• الفهرس
  • عدد النتائج:
  • تم فهرس الجزء الأول من كتاب نفح الطيب
  • يعجز الواصفون عن وصفها ، وكانت على قوس واحد تكنفه فرجتان (١) من كل جانب ، وطول القنطرة ثلاثمائة باع ، وعرضها ثمانون باعا ، وخربت أيام الأمير محمد لما عصى عليه أهلها فغزاهم ، واحتال في هدمها ، وفي ذلك يقول الحكيم عباس بن فرناس (٢) : [الكامل]

    أضحت طليطلة معطّلة

    من أهلها في قبضة الصّقر

    تركت بلا أهل تؤهّلها

    مهجورة الأكناف كالقبر

    ما كان يبقي الله قنطرة

    نصبت لحمل كتائب الكفر

    وسيأتي بعض أخبار طليطلة.

    ومن مشهور مدن الأندلس المرية ، وهي على ساحل البحر ، ولها القلعة المنيعة المعروفة بقلعة خيران ، بناها عبد الرحمن الناصر ، وعظمت في دولة المنصور بن أبي عامر ، وولّى عليها مولاه خيران ، فنسبت القلعة إليه ، وبها من صنعة الديباج ما تفوق به على سائر البلاد ، وفيها دار الصناعة ، وتشتمل كورتها على معدن الحديد والرخام ، ومن أبوابها باب العقاب عليه صورة عقاب من حجر قديم عجيب المنظر.

    وقال بعضهم : كان بالمريّة لنسج طرز الحرير ثمانمائة نول ، وللحلل النفيسة والديباج الفاخر ألف نول ، وللأسقلاطون كذلك ، وللثياب الجرجانية كذلك ، وللأصفهانية مثل ذلك ، وللعنابي والمعاجر المدهشة والستور المكلّلة. ويصنع بها من صنوف آلات الحديد والنحاس والزجاج ما لا يوصف. وفاكهة المرية يقصر عنها الوصف حسنا ، وساحلها أفضل السواحل ، وبها قصور الملوك القديمة الغريبة العجيبة ، وقد ألّف فيها أبو جعفر بن حاتمة تاريخا حافلا سمّاه ب «مزيّة المرية ، على غيرها من البلاد الأندلسية» في مجلد ضخم تركته من جملة كتبي بالمغرب ، والله سبحانه المسؤول في جمع الشمل ، فله الأمر من بعد ومن قبل.

    ووادي المرية طوله أربعون ميلا في مثلها كلها بساتين بهجة ، وجنات نضرة ، وأنهار مطّردة ، وطيور مغرّدة.

    قال بعضهم : ولم يكن في بلاد الأندلس أكثر مالا من أهل المرية ، ولا أعظم متاجر وذخائر ، وكان بها من الحمامات والفنادق نحو الألف ، وهي بين الجبلين بينهما خندق معمور،

    __________________

    (١) في ب : فرختان.

    (٢) عباس بن فرناس التاكرني حكيم الأندلس ، بربري الأصل من موالي بني أمية توفي سنة (٢٧٤ ه‍) (المغرب ١ : ٣٣٣).