

(معجم البلدان)

(٢) هو ادريس بن عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب ، مؤسس دولة الأدارسة في المغرب واليه نسبتها. انهزم من العباسيين بعد قتل الحسين بن علي في المدينة فنزل في مصر فالمغرب الأقصى سنة ١٧٢. واستطاع أن يجمع البرير تحت إمرته. وتم له الأمر في نفس العام. وعظم أمره واتسع ملكه حتى سنة ١٧٧ حيث مات مسموما.

الاستقصا : ١ / ٦٧

(٣) هو محمد بن عبد الله بن عامر بن محمد أبي عامر المعارفي القحطاني. أمير الأندلس في دولة المؤيد الأموي ، وأحد الشجعان الدهاة. عهد إليه بوكالة ، السيد صبح (أم هشام المؤيد) فولي النظر في أموالها وضياغها وعظمنت مكانته عندها ، ثم أضيف إليه عدة وظائف. ودامت له الإمرة ستا وعشرين سنة ، غزا فيها بلاد الافرنج ستا وخمسين غزوة. ومات في احدى غزواته في مدينة سالم ، ولا يزال قبره معروفا فيها سنة ٣٩٢ ه‍.

٣٥

وأم عبد الله بن حسن بن حسن فاطمة بنت الحسين بن علي ، أخت سكينة. وكانت أجمل من سكينة. وكان الحسين رضي الله عنه أرى ابن أخيه الحسن بن الحسن ابنتيه سكينة في سحن أبي جعفر ، وأخوته معه ، وهم : حسن وداود وابراهيم.

ومن ولد ابراهيم بن حسن ابن طباطبا (١) ، وهو محمد بن ابراهيم بن اسماعيل بن ابراهيم بن حسن بن حسن ، وهو صاحب أبي السرايا الشيباني (٢). وخرج ابن طباطبا على المأمون عبد الله بن الرشيد بالكوفة سنة تسع وتسعين ومئة. وهي السنة الثانية من خلاقة المأمون. وبويع للمأمون عند قتل المخلوع أخيه الثانية محمد الأمين ليلا ببغداد ، وهو بخراسان لخمس بقين من المحرم سنة ثمان وتسعين ومئة. وتولى قتل المخلوع طاهر بن

__________________

(١) ابن طباطبا : من ولد بن أبي طالب : أمير علوي ثاثر ومن أئمة الزيدية. مال إليه الناس في المدينة فاستتر. دخل الكوفة يستعرض رأي الناس فيه. قم لقي أبا لسرابا واتفقا على إعلان الثورة ضد العباسيين. لكن توفي سنة ١٩٩ وعمره ست وعشرون إثر مرض أو سم.

الطبري : ١٠ / ٢٢٧

(٢) أبو السرابا : هو السري بن منصور الشيباني ، من أحفاد هانئ الشيباني ومن الأمراء العصاميين. كان كثير الطموح ، فاتصل بهرثمة بن أعين أيام الفتنة بن الأمين والمأمون. لقبه ابن طباطبا في الرقة واتقق معه على الثورة وبايعه. فاستوليا على الكوفة ، وسير الجيوش الى البصرة. ثم استفحل أمره فملك واسرا والمدائن. قتله الحسن بن سهل ، وأرسل رأسه إلى المأمون ، ونصبت جثته على جسر بغداد سنة ٢٠٠ ه‍.

الطبري : ١٠ / ٢٢٧

٣٦

الحسين ذو اليمينين (١).

ومن موالى الحسن بن علي رضي الله عنهما الحسن بن سعد : روى عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب. مسلم : حدثنا شيبان بن فروخ قال : نا مهدي بن ميمون قال : نا محمد ابن عبد الله بن أبي يعقوب عن الحسن بن سعد مولى الحسن بن علي عن عبد الله بن جعفر قال : أردفني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ذات يوم خلفه ، فأسرني حديثا لا آخذ به احتراس الناس (؟).

وأبو أسامة حماد بن أسامة : المحدث الثقة ، مولى الحسن ابن سعد هذا. فهو مولى مولى. توفي أبو أسامة بالكوفة سنة تسع ومئتين وهو ابن ثمانين سنة.

__________________

(١) طاهر بن الحسين بن مصعب الخزاعي أبو الطيب. من كبار الوزراء والقواد أدبا وحكمة وشجاعة. وهو الذي وطد الملك للمأمون العباسي. وكانت لأبيه منزلة عند الرشيد. ولما مات الرشيد وولي الأمين ، كان المأمون في مرو. فانتدب طاهرا للزحف الى بغداد فهاجمها ، وظفر بالأمين فقتله سنة ١٩٨ ، وعقد البيعة للمأمون. فولاه شرطة بغداد. ثم ولاه خراسان سنة ٢٠٥. وجد عليه المأمون لقتله أخاه. وأحسن طاهر بهذا فقطع الخطبة عن المأمون. قتله أحد غلمانه سنة ٢٠٧.

وفيات الأعيان

٣٧

الحسين بن علي

ابن أبي طالب عليهما‌السلام

ولد الحسين في شعبان سنة أربع من الهجرة. ويكنى أبا عبد الله. وعلقت فاطمة بالحسين بعد وضعها الحسن بخمسين يوما. قاله الواقدي. وكان الحسن رضي الله عنه من الفقهاء العالمين بالكتاب والسنة. وروى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قوله : «من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه». هكذا حدث به العمري عن الزهري ، عن علي بن حسين ، عن أبيه ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم. وروى ابراهيم بن سعد عن ابن اسحاق ، عن الزهري ، عن سنان بن أبي سنان الدؤلي عن حسين بن علي ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم حديثا في ابن صائد : «اختلفتم وأنا بين أظهركم وأنتم بعدي أشد اختلافا». وحديث : «من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه ، هو ثلث الإسلام». ورواه أيضا أبو هريرة.

وروى سفيان بن عينية (١) عن عبد الله بن شريك عن بشر

__________________

(١) سفيان بن عيينة ، أبو أحمد. وهو تابعي ، اتفقوا على إمامته وجلالته. قال : فرأت القرآن وأنا أبن سبع سنين. ولد سنة ١٠٧ ، وتوفي سنة ١٩٨ ه‍.

تهذيب الأسماء : ١ / ٢٢٥

٣٨

ابن غالب قال : سمعت ابن الزيبر وهو يسأل حسين بن علي : يا أبا عبد الله ، ما تقول في فكاك الأسير ، على من هو؟ قال : على القوم الذين أعانهم. وربما قال : قاتل معهم. قال سفيان : يعني يقاتل مع أهل الذمة فيفك من جزيتهم. قال : وسمعته يقول : يا أبا عبد الله متى يجب عطاء الصبي؟ قال : إذا استملى وجب عطاؤه ورزقه. وسأله عن الشرب قائما ، فذعا بلقحة (١) له فحلبت وشرب قائما ، وناوله. وكان يعلق الشاة المصلية (٢) فيطعمنا منها ، ونحن نمشي معه.

وكان كثيرة الصلاة والصيام والحج. حج رضي الله عنه عشرين حجة ، ماشيا. قال ذلك مصعب بن عبد الله الزبيري. وكان رضي الله عنه متواضعا. مر على قوم من الماكين ، وكان راكبا ، فسلم عليهم ، وهم قد وضعوا كسرا بالأرض ، وهم يأكلون. فقالوا : هلم يا بن رسول الله ، فنزل عن دابته وقال : إن الله لا يحب المستكبرين ، ثم جلس وأكل معهم. فلما فرغوا قال : إنكم دعوتموني فأجبتكم. وإني أدعوكم إلى منزلي ، فأجابوه. فلما دخلوا منزلة وجلسوا قال : يا رباب ، هات ما كنت تدخرين.

ومن مناقبه ما ذكر الترمذي بسنده عن يعلى بن مرة (٣) قال :

__________________

(١) اللقكة (بكسر القاف) : النافة الحلوب الغزيزة اللبن.

(٢) الشاة المصيلة : المشوية.

(٣) يعلى بن مرة بن وهب بن جابر بن عناب بن مالك. شهد مع النبي صلح الحديبية ، وبايع بيعة الرضوان ، وشهد خيبر والفتح وهوازن والطائف. ثم كان من أصحاب علي. سكن الكوفة ، وقيل البصرة.

أسد الغابة : ٥ / ١٣٠

٣٩

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «حسين مني وأنا من حسين. أحب الله من أحب حسينا. حسين سبط (١) من الأسباط». وقال أبو هريرة : أبصرت عيناي هاتان ، وسمعت أذناي رسول الله صلى الله عيله وسلم ، وهو آخذ بكفي حسين ، وقدماه على قدم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو يقول : «ترع عين بقة» (٢). قال : فرقي الغلام حتى وضع قدميه على صدر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ثم قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «افتح فاك». ثم قبله ، ثم قال : «اللهم أحبه ، فإني أحبه».

الترمذي : حدثنا عقبة بن مكرم العمي : نا وهب بن جرير ابن حازم : نا أبي عن محمد بن أبي يعقوب ، عن عبد الرحمن ابن أبي نعم أن رجلا من أهل العراق سأل ابن عمر عن ذم البعوض يصيب الثوب. فقال ابن عمر : انظروا الى هذا ، يسأل عن ذم البعوض ، وقد قتلوا ابن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم! وسمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «إن الحسن والحسين ريحانتاي من الدنيا».

ولما مات معاوية ، وبويع يزيد ابنه وصل البريد ببيعة يزيد

__________________

(١) السبط : ولد الولد. ويغلب على ولد البنت ، مقابل الحفيد الذي هو ولد الا.

(٢) ترقص الأمهات العربيات أولادهم وهن يغنين بهذه الجملة. وأصل الجملة «حزقة حزقة ، ترق عين بقة». قيل : بقة اسم حصن ، ولعله الذي كان به جذيمة الأبرش على شاطئ الفرات. والمراد بهذه الجملة : اعل عين بقة. وقيل : إنها تشبه طفلها بالبقية لصغر جثته. وقد استخدم رسول الله هذا القول مداعبا حفيده.

لسان العرب «بقق»

٤٠