أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]
المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٥٥
قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من ولد له ـ زاد ابن المقرئ : مولود وقالا : ـ فأذّن في أذنه اليمنى ، وأقام في أذنه اليسرى لم تضره أم الصبيان» [١٢٠٠١].
قالا : وأنا أبو يعلى ، نا جبارة ، نا يحيى بن العلاء ، عن مروان بن سالم ، عن طلحة بن عبيد الله ، عن الحسين بن علي رضياللهعنهما ، قال :
قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أمان أمّتي من الغرق إذا ركبوا ـ زاد ابن المقرئ : البحر ـ أن يقولوا : (بِسْمِ اللهِ مَجْراها وَمُرْساها ، إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ)(١) و (ما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ)(٢)» الآية.
وأخبرنا (٣) أبو عبد الله الفراوي ، وأبو محمّد السيدي (٤) والقاري وفاطمة بنت علي البغدادية ، قالوا : أنا عبد الغافر بن محمّد الفارسي ، نا إسماعيل بن عبد الله الميكالي ، أنا عبدان الأهوازي ، نا زيد بن الحريش ، نا أبو همام ، عن مروان بن سالم ، عن الحجّاج بن دينار ، عن الحكم بن جحل (٥) قال :
مرّ بنا علي أمير المؤمنين بعد صلاة الغداة ، فقال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «من صلّى صلاة الغداة ، ثم لم يتكلم حتى يقرأ (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) عشر مرّات لم يدركه ذلك اليوم ذنب وأجير من الشيطان» [١٢٠٠٢].
أخبرنا أبو العزّ بن كادش ، أنا أبو الحسين محمّد بن محمّد بن علي بن عبد الله.
ح وأخبرنا أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن علي البيهقي ، أنا أبو علي محمّد بن إسماعيل العراقي.
ح وأخبرنا أبو عبد الله يحيى بن الحسن ، وأبو القاسم بن السّمرقندي ، وأبو القاسم عبيد الله بن أحمد بن محمّد ، وأبو البركات عبد الوهّاب بن المبارك ، وأبو الدر ياقوت (٦) بن
__________________
(١) سورة هود ، الآية : ٤١.
(٢) سورة الأنعام ، الآية : ٩١ وسورة الحج ، الآية : ٧٤.
(٣) كتب فوقها في «ز» ، ود : ملحق.
(٤) كذا بالأصل وم ، ود ، و «ز» : السيدي ، وفي «ز» : شطبت النقطتان من تحت ، وكتب نقطة من فوق فصارت : السندي.
(٥) بدون إعجام بالأصل وم و «ز» ود. ترجمته في تهذيب الكمال ٥ / ٨١.
(٦) بالأصل : «وأبو الوقت بن عبد الله» تحريف ، والتصويب عن م ، ود ، و «ز».
عبد الله ، قالوا : أنا أبو محمّد الصريفيني ، قالوا : أنا محمّد بن العبّاس المخلّص ـ إملاء ـ أنا القاضي أبو العبّاس أحمد بن نصر بن يحيى ـ قراءة عليه ـ نا حاجب بن سلمان المنبجي ، نا ابن أبي رواد ، نا مروان بن سالم ، عن عبد الملك بن أبي سليمان ، عن عطاء ، عن ابن عبّاس قال :
قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إنّ أول ما يجازى به المؤمن بعد ـ وقال البيهقي : من بعد ـ موته أن يغفر لجميع من يتبع جنازته ـ وقال البيهقي : تبع ـ» [١٢٠٠٣].
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو القاسم بن مسعدة ، أنا حمزة بن يوسف ، أنا أبو أحمد بن عدي (١) ، نا الجنيدي.
ح وأخبرنا أبو القاسم هبة الله بن عبد الله ، أنا أبو بكر الخطيب.
ح وحدّثني أبو عبد الله البلخي ، أنا محمّد بن الحسين ، قالا : أنا أبو بكر البرقاني ، أنا حمزة بن محمّد ، نا محمّد بن إبراهيم بن شعيب.
ح وأخبرنا أبو الغنائم بن النرسي الحافظ ـ إذنا ـ وحدّثنا أبو الفضل بن ناصر ، أنا أحمد ابن الحسن ، والمبارك بن عبد الجبّار ، وابن النرسي ، قالوا : أنا أبو أحمد ـ زاد أحمد وأبو الحسن الأصبهاني قالا : ـ أنا أحمد بن عبدان ، أنا محمّد بن سهل ، قالوا :
أنا البخاري قال (٢) :
مروان بن سالم عن عبد الملك بن أبي سليمان ، وأبي بكر بن أبي مريم ـ زاد الجنيدي وابن سهل : وصفوان بن عمرو ، وقالوا : ـ روى عنه عبد المجيد بن عبد العزيز ، [كان](٣) بقرقيسيا بالشام ، منكر الحديث ـ زاد الجنيدي : يقال : الجزري (٤) ـ.
أنبأنا أبو الحسين القاضي ، وأبو عبد الله الخلّال ، قالا : أنا أبو القاسم بن مندة ، أنا أبو علي ـ إجازة ـ.
ح قال : وأنا أبو طاهر ، أنا علي.
قالا : أنا ابن أبي حاتم قال (٥) :
__________________
(١) رواه ابن عدي في الكامل في ضعفاء الرجال ٦ / ٣٨٤.
(٢) التاريخ الكبير للبخاري ٧ / ٣٧٣.
(٣) زيادة عن «ز» ، وم ، ود ، والمصدرين.
(٤) في الكامل لابن عدي : يقال له الجزري.
(٥) الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ٨ / ٢٧٤ ـ ٢٧٥.
مروان بن سالم الغفاري سكن قرقيسيا من الجزيرة ، روى عن الأعمش ، وعبد الله بن عون ، وعبد الملك بن أبي سليمان ، والأحوص بن حكيم ، وخالد بن معدان ، وصفوان بن عمرو ، وأبي بكر بن أبي مريم ، روى عنه الوليد بن مسلم ، وعبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد ، سمعت أبي يقول ذلك.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن العبّاس ، أنا أحمد بن منصور بن خلف ، أنا أبو سعيد بن حمدون ، أنا مكي بن عبدان (١) قال : سمعت مسلما يقول : أبو عبد الله مروان بن سالم البريري (٢) ، كان منكر الحديث.
قرأت على أبي الفضل بن ناصر ، عن جعفر بن يحيى ، أنا أبو نصر الوائلي ، أنا الخصيب بن عبد الله ، أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرّحمن ، أخبرني أبي قال : أبو عبد الله مروان بن سالم البريري ، كان بمكة ، عن مسعدة (٣).
أنبأنا أبو جعفر محمّد بن أبي علي ، أنا أبو بكر الصفّار ، أنا أحمد بن علي بن منجويه ، أنا أبو أحمد الحاكم قال :
أبو عبد الله مروان بن سالم البريري ، سكن مكة ، ويقال : كان بقرقيسيا ، سمع مسعدة ابن أليسع الباهلي ، وعبد الملك بن أبي سليمان ، وأبا بكر بن أبي مريم ، روى عنه عبد المجيد بن أبي رواد ، حديثه ليس بالقائم ، كنّاه البخاري.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو القاسم بن مسعدة ، أنا حمزة بن يوسف ، أنا أبو أحمد بن عدي (٤) ، نا ابن حمّاد ، حدّثني عبد الله ـ يعني ـ ابن أحمد قال : سمعت أبي يقول : مروان بن سالم الذي يحدّث عن صفوان بن عمرو ، ليس بثقة.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي ، أنا أبو بكر السامي ، أنا أبو الحسن العتيقي ، أنا يوسف ابن أحمد ، أنا أبو جعفر العقيلي (٥) ، نا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : سمعت أبي يقول : مروان بن سالم ليس بثقة.
__________________
(١) تحرفت بالأصل إلى : «حمدان» والمثبت عن م ، و «ز» ، ود.
(٢) في «ز» : البربري.
(٣) قوله : «عن مسعدة» ليس في م.
(٤) الكامل في ضعفاء الرجال لابن عدي ٦ / ٣٨٤.
(٥) رواه العقيلي في الضعفاء الكبير ٤ / ٢٠٥.
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ، نا أبو محمّد الكتّاني ، أنا أبو نصر بن الجبّان (١) ـ إجازة ـ أنا أحمد بن القاسم ـ إجازة ـ حدّثني أحمد بن طاهر بن النجم ، أنا سعيد بن عمرو البردعي ـ فيما نسخه من كتاب أبي زرعة الرازي بخطه في أسامي الضعفاء ومن تكلّم فيهم من المحدّثين : مروان بن سالم.
أخبرنا أبو الحسين الأبرقوهي ، أنا أبو عبد الله الخلّال ، قالا : أنا أبو القاسم بن مندة ، أنا علي ـ إجازة ـ.
ح قال : وأنا أبو طاهر ، أنا علي.
قالا : أنا ابن أبي حاتم قال (٢) :
سألت أبي عن مروان بن سالم فقال : منكر الحديث جدا ، ضعيف الحديث ، ليس له حديث قائم ، قلت : يترك حديثه؟ قال : لا ، بل يكتب حديثه.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو بكر بن الطبري ، أنا أبو الحسين بن الفضل ، أنا عبد الله ، نا يعقوب (٣) قال :
مروان بن سالم من أهل قرقيسياء ، روى عنه عبد المجيد ، منكر الحديث ، لا يحتج بروايته ، ولا يكتب أهل العلم حديثه إلّا للمعرفة.
أخبرنا أبو الحسن الفرضي ، وأبو يعلي بن الحبوبي ، قالا : أنا أبو الفرج الإسفرايني ، أنا أبو الحسن علي بن منير بن أحمد ، أنا الحسن بن رشيق ، نا أبو عبد الرّحمن النسائي قال :
مروان بن سالم متروك الحديث.
قرئ (٤) على أبي القاسم بن عبدان ، عن محمّد بن علي بن المبارك الفرّاء ، أنا رشأ بن نظيف ، أنا أبو الفتح محمّد بن إبراهيم الطرسوسي ، أنا محمّد بن محمّد بن داود الكرخي ، نا عبد الرّحمن بن يوسف بن سعيد بن خراش قال : مروان بن مسلم (٥) متروك الحديث.
__________________
(١) بدون إعجام بالأصل ، وفي «ز» : «الحباب» وفي م : «الجبار» تحريف ، والتصويب عن م.
(٢) الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ٨ / ٢٧٥.
(٣) المعرفة والتاريخ ليعقوب بن سفيان ٣ / ٤٢.
(٤) كتب فوقها في «ز» : ملحق.
(٥) كذا في جميع النسخ : ابن مسلم ، وسينبه المصنف إلى الصواب.
قال ابن عساكر :] كذا وقع في الأصل ، وإنما هو ابن سالم.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي ، أنا أبو بكر الشامي ، أنا أبو الحسن العتيقي ، أنا يوسف ابن أحمد ، أنا أبو جعفر العقيلي قال (١) :
مروان بن سالم الجزري عن عبد الملك بن أبي سليمان ، والأعمش ، وغيرهما. أحاديثه مناكير ، لا يتابع عليها إلّا من طريق يقاربه.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو القاسم بن مسعدة ، أنا حمزة بن يوسف ، أنا أبو أحمد بن عدي قال (٢) :
مروان بن سالم الجزري القرقساني عامة حديثه مما لا يتابعه الثقات عليه ، والله تعالى أعلم.
٧٣١٥ ـ مروان بن سعيد بن هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكم الأموي
أسره مروان بن محمّد مع أبيه حين خلعوه ، له ذكر.
٧٣١٦ ـ مروان بن سليمان بن هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكم الأموي
له ذكر.
٧٣١٧ ـ مروان بن سليمان بن يحيى بن أبي حفصة (٣)
أبو السمط ، ويقال : أبو الهيذام الشاعر (٤)
وأبو حفصة مولى مروان بن الحكم ، مدح جماعة من الخلفاء والأمراء ، فأجاد.
حكى عنه الأصمعي ، وخلف الأحمر.
ووفد مع عمومته على الوليد بن يزيد ، وسيأتي ذكر وفوده في ترجمة الوليد إن شاء الله.
أنبأنا أبو علي بن نبهان ، ثم حدّثنا أبو الفضل بن ناصر ، أنا أبو طاهر أحمد بن الحسن ، وأبو الحسن محمّد بن إسحاق ، وأبو علي بن نبهان.
__________________
(١) الضعفاء الكبير للعقيلي ٤ / ٢٠٤.
(٢) الكامل في ضعفاء الرجال لابن عدي ٦ / ٢٨٤.
(٣) كتب بعدها في جميع النسخ : واسم أبي حفصة يزيد.
(٤) ترجمته في الأغاني ١٠ / ٧١ ووفيات الأعيان ٥ / ١٨٩ وتاريخ بغداد ١٣ / ١٤٢ وسير أعلام النبلاء ٨ / ٤٧٩ والشعر والشعراء ص ٤٨١ ومعجم الشعراء ص ٣٩٦ وأمالي المرتضى (الفهارس) ، والكامل لابن الأثير (الفهارس).
وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو طاهر قالوا : أنا ابن شاذان ، أنا أبو بكر محمّد بن الحسن بن مقسم قال : قال أبو العباس أحمد بن يحيى النحوي ، وزعم عثمان بن حفص الثقفي أن خلفا الأحمر أخبره أن هذا الشعر لابن الدثنة الثقفي عن مروان بن أبي حفصة :
وما (١) بال من أسعى لأجبر عظمه |
|
حفاظا وينوي من سفاهته كسري |
أعود على ذي الذنب والجهل منهم |
|
بحلمي ولو عاقبت غرقهم بحري |
أناة وحلما وانتظارا بهم غدا |
|
فما أنا بالفاني ولا الضرع الغمر |
أظن صروف الدهر والجهل منهم |
|
سيحملهم مني على مركب وعر |
ألم يعلموا أني يخاف غرامتي |
|
وإن قناتي لا تلين على القسر |
وإني وإياهم كمن نبه القطا |
|
ولو لم ينبه باتت الطير لا تسري |
قرأت بخط أبي الحسن الميداني ـ في سماعه من أبي سليمان بن زبر ـ أنا أبي عن من ذكره من شيوخه قال : وقال ابن أبي حفصة في الوليد :
إن بالشام بالموقّر (٢) عزا |
|
وملوكا مباركين شهودا |
سادة من بني يزيد كراما |
|
سبقوا الناس مكرمات وجودا |
هان يا ناقتي عليّ فسيري |
|
أن تموتي إذا لقيت الوليدا |
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، وأبو منصور بن خيرون ، قالا : قال لنا أبو بكر الخطيب (٣) :
مروان بن سليمان بن يحيى بن أبي حفصة ، أبو الهيذام ، وقيل : أبو السمط ، وكان أبو حفصة مولى مروان بن الحكم أعتقه يوم [الدار](٤) لأنه أبلى يومئذ بلاء حسنا واسمه يزيد ، وقيل إن أبا حفصة : كان يهوديا طبيبا ، أسلم على يدي عثمان بن عفّان ، وقيل : على يد مروان ابن الحكم ، ويزعم أهل المدينة أنه كان من موالي السموأل بن عاديا ، وإنه سبي من
__________________
(١) في «ز» : «فما» وفي «م» و «د» : «ما».
(٢) الموقر : موضع بنواحي البلقاء من نواحي دمشق (معجم البلدان).
(٣) تاريخ بغداد ١٣ / ١٤٢.
(٤) سقطت من الأصل واستدركت للإيضاح عن م ، و «ز» ، ود ، وتاريخ بغداد.
يريد يوم حوصر الخليفة عثمان بن عفان في داره ، ثم قام محاصروه بقتله. فسمي ذلك اليوم بيوم الدار.
إصطخر (١) ، وهو غلام ، فاشتراه عثمان ، ووهبه لمروان بن الحكم ، ومروان بن سليمان شاعر مجوّد ، محكك للشعر ، وهو من أهل اليمامة ، وقدم بغداد ، ومدح المهدي والرشيد ، وكان يتقرّب إلى الرشيد بهجاء العلوية في شعره ، وله في معن بن زائدة مدائح ومراث عجيبة ، وقيل إنه قال الشعر وهو غلام لم يبلغ سنه العشرين.
أنبأنا أبو القاسم بن السّمرقندي وغيره عن أبي طاهر الأنباري ، أنا محمّد بن المغلس ، نا الحسن بن رشيق ، نا يموت بن المزرّع ، حدّثني عطية البرساني قال : قال مصعب الزبيري :
كان أبو حفصة طبيبا يهوديا ، أسلم على يدي مروان بن الحكم ، وكان معه يوم الدار ، يوم قتل عثمان وحمله إلى العالية (٢) حين ضرب يوم الدار ، وكان يداويه حتى برأ ، قال : والذي عند أهل المدينة لا اختلاف بينهم في ذلك أن أبا حفصة كان مولى السموأل بن عاديا.
قال مصعب : وأنا أفرق أن أقول لهم ذلك.
أنبأنا أبو محمّد هبة الله بن سهل بن عمر ، وحدّثنا أبو الحسن علي بن سليمان المرادي عنه ، أنا أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي ، أنا أبو عبد الرّحمن السلمي ، أنا علي بن عمر بن أحمد بن مهدي الحافظ ـ ببغداد ـ حدّثني إبراهيم بن محمّد المعدّل ، نا عبد الوهّاب ابن سعد ، نا علي بن الحسن بن خلف ، نا أبو نصر أحمد بن علي ، نا علي بن عبد الرّحمن ، نا محمّد بن سعيد بن أبي مريم قال : سمعت الشافعي يقول :
ليس لقريش كلها شعر جيد ، أو قال حيد ، وأشعرها ابن مخرمة ، ثم مروان بن أبي حفصة.
[قال ابن عساكر :](٣) كذا قال ، وصوابه : ابن هرمة.
أخبرنا أبو الحسن الغسّاني ، نا ـ وأبو منصور بن خيرون ، أنا ـ أبو بكر الخطيب ، قال (٤) :
قرأت على الحسن بن علي الجوهري ، عن أبي عبيد الله محمّد بن عمران المرزباني ، أخبرني يوسف بن يحيى عن أبيه يحيى بن علي ، أخبرني متوج بن محمود بن أبي الجنوب ، أخبرني أبي عن أبيه أن الكسائي كان يقول :
__________________
(١) إصطخر : من مشاهير مدن فارس (راجع معجم البلدان).
(٢) العالية : اسم لكل ما كان من جهة نجد من المدينة من قراها وعمائرها إلى تهامة فهي العالية (معجم البلدان).
(٣) زيادة منا.
(٤) تاريخ بغداد ١٣ / ١٤٥.
إنما الشعر سقاء تمخض ، فدفعت الزبدة إلى مروان بن أبي حفصة ، وقال المرزباني : أخبرني محمّد بن يحيى الصولي : نا محمّد بن سعيد ، نا عمر بن شبّة ، حدّثني محمّد بن بشار ، قال : رأيت مروان يعرض على أبي أشعاره ، فقال له أبي : إن وفيت قيم أشعارك استغنيت.
قال الخطيب (١) : وأخبرني علي بن أيوب ، نا محمّد بن عمران بن موسى ، أخبرني يوسف بن يحيى بن علي المنجم ، عن أبيه ، حدّثني علي بن مهدي ، حدّثني أبو حاتم قال :
قلت لأبي عبيدة : مروان أشعر أم بشّار ، قال : حكم بشّار لنفسه بالاستظهار ، لأنه قال : ثلاثة عشر ألف بيت جيد ولا يكون عدد [شعر](٢) شعراء الجاهلية والإسلام هذا العدد ، وما أحسبهم برزوا في مثلها ، ومروان أمدح للملوك.
أنبأنا خالي أبو المعالي القاضي ، أنا أبو محمّد عبد الله بن عبد الرزّاق بن عبد الله ـ قراءة عليه ـ أنا أبو طاهر محمّد بن أحمد بن أبي الصقر ، أنا محمّد بن مغلس ، أنا الحسن بن رشيق ، نا يموت بن المزرّع ، نا الرياشي قال :
سألت الأصمعي عن مروان بن أبي حفصة ، فقال لي : كان مولّدا ولم يكن له علم باللغة (٣).
أخبرنا أبو العزّ أحمد بن عبيد الله ـ إذنا ومناولة وقرأ عليّ إسناده ـ أنا محمّد بن الحسين.
ح وأخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، نا ـ وأبو منصور بن خيرون ، أنا ـ أبو بكر الخطيب (٤) ، أنا أبو علي محمّد بن الحسين (٥) الجازري ، نا المعافى بن زكريا ، نا أحمد بن العباس العسكري ، نا عبد الله بن أبي سعد ، نا عبد الله بن محمّد بن موسى بن حمزة ـ مولى بني هاشم ـ حدّثني أحمد بن موسى بن حمزة ، أخبرني الفضل بن بزيع قال :
رأيت مروان بن أبي حفصة قد دخل على المهدي بعد موت معن بن زائدة في جماعة الشعراء فيهم : سلم الخاسر وغيره ، فأنشده مديحا له ، فقال له : من؟ قال : شاعرك مروان بن أبي حفصة ، فقال المهدي : ألست القائل :
__________________
(١) تاريخ بغداد ٧ / ١١٦ ضمن ترجمة بشار بن رد.
(٢) سقطت من الأصل وباقي النسخ ، واستدركت للإيضاح عن تاريخ بغداد.
(٣) الأغاني ١٠ / ٨٣.
(٤) رواه الخطيب في تاريخ بغداد ١٣ / ١٤٤.
(٥) تحرفت بالأصل ود وم إلى : «الحسن» والمثبت عن «ز» ، وتاريخ بغداد.
أقمنا باليمامة بعد معن |
|
مقاما ما نريد به زيالا |
وقلنا أين نرحل بعد معن |
|
وقد ذهب النوال فلا نوالا؟ |
قد جئت تطلب نوالنا وقد ذهب النوال ، لا شيء لك عندنا ، جروا برجله ، فجرّ برجله حتى أخرج ، فلما كان من العام المقبل تلطف حتى دخل مع الشعراء ، وإنما كانت الشعراء تدخل على الخلفاء في ذلك [الحين](١) في كل عام مرة ، قال : فمثل بين يديه وأنشده قصيدته التي يقول فيها :
طرقتك زائرة فحيّ خيالها |
|
بيضاء تخلط بالحياء دلالها |
قادت فؤادك فاستقاد وقبلها |
|
قاد القلوب إلى الصبي فأمالها |
قال : فأنصت لها حتى بلغ إلى قوله :
هل تطمسون من السماء نجومها |
|
بأكفكم أو تسترون هلالها |
أو تدفعون مقاله عن ربكم |
|
جبريل بلّغها النبي ، فقالها |
شهدت من الأنفال آخر آية |
|
بتراثهم فأردتم إبطالها |
يعني بني علي وبني العباس ، قال : فرأيت المهدي وقد تزاحف من صدر مصلّاه حتى صار على البساط إعجابا بما سمع ، ثم قال له : كم هي بيتا؟ قال : مائة بيت ، فأمر له بمائة ألف درهم ، قال : فإنّها لأوّل مائة ألف أعطيها شاعر في أيام بني العباس.
قال : فلم تلبث الأيام أن أفضت الخلافة إلى هارون الرشيد ، قال : فرأيت مروان ماثلا مع الشعراء بين يدي الرشيد وقد أنشده شعرا ، فقال له : من؟ قال : شاعرك مروان بن أبي حفصة ، فقال : ألست القائل البيتين اللذين له في معن اللذين أنشدهما المهدي؟ خذوا بيده فأخرجوه ، فإنه لا شيء له عندنا ، فأخرج ، فلمّا كان بعد ذلك بيومين ، تلطّف حتى دخل ، فأنشده قصيدته التي يقول فيها :
لعمرك لا أنسى غداة المحصّب |
|
إشارة سلمى بالبنّان المخضب |
وقد صدر (٢) الحجّاج إلّا أقلهم |
|
مصادر شتى موكبا بعد موكب |
قال : فأعجبته ، فقال له : كم قصيدتك بيتا؟ قال له : ستون أو سبعون ، فأمر له بعدد أبياتها ألوفا ، فكان ذلك رسم مروان حتى مات.
__________________
(١) استدركت عن هامش الأصل ، وبعدها صح.
(٢) كذا بالأصل وبقية النسخ ، وفي تاريخ بغداد : هدر.
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الحسن بن قبيس ، قالا : نا ـ وأبو منصور بن خيرون ، أنا ـ أبو بكر الخطيب (١) ، أنا عبيد الله بن أبي الفتح الفارسي ، نا محمّد بن العباس الخزاز ، نا محمّد بن خلف بن المرزبان ، حدّثني أبو الحسن عبد الله بن محمّد ، نا محمّد بن زياد قال : دخل مروان بن أبي حفصة على المهدي وعنده جماعة فأنشده :
صحا بعد جهل واستراحت عواذله
قال : فقال لي : ويحك ، كم هي بيتا؟ قلت : يا أمير المؤمنين ، سبعون بيتا ، قال : فإن لك عندي سبعين ألفا ، قال : فقلت في نفسي بالنسيئة : إنا لله وإنا إليه راجعون ، ثم قلت : يا أمير المؤمنين ، اسمع مني أبياتا حضرت ، فما في الأصل أنبل من كفيلي ، قال : هات ، فاندفعت فأنشدته :
[كفاكم (٢) بعباس أبي الفضل والدا |
|
فما من أب إلّا أبو الفضل فاضله |
كأن أمير المؤمنين محمدا |
|
أبو جعفر في كل أمر يحاوله |
إليك قصرنا النصف من صلواتنا |
|
مسيرة شهر بعد شهر نواصله |
فلا نحن نخشى أن يخيب مسيرنا |
|
إليك ، ولكن أهنأ الخير عاجله |
قال : فتبسم ، وقال (٣) : عجلوها [له](٤) ، فحملت إليّ من وقتها.
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس نا ـ وأبو منصور بن خيرون أنا ـ أبو بكر الخطيب (٥) ، أخبرني الأزهري ، أنا أحمد بن إبراهيم ، نا إبراهيم بن محمد بن عرفة ، نا أحمد بن يحيى عن الرياشي قال :
قال رجل لمروان بن أبي حفصة : ما حملك على أن تناولت ولد علي في شعرك؟ قال : والله ما حملني على ذلك بغضا لهم ، ولقد مدحت أمير المؤمنين المهدي بشعري الذي أقول فيه :
__________________
(١) الخبر والشعر في تاريخ بغداد ٥ / ٣٩٥ ضمن ترجمة الخليفة المهدي.
(٢) نقص في الأصل المخطوط ورقتان ، والمستدرك بين معكوفتين عن بقية النسخ م ، و «ز» ، ود ، وسنشير إلى نهاية السقط في موضعه.
(٣) تحرفت في «ز» إلى : وكان.
(٤) سقطت من م و «ز» ، ود ، واستدركت عن تاريخ بغداد.
(٥) رواه الخطيب في تاريخ بغداد ١٣ / ١٤٢.
طرقتك زائرة فحيّا خيالها |
|
بيضاء تخلط بالحياء دلالها |
حتى بلغت إلى قولي :
هل تطمسون من السماء نجومها |
|
بأكفكم أم تسترون هلالها |
أم تدفعون مقالة عن ربه |
|
جبريل بلّغها النبي فقالها |
شهدت من الأنفال آخر آية |
|
بتراثهم فأردتم إبطالها |
فذروا الأسود خوادرا في غيلها |
|
لا تولغن دماءكم أشبالها |
فقال المهدي : وجب حقك (١) على هؤلاء القوم ، ثم أمر لي بخمسين ألف درهم وأمر أولاده أن يبروني ، فبروني بثلاثين ألف درهم.
قال ابن عرفة : عبد الله (٢) بن إسحاق بن سلام قال :
خرج مروان من دار المهدي ومعه ثمانون ألف درهم فمرّ بزمن فسأله فأعطاه ثلثي درهم ، فقيل له : هلا أعطيته درهما؟ فقال : لو أعطيت مائة ألف درهم لأتممت له درهما.
قال : وكان مروان يبخل فلا يسرج له في داره ، فإذا أراد أن ينام أضاءت له الجارية بقصبة إلى أن ينام.
قال الخطيب (٣) : وأنا أبو الحسن محمد بن عبد الواحد بن علي البزاز. أنا أبو سعيد الحسن (٤) بن عبد الله السيرافي ، أنا محمد بن أبي الأزهر النحوي ، نا الزبير بن بكار قال : حدثني عمي مصعب بن عبد الله عن جدي عبد الله بن مصعب قال :
دخل مروان بن أبي حفصة على أمير المؤمنين الهادي ، فأنشده مديحا له ، حتى إذا بلغ قوله :
تشابه يوما بأسه ونواله |
|
فما أحد يدري لأيهما الفضل |
فقال له الهادي : أيما أحب إليك ثلاثون ألفا معجلة ، أو مائة ألف تدون (٥) في
__________________
(١) تحرفت في «ز» إلى : حفظك.
(٢) تحرفت في «ز» إلى : «عبد الله ، والمثبت عن م ، ود ، وتاريخ بغداد.
(٣) رواه الخطيب في تاريخ بغداد ١٣ / ٢٣ ـ ٢٤ ضمن أخبار الخليفة موسى الهادي. والأغاني ١٠ / ٨٠.
(٤) كذا في م و «ز» ود : أبو الحسن ، وفي تاريخ بغداد : الحسين.
(٥) كذا في م و «ز» ، ود ، وتاريخ بغداد : «تدور» والمثبت عن الأغاني.
الدواوين؟ فقال : يا أمير المؤمنين أنت تحسن ما هو أحسن من هذا ، ولكنك أنسيته ، أفتأذن لي أن أذكرك؟ قال : نعم ، قال : تعجل الثلاثون الألف وتدوّن (١) المائة الألف. قال : بل يعجلان لك جميعا فحمل إليه ذلك إليه.
قال (٢) : ونا الحسين (٣) بن الحسن النعالي ، أنا أبو الفرج علي بن الحسين الأصبهاني ، أنا الحسن بن علي ، نا يزيد بن محمد المهلبي ، حدثني عبد الصمد بن المعدل قال :
دخل مروان بن أبي حفصة وسلم (٤) الخاسر ، ومنصور النمري (٥) على الرشيد ، فأنشده قصيدته التي يقول فيها :
أنى يكون وليس ذاك بكائن |
|
لبني البنات وراثة الأعمام |
وأنشد سلم :
حضر الرحيل وشدت الأحداج
وأنشده النمري (٦) قصيدته التي يقول فيها :
إن المكارم والمعروف أودية |
|
أحلك الله منها حيث تجتمع |
فأمر لكل واحد منهم بمائة ألف درهم ، فقال له يحيى بن خالد : يا أمير المؤمنين ، مروان شاعركم خاصة ، قد ألحقتهم به؟ قال : فليزد مروان عشرة آلاف.
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن الحسن ، وأبو غالب أحمد وأبو عبد الله يحيى ابنا الحسن بن البنا ، قالوا : أنا أبو الحسن بن الآبنوسي ، أنا أبو الحسن الدارقطني.
ح وأخبرنا أبو سعد بن البغدادي ، أنا أبو منصور بن شكرويه ، أنا إبراهيم بن عبد الله ابن محمد قالا : أنا المحاملي ، نا عبد الله بن أبي سعد ، حدثني أحمد بن القاسم بن علي ـ وفي حديث الدارقطني : العجلي بدل ابن علي ـ حدثني أبي قال :
قال لي مروان بن أبي حفصة خرجت إلى معن زائدة فأنشدته :
__________________
(١) راجع الحاشية السابقة.
(٢) القائل : أبو بكر الخطيب ، والخبر في تاريخ بغداد ١٣ / ١٤٣.
(٣) كذا في م ، و «ز» ، ود ، وفي تاريخ بغداد : الحسن بن الحسين النعالي.
(٤) تحرفت في «ز» إلى : سالم.
(٥) تحرفت في «ز» إلى : الميموني.
(٦) تحرفت في «ز» إلى : السري.
هاجت هواك بواكر الأظعان |
|
يوم اللوى فظللت ذا أحزان |
فلما صرت إلى قولي (١) :
لو لا رجاؤك ما تخطت ناقتي |
|
عرض الدبيل (٢) ولا قرى نجران |
وفي حديث الدارقطني : أرض الدبيل.
قال : صدقت والله ،
قال : فلما بلغت إلى قولي :
مطر أبوك أبو الفوارس والذي |
|
بالخير حاز هجائن النعمان |
وقال الدارقطني : بالخيل جاز.
قال : وأنى وقع إليك هذا اليوم؟ فقلت : أصلح الله الأمير ، لهو أشهر من ذلك ، وفي حديث الدارقطني : من كذا لشيء ذكره ، قال : فسرّ بذلك. وأنشدته قصيدتي التي أقول فيها :
مسحت قطيعة وجه معن سابقا |
|
لما جدا وجزى ذوو الأحساب |
وفي حديث الدارقطني : ربيعة بدل قطيعة.
قال : فأعجب به ، وأقبل يقول في كل أيام ـ زاد الدارقطني : إذا ، وقالا : ـ دخلت عليه ، قم يا مروان ـ زاد الدارقطني : بأمسح ، وقالا : ـ فأنشده هذا الشعر.
أخبرنا أبو العز بن كادش مناولة وإذنا وقرأ عليّ إسناده ، أنا محمد بن الحسين الجازري.
ح وأخبرنا أبو الحسن بن قبيس نا ـ وأبو منصور بن خيرون ، أنا ـ أبو بكر الخطيب (٣) ، أنا أحمد بن روح النهرواني ، أنا المعافى بن زكريا ، نا يزداد بن عبد الرحمن الكاتب ، نا أبو موسى يعني عيسى بن إسماعيل البصري ، حدثني العتبي قال :
قدم معن بن زائدة بغداد ، فأتاه الناس ، وأتاه ابن أبي حفصة فإذا المجلس غاصّ بأهله ، فأخذ بعضادتي الباب ثم قال :
وما أحجم الأعداء عنك (٤) بقية |
|
عليك ولكن لم يروا فيك مطمعا |
__________________
(١) البيت في معجم البلدان (دبيل).
(٢) دبيل : موضع يتاخم أعراض اليمامة ، وقيل : هو رمل بين اليمامة واليمن (معجم البلدان).
(٣) الخبر والشعر في تاريخ بغداد ١٣ / ٢٣٨ ضمن أخبار معن بن زائدة الشيباني.
(٤) في د : عنكم.
له راحتان الجود والحتف فيهما |
|
أبى الله إلّا أن تضر وتنفعا (١) |
فقال معن : احتكم يا أبا السمط ، فقال عشرة آلاف ، فقال معن : ـ زاد ابن كادش ، أنا أبو الوليد ، وقالوا ـ أربحت والله عليك بسبعين ألفا (٢).
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، أنا أبو الحسن رشأ بن نظيف ، أنا الحسن بن إسماعيل ، أنا أحمد بن مروان ، أنشدنا ابن قتيبة لمروان بن أبي حفصة في بني مطر (٣).
هم (٤) القوم إن قالوا أصابوا وإن دعوا |
|
أجابوا وإن أعطوا أطابوا وأجزلوا |
هم يمنعون الجار حتى كأنما |
|
لجارهم بين السماكين منزل |
قال : وأنا أحمد ، نا عبد الله بن عمرو الوراق ، نا أبي عن يحيى بن خليفة المجاشعي ، نا إدريس بن مروان بن أبي حفصة يعني عن أبيه قال : أنشدت معن بن زائدة أربعة أبيات ، فأعطاني بها أربعة آلاف دينار ، فبلغت أبا جعفر ، فقال : ويلي على الأعرابي الجلف ، فاعتذر إليه ، فقال له أمير المؤمنين : إنما أعطيته على جودك ، فسوغه ، إياها ، فلما مات معن رثاه مروان فقال (٥) :
ألمّا على معن فقولا لقبره |
|
سقيت الغوادي مربعا ثم مربعا |
فيا قبر معن كنت أول حفرة |
|
من الأرض خطت للمكارم مضجعا |
يا قبر معن كيف واريت جوده |
|
وقد كان منه البر والبحر مترعا |
ولكن ضممت الجود والجود ميّت |
|
ولو كان حيا ضقت حتى تصدّعا |
ولمّا مضى معن مضى الجود والندى |
|
وأصبح عرنين المكارم أجدعا |
وما كان إلّا الجود صورة خلقه |
|
فعاش زمانا ثم مات فودّعا |
فتى عيش من معروفه بعد موته |
|
كما كان بعد السيل مجراه مربعا |
تعزّى أبا العباس عنه ولا يكن |
|
ثوابك من معن بأن تتضعضعا |
تمنى رجال شأوه من ضلالهم |
|
فأضحوا على الأذقان صرعى وظلّعا |
__________________
(١) قدم هذا البيت في «ز» ، وكتب فيها بعده : هذا البيت مؤخر على الذي بعد ، وهو قوله.
(٢) كذا في م ، و «ز» ، ود ، وفي تاريخ بغداد : تسعين ألفا.
(٣) البيتان في الشعر والشعراء ص ٤٨٢.
(٤) البيت التالي سقط من «ز» ، ومكانه فيها بياض.
(٥) بعض الأبيات في تاريخ بغداد ١٣ / ٢٤٠ ونسبها إلى الحسين بن مطير الأسدي ، والتعازي والمرائي ص ١٦٩ قالها رجل من بني شيبان ، ومعجم الأدباء ١٠ / ١٦٨.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن الحسين المقرئ (١) ، أنا محمّد بن محمّد بن أحمد بن الحسين بن عبد العزيز بن مهران ، أنا أبو الحسن أحمد بن محمّد بن الصلت ، نا أبو الفرج علي بن الحسين بن محمّد الأصفهاني (٢) ، أخبرني أحمد بن عبد العزيز ، نا عمر بن شبّة ، حدّثني أحمد بن معاوية قال :
سمعت مروان بن أبي حفصة يقول : لقيني الناطفي فدعاني إلى عنان ، فانطلقت معه ، فدخل إليها قبلي فقال لها : قد جئتك بأشعر الناس مروان بن أبي حفصة ، وكانت عليلة ، فقالت : إنّي عن مروان لفي شغل ، فأهوى بسوطه فضربها به ، فقال لي : ادخل ، فدخلت وهي تبكي ، فرأيت الدموع تنحدر من عينيها فقلت :
بكت عنان مسبل دمعها |
|
كالدرّ إذ يسبق من خيطه |
فقالت مسرعة :
فليت من يضربها ظالما |
|
تيبس يمناه على سوطه |
فقلت للنطاف : أعتق مروان ما يملك إن كان في الجن والإنس أشعر منها.
أخبرنا أبو السعادات أحمد بن أحمد المتوكلي ، نا أبو بكر الخطيب قال : قرأت على الجوهري عن أبي عبيد الله المرزباني ، أخبرني يوسف بن يحيى بن علي المنجم ، عن أبيه ، حدّثني ابن مهرويه ، حدّثني علي بن محمّد النوفلي قال : سمعت أبي يقول (٣) :
كان مروان بن أبي حفصة لا يأكل اللحم بخلا حتى يقرم (٤) إليه ، فإذا قدّم إليه أرسل غلامه فاشترى له رأسا فأكله ، فقيل له : نراك لا تأكل إلّا الرءوس في الصيف والشتاء ، فلم تختار ذلك؟ قال : نعم ، الرأس أعرف سعره ، فآمن خيانة الغلام ، ولا يستطيع أن يغبنني فيه ، وليس بلحم يطبخه الغلام فيقدر أن يأكل منه ، وإن مس عينا أو أذنا أو خدّا وقفت على ذلك ، وآكل منه ألوانا ، آكل عينه لونا وأذنه لونا ، وغلصمته (٥) لونا ، ودماغه لونا ، وأكفى مؤونة طبخه ، فقد اجتمعت لي فيه مرافق.
__________________
(١) تحرفت في م إلى : النفري.
(٢) رواه أبو الفرج في الأغاني ٢٣ / ٨٦ ـ ٨٧ ضمن أخبار عنان.
(٣) الخبر في الأغاني ١٩ / ٧٧.
(٤) الكلمة غير واضحة بالأصل ، تقرأ : «يقدم» وتقرأ «يقرم» والصواب ما أثبت : «يقرم» عن م ، و «ز» ، ود. يقال : قرم إلى اللحم اشتدت شهوته إليه.
(٥) الغلصمة : اللحم بين الرأس والعنق.
قال المرزباني : وأخبرني يوسف بن يحيى عن أبيه ، عن أبي غسّان عن أبي عبيدة عن جهم بن خلف قال (١) :
أتينا اليمامة ، فنزلنا على مروان بن أبي حفصة ، فأطعمنا تمرا ، وأرسل غلامه بفلس وسكرّجة (٢) يشتري به زيتا ، فلمّا جاء بالزيت قال : خنتني ، قال : من فلس كيف أخونك؟ قال : أخذت الفلس لنفسك واستوهبت زيتا.
قال الخطيب : وقرأت على الجوهري عن المرزباني ، حدّثني أحمد بن عيسى الكرخي ، أنا أبو العيناء محمّد بن القاسم اليمامي قال (٣) :
كان مروان بن أبي حفصة من أبخل الناس ، خرج يريد الخليفة المهدي ، فقالت له امرأة من أهله : ما لي عليك إن رجعت بالجائزة ، قال : إن أعطيت مائة ألف درهم أعطيتك درهما ، فأعطي ستين ألفا ، فدفع إليها أربعة دوانيق.
وكان قد اشترى يوما لحما بدرهم فدعاه صديق له ، فردّ اللحم إلى القصّاب بنقصان دانق ، وقال : أكره الإسراف ، وهجاه بعض الشعراء فقال :
وليس لمروان على العرس غيرة |
|
ولكنّ مروانا يغار على القدر |
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، نا ـ وأبو منصور بن خيرون ، أنا ـ أبو بكر الخطيب (٤) ، أنا أبو الحسين بن المهتدي.
ثم أخبرنا أبو السعود بن المجلي ، نا أبو الحسين بن المهتدي بالله الهاشمي الخطيب.
أنا أبو الفضل محمّد بن الحسن بن الفضل بن المأمون ، أنشدنا محمّد بن القاسم الأنباري ، أنشدني أبي عن غير واحد من شيوخه لمروان بن أبي حفصة يرثي معن بن زائدة الشيباني :
مضى لسبيله معن وأبقى |
|
محامد لن تبيد ولن تنالا |
كأن الشمس يوم أصيب معن |
|
من الإظلام ملبسة جلالا |
هو الجبل الذي كانت نزار |
|
تهد (٥) من العدو به الحمالا |
وعطلت الثغور لفقد معن |
|
وقد يروى بها الأسل النهالا |
__________________
(١) الخبر في الأغاني ١٠ / ٧٨.
(٢) السكرجة : الصحفة.
(٣) الأغاني ١٠ / ٧٩.
(٤) الخبر والشعر في تاريخ بغداد ١٣ / ٢٤١ ـ ٢٤٢.
(٥) بالأصل : «من العدو به تهد الحمالا» وفوق لفظتي «العدو» و «تهد» علامتا تقديم وتأخير.
وأظلمت العراق وألبستها |
|
مصائبه المجلّلة اختلالا |
وظل الشام يرجف جانباه |
|
لركن العز حين وهى فمالا |
وكادت من تهامة كلّ أرض |
|
ومن نجد تزول غداة زالا |
فإن يعل البلاد له خشوع |
|
فقد كانت تطيل به اختيالا |
أصاب الموت يوم أصاب معنا |
|
من الأخيار أكرمهم فعالا |
وكان الناس كلهم لمعن |
|
إلى أن زار حفرته عيالا |
ولم يكن طالب المعروف ينوي |
|
إلى غير ابن زائدة ارتحالا |
ثوى من كان يحمل كلّ ثقل |
|
ويسبق فيض راحته السؤالا |
وما نزل الوفود بمثل معن |
|
ولا حطّوا بساحته الرحالا |
وما بلغت أكفّ ذوي العطايا |
|
يمينا من يديه ولا شمالا |
وما كانت تجفّ له حياض |
|
من المعروف مترعة سجالا |
لأبيض لا يعد المال حتى |
|
يعم به بغاة الخير مالا |
فليت الشامتين له فدوه |
|
وليت العمر مد له فطالا |
ولم يكن كنزه ذهبا ولكن |
|
سيوف الهند والحلق المدالا |
ومادته من الخطى سمرا |
|
ترى فيهن لينا واعتدالا |
وذخرا من مكارم باقيات |
|
ومثل بقائه التّفضيل نالا |
لئن أمست زوائد قد أذيلت (١) |
|
جياد كان يكره أن تدالا (٢) |
لقد كانت تصان به وتسمو |
|
بها عقبا وترجعها خيالا (٣) |
وقد حوت النهاب فأحرزته |
|
وقد غشيت من الموت الطلالا |
زاد الخطيب :
مضى لسبيله من كنت ترجو |
|
به عثرات دهرك أن تقالا |
فلست بمالك عبرات عيني (٤) |
|
أبت بدموعها إلّا انهمالا |
وفي الأحشاء منك غليل حزن |
|
كحر النار يشتعل اشتعالا |
__________________
(١) في تاريخ بغداد : أزيلت.
(٢) كذا بالأصل ود ، وم ، وفي «ز» : «تذالا» وفي تاريخ بغداد : تزالا.
(٣) في «ز» : حبالا.
(٤) في تاريخ بغداد : عين.
كأن الليل واصل بعد معن |
|
ليالي قد قرنّ به طوالا |
لقد أورثتني وبنيّ همّا |
|
وأحزانا نطيل بها اشتعالا |
وقائلة رأت جسدي ولوني |
|
معا عن عهدها قلبا فحالا |
رأت رجلا براه الحزن حتى |
|
أضرّ به وأورثه خبالا |
أرى مروان عاد كذي نحول |
|
من الهندي فقد فقد الصقالا |
فقلت لها الذي أنكرت مني |
|
لفجع مصيبة أبكي وغالا |
وأيام المنون لها صروف |
|
تقلب بالفتى حالا فحالا |
يرانا الناس بعدك فلّ دهر (١) |
|
أبى لجدودنا إلّا اغتيالا |
فنحن كأسهم لم يبق ريشا |
|
لها ريب الزمان ولا نصالا |
وقد كنا بحوض نداك نروي |
|
ولا نرد المصرّدة السمالا |
فلهف أبي عليك إذا العطايا |
|
جعلن مني كواذب واعتلالا |
ولهف أبي عليك إذا الأسارى |
|
شكوا حلقا بأعنقهم (٢) ثقالا |
ولهف أبي عليك إذا اليتامى |
|
غدوا شعثا كأنّ بهم (٣) سلالا |
ولهف أبي عليك إذا المواشي |
|
فرت جدبا (٤) تمات به هزالا |
ولهف أبي عليك لكلّ هيجا |
|
لها تلقى حواملها السخالا |
ولهف أبي عليك إذا القوافي |
|
لممتدح بها ذهبت ضلالا |
ولهف أبي عليك لكل أمر |
|
يقول له النجي : لا احتيالا |
أقمنا باليمامة بعد معن |
|
مقاما ما نريد [به](٥) زيالا |
وقلنا أين نذهب بعد معن |
|
وقد ذهب النوال فلا نوالا |
فإن يذهب فرب رعال خيل |
|
عوابس قد لقيت (٦) به رعالا |
وقوم قد جعلت لهم ربيعا |
|
وقوم قد جعلت لهم نكالا |
__________________
(١) في تاريخ بغداد : قبل دهر.
(٢) الأصل و «ز» ، وم : «باسوفهم» والمثبت عن تاريخ بغداد.
(٣) الأصل وم و «ز» ، ود : «بها» والمثبت عن تاريخ بغداد.
(٤) عجزه في تاريخ بغداد : رعت جدبا تموت به هزالا.
(٥) سقطت من الأصل واستدركت عن م ، و «ز» ، ود.
(٦) تقرأ بالأصل ود وم : لففت ، وفي «ز» : كففت ، والمثبت عن تاريخ بغداد.
فما شهد الوقائع منك أمضى |
|
وأكرم محتدا وأشد آلا |
سيذكرك الخليفة غير قال |
|
إذا هو في الأمور بلا الرجالا |
ولا ينسى وقائعك اللواتي |
|
على أعدائه جعلت وبالا |
ومعترك شهدن (١) به حفاظا |
|
وقد كرهت فوارسه النزالا |
حباك أخو أمية بالمراثي |
|
مع المدح اللواتي كان قالا |
أقام وكان نحوك كل عام |
|
يطيل الواسط الرحل اعتقالا |
فألقى رحله أسفا وآلى |
|
يمينا لا يشد له حبالا |
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، نا ـ وأبو منصور بن خيرون ، أنا ـ أبو بكر الخطيب قال (٢) :
وذكر إدريس بن سليمان بن أبي حفصة أن مروان توفي سنة إحدى وثمانين ومائة ، ودفن ببغداد في مقبرة نصر بن مالك ، وقال غيره : كان مولده سنة خمس ومائة.
قال (٣) : وأنا الأزهري ، أنا أحمد بن إبراهيم ، نا إبراهيم بن محمّد بن عرفة قال : ومروان يكنى أبا الهيذام ، وعاش إلى سنة اثنتين وثمانين ومائة ، فمات فيها.
أخبرنا أبو الحسن أيضا ، نا ـ وأبو منصور ، أنا ـ أبو منصور ، أنا ـ أبو بكر الخطيب (٤).
ح وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو بكر بن الطبري.
قالا : أنا ابن الفضل ، أنا عبد الله بن جعفر ، نا يعقوب بن سفيان قال (٥) : سنة ثنتين وثمانين ومائة فيها مات مروان بن أبي حفصة الشاعر النبيل (٦) ، رحمهالله تعالى.
٧٣١٨ ـ مروان بن شجاع أبو عمرو الحرّاني الجزري (٧)
مولى محمّد بن مروان بن الحكم ، يعرف بالخصيفي (٨).
__________________
(١) تاريخ بغداد : شهدت.
(٢) رواه الخطيب في تاريخ بغداد ١٣ / ١٤٥.
(٣) القائل أبو بكر الخطيب ، تاريخ بغداد ١٣ / ١٤٥.
(٤) تاريخ بغداد ١٣ / ١٤٥.
(٥) المعرفة والتاريخ ١ / ١٧٣.
(٦) كلمة «النبيل» ليست في تاريخ بغداد ولا في المعرفة والتاريخ.
(٧) ترجمته في تهذيب الكمال ١٨ / ١٧ وتهذيب التهذيب ٥ / ٤٠٦ والجرح والتعديل ٨ / ٢٧٣ وميزان الاعتدال ٤ / ٩١ والمغني في الضعفاء ٢ / ٦٥١ وتذكرة الحفاظ ١ / ٢٩٦ وسير أعلام النبلاء ٩ / ٣٤ وتاريخ بغداد ١٣ / ١٤٧.
(٨) قيل له الخصيفي لكثرة روايته عن خصيف بن عبد الرحمن الجزري كما في تهذيب الكمال.
حدّث عن إبراهيم بن أبي عبلة ، وخصيف بن عبد الرّحمن ، وسالم الأفطس ، ومغيرة ابن مقسم.
روى عنه : حسين بن علي الجعفي ، وسعيد بن سليمان سعدوية ، وهارون بن معروف ، ومحمّد بن الصباح الجرجاني ، وأحمد بن حنبل ، ويحيى بن معين ، وأبو عبيد القاسم بن سلّام ، وسريج بن يونس ، وأحمد بن منيع ، ويعقوب الدورقي ، وعمرو بن رافع ، ومحمّد بن القاسم ، سحيم ، الحرّاني ، والحسن بن عرفة ، وأحمد بن الخليل البغدادي.
وكان يكون مع خلفاء بني أمية بالشام ، ثم انتقل إلى بغداد فسكنها ، ومات بها.
أخبرنا أبو القاسم بن الحصين ، أنا أبو القاسم التنوخي.
ح وأخبرنا أبو الأعزّ قراتكين بن الأسعد ، أنا أبو محمّد الجوهري ، أنا أبو حفص عمر ابن محمّد بن علي الصيرفي ، نا قاسم بن زكريا المطرّز المقرئ.
ح وأخبرنا أبو العزّ بن كادش ، أنا أبو الحسين محمّد بن محمّد بن علي بن عبد الله بن محمّد الورّاق الشروطي ، نا أبو الحسن الدارقطني ـ إملاء ـ نا أبو محمّد يحيى بن محمّد بن صاعد ، ومحمّد بن هارون الحضرمي.
ح وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، وأبو عبد الله الحسين بن طفر بن الحسين ، قالا : أنا أبو الحسين بن النّقّور.
ح وأخبرنا أبو البركات الأنماطي ، أنا أبو القاسم عبد العزيز بن علي بن أحمد بن الحسين السكري ، قالا : أنا أبو طاهر المخلّص ، نا أبو محمّد بن صاعد ـ إملاء ـ قالوا : أنا أحمد بن منيع ، نا مروان بن شجاع ، نا سالم الأفطس ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عبّاس قال : الشفاء في ثلاث : شربة عسل ، وشرطة محجم ، وكيّة نار ، وأنهى أمتي عن الكي [١٢٠٠٤].
رفع الحديث.
وفي الحديث ابن النقور : وأنا أنهى عن الكي ، وفي حديث عبد العزيز والدارقطني : وأنا أنهى أمتي.
رواه البخاري عن حسين عن أحمد بن منيع (١).
__________________
(١) صحيح البخاري ٧٦ كتاب الطب ، ٣ باب الشفاء في ثلاث رقم ٥٦٨٠ (٤ / ١٥).