عدّة الأصول

أبي جعفر محمّد بن الحسن بن علي بن الحسن الطّوسي [ شيخ الطائفة ]

عدّة الأصول

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن الحسن بن علي بن الحسن الطّوسي [ شيخ الطائفة ]


المحقق: محمد مهدي نجف
الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: مطبعة سيد الشهداء عليه السلام
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٩٢

المراد به مسح الرأس كله لقال : امسحوا رؤسكم ، لان الفعل يتعدى بنفسه الى الرؤس

والثاني: أن تكون للالصاق ، وهو اذا كان الفعل لا يتعدى (۱) الى المفعول بنفسه مثل قولهم: مررت بزید (۲) لانه لو قال : مررت زيداً، لم يكن كلاماً (۳) .

وأما (أو) فالاصل فيها التخيير كقولهم : جالس الحسن (۴) أو ابن سيرين (۵) وعلى هذا حملت آية الكفارة ، وتستعمل بمعنى

____________________________________________

(۱) قوله (اذا كان الفعل لا يتعدى) يشعر بأن باء الالصاق والتعدية واحدة وبأن ماعدا الالصاق والتبعيض من المعاني، اما راجعة الى أحدهما لمصاحبة أو مجازية .

وفي المغني [أول معانيها الالصاق قيل : وهو معنى لا يفارقها فلهذا اقتصر عليه سيبويه ] (۶) (انتهى) .

(۲) قوله (مررت بزيد) الالصاق فيه مجازي ، أي ألصقت مروري بمكان يقرب من زيد، والحقيقي نحو : أمسكت بزيد .

(۳) قوله ( كلاماً) أي كلاماً صحيحاً .

__________________

(٤) أبو سعيد ، الحسن بن أبي الحسن يسار مولى زيد بن ثابت الانصاري كان رئيس القدرية، وأحد الزهاد الثمانية، قال فيه ابن أبي الحديد وممن قيل انه يبغض علياً ويذمه الحسن بن أبي الحسن البصري ، وروى انه كان من المخذلين عن نصرته ، مات سنة ( ١١٠ هـ ) .

(٥) أبو بكر محمد بن سيرين البصرى. وكان بينه وبين الحسن البصرى من المنافرة ومات بعدوفات الحسن البصرى بمائة يوم، سنة ( ١١٠ هـ. )

(٦) مغني اللبيب : ۱۰۱ .

١٦١

الشك، كقول القائل : أكلت كذا أو كذا ، ورأيت فلاناً أو فلاناً، الا أن هذا القسم لا يجوز في كلام الله تعالى .

وقد تستعمل بمعنى الواو كما قال تعالى : ( وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَىٰ مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ) (۱) وانما أراد به ويزيدون. وقد تستعمل بمعنى الابهام مثل قول القائل : فعلت كذا أو كذا ، اذا كان عالماً بما فعله وانما يريد ابهامه على المخاطب به .

وأما (في) فانها تفيد الظرف نحو قولهم: زيد في الدار ، وان استعملت فى غير ذلك فعلى ضرب من المجاز .

واذ قد بينا ان الكلام ينقسم الى حقيقة ومجاز فلابد من اثباته لان في الناس من دفع أن يكون في الكلام مجاز أصلا ، وهذا قول شاذ لا يلتفت اليه لان من المعلوم من دين أهل اللغة (۲) ان استعمالهم لفظة الحمار في البليد والاسد في الشجاع مجاز دون حقيقة ، و كذا قوله : ( إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ ) (۳) بمعنى يؤذون أولياء الله و :

____________________________________________

(۲) قوله : (لان من المعلوم الخ) فاندفع ما قاله بعض من : أن الاستعارة مجاز عقلي، بمعنى ان التصرف في امر عقلي لالغوي، لانها لما لم تستعمل في المشبه الا بعد دخوله ادعاء في جنس المشبه به ، كان استعمالها فيما وضعت له، لان الادعاء لا يقتضي كونها مستعملة فيما وضعت له العلم الضروري ، بأن

__________________

(١) الصافات: ١٤٧

(۳) الاحزاب : ٥٧ .

١٦٢

( جَاءَ رَبُّكَ ) (۱) بمعنى جاء أمر ربك، وقوله : ( وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ ) (۲) بمعنى أهل القرية، ان كل ذلك مجاز .

فان دفع ذلك استعمالا ، فما ذكرناه دلالة عليه وان قال : لا أدفعه استعمالا ، الا أنى أقول انه حقيقة كان مخالفاً لاستعمال أهل اللغة واطلاقهم ، ويحتج عليه بالرجوع الى الكتب المصنفة في المجاز والوجه الذي يستعمل عليه المجاز كثير ولا ينضبط ، قد ذكر بعضه في الكتب، ولا يجوز أن يكون مجاز ولا حقيقة له، وانما قلنا ذلك لما بيناه من ان المجاز هو ما استعمل في غير ما وضع له ، واذا لم يكن له حقيقة لم يثبت هذا المعنى فيه ، ويجوز أن تكون حقيقة ولا مجاز لها .

و من حق الحقيقة أن يعلم المراد بها بظاهرها، ومن حق المجاز أن يعلم المراد به بدليل غير الظاهر ، والله تعالى قد خاطب بالمجاز كما خاطب بالحقيقة، وكذلك الرسول عليه وآله السلام .

ومن دفع ذلك لا يلتفت الى قوله ، وليس ذلك بمؤدى الى الحاجة ، لان الله تعالى استعمل ذلك على عادة العرب في خطابها في استعمال الحقيقة والمجاز ، كما استعمل الاطالة تارة والايجاز اخرى، كما استعملت هي فاذا جاز أحدهما جاز الآخر .

__________________

(۱) الفجر : ۲۲ .

(۲) يوسف : ۸۲ .

١٦٣

فأما لفظ الاستعارة فالاولى أن لا يطلق على كلام الله تعالى من حيث انه يوهم ان فاعلها استعارها لحاجة ، وان اريد بذلك (١) ما ذكره بعضهم من أن التخاطب بتلك اللغة يقتضى حسن استعمالها في المجاز ، كحسن ذلك في الحقيقة فعلى هذا لا يمتنع اطلاق هذه اللفظة على كلام الله تعالى واذا ثبت ان الله تعالى خاطب بالحقيقة والمجاز معاً ، فلابد من أن يدل على الفصل بينهما ، والا أدى الى تكليف ما يطاق . كما لابد من أن يدل على الفصل بين الالفاظ

____________________________________________

الاسد مثلا مستعمل في الرجل الشجاع، والموضوع له هو السبع المخصوص .

(۱) قوله (وان اريد بذلك) الظاهر (ان) ان وصيلة وان قوله فعلى هذا لا يمتنع الخ) من تتمة قول بعضهم، وان مراد هذا البعض ان التخاطب باللغة العربية يقتضي عدم قبح استعمال الاستعارة في المجاز، كالاستعارة المصرحة كعدم قبح استعمال الاستعارة في الحقيقة ، كالاستعارة المكنى عنها عند غير السكاكي (۲) فعلى هذا أي فعلى اقتضاء التخاطب باللغة العربية ، عدم قبح الاستعمال المذكور لا يمتنع اطلاق الاستعارة على كلام الله تعالى مجازه و حقيقته، أو مراده ان لفظ الاستعارة اذا استعمل في المعنى الحقيقي المأخوذ من العار دل على حاجته بخلاف استعماله في المعنى المجازي المتداول بين أهل العربية. ولما كان عدم القبح والامتناع لا ينافي كونه خلاف الأولى كمامر في (فصل في ذكر أقسام أفعال المكلف) قال المصنف (و ان اريد الخ) أيوان

__________________

(۲) أبو يعقوب يوسف بن أبي بكر بن محمد الخوارزمي الحنفي الملقب سراج الدين السكاكي صاحب كتاب مفتاح العلوم، مات سنة ( ٦٢٦ه. ) .

١٦٤

المختلفة لتعرف معانيها. والفصل بين الحقيقة والمجاز (۱) يقع من وجوه :

منها : أن يوجد نص من أهل اللغة أو دلالة على أنه مجاز

ومنها : أن يعلم أنهم وضعوا تلك اللفظة لشيء، ثم استعملوها في غيرها على وجه التشبيه (۲) .

____________________________________________

كان المنظور في الاستعمال ما ذكره بعضهم .

(۱) قوله ( والفصل بين الحقيقة والمجاز الخ) في السياق شيء فان هذا الفصل ليس عين الفصل الذي لا بد من أن يدل عليه ، لدفع التكليف بما لا يطاق فان فائدة هذا بعد معرفة المراد . وفائده ذاك قبل معرفته فان بعد معرفة المراد لا يتصور تكليف بما لا يطاق، وان لم يعرف كون اللفظ حقيقة أو مجازاً ولم يذكر في جملة الفصل بين الحقيقة والمجاز كون الحقيقة متبادراً والمجاز خلاف المتبادر ، اكتفاء بما ذكره بقوله ( ومن حق الحقيقة أن يعلم المراد الخ) .

(۲) قوله (ثم استعملوها في غيرها على وجه التشبيه) الأولى أن يقول: ثم استعملوها في غيره للعلاقة ، أي يعلم أن المنظور حين الاستعمال ، العلاقة بين المستعمل فيه وبين غيره ، سواء كان للتشبيه ، أولانه جزء له ، أولانه مفض اليه أو غير ذلك . فلا حاجة حينئذ الى قوله ( ومنها أن يستعمل في الشيء من حيث كان) الى قوله (أو هو منه بسبب) لانه لم ينحصر العلاقة فيما ذكر ، ويمكن جعل قوله (فانها تنبيه على ما عداها) اشارة الى عدم الانحصار ، ثم الظاهر ان ذكر العلم بموضوع له تصوير مثال .

١٦٥

ومنها : أن يعلم انها تطرد (۱) في موضع ، ولا تطرد في آخر و

____________________________________________

(۱) قوله ( أن يعلم انها تطرد) لما كان الاطراد بلامانع لازماً للحقيقة كمامر في هذا الفصل، وعدم اللازم يدل على عدم الملزوم، كان عدم الاطراد بلامانع علامة للمجازية، كما فرع .

فان قيل : انما يدل عدم اللازم ، على عدم الملزوم ، لو كان العلم به قبله وما نحن فيه ليس كذلك لما قيل . وحاصله : ان عدم الاطراد أمر ممكن غير محسوس بذاته، ولا بحسب آثاره وصفاته وكل ما هو كذلك لا يعلم الا بسببه كما حقق في موضعه وسبب عدم الاطراد اما عدم المقتضي للاطراد، واما وجود المانع عنه. اذ علته عدم الشيء، عدم علة وجوده، وقد فرض ان لامانع، فعدم الاطراد انما هو لعدم مقتضي الاطراد، وهو انما يعلم بعدم الوضع .

فاذا يعلم عدم الاطراد بعدم الوضع لما ذكرنا، وعدم الوضع بعدم الاطراد لانه جعل علامة، لانه مجازاً .

قلنا : بعد عدم تسليم ما حقق ، وبعد ما قيل من أن الظن قد يحصل بدون العلم بالسبب، وان عدم الاطراد محسوس لمن يتتبع اللغة، كعدم كون النصب علامة للفاعل، وعدم جبال شاهقة بحضرتنا ، وأيضاً قوله (وهو انما يعلم بعدم الوضع ممنوع لان الوضع) مصحح لا مقتض ، انما المقتضي دواعي أهل اللسان في محاوراتهم في صدر الزمان هذا وليعلم ان العلم بعدم الاطراد بلا مانع يتوقف على شيئين :

الأول : العلم بأن الاطلاق فيما يجوز اطلاقه انما هو على معنى مشترك بينه وبين ما لا يجوز اطلاقه عليه، كما في السخي والفاضل، والواو العاطفة في معنى ( أو ) كمامر . والأمر بمعنى الفعل كما سيجيء في (فصل في ذكر

١٦٦

لا مانع فيعلم انها مجاز فى الموضع الذى لا تطرد فيه ، وانما شرطنا المانع ، لان الحقيقة قد لا تطرد لمانع عرفي أو شرعى ، ألا ترى ان لفظة الدابة وضعت في الاصل لكل مادب ، ثم اختصت في العرف بشيء بعينها .

وكذلك لفظ الصلاة (۱) في الاصل للدعاء ثم اختصت في الشرع بأفعال بعينها، وكذلك لفظة النكاح وماجرى مجرى ذلك ،

____________________________________________

حقيقة الأمر) مثلا (السخي) انما يطلق فيما يطلق على ذات متصفة بالجود، و لیست خصوصية الذات داخلة في المستعمل فيه، بل وقعت موافقة له .

ونظيره انهم صرحوا : بأنه اذا اطلق لفظ العام على الخاص لا باعتبار خصوصه بل باعتبار عمومه، فهو ليس من المجاز في شيء . كما اذا رأيت زيداً فقلت: رأيت انساناً، أو رأيت رجلا فلفظ انسان، أو رجل لم يستعمل الا فيما وضع له، لكنه قد وقع في الخارج على زيد، فلوجوز كون الخصوصية داخلة في المستعمل فيه، لم يكن العلم بعدم الاطراد بلامانع. وان أمكن العلم بعدم الاطراد للمانع كما في الدابة، فان الظاهر انها مستعملة في الخاص من حيث خصوصه، ولذا يحكم بأنه مجاز لغوي حقيقة عرفية .

والثاني العلم بعدم المانع وهو حاصل بعد التتبع ، فانه حينئذ يعلم ان لا مانع شرعي أو عرفي يكون ناقلا للفظ من معناه الى معنى خاص كما في الامثلة التي ذكرها المصنف، ويحصل من الأول أيضاً كما لا يخفى، وقد مر بعض ما يتعلق بهذا البحث في هذا الفصل عند قول المصنف (والحقيقة اذا عقل فائدتها الخ) .

(۱) قوله (وكذلك لفظ الصلاة) انما يتضح كون الصلاة والنكاح مثالين

١٦٧

فيعلم أنه حقيقة، وان لم يطرد لما بيناه من العرف والشرع .

ومنها : أن يعلم ان اللفظة حكماً (۱) وتصرفاً من اشتقاق أو تثنية ، أو جمع ، أو تعلق بالغير (۲) فاذا استعملت في موضع وهذه احكام منتفية عنه علم انه مجازاً ، ولذلك قلنا : ان لفظة الامر حقيقة في القول ومجاز في الفعل، لان الاشتقاق لا يصح في الفعل ويصح في القول .

ومنها : أن يعلم ان تعلقها بالمذكور لا يصح فيحكم ان هناك

____________________________________________

لما نحن فيه اذا كان المنقول اليه، وهو الافعال بعينها. والعقد فرداً من المعنى الموضوع له فيهما، وهو للدعاء والوطي .

(۱) قوله: (ان اللفظة حكماً الخ) كما ان من حق الحقيقة أن تطرد كذلك من حقها أن لا تنفك عن أحكامها لانها حقائق أيضاً، فانفكاك أحكامها عنها يدل على انتفائها، فيكون اللفظ مجازاً .

وينبغي أن يقيد هذا أيضاً بعدم المانع، لئلا ينتقض بـ (يدع، ويذر) فان عدم استعمال ماضيهما مع وجود المقتضي وهو الوضع انما هو لمانع. وهو اماتتهم اياهما، أي المنع من استعمالهما المعلوم من التتبع لا السكوت، حتى يتوهم انه لعدم المقتضي . ويمكن أن يوجه بانه امارة فلاينافي التخلف في قليل من الصور ، وهذا أظهر ، لان العلم بأن عدم الاستعمال ليس للمانع مشكل .

(۲) قوله (أو تعلق بالغير) كالفاعل والمفعول ونحوهما .

١٦٨

حذفاً وان اللفظ مجاز ولذلك قلنا : ( وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ ) (۱) مجاز ، و كذلك قوله: ( إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ) (۲) على أحد التأويلات .

ومنها: أن يستعمل في الشيء من حيث كان جزاءاً لغيره نحو قوله تعالى : ( وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا ) (۳) لان الجزاء في الحقيقة لا يكون سيئة ولهذا قال أهل اللغة: (۴) الجزاء بالجزاء، ومعلوم ان الاول ليس جزاء ولذلك نظائر كثيرة .

ومنها : ان يستعمل في الشيء لانه يفضى الى غيره كقولهم: حضره الموت (۵) اذا خيف عليه من مرضه. ونحو قولنا: ان النكاح

____________________________________________

(٤) قوله (ولهذا قال أهل اللغة) الجزاء بالجزاء العلاقة فيه عكس السابق فالاولى أن يعمم ليشملهما ، أو يقول من حيث كان بينه وبين غيره نوع بدلية مع المصاحبة في الذكر، ليشمل العلاقة في مطلق مجاز المشاكلة، نحو قوله (قالوا: اقترح شيئاً تجد لك طبخة قلت: اطبخوا لي جبة وقميصاً) وقيل : كأنهم جعلوا المصاحبة في الذكر علاقة في مجاز المشاكلة .

(٥) قوله ( كقولهم حضره الموت) فان الموت مجاز في المرض الشديد وكذا النكاح مجاز لغة في العقد . فلو استعمل فيه لغة ، لكان العلاقة انه يفضي الى الوطي .

__________________

(۱) يوسف : ۸۲

(۲) القيامة: ٢٣ .

(٣) الشورى: ٤٠ .

١٦٩

اسم للوطى حقيقة ومجاز في العقد ، لانه موصل اليه ، وان كان بعرف الشرع قد اختص بالعقد كلفظة الصلاة وغيرها. وقد يستعمل اللفظ في الشيء لانه مجاور لغيره أو هو منه بسبب (۱) .

وهذه الجملة كافية في هذا الباب ، فانها تنبه على ما عداها وقد انتقلت اسماء كثيرة عما كانت عليه فى اللغة الى العرف تارة والى الشريعة اخرى ، فما انتقل منه الى العرف نحو قولنا : دابة ، وغائط فان هذا وان كان اسماً فى اللغة لكل ما يدب، وللمكان المطمئن من الارض منه صار بالعرف عبارة عن حيوان مخصوص ، وحدث مخصوص، ونظائر ذلك كثيرة لا فائدة فى ذكر جميعها، وانما اردنا المثال .

واما ما انتقل منه الى الشرع فنحو قولنا : الصلاة ، فانها في اللغة موضوعة للدعاء ، وقد صارت في الشريعة عبارة عن أفعال

____________________________________________

(۱) قوله (أو هو منه بسبب) ضمير هو للشيء ، وضمير منه للغير ، و من للنسبة مثل (أنت مني بمنزلة هارون من موسى) (۲) والباء المصاحبة، والسبب الحبل والرابطة . والمراد أو كان بينه وبين الغير علاقة اخرى .

__________________

(۲) قاله النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لامير المؤمنين على بن أبي طالب عليه‌السلام عند خروجه صلى‌الله‌عليه‌وآله الى غزوة تبوك ، وقد خلف علياً عليه‌السلام على أهله وأمره بالاقامة فيهم . رواه اصحاب الحديث منهم البخاري في صحيحه و ابن ماجه في سنته والترمذي في سننه أيضاً في فضائل أمير المؤمنين عليه‌السلام . أما أحمد بن حنبل فقد رواه في مواضع عده من مسنده .

١٧٠

مخصوصة، وكذلك الزكاة في اللغة عبارة عن النمو، وفي الشريعة عبارة عن أخذ شيء (۱) مخصوص ونظائر ذلك كثيرة .

واما لفظة الايمان فعند قوم انها منتقلة ، وعند آخرين انها على ما كانت عليه وليس هذا الكتاب موضوعاً لاعيان الاسماء التي انتقلت والتي لم تنتقل فان شرح ذلك يطول، وانما كان غرضنا أن نبين ثبوت ذلك .

والسبب في استعمال ذلك، انه حدثت أحكام في الشريعة لم تكن معروفة في اللغة ، فلابد من العبارة عنها. فلا فرق (۲) بين أن يوضع لها عبارة مبداءة لا تعرف، وبين أن ينقل بعض الاسماء المستعملة في غير ذلك، كما ان من يرزق ولداً يجوز له أن يضع له اسماً لا يعرف ، ويجوز أن ينقل بعض الاسماء المستعملة اليه .

الا أن الامروان كان على ما قلناه (۳) ، فمتى نقل الاسم من مقتضى اللغة الى شيء لا يعرف فيها، لا يكون المتكلم به (۴) متكلماً باللغة

____________________________________________

(۱) قوله (أخذ شيء) أي شيء مأخوذ .

(۲) قوله (فلا فرق .. الى آخره وضع العبارة المبتدأة يجعلها مهملا كما مر تحقيقه في تعريف المهمل في أول الفصل .

(۳) قوله (على ما قلناه هو أنه لابد من العبارة عما حدث من الاحكام .

(٤) قوله (لا يكون المتكلم به الخ) أي من حيث أنه متكلم به ، وهذا لا

١٧١

بل يكون متكلماً بالشرع وان سمى متكلماً باللغة مجازاً، من حيث انه استعمل ما كانوا استعملوه، وان كان قد استعملوه في غير ذلك. ومتى لم نقل ذلك لزم أن يكون من تكلم باللغة المعروفة ، ووافق بعض أسمائها أسماء العجم أن لا يكون متكلماً بالعجمية، وذلك لا يقوله أحد، فعلم ان الصحيح ما قلناه .

واذا ثبتت هذه الجملة ، فمتى ورد خطاب من الله تعالى، أو من النبي صلى الله عليه و آله نظر فيه، فان كان استعماله في اللغة، و العرف، والشرع سواء حمل على مقتضى اللغة وان كان له حقيقة في اللغة، وصار في العرف حقيقة في غيره وجب حمله على ما تعورف في العرف .

وكذلك ان كان له حقيقة في اللغة أو العرف وقدصار بالشرع حقيقة لغيره وجب حمله على ما تعورف فى الشرع وكذلك ان كانت اللفظة (۱) منتقلة من اللغة الى العرف ثم استعملت في الشرع على

____________________________________________

ينافي كون الكلام عربياً للنظم أو للاغلبية أو نحوهما كما يشعر به قوله (ومتى لم نقل ذلك الخ).

(۱) قوله (وكذلك اذا كانت اللفظة . الخ) هذا تصريح بما يفهم من قوله (أو العرف) فانه انما يكون بأن يكون له حقيقة في اللغة ، أو هو بناء على ما مر من عدم الفرق بين أن يوضع عبارة مبتدأة ، وبين أن ينقل اسم من اللغة وقد مر ما فيه .

١٧٢

خلاف العرف. وجب حمله على ما تقرر في الشرع، لان خطاب الله تعالى وخطاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ينبغي أن يحملا على ما تقتضيه الشريعة لانه المستفاد (۱) من هاتين الجهتين .

ومتى نقل الله تعالى أو رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله اسماً من اللغة الى الشرع ، وجب عليه أن يبينه لمن هو مخاطب به (۲) دون من لم يخاطب به، لان من ليس بمخاطب به (۳) لا يجب بيانه له .

ولاجل هذا لا يجب أن يبين الله تعالى لنا مراده بالكتب السالفة لما لم نكن مخاطبين بها وهذا وان لم يجب ، فانه يحسن أن يبين لغير المخاطب كما يبين الله تعالى أحكام الحيض لمن ليس هو مخاطب بها من الرجال، وذلك جائز غير واجب على ما قلناه .

وانما قلنا ذلك لانه كما لم يجب أن يقدر (۴) من ليس

____________________________________________

(۱) قوله (لانه المستفاد) الضمير لما يقتضيه ، و الجهتان جهة الله وجهة الرسول .

(۲) قوله (لمن هو مخاطب به) المراد بالمخاطب أعم من المكلف ومن توجه اليه الكلام.

(۳) قوله (لان من ليس بمخاطب به) صورته استدلال الحد على المحدود اشارة الى بداهة المدعي .

(٤) قوله ( كما لم يجب أن يقدر الخ) فيه ان غير المكلف بفعل مخصوص قد لا يقدر على الفعل ، وهو مكلف بالعلم بالخطاب للتبليغ الى المكلف، كما

١٧٣

بمخاطب به، فكذلك لا يجب أن يعلمه لان القدرة أكد من العلم لان الفعل يستحيل من دونها أصلا، (۱) فاذا لم تجب القدرة فكذلك لا يجب العلم على ما بيناه .

فصل

في ذكر ما يجب معرفته

من صفات الله تعالى وصفات النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله

وصفات الأئمة عليهم‌السلام

حتى يصح معرفة مرادهم

اعلم انه لا يمكن معرفة المراد بخطاب الله تعالى الا بعد ثبوت العلم باشياء :

منها : أن نعلم أن الخطاب خطاب له ، لانا متى لم نعلم انه خطاب له لم يمكنا أن نستدل على معرفة مراده .

ومنها : أن نعلم أنه لا يجوز أن لا يفيد بخطابه شيئاً أصلا (۲) .

____________________________________________

في الامام عليه‌السلام الا و كما في المفتي عند جواز فتواه ، و الاحتياج اليه في الاحكام التي لم يكلف بها .

(۱) قوله (لان الفعل يستحيل من دونها اصلا) فيه دلالة على بطلان الافعال الطبيعية كما مر في الحاشية الأولى ، في ذيل الجواب عن الشك الرابع .

(۲) قوله (قدس سره) (لا يفيد بخطابه شيئاً أصلا) المراد أن لا يريد به معنى يكون مستعملا فيه .

١٧٤

ومنها : أن نعلم أنه لا يجوز أن يخاطب بخطابه على وجه يقبح (١) .

ومنها : أنه لا يجوز أن يريد بخطابه غير ما وضع له ولا يدل عليه فمتى حصلت هذه العلوم صح الاستدلال بخطابه على مراده ، و متى لم يحصل جميعها أو لم يحصل بعضها لم يصح ذلك ، ولذلك ألزمنا المجبرة (۲) ان لا يعرفوا بخطابه شيئاً ولا مراده أصلا، من حيث جوزوا على الله تعالى القبائح ، ولشرح هذه الاشياء موضع غير هذا يحتمل أن نبسط الكلام فيه ، غير انا نشير الى جمل منه الى العلم .

انما قلنا: أنه لا يجوز أن يخاطب، ولا يفيد بخطابه شيئاً أصلا،

____________________________________________

(۱) قوله (على وجه يقبح ) ان قيل : هذا يغني عن سابقه و لاحقه ، لان عدم الافادة قبيح ، وكذا عدم الدلالة على المراد .

قلنا : المراد بكون الخطاب على وجه يقبح أن يكون خبراً كاذباً أو انشاءاً يكون أمراً بما ليس بواجب عقلي واقعي ، أو نحو ذلك مما يجد العقل قبحه في نفسه ضرورة ، لا استدلالا آنياً على القبح، ولا في نفسه كما سيجيء .

(۲) قوله (المجبرة) هم القائلون بان أفعال العباد صادرة عن الله تعالى ، سواء كانوا قائلين بالكسب ، وهم جمهور الاشاعرة أم لا ، وهم الجهمية (۳).

__________________

(۳) الجهمية : أصحاب جهم بن صفوان وهو من الجبرية الخالصة . ظهرت بدعته بترمذ، وقتله سلم بن أحوز المازني بمر وفي آخر ملك بني اميه . وافق المعتزلة في نفى الصفات الازلية وزاد عليهم باشياء .

١٧٥

لان ذلك عبث لا فائدة فيه تعالى الله عن ذلك. وليس لاحد أن يقول يجوز أن لا يفيد بخطابه شيئاً أصلا ، ويكون وجه حسنه المصلحة ، لان ذلك يؤدى الى أن لا يكون طريق الى معرفة المراد بخطابه أصلا (۱) .

__________________

(۱) قوله لان ذلك يؤدي الى أن لا يكون طريق الى معرفة المراد بخطابه اصلا الخ) اشارة الى ضابطة هي : ان كل قضية يحصل لنا العلم القطعي بها بطريق من الطرق، فيمكن لنا أن نستدل عقلا بالعلم بصدقها، على استحالة ما ينافي حصول ذلك العلم من ذلك الطريق، وان لم يكن جهة الاستحالة معلومة لنا، وذلك لان العلم سواء كان ضرورياً أو كسبياً لابد له من موجب مخصوص يمتنع عقلا تحققه بدون ذلك العلم، ولابد المتعلقه في تعلقه به من موجب مخصوص يمتنع تحقق ذلك الموجب بدون صدق متعلق العلم مما ينافي العلم اما مناف لاحد الموجبين ، واما مناف لايجابه واستلزامه .

فالاول: يستحيل عقلا اجتماعه مع الموجب .

والثاني: يستحيل عقلا تحققه مطلقاً، وعلى هذا يبطل ما يتوهم من كون العاديات، أي نحو عدم انقلاب الجبل ذهباً علوماً، لان خرق العادة ممكن من الفاعل المختار، وهو مناف لاستلزام العلم بكون شيء عادياً للعلم بتحققه وقد مر تفصيله في حد العلم .

ويبطل أيضاً ما مثلوا به كون العاديات علوماً ، من انا اذا شاهدنا زيداً في مكان علمنا وقوعه فيه، مع امكان عدم وقوعه فيه في نفسه، وذلك لان عدم وقوعه فيه لا ينافي استلزام المشاهدة له فيه للعلم انما ينافي وقوعه فيه ، فهو مستحيل الاجتماع عقلا معه، لا مستحيل في نفسه عقلا .

١٧٦

ويتبين من ذلك ، انه لو كانت العاديات علوماً لكان خرق العادة للاعجاز محالا في نفسه عقلا، فلم يمكن اثبات النبوات به کمامر. فنقول: فيما نحن فيه نعلم يقيناً انه قد يحصل لنا العلم القطعي بمراد الله بخطابه، وجواز كونه تعالى مخاطباً بشيء لا يريد به شيئاً أصلا، بأن يكون للمصلحة ينافي استلزام موجب ذلك العلم له ، يعنى يستلزم أن يكون ذلك التصديق علماً ، فيحصل العلم باستحالته عقلا .

وكذلك القول في المعجز ، فانا نعلم قطعاً انه اذا ظهر المهدي عليه‌السلام و ادعى الامامة ، وقال : معجزتي أن أقلع جبل الصفا من موضعه ، وأضعه في موضع كذا ففعل ، يحصل العلم القطعي بصدق دعواه . فكل ما ينافي تحققه استلزام المعجز للعلم بالصدق ككونه صادراً عن الله تعالى، لا لاجل التصديق بل لمصلحة اخرى هي الابتلاء مثلا ، أو لا لمصلحة، أو لاجل التصديق كذباً بناء على بطلان قاعدة التحسين والتقبيح العقليين ، وكونه صادراً عن العبد على وفق العادة القريبة، أو خارقاً للعادة من الجن أو من الملك ، وكونه مما يمكن أن يعارض وأمثال ذلك مما ينافي تحققه استلزام المعجز للعلم بالصدق يعلم استحالته عقلا، فهو دليل آني عليها .

وكذا نقول الاخبار عن الغيب معجز، يعلم به صدق مدعى النبوة. وكون العلم بالغيب مما يحصل عادة بالرياضة وصفاء الباطن، وكون بعض العلوم مما يمكن أن يكون ضرورياً بالنسبة الى شخص كصاحب نفس قدسية ونحوه، و كسبياً بالنسبة الى آخر ونحو ذلك مما ينافي استلزام ذلك للعلم بالصدق ، فيحكم باستحالته عقلا، وهذا دليل عقلي آني على استحالته لا سمعي ، لانه لاحاجة فيه الى أخبار النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بذلك .

نظيره انا لا نعلم في أول الملاحظة انه هل يمكن عقلا أن يخلق الله تعالى

١٧٧

شخصاً غير زيد، على مثل هيئة زيد وشكله، وتخطيطه من جميع الوجوه، بحيث لا تفرق حاسة البصر بينهما أصلا ، وان كان مع قرب العهد بزيد ، وتكرار المشاهدة له في كل يوم ، وفي كل ساعة أم لا يمكن ذلك عقلا في نفس الأمر ؟ .

ثم اذا استدللنا على استحالته بانا نشاهد زيد أو نعلم يقيناً أنه زيد كما في قوله تعالى في سورة البقرة، وسورة الانعام: «الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم » (۱) وكون الشخص المذكور ممكناً في نفسه، ينافي استلزام المشاهدة لذلك العلم، كان الاستدلال حقاً برهانياً .

ويظهر بما قررنا انه يمكن الاستدلال العقلي بالمعجز، وافادته العلم على قاعدة التحسين والتقبيح العقليين، وعلى امتناع كذبه تعالى لمصلحة معارضة تكون أقوى من مفسدة الكذب، وعلى انه لا مؤثر في خارق العادة الا الله تعالى وعلى انه لا يمكن معارضته ، وعلى انه لا يجوز اظهار خارق العادة على يد الكاذب، وأمثال ذلك. وهو ليس باستدلال سمعي كما قررناه، وان كان الاولان لا حاجة لثبوتهما الى استلزام المعجز للعلم بالصدق .

أما الأول: فظاهر مشهور .

وأما الثاني: فلان الاضطرار الى القبيح في نفسه لاجل المصلحة يستلزم النقص تعالى الله عنه الضرورية استحالته على الفاعل بقول (كن) ولا يكفي في اثبات عدم كذبه تعالى قاعدة التحسين والتقبيح العقليين، كما قد توهمه بعض لما يظهر مما مر في الفصل الأول من عدم استقلال العقل بالاحكام العقلية الواقعية فينا ، و يمكن الاستدلال على جميع ذلك باخبار النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أيضاً ، ولا دور .

__________________

(١) البقرة : ١٤٦ ، والانعام : ٢٠ .

١٧٨

فان قلت: انما يتسم ما ذكرتم ان كان العلم بالصدق الحاصل بعد اظهار المعجز ضرورياً، واما اذا كان كسبياً فيتوقف على العلم بجميع ذلك فيشمل الدليل العقلي و السمعي على الجميع على الدور ، فهل هو ضروري أو كسبي ؟ .

قلت: قد اختلفت عبارات العلماء فيه فصاحب الموافق، وصاحب المقاصد جعلاه من الضروريات العادية .

قال صاحب المواقف اذا أتى يعنى مدعى النبوة بما يعلم بالضرورة أنه خارق العادة وعجز من في قطره عن المعارضة، علم ضرورة صدقه (انتهى) (۱) .

وقال صاحب المقاصد وشرحه ، في البحث على من استدل بالسمعيات على ان فاعل أفعال العباد هو الله .

والجواب عنه : فان قيل : التمسك في الكتاب والسنة يتوقف على العلم بصدق كلام الله تعالى، و كلام الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ودلالة المعجزة ، وهذا لا ينافي مع القول بأنه خالق لكل شيء حتى الشرور والقبائح، وانه لا يقبح منه التلبيس والتدليس والكذب واظهار المعجزة على يد الكاذب ونحوذلك، مما يقدح في وجوب صدق كلامه، وثبوت النبوة، ودلالة المعجزات .

قلنا : العلم بانتفاء تلك القوادح، وان كانت ممكنة في نفسها من العاديات الملحقة بالضروريات ، على ان هذا الاحتجاج انما هو على المعترفين بحجية الكتاب والسنة والمتمسكين بهما في نفس كونه تعالى خالقاً للشرور والقبائح و أفعال العباد ، فلو توقف حجيتهما على ذلك كان دوراً (انتهى) (۲) (۳) وأنت

__________________

(۱) المواقف : الموقف السادس في السمعيات ، المرصد الأول في النبوات المقصد الثاني حقيقة المعجزة) .

(۲) شرح المقاصد ( البحث في النبوة ، وجه دلالة المعجزة على صدق دعوى الرسالة).

(۳) من هنا سقط من النسخة المطبوعة .

١٧٩

تعرف بما ذكرنا مافيه

وقال (۱) : وأما وجه دلالتها أي وجه دلالة المعجزة على صدق مدعي الرسالة انها عند التحقيق بمنزلة صريح التصديق لما جرت به العادة بني ان الله تعالى يخلق عقيبها العلم الضروري بالصدق (۲) .

وقال فيه : وهو يعني الكذب محال على الله تعالى . اما أولا : فباجماع العلماء، واما ثانياً : فيما تواتر من اخبار الانبياء الثابت صدقهم بدلالة المعجزات من غير توقف على ثبوت الله تعالى فضلا عن صدقة (انتهى) .

وقد خالف هذا في بحث قدرة الله تعالى حيث قال : و قد يتمسك في اثبات كون الباري تعالى قادراً عالماً بالاجماع والنصوص القطعية من الكتاب والسنة .

ثم قال في الجواب عنه: مرجع الادلة السمعية الى الكتاب ودلالة المعجزات وهل يتم الاقرار بها والاذعان لها قبل التصديق بكون الباري قادراً عالماً ؟ فيه تردد وتأمل (انتهى) (۳) .

والظاهر من المصنف أيضاً ، انه ضروري، قال في الاقتصاد: قد أجبت عن سؤال الجن ـ يعني على اعجاز القرآن ـ بان قلت : فان ذلك يؤدي الى ان انشقاق القمر وطلوع الشمس من مغربها و قلع الجبال من أما كنها وطفر البحار العظام وفلق البحر لا يكون شيء من ذلك معجزاً ، لان جنسه داخل تحت مقدور القدر ولا يمتنع أن يكون جميع ذلك من فعل بعض الجن. ومن ارتكب فقال : جميع

__________________

(۱) القائل هو سعد الدين التفتازاني في المصدر السابق .

(۲) شرح المقاصد ( البحث في النبوة ، وجه دلالة المعجزة على صدق دعوى الرسالة) .

(۳) المصدر السابق (البحث في الصفات، انه قادر) .

١٨٠