• الفهرس
  • عدد النتائج:

الأول : أن أكثر أولئك الفسّاق لا يصدقون بك أبدا لحسدهم وبغيهم.

[والثاني : لا يؤمنون](١) أي : لا يصدقون بكتابهم ، لأنهم في قومهم كالمنافقين مع الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ يظهرون لهم الإيمان بكتابهم ورسولهم ، ثم لا يعملون بموجبه ومقتضاه.

قوله تعالى : (بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) فيه قولان :

أحدهما : أنه من باب عطف الجمل ، وتكون «بل» لإضراب الانتقال لا الإبطال ، وقد [علم](٢) أن «بل» لا تسمّى عاطفة حقيقة إلا في المفردات.

الثاني : أنه يكون من عطف المفردات ، ويكون «أكثرهم» معطوفا على «فريق» ، و «لا يؤمنون» جملة في محلّ نصب على الحال من «أكثرهم».

وقال ابن عطيّة : من الضمير في «أكثرهم» ، وهذا الذي قاله جائز ، لا يقال : إنها حال من المضاف إليه ؛ لأن المضاف جزء من المضاف إليه ، وذلك جائز.

وفائدة هذا الإضراب ما تقدم ذكره آنفا.

والنّبذ : الطرح ومنه النّبيذ والمنبوذ ، وهو حقيقة في الأجرام وإسناده إلى العهد مجاز.

وقال بعضهم : النّبذ والطّرح والإلقاء متقاربة ، إلّا أن النبذ أكثر ما يقال فيما يبس والطّرح أكثر ما يقال في المبسوط والجاري مجراه ، والإلقاء فيما يعتبر فيه ملاقاة بين شيئين ؛ ومن مجيء النبذ بمعنى الطّرح قوله : [الكامل]

٦٨٩ ـ إنّ الّذين أمرتهم أن يعدلوا

نبذوا كتابك واستحلّوا المحرما (٣)

وقال أبو الأسود : [الطويل]

٦٩٠ ـ وخبّرني من كنت أرسلت أنّما

أخذت كتابي معرضا بشمالكا

نظرت إلى عنوانه فنبذته

كنبذك نعلا أخلقت من نعالكا (٤)

قوله تعالى : (وَلَمَّا جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ كِتابَ اللهِ وَراءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ)(١٠١)

قال القرطبي : (مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ) نعت للرّسول ، ويجوز نصبه على الحال.

واعلم أن معنى كون الرسول مصدقا لما معهم هو أنه كان معترفا بنبوّة موسى ـ

__________________

(١) سقط في أ.

(٢) في ب : عرفت.

(٣) ينظر القرطبي : ٢ / ٢٩ ، تفسير الطبري : ٢ / ٤٠١ ، معاني القرآن للزجاج : ١ / ١٥٨ ، مجمع البيان : ١ / ٣٧٩ ، الدر المصون : ١ / ٣١٨.

(٤) ينظر ديوانه : (٤٩) ، القرطبي : ٢ / ٢٩ ، الدر المصون : ١ / ٣١٨.