أبي منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٢٦
قال فأنشدك بالله أنت الذي حباك رسول الله صلىاللهعليهوآله برايته يوم خيبر ففتح الله له أم أنا؟ قال بل أنت (١).
قال فأنشدك بالله أنت الذي نفست عن رسول الله وعن المسلمين بقتل عمرو بن عبد ود أم أنا؟ قال بل أنت (٢).
__________________
ابصر رسول الله صلىاللهعليهوآله جماعة من مشركي قريش فقال لعلي « احمل عليهم » فحمل عليهم ففرق جمعهم ، وقتل عمرو بن عبد الله الجمحي قال : ثم أبصر رسول الله صلىاللهعليهوآله جماعة من مشركي قريش فقال لعلي احمل عليهم ، فحمل عليهم ، ففرق جماعتهم ، وقتل شيبة ابن مالك أحد بني عامر بن لؤي فقال جبريل : يا رسول الله إن هذا للمواسات. فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله إنه مني وأنا منه فقال جبريل : وأنا منكما قال : فسمعوا صوتا :
لا سيف إلا ذو الفقار |
|
ولا فتى إلا علي |
واخرج ابن هشام في سيرته ج ٣ / ص ٥٢ عن ابن أبي نجيح : قال نادى مناد من السماء :
لا سيف إلا ذو الفقار |
|
ولا فتى إلا علي |
قال حسان بن ثابت :
جبريل نادى معلنا |
|
والنقع ليس بمجلي |
والمسلمون قد احدقوا |
|
حول النبي المرسل |
لا سيف إلا ذو الفقار |
|
ولا فتى إلا علي |
راجع سنن البيهقي ٣ / ٢٧٦ والمستدرك ٢ / ٣٨٥ ومناقب الخوارزمي ص ١٠٣ والرياض النضرة ٢ / ١٩٠ وذخائر العقبى ٧٤ وكفاية الطالب ٢٧٧ وميزان الاعتدال ٢ / ٣١٧ وشرح النهج لابن أبي الحديد ٣ / ٣٨٠ ومناقب ابن المغازلي ص ١٩٧ فما بعدها وغير ذلك من كتب التاريخ والفضائل.
(١) عن سهل بن سعد إن رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : لأعطين غدا الراية رجلا يجبه الله ورسوله ويجب الله ورسوله يفتح الله على يديه قال : فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطى ، فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله صلىاللهعليهوآله كلهم يرجو أن يعطاها فقال (صلىاللهعليهوآله) أين علي ابن أبي طالب فقالوا : يشتكي عينيه يا رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : فأرسلوا إليه ؛ فلما جاء بصق (صلىاللهعليهوآله) في عينيه ، ودعا له ، فبرأ حتى كأن لم يكن به وجع وأعطاه الراية فقال علي : يا رسول الله اقاتلهم حتى يكونوا مثلنا؟ قال : انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه ، فو الله لئن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النعم. أخرجه البخاري ومسلم ، راجع ذخائر العقبى ص ٧٢ وطبقات ابن سعد ٢ / ١١١ ومسند ابن حنبل ٤ / ٥٢ ومستدرك الحاكم ٣ / ٣٨ وسنن البيهقي ٩ / ١٣١ ومناقب ابن المغازلي ص ١٧٨ ومسند أبي داود ص ٢٦ والحافظ الذهبي في تاريخ الإسلام ٢ / ١٩٣ والنسائي في الخصائص ص ٧ وابن حجر في تهذيب التهذيب ٧ / ٤٨٠ ومجمع الزوائد ٩ / ١٢٤ وسيرة ابن هشام ٢ / ٣٣٤ وكفاية الطالب ٩٨ وغير ذلك من كتب التاريخ والفضائل.
(٢) وكان عمرو بن عبد ود قد قاتل يوم بدر حتى أثبته الجراحة فلم يشهد يوم احد ، فلما كان يوم الخندق خرج معلما ليرى مكانه وقف هو وخيله قال من يبارز ، فبرز له علي بن أبي طالب فقال له : يا عمرو إنك قد كنت عاهدت الله أن لا يدعوك رجل من قريش إلى احدى خلتين إلا أخذتها منه ، قال له : أجل. قال له علي : فإني أدعوك إلى الله وإلى رسوله وإلى الإسلام قال : لا حاجة لي بذلك. قال :
فإني أدعوك إلى النزال فقال له : لم يا ابن أخي؟ فو الله ما أحب أن أقتلك. قال له علي : ولكني والله أحب أن أقتلك فحمى عمرو عند ذلك ، فأقحم عن فرسه فعقره وضرب وجهه ، ثم أقبل على علي فتنازلا وتجاولا فقتله علي رضي الله عنه.
قال ابن إسحاق : وقال علي بن أبي طالب رضوان الله عليه في ذلك :
نصر الحجارة من سفاهة رأيه |
|
ونصرت رب محمد بصوابي |
فصدرت حين تركته متجدلا |
|
كالجذع بين دكادك وروابي |
وعففت عن أثوابه ولو أنني |
|
كنت المقنطر بزني أثوابي |
لا تحسبن الله خاذل دينه |
|
ونبيه يا معشر الأحزاب |
قال فأنشدك بالله أنت الذي ائتمنك رسول الله صلىاللهعليهوآله على رسالته إلى الجن فأجابت أم أنا؟ قال بل أنت (١).
قال فأنشدك بالله أنا الذي طهره الله من السفاح من لدن آدم إلى أبيه بقول رسول الله صلىاللهعليهوآله خرجت أنا وأنت من نكاح لا من سفاح (٢) من لدن آدم إلى عبد المطلب أم أنت؟ قال بل أنت.
__________________
ـ ذكر ابن أبي الحديد في شرح النهج أن النبي صلىاللهعليهوآله قال : « ضربة علي يوم الخندق تعدل عبادة الثقلين » وأخرج الحاكم في المستدرك ٣ / ٣٢ عنه (صلىاللهعليهوآله) « لمبارزة علي بن أبي طالب لعمرو بن عبد ود يوم الخندق أفضل من أعمال امتي إلى يوم القيامة » ورواه الخطيب في تاريخ بغداد ١٣ / ١٩ والرازي في تفسير سورة القدر.
(١) في ج ٦ من بحار الأنوار ص ٣١٥ عن عيون المعجزات من كتاب الأنوار مسندا عن سلمان قال : كان النبي صلىاللهعليهوآله ذات يوم جالسا بالأبطح وعنده جماعة من أصحابه وهو مقبل علينا بالحديث ، إذ نظرنا إلى زوبعة قد ارتفعت فأثارت الغبار ، وما زالت تدنو والغبار يعلو إلى أن وقفت بحذاء النبي صلىاللهعليهوآله ثم برز منها شخص كان فيها ، ثم قال : يا رسول الله صلىاللهعليهوآله إني وافد قوم وقد استجرنا بك فأجرنا ، وابعث معي من قبلك من يشرف على قومنا فإن بعضهم قد بغى علينا ، ليحكم بيننا وبينهم بحكم الله وكتابه ، وخذ علي العهود والمواثيق المؤكدة أن أرده إليك في غداة غد سالما إلا أن تحدث علي حادثة من عند الله ، فقال النبي صلىاللهعليهوآله : من أنت ومن قومك؟ قال : أنا عطرفة بن شمراخ أحد بني نجاح ، وأنا وجماعة من أهلي كنا نسترق السمع فلما منعنا من ذلك آمنا ولما بعثك الله نبيا آمنا بك ، وعلى ما علمته وقد صدقناك وقد خالفنا بعض القوم ، وأقاموا على ما كانوا عليه فوقع بيننا الخلاف ، وهم أكثر منا عددا وقوة ، وقد غلبوا على الماء والمرعى ، وأضروا بنا وبدوابنا ، فابعث معي من يحكم بيننا بالحق ، فقال له النبي صلىاللهعليهوآله : فاكشف لنا عن وجهك حتى نراك على هيئتك التي أنت عليها ، قال : فكشف لنا عن صورته فنظرنا فإذا شخص عليه شعر كثير ، وإذا رأسه طويل ، طويل العينين ، عيناه في طول رأسه ، صغير الحدقتين ، وله أسنان كأنها أسنان السباع ، ثم أن النبي صلىاللهعليهوآله أخذ عليه العهد والميثاق على أن يرد عليه في غد من يبعث به معه ، فلما فرغ من ذلك التفت إلى أبي بكر فقال : سر مع أخينا عطرفة وانظر إلى ما هم عليه ، واحكم بينهم بالحق ، فقال : يا رسول الله وأين هم؟ قال : هم تحت الأرض ، فقال أبو بكر وكيف اطيق النزول تحت الأرض؟ وكيف أحكم بينهم ولا أحسن كلامهم؟ ثم التفت إلى عمر بن الخطاب فقال له مثل قوله لأبي بكر ، فأجاب مثل جواب أبي بكر. ثم أقبل على عثمان وقال له مثل قولهما فأجابه كجوابهما : ثم استدعى عليا وقال له : يا علي سر مع أخينا عطرفة ، وتشرف على قومه ، وتنظر إلى ما هم عليه وتحكم بينهم بالحق فقام أمير المؤمنين مع عطرفة وقد تقلد سيفه ، قال سلمان : فتبعتهما إلى أن صارا إلى الوادي فلما توسطاه نظر إلي أمير المؤمنين (عليهالسلام) وقال : قد شكر الله تعالى سعيك يا أبا عبد الله فارجع ، فوقفت انظر إليهما ، فانشقت الأرض ودخلا فيها ورجعت ، وتداخلني من الحسرة ما الله أعلم به كل ذلك إشفاقا على أمير المؤمنين وأصبح النبي صلىاللهعليهوآله وصلى بالناس الغداة وجاء وجلس على الصفا وما زال يحدث أصحابه ، إلى أن وجبت صلاة العصر وأكثر القوم الكلام ، وأظهروا اليأس من أمير المؤمنين (عليهالسلام) فصلى النبي صلىاللهعليهوآله صلاة العصر وجاء وجلس على الصفا ، وأظهر الفكر في أمير المؤمنين (عليهالسلام) وظهرت شماتة المنافقين بأمير المؤمنين (عليهالسلام) وكادت الشمس تغرب ، فتيقن القوم أنه قد هلك وإذا قد انشق الصفا ، وطلع أمير المؤمنين (عليهالسلام) منه وسيفه يقطر دما ، ومعه عطرفة ، فقام إليه النبي وقبل بين عينيه وجبينه ، وقال له : ما الذي حبسك عني إلى هذا الوقت؟ فقال (عليهالسلام) صرت إلى جن كثير قد بغوا على عطرفة وقومه من المنافقين ، فدعوتهم إلى ثلاث خصال فأبوا علي ، وذلك أني دعوتهم إلى الإيمان بالله تعالى والإقرار بنبوتك ورسالتك فأبوا » فدعوتهم إلى أداء الجزية فأبوا ، فسألتهم أن يصالحوا عطرفة وقومه فيكون بعض المرعى لعطرفة وقومه وكذلك الماء فأبوا ذلك كله ، فوضعت سيفي فيهم وقتلت منهم ثمانين ألفا ، فلما نظروا إلى ما حل بهم طلبوا الأمان والصلح ثم آمنوا وزال الخلاف بينهم ، وما زلت معهم إلى الساعة. فقال عطرفة : يا رسول الله جزاك الله وأمير المؤمنين عنا خيرا.
(٢) ينابيع المودة ص ١٦ قال « وفي الشفاء وروي عن علي كرم الله وجهه عنه (صلىاللهعليهوآله) في قوله تعالى : ( لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ ) قال : نسبا وصهرا وحسبا ، ليس في آبائي من لدن آدم (عليهالسلام) سفاح كلنا بنكاح ».
وفي كنز العمال ج ٦ ص ١٠٠ الحديث ١٤٩٤. عن النبي صلىاللهعليهوآله قال في حديث له رواه البيهقي في الدلائل عن أنس : « وخرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح من لدن آدم حتى انتهيت إلى أبي وأمي ، فأنا خيركم نسبا وخيركم أبا ». والحديث ١٤٩٥ منه أيضا عن عائشة عنه (صلىاللهعليهوآله) : « خرجت من نكاح غير سفاح ». والحديث ١٤٩٧ عن ابن عباس عنه (صلىاللهعليهوآله) : « خرجت من لدن آدم من ـ
قال فأنشدك بالله أنا الذي اختارني رسول الله وزوجني ابنته فاطمة عليهاالسلام وقال الله زوجك إياها في السماء أم أنت؟ قال بل أنت (١).
قال فأنشدك بالله أنا والد الحسن والحسين سبطيه وريحانتيه إذ يقول هما سيدا شباب أهل الجنة وأبوهما خير منهما أم أنت؟ قال بل أنت (٢).
قال فأنشدك بالله أخوك المزين بالجناحين يطير في الجنة مع الملائكة أم أخي؟ قال بل أخوك (٣)
__________________
ـ نكاح غير سفاح ». والحديث ١٤٩٨ في ص ١٠١ منه عن علي عليهالسلام : « خرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح من لدن آدم إلى أن ولدني أبي وامي ، لم يصبني من سفاح الجاهلية شيء »
وفي ص ١٦ من ينابيع المودة : وفي جمع الفوائد : « خرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح من لدن آدم إلى أن ولدني أبي وأمي ـ للأوسط. » ..
ابن عباس : « ما ولدني في سفاح الجاهلية شيء وما ولدني إلا نكاح كنكاح الإسلام ـ للكبير ». وهذا أمر مفروغ منه عند الشيعة الإمامية فهو شرط عندهم في النبي والإمام أيضا بل إنهم يشترطون في المرجع الديني في زمن غيبة الإمام أن لا يكون مولودا من الزنا.
(١) مناقب الخوارزمي ص ٢٣٤ بسنده عن البيهقي والحمويني في فرائد السمطين ١ / ٩٠ وابن عساكر في تاريخ دمشق ٤٩ / ٤٧٩ وينابيع المودة ص ١٧٥ عن أنس قال : كنت عند النبي صلىاللهعليهوآله فغشيه الوحي فلما أفاق قال : يا أنس أتدري بما جاءني به جبريل من عند صاحب العرش عز وجل ، قلت : بأبي وأمي بما جاءك جبرئيل؟ قال : قال جبرئيل : إن الله يأمرك أن تزوج فاطمة بعلي ، فانطلق فادع لي أبا بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير ونفرا من الأنصار ، قال : فانطلقت فدعوتهم فلما أن أخذوا مقاعدهم قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : الحمد لله المحمود بنعمته .. وذكر الخطبة المشتملة على التزويج وفي آخرها : فجمع الله شملهما ، وأطاب نسلهما ، وجعل نسلهما مفاتيح الرحمة ، ومعادن الحكمة ، وأمن الأمة ثم حضر علي وكان غائبا ، فتبسم رسول الله صلىاللهعليهوآله وقال : يا علي إن الله أمرني أن أزوجك فاطمة (عليهاالسلام) وإني قد زوجتكها على أربعمائة مثقال فضة ، فقال علي قد رضيتها يا رسول الله صلىاللهعليهوآله ثم أن عليا خر لله ساجدا شاكرا ، فلما رفع رأسه قال له رسول الله صلىاللهعليهوآله : بارك الله لكما ، وبارك فيكما ، وأسعد جدكما ، وأخرج منكما الكثير الطيب قال أنس : والله لقد أخرج الله منهما الكثير الطيب. أخرجه أبو علي الحسن بن شاذان فيما نقله عنه الحافظ جمال الدين الزرندي في نظم درر السمطين وقد أورده المحب الطبري في ذخائره وأخرجه أبو الخير القزويني الحاكمي. وحديث زواج علي بفاطمة بأمر من السماء مما أجمع عليه المسلمون وأخرج أحاديثه الحفاظ الثقات وذكروا أن الله سبحانه زوجه إياها من فوق سبع سماوات وكان الخاطب لها جبرئيل وكان ميكائيل وإسرافيل في سبعين ألفا من الملائكة من شهودها ، وأن الله سبحانه أوحى إلى شجرة طوبى فنثرت ما فيها من الدر والجوهر وأمر الحور العين فلقطن فهن يتهادين بينهن إلى يوم القيامة راجع مناقب الخوارزمي ٢٣٥ وكفاية الطالب للكنجي ٣٠١ وتاريخ بغداد ٢ / ٢١٠ وابن الأثير في أسد الغابة ١ / ٢٠٦ ونزهة المجالس للصفوري ٢٠ / ٢٢٣ وابن المغازلي في المناقب ٣٤١ ـ ٣٤٤ الى غير ذلك من كتب التاريخ والمناقب.
(٢) ابن ماجة عن نافع عن ابن عمر قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : « الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ، وأبوهما خير منهما ».
( وفي الإصابة ) مالك بن الحويرث الليثي قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : « الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة وأبوهما خير منهما ». وأخرج ابن عساكر عن علي ، وعن ابن عمر ؛ وابن ماجة والحاكم عن ابن عمر ؛ والطبراني عن قرة ، وعن مالك بن الحويرث والحاكم عن ابن مسعود :
أن النبي صلىاللهعليهوآله قال : ابناي هذان : « الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة وأبوهما خير منهما ». راجع الترمذي ٢ / ومسند بن حنبل ٣ / ٣ و ٦٢ / ٨٢ وحلية الأولياء ٥ / ٧١ وتاريخ بغداد ٩ / ٢٣١ و ٢٣٢ و ١٠ / ٩٠ والينابيع ١٦٦ والصواعق المحرقة ص ١٨٩ وابن ماجة باب فضائل أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله والمستدرك ٣ / ١٦٧ وكنز العمال ٦ / ٢١٧ الى كثير من المصادر والحديث أشهر من أن يحتاج إلى إشارة لمصادره.
(٣) هو جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف ، كنيته أبو عبد الله ، ابن عم الرسول ، وأخو علي بن أبي ـ
قال فأنشدك بالله أنا ضمنت دين رسول الله وناديت في المواسم بإنجاز موعده أم أنت؟ قال بل أنت (١).
قال فأنشدك بالله أنا الذي دعاه رسول الله صلىاللهعليهوآله والطير عنده يريد أكله يقول اللهم ائتني بأحب خلقك إلي وإليك بعدي يأكل معي من هذا الطير فلم يأته غيري أم أنت؟ قال بل أنت (٢)
__________________
ـ طالب لأبويه ، أسلم قديما بعد إسلام أخيه علي بن أبي طالب بقليل.
هاجر الهجرتين إلى أرض الحبشة ـ في الهجرة الثانية ، مع زوجته أسماء بنت عميس ـ فأسلم النجاشي ومن تبعه على يديه ، وأقام جعفر عنده : ثم هاجر منها إلى المدينة قدم والنبي صلىاللهعليهوآله بخيبر. فقال النبي صلىاللهعليهوآله : « ما أدري بأيهما أنا أفرح بقدوم جعفر أم بفتح خيبر ».
وكان أشبه الناس برسول الله خلقا وخلقا وقال له النبي صلىاللهعليهوآله : « أشبهت خلقي وخلقي ».
ومر أبو طالب (عليهالسلام) يوما فرأى النبي صلىاللهعليهوآله وعليا (عليهالسلام) يصليان ، وعلي عن يمينه فقال لجعفر : صل جناح ابن عمك وصل عن يساره.
استشهد بمؤتة في أرض الشام مقبلا غير مدبر مجاهدا الروم في حياة النبي صلىاللهعليهوآله سنة ثمان في جمادى الأولى. وكان أسن من علي بعشرة سنين ، فاستوفى أربعين سنة وزاد عليها.
عن ابن عمر قال : وجد فيما أقبل من بدن جعفر ما بين منكبيه تسعين ضربة ما بين طعنة برمح وضربة بسيف.
ـ وعن أنس بن مالك : إن النبي صلىاللهعليهوآله نعى جعفرا وزيدا نعاهما قبل أن يجيء خبرهما نعاهما وعيناه تذرفان.
ودخل رسول الله صلىاللهعليهوآله لما أتاه نعي جعفر (عليهالسلام) على امرأته أسماء بنت عميس (عليهالسلام) فعزاها فيه ، ودخلت فاطمة (عليهاالسلام) تبكي وتقول :
وا عماه! فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله ( على مثل جعفر فلتبك البواكي ) ودخله هم شديد حتى أتاه جبرئيل ، فأخبره أن الله قد جعل لجعفر جناحين مضرجين بالدم يطير بهما مع الملائكة.
وقال (صلىاللهعليهوآله) : رأيت جعفرا يطير في الجنة مع الملائكة.
وعن ابن عمر : أنه كان إذا سلم على عبد الله بن جعفر قال : السلام عليك يا ابن ذي الجناحين. راجع : الإصابة ج ١ ص ٢٣٩ / ٢٤٠ ، صفة الصفوة ج ١ ص ٢٠٥ / ٢٠٩ أسد الغابة ج ٢ ص ٢٨٦ / ٢٨٩.
(١) ينابيع المودة ص ١٠٥ : وفي مسند أحمد بسنده عن عباد بن عبد الله الأسدي عن علي (رض) قال : لما نزلت ( وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) جمع النبي صلىاللهعليهوآله أهل بيته ، فاجتمع ثلاثون نفرا فأكلوا وشربوا ثلاثا ، ثم قال لهم : من يضمن عني ديني ومواعيدي يكون معي في الجنة ويكون خليفتي في أهلي ، فقال علي : أنا يا رسول الله صلىاللهعليهوآله أيضا الثعلبي ذكر هذا الحديث في تفسير هذه الآية.
(٢) عن أنس بن مالك : اهدي لرسول الله صلىاللهعليهوآله طير فقال : « اللهم ائتني برجل يحبه الله ويحبه رسوله ». قال أنس : فأتى علي فقرع الباب ، فقلت : إن رسول الله صلىاللهعليهوآله مشغول ، وكنت أحب أن يكون رجلا من الأنصار ، ثم إن عليا فعل مثل ذلك ، ثم أتى الثالثة فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : أدخله فقد عنيته.
وفي مسند أحمد بن حنبل بسنده عن سفينة مولى النبي صلىاللهعليهوآله قال : أهدت امرأة من الأنصار طيرين مشويين بين رغيفين فقال النبي صلىاللهعليهوآله : « اللهم ايتني بأحب خلقك إليك وإلى رسولك » فجاء علي فأكل معه من الطيرين حتى كفيا. راجع أسد الغابة ج ٤ ص ٣٠ وفي المستدرك ج ٣ ص ١٣٠ / ١٣١.
عن أنس بن مالك أيضا قال : كنت أخدم رسول الله صلىاللهعليهوآله فقدم لرسول الله صلىاللهعليهوآله فرخ مشوي فقال : « اللهم ايتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير » قال : فقلت اللهم اجعله رجلا من الأنصار ، فجاء علي رضياللهعنه فقلت إن رسول الله صلىاللهعليهوآله على حاجة ، ثم جاء ، فقلت : إن رسول الله صلىاللهعليهوآله على حاجة ، ثم جاء فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله افتح فدخل فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله
قال فأنشدك بالله أنا الذي بشرني رسول الله صلىاللهعليهوآله بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين على تأويل القرآن أم أنت؟ قال بل أنت (١).
قال فأنشدك بالله أنا الذي دل عليه رسول الله صلىاللهعليهوآله بعلم القضاء وفصل الخطاب بقوله علي أقضاكم أم أنت؟ قال بل أنت (٢).
قال فأنشدك بالله أنا الذي أمر رسول الله صلىاللهعليهوآله أصحابه بالسلام عليه بالإمرة في حياته أم أنت؟
__________________
ما حبسك يا علي؟ فقال : إن هذه آخر ثلاث كرات يردني أنس ، يزعم أنك على حاجة ، فقال : ما حملك على ما صنعت؟ فقلت : يا رسول الله سمعت دعاءك فأحببت أن يكون رجلا من قومي فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : « إن الرجل قد يجب قومه ». ثم قال : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
(١) في ج ٢ من الرياض النضرة ص ٣٢٠ :
وعن ابن مسعود أن رسول الله صلىاللهعليهوآله أتى أم سلمة فجاء علي فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : « يا أم سلمة هذا قاتل القاسطين والناكثين والمارقين من بعدي » وفي ج ٦ من كنز العمال ص ١٥٥ الحديث ٢٥٨٥ « إن منكم من يقاتل على تأول القرآن كما قاتلت على تنزيله قيل :
أبو بكر وعمر؟ قال : لا ولكنه خاصف النعل ـ يعني عليا ». وفي مستدرك الحاكم ج ٣ ص ١٢٢.
عن أبي سعيد قال : كنا مع رسول الله صلىاللهعليهوآله فانقطعت نعله فتخلف علي يخصفها فمشى قليلا فقال : « إن منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله » فاستشرف لها القوم وفيهم أبو بكر وعمر ، قال أبو بكر : أنا هو؟ قال : « لا » قال عمر : أنا هو؟ قال :
« لا » ولكن خاصف النعل ـ يعني عليا » فأتيناه فبشرناه ، فلم يرفع به رأسه ، كأنه قد كان سمعه من رسول الله صلىاللهعليهوآله ثم قال : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. وفيه النص ١٣٩ / ١٤٠ عن الأصبغ بن نباتة عن أبي أيوب الأنصاري (رض) قال :
سمعت النبي صلىاللهعليهوآله يقول لعلي بن أبي طالب : « تقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين بالطرقات والنهروانات وبالشعفات » قال أبو أيوب ، قلت : يا رسول الله مع من نقاتل هؤلاء الأقوام؟ قال : مع علي بن أبي طالب.
(٢) في الاستيعاب ٢ ص ٤٦١ وروي عن النبي صلىاللهعليهوآله أنه قال : « أنا مدينة العلم وعلى بابه فمن أراد العلم فليأته من بابه ».
وقال (صلىاللهعليهوآله) في أصحابه : « أقضاكم علي بن أبي طالب ». وقال عمر بن الخطاب : « علي أقضانا وابي أقرؤنا وإنا لنترك أشياء من قراءة ابي » وعن سعيد بن المسيب قال : كان عمر يتعوذ بالله من معضلة ليس لها أبو حسن وقال في المجنونة التي أمر برجمها ، وفي التي وضعت لستة أشهر فأراد عمر رجمها فقال له علي : « إن الله تعالى يقول : ( وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً ) الحديث » وقال له : « إن الله رفع القلم عن المجنون الحديث ». فكان عمر يقول : « لو لا علي لهلك عمر ». وفي ص ١٢ ، عن؟؟؟ زر بن حبيش قال : جلس رجلان يتغذيان مع أحدهما خمسة أرغفة ومع الآخر ثلاثة أرغفة فلما وضعا الغذاء بين أيديهما مر بهما رجل فسلم؟؟؟ : اجلس للغداء فجلس وأكل معهما واستوفوا في أكلهم الأرغفة الثمانية ، فقام الرجل وطرح إليهما ثمانية دراهم وقال خذا هذا عوضا مما أكلت لكما ونلته من طعامكما ، فتنازعا وقال صاحب الخمسة الأرغفة لي خمسة دراهم ولك ثلاث فقال صاحب الثلاثة الأرغفة لا أرضى إلا أن تكون الدراهم بيننا نصفين ، وارتفعا إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضياللهعنه فقصا عليه قصتهما فقال لصاحب الثلاثة الأرغفة : قد عرض عليك صاحبك ما عرض وخبزه أكثر من خبزك فارض بثلاثة فقال : لا والله لا رضيب منه إلا بمر الحق. فقال علي رضياللهعنه : « ليس لك في مر الحق إلا درهم واحد وله سبعة » فقال الرجل : سبحان الله يا أمير المؤمنين هو يعرض علي ثلاثة فلم أرض ، وأشرت علي بأخذها فلم أرض ـ وتقول لي الآن : إنه لا يجب في مر الحق إلا درهم واحد؟! فقال له علي : « عرض عليك صاحبك الثلاثة صلحا فقلت لم أرض إلا بمر الحق ، ولا يجب لك بمر الحق إلا واحد » فقال الرجل : فعرفني بالوجه في مر الحق حتى أقبله. فقال علي رضياللهعنه : أليس للثمانية الأرغفة أربعة وعشرون ثلثا ، أكلتموها وأنتم ثلاثة أنفس ولا يعلم الأكثر منكم أكلا ولا الأقل فتحملون في أكلكم على السواء؟ قال : بلى. قال : فأكلت أنت ثمانية أثلاث وإنما لك تسعة أثلاث ، وأكل صاحبك ثمانية أثلاث وله خمسة عشر ثلثا أكل منها ثمانية وبقي له سبعة ولك واحدة من تسعة فلك واحد بواحدك ، وله سبعة بسبعته. فقال له الرجل رضيت الآن.
قال بل أنت (١).
قال فأنشدك بالله أنا الذي شهدت آخر كلام رسول الله صلىاللهعليهوآله ووليت غسله ودفنه أم أنت؟ قال بل أنت (٢).
قال فأنشدك بالله أنت الذي سبقت له القرابة من رسول الله صلىاللهعليهوآله أم أنا؟ قال بل أنت (٣).
قال فأنشدك بالله أنت حباك الله بالدينار عند حاجته إليه وباعك جبرئيل وأضفت محمدا فأطعمت ولده أم أنا قال فبكى أبو بكر وقال بل أنت (٤).
__________________
(١) في ص ١٢٥ من كتاب ( اليقين في إمرة أمير المؤمنين « عليهالسلام » ) قال :
فيما نذكره من كتاب الرسالة الموضحة تأليف المظفر بن جعفر بن الحسين ... وهو ممن يروي عنه محمد بن جرير الطبري ننقل ذلك من خط مصنفه من الخزانة العتيقة بالنظامية ببغداد فقال ما هذا لفظه : « وعنه قال : حدثنا محمد بن همام عن علي بن عباس ومحمد ابن الحسين بن حفص قالا : حدثنا إسماعيل بن إسحاق قال : حدثنا يحيى بن سالم عن صباح بن يحيى عن العلاء بن المسيب عن أبي داود عن بريدة الأسلمي قال : كنا نسلم على علي بن أبي طالب (عليهالسلام) بحضرة رسول الله صلىاللهعليهوآله بإمرة المؤمنين نقول : « السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته » ويرد علينا. وفي ج ٩ من بحار الأنوار ص ٢٤٦ عن بريدة وعن يحيى بن سالم قالا : أمرنا النبي صلىاللهعليهوآله أن نسلم على علي بإمرة المؤمنين وفيه أيضا عن الرضا عن آبائه عليهمالسلام عن الحسين بن علي عليهماالسلام قال : قال لي بريدة :
أمرنا رسول الله صلىاللهعليهوآله أن نسلم على أبيك بإمرة المؤمنين » وفيه أيضا عن عمرو بن حصيب أخي بريدة بن حصيب قال : بينا أخي بريدة عند النبي صلىاللهعليهوآله إذ دخل أبو بكر فسلم على رسول الله فقال له : انطلق فسلم على أمير المؤمنين ، فقال : يا رسول الله ومن أمير المؤمنين؟
قال. علي بن أبي طالب (عليهالسلام) قال : عن أمر الله وأمر رسوله؟ قال : نعم ، ثم دخل عمر فسلم فقال : انطلق فسلم على أمير المؤمنين فقال : يا رسول الله ومن أمير المؤمنين؟ قال (صلىاللهعليهوآله) : علي ابن أبي طالب (عليهالسلام) قال : عن أمر الله ورسوله؟ قال : نعم.
(٢) في ذخائر العقبى ص ٧٢ والرياض النضرة ج ٢ ص ٢٣٧ للطبري
عن عائشة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله ـ لما حضرته الوفاة ـ « ادعوا الي حبيبي » فدعوا له أبا بكر فنظر إليه ثم وضع رأسه فقال :
« ادعوا لي حبيبي » فدعوا له عمر فلما نظر إليه وضع رأسه ثم قال : « ادعوا لي حبيبي » فدعوا له عليا (رض) فلما رآه أدخله معه الثوب الذي كان عليه فلم يزل يحتضنه حتى قبض (صلىاللهعليهوآله) ـ أخرجه الرازي.
وفيهما أيضا وفي ج ٣ من المستدرك عن أم سلمة (رض) قالت : والذي أحلف به إن كان علي أقرب الناس عهدا برسول الله (صلىاللهعليهوآله) عدنا رسول الله صلىاللهعليهوآله غداة بعد غداة يقول : « جاء علي؟ » ـ مرارا ـ وأظنه كان بعثه في حاجة فجاء بعد فظننت أن له حاجة فخرجنا من البيت وقعدنا عند الباب فكنت من أدناه الى الباب فأكب عليه علي فجعل يساره ويناجيه ثم قبض (صلىاللهعليهوآله) يومه ذلك فكان من أقرب الناس به عهدا. أخرجه الإمام أحمد.
وفي ج ٣ من المستدرك ص ١١١ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لعلي أربع خصال ليست لأحد ، هو أول عربي وعجمي صلى مع رسول الله صلىاللهعليهوآله وهو الذي كان لواؤه معه في كل زحف ، وهو الذي صبر معه يوم المهراس ، وهو الذي غسله وأدخله قبره.
(٣) عن الشعبي : إن أبا بكر نظر إلى علي بن أبي طالب فقال : من سره أن ينظر إلى أقرب الناس قرابة من رسول الله صلىاللهعليهوآله وأعظمهم عنه غناء ، وأحظهم عنده منزلة ، فلينظر ـ وأشار إلى علي بن أبي طالب ـ أخرجه ابن السمان ـ الرياض النضرة ج ٢ ص ٢١٥
(٤) أخرج الخوارزمي الحنفي في ص ٢٢٤ من مناقبه ، عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد قال : أنقض علي وفاطمة ، فقالت له فاطمة : ليس في الرحل شيء ، فخرج علي يبتغي ، قال : فوجد دينارا فعرفه فلم يجد له طالبا ، ولم يصب شيئا ، ورجع ، فقالت له فاطمة : ما صنعت؟ قال : ما أصبت شيئا إلا أني وجدت دينارا فعرفت حتى سئمت فلم أجد له طالبا باغيا ، فقالت : هل لك في خير هل لك في أن نقترضه فنتعشى به؟ فإذا جاء صاحبه أعطيته دينارا ، فإنما هو دينار مكان دينار ، فقال علي عليهالسلام : أفعل فأخذ الدينار وأخذ وعاء ثم خرج إلى السوق فإذا رجل عنده طعام يبيعه ، فقال علي عليهالسلام كيف تبيع من طعامك هذا؟ قال : كذا وكذا بدينار ، فناوله علي
قال فأنشدك بالله أنت الذي جعلك رسول الله صلىاللهعليهوآله على كتفه في طرح صنم الكعبة وكسره حتى لو شئت أن أنال أفق السماء لنلتها أم أنا قال بل أنت (١).
قال فأنشدك بالله أنت الذي قال لك رسول الله صلىاللهعليهوآله أنت صاحب لوائي في الدنيا والآخرة أم أنا؟ قال بل أنت (٢).
__________________
(عليهالسلام) الدينار ثم فتح وعاءه وذهب ليقوم رد عليه الدينار وقال : لتأخذنه والله ، فأخذه ورجع إلى فاطمة فحدثها حديثه ، فقالت فاطمة (عليهاالسلام) : هذا رجل عرف حقنا وقرابتنا من رسول الله صلىاللهعليهوآله فأكلوه حتى أنفذوه ولم يصيبوا ميسرة ، فقالت له فاطمة (عليهاالسلام) : هل لك في خير تستقرضه فنتعشى به؟ مثل قولها الأول قال : أفعل. فخرج إلى السوق فإذا صاحبه فقال له مثل قوله الأول ، وفعل الرجل مثل فعله الأول ، فرجع فأخبر فاطمة (عليهاالسلام) فدعت له مثل دعائها الأول ، فأكلوا حتى أنفذوا فلما كان الثالثة ، قالت له فاطمة : إن رد عليك الدينار فلا تقبله ، فذهب علي عليهالسلام فوجده فلما كال له. ذهب يرده عليه فقال له علي عليهالسلام : والله لا آخذه ، فسكت عنه.
قال أبو هارون : فقمت فانصرفت من عنده فمررت برجل من الأنصار له صحبة يطين بيته ، فسلمت عليه ، فرد علي وساءلني ، فقال : ما حدثكم اليوم أبو سعيد؟ فقلت : حدثنا بكذا وكذا. فقال الأنصاري : من كان الذي اشترى منه علي عليهالسلام فقلت : لا أعلم! قال : كتمتم أبو سعيد؟ قلت : ومن كان البائع؟ قال : لما ذهب علي عليهالسلام إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله قال له : يا علي تخبرني أو أخبرك؟ قال : أخبرني يا رسول الله قال : صاحب الطعام جبرئيل ، والله لو لا تحلف لوجدته ما دام الدينار في يدك.
(١) في ج ٢ من الرياض النضرة ص ٢٦٥ ـ ٢٦٦ عن علي قال : انطلقت أنا والنبي صلىاللهعليهوآله حتى أتينا الكعبة فقال لي رسول الله (صلىاللهعليهوآله) : اجلس وصعد على منكبي ، فذهبت لأنهض به فرأى مني ضعفا فنزل ، وجلس لي نبي الله (صلىاللهعليهوآله) وقال : اصعد على منكبي فصعدت على منكبيه ، قال : فنهض قال : فتخيل إلي أن لو شئت لنلت أفق السماء حتى صعدت على البيت وعليه تمثال صفراء ونحاس فجعلت أزاوله عن يمينه وعن شماله ومن بين يديه ومن خلفه حتى إذا استمكنت منه. قال لي رسول الله صلىاللهعليهوآله : اقذف به فقذفت به فتكسر كما تتكسر القوارير ثم نزلت ، فانطلقت أنا ورسول الله صلىاللهعليهوآله نستبق حتى توارينا بالبيوت خشية أن يلقانا أحد من الناس.
أخرجه أحمد وصاحب الصفوة. وأخرجه الحاكمي وقال ـ بعد قوله فصعدت على الكعبة ـ فقال لي : ألق صنمهم الأكبر وكان من نحاس موتدا بأوتاد من حديد إلى الأرض فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : عالجه فلم أزل أعالجه حتى استمكنت منه. فقال : اقذفه فقذفته ثم ذكر باقي الحديث وزاد فما صعد حتى الساعة.
وإلى هذه المكرمة الجليلة يشير الإمام الشافعي بقوله :
قيل لي : قل في علي مدحا |
|
ذكره يخمد نارا موصدة |
قلت : لا أقدم في مدح امرئ |
|
ضل ذو اللب إلى أن عبده |
والنبي المصطفى قال لنا |
|
ليلة المعراج لما صعده |
وضع الله بظهري يده |
|
فأحس القلب مما برده |
وعلي واضع أقدامه |
|
في محل وضع الله يده |
(٢) في ذخائر العقبى ص ٧٥ عن علي قال : كسرت يد علي (رض) يوم أحد فسقط اللواء من يده فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله ضعوه في يده اليسرى فإنه صاحب لوائي في الدنيا والآخرة. أخرجه ابن الحضرمي.
وعن مالك بن دينار سألت سعيد بن جبير وإخوانه من القراء : من كان حامل راية رسول الله صلىاللهعليهوآله؟ قالوا : كان حاملها علي (رض). أخرجه أحمد في المناقب. وفي الرياض النضرة ج ٢ ص ٢٦٧ عن جابر قالوا : يا رسول الله من يحمل رايتك يوم القيامة؟ قال :
من عسى أن يحملها يوم القيامة إلا من كان يحملها في الدنيا ( علي بن أبي طالب ). أخرجه نظام الملك في أماليه وفي ص ٧٥ من ذخائر العقبى عن مخدوع الذهلي :
إن النبي صلىاللهعليهوآله قال لعلي : أما علمت يا علي أني أول من يدعى به يوم القيامة فأقوم عن يمين العرش في ظله ، فاكسى حلة خضراء من حلل الجنة ، ثم يدعى بالنبيين بعضهم على إثر بعض ، فيقومون سماطين عن يمين العرش ، ويكسون حللا خضراء من حلل الجنة ،
قال فأنشدك الله أنت الذي أمرك رسول الله صلىاللهعليهوآله بفتح بابه في مسجده عند ما أمر بسد أبواب جميع أهل بيته وأصحابه وأحل لك فيه ما أحل الله له أم أنا؟ قال بل أنت (١).
قال فأنشدك بالله أنت الذي قدمت بين يدي نجوى رسول الله صلىاللهعليهوآله صدقة (٢) فناجيته إذ عاتب الله قوما فقال : ( أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ ) أم أنا؟ قال بل أنت (٣).
قال فأنشدك بالله أنت قال رسول الله صلىاللهعليهوآله لفاطمة زوجتك أول الناس إيمانا وأرجحهم إسلاما في كلام له أم أنا؟ قال بل أنت (٤).
__________________
ـ ألا وإني أخبرك يا علي : أن امتي أول الأمم يحاسبون يوم القيامة ثم أبشر أنك أول من يدعى بك لقرابتك مني ، وميزتك ومنزلتك عندي فيدفع إليك لوائي وهو : ( لواء الحمد ) تسير به بين السماطين ، آدم وجميع خلق الله تعالى مستظلون بظل لوائي يوم القيامة ، فتسير باللواء ، الحسن عن يمينك ، والحسين عن يسارك ، حتى تقف بيني وبين إبراهيم في ظل العرش ، نعم الأب أبوك إبراهيم ، ونعم الأخ أخوك يا علي ، أبشر يا علي إنك تكسى إذا كسيت ، وتدعى إذا دعيت ، وتحيا إذا حييت. أخرجه أحمد في المناقب.
(١) في ج ٣ ص ١٢٥ من مستدرك الحاكم ، وفي كنز العمال ج ٦ ص ١٥٢ الحديث ٢٤٦٥ عن بن أرقم قال : كانت لنفر من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله أبواب شارعة في المسجد ، فقال يوما : « سدوا هذه الأبواب إلا باب علي » قال : فتكلم في ذلك ناس فقام رسول الله صلىاللهعليهوآله فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : « أما بعد فإني امرت بسد هذه الأبواب غير باب علي فقال فيه قائلكم ، والله ما سددت شيئا ولا فتحته ولكن امرت بشيء فاتبعته » ثم قال : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
وفي الرياض النضرة ج ٢ ص ٢٥٣ / ٢٥٤ عن أبي هريرة قال : قال عمر : ثلاث خصال لعلي لأن يكون لي خصلة منهن أحب إلي من أن يكون لي حمر النعم : تزويجه فاطمة بنت النبي صلىاللهعليهوآله وسكناه في المسجد مع رسول الله صلىاللهعليهوآله والراية يوم خيبر. أخرجه ابن السمان في الموافقة. وعن أبي سعيد عنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : يا علي لا يحل لأحد أن يجنب في هذا المسجد غيري وغيرك. وأيضا عن ابن عمر قال : لقد اوتي ابن أبي طالب ثلاث خصال لأن يكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم : زوجه رسول الله صلىاللهعليهوآله بابنته وولدت له ، وسد الأبواب إلا بابه في المسجد ، وأعطاه الراية يوم خيبر أخرجه أحمد.
وفي كنز العمال ص ١٥٩ ج ٦ الحديث ٢٦٧٠. عن أم سلمة لا يحل لأحد أن يجنب في هذا المسجد إلا أنا وعلي والحديث ٢٦٧١ عن أبي سعيد : يا علي لا يحل لأحد أن يجنب في هذا المسجد غيرك.
(٢) الرياض النضرة ج ٢ ص ٢٦٥ عن علي (عليهالسلام) أنه قال : آية في كتاب الله عز وجل لم يعمل بها أحد بعدي : آية النجوى. كان لي دينار فبعته بعشرة دراهم ، فلما أردت أن أناجي رسول الله صلىاللهعليهوآله قدمت درهما ، فنسختها الآية الأخرى ( أَأَشْفَقْتُمْ ) ـ الآية أخرجه ابن الجوزي في أسباب النزول.
قال الحافظ محمد بن أحمد بن جزي الكلبي في كتاب التسهيل لعلوم التنزيل ص ١٠٥ ج ٤ : روي أنه كان له دينار فصرفه بعشرة دراهم وناجاه عشر مرات تصدق في كل مرة منها بدرهم وقيل : تصدق في كل مرة بدينار ... الخ.
وفي تفسير القرطبي ج ١٧ ص ٣٠٢ قال : وقد روي عن مجاهد : أن أول من تصدق في ذلك علي بن أبي طالب رضياللهعنه وناجى الرسول (صلىاللهعليهوآله). روي أنه تصدق بخاتم. وذكر القشيري وغيره عن علي بن أبي طالب أنه قال : في كتاب الله آية ما عمل بها أحد قبلي ولا يعمل بها أحد بعدي ، وهي ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ) كان لي دينار فبعته ، فكنت إذا ناجيت الرسول تصدقت بدرهم حتى نفذ فنسخت بالآية الأخرى ( أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ ). كذلك قال ابن عباس : نسخها الله بالآية التي بعدها. وقال ابن عمر : لقد كان لعلي (رض) ثلاث لو كانت لي واحدة منهن كان أحب إلي من حمر النعم ، تزويجه فاطمة ، وإعطائه الراية يوم خيبر ، وآية النجوى.
(٣) المجادلة : ١٣
(٤) كنز العمال ج ٦ ص ١٥٣ الحديث ٢٥٤٣ عن أبي هريرة وعن ابن عباس أما ترضين أني زوجتك أول المسلمين إسلاما ،
قال فأنشدك بالله يا أبا بكر أنت الذي سلمت عليه ملائكة سبع سماوات يوم القليب أم أنا قال بل أنت (١).
قال فلم يزل يورد مناقبه التي جعل الله له ورسوله دونه ودون غيره ويقول له أبو بكر بل أنت.
قال فبهذا وشبهه تستحق القيام بأمور أمة محمد فما الذي غرك عن الله وعن رسوله ودينه وأنت خلو مما يحتاج إليه أهل دينه.
قال فبكى أبو بكر وقال صدقت يا أبا الحسن أنظرني قيام يومي فأدبر ما أنا فيه وما سمعت منك.
فقال علي عليهالسلام لك ذلك يا أبا بكر.
فرجع من عنده وطابت نفسه (٢) يومه ولم يأذن لأحد إلى الليل وعمر يتردد في الناس لما بلغه من خلوته بعلي فبات في ليلته فرأى في منامه كأن رسول الله صلىاللهعليهوآله تمثل له في مجلسه ـ فقام إليه أبو بكر يسلم عليه فولى عنه وجهه فصار مقابل وجهه فسلم عليه فولى وجهه عنه فقال أبو بكر يا رسول الله أمرت بأمر لم أفعله فقال أرد عليك السلام وقد عاديت من والاه الله ورسوله رد الحق إلى أهله فقلت من أهله قال من عاتبك عليه علي قلت فقد رددته عليه يا رسول الله ثم لم يره
__________________
ـ وأعلمهم علما ، فإنك سيدة نساء امتي كما سادت مريم قومها ، أما ترضين يا فاطمة أن الله أطلع على أهل الأرض فاختار منهم رجلين فجعل أحدهما أباك والآخر بعلك. وأيضا الحديث ٢٥٤٢ عن معقل بن يسار : « أما ترضين أني زوجتك أقدم امتي سلما وأكثرهم علما ، وأعظمهم حلما » والحديث ٢٥٤٤ عن بريدة :
« زوجتك خير أهلي أعلمهم علما ، وأفضلهم حلما ، وأولهم سلما ». والحديث ٢٥٤٥ عن أبي إسحاق : « لقد زوجتك وإنه لأول أصحابي سلما ، وأكثرهم علما ، وأعظمهم حلما ».
وفي ينابيع المودة ص ٨٠ ـ ٨١. موفق بن أحمد بسنده عن أبي أيوب الأنصاري قال : إن فاطمة (رض) أتت في مرض أبيها (صلىاللهعليهوآله) وبكت فقال : يا فاطمة إن لكرامة الله إياك زوجك من هو أقدمهم سلما وأكثرهم علما ، وأعظمهم حلما ، إن الله عز وجل أطلع إلى أهل الأرض اطلاعة فاختارني منهم فبعثني نبيا مرسلا ، ثم أطلع اطلاعة فاختار منهم بعلك فأوحى إلي أن ازوجه إياك واتخذه وصيا.
(١) في ص ٢٨ من تذكرة الخواص لسبط بن الجوزي : قال أحمد في الفضائل ـ : حدثنا عبد الله بن سليمان بن الأشعث ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم النهشلي ، حدثنا سعيد بن الصلت ، حدثنا أبو الجارود الرحبي عن أبي إسحاق الهمداني عن الحرث عن علي قال :
لما كانت ليلة بدر قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : من يستقي لنا من الماء؟ فأحجم الناس ، قال : فقمت فاحتضنت قربة ، ثم أتيت قليبا بعيد القعر مظلما ، فانحدرت فيه فأوحى الله إلى جبرئيل وميكائيل وإسرافيل : تأهبوا لنصرة محمد (صلىاللهعليهوآله) وحزبه ، فهبطوا من السماء لهم دوي يذهل من يسمعه ، فلما حاذوا القليب وقفوا وسلموا علي من عند آخرهم ، إكراما ، وتبجيلا وتعظيما وذكره أرباب المغازي وفي ذخائر العقبى ص ٦٨ ـ ٦٩ قال :
لما كان ليلة يوم بدر قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : من يستقي لنا من الماء؟ فأحجم الناس ، فقام علي فاحتضن قربة فأتى بئرا بعيدة القعر مظلمة ، فانحدر فيها فأوحى الله عز وجل إلى جبرئيل وميكائيل وإسرافيل : تأهبوا لنصر محمد (صلىاللهعليهوآله) وحزبه فهبطوا من السماء لهم لغط يذهل من سمعه ، فلما حاذوا بالبئر سلموا عليه من عند آخرهم إكراما وتبجيلا.
(٢) طاب عن الشيء نفسا : تركه وفارقه.
فأصبح وبكر (١) إلى علي عليهالسلام وقال ابسط يدك يا أبا الحسن أبايعك وأخبره بما قد رأى قال فبسط علي يده فمسح عليها أبو بكر وبايعه وسلم إليه وقال له اخرج إلى مسجد رسول الله صلىاللهعليهوآله فأخبرهم بما رأيت من ليلتي وما جرى بيني وبينك وأخرج نفسي من هذا الأمر وأسلمه إليك قال فقال علي عليهالسلام نعم.
فخرج من عنده متغيرا لونه عاتبا نفسه فصادفه عمر وهو في طلبه فقال له ما لك يا خليفة رسول الله فأخبره بما كان وما رأى وما جرى بينه وبين علي ـ فقال له أنشدك بالله يا خليفة رسول الله والاغترار بسحر بني هاشم والثقة بهم فليس هذا بأول سحر منهم فما زال به حتى رده عن رأيه وصرفه عن عزمه ورغبه فيما هو بالثبات عليه والقيام به.
قال فأتى علي المسجد على الميعاد فلم ير فيه منهم أحدا فأحس بشيء منهم فقعد إلى قبر رسول الله صلىاللهعليهوآله قال فمر به عمر فقال يا علي دون ما تريد خرط القتاد (٢) فعلم عليهالسلام بالأمر ورجع إلى بيته.
احتجاج سلمان الفارسي على عمر بن الخطاب في جواب كتاب كتبه إليه حين كان عامله على المدائن بعد حذيفة بن اليمان (٣).
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
من سلمان مولى رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى عمر بن الخطاب
__________________
(١) بكر : أتاه بكرة وسبق إليه في أول أحواله.
(٢) القتاد شجر صلب له شوك كالإبر. وخرط القتاد : هو انتزاع قشره أو شوكه باليد يقال : « من دون ذلك خرط القتاد » أي إنه لا ينال إلا بمشقة عظيمة.
(٣) أبو عبد الله : حذيفة بن اليمان ، واسم اليمان : حسل أو حسيل ، وإنما سمي باليمان لأنه : أصاب دما فهرب إلى المدينة فحالف بني عبد الأشهل ، فسماه قومه اليمان لكونه حالف اليمانية.
كان رحمهالله من كبار صحابة النبي صلىاللهعليهوآله هاجر إليه ، فخيره النبي صلىاللهعليهوآله بين الهجرة والنصرة ، فاختار النصرة ، وكان يقول :
خيرني رسول الله صلىاللهعليهوآله بين الهجرة والنصرة فاخترت النصرة. وشهد مع النبي صلىاللهعليهوآله أحدا وقتل أبوه بها.
وهو صاحب سر رسول الله صلىاللهعليهوآله في المنافقين. أعلمه بهم رسول الله صلىاللهعليهوآله وقد قيل إن عمر بن الخطاب كان إذا مات ميت يسأل عن حذيفة فإن حضر الصلاة عليه صلى عليه عمر ، وإن لم يحضر الصلاة ، لم يحضر عمر. وفي الصحيحين : إن أبا الدرداء قال لعلقمة :
أليس فيكم صاحب السر الذي لا يعلمه غيره؟ يعني حذيفة.
وروى مسلم عن عبد الله بن يزيد الخطمي عن حذيفة قال : لقد حدثني رسول الله صلىاللهعليهوآله ما كان وما يكون حتى تقوم الساعة.
وسئل يوما : أي الفتن أشد؟ قال : أن يعرض عليك الخير والشر لا تدري أيهما تركب.
وقال أبو إدريس الخولاني : سمعت حذيفة يقول : كان الناس يسألون رسول الله صلىاللهعليهوآله عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني.
أما بعد فإنه أتاني منك كتاب يا عمر تؤنبني (١) وتعيرني وتذكر فيه أنك بعثتني أميرا على أهل المدائن وأمرتني أن أقص أثر حذيفة (٢) وأستقصي أيام أعماله وسيره ثم أعلمك قبيحها وقد نهاني الله عن ذلك يا عمر في محكم كتابه حيث قال : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ ) (٣) وما كنت لأعصي الله في أثر حذيفة وأطيعك.
وأما ما ذكرت أني أقبلت على سف الخوص (٤) وأكل الشعير فما هما مما يعير به مؤمن ويؤنب عليه وايم الله يا عمر لأكل الشعير وسف الخوص والاستغناء عن رفيع المطعم والمشرب وعن غصب مؤمن حقه وادعاء ما ليس له بحق أفضل وأحب إلى الله عز وجل وأقرب للتقوى ولقد رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآله إذا أصاب الشعير أكل وفرح ولم يسخطه.
وأما ما ذكرت من إعطائي ـ فإني قدمته ليوم فاقتي وحاجتي ورب العزة يا عمر ما أبالي إذا جاز طعامي لهواتي وانساغ (٥) في حلقي ألباب البر ومخ المعزة كان أو خشارة الشعير (٦).
وأما قولك إني ضعفت سلطان الله وأوهنته وأذللت نفسي وامتهنتها (٧) حتى جهل أهل المدائن إمارتي واتخذوني جسرا يمشون فوقي ويحملون علي ثقل حمولتهم (٨) وزعمت أن ذلك مما يوهن سلطان الله ويذله.
فاعلم أن التذلل في طاعة الله أحب إلي من التعزز في معصيته وقد علمت أن رسول الله صلىاللهعليهوآله يتألف الناس (٩) ويتقرب منهم ويتقربون منه في نبوته وسلطانه حتى كأنه بعضهم في الدنو منهم وقد
__________________
وعداده في الأنصار وهو أحد الأركان الأربعة من أصحاب أمير المؤمنين (عليهالسلام) وممن صلى على سيدة النساء فاطمة ، وحضر تشييعها.
روي عن زرارة عن أبي جعفر عن أبيه عن جده عن علي عليهمالسلام قال : ضاقت الأرض بسبعة ، بهم ترزقون ، وبهم تنصرون ، وبهم تمطرون ، ومنهم : سلمان الفارسي والمقداد وأبو ذر وعمار وحذيفة ، رحمهمالله تعالى وكان علي (عليهالسلام) يقول : وأنا إمامهم.
استعمله عمر على المدائن ، فلم يزل بها حتى مات بعد مقتل عثمان وبيعة أمير المؤمنين عليهالسلام بأربعين يوما سنة (٣٦).
راجع : رجال الشيخ الطوسي ص ١٦ ، جامع الرواة ج ١ ص ١٨٢ ، رجال الكشي ص ٢٧ أسد الغابة ج ١ ص ٢٩١ ، الإصابة ج ١ ص ٣١٦ ، صفة الصفوة ج ١
ص ٢٤٩ تهذيب التهذيب ج ٢ ص ٢١٩.
(١) أنبه : عنفه ولامه.
(٢) قص إثره : تتبعه شيئا فشيئا.
(٣) الحجرات : ١٢.
(٤) سف الخوص : نسجه.
(٥) انساغ : مر في حلقه.
(٦) الخشارة : ما لا لب له من الشعير.
(٧) أي وضعتها موضع الإهانة.
(٨) كل ما له قدر ، ووزن : فهو ثقل. والحمولة ـ بالفتح ـ الإبل التي تطيق أن يحمل عليها.
(٩) التألف : المداراة والاستيناس.
كان يأكل الجشب (١) ويلبس الخشن وكان الناس عنده قرشيهم وعربيهم وأبيضهم وأسودهم سواء في الدين وأشهد أني سمعته يقول من ولي سبعة من المسلمين بعدي ثم لم يعدل فيهم لقي الله وهو عليه غضبان فليتني يا عمر أسلم من عمارة المدائن (٢) مع ما ذكرت أني أذللت نفسي وامتهنتها فكيف يا عمر حال من ولي الأمة بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله وإني سمعت الله يقول : ( تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ) (٣).
اعلم أني لم أتوجه أسوسهم وأقيم حدود الله فيهم إلا بإرشاد دليل عالم فنهجت فيهم بنهجه وسرت فيهم بسيرته (٤).
واعلم أن الله تبارك وتعالى ـ لو أراد بهذه الأمة خيرا أو أراد بهم رشدا لولى عليهم أعلمهم وأفضلهم ولو كانت هذه الأمة من الله خائفين ولقول نبي الله متبعين وبالحق عاملين ما سموك أمير المؤمنين ( فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ إِنَّما تَقْضِي هذِهِ الْحَياةَ الدُّنْيا ) ولا تغتر بطول عفو الله عنك وتمديده بذلك من تعجيل عقوبته.
واعلم أنك سيدركك عواقب ظلمك في دنياك وآخرتك وسوف تسأل عما قدمت وأخرت والحمد لله وحده.
احتجاج أمير المؤمنين عليهالسلام على القوم لما مات عمر بن الخطاب وقد جعل الخلافة شورى بينهم (٥)
__________________
(١) الجشب ـ بفتح الجيم وسكون الشين ـ : الغليظ الخشن.
(٢) العمارة بالفتح : الحي العظيم. والمدائن هي : مدينة كسرى وقيل هي عدة مدن متقاربة ، تقع على سبع فراسخ من بغداد ، وهي دار مملكة الفرس ، وأول من نزلها أنوشيروان ، وبها أيوانه ، ولم تزل آثاره باقية حتى يومنا هذا ، وبها قبرا سلمان وحذيفة وهما مشيدان ويعرف المكان باسم : « سلمان باك ».
(٣) القصص ـ ٣٨
(٤) يريد عليا عليهالسلام
(٥) في ج ٢ من شرح النهج لابن أبي الحديد ص ٦١ قال : ونحن نذكر في هذا الموضع ما استفاض في الروايات من مناشدته أصحاب الشورى وتعديده فضائله وخصائصه التي بان بها منهم ومن غيرهم ، قد روى الناس ذلك فأكثروا ... إلى أن قال : ـ في كلام قد ذكره أهل السيرة وقد أوردنا بعضه فيما تقدم ، ثم قال لهم : انشدكم الله أفيكم أحد آخى رسول الله صلىاللهعليهوآله بينه وبين نفسه حيث آخى بين بعض المسلمين وبعض غيري؟ فقالوا : لا فقال : أفيكم أحد قال له رسول الله صلىاللهعليهوآله : من كنت مولاه فهذا مولاه غيري؟ فقالوا :
لا. قال : أفيكم أحد قال له رسول الله صلىاللهعليهوآله : أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي غيري قالوا : لا قال : أفيكم من اؤتمن على سورة براءة وقال له رسول الله صلىاللهعليهوآله : إنه لا يؤدي عني إلا أنا أو رجل مني غيري؟ قالوا : لا. قال : ألا تعلمون أن أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله فروا عنه في مأقط الحرب في غير موطن وما فررت قط. قالوا : بلى ، قال : ألا تعلمون أني أول الناس إسلاما ، قالوا :
بلى. قال : فأينا أقرب إلى رسول الله نسبا قالوا : أنت. فقطع عليه عبد الرحمن بن عوف ... الخ.
وفي الصواعق المحرقة ص ٢٤ ـ : واخرج الدارقطني : أن عليا قال للستة الذين جعل عمر الأمر شورى بينهم كلاما طويلا من جملته : انشدكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلىاللهعليهوآله : يا علي أنت قسيم الجنة والنار يوم القيامة غيري؟ قالوا : اللهم لا.
وفي ج ٢ من لسان الميزان ص ١٥٦ / ١٥٧ عن ابن أبي الطفيل قال : كنت على الباب يوم الشورى فارتفعت الأصوات ، فسمعت عليا يقول : ( بايع الناس لأبي بكر ، وأنا والله أولى بالأمر منه وأحق به ، فسمعت وأطعت ، مخافة أن يرجع الناس كفارا يضرب بعضهم
__________________
رقاب بعض. ثم بايع الناس عمر وأنا والله أولى بالأمر منه ، فسمعت وأطعت ، مخافة أن يضرب الناس بعضهم رقاب بعض ، ثم أنتم تريدون أن تبايعوا عثمان ... إلى أن قال : وأيم الله لو أشاء أن أتكلم فثم لا يستطيع عربيهم ولا عجميهم رده : نشدتكم بالله أفيكم من آخى رسول الله صلىاللهعليهوآله غيري؟ قالوا : لا. قال : نشدتكم بالله أفيكم أحد له مثل عمي حمزة؟ قالوا : اللهم لا. قال نشدتكم بالله أفيكم أحد له أخ مثل أخي جعفر ذي الجناحين يطير بهما في الجنة؟ قالوا : لا. قال : أفيكم أحد له مثل سبطي الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة؟ قالوا : لا. قال : أفيكم أحد له زوجة مثل زوجتي ، قالوا : لا. قال : أفيكم أحد كان أقتل لمشركي قريش عند كل شديدة تنزل برسول الله صلىاللهعليهوآله مني قالوا : لا.
وفي مناقب الخوارزمي ص ٢١٧ ـ : أخبرني الشيخ الإمام شهاب الدين أفضل الحفاظ أبو النجيب سعد بن عبد الله بن الحسن الهمداني المعروف بالمروزي فيما كتب إلي من همدان ، أخبرني الحافظ أبو علي الحسن بن أحمد بن الحسين فيما اذن لي في الرواية عنه أخبرني الشيخ الأديب أبو يعلي عبد الرزاق بن عمر بن إبراهيم الطهراني سنة ٤٧٣ ، أخبرني الإمام الحافظ طراز المحدثين أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه الأصبهاني وقال الشيخ الإمام شهاب الدين أبو نجيب سعد بن عبد الله الهمداني. وأخبرني بهذا الحديث عاليا الإمام الحافظ سليمان بن إبراهيم الأصبهاني في كتابه إلي من أصبهان سنة ٤٨٨ عن أبي بكر أحمد بن موسى بن مردويه ، حدثني سليمان بن محمد بن أحمد ، حدثني يعلي بن سعد الرازي ، حدثني محمد بن حميد ، حدثني زافر بن سليمان بن الحرث بن محمد عن أبي الطفيل عامر بن وائلة قال : كنت على الباب يوم الشورى مع علي وسمعته يقول : لأحتجن بما لا يستطيع عربيكم ولا عجميكم تغيير ذلك ثم قال :
انشدكم الله أيها النفر جميعا أفيكم أحد وحد الله قبلي؟ قالوا : لا. قال فانشدكم الله هل منكم أحد له مثل جعفر الطيار في الجنة مع الملائكة؟ قالوا : اللهم لا. قال : انشدكم الله هل فيكم أحد له عم كعمي حمزة أسد الله وأسد رسوله سيد الشهداء غيري؟ قالوا :
اللهم لا. قال : انشدكم الله هل فيكم أحد له زوجة مثل زوجتي فاطمة بنت محمد سيدة نساء أهل الجنة غيري؟ قالوا : اللهم لا. قال :
انشدكم بالله هل فيكم أحد له سبطان مثل سبطي الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة غيري؟ قالوا : اللهم لا. قال : فانشدكم بالله هل فيكم أحد ناجى رسول الله صلىاللهعليهوآله مرات قدم بين يدي نجواه صدقة قبلي؟ قالوا اللهم لا. قال : فانشدكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلىاللهعليهوآله : من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره ليبلغ الشاهد الغائب غيري؟ قالوا اللهم لا. قال : فانشدكم الله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلىاللهعليهوآله : « اللهم ائتني بأحب خلقك إليك وإلي وأشدهم لك حبا ولي حبا يأكل معي من هذا الطير فأتاه وأكل معه غيري؟ قالوا : اللهم لا. قال : فانشدكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلىاللهعليهوآله : لأعطين الراية غدا رجلا يجب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله لا يرجع حتى يفتح الله علي يده إذ رجع غيري منهزما غيري؟ قالوا : اللهم لا. قال :
فأنشدكم الله هل فيكم أحد قال فيه رسول الله صلىاللهعليهوآله لوفد بني ربيعة : لتؤمنن أو لأبعثن إليكم رجلا نفسه كنفسي وطاعته كطاعتي ومعصيته كمعصيتي يقتلكم بالسيف غيري؟ قالوا : اللهم لا. قال فانشدكم الله هل فيكم أحد قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : كذب من زعم أنه يحبني ويبغض هذا غيري؟ قالوا : اللهم لا. قال : فانشدكم بالله هل فيكم أحد سلم عليه في ساعة واحدة ثلاثة آلاف ملك من الملائكة منهم جبرئيل وميكائيل وإسرافيل حيث جئت بالماء إلى رسول الله من القليب غيري؟ قالوا : اللهم لا. قال : فانشدكم الله هل فيكم أحد قال له جبرئيل : هذه هي المواساة فقال له رسول الله صلىاللهعليهوآله : إنه مني وأنا منه وقال جبرئيل وأنا منكما غيري؟ قالوا اللهم لا.
قال : فانشدكم الله هل فيكم أحد نودي من السماء لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي غيري؟ قالوا : اللهم لا. قال : فانشدكم الله هل فيكم أحد يقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين على لسان النبي صلىاللهعليهوآله غيري؟ قالوا : اللهم لا. قال : فانشدكم الله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلىاللهعليهوآله : قاتلت على تنزيل القرآن وتقاتل على تأويل القرآن غيري؟ قالوا : اللهم لا. قال : فانشدكم الله هل فيكم أحد ردت عليه الشمس حتى صلى العصر في وقتها غيري؟ قالوا : اللهم لا. قال : فانشدكم بالله هل فيكم أحد أمره رسول الله أن يأخذ براءة من أبي بكر فقال أبو بكر : يا رسول الله صلىاللهعليهوآله نزل في شيء؟ فقال : إنه لا يؤدي عني إلا علي غيري؟ قالوا : اللهم لا. قال :
فأنشدكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلىاللهعليهوآله : لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا كافر غيري؟ قالوا : اللهم لا. قال : فانشدكم بالله أتعلمون أنه أمر بسد أبوابكم وفتح بابي فقلتم في ذلك فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ما سددت أبوابكم ولا فتحت بابه بل الله سد أبوابكم وفتح بابه غيري؟ قالوا : اللهم نعم. قال فانشدكم بالله أتعلمون أنه ناجاني بوم الطائف دون الناس فأطال ذلك فقلتم ناجاه دوننا فقال : ما أنا انتجيته بل الله انتجاه غيري؟ قالوا : اللهم نعم. قال : فانشدكم الله أتعلمون أن رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : الحق مع علي وعلي مع الحق يدور الحق مع علي كيف ما دار؟ قالوا : اللهم نعم. قال : فانشدكم بالله أتعلمون أن رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض قالوا : اللهم نعم. قال :
روى عمرو بن شمر (١) عن جابر الجعفي (٢) عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه وعلى آبائه السلام.
قال إن عمر بن الخطاب لما حضرته الوفاة وأجمع على الشورى بعث إلى ستة نفر من قريش إلى علي بن أبي طالب وإلى عثمان بن عفان وإلى الزبير بن العوام وإلى طلحة بن عبيد الله وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وأمرهم أن يدخلوا إلى البيت ولا يخرجوا منه حتى يبايعوا لأحدهم ، فإن اجتمع أربعة على واحد وأبى واحد أن يبايعهم قتل وإن امتنع اثنان وبايع ثلاثة قتلا فأجمع رأيهم على عثمان.
فلما رأى أمير المؤمنين عليهالسلام ما هم القوم به من البيعة لعثمان قام فيهم ليتخذ عليهم الحجة فقال عليهالسلام لهم :
__________________
فانشدكم الله هل فيكم أحد وقى رسول الله من المشركين بنفسه واضطجع في مضجعه غيري؟ قالوا : اللهم لا. قال : فانشدكم الله هل فيكم أحد بارز عمرو بن عبد ود العامري حيث دعاكم إلى البراز غيري؟ قالوا : اللهم لا. قال : فانشدكم بالله هل فيكم أحد نزل الله فيه آية التطهير حيث قال : ( إِنَّما يُرِيدُ .. الخ ) غيري؟ قالوا : اللهم لا. قال : فانشدكم الله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلىاللهعليهوآله أنت سيد العرب غيري؟ قالوا : اللهم لا. قال : فانشدكم الله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلىاللهعليهوآله : ما سألت الله شيئا إلا سألت لك غيري؟ قالوا : اللهم لا.
وارتفعت الأصوات بينهم فسمعت عليا (عليهالسلام) يقول : بايع الناس أبا بكر وأنا والله أولى بالأمر وأحق به منه ، فسمعت وأطعت مخافة أن يرجع الناس كفارا ويضرب بعضهم رقاب بعض بالسيف ، ثم بايع أبو بكر لعمر وأنا والله أحق بالأمر منه فسمعت وأطعت مخافة أن يرجع الناس كفارا ثم أنتم تريدون أن تبايعوا لعثمان إلخ.
(١) عمرو بن شمر : قال العلامة الحلي في خلاصته عمرو بن شمر ـ بالشين المعجمة والراء أخيرا ـ أبو عبد الله الجعفي كوفي ـ روى عن أبي عبد الله (عليهالسلام) وعن جابر وهو ضعيف جدا ، زيد أحاديث في كتب جابر بن يزيد الجعفي ، ينسب إليه بعضها ، فالأمر ملتبس ، فلا أعتمد على شيء مما يرويه وكذا النجاشي ضعفه وعده الشيخ الطوسي في أصحاب الإمامين الباقر والصادق (عليهماالسلام) وقال في الفهرس : له كتاب.
(٢) في خلاصة العلامة : جابر بن يزيد ، روى الكشي فيه مدحا وبعض الذم والطريقان ضعيفان ذكرناهما في الكتاب الكبير.
وقال السيد علي بن أحمد العقيقي العلوي : روى عن أبي عمار بن أبان عن الحسين بن أبي العلا : أن الصادق (عليهالسلام) ترحم عليه وقال : إنه كان يصدق علينا وقال ابن عقدة روى أحمد بن محمد بن البراء الصائغ عن أحمد بن الفضل بن حنان بن سدير عن زياد بن أبي الجلال ، أن الصادق (عليهالسلام) ترحم على جابر وقال : إنه كان يصدق علينا ، ولعن المغيرة وقال : إنه كان يكذب علينا. وقال ابن الغضائري ، إن جابر بن يزيد الجعفي ـ الكوفي ثقة في نفسه ، ولكن جل من روى عنه ضعيف ، فممن أكثر عنه من الضعفاء عمرو بن شمر الجعفي ومفضل بن صالح والسكوني ومنخل بن جميل الأسدي. وأرى الترك لما روى هؤلاء عنه والوقف في الباقي إلا ما خرج شاهدا.
وقال النجاشي : جابر بن يزيد الجعفي لقي أبا جعفر وأبا عبد الله (عليهالسلام) ومات في أيامه سنة ثمان وعشرين ومائة ، وروى عنه جماعة غمز فيهم وضعفوا ، منهم عمرو بن شمر ، ومفضل بن صالح ، ومنخل بن جميل ، ويوسف بن يعقوب ، وكان نفسه مختلطا وكان شيخنا محمد بن محمد بن النعمان ينشدنا أشعارا كثيرة في معناه تدل على الاختلاط ليس هذا موضعا لذكرها والأقوى عندي التوقف فيما يرويه هؤلاء كما قاله الشيخ الغضائري (ره).
وفي أصحاب الإمام الباقر (عليهالسلام) من رجال الشيخ الطوسي (ره) جابر بن يزيد بن الحرث بن عبد يغوث الجعفي توفي سنة ثمان وعشرين ومائة على ما ذكر ابن حنبل ، وقال ابن معين : مات سنة اثنين وثلاثين ومائة ، وقال القتيبي هو من الأزد ـ.
وفي أصحاب الإمام الصادق (عليهالسلام) جابر بن يزيد أبو عبد الله الجعفي تابعي اسند عنه روى عنهما (عليهماالسلام).
اسمعوا مني كلامي فإن يك ما أقول حقا فاقبلوا وإن يك باطلا فأنكروا.
ثم قال أنشدكم بالله الذي يعلم صدقكم إن صدقتم ويعلم كذبكم إن كذبتم هل فيكم أحد صلى القبلتين (١) كلتيهما غيري؟ قالوا لا.
قال نشدتكم بالله هل فيكم من بايع البيعتين كلتيهما الفتح وبيعة الرضوان غيري؟ قالوا لا.
قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد أخوه المزين بالجناحين في الجنة غيري؟ قالوا لا.
قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد عمه سيد الشهداء غيري؟ قالوا لا (٢).
قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد زوجته سيدة نساء العالمين غيري؟ قالوا لا.
قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد ابناه ابنا رسول الله صلىاللهعليهوآله وهما سيدا شباب أهل الجنة غيري؟ قالوا لا.
__________________
(١) القبلة الأولى هي : بيت المقدس وكانت قبلة المسلمين حتى بعد الهجرة ب (١٦) أو (١٧) شهرا فلما نزل قوله تعالى : ( قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها ... الخ ) توجه النبي صلىاللهعليهوآله إلى القبلة الثانية « شطر المسجد الحرام » وهي قبلة إبراهيم (عليهالسلام).
(٢) هو حمزة بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف. أمه هالة بنت اهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة. وهي ابنة عم آمنة بنت وهب أم النبي صلىاللهعليهوآله رضيع رسول الله صلىاللهعليهوآله أرضعتهما ثويبة امرأة أبي لهب. وكان أسن من رسول الله صلىاللهعليهوآله بسنتين.
كنيته أبو عمارة ، وقيل أبو يعلى. أسلم في السنة الثانية من المبعث.
قال محمد بن كعب القرظى : قال أبو جهل في رسول الله فبلغ حمزة فدخل المسجد مغضبا فضرب رأس أبي جهل بالقوس ضربة أوضحته وأسلم حمزة فعز به رسول الله صلىاللهعليهوآله والمسلمون.
آخى رسول الله صلىاللهعليهوآله بينه وبين زيد بن حارثة وهاجر الى المدينة وأول لواء عقده رسول الله صلىاللهعليهوآله حين قدم المدينة لحمزة ، وشهد بدرا وأبلى فيها بلاء عظيما مشهورا ، وشهد أحدا وقتل بها ومثل به المشركون وبقرت هند بطن حمزة سلام الله عليه فأخرجت كبده ، فجعلت تلوكها فلما شهده النبي صلىاللهعليهوآله اشتد وجده عليه ، وروي أنه (صلىاللهعليهوآله) وقف عليه وقد مثل به فلم ير منظرا كان أوجع لقلبه منه ، فقال : رحمك الله أي عم فلقد كنت وصولا للرحم ، فعولا للخيرات. وروي عن جابر قال : لما رأى رسول الله صلىاللهعليهوآله حمزة قتيلا بكى فلما رأى ما مثل به شهق.
ولما عاد (صلىاللهعليهوآله) إلى المدينة سمع النوح على قتلى الأنصار قال ، لكن حمزة لا بواكي له فسمع الأنصار فأمروا نساءهم أن يندبن حمزة قبل قتلاهم. ففعلن ذلك. قال الواقدي فلم يزلن يبدأن بالندب لحمزة. وبهذا استدل الشيعة الإمامية على جواز البكاء على الميت لا سيما الشهداء من أهل البيت (عليهمالسلام) بل على استحبابه لأن النبي صلىاللهعليهوآله ندب إليه ، واستدلوا ببكاء النبي صلىاللهعليهوآله على ولده إبراهيم (عليهالسلام) أيضا مضافا إلى ما تواتر من طريق أهل البيت من استحباب البكاء على مصائبهم خصوصا ما جرى على أبي عبد الله الحسين وأصحابه وعياله في واقعة الطف.
وقال (صلىاللهعليهوآله) : كل نادبة كاذبة إلا نادبة حمزة. وقال : سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب. وقال : والذي نفسي بيده إنه لمكتوب عند الله سبحانه وتعالى في السماء السابعة : « حمزة بن عبد المطلب أسد الله وأسد رسوله ».
وكان مقتله للنصف من شوال من سنة ثلاث وكان عمره سبعا وخمسين سنة. وصلى النبي على حمزة ثم لم يؤت بقتيل إلا وصلى عليه معه حتى صلى عليه « ٧٢ » صلاة.
قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد عرف الناسخ من المنسوخ غيري؟ قالوا لا (١).
قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد أذهب الله عنه الرجس وطهره تطهيرا غيري؟ قالوا لا.
قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد عاين جبرئيل في مثال دحية الكلبي غيري؟ قالوا لا (٢).
قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد أدى الزكاة وهو راكع غيري؟ قالوا لا.
قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد مسح رسول الله صلىاللهعليهوآله عينيه وأعطاه الراية يوم خيبر فلم يجد حرا ولا بردا غيري؟ قالوا لا.
قال نشدتكم بالله ـ هل فيكم أحد نصبه رسول الله صلىاللهعليهوآله يوم غدير خم بأمر الله تعالى فقال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه غيري؟ قالوا لا (٣).
قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد هو أخو رسول الله في الحضر ورفيقه في السفر غيري؟ قالوا لا.
قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد بارز عمرو بن عبد ود يوم الخندق وقتله غيري؟ قالوا لا.
قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلىاللهعليهوآله أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي غيري؟ قالوا لا.
__________________
(١) أخرج ابن سعد وغيره عن أبي الطفيل قال : قال علي : سلوني عن كتاب الله فإنه ليس من آية إلا وقد عرفت بليل نزلت أم بنهار ، أم في سهل أم جبل.
وأخرج ابن سعد أيضا عن ابن عباس عنه (عليهالسلام) قال : والله ما نزلت آية إلا وقد علمت فيم نزلت وأين نزلت وعلى من نزلت. إن ربي وهب لي قلبا عقولا ولسانا ناطقا. الصواعق المحرقة ص ١٢٥ / ١٢٦.
(٢) في ج ٩ من بحار الأنوار ص ٥٤٩ عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليهالسلام) عن آبائه عليهمالسلام قال : دخل علي عليهالسلام على رسول الله صلىاللهعليهوآله في مرضه وقد اغمي عليه ، ورأسه في حجر جبرئيل ، وجبرئيل في صورة دحية الكلبي فلما دخل علي عليهالسلام قال جبرئيل :
دونك رأس ابن عمك أنت أحق به مني ، لأن الله يقول في كتابه ( وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ* ) فجلس علي عليهالسلام وأخذ رأس رسول الله صلىاللهعليهوآله فوضعه في حجره ، فلم يزل رأس رسول الله في حجره حتى غابت الشمس ، وإن رسول الله صلىاللهعليهوآله أفاق فرفع رأسه فنظر إلى علي (عليهالسلام) فقال : يا علي أين جبرئيل؟ فقال : يا رسول الله ما رأيت إلا دحية الكلبي ، دفع إلي رأسك ، قال : يا علي دونك رأس ابن عمك فأنت أحق به مني ... الخ.
(٣) في ج ٢ من الرياض النضرة ص ٢٢٤ ـ ٢٢٥ : عن عمر بن الخطاب ـ وقد جاءه أعرابيان يختصمان ـ فقال لعلي : اقض بينهما يا أبا الحسن فقضى علي بينهما. فقال أحدهما : هذا يقضي بيننا؟ فوثب إليه عمر فأخذ بتلبيبه وقال : ويحك ما تدري من هذا!! هذا مولاي ومولى كل مؤمن ومن لم يكن مولاه فليس بمؤمن. وعن زيد بن أرقم قال : استنشد علي الناس فقال : انشد الله رجلا سمع النبي (صلىاللهعليهوآله) يقول : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه. فقام ستة عشر رجلا فشهدوا. وعن زياد بن أبي زياد قال : سمعت علي بن أبي طالب ينشد الناس فقال : انشد الله رجلا مسلما سمع رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول يوم غدير خم ما قال ، فقام اثنا عشر رجلا بدريا فشهدوا. وعن رباح بن الحارث قال ، جاء رهط إلى علي بالرحبة فقالوا : ( السلام عليك يا مولانا ). قال : وكيف أكون مولاكم وأنتم عرب؟! قالوا : سمعنا رسول الله صلىاللهعليهوآله ـ يقول ـ يوم غدير خم ـ : من كنت مولاه فعلي مولاه. قال رباح ، فلما مضوا تبعتهم فسألت من هؤلاء؟ قالوا : نفر من الأنصار ـ فيهم أبو أيوب الأنصاري ـ خرجه أحمد.
قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد سماه الله في عشر آيات من القرآن مؤمنا غيري؟ قالوا لا (١).
__________________
(١) أخرج موفق بن أحمد عن مجاهد وعكرمة وهما عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ما أنزل الله في القرآن آية يقول فيها : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا* ) إلا وعلي رئيسها وأميرها.
وأخرج الطبراني وابن أبي حاتم عن الأعمش عن أصحاب ابن عباس رضياللهعنه قال : ما أنزل الله ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ) إلا وعلي أميرها وشريفها ، ولقد عاتب الله أصحاب محمد (صلىاللهعليهوآله) في غير مكان ، وما ذكر عليا إلا بخير.
ينابيع المودة ص ١٢٥ ١٢٦
والآيات العشرة هي :
أولا : قوله تعالى : ( أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ ) السجدة : ١٨.
ذكر الطبري في ٢١ ص ٦٢ من تفسيره عن عطاء بن يسار قال : نزلت بالمدينة في علي بن أبي طالب والوليد بن عقبة بن أبي معيط ، كان بين الوليد وعلي كلام فقال الوليد أنا أبسط منك لسانا ، وأحد منك سنانا ، وأرد منك للكتيبة. فقال علي : اسكت فإنك فاسق فأنزل الله فيهما : ( أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ ) قال : لا والله ما استووا في الدنيا ولا عند الموت ولا في الآخرة.
ثانيا : قوله تعالى : ( يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) الأنفال : ٦٤.
قال المجلسي (ره) في الجزء التاسع من البحار ص ٩٤ روى أبو نعيم بإسناده عن جعفر بن محمد عن أبيه قال : نزلت في علي بن أبي طالب (عليهالسلام) وقال العلامة قدس الله روحه : روى الجمهور : أنها نزلت في علي.
ثالثا : قوله تعالى : ( أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللهِ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) التوبة : ١٩.
ذكر الطبري في تفسيره ج ١٠ ص ٥٩ مسندا عن أبي صخر قال : سمعت محمد بن أبي كعب القرظي يقول : افتخر طلحة بن شيبة من بني عبد الدار ، وعباس بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب ، فقال طلحة : أنا صاحب البيت معي مفتاحه ، لو أشاء بت فيه.
وقال عباس : أنا صاحب السقاية ، والقائم ، ولو أشاء بت في المسجد وقال علي : ما أدري ما تقولان ، لقد صليت إلى القبلة ستة أشهر قبل الناس ، وأنا صاحب الجهاد ، فأنزل الله : ( أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ .. ) الآية
رابعا : قوله تعالى : ( أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ) الجاثية : ٢١.
روى سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص ص ١١ عن ابن عباس : نزلت في علي يوم بدر ( الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ ) عتبة ، وشيبة ، والوليد بن المغيرة. ( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ » ) : علي عليهالسلام.
خامسا : قوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا ) مريم : ٩٦.
في ص ١٠ من تذكرة الخواص : قال ابن عباس : هذا الود جعله الله لعلي في قلوب المؤمنين. وقد روى أبو إسحاق الثعلبي. هذا المعنى مسندا في تفسيره إلى البراء بن عازب قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله لعلي : قل اللهم اجعل لي عندك عهدا واجعل لي في صدور المؤمنين مودة فأنزل الله : هذه الآية.
سادسا : قوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) البينة : ٧.
ذكر ابن حجر في الصواعق ص ١٩٥ : عن ابن عباس : أن هذه الآية لما نزلت قال (صلىاللهعليهوآله) لعلي : هو أنت وشيعتك تأتي أنت وشيعتك يوم القيامة راضين مرضيين ، ويأتي عدوك غضابا مقمحين قال : ومن عدوي؟ قال : من تبرأ منك ولعنك.
سابعا : قوله تعالى : ( وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ) سورة العصر.
في ج ٦ من تفسير الدر المنثور ص ٣٩٢ : أخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله : ( وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ ) يعني : أبا جهل بن هشام. ( إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ) ذكر عليا وسلمان.
ثامنا : قوله تعالى ( مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ) فقال : اللهم غفرا هذه الآية نزلت في ، وفي عمي حمزة ، وفي عمي عبيدة بن الحرث بن عبد المطلب. فأما عبيدة فقضى نحبه شهيدا يوم
قال نشدتكم بالله ـ هل فيكم أحد ناول رسول الله صلىاللهعليهوآله قبضة من التراب فرمى بها في وجوه الكفار فانهزموا غيري؟ قالوا لا.
قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد وقفت الملائكة معه يوم أحد حتى ذهب الناس غيري؟ قالوا لا.
قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد قضى دين رسول الله صلىاللهعليهوآله غيري؟ قالوا لا.
قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد شهد وفاة رسول الله صلىاللهعليهوآله غيري؟ قالوا لا.
قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد غسل رسول الله وكفنه ولحده غيري؟ قالوا لا.
قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد ورث سلاح رسول الله صلىاللهعليهوآله ورايته وخاتمه غيري؟ قالوا لا.
قال نشدتكم بالله ـ هل فيكم أحد جعل رسول الله صلىاللهعليهوآله طلاق نسائه بيده غيري؟ قالوا لا.
قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد حمله رسول الله صلىاللهعليهوآله على ظهره حتى كسر الأصنام على باب الكعبة غيري قالوا لا.
قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد نودي باسمه من السماء يوم بدر لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي غيري؟ قالوا لا.
قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد أكل مع رسول الله صلىاللهعليهوآله من الطائر المشوي الذي أهدي إليه غيري؟ قالوا لا.
قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلىاللهعليهوآله أنت صاحب رايتي في الدنيا وصاحب لوائي في الآخرة غيري؟ قالوا لا.
قال نشدتكم بالله ـ هل فيكم أحد قدم بين يدي نجواه صدقة غيري؟ قالوا لا.
قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد خصف نعل رسول الله صلىاللهعليهوآله غيري؟ قالوا لا.
قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلىاللهعليهوآله أنا أخوك وأنت أخي غيري قالوا لا.
__________________
ـ بدر ، وحمزة قضى نحبه شهيدا يوم احد ، وأما أنا فأنتظر أشقاها ، يخضب هذه من هذه ـ وأشار بيده إلى لحيته ورأسه ، عهد عهده إلي حبيبي أبو القاسم (صلىاللهعليهوآله).
تاسعا : قوله تعالى : ( هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ ) الأنفال : ٦٢
في ينابيع المودة ص ٩٤ : أبو نعيم الحافظ بسنده عن أبي هريرة. أيضا عن أبي صالح عن ابن عباس : أيضا عن جعفر الصادق (عليهالسلام) في قوله تعالى : ( هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ ) قالوا : نزلت في علي وإن رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : رأيت مكتوبا على العرش ، « لا إله إلا الله وحده لا شريك له محمد عبدي ورسولي أيدته ونصرته بعلي ابن أبي طالب ».
عاشرا ـ قوله تعالى : ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ). المائدة : ٥٥.
راجع هامش ص ١٦١ من هذا الكتاب.
قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلىاللهعليهوآله أنت أحب الخلق إلي وأقولهم بالحق غيري؟ قالوا لا.
قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد وجد رسول الله صلىاللهعليهوآله جائعا فاستقى مائة دلو بمائة تمرة وجاء بالتمر فأطعمه رسول الله غيري؟ وهو جائع قالوا لا.
قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد سلم عليه جبرئيل وميكائيل وإسرافيل في ثلاثة آلاف من الملائكة يوم بدر غيري؟ قالوا لا.
قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد غمض عين رسول الله صلىاللهعليهوآله غيري؟ قالوا لا.
قال نشدتكم بالله ـ هل فيكم أحد وحد الله قبلي غيري؟ قالوا لا.
قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد كان أول داخل على رسول الله صلىاللهعليهوآله وآخر خارج من عنده غيري؟ قالوا لا.
قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد مشى مع رسول الله صلىاللهعليهوآله فمر على حديقة فقلت ما أحسن هذه الحديقة فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله وحديقتك في الجنة أحسن من هذه حتى مررت على ثلاث حدائق كل ذلك يقول رسول الله حديقتك في الجنة أحسن من هذه غيري؟ قالوا لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلىاللهعليهوآله أنت أول من آمن بي وصدقني وأول من يرد علي الحوض يوم القيامة غيري؟ قالوا لا (١).
قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد أخذ رسول الله صلىاللهعليهوآله بيده ويد امرأته وابنيه حين أراد أن يباهل نصارى أهل نجران غيري قالوا لا؟
قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلىاللهعليهوآله أول طالع يطلع عليكم من هذا الباب يا أنس فإنه أمير المؤمنين وسيد المسلمين وأولى الناس بالناس (٢) فقال أنس اللهم اجعله رجلا من الأنصار فكنت أنا الطالع فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله لأنس ما أنت بأول رجل أحب قومه غيري؟ قالوا لا.
قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد نزلت فيه هذه الآية ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) غيري؟ قالوا لا.
__________________
(١) في الاستيعاب ص ٤٥٧ ج ٢ قال ، وروي عن سلمان أنه قال : أول هذه الأمة ورودا على نبيها (صلىاللهعليهوآله) الحوض أولها إسلاما علي بن أبي طالب رضياللهعنه وقد روى هذا الحديث عن سلمان عن النبي صلىاللهعليهوآله أنه قال : أول هذه الأمة ورودا على الحوض أولها إسلاما علي بن أبي طالب.
(٢) حلية الأولياء ج ١ / ٦٣ عن أنس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله يا أنس اسكب لي وضوءا ، ثم قام فصلى ركعتين ثم قال يا أنس أول من يدخل عليك من هذا الباب أمير المؤمنين ، وسيد المسلمين ، وقائد الغر المحجلين ، وخاتم الوصيين. قال أنس قلت : اللهم اجعله رجلا من الأنصار وكتمته إذ جاء علي فقال : من هذا يا أنس؟ فقلت : علي فقام مستبشرا فاعتنقه ، ثم جعل يمسح عرق وجهه بوجهه ، ويمسح عرق علي بوجهه ، قال علي : يا رسول الله لقد رأيتك صنعت شيئا ما صنعت بي من قبل. قال : وما يمنعني وأنت تؤدي عني وتسمعهم صوتي وتبين لهم ما اختلفوا فيه بعدي.
قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد أنزل الله فيه وفي ولده : ( إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً ) إلى آخر السورة غيري؟ قالوا لا (١).
قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد أنزل الله فيه : ( أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللهِ ) غيري؟ قالوا لا (٢).
قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد علمه رسول الله صلىاللهعليهوآله ألف كلمة كل كلمة مفتاح ألف كلمة غيري؟ قالوا لا (٣).
قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد ناجاه رسول الله يوم الطائف فقال أبو بكر وعمر يا رسول الله ناجيت عليا دوننا؟ فقال لهما النبي صلىاللهعليهوآله ما أنا ناجيته بل الله أمرني بذلك غيري؟ قالوا لا (٤).
قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد سقاه رسول الله صلىاللهعليهوآله من المهراس غيري؟ قالوا لا.
قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلىاللهعليهوآله أنت أقرب الخلق مني يوم القيامة يدخل بشفاعتك الجنة أكثر من عدد ربيعة ومضر غيري؟ قالوا لا.
قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلىاللهعليهوآله يا علي أنت تكسى حين أكسى غيري؟ قالوا لا (٥).
قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلىاللهعليهوآله أنت وشيعتك الفائزون يوم القيامة غيري؟ قالوا لا.
قال نشدتكم بالله ـ هل فيكم أحد قال له رسول الله صلىاللهعليهوآله كذب من زعم أنه يحبني ويبغض هذا غيري؟ قالوا لا.
قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلىاللهعليهوآله من أحب شطراتي هذه فقد أحبني ومن أحبني فقد أحب الله فقيل له وما شطراتك؟ قال علي والحسن والحسين وفاطمة غيري؟ قالوا لا.
قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلىاللهعليهوآله أنت خير البشر بعد النبيين غيري؟ قالوا لا (٦).
__________________
(١) الدهر : ٥.
(٢) راجع هامش ص ١٩٨
(٣) ينابيع المودة ص ٧٦ وفي المناقب عن الأصبغ بن نباتة قال كنت مع أمير المؤمنين (عليهالسلام) فأتاه رجل فقال : يا أمير المؤمنين إني احبك في الله قال : إن رسول الله صلىاللهعليهوآله « حدثني ألف حديث وكل حديث مفتاح ألف باب ... الخ ».
(٤) الرياض النضرة ج ٢ ص ٢٦٥ عن جابر قال : دعا النبي صلىاللهعليهوآله عليا يوم الطائف فانتجاه فقال الناس : لقد طال نجواه مع ابن عمه فقال (صلىاللهعليهوآله) : ما انتجيته ولكن الله انتجاه. أخرجه الترمذي.
(٥) الرياض النضرة ج ٢ ص ٢٦٧ : وأخرج المخلص الذهبي عن أبي سعيد : أن النبي صلىاللهعليهوآله كسى نفرا من أصحابه ، ولم يكس عليا ، فكأنه رأى في وجه علي فقال : يا علي ما ترضى أنك تكسى إذا كسيت ، وتعطي إذا اعطيت.
(٦) كنز العمال ج ٦ ص ١٥٩ عن جابر عن النبي صلىاللهعليهوآله : علي خير البشر من أبي فقد كفر ، وأخرج الخطيب في تاريخ بغداد ٧ /ـ