• الفهرس
  • عدد النتائج:
  • تفسير آل عمران

  • والصبية فيها معى. قالت : بارك الله لك فيما شريت ، وفيما اشتريت أربيت. فخرجوا منها ، فتركوا ما كانوا اجتنوا منها ، وسلموا الحديقة للنبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم. فنزل قوله : (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً ...) الآية.

    قال الشيخ ـ رحمه‌الله تعالى ـ فى قوله : (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً) الآية ، فى توجيه الآية إليه : فمنهم من يوجهها إلى جميع المحاسن يؤثرها ويختارها لله ، فله أضعاف ذلك فى الموعود ـ آجلا وعاجلا ـ فالآجل ما وعد ، والعاجل ثناء الناس وجلالة القدر له فى القلوب ، متعارف ذلك للأخيار. وسماه قرضا بما هو اسم المعروف ، ليذكره عظم نعمه عليه ، إن قبله قول المعروف بالشكر له فى ذلك ، وإن كان ذلك حقّا له عليه. والله أعلم.

    والثانى : ليعرف الخلق كيفية الصحبة والمعاشرة بينهم. إن الله تعالى عامل عبده فيما هو له معاملة من يستحق الشكر منه بما يسدى (١) إليه من النعم ، ولله حقيقة ذلك ، ليعقل الحكماء أن مثل ذلك فى معاملة الإخوان ، وفيما كان نعمه فى الحقيقة أوجب وأحق ، وليعظموا المعروفين بالمعروف بما أكرمهم الله تعالى بالأسماء الجليلة. ولا قوة إلا بالله.

    ومنهم من يوجهها إلى الصدقات خاصة ؛ سماها قرضا لوجوه :

    أحدها : أن جعل معاملة الفقراء والتصدق عليهم معاملة الله تفضيلا لهم ، على ما نسب مخادعة المؤمنين إلى الله تعالى تعظيما لهم ، فمثله الصدقة. ثم وعد فيه العوض لتصير الصدقة بمعنى الإقراض ، إذ يرجع فى عوضه ، فيزول وجه الامتنان عن الفقير بما يأخذ منه البدل. وبالله التوفيق.

    والثانى : سمى ذلك قرضا بما هو له على ما لم يزل الله تعالى عود به عباده بالذى عرفوا به كرمه وجوده حتى سمى تسليم الذى له فى الحقيقة قرضا كالتسليم إلى من لا حق له فى الحقيقة ، وعلى ذلك أمر الشراء بقوله تعالى : (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ) [التوبة : ١١١] ، والله أعلم.

    والثالث : أنه ذكرهم وجه القصد فى الصدقات ، والموقع لها ، ليكون ذلك تبينا لعظيم منه الفقر عليه إذ وصل به إلى الله ذكره وأجل محله عنده ، فيصير عنده أحد الأعوان له والأنصار على عظيم الموعود وجليل القدر عند الله. فيحمده على ذلك ويشكر له دون أن يمن عليه أو يؤذيه. والله الموفق.

    __________________

    (١) فى أ : بدى.