• الفهرس
  • عدد النتائج:

وهذه «اللام» جواب قسم محذوف ، والنون للتوكيد تقديره : والله لتجدنّهم.

و «وجد» هنا متعدية لمفعولين أولهما الضمير ، والثاني «أحرص» ، وإذا تعدّت لاثنين كانت ك «علم» في المعنى ، نحو : (وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ) [الأعراف : ١٠٢].

ويجوز أن تكون متعدية لواحد ، ومعناها معنى «لقي وأصاب» ، وينتصب «أحرص» على الحال ، إما على رأي من لا يشترط التنكير في الحال ، وإما على رأي من يرى أنّ إضافة «أفعل» إلى معرفة غير محضة ، و «أحرص» أفعل تفضيل ، ف «من» مرادة معها ، وقد أضيفت لمعرفة ، فجاءت على أحد الجائزين ، أعني عدم المطابقة ، وذلك أنها إذا أضيفت معرفة على نيّة من أجاز فيها وجهي المطابقة لما قبلها نحو : «الزّيدان أفضلا الرجال» ، و «الزيدون أفاضل الرجال» ، و «هند فضلى» و «الهنود فضليات النّساء» ومن قوله تعالى : (أَكابِرَ مُجْرِمِيها) [الأنعام : ١٢٣] وعدمها ، نحو : «الزيدون أفضل الرجال» ، وعليه هذه الآية ، وكلا الوجهين فصيح خلافا لابن السّراج. وإذا أضيفت لمعرفة لزم أن تكون بعضها ، ولذلك منع النحويون «يوسف أحسن إخوته» على معنى التفضيل ، وتأولوا ما يوهم غيره نحو : «النّاقص والأشجّ أعدلا بني مروان» بمعنى العادلان فيهم ؛ وأما قوله : [الرجز]

٦٧٣ ـ يا ربّ موسى أظلمي وأظلمه

فاصبب عليه ملكا لا يرحمه (١)

فشاذّ ، وسوغ ذلك كون «أظلم» الثاني مقتحما كأنه قال : «أظلمنا».

وأما إذا أضيف إلى نكرة فقد تقدّم حكمها عند قوله : (أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ) [البقرة : ٤١].

قوله تعالى : (عَلى حَياةٍ) متعلّق ب «أحرص» ؛ لأنّ هذا الفعل يتعدّى ب «على» تقول : حرصت عليه.

والتنكير في حياة تنبيه على أنه أراد حياة مخصوصة ، وهي الحياة المتطاولة ، ولذلك كانت القراءة بها أوقع (٢) من قراءة أبيّ «على الحياة» بالتعريف.

وقيل : إن ذلك على حذف مضاف تقديره : على طول حياة ، والظّاهر أنه لا يحتاج إلى تقدير صفة ولا مضاف ، بل يكون المعنى : أنهم أحرص النّاس على مطلق الحياة.

وإن قلت : فكيف وإن كثرت ، فيكون أبلغ من وصفهم بذلك ، وأصل حياة : «حيية» تحركت الياء ، وانفتح ما قبلها ، فقلبت ألفا.

قوله : (وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا) يجوز أن يكون متصلا داخلا تحت «أفعل» التفضيل ويجوز أن يكون منقطعا عنه ، وعلى القول باتّصاله به فيه ثلاثة أقوال :

__________________

(١) ينظر الخزانة : ٤ / ٣٦٩ ، الهمع : ١ / ١١٠ ، التصريح : ١ / ٢٩٩ ، الدرر : ١ / ٨٠ ، المقرب : ١ / ٢١٢ ، الدر المصون : ١ / ٣٠٨.

(٢) انظر البحر المحيط : ١ / ٤٨١ ، والدر المصون : ١ / ٣٠٨.