• الفهرس
  • عدد النتائج:
  • القسم الأول

  • فى ذكر فضيلة مكة وما ورد فيها من الأخبار والأحاديث والآيات وحكايات الصالحين
  • القسم الثانى

  • فى ذكر فضيلة المدينة وزيارة قبر النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم وما يضاف إليها
  • كم منزل فى الأرض يألفه الفتى

    وحنينه أبدا لأوّل منزل

    ولهذا قال ذو النون المصرى لما قيل له : أين أنت من قوله ألست بربكم؟ قال : كأنه الآن فى أذنى (١).

    المعنى الثانى : أن سبب ذلك دعاء الخليل عليه‌السلام حيث قال : (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ)(٢) ، لحجه. قال ابن عباس فى تفسيره : يحن إليهم ، ولو قال : فاجعل أفئدة الناس تهوى إليهم بدون «من» لحجه اليهود والنصارى.

    وهذا المعنى أرفع من الأول وأشرف ؛ إذ ليس فيه شائبة نفسانية ترد الحنين إليه وتصرفه.

    المعنى الثالث : وهو أهذب منهما مذهبا وأرق واصفى مشربا ؛ أنه جاء فى الحديث : «أن الله تعالى ينظر إلى الكعبة ليلة النصف من شعبان فتحن إليه القلوب من أجل ذلك» (٣).

    المعنى الرابع : أنه ورد أن الله تعالى أوحى إلى الكعبة عند بنائها : أنى منزل نورا وخالق بشرا يحنون إليك حنين الحمام إلى بيضه ، ويدفون إليك دفيف النسور.

    فانظر يا أخا الصفا بالوفا إلى ما تضمنته هذه الكلمات من فضل الله الحسن الجميل ، وفوائد المنح وقلائد المنن ، بدأ الخلق من العدم ثم ابتدأهم بسوابغ النعم ، ونصب خيمة القرى فى أم القرى ، ونادى : هلموا إلىّ ، نادى الكريم فيا هناء لمن اختير لتلك الحضرة وارتضى لمقعد الجلال ، ويا قرة عين من حظى بمشاهدة الجمال.

    قال جعفر بن محمد ، عن أبيه محمد بن على ـ رضى الله عنهم ـ أنه قال : لما قال الله تعالى للملائكة : (إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ) غضب الله عليهم ، فعاذوا بالعرش وطافوا حوله سبعة

    __________________

    (١) مثير الغرام الساكن (ص : ٧٤).

    (٢) سورة إبراهيم : آية ٣٧.

    (٣) أخرجه الديلمى فى الفردوس عن ابن عباس (٥٤٢).