قال : لأنه قوله تعالى : «فأت (بِخَيْرٍ مِنْها) يفيد أنه يأتي بما هو من جنسه خير منه ، كما إذا قال الإنسان : ما أخذ منك من ثواب آتيك بخير منه ، وجنس القرآن قرآن ، وأيضا المنفرد بالإتيان بذلك الخير ، وهو القرآن الذي هو كلام الله تعالى.
وأيضا فإن [السّنة لا تكون خيرا من القرآن](١).
وروى الدّارقطني عن جابر أن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم قال : «القرآن ينسخ حديثي وحديثي لا ينسخ القرآن».
وأجيب عن قوله تعالى : (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) [النجم : ٣ ـ ٤] وقوله : (وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) [الحشر : ٧] وإذا ثبت أن الكل من عند الله ، فالناسخ في الحقيقة هو الله تعالى [أقصى ما فيه أنّ الوحي ينقسم إلى قسمين متلوّ ، وغير متلو](٢) وقد نسخت الوصية للأقربين ، لقوله صلىاللهعليهوسلم : «لا وصيّة لوارث» (٣).
ونسخ حبس الزّاني في البيوت بخبر الرجم.
والجواب : استدل به الشافعي ـ رضي الله عنه ـ من الآية ، وأما الوصية فإنها نسخت بآية المواريث قاله عمر وابن عباس ـ رضي الله تعالى عنهما ـ وأشار النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ إلى هذا بقوله : «إنّ الله قد أعطى كلّ ذي حقّ حقّه فلا وصيّة لوارث».
وأما حبس الزاني ، فإنما هو أمر بإمساكهن إلى غاية ، وهي إلى (أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً) [النساء : ١٥] فبيّن صلىاللهعليهوسلم ما هو وليس بنسخ.
وروي أيضا أن قوله : «الشّيخ والشيخة إذا زنيا ، فارجموهما ألبتة» (٤) كان قرآنا ، فلعل النسخ إنما وقع به.
__________________
(١) في ب : القرآن لا تكون السنة خيرا منه.
(٢) سقط في ب.
(٣) أخرجه سعيد بن منصور (٤٢٧) وأبو داود (٣٥٦٥) والترمذي (٢ / ١٦) وابن ماجه (٢٧١٣) والبيهقي (٦ / ٢٦٢٤) والطيالسي (١١٢٧) وأحمد (٥ / ٢٦٧) عن أبي أمامة.
وقال الترمذي : حديث حسن صحيح.
وأخرجه سعيد بن منصور (٤٢٨) والنسائي (٢ / ١٢٨) والترمذي (٢ / ١٧) والدارمي (٢ / ٤١٩) وابن ماجه (٢٧١٢) والطيالسي (١٢١٧) وأحمد (٤ / ١٨٦ ، ١٨٧ ، ٢٣٨ ، ٢٣٩) وقال الترمذي : حديث حسن صحيح.
وأخرجه ابن ماجه (٢٧١٤) والدارقطني (٤٥٤ ـ ٤٥٥) عن أنس بن مالك وأخرجه الدارقطني ص ٤٦٦ والبيهقي (٦ / ٢٦٣) عن ابن عباس بلفظ لا تجوز وصية لوارث.
(٤) أخرجه أحمد في المسند (٥ / ١٨٣) ـ والدارمي في السنن ٢ / ١٧٩. والبيهقي في السنن ٨ / ٢١١ ـ والحاكم في المستدرك ٤ / ٣٦٠. والخطيب في التاريخ ٢ / ٣٨٦ ـ وذكره القرطبي في التفسير ٥ / ٨٩.
وابن حجر في فتح الباري ٩ / ٦٥ ـ والسيوطي في الدر المنثور ٥ / ١٨٠. والهيثمي في الزوائد ٦ / ٢٦٨ ـ والعجلوني في كشف الخفا ٢ / ٢٣ وتقدم تخريجه.