• الفهرس
  • عدد النتائج:
  • تم فهرس الجزء الأول من كتاب نفح الطيب
  • ومن متخلّق (١) متجرّد (٢) تصوّف ، ومتعلّق متفرّد تشوّق إلى ما فيه رضا الربّ وتشوّف (٣) ، وناه ذكّر بأيام الله ، ووعظ وخوّف ، ولاه اغترّ بالباطل ، فهو بالحق مماطل ، وطالما أخره وسوّف ، وأبعد الانتجاع ، ثم أوى من باطنه إلى بيت قعيدته لكاع (٤) نفس أمّارة بعدما طوّف ، ومن مادح نظم الآلاء نظم اللآل ، وكادح طمس لألاء العز بظلمة ذلّ السؤال ، فجعل القصائد مصايد ، والرسائل وسائل ، والمقطعات مرقعات ، فآل أمره إلى ما آل ، ومن مخبر بما سمع ورأى ، حين اغترب عن مكانه ونأى ، أو أقام في أوطانه فبلغ ما قدّر ووأى (٥) ومن مجازف لا يفرق بين الغثّ والسمين والإمرار والإحلاء ، وعارف ثقة أمين نظم درّ الصدف الثمين في أسلاك الكتابة والإملاء ، وعاشق خنساء فكره ذات الصّدار من الشجون والشعار تبكي على صخر قلب المحبوب ، وتذكره كلما طلعت شمس (٦) أو كان للصّبا هبوب ، فتأتي بما يطفي وقود الجوى المشبوب من بحار الأشعار ، وليلى شوقه العفيفة عن العار ترفل في ثوب من التصبّر معار ، وقيس توقه من ثوب السلوّ عار (٧) ، قد تولّه واشتاق خصوصا عند انتشاق البشام والعرار (٨) وقلق لما أرق فلم يقرّ به قرار ، فاعتراه ما براه وألف البكاء بحكم الاضطرار ، ولبس ثياب النحول والاصفرار ، وأسر لما هزمت جيوش صبره وأزمعت الفرار ، فتحير مما شجاه وسأل النجاة من أسر الفراق. [مجزوء الكامل]

    سبحان من قسم الحظو

    ظ فلا عتاب ولا ملامه

    أعمى وأعشى ثمّ ذو

    بصر وزرقاء اليمامه (٩)

    ومسدّد أو جائر

    أو حائر يشكو ظلامه (١٠)

    __________________

    (١) المتخلق : اللابس الثياب الخلقة البالية ، أو ذو الخلق.

    (٢) المتجرد : العريان ، أو الذي جرّد نفسه للعبادة.

    (٣) تشوف إلى الشيء : تطلع إلى الشيء ، طمح إليه.

    (٤) أخذ هذا من بيت الحطيئة :

    أطوّف ما أطوّف ثم آوي

    إلى بيت قعيدته لكاع

    (٥) وأى : ضمن بعزم.

    (٦) يشير إلى الخنساء ورثائها لأخيها صخر ؛ ولبسها صدارا جزعا عليه ، فلم تنزعه حتى ماتت. وكانت تقول :

    يذكرني طلوع الشمس صخرا

    وأذكره لكلّ طلوع شمس

    (٧) فيه إشارات إلى قيس وليلى.

    (٨) الانتشاق : الشمّ : والبشام والعرار : نبتان طيبا الرائحة من نبات نجد.

    (٩) زرقاء اليمامة : كانت مضرب المثل في حدّة البصر.

    (١٠) المسدد : الذي أعطي السداد. والجائر : الحائد عن القصد.