[٢٧] ٦
مسألة
[في رافع الاسم الواقع بعد الظرف والجار والمجرور](١)
ذهب الكوفيون إلى أن الظرف يرفع الاسم إذا تقدم عليه ، ويسمون الظرف المحلّ ، ومنهم من يسميه الصفة ، وذلك نحو قولك «أمامك زيد ، وفي الدار عمرو» وإليه ذهب أبو الحسن الأخفش في أحد قوليه وأبو العباس محمد بن يزيد المبرد من البصريين ، وذهب البصريون إلى أن الظرف لا يرفع الاسم إذا تقدم عليه ، وإنما يرتفع بالابتداء.
أما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا : إنما قلنا ذلك لأن الأصل في قولك «أمامك زيد ، وفي الدار عمرو» حلّ أمامك زيد ، وحلّ في الدار عمرو ، فحذف الفعل واكتفى بالظرف منه ، وهو غير مطلوب ، فارتفع الاسم به كما يرتفع بالفعل. والذي يدل على صحة ما ذهبنا إليه أن سيبويه يساعدنا على أن الظرف يرفع إذا وقع خبرا لمبتدأ ، أو صفة لموصوف ، أو حالا لذي حال ، أو صلة لموصول ، أو معتمدا على همزة الاستفهام أو حرف النفي ، أو كان الواقع بعده «أنّ» التي في تقدير المصدر ؛ فالخبر كقوله تعالى : (فَأُولئِكَ لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ) [سبأ : ٣٧] فجزاء مرفوع بالظرف ، والصفة كقولك «مررت برجل صالح في الدار أبوه» ، والحال كقولك «مررت بزيد في الدار أبوه» وعلى ذلك قوله تعالى : (وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَنُورٌ) [فهدى ونور] مرفوعان بالظرف لأنه حال من الإنجيل ، ويدل عليه قوله تعالى : (وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ) [المائدة : ٤٦] فعطف (مُصَدِّقاً) على حال قبله ، وما ذاك إلا الظرف ، والصلة كقوله تعالى : (وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) [الرعد : ٤٣] والمعتمد
__________________
(١) انظر في هذه المسألة : مغني اللبيب لابن هشام (ص ٤٢٣ بتحقيقنا) وانظر في بعض ما ذكره المؤلف شروح الألفية في مبحث وقوع الخبر ظرفا أو جارا ومجرورا (التصريح للشيخ خالد ١ / ١٩٨ وحاشية الصبان على الأشموني ١ / ١٩٣ بولاق) وشرح الرضي على الكافية (١ / ٨٣) وشرح موفق الدين بن يعيش على مفصل الزمخشري (ص ١٠٨ أوربة).