• الفهرس
  • عدد النتائج:
  • تفسير آل عمران

  • الاستخفاف به. وعلى ذلك أمر اللعان ، أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لم يقل : أحدكما كافر ، فهل منكما من مؤمن؟ لأنهما لم يقصدا ذلك القصد. فكذا كل حالف على تعمد الكذب. والله الموفق.

    وقوله : (لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ) ، قال سعيد بن جبير (١) : هذا محمول على قوله : (وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ) أى : لا يؤاخذكم الله بنقض أيمانكم التى حلفتم بها ؛ لأنها معصية لله ، ولكن يؤاخذكم بحفظها والمضى عليها.

    ثم اختلفوا فى اللغو ما هو؟

    قال بعضهم : هو الإثم.

    وقيل : هو الغلط.

    ثم اللغو المذكور الذى أخبر أن لا مؤاخذة على صاحبه يحتمل ألا يؤاخذه بالإثم ، ويحتمل ألا يؤاخذه بالكفارة ، بل إنما يؤاخذ بالكفارة بما يعقد.

    ثم ذكر فى الآية الثانية : (لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ) [المائدة : ٨٩] ، ولو حمل على أنه لا يؤاخذ فى هذا أيضا بالإثم وقع الكلام ـ بحيث لا يفيد ـ فى حد التكرار.

    والأصل عندهم : بأن حمله على ما يفيد أحق من حمله على ما لا يفيد ؛ فثبت أن الأول فى نفى الإثم ، والثانى فى نفى الكفارة.

    وعلى هذا القول فى الغموس : إنه لعظم الوزر والإثم لم يلزم أن يكفر ، فليس فيه الكفارة (٢).

    __________________

    (١) أخرجه ابن جرير (٤٤٤٨) بنحوه.

    (٢) اليمين الغموس : هى الكاذبة عمدا فى الماضى أو الحال أو الاستقبال ، سواء أكانت على النفى أم على الإثبات ، كأن يقول : والله ما فعلت كذا ، وهو يعلم أنه فعله ، أو : والله لقد فعلت كذا ، وهو يعلم أنه لم يفعله ، أو : والله ما لك علىّ دين ، وهو يعلم أن للمخاطب دينا عليه ، أو : والله لا أموت أبدا. وكأن يقول : إن كنت فعلت كذا ، أو : إن لم أكن فعلته ، أو إن كان لك على دين ، أو : إن مت فأنا يهودى أو نصرانى. هذا تعريفها عند الحنفية. وذهب المالكية إلى أن الغموس : هى الحلف بالله مع شك من الحالف فى المحلوف عليه ، أو مع ظن غير قوى ، أو مع تعمد الكذب ، سواء أكان على ماض نحو : والله ما فعلت كذا ، أو : لم يفعل زيد كذا ، مع شكه فى عدم الفعل ، أو ظنه عدمه ظنا غير قوى ، أو جزمه بأنه قد فعل ، أم كان على حاضر نحو : والله إن زيدا لمنطلق أو مريض ، وهو جازم بعدم ذلك ، أو متردد فى وجوده على سبيل الشك أو الظن غير القوى ، أم كان على مستقبل نحو : والله لآتينك غدا ، أو : لأقضينك حقك غدا ، وهو جازم بعدم ذلك ، أو متردد فى حصوله على سبيل الشك أو الظن غير القوى. وقال الشافعية والحنابلة : إن الغموس هى المحلوفة على ماض مع كذب صاحبها وعلمه بالحال. ـ