• الفهرس
  • عدد النتائج:
  • القسم الأول

  • فى ذكر فضيلة مكة وما ورد فيها من الأخبار والأحاديث والآيات وحكايات الصالحين
  • القسم الثانى

  • فى ذكر فضيلة المدينة وزيارة قبر النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم وما يضاف إليها
  • ويروى أن الجنيد (١) ـ قدس الله سره ـ طاف بالبيت فى جوف الليل ، فسمع جارية تطوف وهى تقول شعرا :

    أبى الحب أن يخفى وكم قد كتمته

    فأصبح عندى قد أناخ وطنّبا

    إذا اشتد شوقى هام قلبى بذكره

    وإن رمت قربا من حبيبى تقرّبا

    فقلت لها : يا جارية ، أما تتقين الله تعالى تتكلمين فى مثل هذا المكان بمثل هذا الكلام ، فالتفتت إلىّ وقالت : يا جنيد :

    لو لا التقى لم ترنى

    أهجر طيب الوسن

    إنّ التقا شرّدنى

    كما ترى من وطنى

    أفرّ من وجدى به

    فحبّه هيّمنى

    ثم قالت : يا جنيد تطوف بالبيت أم برب البيت؟ فقلت : أطوف بالبيت ، فرفعت رأسها ، وقالت : سبحانك ما أعظم شأنك على خلقك ؛ خلق كالأحجار يطوفون بالأحجار ، ثم أنشأت تقول :

    يطوفون بالأحجار يبغون قربا

    إليك وهم أقسى قلوبا من الصخر

    قال الجنيد : فغشى علىّ من قولها ، فلما أفقت لم أرها (٢).

    وما أحسن كلام أبى يزيد ـ قدس الله سره ـ فى هذا المعنى قال : الحجاج يطوفون حول البيت يطلبون البقاء ، وأهل المحبة يطوفون حول العرش يطلبون اللقاء.

    وقال الشيخ أبو الحسن الخرقانى قدس الله سره : القبلة خمس : فالكعبة قبلة المؤمنين ؛ وبيت المقدس قبلة الأنبياء ، والبيت المعمور قبلة الملائكة ، والعرش قبلة الدعاء ، والحق تعالى قبلة أحبابه ، فأين ما تولوا فثم وجه الله ، والحمد لله الذى هو قبلة أحبابه.

    __________________

    (١) هو : الإمام الحجة جنيد بن محمد بن جنيد البغدادى ، واحد من كبار علماء التصوف ، وهو الذى أوضح معالم التصوف وضبطها ؛ فجاء بطريقة التصوف الصحيح الذى ينضبط بالشرع.

    (٢) هداية السالك ١ / ١٦٣ ، صفة الصفوة ٤ / ٣٣٨ ، مثير الغرام الساكن (ص : ٢٩٥).